تفسير القران للشيخ الشعراوي صوت وصورة , اجمل ما قال الشعراوى

تفسير القران للشيخ الشعراوى صوت و صورة

وصورة للشيخ قال صوت تفسير القران الشعراوي الشعراوى اجمل 28e91e9f77f50bad50e5ceaef032552b

{يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص فالقتلي الحر بالحر و العبد بالعبد و الانثى بالانثى فمن عفى له من اخية شيء فاتباع بالمعروف و اداء الية باحسان هذا تخفيف من ربكم و رحمة فمن اعتدي بعد هذا فلة عذاب اليم (178)}


وساعة ينادى الله {ياايها الذين امنوا} فهذا النداء هو حيثية الحكم الذي سياتي،
ومعني ذلك القول: انا لم اكلفكم اقتحاما على ارادتكم؛
او على اختياركم،
وانما كلفتكم لانكم دخلتم الى من باب الايمان بي،
ومادمتم ربما امنتم بى فاسمعوا منى التكليف.


فالله لم يكلف من لم يؤمن به،
ومادام الله لا يكلف الا من امن فيه فايمانك فيه جعلك شريكا فالعقد،
فان كتب عليك شيئا فانت شريك فالكتابة،
لانك لو لم تؤمن لما كتب،
فكان الصفقة انعقدت،
ومادامت الصفقة ربما انعقدت فانت شريك فالتكليف،
و لذا يقول الله: {كتب} بضم الكاف.
ولم يقل (كتب) بفتح الكاف.
وتلحظ الفرق جليا فالحاجات التي للانسان دخل فيها،
فهو سبحانة يقول: {كتب الله لاغلبن انا و رسلي} [المجادلة: 21].


انة سبحانة هنا الذي كتب،
لانة لا شريك له.
عندما تقرا {كتب عليكم} فافهم ان بها الزاما و مشقة،
وهي على عكس (كتب لكم) كقوله تعالى: {قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا} [التوبة: 51].

وصورة للشيخ قال صوت تفسير القران الشعراوي الشعراوى اجمل 20160625 101




ان (كتب لنا) تشعرنا ان الشيء لمصلحتنا.
وفى ظاهر الامر يبدو ان القصاص مكتوب عليك،
وساعة يكتب عليك القصاص و انت قاتل فيصبح و لى المقتول مكتوبا له القصاص،
اذن جميع (عليك) مقابلها (لك)،
وانت عرضة ان تكون قاتلا او مقتولا.
فان كنت مقتولا فالله كتب لك.
وان كنت قاتلا فقد كتب الله عليك.
لان الذي (لي) لابد ان يصبح (على) غيري،
والذى (علي) لابد ان يصبح (لغيري).
فالتشريع لا يشرع لفرد واحد و انما يشرع للناس اجمعين.
عندما يقول: {كتب عليكم القصاص}،
ثم يقول فالاية التي بعدها: {ولكم فالقصاص حياة}،
فهو سبحانة ربما جاء ب (لكم)،
و(عليكم).
(عليكم) للقاتل،
و(لكم) لولى المقتول.
فالتشريع عادلا لانة لم يات لاحد على حساب احد،
والعقود دائما تراعى مصلحة الطرفين.
{ياايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص فالقتلي الحر بالحر}.


ومن هو الحر؟
الحر ضد العبد و هو غير مملوك الرقبة،
والحر من جميع شيء هو اكرم ما فيه،
ويقال: حر المال يعني اكرم ما فالمال.
و(الحر) فالانسان هو من لا يحكم رقبتة احد.
و(الحر) من البقول هو ما يؤكل غير ناضج،
اى غير مطبوخ على النار،
كالفستق و اللوز.


والحق سبحانة يقول: {الحر بالحر}،
وظاهر النص ان الحر لا يقتل بالعبد،
لانة سبحانة يقول: {الحر بالحر و العبد بالعبد و الانثى بالانثى}،
لكن ماذا يحدث لو ان عبدا قتل حرا،
او قتلت امراة رجلا؛
هل نقتلهما ام لا؟


ان الحق يضع لمسالة الثار الضوابط،
وهو سبحانة لم يشرع ان الحر لا يقتل الا بالحر،
وانما مقصد الاية ان الحر يقتل ان قتل حرا،
والعبد يقتل ان قتل عبدا،
والانثى مقابل الانثى،
هذا هو اتمام المعادلة،
فجزاء القاتل من جنس ما قتل،
لا ان يتعداة القتل الى من هو اروع منه.

وصورة للشيخ قال صوت تفسير القران الشعراوي الشعراوى اجمل




ان الحق سبحانة و تعالى يواجة بذلك التشريع فالقصاص قضية كانت قائمة بين القبائل،
حيث كان هنالك قتل للانتقام و الثار.


