ملف كامل عالم الطفل
اولا:كيف نفهم عالم الطفل؟
يظن كثير من الاباء ان مجرد اجتهادهم في تلقين الطفل قيما تربويه ايجابية،كفيل بتحقيق نجاحهم
في مهمتهم التربوية، وعند اصطدام معظمهم باستعصاءالطفل على الانقياد لتلك القيم، يركزون تفسيراتهم على الطفل
في حد ذاته،باعتباره مسؤولا عن ذلك الفشل ولم يكلف اغلبهم نفسه مراجعه السلوكالتربوي الذي انتهجه،
فادى ذلك المال الى مزيد من توتير العلاقه بينهموبين ابنائهم.
فاين يكمن الخلل اذن ؟
هل في ابنائنا ؟
ام فينا نحن الكبار؟
ام هو كامن في الوسط الاجتماعي العام ؟
وما هي تلك الحلقه المفرغه في العمليه التربويه التي تجعل جهدنا في نهايه المطاف بغير
ذي جدوى ؟
وباختصار: كيف نستطيع تنشئه الطفل بشكل يستجيب فيه للقيم التربويه التي نراها، ‘باقل تكلفة’ ممكنه
؟
وهل نستطيع نحن الاباء ان نحول تربيتنا لاطفالنا من كونها عبا متعبا ؟ الى كونها
متعه رائعه ؟
هل بالامكان ان تصبح علاقتنا باطفالنا اقل توترا واكثر حميميه مما هي عليه الان ؟
هل نكون متفائلين بلا حدود اذا اجبنا عن هذه الاسئله بالايجاب ؟
ماذا لو جازفنا منذ البداية، وقلنا بكل ثقة: نعم بالتاكيد نستطيع؟
فتعالوا اذن لنرى كيف نستطيع فعليا ان:
– نجعل من تربيتنا لاطفالنا متعه حقيقية.
– نجعل اطفالنا اكثر اطمئنانا وسعاده دون ان نخل بالمبادئ التي نرجو ان ينشؤوا عليها.
– نجعل علاقتنا باطفالنا اكثر حميمية.
– نحقق اكبر قدر من الفعاليه في تاثيرنا على ابنائنا ؟
السؤال المطروح بهذا الصدد هو: اذا اردت ان تكون ابا ناجحا، او ان تكوني اماناجحة،
فهل عليك ان تضطلع بعلوم التربيه وتلم بالمدارس النفسيه وتتعمق فيالامراض الذهنيه والعصبيه ؟؟؟ بالطبع
لا.
ما عليك اذا اردت ان تكونكذلك الا ان تفهم عالم الطفل كما هو حقيقة، وتتقبل
فكره مفادها: انك لست’ابا كاملا’ وانك لست ‘اما كاملة’… فتهيء نفسك باستمرار كي تطورسلوكك تجاه
طفلك، اذ ليس هناك اب كامل باطلاق ولا ام كامله باطلاق..
كما عليك ان لا تستسلم لفكره انك ‘اب سيء’ وانك ‘ام سيئة’، فتصاب بالاحباطوالقلق فكما
انه ليس هناك اب كامل ولا ام كامله باطلاق، فكذلك ليس هناك ابسيء ولا ام
سيئه باطلاق. فالاباء تجاه التعامل مع عام الطفل صنفان غالبان:
الصنف الاول: يعتبر عالم الطفل نسخه مصغره من عالم الكبار، فيسقط عليه خلفياته وتصوراته.
الصنف الثاني: يعتبر عالم الطفل مجموعه من الالغاز المحيره والطلاسم المعجزة، فيعجز عن التعامل معه.
ان عالم الطفل في الواقع ليس نسخه مصغره من عالم الكبار، ولا عالما مركبامن الغاز
معجزة. بل هو عالم له خصوصياته المبنيه على مفاتيح بسيطة، منامتلكها فهم وتفهم، ومن لم
يمتلكها عاش في حيرته وتعب واتعب فما هي اذنمفاتيح عالم الطفل التي بها سنتمكن بها
من فهم سلوكه وخلفياته على حقيقتهافنتمكن من التعامل الايجابي معه ؟
ثانيا: هكذا نفهم عالم الطفل:
لعالم الطفل مفاتيح، لا يدخله الا من امتلكها، ولا يمتلكها الا من تعرف عليها، وهي:
1- الطفل كيان انساني سليم وليس حاله تربويه منحرفة.
