قصص دينيه مؤثره جدا لدرجه البكاء
السلام عليكم و رحمه الله و بركاته,,,
قصه صبر امراه على زوجها السكير(حقيقية)
هذه القصه طويله بعض الشيء ولكنها مفيده ومؤثره جدا
حقا اجمل قصه قراتها واتعلمت منها كتير
رجاء لكل من يحاول الدعوه لله سبحانه وتعالى ولو في حدود ضيقة, اكمل قراءه القصه
الى نهايتها لعلك تستفيد منها وتفيد بها ان شاء الله.
~.~.~.~.~.~.~.~.~
في احدى المدن بالمملكه كانت هناك امراه تسكن مع زوجها واولادها وبناتها في احدى الاحياء
وكان المسجد ملاصق لبيتها تماما الا ان الله ابتلاها بزوج سكير.
لا يمر يوم او يومين الا ويضربها هي وبناتها واولادها ويخرجهم الى الشارع.
كان اغلب من في الحي يشفقون عليها وعلى ابنائها وبناتها اذا مروا بها ويدخلون الى
المسجد لاداء الصلاه ثم ينصرفون الى بيوتهم ولا يساعدونها بشيء ولو بكلمه عزاء، وكم كانوا
يشاهدون تلك المراه المسكينه وبناتها واولادها الصغار بجوار باب بيتها تنتظر زوجها المخمور ان يفتح
لها الباب ويدخلها بعد ان طردها هي واولادها ولكن لا حياه لمن تنادي، فاذا تاكدت
من انه نام جعلت احد ابنائها يقفز الى الداخل ويفتح لها، وتدخل بيتها وتقفل باب
الغرفه على زوجها المخمور الى ان يستيقظ من سكره وتبدا بالصلاه و البكاء بين يدي
الله عز وجل تدعو لزوجها بالهدايه والمغفرة.
لم يستطع احد من جماعه المسجد بما فيهم امام المسجد والمؤذن ان يتحدث مع هذا
الزوج السكير وينصحه، ولو من اجل تلك المراه المعذبه وابنائها لمعرفتهم انه رجل سكير لا
يخاف الله باطش له مشاكل كثيره مع جيرانه في الحي فظ غليظ القلب لا ينكر
منكرا ولا يعرف معروف وكما نقول بالعاميه (خريج سجون) فلا يكاد يخرج من السجن حتى
يعود اليه.
الزوجه المسكينه كانت تدعو لزوجها السكير في الثلث الاخير من الليل وتتضرع الى الله باسمائه
العلى وباحب اعمالها لديه ان يهدي قلب زوجها الى الايمان، واكثر ايامها كانت تدعو له
بينما هي وابناءها تعاني الامرين فلا احد يرحمها من هذا العناء غير الله فلا اخوه
ولا اب ولا ام يعطف عليها الكل قد تخلى عنها والكل لا يحس بها وبمعاناتها
فقد اصبحت منبوذه من الجيران والاهل بسبب تصرفات زوجها.
في احدى المرات وبينما كانت تزور احدى صديقاتها في حي اخر مجاور لهم تكلمت وفتحت
صدرها لصديقتها وشرحت لها معاناتها وما يفعله بها زوجها وببناتها وابناءها اذا غاب تحت مفعول
المسكر، تعاطفت معها قلبا وقالبا وقالت لها: اطمئني، سوف اكلم زوجي لكي يزوره وينصحه وكان
زوجها شابا صالحا حكيما ويحب الخير للناس ويحفظ كتاب الله ويامر بالمعروف وينهى عن المنكر
فوافقت بشرط ان لا يقول له بانها هي التي طلبت هذا حتى لا يغضب منها
زوجها السكير ويضربها ويطردها من البيت الى الشارع مره اخرى لو علم بذلك، فوافقت على
ان يكون هذا الامر سر بينهما فقط .
ذهب زوج صديقتها الى زوجها بعد صلاه العشاء مباشره لزياره زوج تلك المراه وطرق الباب
عليه فخرج له يترنح من السكر ففتح له الباب فوجده انسان جميل المنظر له لحيه
سوداء طويله ووجه يشع من النور والجمال ولم يبلغ الخامسه والعشرين من عمره والزوج السكير
كان في الاربعين من عمره على وجهه علامات الغضب والبعد عن الله عز وجل فنظر
اليه وقال له: من انت وماذا تريد؟
فقال له: انا فلان بن فلان واحبك في الله وجئتك زائرا ولم يكد يكمل حديثه
حتى بصق في وجهه وسبه وشتمه وقال له بلهجه عاميه شديده الوقاحة: لعنه الله عليك
يا كلب، هذا وقت يجيء فيه الناس للزيارة، انقلع عسى الله لا يحفظك انت واخوتك
اللي تقول عليها.
كانت تفوح من الزوج السكير رائحه الخمره حتى يخيل له ان الحي كله تفوح منه
هذه الرائحه الكريهة، فمسح ما لصق بوجهه من بصاق وقال له: جزاك الله خيرا قد
اكون اخطات وجئتك في وقت غير مناسب ولكن سوف اعود لزيارتك في وقت اخر ان
شاء الله، فرد عليه الزوج السكير انا لا اريد رؤيه وجهك مره اخرى وان عدت
كسرت راسك واغلق الباب في وجه الشاب الصالح وعاد الى بيته وهو يقول الحمد لله
الذى جعلني اجد في سبيل الله وفي سبيل ديني هذا البصاق وهذا الشتم وهذه الاهانة،
وكان في داخله اصرار على ان ينقذ هذه المراه وبناتها من معاناتها، احس بان الدنيا
كلها سوف تفتح ابوابها له اذا انقذ تلك الاسره من الضياع.
