صفات النبي عليه الصلاه والسلام
الحمد لله رب العالمين, والصلاه والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الامين, اللهم لا علم
لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا,
وزدنا علما, وارنا الحق حقا, وارزقنا اتباعه, وارنا الباطل باطلا, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون
القول فيتبعون احسنه, وادخلنا برحمتك في عبادك الصالحين, اخرجنا من ظلمات الجهل والوهم الى انوار
المعرفه والعلم، ومن وحول الشهوات الى جنات القربات .
تتمه الصفات الخلقيه للنبي عليه الصلاه والسلام :
1- صفه الادب التي كان يتحلى بها النبي الكريم :
ايها الاخوه الكرام، مع درس جديد من دروس فقه السيره النبوية، وقد كان موضوع الدرس
الماضي الحديث عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخلقية، وبعض صفاته الخلقيه والان نتابع
الحديث عن صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخلقية، لان الله سبحانه وتعالى اثنى على
خلقه العظيم, فقال تعالى:
﴿وانك لعلى خلق عظيم ﴾
لقد كان صلى الله عليه وسلم وافر الادب، كان يقول:
” ادبني ربي فاحسن تاديبي “
وحينما قال:
” بني الاسلام على خمس “
تبين من هذا الحديث ان الاسلام بناء اخلاقي، وان دعائمه اركان هذا الدين، يؤكد هذا
المعنى ان العالم الجليل ابن القيم رحمه الله تعالى, يقول: ” الايمان هو الخلق، فمن
زاد عليك في الخلق زاد عليك في الايمان “، قال عليه الصلاه والسلام:
” ادبني ربي فاحسن تاديبي “
وحينما سئلت السيده عائشه رضي الله عنها عن خلقه, قالت:
” كان خلقه القران “
2- صفه التواضع التي كانت تظهر في خلقه الكريم :
كان صلى الله عليه وسلم وافر الادب، جم التواضع، وعلامه ايمانك بالله التواضع، وعلامه تعظيمك
لله التواضع، لان الرب رب، والعبد عبد، شان العبد التواضع، وشان الله سبحانه تعالى انه
عظيم، وان كل شيء يصدر عنه عظيم، وان الذي لا يرى عظمه الله يستحق خساره
ابديه لا توصف .
ايها الاخوه الكرام، تواضع النبي صلى الله عليه وسلم احد اسباب شمائله وخلقه العظيم، كان
اذا دخل عليه رجل واصابته رعدة, يقول له:
” هون الله عليك، فلست بملك، انما انا ابن امراه من قريش تاكل القديد “
وكان اذا سافر مع اصحابه، وقال احدهم: علي ذبح الشاة، وقال الثاني: علي سلخها، وقال
الثالث: وعلي طبخها، وقال عليه الصلاه والسلام: علي جمع الحطب، يقال له: يا رسول الله،
نكفيك ذلك، يقول:
” قد علمت انكم تكفوني، ولكن اكره ان اتميز عليكم، فان الله يكره من عبده
ان يراه متميزا على اصحابه “
3- كان يبدا الناس بالسلام :
كان عليه الصلاه والسلام, يقول:
” افشوا السلام بينكم “
السلام من سمه المؤمنين، القاء السلام سنه مؤكدة، لكن رد السلام فريضة، وانت حينما تقول
لمن تلتقي به: السلام عليكم فقد جعلت العلاقه بينك وبينه علاقه سلام، كان يبدا الناس
بالسلام ، وينصرف بكله الى محدثه، وتراه يصغي للحديث بسمعه وبقلبه، ولعله ادرى به، هناك
من يتعلم فن الكلام، لكن النبي عليه الصلاه والسلام علمنا فن الكلام، وعلمنا فن الاستماع،
ولا يتقن فن الاستماع الا القلة، يتقن فن الكلام كثيرون من البشر، لكن الذين يتقنون
فن الاستماع قليلون جدا، فكان يصغي الى محدثه، ينصرف بكله الى محدثه، وهذا تكريم له،
وهذا ادب ما بعده ادب ان تستمع، احيانا الانسان لا يصغي الى من يحدثه، ولو
كان اقرب الناس اليه .