ففى الزمن الجاهلي كانت اذا نشات معركة بين قبيلتين،
فمن الطبيعي ان يوجد قتلي و ضحايا لهذا الاقتتال،
فاذا قتل عبد من قبيلة اصرت القبيلة التي تملك ذلك العبد ان تصعد الثار فتاخذ فيه حرا،
وايضا اذا قتلت فتلك الحرب انثى،
فان قبيلتها تصعد الثار فتاخذ فيها ذكرا.


والحق سبحانة و تعالى اراد ان يحسم قضية الثار حسما تدريجيا،
لذا جاء بهذا الامر {الحر بالحر و العبد بالعبد و الانثى بالانثى}.
اذن،
فالحق هنا يواجة قضية تصعيدية فالاخذ بالثار،
ويضع منهجا يحسم هذي المغالاة فالثار.


وفى صعيد مصر،
مازلنا نعانى من الغفلة فتطبيق شريعة الله،
فحين يقتل رجل من قوم فهم لا يثارون من القاتل،
وانما يذهبون الى اكبر راس فعائلة القاتل ليقتلوه.
فالذين ياخذون الثار يريدون النكاية الاشد،
وقد يجعلون فداء المقتول عشرة من العائلة الاخرى،
وقد يمثلون بجثثهم ليتشفوا،
وكل هذا غير ملائم للقصاص.
وفى ايام الجاهلية كانوا يغالون فالثار،
والحق سبحانة و تعالى يبلغ البشرية جمعاء بان هذي المغالاة فالثار تجعل نيران العداوة لا تخمد ابدا.
لذا فالحق يريد امر الثار الى حدة الادنى،
فاذا قتلت قبيلة عبدا فلا يصح ان تصعد القبيلة الثانية الامر فتاخذ بالعبد حرا.


اذن،
فالحق يشرع امرا يخص تلك الحروب الجماعية القديمة،
وما كان يحدث بها من قتل جماعي،
وما ينتج عنها بعد هذا من مغالاة فالثار،
وهذا هو التشريع التدريجي،
وقضي سبحانة ان يرد امر الثار الى الحد الادني منه،
فاذا قتلت قبيلة عبدا فلا يصح ان تصعد القبيلة الثانية الثار بان تقتل حرا.
والحق يشرع بعد هذا ان القاتل فالاحوال العادية يتم القصاص منه بالقتل له او بالدية.


فقد جاءت اية ثانية يقول بها الحق: {وكتبنا عليهم بها ان النفس بالنفس و العين بالعين و الانف بالانف و الاذن بالاذن و السن بالسن و الجروح قصاص فمن تصدق فيه فهو كفارة له و من لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الظالمون} [المائدة: 45].


وهكذا يكون القصاص فقتل النفس يتم بنفس اخرى،
فلا تفرقة بين العبد او الحر او الانثى،
بل مطلق نفس بمطلق نفس.


وهاهو ذا الحق سبحانة و تعالى يواجة بتقنين تشريع القصاص قضية يريد ان يميت بها لدد الثار و حنق الحقد.
فساعة تسمع كلمة قصاص و قتل،
فمعني هذا ان النفس مشحونة بالبغضاء و الكراهية،
ويريد ان يصفى الضغن و الحقد الثارى من نفوس المؤمنين.
ان الحق جل و علا يعط لولى الدم الحق فان يقتل او ان يعفو،
وحين يعطى الله لولى الدم الحق فان يقتل،
فان امر حياة القاتل يكون بيد و لى الدم،
فان عفا و لى الدم لا يصبح العفو بتقنين،
وانما بسماحة نفس،
وهكذا يمتص الحق الغضب و الغيظ.


وبعد هذا يرقق الله قلب و لى الدم فيقول: {فمن عفى له من اخية شيء فاتباع بالمعروف و اداء الية باحسان}.


واذا تاملنا قوله: {فمن عفى له من اخيه} فلنلاحظ النقلة من غليان الدم الى العفو.
ثم المبالغة فالتحنن،
كانة يقول: لا تنس الاخوة الايمانية {فمن عفى له من اخية شيء فاتباع بالمعروف}.

وصورة للشيخ قال صوت تفسير القران الشعراوي الشعراوى اجمل 20160703 1816




وساعة يقول الحق كلمة (اخ) فانظر هل ذلك الاخ اشترك فالاب؟
مثل قوله تعالى: {وجاء اخوة يوسف}.
ثم يرتقي بالنسب الايمانى الى مرتبة الاخوة الايمانية،
فيقول: {انما المؤمنون اخوة} يعني اياكم ان تجعلوا التقاء النسب المادى دون التقائكم فالقيم العقائدية.