فاخذ يدعو الله لهذا السكير في مواطن الاستجابه ويطلب من الله ان يعينه على ان
ينقذ تلك الاسره من معاناتها الى الابد، كان الحزن يعتصر قلبه وكان شغله الشاغل ان
يرى ذلك السكير من المهتدين.
فحاول زيارته عده مرات وفي اوقات مختلفه فلم يجد الا ما وجد سابقا حتى انه
قرر في احدى المرات ان لا يبرح من امام بيته الا ويتكلم معه فطرق عليه
الباب يوما من الايام فخرج اليه سكران يترنح كعادته وقال له: الم اطردك من هنا
عده مرات لماذا تصر على الحضور وقد طردتك؟!!
فقال له: هذا صحيح ولكني احبك في الله واريد الجلوس معك لبضع دقائق والله عز
وجل يقول على لسان نبيه صلى الله عليه و سلم: « من عاد اخ له
في الله ناداه مناد من السماء ان طبت وطاب ممشاك وتبؤت من الجنه منزلا».
فخجل السكير من نفسه امام الحاح هذه الشاب المستمر رغم ما يلاقاه منه وقال له
ولكن انا الان اشرب المسكر وانت يبدو في وجهك الصلاح والتقوى ولا يمكنني ان اسمح
لك لكي ترى ما في مجلسي من خمور احتراما لك فقال له: ادخلنى في مكانك
الذي تشرب فيه الخمر ودعنا نتحدث وانت تشرب خمرك فانا لم اتي اليك لكى امنعك
من الشرب بل جئت لزيارتك فقط فقال السكير: اذا كان الامر كذلك فتفضل بالدخول فدخل
لاول مره بيته بعد ان وجد الامرين في عدم استقباله وطرده وايقن ان الله يريد
شيئا بهذا الرجل.
ادخله الى غرفته التى يتناول فيها المسكر وتكلم معه عن عظمه الله وعما اعد الله
للمؤمنين في الجنه وما اعد للكافرين في النار وفي اليوم الاخر وفي التوبه وان الله
يحب العبد التائب اذا ساله الهدايه ثم تكلم في اجر الزياره وما الى ذلك وان
الله يفرح بتوبه العبد التائب فاذا ساله العبد الصالح قال الله له لبيك عبدي (مره
واحدة) واذا ساله العبد المذنب العاصى لربه قال الله له لبيك لبيك لبيك عبدي (ثلاث
مرات) وكان يرى اسارير الرجل السكير تتهلل بالبشر وهو ينصت اليه بجوارحه كلها ولم يحدثه
عن الخمره وحرمتها ابدا وهو يعلم انها ام الكبائر وخرج من عنده بعد ذلك دون
كلمه واحده في الخمر فاذن له بالخروج على ان يسمح له بين الحين والحين بزيارته
فوافق وانصرف.
بعد ذلك بايام عاد اليه فوجده في سكره، وبمجرد ان طرق الباب عليه رحب به
وادخله الى المكان الذى يسكر فيه كالعاده فتحدث ذلك الشاب عن الجنه وما عند لله
من اجر للتائبين النادمين ولاحظ بان السكير بدا يتوقف عن الشرب بينما هو يتكلم فاحس
انه اصبح قريبا منه وانه بدا يكسر اصنام الكؤوس في قلبه شيئا فشيئا، وان عدم
مواصلته للشرب دليل على انه بدا يستوعب ما يقال له، فاخرج من جيبه زجاجه من
الطيب الفاخر غاليه الثمن فاهداها له وخرج مسرعا وكان سعيدا بما تحقق له من هذه
الزياره من تقدم ملحوظ .
فعاد بعد ايام قليله لهذا الرجل فوجده في حاله اخرى تماما وان كان في حاله
سكر شديده ولكن هذه المره بعد ان تكلم الشاب عن الجنه وما فيها من نعيم
اخذ يبكي السكير كالطفل الصغير ويقول لن يغفر الله لي ابدا، لن يغفر الله لي
ابدا وانا اكره المشائخ واهل الدين والاستقامه واكره الناس جميعا واكره نفسي وانني حيوان سكير
لن يقبلني الله ولن يقبل توبتي حتى وان تبت، فلو كان الله يحبني ما جعلني
اتعاطى المسكرات ولا جعلني بهذه الحاله وهذا الفسق والفجور الذى اعيش فيه من سنوات مضت،
فقال له: الشاب الصالح وهو يحتضنه ان الله يقبل توبتك وان التائب من الذنب كمن
لا ذنب له وان باب التوبه مفتوح ولن يحول بينك وبين الله احد وان السعاده
كلها في هذا الدين وان القادم سوف يكون اجمل لو سالت الله الهدايه بقلب صادق
مخلص وما عليك الا ان تسال الله مخلصا في طلب الهدايه والله عز وجل يقبلك
وان قيمته عند الله عظيمة، واشار اليه بانه على سفر الان مع مجموعه من اصدقائه
المشائخ الى مكه المكرمه وعرض عليه ان يرافقهم فقال له: السكير وهو منكسر القلب ولكن
انا سكران واصدقائك المشائخ لن يقبلوا بمرافقتي فقال له: لا عليك هم يحبونك مثلي ولا
مانع لديهم ان ترافقهم بحالتك الراهنه فكل ما في الامر هو ان نذهب الى مكه
المكرمه للعمره فاذا انتهينا عدنا الى مدينتنا مره اخرى وخلال رحلتنا سوف نسعد بوجودك بيننا
فقال السكير: وهل تسمحون لي ان اخذ زجاجتي معي فانا لا استغني عنها لحظه واحده
فقال له: الشاب الصالح بكل سرور خذها معك ان كان لابد من اخذها
كانت نظره هذا الشاب الصالح بعيده جدا جدا رغم خطوره ان يحمل زجاجه الخمر في
سيارته وان يحمل معه شخصا سكيرا وسكران في نفس الوقت فالطريق الى مكه ممتلئ بدوريات
الشرطه ولكنه قرر المجازفه من اجل انقاذ هذه المراه وابناءها فمن يسعى لتحقق هدف عظيم
تهون عنده الصغائر.