اما اذا صافحه احد اصحابه فكان اخر من يسحب يده اذا صافح الى ان يسحب
الصحابي يده من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ان تسلم على الناس بحرارة،
بمودة، بطلاقه وجه، ان تسالهم عن احوالهم، وعن اولادهم، وعن صحتهم وعن معاشهم، وعن اعمالهم،
هذا منتهى الادب، ومنتهى الود .
4- كان يصغي للزوجه ويتبادلا الحديث معا :
كان عليه الصلاه والسلام يصغي الى زوجته، واحيانا بعد مضي وقت من الزواج ترفع الكلفه
بين الزوجين، فقلما يصغي الزوج الى زوجته، لكنه عليه الصلاه والسلام اصغى اليها كثيرا، وقد
حدثته عن قصص كثيرة، حدثته مره عن ابي زرع حديثا طويلا، وتحدثت عن محبته لام
زرع، وعن وفائه لها، ثم اسفت اشد الاسف, حينما قالت: لكنه طلقها، فقال عليه الصلاه
والسلام: انا لك كابي زرع، لكني لا اطلقك .
5- معاملته مع الناس :
كان عليه الصلاه والسلام بشوشا، ضاحكا، يلقي اصحابه بالبشاشة، وقد قال:
” تبسمك في وجه اخيك لك صدقه “
لكنه كان على درجه عاليه من الحكمة، ومن اخذ الحيطه .
فكان عليه الصلاه والسلام يحذر الناس، ويحترس منهم من غير ان يطوي بشره عن احد،
اذا تصدق وضع الصدقه بيده في يد المسكين، وهذا ايضا نوع من الادب، لا ان
تلقي عليه مبلغا من المال القاء، لا ان تكلف احد ان يعطيه هذا المال، واذا
جلس جلس حيث ينتهي به المجلس، اناس كثيرون اذا دعوا الى احتفال ان لم يكن
لهم مكان في الصف الاول غضبوا اشد الغضب، لم ير مادا رجليه قط ولا بين
اصحابه، وهذا ادب جم، هناك جلسه فيها ادب، هناك وقفه فيها ادب، هناك حركه فيها
ادب، هناك نظره فيها ادب .
6- من اقواله :
كان عليه الصلاه والسلام, يقول:
” برئ من الكبر من حمل حاجته بيده، وبرئ من النفاق من اكثر من ذكر
الله، وبرئ من الشح من ادى زكاه ماله “
الذي يؤدي زكاه ماله لا يمكن ان يوصف بالشح، واذا حملت حاجتك بيدك، ولتكن مرتبتك
ايه مرتبة، برئت من الكبر، وقد علمنا الا نسال الناس شيئا .
كان الصحابي الجليل ينزل عن ناقته ليلتقط زمام ناقته، ولا يسال اصحابه ان يعطوه الزمام،
لم يكن يانف من عمل لقضاء حاجته، او حاجه صاحب او جار، كان في خدمه
اصحابه، لما كانت معركه بدر كان الصحابه ثلاثمئه رجل او يزيدون قليلا، وكانت الرواحل قليلة،
فقال عليه الصلاه والسلام:
” وانا وعلي وابو لبابه على راحلة، فكان ابو لبابه وعلي بن ابي طالب زميلي
رسول الله e، فكانت نوبه رسول الله e دوره في السير فقالا له : نحن
نمشي عنك ليظل راكبا فقال : ما انتما باقوى مني على السير، ولا انا باغنى
منكما عن الاجر “
7- كان يذهب الى السوق ويحمل بضاعته بيده :
كان يذهب الى السوق، ويحمل بضاعته, ويقول: انا اولى بحملها، الله عز وجل وصف الانبياء,
فقال:
﴿انهم لياكلون الطعام ويمشون في الاسواق﴾
وفي هذه الايه ملمح دقيق، ان هذا الانسان الذي ياكل الطعام ليس الها، الانسان الذي
يفتقر في وجوده، وفي استمرار وجوده الى الطعام، لا يمكن ان يكون الها، بل ان
الانسان مفتقر مرتين، مفتقر الى ان ياكل، ومفتقر الى تحصيل ثمن الطعام، قال تعالى:
﴿ لياكلون الطعام ويمشون في الاسواق ﴾
8- كان يلبي دعوه من دعاه :
كان عليه الصلاه والسلام يجيب دعوه الحر والعبد والمسكين، وكان يقول:
” من دعي ولم يلبي فقد عصا ابا القاسم “
وكان يقول:
” لو دعيت الى كراع لاجبت، ولو اهدي الي ذراع لقبلت “
وقد دعي مرة، وقدم له خل, فقال:
” نعم الادام الخل “
وانت حينما تدعى الى طعام، او الى احتفال، او الى عقد قران، يجب ان تعلم
ان تلبيتك لهذه الدعوه نوع من العبادة، لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب
دعوه من دعاه ، لكن الناس احيانا يجيبون دعوه الاقوياء والاغنياء، ولا يجيبون دعوه الفقراء،
وهذا ماخذ كبير على الانسان .