والاصل فالاخ ان يشترك فالاب مثل: {وجاء اخوة يوسف}،
فان كانوا اخوة من غير الاب يسمهم اخوانا،
فان ارتقوا فالايمان يسمهم اخوة.
وعندما و صفهم بانهم اخوان قال: {واذكروا نعمت الله عليكم اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمتة اخوانا}.
لقد كانت بينهم حروب و بغضاء و شقاق،
لم يصفهم بانهم اخوة؛
لانهم لازالوا فالشحناء،
فوصفهم بانهم اخوان،
وبعد ان يختمر الايمان فنفوسهم يصبحون اخوة.


ولننظر فغزوة بدر،
هاهو ذا مصعب بن عمير،
كان فتي قريش المدلل و المنعم الذي كانت تفوح منه رائحة العطر و ملابسة من حرير؛
كان هذا قبل اسلامه،
وتغير جميع هذا عندما دخل فالاسلام،
فقد اخرجة الايمان من ذلك النعيم الى بؤس المؤمنين الاولين لدرجة انه كان يلبس جلد حيوان و يراة رسول الله فهذا الضنك فيقول: (انظروا كيف فعل الايمان بصاحبكم).


وعندما جاءت معركة بدر التقي مع اخية (ابي عزيز) الذي ظل على دين قريش،
والتقي الاثنان فالمعركة،
مصعب فمعسكر المؤمنين،
وابو عزيز فجيش المشركين.
وخلال المعركة راي اخاة ابا عزيز اسيرا مع ابي اليسر و هو من الانصار؛
فالتفت مصعب الى ابي اليسر،
وقال: يا ابا اليسر اشدد على اسيرك فان امة غنية و ستفدية بمال كثير.


فالتفت الية ابو عزيز و قال: يا اخي اهذه و صاتك باخيك؟
قال مصعب: لا لست اخي و انما اخي هذا.
واشار الى ابي اليسر.


لقد انتهي نسب الدم و اصبح نسب الايمان هو الاصل،
واصبح مصعب اخا لابي اليسر فالايمان،
وانقطعت صلتة بشقيقة فالنسب لانة ظل مشركا.


وقوله تعالى: {فمن عفى له من اخية شيء} كانة يحث و لى الدم على ان يعفو و لا ينسي اخوة الايمان.
صحيح انه و لي للمقتول؛
لانة من لحمتة و نسبه،
ولكن الله اراد ان يجعل اخوة الايمان فوق اخوة الدم.
{فمن عفى له من اخية شيء فاتباع بالمعروف}.


وقد اورد الحق الاخوة هنا لترقيق المشاعر،
لينبة اهل القاتل و القتيل معا ان القتل لا يعني ان الاخوة الايمانية انتهت،
لا.
ان على المؤمنين ان يضعوا فاعتبارهم ان اخوة الايمان ربما تفتر رابطتها.
وحين يتذكر اولياء الدم اخوة الايمان،
فان العفو يكون قريبا من نفوسهم.
ولنا ان نلاحظ ان الحق يرفعنا الى مراتب التسامي،
فيذكرنا ان عفو واحد من اولياء الدم يقتضى ان تسود قضية العفو،
فلا يقتل القاتل.


وبعد هذا لننظر الى دقة الحق فتصفية غضب القلوب حين يضع الدية مكان القصاص بالقتل.
ان الدية التي سياخذها اولياء الدم من القاتل ربما تكون مؤجلة الاداء،
فقد يقدر القاتل او اهلة على الاداء العاجل،
لذا فعلي الذي يتحمل الدية ان يؤديها،
وعلي اهل القتيل ان يتقبلوا هذا بالمعروف،
وان تؤدى الدية من اهل القاتل او من القاتل نفسة باحسان.


وقوله الحق: {عفى له من اخية شيء}،
تدل على ان اولياء المقتول ان عفا واحد منهم فهو عفو بشيء واحد،
وليس له ان يقتص بعد ذلك،
وتنتهى المسالة و يحقن الدم،
ولم يرد الله ان يضع نصا بتحريم القصاص،
ولكن اراد ان يعطى و لى الدم الحق فان يقتل،
وحين يكون له الحق فان يقتل؛
فقد اصبحت المسالة فيده،
فان عفا،
تصبح حياة القاتل ثمرة من ثمرات احسانه،
وان عاش القاتل،
لا يترك ذلك فنفس صاحب الدم بغضاء،
بل ان القاتل سيتحبب الية لانة اقوى الية و وهبة حياته.


لكن لو ظل النص على قصاص اهل القتيل من القاتل فقط و لم يتعدة الى العفو لظلت العقدة فالقلب.