فقال له: قم الان واغتسل وتوضا والبس احرامك فخرج الى سيارته واعطاه ملابس الاحرام الخاصه
به على ان يشتري هو غيرها فيما بعد، فاخذها ودخل الى داخل البيت وهو يترنح
وقال لزوجته انا سوف اذهب الى مكه للعمره مع المشايخ فتهللت اسارير زوجته فرحا بهذا
الخبر واعدت حقيبته ودخل الى الحمام يغتسل وخرج ملتفا باحرامه وهو مازال في حاله سكره
وكان الرجل الشاب الصالح البطل المغامر يستعجله حتى لا يعود في كلامه فلا يرافقهم، ولم
يصدق ان تاتي هذه الفرصه العظيمه لكي ينفرد به عده ايام ويبعده عن السكر واصدقاء
السوء فلو افاق فربما لن يذهب معهم او يدخل الشيطان له من عده ابواب فيمنعه
من مرافقته فعندما خرج اليه اخذه ووضعه في سيارته وذهب مسرعا به بعد ان اتصل
على اصدقائه من الاخوه الملتزمين الذين تظهر عليهم سمات الدين والصلاح والتقوى لكي يمر عليهم
في منازلهم ويصطحبهم في هذه الرحله التاريخية.
انطلقت السياره باتجاه مكه المكرمة، وكان الشاب الصالح على مقودها وبجواره السكير وفي المقعده الخلفيه
اثنان من اصدقائه الذى مر عليهم واخذهم معه، فقرؤوا طوال الطريق قصار السور وبعض الاحاديث
النبويه من صحيح البخاري وكلها في التوبه وفي الترغيب والترهيب بما عند الله من خير
جزيل وفي فضائل الاعمال، كان السكير لا يعرف قراءه الفاتحه و(يلخبط) بها ويكسر فيها كيفما
شاء، و عندما ياتي الدور عليه يقرؤونها قبله ثلاثه مرات حتى يصححوا له ما اخطا
فيها بدون ان يقولوا له انت اخطات وانه لا يعقل ان يخطىء احد في الفاتحة،
وهكذا حتى انتهوا من قراءه قصار السور عده مرات، وقرؤوا الاحاديث المختلفه في فضائل الاعمال
وهو يسمع ولا يبدي حراك وقبل الوصول الى مكه قرروا الثلاثه الاصدقاء ان لا يدخلوا
مكه الا وقد افاق تماما صاحبهم من السكر فقرروا المبيت في احدى الاستراحات على الطريق
بحجه انهم تعبوا ويريدون النوم الى الصباح ومن ثم يواصلون مسيرهم وكان يلح عليهم بانه
بامكانه قياده السياره على ان يناموا هم اثناء قيادته السياره فهو لن ياتيه النوم ابدا
فقالوا له جزاك الله خير وبارك الله فيك نحن نريد ان نستمتع برحلتنا هذه بصحبتك
وان نقضي اكبر وقت ممكن مع بعضنا البعض فوافق على مضض ودخلوا احدى الاستراحات المنتشره
على الطريق واعدوا فراش صاحبهم السكير وجعلوه بينهم حتى يرى ما سوف يفعلونه فقاموا يتذاكرون
اداب النوم وكيف ينامون على السنه كما كان المصطفى عليه الصلاه والسلام ينام وكان ينظر
اليهم ويقلدهم وما هى الا بضع دقائق حتى نام ذلك السكير في نوم عميق.
استيقظوا الثلاثه قبل الفجر واخذوا يصلون في جوف الليل الاخير ويدعون لصاحبهم الذي يغط في
نومه من مفعول الكحول وكانوا يسجدون يبكون بين يدى الله ان يهديه ويرده لدينه ردا
جميلا وبينما هو نائم اذ استيقظ وراهم يصلون قبل الفجر ويبكون ويشهقون بين يدي الله
سبحانه وتعالى فدخل في نفسه شيئا من الخوف وبدا يستفيق من سكره قليلا قليلا، وكان
يراقب ما يفعله اولئك الشباب في الليل من تحت الغطاء الذى كان يخفى به جسده
الواهي وهمومه الثقيله وخجله الشديد منهم ومن الله عز وجل.
فاخذ يسال نفسه كيف اذهب مع اناس صالحين يقومون الليل ويبكون من خشيه الله وينامون
وياكلون على سنه المصطفى صلى الله عليه و سلم وانا بحاله سكر، وتشابكت الاسئله في
راسه حتى بدا غير قادر على النوم مره اخرى، بعد فتره من الزمن اذن المؤذن
للفجر فعادوا الى فرشهم وكانهم ناموا الليل مثل صاحبهم وما هي الا برهه حتى ايقظوه
لصلاه الفجر ولم يعلموا بانه كان يراقب تصرفاتهم من تحت الغطاء فقام وتوضا ودخل المسجد
معهم وصلى الفجر وقد كان متزنا اكثر من ذي قبل حيث بدات علامات السكر تنجلي
تماما من راسه فصلى الفجر معهم وعاد الى الاستراحه بصحبه اصدقائه الذين احبهم لصفاتهم الجميله
وتمسكهم بالدين واكرامهم له والتعامل معه بانسانيه راقيه لم يرها من قبل.