2- الواجب عند الطفل يتحقق عبر اللذه اساسا وليس عبر الالم.
3- الزمن عند الطفل زمن نفسي وليس زمنا اجتماعيا.
4- العناد عند الطفل نزوع نحو اختبار مدى الاستقلاليه وليس رغبه في المخالفة.
5- الفضاء عند الطفل مجال للتفكيك اي المعرفه وليس موضوعا للتركيب اي التوظيف.
6- كل رغبات الطفل مشروعه وتعبيره عن تلك الرغبات ياتي احيانا بصوره خاطئة.
7- كل اضطراب في سلوك الطفل مرده الى اضطراب في اشباع حاجاته التربوية.
و في ما يلي تفصيل ذلك:
1 – الطفل كيان انساني سليم وليس حاله تربويه منحرفة:
اولى مفاتيح عالم الطفل، تكمن فيما ورد عن المربي الاول صلى الله عليه وسلم: «ما
من مولود الا يولد على الفطرة» ليس هناك من يجهل هذه المقولة، ولكنالقليل منا من
يستطيع توظيف هذا الموقف النظري في تعامله مع الطفل: لانالمتامل في نوع التدخل الذي نقوم
به تجاه سلوك اطفالنا يدرك مباشره اننانتعامل معهم على اعتبار انهم حاله تربويه منحرفه يلزمنا
تقويمها، لاباعتبارهم كيانا انسانيا سليما، كما يقتضيه فهمنا لمعنى ‘الفطرة’ الواردفي الحديث الشريف.
فنعمل بمقتضى ذلك المفهوم المنحرف على الوقوف موقفاسلبيا ومتسرعا تجاه اي سلوك لا يروقنا ولا
نفهمه، فنحرم بذلك انفسنا منالانسياب الى عالم الطفل الممتع والجميل.
ان الايمان بان كل مولود يولدعلى الفطره ليس مساله حفظ بالجنان وتلويك باللسان، بل هو
تصور عقدي ينبنيعليه التزام عملي تربوي ثابت.
فالانحراف عن هذا التصور يجعل سلوكناتجاه ابنائنا منذ البدايه محكوما عليه بالفشل الذريع. اذ انه
من مقتضياتالايمان بولاده الانسان على الفطرة: الاعتقاد بان الله تعالى قد منح الطفلمن الملكات الفطريه
والقدرات الاوليه ما يؤهله ليسير في رحلته في هذهالدنيا على هدى وصواب، وبذلك التصور سيتحدد
نوع تدخلنا في كيانه، والذييتجلى في وظيفه محدده هي: الانضاج والتنمية، لا التقويم والتسوية، ايستقتصر
وظيفتنا تجاه الطفل على تقديم يد المساعده للطفل حتى ينضج تلكالملكات وينمي تلكم القدرات.
بل ان من مقتضيات توظيف هذا الحديث النبويالشريف انه حينما نلحظ انحرافا حقيقيا في سلوك
الطفل، فعلينا ان نراجعذواتنا ونتهم انفسنا ونلومها ونحاسبها، لاننا سنكون نحن المسؤولين عنتحريف تلك الفطره
التي وضعها الله تعالى بين ايدينا امانه سويه سليمة، فلمنحسن الحفاظ عليها، ولم نؤد حقها
على الوجه المطلوب..
وبذلك سوف نشفىمن اعراض النرجسيه التي تصيب معظم الاباء، حيث سنتمكن من تطوير ذواتناباستمرار عن
طريق عرضها على ميزان النقد والتقويم.فالطفل كيان انساني سليموليس حاله تربويه منحرفة.
2 -الواجب عند الطفل يتحقق عبر اللذه اساسا وليس عبر الالم:
نعم ان خوف الطفل من الالم قد يجعلك تضبط سلوكه ولو لفتره معينة، ولكنك لنتستطيع
التعويل باستمرار على تهديده بالالم اذا كنت تريد ان تبني في كيانهقيمه احترام الواجب والالتزام
به.