9- كان يقبل عذر المعتذر :
كان عليه الصلاه والسلام يقبل عذر المعتذر، العظماء ايها الاخوه يغفرون الزلات، ويقبلون الاعذار، فهذا
الذي ارتكب خيانه عظمى, قال له: يا حاطب، وقد اخبر قريش ان محمدا سيغزوهم، ما
حملك على ما فعلت؟ قال: والله يا رسول الله ما كفرت، ولا ارتددت، ولكني لصيق
في قريش اردت بهذا الكتاب ان احمي اهلي ومالي، وانا موقن ان الله سينصرك ،
فاغفر لي ذلك يا رسول الله، فقال عليه الصلاه والسلام: اني صدقته فصدقوه, ولا تقولوا
فيه الا خيرا, الانسان اللئيم لا يسترضى، ولا يرضى، لكن الانسان المؤمن يسترضى ويرضى, كان
يقول:
” من اتاه اخوه متنصلا فليقبل ذلك منه محقا او مبطلا “
كان يقبل عذر المعتذر، كان يخصف نعله، ويخدم نفسه، ويعقل بعيره، ويكنس داره ، وكان
في مهنه اهله، اي في خدمه اهله، اناس كثيرون يترفعون ان يقوموا باعمال في المنزل،
لكن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا انك اذا قمت في بعض الاعمال في المنزل
تمتنت العلاقه بينك وبين زوجتك .
10- كان ياكل مع الخادم ويكرم الضيف :
كان صلى الله عليه وسلم ياكل مع الخادم، ويقضي حاجه الضعيف والبائس، جاءه ملك من
ملوك الغساسنة، عدي بن حاتم، يظنه ملكا او يظنه نبيا، هو في حيرة، فلما لقيه
ساله عن اسمه وتكريما له دعاه الى بيته، وفي الطريق استوقفته امراه مسنة، فوقف معها
طويلا تكلمه في حاجتها، فقال في نفسه: والله ما هذا بامر ملك، انه نبي، فلما
دخل الى بيته اعطاه النبي وساده من ادم محشوه ليفا، قال: اجلس عليها، قلت: بل
انت، قال: بل انت، فجلست عليها، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على الارض,
ارايت الى هذا التواضع, والى تكريم الضيف
دخل مره على عبد الملك بن مروان وفد تقدمهم غلام، فغضب اشد الغضب، وقال لحاجبه:
ما شاء احد ان يدخل عليه حتى دخل, حتى الصبيان, فابتسم هذا الصغير, وقال: ايها
الامير، ان دخولي عليك لم ينقص من قدرك، ولكنه شرفني .