بعدها احضروا طعام الافطار وكانوا يقومون بخدمته وكانه امير وهم خدم لديه ويكرمونه ويسلمون على
راسه ويلاطفونه بكلمات جميله بين الحين والحين، فشعر بالسعاده بينهم واخذ يقارن بينهم وبين جيرانه
الذي يقول بانه يكرههم.
انفرجت اسارير الرجل بعد ان وضع الفطور فتذاكروا مع بعضهم البعض اداب تناول الطعام والطعام
موجود بين ايديهم هو يسمع ما يقال فاكلوا طعامهم وجلسوا حتى ساعه الاشراق فقاموا وصلوا
صلاه الاشراق وعادوا الى النوم ثانيه حتى الساعه العاشره صباحا لكي يتاكدوا من ان صاحبهم
افاق تماما من سكره، ورجع لوضعه الطبيعي فانفرد بصاحبه قليلا وقال له:
كيف اخذتني وانا سكران مع هؤلاء المشايخ الفضلاء سامحك الله سامحك الله، ثم اني وجدت
زجاجتي في السياره فمن احضرها فقال له الشاب الصالح: انا احضرتها بعد ان رايتك مصر
على اخذها وانك لن تذهب معنا الا بها فقال له: وهل شاهدها اصحابك فقال له:
لا لم يشاهدوها فهي داخل كيس اسود لا يظهر منها شيئا فقال الحمد لله انهم
لم يشاهدوها.
تحركوا بعد ذلك الى مكه وصاحبهم معهم ونفس ما قاموا به في بدايه رحلتهم قاموا
به بعد ان تحركوا فقرؤوا قصار السور وبعض الاحاديث في الترغيب والترهيب اثناء رحلتهم ولكن
لاحظوا هذه المره انه بدا يحاول قراءه قصار السور بشكل افضل من السابق وخلال الطريق
تنوعت قراءاتهم فوصلوا الى مكه المكرمه ودخلوا الى البيت الحرام وكانوا يكرمون صاحبهم السكير كرما
مبالغا فيه في بعض الاحيان املا في هدايته فطافوا وسعوا وشربوا من زمزم
فاستاذنهم ان يذهب الى الملتزم فاذنوا له وذهب فامسك بالملتزم واخذ يبكي بصوت يخيل للشاب
الصالح الذي كان يرافقه ويقف بجواره ان اركان الكعبه تهتز من بكاء السكير ونحيبه وان
دموعه اغرقت الساحه المحيطه بالكعبه فكان يسمع بكاءه فيبكي مثله ويسمع دعائه فيؤمن خلفه كان
يئن وصاحبه يئن مثله، كان منظرا مروعا ان ترى منظر بهذا الشكل، كان يدعو الله:
ان يقبل توبته ويعاهد الله ان لا يعود الى الخمره مره اخرى وان يعينه على
ذلك، فلم يكن يعرف من الدعاء غير يا رب ارحمني يا رب اسرفت كثيرا فارحمني
انت رب السموات والارض ان طردتني من باب رحمتك فلمن التجئ، ان لم تتب علي
فمن سواك يرحمني يا رب ان ابواب مغفرتك مفتوحه وانا ادعوك يا رب فلا تردني
خائبا.
كان دعائه مؤثرا جدا لدرجه انه ابكى المجاورين له، كان بكائه مريرا جدا تشعر بان
روحه تصعد الى السماء حين يدعو ربه، كان يبكي ويستغيث حتى ظن صاحبه ان قلبه
كاد ان ينفطر، استمر على هذا المنوال اكثر من ساعه وهو يبكي وينتحب ويدعو الله
وصاحبه من خلفه يبكي معه.
منظر مؤثر فعلا حين يجهش بالبكاء رجلا تجاوز الاربعين ومتعلق باستار الكعبة، واكثر ما جعله
يبكي هو انه كان يقول يا رب ان زوجتي اضربها واطردها اذا غبت في سكري
فتب علي يا رب مما فعلت بها، يا رب ان رحمتك وسعت كل شيء واسالك
يا رب ان تسعني رحمتك، يا رب اني اقف بين يديك فلا تردني صفر اليدين.
يا رب ان لم ترحمني فمن سواك يرحمني، يا رب اني تائب فاقبلني فقل لي
يا رب لبيك لبيك لبيك عبدي، يا رب اني اسالك لا تشح بوجهك عني.
يا رب انظر الي فانني ملات الارض بالدموع على ما كان مني، يا رب اني
بين يديك، وضيف عليك في بيتك الحرام فلا تعاملني بما يعاملني به البشر فالبشر يا
رب ان سالتهم منعوني وان رجوتهم احتقروني، يا رب اشرح صدري وانر بصيرتي واجعل اللهم
نورك يغشاني وكره الي حب الخمور ما احييتني يا رب لا تغضب مني ولا تغضب
علي فكم اغضبتك بذنوبي التي لا تحصى وكنت اعصيك وانت تنظر الي.
كان صديقه في هذه الاثناء يطلب منه الدعاء له فكان يزداد بكاءه ويقول يا رب
امن مثلي يطلب الدعاء؟!! يا رب اني عصيتك خمس وعشرين عاما فلا تتركني ولا تدعني
اتخبط في الذنوب، يا رب اني فاسق فاجر اقف ببابك فاجعلني من عبادك الصالحين، يا
رب اني اسالك الهدايه وما قرب اليها من قول او عمل وانا خاشع ذليل منكسر
بين يديك، يا رب ان ذنوبي ملات الارض والسموات فتب علي يا ارحم الراحمين واغفر
جميع ذنوبي يا رب السموات والارض.