كما لن يمكنك تفادي الاثار السلبيةلما يحدثه الالم في نفسه وشخصيته، وهو ما سنتطرق اليه
بعد هذا الجزء منالحديث لا تنتظر من الطفل ان يقوم بما عليه القيام به من
تلقاء نفسه وبشكلالي، بل وحتى بمجرد ما تامره به، والسبب هو ان مفهوم الواجب عنده
لم ينضجبعد، وهو من المفاهيم المجرده التي ينبغي تنشئه الطفل عليها بشكل تدريجي.
فحينما تامره ان يقوم بانجاز تمارينه المدرسيه مثلا، فان استجابته لك لن تتحققما لم تربطها
بمحفز يحقق له متعه منتظرة، مثل الوعد بفسحه اخر الاسبوع اوزياره من يحبه… حتى يرتبط
فعل الواجب لديه باستشعاره للمتعه التي سوفيجنيها.
فيكون الهدف هو ان يصبح الطفل متعلقا بفعل الواجب قدر تعلقهبتحقيق تلك المتعه وما يدعم
ذلك هو ان الطفل اثناء تنفيذه للواجب، فانهيفعل ذلك بمتعه مصاحبة، كان يغني وهو يكتب،
او يقفز على رجل واحده و هوذاهب لجلب شيء ما.. وعلى اساس هذا الاعتبار تاسست
مدارس تعليمية، تعتمداللعب وسيله اساسيه لتعليم الصغار.
ويعتقد بعض الاباء ان ربط الواجب بالمحفزات، وخاصه الماديه منها، سوف يوقعهم في تدليل ابنائهم.
وهو ما نعتبره خلطا في المفاهيم قد يقع فيه الكثير، وبكلمات سريعه موجزةنقول: ان الدلال
هو منح المتعه بدون ربطها بالقيام بالواجب، وغالبا مايكون تقديم تلك المتعه استجابه لابتزاز يمارسه
الطفل على والديه، بل هياحيانا منح المتعه مقابل اقتراف الخطا، وذلك انحراف كبير في السلوكالتربوي
تجاه الابناء.
وما نتحدث عنه نحن بهذا الصدد مخالف كما ترى لهذه الصورة.
ان تفهم هذا الامر عند الطفل سيجعل تعاملنا معه اثناء الزامه بفعل الواجبتعاملا ايجابيا وخاليا
من التوتر فالواجب عند الطفل يتحقق عبر اللذةاساسا وليس عبر الالم.
3 -الزمن عند الطفل زمن نفسي وليس زمنا اجتماعيا:
نعتمد نحن الكبار في تحديد الزمن على ما تعارفنا عليه من وسائل، تطورت عبرالعصور الى
ان وصلت الى الزمن الكرونولوجي، الذي يعتمد اليوم على الاجزاءالمجزاه من الثواني، وهو في كل
مراحله يعتبر زمنا اجتماعيا.
في حين ان مفهوم الزمن عند الطفل هو ايضا من المفاهيم المجرده التي يلزمه وقت
كاف لاستيعابها والانضباط اليها والعمل ضمنها.
والزمن الوحيد الذي يعمل الطفل وفقه هو الزمن الذي يحسه هو حسب متعته او المه:
فاذا كان مستغرقا في اللعب، مثلا، فانه يعتقد في قراره نفسه ان الكونكله سيتوقف احتراما
لتمتعه بعمله ذاك، فلا حق لاي كان حسب احساسه ان يشوشعليه متعته تلك.
وليس المجال الان مجال مناقشه كيفيه تاهيل الطفللادراك الزمن الاجتماعي، ولذلك سنتكفي بالتاكيد على ضروره
استحضار هذاالامر اثناء الزام الطفل القيام بواجب ما في وقت ما، وذلك بمساعدته للخروجتدريجيا من
زمنه النفسي الى زمنك الاجتماعي.