11- كان دائم الفكر , متواصل الاحزان , يحمل هم امته :
كان صلى الله عليه وسلم يمشي هونا، خافض الطرف، متواصل الاحزان لانه يحمل هم البشريه
ونحن ان حملنا هم اسرتنا هذا عمل طيب، وان حملنا هم الاسره الكبيره هذا عمل
اطيب، اما حينما تحمل هم المسلمين فهذا عمل عظيم، كان يقول:
” لو تعلمون ما اعلم لبكيتم كثيرا، ولضحكتم قليلا “
كان يمشي هونا، وهناك ملمح في معنى يمشي هونا، اي ان الدنيا لا تشغله عن
هدفه الكبير، وان مشكلات الدنيا لا تصرفه عن معرفه ربه، ولا عن طلب مرضاته، اناس
كثيرون اقل مشكله تنهي تطلعهم الى الاخرة، اقل قضيه مزعجه تصرفهم عن طلب الحق، وقد
وصف الله جل جلاله عباد الرحمن:
﴿وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا ﴾
يعني يفكرون في اخرتهم، هدفهم واضح، هدفهم كبير، مشكلات الدنيا لا يسمحون لها ان تشغلهم
عن اخرتهم، ولا عن تحقيق اهدافهم، متواصل الاحزان، دائم الفكر، هذا الفكر يعد اعظم منحه
منحنا الله اياها، هذا الفكر من اجل ان تعرف الله به، ومن اجل ان تبحث
عن طرق رضوانه، لكن معظم الناس اعملوه لغير المهمه التي خلق لها .
12- كان يالف ويؤلف :
كان دمثا رقيق الحاشية، يالف ويؤلف, من راه بديهه هابه, ومن عامله احبه، كان دمثا
ليس بالجاحد، ليس الذي ينكر المعروف، قبيل وفاته وقف صلى الله عليه وسلم خطيبا، وقال:
” من كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه، الا ومن كنت قد شتمت
له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه، ومن كنت اخذت له مالا فهذا مالي فليستقد منه،
لا يقولن رجل : اني اخشى الشحناء من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم،
الا وان الشحناء ليست من طبيعتي ولا من شاني “
كان لا يهين احدا، يترفق باصحابه، جاء عكرمه ابن ابي جهل مسلما, فقال: اياكم ان
تسبوا اباه، فان سب الميت يؤذي الحي، ولا يبلغ الميت .
13- انظر الى تعظيمه للنعمه :
كان صلى الله عليه وسلم يعظم النعمه مهما دقت، ان تشرب كاس ماء هذه نعمه
لا يعرفها الا من اصيب بالفشل الكلوي، ان تنام مرتاحا هذه نعمه لا يعرفها الا
من فقد نعمه النوم، ان تدخل الى بيت يؤويك, كان عليه الصلاه والسلام, يقول:
” الحمد لله الذي اواني ، وكم من لا ماوى له “
واذا استيقظ من منامه, يقول:
” الحمد لله الذي رد الي روحي، وعافاني في بدني واذن لي بذكره “
نحن غارقون في نعم لا تعد ولا تحصى، ومع ذلك نكثر الشكوى .
انسان اخذ من ثوبه قشه فرفع يديه، وقال: جزاك الله خيرا، ما ذم طعاما قط،
وكم من انسان يدعى الى افخر طعام, فيقول: هذا الطعام فيه مشكلة؟ ما ذم طعاما
قط، وهذا من اخلاقه العلية، ما ذم طعاما قط ولا مدحه، ولم يذم مذاقا ولا
يمدحه، ولا تغضبه الدنيا، ولا ما كان لها
شخص اقتدى بخلق رسول الله عليه الصلاه والسلام اليكم بيانه :
بعضهم قال: لي صاحب كان من اعظم الناس في عيني، وكان راس اعظم ما عظمه
في عيني صغر الدنيا في عينيه، فكان لا يشتهي ما لا يجد، ولا يكثر اذا
وجد، ولا تغضبه الدنيا، وما كان لها، يعرف حجمها يعرض انها عرض زائل، يعرف انها
تنتهي بالموت، يعرف ان الدنيا جيفه طلابها كلابها، يعرف ويقول: ان هذه الدنيا دار التواء،
لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن
لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الاخره دار عقبى، وجعل بلاء الدنيا لعطاء الاخره
سببا، وجعل عطاء الاخره بلوى الدنيا عوضا، فياخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي، ولا تغضبه الدنيا ولا
ما كان لها، ولا يغضب لنفسه ابدا، لا يغضب الا لله، يعني حظوظه وضعها تحت
قدمه، ويرضى لله، يفرح لله، ويحزن لله، اذا غضب اعرض واشاح، يعني علامه غضبه الاعراض
فقط، هناك من يصخب، ومن يشتم، ومن يعلو صياحه, وكان اذا فرح غض بصره، وكان
يؤلف ولا يفرق، يقول ليس منا من فرق، هناك من يفرق بين الزوج وزوجته، وهناك
من يفرق بين الاخ واخيه، والشريك وشريكه، والجار وجاره، كان يؤلف ولا يفرق، يقرب ولا
ينفر، يكرم كريم كل قوم، كان يعرف اقدار الناس .