والثارات الموجودة فالمجتمعات المعاصرة سببها اننا لم نمكن و لى الدم من القاتل،
بدليل انه اذا ما قدر قاتل على نفسة و ذهب الى اهل القتيل و دخل عليهم بيتهم،
وبالغ فطلب العفو منهم،
واخذ كفنة معه و قال لهم: جئتكم لتقتصوا مني،
وهذا كفنى معى فاصنعوا بى ما شئتم،
لم يحدث قط ان اهل قتيل غدروا بقاتل،
بل المالوف و المعتاد ان يعفوا عنه،
لماذا؟


لانهم تمكنوا منه و اصبحت حياتة بين ايديهم،
وفى العادة تنقلب العداوة الى مودة.
فيظل القاتل مدينا بحياتة للذين عفوا عنه.
والذين يعرفون هذا من ابناء القاتل يرون ان حياة ابيهم هبة و هبها لهم اولياء القتيل و اقرباؤه،
يرون ان عفو اهل القتيل هو الذي نجا حياة قريبهم،
وهكذا تتسع الدائرة،
وتنقلب المسالة من عداوة الى و د.


{ادفع بالتى هي اقوى فاذا الذي بينك و بينة عداوة كانة و لى حميم} [فصلت: 34].


ولو لم يشرع الله القصاص لاصبحت المسالة فوضى.
لكنة يشرعه،
ثم يتلطف ليجعل امر انهاء القصاص فضلا من و لى الدم و يحببة لنا و يقول: {فمن عفى له من اخية شيء فاتباع بالمعروف و اداء الية باحسان}.


وهل من المعقول ان تكون الدية احسانا؟
لتتذكر ان القائل هنا هو الله،
وكلامة قران،
والدقة فالقران بلا حدود.
ان الحق ينبة الى ان اولياء الدم اذا ما قبلوا الدية؛
فمعني هذا ان اهل القتيل ربما اسقطوا القصاص عن القاتل؛
وانهم و هبوة حق الحياة،
لذا فان ذلك الامر يجب ان يرد بتحية او مكرمة اقوى منه.


كان الحق لا يريد من اولياء الدم ان يرهقوا القاتل او اهلة فالاقتضاء،
كما يريد ان يؤدى القاتل او اهلة الدية باسلوب يرتفع الى مرتبة العفو الذي نالة القاتل.
وفى هذا الامر تخفيف عما جاء بالتوراة؛
ففى التوراة لم تكن هنالك دية يفتدي القاتل فيها نفسه،
بل كان القصاص فالتوراة باسلوب واحد هو قتل انسان مقابل انسان اخر.
وفى الانجيل لا دية و لا قتل: لان هنالك مبدا اراد ان يتسامي فيه اتباع عيسي عليه السلام على اليهود الذين انغمسوا فالمادية.
لقد جاء عيسي عليه السلام رسولا الى بنى اسرائيل لعلة يستل من قلوبهم المادية،
فجاء بمبدا: (من صفعك على خدك الايمن فادر له الايسر).


ولكن الاسلام ربما جاء دينا عاما جامعا شاملا،
فيثير فالنفس التسامي،
ويضع الحقوق فنصابها،
فابقي القصاص،
وترك للفضل مجالا.
لذا يقول الحق عن الدية: {ذلك تخفيف من ربكم و رحمة فمن اعتدي بعد هذا فلة عذاب اليم}.
وما و جة الاعتداء بعد تقرير الدية و العفو؟


كان بعض من اهل القبائل اذا قتل منهم واحد يشيعون انهم عفوا و صفحوا و قبلوا الدية حتي اذا خرج القاتل من مخبئة مطمئنا،
عندئذ يقتلونه.
والحق يقرر ان ذلك الامر هو اعتداء،
ومن يعتدى بعد ان يسقط حق القتل و ياخذ الدية فلة عذاب اليم.
وحكم الله هنا فالعذاب الاليم،
ونفهمة على ان المعتدى بقتل من اعلن العفو عنه لا يقبل منه دية و يستحق القتل عقابا،
ولا يرفع الله عنه عذاب الدنيا او الاخرة.


ان الحق يرفع العقاب و العذاب عن القاتل اذا قبل القصاص و نفذ فيه،
او اذا عفى عنه الى الدية و اداها.
ولكن الحق لا يقبل سوي استعمال الفرص التي اعطاها الحق للخلق ليرتفعوا فعلاقاتهم.
ان الحق لا يقبل ان يتستر اهل قتيل و راء العفو،
ليقتلوا القاتل بعد ان اعلنوا العفو عنه فذلك عبث بما ارادة الحق منهجا بين العباد.