فاذا كان مستغرقا فياللعب مثلا، وكان عليه ان ينتهي منه على الساعه الخامسه لينجز واجبا
ما،فما عليك الا ان تنبهه الى ذلك قبل الموعد بعشر دقائق على الاقل، واذا كانلديك
الوقت الكافي ان تشاركه فيما يقوم به، حتى تدخل معه زمنه النفسي ثمتخرجه منه شيئا
فشيئا. فالزمن عند الطفل زمن نفسي وليس زمنا اجتماعيا.
4 -العناد عند الطفل نزوع نحو اختبار استقلاله وليس رغبه في المخالفة:
عندما نامر الطفل او ننهاه فيخالفنا، نتهمه مباشرة: ‘ يا لك من ولد عنيد’.
ولا نتوقف للبحث عن الاسباب ‘الموضوعية’ التي دعته الى عدم الاستجابه لنا.
يظهر العناد عاده بعد مرور سنتين ونصف، وتسمى سن العناد، ويفيدنا علماء النفسانه كلما اظهر
الطفل عنادا قبل هذا السن كلما دل ذلك على سلامته النفسية.
نعم، فالعناد الطبيعي دليل السلامه النفسية.
ولفهم ذلك نسترجع ما يشبه قصه ادراك الطفل لما حوله: اذ ان الطفل منذ ان
تقدر لهالحياه في بطن امه يكون مرتبطا بذلك الحبل السري الذي يغذيه بالهواءوالغذاء، ويستمر شعوره
بالارتباط بالحبل السري مع امه حتى حينما يخرج الىهذا العالم.
وحينما يشرع في ادراك الاشياء التي تحيط به ينتابه احساسانه عضو من اعضاء امه، تماما
مثل يديها او رجليها، تحركه كيفما ارادت،غير ان هذا الشعور يتعرض لاحداث بسيطه تشوش هذا
الاعتقاد عند الطفل، ممايحدو به الى اختباره، وتكون الوسيله الوحيده للاختبار هي عدم الاستجابة،او ما
نسميه نحن الكبار: ‘ عنادا’.
ومن المفارقات التي يؤكدها العلماءان الطفل حينما يصل الى حقيقه انه مستقل عضويا واراديا عن
امه فانه لايفرح بذلك، بل على العكس يصاب بالالم.
وما يقع عاده انه مع شعورهبالمه الذاتي فانه يتعرض الى الم خارجي من قبلنا حينما
نعاقبه على عنادهوالمهم هنا هو ان نستحضر ان الامر له مبرر حيوي بالنسبه للطفل، وانكرامتنا
نحن الكبار غير مستهدفه من قبله، وذلك مفتاح اولي للحل.
-5 الفضاء عند الطفل مجال للتفكيك وليس موضوعا للتركيب:
نرتب الفضاء نحن الكبار ليقوم بوظيفه ما: كان نرتب القاعه لتكون صالحه لعرضمسرحيه او لالقاء
محاضرة، ونرتب الغرفه لاستقبال الضيوف.. فالفضاء عندنامجال للتوظيف، ووسيله توظيفه هي تركيبه.
اما الطفل فاننا اذا وضعناهفي الفضاء الذي قمنا بترتيبه فانه سيحيله الى فوضى كاملة، لماذا
؟ لانهيحدوه هاجس غير الهاجس الذي يحدونا: يحدوه شغف شديد ان يتعرف على هذاالعالم حتى
يكون مؤهلا في المستقبل لتوظيفه، ووسيلته الوحيده للتعرف عليههي تفكيكه.
وغالبا ما ينشا التوتر بيننا وبين ابنائنا نتيجه عدماستحضارنا لهذه الجزئيه الكبيرة: فلا نعترف للطفل
بحقه في التعرف على هذاالعالم، ونرتب الغرفه مثلا وقد جعلنا المزهريه الرائعه في متناول يديه،مفترضين
فيه ان يراها و لا يمد يده عليها، واذا حصل ما هو منتظر، وهو انيمد
يده عليها، عاقبناه طبعا.