فيشهق ويبكي واحيانا يغلبه البكاء فلا تسمع الا صوت حزين متقطع من النحيب والبكاء.
اذن المؤذن لصلاه العصر فجلسوا للصلاه والسكير التائب مازال متعلقا باستار الكعبه يبكي حتى اشفق
عليه صديقه واخذه الى صفوف المصلين كى يصلي ويستريح من البكاء، اخذه معه وهو يحتضنه
كانه امه او كانه اباه فصلى ركعتين قبل صلاه العصر كانت كلها بكاء بصوت منخفض
يقطع القلب ويدخل القشعريره في اجساد من حوله، ان دعاء زوجته في الليل قد تقبله
الله وان دعاء الشاب الصالح قد نفع واثمر، وان دعاء اصدقائه في الليل له قد
حقق المقصود من رحلتهم، ان الدعاء صنع انسان اخر بين ليله وضحاها، فبدا يرتعد صاحبهم
خوفا من الله حين احس بحلاوه الايمان.
ان الدعاء في ظهر الغيب حقق النتيجه التي تدله على الهداية، لقد اشفق عليه اصحابه
في هذه الرحله من بكاءه، انقضت الصلاه وخرجوا يبحثون عن فندق مجاور للحرم ولازالت الدموع
تملا وجهه، كان احدهم يحفظ القران عن ظهر قلب هو الاخر، وكان متواضعا لدرجه كبيره
جدا لا تراه الا مبتسما فعندما راى اقبال صاحبهم التائب الى الله زاد في اكرامه
وبالغ واصر الا ان يحمل حذاء ذلك التائب الا هو وان يضعه تحت قدميه عند
باب الحرم، هذا التصرف من حافظ القران فجر في صدره اشياء لا يعلمها الا الله
بل يعجز الخيال عن وصفها حين توصف.
وفعلا حمل حذائه مع حذائه وخرج به الى خارج الحرم ووضعهما في قدميه وهو فرح
بما يقوم به، استاجروا فندق مطل على الحرم، وجلسوا به خمسه ايام وكان صاحبهم يتردد
على الحرم في كل الصلوات ويمسك بالملتزم ويبكي ويبكي كل من حوله، وفي الليل كان
يقوم الليل ويبكى فتبكي معه الاسره والجدران، ولا تكاد تراه نائما ابدا ففي النهار يبكي
في الحرم وفي الليل قائما يصلي ويدعو الله بصوت يملؤه البكاء، وبعد ان مضت رحلتهم
عادوا الى مدينتهم وهم في طريق العوده طلب من صديقه ان يوقف السياره قليلا فاوقفها
بناء على طلبه فاخرج التائب زجاجه الخمر من ذلك الكيس الاسود امام صديقه ومرافقيه وسكب
ما فيها وقال لهم اشهدوا على يوم الموقف العظيم اني لن اعود اليها ثانيه واخذ
يسكب ما فيها وهو يبكي على ذنوبه التى ارتكبها ويعدد ما فعله باسبابها وكانت عيون
مرافقيه تغرغر بالدموع وتحشر كلمات تنطق من اعينهم لا يعرفون كيف يعبرون عنها فكانت الدموع
ابلغ من لغه الكلام فبكوا.
وتحركوا بعد ذلك وهم يبكون مثله، وبدا الصمت يختلط بالنحيب وبدا البكاء يختلط بالبكاء، وقبل
ان يصلوا الى مدينتهم قالوا له: الان تدخل الى بيتك متهلل الوجه عطوفا رحيما باهلك
واعطوه نصائح عديده في كيفيه التعامل مع الابناء والزوجه بعد ان من الله عليه بالهدايه
وان يلزم جماعه المسجد المجاور له وان يتعلم امور دينه من العلماء الربانين، فالله عز
وجل يقبل توبه التائب ويفرح بها ولكن الاستمرار على الهدايه والتوبه من موجبات الرحمه والهدايه
فكان يقول والله لن اعصي الله ابدا فيقولون له ان شاء الله والدموع تملا اعينهم.
وصل الى بيته ودخل على زوجته وابنائه وبناته وكان في حال غير الحال التي ذهب
بها لم تحاول الزوجه ان تخفي فرحتها بما شاهدته فاخذت تبكي وتضمه الى صدرها واخذ
يبكي هو الاخر ويقبل راسها ويقبل ابنائه وبناته واحدا تلو الاخر وهو يبكي، وما هي
الا فتره وجيزه حتى استقام على الصلاه في المسجد المجاور له وبدات علامات الصلاح تظهر
عليه فاصبح ذو لحيه ناصفها البياض وبدا وجهه يرتسم عليه علامات السعاده والسرور وبدا كانه
مولود من جديد.
استمر على هذا الحال فتره طويلة، فطلب من امام المسجد ان يساعد المؤذن في الاذان
للصلاه يوميا فوافق واصبح بعد ذلك المؤذن الرسمي لهذا المسجد بعد ان انتقل المؤذن الرئيسي
الى الرفيق الاعلى، وبدا يحضر حلقات العلم والدروس والمحاضرات بالمسجد ثم قرر ان يحفظ القران
فبدا بالحفظ فحفظه كاملا عن ظهر قلب وخلال هذه الفتره كان صديقه الشاب الحليم يزوره
باستمرار ويعرفه على اهل الخير والصلاح
حتى اصبح من الدعاه الى الله واهتدى على يديه العديد من اصدقائه الذين كانوا يشربون
الخمر معه فيما مضى، واصبح امام للمسجد المجاور له ولا يزال بحفظ الله ورعايته الى
يومنا هذا من الدعاه واماما لمسجد الحي.