و لذا يقول الحق: {ولكم فالقصاص حياة…}.

{ولكم فالقصاص حياة يا اولى الالباب لعلكم تتقون (179)}


وهنا نلاحظ ان النسق القرانى ياتى مرة فيقول: {ياايها الذين امنوا كتب عليكم}.
وياتى هنا ليقول النسق القراني: {ولكم فالقصاص}.


التشريع الدقيق المحكم ياتى بواجبات و بحقوق؛
فلا و اجب بغير حق،
ولا حق بغير و اجب،
وحتي نعرف سمو التشريع مطلوب من جميع مؤمن ان ينظر الى ما يجب عليه من تكاليف،
ويقرنة بما له من حقوق،
ولسوف يكتشف المؤمن انه فضوء منهج الله ربما نال مطلق العدالة.


ان المشرع هو الله،
وهو رب الناس جميعا،
و لذا فلا يوجد واحد من المؤمنين اولي بالله من المؤمنين الاخرين.
ان التكليف الايمانى يمنع الظلم،
ويعيد الحق،
ويحمى و يصون للانسان المال و العرض.
ومن عادة الانسان ان يجادل فحقوقة و يريدها كاملة،
ويحاول ان يقلل من و اجباته،
ولكن الانسان المؤمن هو الذي يعطى الواجب تماما فينال حقوقة تامة،
و لذا يقول الحق: {ولكم فالقصاص حياة يااولى الالباب لعلكم تتقون} [البقرة: 179].


ان القصاص مكتوب على القاتل و المقتول و ولى الدم.
فاذا علم القاتل ان الله ربما قرر القصاص فان ذلك يفرض عليه ان يسلم نفسه،
وعلي اهلة الا يخفوة بعيدا عن اعين الناس؛
لان القاتل عليه ان يتحمل مسئولية ما فعل،
وحين يجد القاتل نفسة محوطا بمجتمع مؤمن يرفض القتل فانه يرتدع و لا يقتل،
اذن ففى القصاص حياة؛
لان الذي يرغب فان يقتل يمكنة ان يرتدع عندما يعرف ان هنالك من سيقتص منه،
وان هنالك من لا يقبل المداراة عليه.


وناتى بعد هذا للذين يتشدقون و يقولون: ان القصاص و حشية و اهدار لادمية الانسان،
ونسالهم: لماذا اخذتكم الغيرة لان انسانا يقتص منه بحق و ربما قتل غيرة بالباطل؟
ما الذي يحزنك عليه.


ان العقوبة حين شرعها الله لم يشرعها لتقع،
وانما شرعها لتمنع.
ونحن حين نقتص من القاتل نحمى سائر افراد المجتمع من ان يوجد بينهم قاتل لا يحترم حياة الاخرين،
وفى الوقت نفسة نحمى ذلك الفوضوى من نفسه؛
لانة سيفكر الف مرة قبل ان يرتكب جريمة.


اذن فالقصاص من القاتل عبرة لغيره،
وحماية لسائر افراد المجتمع و لذا يقول الحق سبحانه: {ولكم فالقصاص حياة}.
ان الحق يريد ان يحذرنا ان تاخذنا الاريحية الكاذبة،
والانسانية الرعناء،
والعطف الاحمق،
فنقول: نمنع القصاص.


كيف نغضب لمعاقبة قاتل بحق،
ولا نتحرك لمقتل برئ؟
ان الحق حين يشرع القصاص كانة يقول: اياك ان تقتل احدا لانك ستقتل ان قتلته،
وفى هذا عصمة لنفوس الناس من القتل.
ان فتشريع القصاص استبقاء لحياتكم؛
لانكم حين تعرفون انكم عندما تقتلون بريئا و ستقتلون بفعلكم فسوف تمتنعون عن القتل،
فكانكم حقنتم دماءكم.
وذلك هو التشريع العالى العادل.


وفى القصاص حياة؛
لان جميع واحد عليه القصاص،
وكل واحد له القصاص،
انة التشريع الذي يخاطب اصحاب العقول و اولى الالباب الذين يعرفون الجوهر المراد من الحاجات و الاحكام،
او غير اولى الالباب فهم الذين يجادلون فالامور دون ان يعرفوا الجوهر منها،
فلولا القصاص لما ارتدع احد،
ولولا القصاص لغرقت البشرية فالوحشية.


ان الحكمة من تقنين العقوبة الا تقع الجريمة و بذلك ممكن ان تتواري الجريمة مع العقوبة و يتوازن الحق مع الواجب.