ان حق الطفل في التعرف على هذا العالميظهر في كل حركاته وسكناته، وعليه فنحن مطالبون
بان نشبع حاجته هذه عنطريق اتاحه الفرص الكافيه له كي يتعرف عليه، دون ان يلحق
الاذى بنفسه ولاالاضرار بنا.
عرفت اما استطاعت بخبرتها ان تجد حلا لمشاغبات ابنتها،التي ظهر عليها اهتمام خاص بالتوابل التي
يحتوي عليها المطبخ، فخصصت لهاوقتا وضعت فيه بين يديها كل تلك المواد، واخذت تعرفها اياها
ماده مادة،فعرفتها اسمائها وسمحت لها ان تشمها وتتذوقها وتلمسها وهكذا فقد اشبعت لهاامها رغبتها في
المعرفه وحمتها من تعريض نفسها للخطر.
وهناك وسيله هامةجدا لاشباع رغبه المعرفه لدى الطفل، وهي تمكينه من الالعاب التي يحتاجها،ذلك باستيحائها
من مشاغباته، فمشاغباته تعكس اهتماماته.
ولا ننس ونحن نقتني له العابه، ان نختارها من النوع القابل للتفكيك، فاذا لم تكن
كذلك فسوف يفككها بطريقته الخاصة: سوف يكسرها طبعا.
6 -كل رغبات الطفل مشروعه وتعبيره عن تلك الرغبات ياتي احيانا بصوره خاطئة:
من اهم المبادئ التي يدلنا عليها علم البرمجه العصبيه اللغويه ان ‘وراء كلسلوك، مهما كان
سلبيا، دافع ايجابي’. واني لاجد هذا المبدا هو اصدق مايكون على الطفل، باعتباره ‘كيانا انسانيا
سليما وليس حاله تربويةمنحرفه ‘.
فدوافعه لا تخرج عن الرغبه في تحقيق الحاجات الحيويةبالنسبه اليه: ومنها تحقيق الذات والرغبه في
الشعور بالاهتمام والمحبةوالامن والرغبه في الانتماء وغيرها.. لكنه ولاجل تحقيق تلك الرغباتالمشروعة، فقد يقوم بافعال
‘مزعجة’ لنا نحن الكبار:
فقد يبالغ في البكاء كي يعبر عن رغبته في الاكل.
وقد يمزق الصحيفه التي بين يديك كي يثير اهتمامك.
وقد يستحوذ على العاب غيره كي يعبر لك عن رغبته في ان تخصص له العابا
خاصه به.
وقد يرفض الذهاب للمدرسه كي يعبر لك عن رغبته في تحقيق الاحترام الذي يستحقه من
قبل المعلمة.
وقد ياخذ السكين ويضع راسه في فمه ليكتشف هذا الشيء الذي بين يديه.
وقد يقوم بافظع الاعمال، ولكن يبقى السؤال: كيف يكون رد فعلك غالبا ؟
وعلى ماذا تركز اهتمامك حينها ؟
اغلبنا سوف لن يبالي الا بالسلوك الخاطئ، ولن يكلف نفسه عناء الكشف عن الرغبةوالدافع الذي
هو اصل السلوك، ولذلك فرد الفعل المنسجم مع سطحيه التركيزعلى السلوك لن يكون الا العقاب.
وحينما سيفهم الطفل انه معاقب على كل ما قام به وما احس به، فسوف نكون
مسهمين في ارباك التوازن النفسي لديه دون ان ندري.
اننا اذا ما استطعنا التمييز بين السلوك الخاطئ والرغبه المشروعة، فسوف نحقق مجموعه من الامور
دفعه واحدة، ومنها:
– اولا: اننا سنصبح اكثر تحكما في ردود افعالنا تجاه السلوكيات الخاطئةلاطفالنا، فنعاقب الطفل اذا
ما عاقبناه على السلوك الخاطئ لا على الرغبة.
– ثانيا: اننا سنصبح اكثر تفهما لسلوك الطفل، وبالتالي فسنجد انفسنامفتوحين على خيارات اخرى غير
العقاب المباشر، ولذلك فقد نكتفي بتنبيهالطفل، او على الاقل تخفيض مستوى العقاب الى ادنى ما
ممكن.
