قدر الله وماشاء فعل
الحمد لله الكريم العظيم القائل فى كتابه المبين :
{ قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون
} التوبة51
اخونى واحبتى فى الله بعد وبركاته ، نتحدث اليوم عن حديث شريف وعظيم لرسولنا الكريم
نستشف منه عقيده المسلم الصحيحه والراسخه بايمانه بالله ومشيئته سبحانه وتعالى وبمشيئه ، ولنترك الامر
لعلمائنا الاجلاء فى شرح الحديث ومفهومه ولنا راينا وتعليقنا المتواضع مع نهايه الموضوع ان شاء
الله رب العالمين
ولتكن بدايتنا بمشيئه الله من موقع برامج المسلم – قسم الحديث
الحديث الشريف:
حدثنا ابو بكر بن ابي شيبه وابن نمير قالا حدثنا عبد الله بن ادريس عن
ربيعه ابن عثمان عن محمد بن يحيى بن حبان عن الاعرج عن ابي هريره قال
:
قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم المؤمن القوي خير واحب الى الله من المؤمن
الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وان اصابك شيء
فلا تقل لو اني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل
فان لو تفتح عمل الشيطان – حديث صحيح رواه مسلم
قوله صلى الله عليه وسلم : ” المؤمن القوي خير واحب الى الله من المؤمن
الضعيف , وفي كل خير ”
والمراد بالقوه هنا عزيمه النفس والقريحه في امور الاخره , فيكون صاحب هذا الوصف اكثر
اقداما على العدو في الجهاد , واسرع خروجا اليه , وذهابا في طلبه , واشد
عزيمه في الامر بالمعروف , والنهي عن المنكر , والصبر على الاذى في كل ذلك
, واحتمال المشاق في ذات الله تعالى , وارغب في الصلاه والصوم والاذكار وسائر العبادات
, وانشط طلبا لها , ومحافظه عليها , ونحو ذلك .
واما قوله صلى الله عليه وسلم : ” وفي كل خير ”
فمعناه في كل من القوي والضعيف خير لاشتراكهما في الايمان , مع ما ياتي به
الضعيف من العبادات .
قوله صلى الله عليه وسلم : ” احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز
”
اما ( احرص ) فبكسر الراء , ( وتعجز) بكسر الجيم , وحكي فتحهما جميعا
, ومعناه احرص على طاعه الله تعالى , والرغبه فيما عنده , واطلب الاعانه من
الله تعالى على ذلك , ولا تعجز , ولا تكسل عن طلب الطاعه , ولا
عن طلب الاعانه .
قوله صلى الله عليه وسلم : ” وان اصابك شيء فلا تقل : لو اني
فعلت كان كذا وكذا , ولكن قل : قدر الله , وما شاء فعل ;
فان لو تفتح عمل الشيطان ”
قال القاضي عياض : قال بعض العلماء : هذا النهي انما هو لمن قاله معتقدا
ذلك حتما , وانه لو فعل ذلك لم تصبه قطعا , فاما من رد ذلك
الى مشيئه الله تعالى بانه لن يصيبه الا ما شاء الله , فليس من هذا
, واستدل بقول ابي بكر الصديق رضي الله عنه في الغار : ( لو ان
احدهم رفع راسه لرانا ) . قال القاضي : وهذا لا حجه فيه ; لانه
انما اخبر عن مستقبل , وليس فيه دعوى لرد قدر بعد وقوعه . قال :
وكذا جميع ما ذكره البخاري في باب ( ما يجوز من اللو ) كحديث (
لولا حدثان عهد قومك بالكفر لاتممت البيت على قواعد ابراهيم ولو كنت راجما بغير بينه
لرجمت هذه ولولا ان اشق على امتي لامرتهم بالسواك ) وشبه ذلك , فكله مستقبل
لا اعتراض فيه على قدر , فلا كراهه فيه ; لانه انما اخبر عن اعتقاده
فيما كان يفعل لولا المانع , وعما هو في قدرته , فاما ما ذهب فليس
في قدرته . قال القاضي : فالذي عندي في معنى الحديث ان النهي على ظاهره
وعمومه ; لكنه نهي تنزيه , ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : (
فان لو تفتح عمل الشيطان ) اي يلقي في القلب معارضه القدر , ويوسوس به
الشيطان . هذا كلام القاضي : قلت : وقد جاء من استعمال ( لو )
في الماضي قوله صلى الله عليه وسلم : ( لو استقبلت من امري ما استدبرت
ما سقت الهدي ) . وغير ذلك . فالظاهر ان النهي انما هو عن اطلاق
ذلك فيما لا فائده فيه , فيكون نهي تنزيه لا تحريم . فاما من قاله
تاسفا على ما فات من طاعه الله تعالى , او ما هو متعذر عليه من
ذلك , ونحو هذا , فلا باس به , وعليه يحمل اكثر الاستعمال الموجود في
الاحاديث . والله اعلم .