ان المتدبر لامر الكون يجد ان التوازن فهذه الدنيا على سبيل المثال فالسنوات الماضية ياتى من وجود قوتين عظميين كلتاهما تخشي الثانية و كلتاهما تختلف مع الاخرى،
وفى ذلك الاختلاف حياة لغيرهما من الشعوب،
لانهما لو اتفقتا على الباطل لتهدمت اركان دولتهما،
وكان فذلك دمار العالم،
واستعباد لبقية الشعوب.


واذا كان جميع نظام من نظم العالم يحمل للاخر الحقد و الكراهية و البغضاء و يريد ان يسيطر بنظامة لكنة يخشي قوة النظام الاخر،
لهذا نجد فذلك الخوف المتبادل حماية لحياة الاخرين،
وفرصة للمؤمنين ان ياخذوا باسباب الرقى العلمي ليقدموا للدنيا اسلوبا لائقا بحياة الانسان على الارض فضوء منهج الله.
وعندما حدث اندثار لقوة من القوتين هي الاتحاد السوفيتي،
فان الولايات المتحدة تبحث الان عن نقيض لها؛
لانها تعلم ان الحياة دون نقيض فمستوي قوتها،
قد يجرىء الصغار عليها.


ان الخوف من العقوبة هو الذي يصنع التوازن بين معسكرات العالم،
والخوف من العقوبة هو الذي يصنع التوازن فالافراد ايضا.


ان عدل الرحمن هو الذي فرض علينا ان نتعامل مع الجريمة بالعقاب عليها و ان يشاهد ذلك العقاب اخرون ليرتدعوا.


فها هو ذا الحق فجريمة الزني على سبيل المثال يؤكد ضرورة ان يشاهد العقاب طائفة من الناس ليرتدعوا.
ان التشديد مطلوب فالتحرى الدقيق فامر حدوث الزنى؛
لان عدم دقة التحرى يصيب الناس بالقلق و يسبب ارتباكا و شكا فالانساب،
والتشديد جاء كذلك فالعقوبة فقول الحق: {الزانية و الزانى فاجلدوا جميع واحد منهما ما ئة جلدة و لا تاخذكم بهما رافة فدين الله ان كنتم تؤمنون بالله و اليوم الاخر و ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} [النور: 2].


ان الذي يجترئ على حقوق الناس يجترئ كذلك على حقوق الله،
و لذا فمقتضي ايثار الايمان هو ارضاء الله لا ارضاء الناس.
وفى انزال العقاب بالمعتدى خضوع لمنهج الله،
وفى رؤية ذلك العقاب من قبل الاخرين هو نشر لفكرة ان المعتدى ينال عقابا،
و لذا شرع الحق العقاب و العلانية به ليستقر التوازن فالنفس البشرية.


وبعد هذا ياتى الحق سبحانة و تعالى ليعالج قضية اجتماعية اخرى.
ان الحق بعد ان عالج قضية ارهاق الحياة ينتقل بنا الى قضية ثانية من اقضية الحياة،
انها قضية الموت الطبيعي.
كان الحق بعد ان اوضح لنا علاج قضية الموت بالجريمة يريد ان يوضح لنا بعضا من متعلقات الموت حتفا من غير اسباب مزهق للروح.
ان الحق يعالج فالاية القادمة بعضا من الامور المتعلقة بالموت ليحقق التوازن الاقتصادى فالمجتمع كما حقق بالاية السابقة التوازن العقابي و الجنائى فالمجتمع.
يقول الحق: {كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية…}.

{كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين و الاقربين بالمعروف حقا على المتقين (180)}


والحق كما اوضحت من قبل لا يقتحم على العباد امورهم و لكنة يعرض عليهم امر الايمان به،
فان امنوا فهذا الايمان يقتضى الموافقة على منهجه،
و لذا فالمؤمن يشترك بعقيدتة فالايمان بما كتب الله عليه.
ان المؤمن هو من ارتضي الله الها و مشرعا،
فحين يكتب الله على المؤمن امرا،
فالمؤمن ربما اشترك فكتابة ذلك الامر بمجرد اعلانة للايمان.
اما الكافر بالحق فلم يقتحم الله عليه اختيارة للكفر،
و لذا لم يكتب عليه الحق الا امرا واحدا هو العذاب فالاخرة.


فالله لا يكلف الا من امن فيه و احبة و امن بكل صفات الجلال و الكمال فيه.
و لذا فالتكليف الايمانى شرف خص فيه الله المحبين المؤمنين به،
ولو فطن الكفار الى ان الله اهملهم لانهم لم يؤمنوا فيه لسارعوا الى الايمان،
ولراوا اعتزاز جميع مؤمن بتكليف الله له.
ان المؤمن يري التكليف خضوعا لمشيئة الله.
والخضوع لمشيئة الله يعني الحب.
ومادام الحب ربما قام بين العبد و الرب فان الحق يريد ان يديم ذلك الحب،
لذا كانت التكاليف هي مواصلة للحب بين العبد و الرب.