~.~.~.~.~.~.~
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
اليكم التكملة
كانت نظره هذا الشاب الصالح بعيده جدا جدا رغم خطوره ان يحمل زجاجه الخمر في
سيارته وان يحمل معه شخصا سكيرا وسكران في نفس الوقت فالطريق الى مكه ممتلئ بدوريات
الشرطه ولكنه قرر المجازفه من اجل انقاذ هذه المراه وابناءها فمن يسعى لتحقق هدف عظيم
تهون عنده الصغائر.
فقال له: قم الان واغتسل وتوضا والبس احرامك فخرج الى سيارته واعطاه ملابس الاحرام الخاصه
به على ان يشتري هو غيرها فيما بعد، فاخذها ودخل الى داخل البيت وهو يترنح
وقال لزوجته انا سوف اذهب الى مكه للعمره مع المشايخ فتهللت اسارير زوجته فرحا بهذا
الخبر واعدت حقيبته ودخل الى الحمام يغتسل وخرج ملتفا باحرامه وهو مازال في حاله سكره
وكان الرجل الشاب الصالح البطل المغامر يستعجله حتى لا يعود في كلامه فلا يرافقهم، ولم
يصدق ان تاتي هذه الفرصه العظيمه لكي ينفرد به عده ايام ويبعده عن السكر واصدقاء
السوء فلو افاق فربما لن يذهب معهم او يدخل الشيطان له من عده ابواب فيمنعه
من مرافقته فعندما خرج اليه اخذه ووضعه في سيارته وذهب مسرعا به بعد ان اتصل
على اصدقائه من الاخوه الملتزمين الذين تظهر عليهم سمات الدين والصلاح والتقوى لكي يمر عليهم
في منازلهم ويصطحبهم في هذه الرحله التاريخية.
انطلقت السياره باتجاه مكه المكرمة، وكان الشاب الصالح على مقودها وبجواره السكير وفي المقعده الخلفيه
اثنان من اصدقائه الذى مر عليهم واخذهم معه، فقرؤوا طوال الطريق قصار السور وبعض الاحاديث
النبويه من صحيح البخاري وكلها في التوبه وفي الترغيب والترهيب بما عند الله من خير
جزيل وفي فضائل الاعمال، كان السكير لا يعرف قراءه الفاتحه و(يلخبط) بها ويكسر فيها كيفما
شاء، و عندما ياتي الدور عليه يقرؤونها قبله ثلاثه مرات حتى يصححوا له ما اخطا
فيها بدون ان يقولوا له انت اخطات وانه لا يعقل ان يخطىء احد في الفاتحة،
وهكذا حتى انتهوا من قراءه قصار السور عده مرات، وقرؤوا الاحاديث المختلفه في فضائل الاعمال
وهو يسمع ولا يبدي حراك وقبل الوصول الى مكه قرروا الثلاثه الاصدقاء ان لا يدخلوا
مكه الا وقد افاق تماما صاحبهم من السكر فقرروا المبيت في احدى الاستراحات على الطريق
بحجه انهم تعبوا ويريدون النوم الى الصباح ومن ثم يواصلون مسيرهم وكان يلح عليهم بانه
بامكانه قياده السياره على ان يناموا هم اثناء قيادته السياره فهو لن ياتيه النوم ابدا
فقالوا له جزاك الله خير وبارك الله فيك نحن نريد ان نستمتع برحلتنا هذه بصحبتك
وان نقضي اكبر وقت ممكن مع بعضنا البعض فوافق على مضض ودخلوا احدى الاستراحات المنتشره
على الطريق واعدوا فراش صاحبهم السكير وجعلوه بينهم حتى يرى ما سوف يفعلونه فقاموا يتذاكرون
اداب النوم وكيف ينامون على السنه كما كان المصطفى عليه الصلاه والسلام ينام وكان ينظر
اليهم ويقلدهم وما هى الا بضع دقائق حتى نام ذلك السكير في نوم عميق.
استيقظوا الثلاثه قبل الفجر واخذوا يصلون في جوف الليل الاخير ويدعون لصاحبهم الذي يغط في
نومه من مفعول الكحول وكانوا يسجدون يبكون بين يدى الله ان يهديه ويرده لدينه ردا
جميلا وبينما هو نائم اذ استيقظ وراهم يصلون قبل الفجر ويبكون ويشهقون بين يدي الله
سبحانه وتعالى فدخل في نفسه شيئا من الخوف وبدا يستفيق من سكره قليلا قليلا، وكان
يراقب ما يفعله اولئك الشباب في الليل من تحت الغطاء الذى كان يخفى به جسده
الواهي وهمومه الثقيله وخجله الشديد منهم ومن الله عز وجل.
فاخذ يسال نفسه كيف اذهب مع اناس صالحين يقومون الليل ويبكون من خشيه الله وينامون
وياكلون على سنه المصطفى صلى الله عليه و سلم وانا بحاله سكر، وتشابكت الاسئله في
راسه حتى بدا غير قادر على النوم مره اخرى، بعد فتره من الزمن اذن المؤذن
للفجر فعادوا الى فرشهم وكانهم ناموا الليل مثل صاحبهم وما هي الا برهه حتى ايقظوه
لصلاه الفجر ولم يعلموا بانه كان يراقب تصرفاتهم من تحت الغطاء فقام وتوضا ودخل المسجد
معهم وصلى الفجر وقد كان متزنا اكثر من ذي قبل حيث بدات علامات السكر تنجلي
تماما من راسه فصلى الفجر معهم وعاد الى الاستراحه بصحبه اصدقائه الذين احبهم لصفاتهم الجميله
وتمسكهم بالدين واكرامهم له والتعامل معه بانسانيه راقيه لم يرها من قبل.
