محافظه شمال الشرقيه سلطنه عمان
تمثل محافظه الشرقيه الواجهه الشماليه الشرقيه لسلطنه عمان والمطله على بحر العرب من ناحيه الشرق
وتشمل الجانب الداخلي لجبال الحجر الشرقي. تتكون محافظه الشرقيه من 11 ولايه وتعتبر ولايه صور
اهم ولايه فيها وعاصمتها الاقليمية.
يتزايد عدد الزوار سنويا بسبب رغبتهم في الاستمتاع بالشاطئ البحري في راس الحد بولايه صور
حيث يتابعون خروج السلاحف على رمال الشاطئ ووضعها للبيوض. كما تتمع تلك الشواطئ بجاذبيه خاصه
نظرا لما تتمته به من جمال فطري خلاب.
محافظه الشرقية.. تلك التي مازجت فيها الطبيعه بين بيئات ثلاث، لكل منها نكهتها المميزه ومذاقها
الخاص. شريط ساحلي يعانق بحر العرب وينتمي لخليج عمان، يروي قصه صراع شريف في مهمه
عمل تتكرر بين رجال اشداء، سلاحهم سفينه صنعوها بايديهم القوية، وذخائرهم شباك غزلتها اناملهم الماهرة.
على انغام الكلمات، وتحت ستار الليل يقتحمون البحر ويقاومون امواجه الصاخبة، يلتحمون في عراك خفي
وملموس بين رغبه في رزق الحلال تجود به السماء، وبين شراسه الفك المفترس “سمك القرش”.
لكن الرزق الحلال ينتصر في النهاية.. ومع ساعات الصباح الاولى يعون المقاتلون الشرفاء، وقد حملت
شباك مراكبهم اطنانا من الاسرى. وعلى انغام كلماتهم العذبه من غنائهم البحري الموروث يرددون “الحمدلله
” على ما اتاهم من رزق، وكتب لهم العوده سالمين.. غانمين.
واذا كانت تلك هي البيئه الاولى من بين الثلاث فهي ايضا الميزه النسبيه الاولى للمنطقه
الشرقية، فهي الاكثر استخراجا للاسماك بواسطه الصيادين التقليديين من بين كافه المناطق العمانيه والارقام تؤكد
ذلك.. ففي عام 1994م بلغ اجمالي حجم الاسماك المنزله بواسطه هؤلاء الصيادين 26 الف و
755 طنا، واحتفظت بالمرتبه الاولى من بين المناطق الساحليه الاخرى في عمان.
واسماك الشرقيه يغلب عليها نوع “القرش” الذي تحظى “زعانفه” بطلب عالمي ملحوظ.. اضافه الى الانواع
الاخرى من اسماك المياه العميقه وهي ايضا محظوظه بالطلب المتزايد عليها. وهنا تكمن اهميه استثمار
الميزه الاولى لتلك المنطقة، سواء كان في مجال الصناعات الغذائيه او تصدير الاسماك المتنوعة، والتي
تشكل في الحقيقه ثروه متجدده لا تعرف النضوب.
واما عن البيئه الثانية، فهي كثبان رمليه تشكل عمقا للوحه فنيه نابضه بالحياه البدويه الهادئه
في بيئه رعويه تصنع ثروه من الماشيه والابل والخيول، وهي في ذاتها ميزه تظل قابله
للتطوير والرعاية. فاذا كانت الماشيه يمكن العنايه بها بشكل اكبر لتنميتها، وهو ما تفعله الحكومه
الان عبر خدمات مختلفه في هذا المجال، فان الابل والخيول التي تشتهر بها المنطقه الشرقيه
تتبلور ميزتها في ولايه “بدية” حيث سباقات الهجن والخيول التي يجرى تنظيمها مع نهايه كل
اسبوع.. ويسعى لمشاهدتها محبوها ومريدوها من داخل السلطنه ومن خارجها ايضا.
وثالث البيئات هي “البيئه الحضريه ” – المدينه – وفي وعائها تصب الميزتان لكل من
بيئه الباديه والبيئه الساحلية، وهنا ياتي “الكوكتيل” الطبيعي، الذي تتمازج فيه البيئات الثلاث. تجسيدا لنبض
شعوب حيه لا تعرف الكسل او التكاسل.. كارهه للخمول والتراخي. هنا يتاجرون.. يبيعون ويشترون.. يوردون
ويستوردون.
المزايا الثلاث اذن هي ثروه سمكيه وفيره وثروه حيوانيه تطمح للتطوير.. وبينهما تظل بحاجه الى
ابتكارات غير تقليديه لاستثمار الثروتين. عند نيابه “راس الحد” اختبات طائرات الحلفاء في الحرب العالميه
الثانية.. ولا زالت مداخلها المتعرجه حاضنه للسفن الشراعيه اللاجئه اليها هربا من عاصفه هوجاء او
خوفا من ريح عاتيه. في وادي بني خالد، مياه تتساقط من فوهه الكهف الشهير “مقل”
مندفعه بغزاره وهي تصدر خريرا صاخبا.. تجول في بركه سرعان ما تختفي عن الانظار لتتجمع
مره اخرى فيما يشبه البحيرات التي تصنع افلاجا ثلاثة. في قلهات طاب المقام لمالك بن
فهم الازدي العماني فاتخذ منها عاصمه لمملكته منذ 2500 عاما قبل الميلاد. وتلك الجزيره المرابطه
في بحر العرب كانت ذات يوم قاعده للاسكندر المقدوني الذي اطلق عليها اسم “سيرابيس” والتي
يطلق عليها اليوم “مصيرة”.
هنا… في اسواق المدينه التقليديه مراه التراث، يصنعون زينه الابل وسروج الخيل واغمده السيوف وانطقه
الذخائر.. ويصوغون الخناجر وحلى النساء. فعلى شواطئ المطقه الشرقيه استدعت عمان من ذاكره التاريخ تراثا
بحريا خالدا، حين شارك ثلاثون رجلا من مرتدي “القمصان الخضراء” في فريق يعمل عشر ساعات
يوميا، لسته ايام في الاسبوع وعلى مدى 165 يوما، مستخدمين اكثر من 75 الف “جوزه
هند” واربعه اطنان من الالياف لتشييد سفينه من “القش والحبال ” تمكنت من الابحار لمسافه
خمس مساحه الكره الارضيه “6 الاف ميل” في رحله شاقه بداتها بطلقه ناريه حيث ارتفع
علم قرمزي اللون مطرز بلون الذهب مكتوب عليه ” ” وفردت السفينه شراعها معلنه بدء
رحلتها الى ميناء كانتون في الصين.. ثم عادت مره اخرى. اسمها السفينه “صحار”.. صنعتها “صور”..
وبدات رحله الذهاب من مسقط، لتبعث تراثا عمانيا خالدا، حيث عرف العمانيون كيف يتجنبون مخاطر
“جبال المغناطيس” في البحار والمحيطات.