ان العبد يحب الرب بالايمان،
والرب يحب العبد بالتكليف،
والتكليف مرتبة اعلي من ايمان العبد،
فايمان العبد بالله لا ينفع الله،
ولكن تكاليف الله للعبد ينتفع فيها العبد.
ان المؤمن عليه ان يفطن الى عزة التكليف من الله،
فليس التكليف ذلا ينزلة الحق بعبادة المؤمنين،
انما هو عزة يريدها الله لعبادة المؤمنين،
هكذا قول الحق: {كتب عليكم} انها امر مشترك بين العبد و الرب.
ان الكتابة هنا امر مشترك بين الحق الذي انزل التكليف و بين العبد الذي امن بالتكليف.


والحق يورد هنا امرا يخص الوصية فيقول سبحانه: {كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين و الاقربين بالمعروف حقا على المتقين} [البقرة: 180].


وهنا نجد شرطين: الشرط الاول: يبدا ب {اذا} و هي للامر المتحقق و هو حدوث الفعل.
والموت امر حتمى بالنسبة لكل عبد،
لذا جاء الحق بهذا الامر بشرط هو {اذا}،
فهي اداة لشرط و ظرف لحدث.
والموت هو امر محقق الا ان احدا لا يعرف ميعاده.


والشرط الثاني يبدا ب {ان} و هي اداة شرط نقولها فالامر الذي يحتمل الشك؛
فقد يترك الانسان بعد الموت ثروة و ربما لا يترك شيئا،
و لذا فان الحق يامر العبد بالوصية خيرا له لماذا؟
لان الحق يريد ان يشرع للاستطراق الجماعي،
فبعد ان يوصى الحق عبادة بان يضربوا فالحياة ضربا يوسع رزقهم ليتسع لهم،
ويفيض عن حاجتهم،
فهذا الفائض هو الخير،
والخير فهذا المجال يختلف من انسان لاخر و من زمن لاخر.


فعندما كان يترك العبد عشرة جنيهات فالزمن القديم كان لهذا المبلغ قيمة،
اما عندما يترك عبد احدث الف جنية فهذه الايام فقد تكون محسوبة عند البعض بانها قليل من الخير،
اذن فالخير يقدر فكل امر بزمانه،
و لذا لم يربطة الله برقم.


اننا فمصر مثلا كنا نصرف الجنية الورقى بجنية من الذهب و يفيض منه قرشان و نص قرش؛
اما الان فالجنية الذهبى يساوى اكثر من ما ئتين و خمسين جنيها؛
لان رصيد الجنية المصري فالزمن القديم كان عاليا.
اما الان فالنقد المتداول ربما فاق الرصيد الذهبي،
لذا صار الجنية الذهبى اغلى بعديد جدا جدا من الجنية الورقي.


ولان الالة الحق يريد بالناس الخير لم يحدد قدر الخير او قيمته،
وعندما يحضر الموت الانسان الذي عندة فائض من الخير لابد ان يوصى من ذلك الخير.
ولنا ان نلحظ ان رسول الله صلى الله عليه و سلم ربما نهي عن انتظار لحظة الموت ليقول الانسان و صيته،
او ليبلغ اسرتة بالديون التي عليه،
لان الانسان لحظة الموت ربما لا يفكر فمثل هذي الامور.
و لذا فعلينا ان نفهم ان الحق ينبهنا الى ان يكتب الانسان ما له و ما عليه فخلال حياته.
فيقول و يكتب و صيتة التي تنفذ من بعد حياته.
يقول المؤمن: اذا حضرنى الموت فلوالدى هكذا و للاقربين كذا.


اى ان المؤمن ما مور بان يكتب و صيتة و هو صحيح،
ولا ينتظر وقت حدوث الموت ليقول هذي الوصية.
والحق يوصى بالخير لمن؟
{للوالدين و الاقربين بالمعروف حقا على المتقين}.
والحق يعلم عن عبادة انهم يلتفتون الى ابنائهم و ربما يهملون الوالدين،
لان الناس تنظر الى الاباء و الامهات كمودعين للحياة،
علي الرغم من ان الوالدين هما اسباب ايجاد الابناء فالحياة،
لذا يوصى الحق عبادة المؤمنين بان يخصصوا نصيبا من الخير للاباء و الامهات و كذلك للاقارب.
وهو سبحانة يريد ان يحمى ضعيفين هما: الوالدان و الاقرباء.