– ثالثا: سنكون بذلك التحكم في ردود افعالنا وذلك التفهم لسلوك طفلنا مسهمين في الحفاظ
على توازنه النفسي.
فكل رغبات الطفل مشروعه و تعبيره عن تلك الرغبات احيانا خاطئة.
7 – كل اضطراب في سلوك الطفل مرده الى اضطراب في اشباع حاجاته التربوية:
لا يضطرب سلوك الطفل ابدا لانه قد انحرف، ولكن لانه يعاني من جوع فيما يخص
حاجه من حاجاته التربويه والنفسية.
هذه القاعده ينبغي ان تؤخذ باهتمام خاص، لانك عن طريق استيعابها والاقتناع بهافستوفر عليك جهدا
جهيدا لا طائل منه في تعاملك مع طفلك: ذلك انه سيكونبامكانك بدل ان تفكر في
انواع العقاب والزجر اذا ما لاحظت اضطرابا فيسلوكه، ان تطرح على نفسك سؤالا مباشرا: ما
هي الحاجه التربويه التي فرطتفي تغذيتها حتى اضطرب سلوك طفلي الى هذا الحد ؟
حينها ستجد الجواب بينيديك واضحا، بل دعني اقول انك ان قمت بمعالجه سلوكه بتغذيه حاجته
فسيكونلفعلك ذاك اثر سريع وفعال ترى نتائجه ولو بعد حين.
فقد يقوم ابنك بتكسير العابه واشيائه مثلا ويضرب اقرانه، وقد تعاقبه دون جدوى، بل قد
يزداد عدوانية.
ولكنك لو ادركت انه يعاني بكل بساطه من ضيق مجال تحركه ولعبه او من شعور
باهمالهحينما اهتممت بالضيوف ولم تحدثه او تاخذه بين يديك كما تفعل دائما، لوادركت ذلك لعملت
على تغذيه حاجه تحقيق ذاته:بان توسع له مجال حركته اوترفع من معنوياته بمزيد من الاهتمام،
حينها ستختفي بسهوله ويسر كل مظاهرالعدوانيه لديه.
وقد يعاني من شده الخوف مثلا، فيصبح مزعجا جدا، لايخطو خطوه الا ان كنت مرافقه
وتمسك بيده.. ومن اغرب ما عرفت ان اباءيشبعون ابناءهم ضربا لمجرد انهم يخافون من الظلام،
ولا تكون النتيجه فيالاخير الا ان تتعمق لدى الطفل المسكين مشاعر فقدان الامن.. في حين
انك لوعلمت انه يعاني من شعور عميق بفقدان الامن اما نتيجه مسلسلات العنف التييدمن على
مشاهدتها ضمن حصه الرسوم المتحركة، او لشحك في ضمه والاهتمام بهورعايته، او لمبالغتك في مراقبته.
لو ادركت ذلك لعملت على تغذيه حاجةالامن لديه: بان تنتقي معه ما يشاهده وتهتم بضمه
والحنو عليه ولا تبالغفي مراقبته ومساعدته فكل اضطراب في تغذيه حاجه الطفل يؤدي الى اضطرا
فيسلوكه .
استخلاص:
ان استمرار التوتر بيننا وبين اطفالنا،سيشعرهم اننا قاصرين على الفهم السليم لكيانهم ولعالمهم ولدوافعم، الامرالذي
سيحدو بهم تدريجيا الى نزع ثقتهم منا، والانزواء في عالمهم الخاص،ليقدموا لنا مع بدايه مرحله
‘مراهقتهم’ الفاتوره الاجماليه لعلاقتنا بهم،مكتوب عليها:’انا لا اثق بكم’.
فلنحذر ذلك الموقف وباستحضارك المفاتيح السبعه التي بين يديك الان، ستكون قادرا- باذن الله- ان
تتفهم طفلك على وجه اصح، وبالتالي ستكون قادرا على اختيار رد الفعلالصحيح تجاه افعاله، لتتجاوز
قدرا كبيرا من اسباب التوتر الذي لا مبررله بينك و بين طفلك، ولتدعم الثقه المتبادله
بينك و بينه.