ما هو فضل قراءه سوره يس
الحمد لله
اولا :
سوره ( يس ) من سور القران المكيه العظيمه ، عدد اياتها ثلاث وثمانون ايه
، فواصلها القصيره لها وقع قوي في النفوس المؤمنه ، موضوعاتها الرئيسيه هي موضوعات السور
المكيه ، تحدثت عن توحيد الالوهيه والربوبيه وعاقبه المكذبين بهما ، والقضيه التي يشتد عليها
التركيز في السوره هي قضيه البعث والنشور .
ثانيا :
قد وردت عده احاديث في فضائل هذه السوره ، اكثرها مكذوبه موضوعه ، وبعضها ضعيف
ضعفا يسيرا ، ولم نقف على حديث صحيح مخصوص في فضل سوره ( يس )
.
فمما ورد من فضائلها ويضعفه اهل العلم بالحديث – وانما نسوقه هنا للتنبيه عليه –
:
( ان لكل شيء قلبا ، وقلب القران ( يس ) ، من قراها فكانما
قرا القران عشر مرات )
( من قرا سوره ( يس ) في ليله اصبح مغفورا له )
( من داوم على قراءتها كل ليله ثم مات مات شهيدا )
( من دخل المقابر فقرا سوره ( يس ) ، خفف عنهم يومئذ ، وكان
له بعدد من فيها حسنات )
انظر “الموضوعات” لابن الجوزي (2/313) ، “الفوائد المجموعة” للشوكاني (942،979) ، وانظر للاهميه رساله :
” حديث قلب القران يس في الميزان ، وجمله مما روي في فضائلها ” لفضيله
الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف ، حفظه الله .
ثالثا :
ومما يرويه الناس حديث ( يس لما قرئت له ) ، ويعنون به ان قراءه
سوره ( يس ) يحصل معها قضاء الحوائج وتسهيل الامور التي ينويها القارئ بقراءته .
والواجب التنبيه على بطلان نسبه هذا الكلام الى السنه النبويه ، او الى اهل العلم
من الصحابه والتابعين والائمه ، فلم يات عن احد منهم مثل هذا التقرير ، بل
ينبهون على بطلان ذلك .
يقول السخاوي رحمه الله عن هذا الحديث :
” لا اصل له بهذا اللفظ ” انتهى . “المقاصد الحسنة” (741) ، وقال القاضي
زكريا في حاشيه البيضاوي : موضوع . كما في “كشف الخفاء” (2/2215)
ومثله في كتاب “الشذره في الاحاديث المشتهرة” لابن طولون الصالحي (2/1158) وفي “الاسرار المرفوعة” للقاري
(619) وغيرها . وانظر رساله الشيخ محمد عمرو المشار اليها : ” حديث قلب القران
يس .. ” ص 80 ه 1 .
ولا يجوز لاحد ان ينسب هذا الحديث الى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا
ان يتحدث به في مجالس الناس ، ومن يزعم ان التجربه تدل على صحه هذا
الحديث ، يقال له : والتجربه وقعت من كثير ممن قرا ( يس ) لقضاء
حاجته فلم يقضها الله له ، فلماذا ناخذ بتجربتك ولا ناخذ بتجربه غيرك !؟
وما ينقله الامام ابن كثير في “تفسير القران العظيم” (3/742) عن بعض اهل العلم :
” ان من خصائص هذه السوره انها لا تقرا عند امر عسير الا يسره الله
تعالى ” انتهى .
فهو اجتهاد منهم ليس عليه دليل من الكتاب او السنه او اقوال الصحابه والتابعين ،
ومثل هذا الاجتهاد لا يجوز نسبته الى الله تعالى ورسوله ، انما ينسب مثل هذا
الى قائله ؛ بحيث يكون صوابه له وخطؤه عليه ، ولا يجوز ان ينسب الى
كتاب الله تعالى او سنه رسوله ما نتيقن انه منه . قال الله تعالى :
{ قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق
وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله ما لا تعلمون
}
على اننا ننبه هنا الى ان كثيرا ممن تقضى له الحاجات عند دعائه ، او
قراءته لمثل ذلك ، انما تقضى له لاجل ما قام بقلبه من الاضطرار والفقر الى
ربه ، وصدق اللجوء اليه ، لا لاجل ما قراه من دعاء ، او دعا
عنده من قبر او نحو ذلك .
يقول شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله :
” ثم سبب قضاء حاجه بعض هؤلاء الداعين الادعيه المحرمه ان الرجل منهم قد يكون
مضطرا اضطرارا لو دعا الله بها مشرك عند وثن لاستجيب له ، لصدق توجهه الى
الله ، وان كان تحري الدعاء عند الوثن شركا ، ولو استجيب له على يد
المتوسل به ، صاحب القبر او غيره لاستغاثته ، فانه يعاقب على ذلك ويهوي في
النار ، اذا لم يعف الله عنه …”
ثم يقول : ” ومن هنا يغلط كثير من الناس ؛ فانهم يبلغهم ان بعض
الاعيان من الصالحين عبدوا عباده او دعوا دعاء ، ووجدوا اثر تلك العباده وذلك الدعاء
، فيجعلون ذلك دليلا على استحسان تلك العباده والدعاء ، ويجعلون ذلك العمل سنه ،
كانه قد فعله نبي ؛ وهذا غلط لما ذكرناه ، خصوصا اذا كان ذلك العمل
انما كان اثره بصدق قام بقلب فاعله حين الفعل ، ثم تفعله الاتباع صوره لا
صدقا ، فيضرون به ؛ لانه ليس العمل مشروعا فيكون لهم ثواب المتبعين ، ولا
قام بهم صدق ذلك الفاعل ، الذي لعله بصدق الطلب وصحه القصد يكفر عن الفاعل
” .
انتهى من اقتضاء الصراط المستقيم (2/698، 700)
والله اعلم .