وصف رائع لحياه البرزخ
الحمد لله رب العالمين له النعمه و له الفضل و له الثناء الحسن، الصلاه و
السلام على سيدنا محمد وعلى ءاله و اصحابه الطيبين الطاهرين اما بعد:
فيا ايها الاحبه المؤمنون هذا درس عظيم النفع فيه اثبات ان الارواح تعود الى الاموات
في القبور، فقد ورد بالاسناد الصحيح المتصل من حديث كعب ابن مالك رضي الله عنه
قال عبد الرحمن ابن كعب: لما حضرت كعبا الوفاه اتت ام بشر بنت البراء ابن
عازب رضي الله عنهم فقالت: يا ابا عبد الرحمن ان لقيت ابي فاقرئه السلام، فقال:
انا اشغل من ذلك، فقالت: الم تسمع رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:”
ان نسمه المؤمن طائر يعلق في الجنة”، قال: بلى، قالت: هو ذاك.
هؤلاء ثلاثتهم صحابة، جاءت ام بشر الى كعب ابن مالك و هو في مرض موت
فقالت: يا ابا عبد الرحمن ان لقيت ابي فاقرئه مني السلام فقال: انا اشغل من
ذلك، و هو يقول ذلك تواضعا ليس لعدم امكان ابلاغ السلام من الميت الجديد الى
الميت القديم انما تواضعا يقول ذلك، قالت: الم تسمع رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول:” ان نسمه المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة”، قال: نعم، قالت: هو ذاك.
في هذا الحديث فوائد عديده منها ان ارواح الاموات يلتقون فاذا مات ميت جديد يصعد
بروحه فتستقبله ارواح المؤمنين الذين سبقوه، و في الحديث ايضا ان ارواح المؤمنين بعد بلى
الاجساد تاوي الى الجنه هذه ارواح الاخيار ليس روح كل انسان مسلم انما ذلك لارواح
الاتقياء الصالحين، و في الحديث ايضا ان الارواح الخيره يصعد بها اول ما يموت الشخص
الى السماء الاولى ثم الى الثانيه ثم الى السابعه ثم ترد الى الارض.
اما عود الروح الى الارض بعد صعودها الى السماء فهذا جاء فيه حديث ءاخر صحيح
رواه البراء ابن عازب رضي الله عنه و هو انه يصعد بروح المؤمن اي تصعد
بها ملائكه الرحمه الى السماء السابعه ثم يرجع بها الى الارض، ثم ايضا ورد في
حديث ءاخر صحيح ان الانسان بعدما يعود جسمه كله الى عجب الذنب اي بعد فناء
الجسم كله و لا يبقى منه الا عجب الذنب و الرسول صلى الله عليه و
سلم سئل عن عجب الذنب قيل له: وما عجب الذنب يا رسول الله؟، فقال: ”
مثل حبه خردل”، اي عظم صغير مثل حبه خردل، عندئذ يعود الى السماء الى الجنه
يعيش في الجنه و هو في شكل طائر، و في هذا الحديث ايضا صحه ارسال
السلام من الاحياء الى اقاربهم الذين ماتوا فان ام بشر رضي الله عنها بعثت السلام
الى ابيها الذي توفي قبل كعب ابن مالك.
و في الحديث ” ان نسمه المؤمن” اي روح المؤمن “طائر يعلق في شجر الجنة”
معنى يعلق اي ياكل من ثمار الجنه و معنى طائر اي يتشكل بشكل طائر بعد
فناء الجسد و بقاء ذلك العظم الصغير و هذا البلى يختلف باختلاف الاراضي فمن الاراضي
ما لا يمكث فيها جسد الميت الا سنه واحده و منها ما يمكث الجسد بهيكله
الى ثمانين سنه و منها الى ستين الا الانبياء فان اجسادهم لا تاكلها الارض اينما
دفنوا لان الرسول صلى الله عليه و سلم قال:” الانبياء احياء في قبورهم يصلون”.