بعدها احضروا طعام الافطار وكانوا يقومون بخدمته وكانه امير وهم خدم لديه ويكرمونه ويسلمون على
راسه ويلاطفونه بكلمات جميله بين الحين والحين، فشعر بالسعاده بينهم واخذ يقارن بينهم وبين جيرانه
الذي يقول بانه يكرههم.
انفرجت اسارير الرجل بعد ان وضع الفطور فتذاكروا مع بعضهم البعض اداب تناول الطعام والطعام
موجود بين ايديهم هو يسمع ما يقال فاكلوا طعامهم وجلسوا حتى ساعه الاشراق فقاموا وصلوا
صلاه الاشراق وعادوا الى النوم ثانيه حتى الساعه العاشره صباحا لكي يتاكدوا من ان صاحبهم
افاق تماما من سكره، ورجع لوضعه الطبيعي فانفرد بصاحبه قليلا وقال له:
كيف اخذتني وانا سكران مع هؤلاء المشايخ الفضلاء سامحك الله سامحك الله، ثم اني وجدت
زجاجتي في السياره فمن احضرها فقال له الشاب الصالح: انا احضرتها بعد ان رايتك مصر
على اخذها وانك لن تذهب معنا الا بها فقال له: وهل شاهدها اصحابك فقال له:
لا لم يشاهدوها فهي داخل كيس اسود لا يظهر منها شيئا فقال الحمد لله انهم
لم يشاهدوها.
تحركوا بعد ذلك الى مكه وصاحبهم معهم ونفس ما قاموا به في بدايه رحلتهم قاموا
به بعد ان تحركوا فقرؤوا قصار السور وبعض الاحاديث في الترغيب والترهيب اثناء رحلتهم ولكن
لاحظوا هذه المره انه بدا يحاول قراءه قصار السور بشكل افضل من السابق وخلال الطريق
تنوعت قراءاتهم فوصلوا الى مكه المكرمه ودخلوا الى البيت الحرام وكانوا يكرمون صاحبهم السكير كرما
مبالغا فيه في بعض الاحيان املا في هدايته فطافوا وسعوا وشربوا من زمزم فاستاذنهم ان
يذهب الى الملتزم فاذنوا له وذهب فامسك بالملتزم واخذ يبكي بصوت يخيل للشاب الصالح الذي
كان يرافقه ويقف بجواره ان اركان الكعبه تهتز من بكاء السكير ونحيبه وان دموعه اغرقت
الساحه المحيطه بالكعبه فكان يسمع بكاءه فيبكي مثله ويسمع دعائه فيؤمن خلفه كان يئن وصاحبه
يئن مثله، كان منظرا مروعا ان ترى منظر بهذا الشكل، كان يدعو الله:
ان يقبل توبته ويعاهد الله ان لا يعود الى الخمره مره اخرى وان يعينه على
ذلك، فلم يكن يعرف من الدعاء غير يا رب ارحمني يا رب اسرفت كثيرا فارحمني
انت رب السموات والارض ان طردتني من باب رحمتك فلمن التجئ، ان لم تتب علي
فمن سواك يرحمني يا رب ان ابواب مغفرتك مفتوحه وانا ادعوك يا رب فلا تردني
خائبا.
كان دعائه مؤثرا جدا لدرجه انه ابكى المجاورين له، كان بكائه مريرا جدا تشعر بان
روحه تصعد الى السماء حين يدعو ربه، كان يبكي ويستغيث حتى ظن صاحبه ان قلبه
كاد ان ينفطر، استمر على هذا المنوال اكثر من ساعه وهو يبكي وينتحب ويدعو الله
وصاحبه من خلفه يبكي معه.
منظر مؤثر فعلا حين يجهش بالبكاء رجلا تجاوز الاربعين ومتعلق باستار الكعبة، واكثر ما جعله
يبكي هو انه كان يقول يا رب ان زوجتي اضربها واطردها اذا غبت في سكري
فتب علي يا رب مما فعلت بها، يا رب ان رحمتك وسعت كل شيء واسالك
يا رب ان تسعني رحمتك، يا رب اني اقف بين يديك فلا تردني صفر اليدين.
يا رب ان لم ترحمني فمن سواك يرحمني، يا رب اني تائب فاقبلني فقل لي
يا رب لبيك لبيك لبيك عبدي، يا رب اني اسالك لا تشح بوجهك عني.
يا رب انظر الي فانني ملات الارض بالدموع على ما كان مني، يا رب اني
بين يديك، وضيف عليك في بيتك الحرام فلا تعاملني بما يعاملني به البشر فالبشر يا
رب ان سالتهم منعوني وان رجوتهم احتقروني، يا رب اشرح صدري وانر بصيرتي واجعل اللهم
نورك يغشاني وكره الي حب الخمور ما احييتني يا رب لا تغضب مني ولا تغضب
علي فكم اغضبتك بذنوبي التي لا تحصى وكنت اعصيك وانت تنظر الي.
كان صديقه في هذه الاثناء يطلب منه الدعاء له فكان يزداد بكاءه ويقول يا رب
امن مثلي يطلب الدعاء؟!! يا رب اني عصيتك خمس وعشرين عاما فلا تتركني ولا تدعني
اتخبط في الذنوب، يا رب اني فاسق فاجر اقف ببابك فاجعلني من عبادك الصالحين، يا
رب اني اسالك الهدايه وما قرب اليها من قول او عمل وانا خاشع ذليل منكسر
بين يديك، يا رب ان ذنوبي ملات الارض والسموات فتب علي يا ارحم الراحمين واغفر
جميع ذنوبي يا رب السموات والارض.