14- كان يحق الحق ويبطل الباطل :
كان صلى الله عليه وسلم يتفقد اصحابه، ويسال الناس عما في الناس، لم يكن يعيش
في برج عاجي، بعيد عن هموم الناس، كان يحمل هموم الناس، ويحل مشكلاتهم, ومن كرم
اخلاق الانسان، اذا كان هناك مشكله سال عنها، وبحث عن اسبابها، وسار في طريق حلها،
كان يحسن الحسن ويصوبه, ويقبح القبيح ويوهنه، عمل حسن يجب ان تصوبه، وان تثمنه, وان
تثني على فاعله، هناك انسان لا يتكلم بكلمة، قناص يبحث عن الخطا فقط، اما الانسان
الكامل اذا راى عملا طيبا، راى موقفا اخلاقيا، راى موقفا كريما يثني على صاحبه, كان
يتفاعل مع الاحداث، لا يقصر عن حق ولا يجاوزه، احيانا يتجاوز الانسان الحدود التي رسمت
له، واحيانا يقصر عن الواجبات التي كلف بها .
15- كان لين العريكه , لطيف المعشر , يصبر على الغريب :
كان صلى الله عليه وسلم وسطيا, ولا يحسب جليسه ان احدا اكرم عليه منه، هذه
بطولة، الاف مؤلفه حوله كل واحد من اصحابه يظن انه اقرب الناس اليه، من يستطيع
ذلك؟ من ساله حاجه لم يرده الا بها,
” يا رسول الله، لمن هذا الوادي، قال: هو لك، قال: اتهزا بي؟ قال: لا
والله، هو لك, قال: اشهد انك رسول الله، تعطي عطاء من لا يخشى الفقر “
كان صلى الله عليه وسلم ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب، ولا عياب، هذا الذي
يبحث عن العيوب، هو قناص، اينما راى عيبا ذكره، ووسع دائرته, وعممه على كل الناس,
يتغافل عما لا يشتهي ، الشيء الذي لا يشتهيه يتغافل عنه، ولا يخيب فيه مؤملة،
وكان لا يذم احدا، ولا يعيره، الذنب شؤم على غير صاحبه، ان ذكره فقد اغتابه،
وان عيره فقد ابتلي به، وان رضيه شاركه في الاثم، كان يعلمنا اذا رايت صاحب
مصيبه احمد الله انك معافى من هذه المصيبة، ولا يتكلم الا فيما يرجى ثوابه .
ايها الاخوة, قد تجلس في مجلس 90% من الكلام لا معنى له ، ولا طائل
منه، وليس له فائدة، وليس له معنى، كلام فارغ، فكان عليه الصلاه والسلام لا يتكلم
الا فيما يرجى ثوابه، يضحك مما يضحك منه اصحابه، يعيش معهم، هذا الذي يجلس مع
قوم دون ان يشاركهم افراحهم واتراحهم، ليس منهم، موقف في جفاء، فيه ترفع، فيه استعلاء
.
كان صلى الله عليه وسلم شيء شغل الناس يشاركهم بانشغالهم، شيء اقلق الناس يشاركهم في
قلقهم، شيء افرح الناس يشاركهم في فرحهم، يصبر على الغريب,