كذلك الشهداء الذين صحت لهم الشهاده عند الله تعالى و ذلك بصحه الايمان و صحه
النيه في سبيل الله، و كذلك بعض الصالحين و الاتقياء لا تفنى اجسادهم و لو
دفنوا في ارض تبلى فيها الاجساد في سنه واحدة، بلاد اصبهان يذكر ان جسد الميت
فيها يمكث ءالافا من السنين هذه الخاصيه جعلها الله تعالى فيها في الزمن الذي لم
تكن فيه برادات التفاحه الواحده كانت تعيش سته اشهر في بلادهم من غير ان تتعفن
لكن اجسام الاموات التي في تلك الارض لا بد ان يتسلط عليها البلى قبل يوم
القيامة، ثم الفرق بين اجساد الانبياء و اجساد الشهداء و بين سائر الاجساد من غير
الاولياء و سائر الاجساد التي يطول مكثها في القبر ان اجساد الانبياء و الشهداء و
الاولياء تلك الاجساد دونهم ليس فيها علامه الحياه انما مجرد شكل جسد اما اجساد الشهداء
فان الدم يجري فيها مهما طال الزمن لان روح الشهيد الذي في الجنه الذي يتلذذ
بثمار الجنه و شرب مياهها يصل اثر هذه اللذه التي تحصل للروح الى الجسد مع
بعد المسافه الله تعالى قادر على كل شىء، بقدره الله تعالى يصل الاثر الى الاجساد
التي في القبو،ر و قد شوهد اجساد الانبياء و هي متماسكه بعد الف سنه و
زياده اما اجساد الفراعنه الذين في مصر فان اجسادهم ليست متماسكه بل اذا تطرق اليها
الهواء تنهار كانها رماد متكاثر اما الشهداء فلا تزال اجسادهم رطبه كانها ماتت بالامس بعد
زمان طويل و هذا دليل على ان اثر تلذذ الارواح في الجنه يصل الى الاجساد،
مثال ذلك الشمس تكون فوقنا بمسافه بعيده مع ذلك اثرها متصل بالارض.
و لصحه الشهاده في سبيل الله شرط لا بد منه و هو صحه الايمان و
معنى صحه الايمان ان يكون الانسان عارفا بربه بمعنى انه يعتقد بوجوده اعتقادا جازما لا
يخالطه شك بوجود الله من غير تشبيه له بشىء من الاشياء و من غير اعتقاد
ما ينافي ذلك لان الالوهيه لها خصائص منها القدره على كل شىء بمعنى ان كل
ما يقبل الوجود و العدم عقلا تؤثر فيه اي ان الله يؤثر فيه بقدرته و
كذلك عموم المشيئه من خصائص الالوهيه فالممكنات اذا وجدت الله تعالى هو خصصها بالوجود دون
العدم، كان في الازل الله وحده لم يكن عالم كثيف و لا عالم لطيف الا
الله تبارك و تعالى، لم يكن ظلمه ولا نور و لا فضاء و لا عرش
و لا كرسي و لا سماء و لا ارض و لا انسان و لا نبات
لم يكن الا الله تبارك و تعالى، فما من حادث الا و لسان حاله يقول
ان لي صانعا حكيما قادرا مريدا عليما ابرزني من العدم الى الوجود و جعلني في
الصفات التي انا عليها لا يفترق في ذلك حادث عن حادث لان هذه الحادثات اي
المخلوقات تطرا عليها صفات و احوال و كل ما يطرا عليه صفات و احوال فهو
حادث فوجوده ليس بذاته بل بايجاد موجد حكيم عليم خبير.
هذه الارض قد يتوهم متوهم انها كانت بدون بدايه و هذا مخالف للبرهان العقلي لان
الارض فيها علامه الحدوث انظر الى حالها في الشتاء فهو غير حالها في الصيف و
هذا تغير يدل على حدوثها و العقل يوجب ان موجد هذا الشخص غير مشابه له
و لسائر الاشياء التي توجد فيها و الصفات التي توجد فيه لان اجرام الكائنات و
ان اختلفت في بعض الاشياء لكنها تجتمع في شىء واحد و هو ان كل جرم
له حد و نهايه و بدايه كما ان الشخص الواحد له حد و نهايه كذلك
سائر الاجرام على اختلاف مقاديرها و حدودها و غاياتها لها حدود و نهايه فاذا الاجرام
مهما امتدت و كبرت فهي لها حدود و غايات، انا كنت بعد ان لم اكن
و ما كان بعد ان لم يكن فلا بد له من مكون هاتان مقدمتان ينتج
عنهما انا لا بد لي من مكون فاذا سال سائل عن الله و قال: ما
الله؟ يقال له: الله موجود لا يشبه الموجودات، هذا لفظ موجز يحوي معاني كثيره فمن
ثبت على هذه العقيده الصحيحه ثم مات في سبيل الله شهيدا فهذا الذي ينال تلك
المرتبه العظيمه نسال الله تبارك و تعالى ان يرزقنا الشهاده و الولايه و سبحان الله
و بحمده و الحمد لله رب العالمين.