فيشهق ويبكي واحيانا يغلبه البكاء فلا تسمع الا صوت حزين متقطع من النحيب والبكاء.
اذن المؤذن لصلاه العصر فجلسوا للصلاه والسكير التائب مازال متعلقا باستار الكعبه يبكي حتى اشفق
عليه صديقه واخذه الى صفوف المصلين كى يصلي ويستريح من البكاء، اخذه معه وهو يحتضنه
كانه امه او كانه اباه فصلى ركعتين قبل صلاه العصر كانت كلها بكاء بصوت منخفض
يقطع القلب ويدخل القشعريره في اجساد من حوله، ان دعاء زوجته في الليل قد تقبله
الله وان دعاء الشاب الصالح قد نفع واثمر، وان دعاء اصدقائه في الليل له قد
حقق المقصود من رحلتهم، ان الدعاء صنع انسان اخر بين ليله وضحاها، فبدا يرتعد صاحبهم
خوفا من الله حين احس بحلاوه الايمان.
ان الدعاء في ظهر الغيب حقق النتيجه التي تدله على الهداية، لقد اشفق عليه اصحابه
في هذه الرحله من بكاءه، انقضت الصلاه وخرجوا يبحثون عن فندق مجاور للحرم ولازالت الدموع
تملا وجهه، كان احدهم يحفظ القران عن ظهر قلب هو الاخر، وكان متواضعا لدرجه كبيره
جدا لا تراه الا مبتسما فعندما راى اقبال صاحبهم التائب الى الله زاد في اكرامه
وبالغ واصر الا ان يحمل حذاء ذلك التائب الا هو وان يضعه تحت قدميه عند
باب الحرم، هذا التصرف من حافظ القران فجر في صدره اشياء لا يعلمها الا الله
بل يعجز الخيال عن وصفها حين توصف.
وفعلا حمل حذائه مع حذائه وخرج به الى خارج الحرم ووضعهما في قدميه وهو فرح
بما يقوم به، استاجروا فندق مطل على الحرم، وجلسوا به خمسه ايام وكان صاحبهم يتردد
على الحرم في كل الصلوات ويمسك بالملتزم ويبكي ويبكي كل من حوله، وفي الليل كان
يقوم الليل ويبكى فتبكي معه الاسره والجدران، ولا تكاد تراه نائما ابدا ففي النهار يبكي
في الحرم وفي الليل قائما يصلي ويدعو الله بصوت يملؤه البكاء، وبعد ان مضت رحلتهم
عادوا الى مدينتهم وهم في طريق العوده طلب من صديقه ان يوقف السياره قليلا فاوقفها
بناء على طلبه فاخرج التائب زجاجه الخمر من ذلك الكيس الاسود امام صديقه ومرافقيه وسكب
ما فيها وقال لهم اشهدوا على يوم الموقف العظيم اني لن اعود اليها ثانيه واخذ
يسكب ما فيها وهو يبكي على ذنوبه التى ارتكبها ويعدد ما فعله باسبابها وكانت عيون
مرافقيه تغرغر بالدموع وتحشر كلمات تنطق من اعينهم لا يعرفون كيف يعبرون عنها فكانت الدموع
ابلغ من لغه الكلام فبكوا.
وتحركوا بعد ذلك وهم يبكون مثله، وبدا الصمت يختلط بالنحيب وبدا البكاء يختلط بالبكاء، وقبل
ان يصلوا الى مدينتهم قالوا له: الان تدخل الى بيتك متهلل الوجه عطوفا رحيما باهلك
واعطوه نصائح عديده في كيفيه التعامل مع الابناء والزوجه بعد ان من الله عليه بالهدايه
وان يلزم جماعه المسجد المجاور له وان يتعلم امور دينه من العلماء الربانين، فالله عز
وجل يقبل توبه التائب ويفرح بها ولكن الاستمرار على الهدايه والتوبه من موجبات الرحمه والهدايه
فكان يقول والله لن اعصي الله ابدا فيقولون له ان شاء الله والدموع تملا اعينهم.
وصل الى بيته ودخل على زوجته وابنائه وبناته وكان في حال غير الحال التي ذهب
بها لم تحاول الزوجه ان تخفي فرحتها بما شاهدته فاخذت تبكي وتضمه الى صدرها واخذ
يبكي هو الاخر ويقبل راسها ويقبل ابنائه وبناته واحدا تلو الاخر وهو يبكي، وما هي
الا فتره وجيزه حتى استقام على الصلاه في المسجد المجاور له وبدات علامات الصلاح تظهر
عليه فاصبح ذو لحيه ناصفها البياض وبدا وجهه يرتسم عليه علامات السعاده والسرور وبدا كانه
مولود من جديد.
استمر على هذا الحال فتره طويلة، فطلب من امام المسجد ان يساعد المؤذن في الاذان
للصلاه يوميا فوافق واصبح بعد ذلك المؤذن الرسمي لهذا المسجد بعد ان انتقل المؤذن الرئيسي
الى الرفيق الاعلى، وبدا يحضر حلقات العلم والدروس والمحاضرات بالمسجد ثم قرر ان يحفظ القران
فبدا بالحفظ فحفظه كاملا عن ظهر قلب وخلال هذه الفتره كان صديقه الشاب الحليم يزوره
باستمرار ويعرفه على اهل الخير والصلاح حتى اصبح من الدعاه الى الله واهتدى على يديه
العديد من اصدقائه الذين كانوا يشربون الخمر معه فيما مضى، واصبح امام للمسجد المجاور له
ولا يزال بحفظ الله ورعايته الى يومنا هذا من الدعاه واماما لمسجد الحي.