وقد جاء ذلك الحكم قبل تشريع الميراث كانوا يعطون جميع ما يملكون لاولادهم،
فاراد الله ان يظهرهم من اعطاء اولادهم جميع شيء و حرمان الوالدين و الاقربين.
وقد حدد الله من بعد هذا نصيب الوالدين فالميراث،
اما الاقربون فقد ترك الحق لعبادة تقرير امرهم فالوصية.
وقد يصبح الوالدان من الكفار،
لذا لا يرثان من الابن،
ولكن الحق يقول: {ووصينا الانسان بوالدية حملتة امة و هنا على و هن و فصالة فعامين ان اشكر لى و لوالديك الى المصير و ان جاهداك على ان تشرك بى ما ليس لك فيه علم فلا تطعهما و صاحبهما فالدنيا معروفا و اتبع سبيل من اناب الى بعدها الى مرجعكم فانبئكم بما كنتم تعملون} [لقمان: 14-15].


ان الحق يذكر عبادة بفضلة عليهم،
وكذلك بفضل الوالدين،
ولكن ان كان الوالدان مشركين بالله فلا طاعة لهما فهذا الشرك،
ولكن هنالك الامر بمصاحبتهما فالحياة بالمعروف و اتباع طريق المؤمنين الحاملين للمنهج الحق.


لذا فالانسان المؤمن يستطيع ان يوصى بشيء من الخير فو صيتة للابوين حتي و لو كانا من الكافرين،
ونحن نعرف ان حدود الوصية هي ثلث ما يملكة الانسان و الباقى للميراث الشرعي.
اما اذا كانا من المؤمنين فنحن نتبع الحديث النبوى الكريم: (لا و صية لوارث).


وفى الوصية يدخل اذن الاقرباء الضعفاء غير الوارثين،
هذا هو المقصود من الاستطراق الاجتماعي.
والحق حين ينبة عبادة الى الوصية فخلال الحياة بالاقربين الضعفاء،
يريد ان يدرك العباد ان عليهم مسئولية تجاة هؤلاء.
ومن الخير ان يعمل الانسان فالحياة و يضرب فالارض و يسعي للرزق الحلال و يترك و رثتة اغنياء بدلا من ان يكونوا عالة على احد.


عن سعد بن ابي و قاص رضى الله عنه قال: «جاء النبى صلى الله عليه و سلم يعودني،
وانا بمكة،
قال: يرحم الله بن عفراء،
قلت: يا رسول الله اوصى بمالى كله؟
قال: لا قلت: فالشطر؟
قال: لا.
قلت الثلث؟
قال: فالثلث،
والثلث كثير،
انك ان تدع و رثتك اغنياء خير من ان تدعهم عالة يتكففون الناس» .

واذا رزق الله الانسان بالعمل خيرا كثيرا فاياك ايها الانسان ان تقصر ذلك الخير على من يرثك.


لماذا؟
لانك ان قصرت شيئا على من يرثك فقد تصادف فحياتك من لا يرث و له شبهة القربي منك،
وهو فحاجة الى من يساعدة على امر معاشة فاذا لم تساعدة يحقد عليك و على جميع نعمة و هبها الله لك،
ولكن حين يعلم ذلك القريب ان النعمة التي و هبها الله لك ربما ينالة منها شيء و لو بالوصية و ليس بالتقنين الارثى ذلك القريب يملاة الفرح بالنعمة التي و هبها الله لك.


و لذا قال الحق: {كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين و الاقربين بالمعروف حقا على المتقين} [البقرة: 180].


ان الحق يريد ان يلفت العباد الى الاقرباء غير الوارثين بعد ان ادخل الاباء و الامهات فالميراث.
ان الانسان حين يصبح قريبا لميت ترك خيرا،
وخص الميت ذلك القريب ببعض من الخير فالوصية،
هذا القريب تمتلئ بالخير نفسة فيتعلم الا يحبس الخير عن الضعفاء،
وهكذا يستطرق الحب و تقوم و شائج المودة.


والحق يفترض و هو الاعلم بنفوس عبادة ان الموصى ربما لا يصبح على حق و الوارث ربما يصبح على حق،
لذا احتاط التشريع لهذه الحالة؛
لان الموصي له حين ياخذ حظة من الوصية سينقص من نصيب الوارث،
و لذا يريد الحق سبحانة و تعالى ان يعصم الاطراف كلها،
انة يحمى الذي و صى،
والموصى له،
والوارث و من هنا يقول الحق: {فمن بدلة بعد ما سمعة فانما اثمة على الذين يبدلونة ان الله سميع عليم}

 

  • تفسير حلم احد صفعك بكف في خدك
  • تفسير ياأيا الذين آمنو إذا حضر أحدكم الموت


تفسير القران للشيخ الشعراوي صوت وصورة , اجمل ما قال الشعراوى