هل النظرات دليل على الحب
تشكل النظرات التي يوجهها الحبيب لمحبوبه فرصه ليبني هذا الاخير نفسه وينفتح، لتكتشف اهميه الحب
ونظراته في حياتنا.
قال الفيلسوف غوتيه: “كم بت احب نفسي منذ ان احبتني حبيبتي الشابة. في المقام الاول،
تدفعنا نظره الحب الى ان نتقبل نفسنا من خلال تاثيرها الذي يشعرنا بقيمتنا الكبيره في
عيني الشخص الاخر، وذلك من خلال تحويل الضفدع الكبير الساكن في داخلنا الى امير جميل”.
كاثبات على ذلك تقول شاديا (29 عاما، اختصاصيه في المعلوماتية): “الحصول على حبيب بالنسبه الي
امر مصيري في ما يتعلق بتقديري لذاتي.
اعتقد ان ذلك الامر اشبه بغذاء لنفسي، وهو اكثر اهميه من الشرب والاكل بالنسبه الى
الجسم”. تشير ندى (معالجه نفسية): “اشعر بانني فارغه ومجرد نكرة، لان احدا لا يحبني”. تبدو
نظره الحب بالتالي مهمه جدا بالنسبه الى كثيرين، فهي تزيد ثقتهم بنفسهم.
شعور بالامان
كما يبني الطفل نفسه مع الذين يقيم علاقات يوميه حقيقيه معهم، يستمر المرء في بناء
نفسه من خلال نظره محبه ومطمئنه تثبت له انه شخص محبوب، وتمنحه ثقه لازمه ليتمكن
من اكتشاف العالم. من خلال مساهمتها في تهدئه شكوكه، تمنحه تلك النظره قوه اكبر وتعزز
قدراته، فتساعده كي ينفتح.
حاجة
نادرا ما يكون الحب مطلقا، لانه “علينا ان نحب نفسنا قليلا كي نتمكن من الالتقاء
بالشخص الاخر؛ على رغم ان الحب بحد ذاته هو احيانا بلسم لنقاط الضعف في نرجسيتنا.
قله من الناس تستطيع العيش من دون انجذاب الاخرين او حبهم، وخير دليل على ذلك
هو تلك الطفره في المواقع الالكترونيه التي تساعد في لقاء اشخاص اخرين وتقنيات التعارف الاخرى
الرائجة. اذا كان البعض يخشى ذلك، لانه في البدايه يمكن ان نشعر بالضياع في ما
يتعلق بالجاذبيه التي تمنح المرء الطمانينة، فنضيع ونتمكن من ايجاد نفسنا بشكل افضل لاحقا.
تاثير بناء
تواجه شخصيتنا احيانا صعوبه في التشكل. يسمح لنا ذلك الطابع المسالم والهادئ في نظره الحب
عندما تستمر قصه الحبيبين لفتره طويلة، بان نكتشف اوجه شخصيتنا المختلفة. كانت هدى مثلا التي
بقيت عازبه لفتره طويله تميل الى “محاوله لقاء اشخاص اخرين بشتى الطرق، فتفرج لهم عن
مكنوناتها. لكن منذ ان التقت بحبيبها، اصبحت اكثر هدوءا وكانها تمكنت من ان تتعرف الى
نفسها بشكل افضل. في اطار التفاعل اليومي مع الشخص الاخر، نولد من جديد ونجبر على
ان نتعرف الى نفسنا بشكل جيد ونعيد تشكيل وجهات نظرنا. تكشف نظره الحب افضل ما
فينا، لكنها تكشف ايضا نقاط ضعفنا ومدى محدوديتنا. يساعدنا ذلك في ادراك هويتنا الفعلية.
اهميه الكلام
يشير اختصاصيون نفسيون كثر الى التاثير المفيد والايجابي للكلمات والحوار في حياه الزوجين كي يتعلما
اكتشاف نفسيهما. لكن حذار، لا تخلطوا بين الحب ونظرات الحب التي تعتبر غير كافيه وحدها.
الامر المهم هو التبادل والتعبير عن المشاعر وتشارك الحميمية. لذلك، علينا التخلي قليلا عن حذرنا
والتنازل عن تلك المثاليه الكبيره التي نبتغيها من نفسنا. على صعيد الغذاء العاطفي، يقول البعض
ان التعرف الى الاخرين يساعده ليضع مسافه صغيره بينه وبين نفسه، وبذلك يشعر بوجوده ويخرج
قليلا من قوقعته. بالتالي، قد يتساءل البعض “هل يمكن القول انا محبوب، اذا انا موجود؟”،
لعل الاجابه الفضلى هي “انا محبوب اذا انا ساتغير”.
التفوق على النفس
للحب دور علاجي، فمن خلال علاقه الحب يمكن ان يجد المرء فرصه لاصلاح الصور السلبيه
التي يشكلها عن نفسه، او الاسلوب الذي اكتسبه في طفولته في ما يتعلق بالعلاقات. في
هذا المجال توضح فاديا (36 عاما): “نظرات الحب من زوجي دفعتني الى تخطي الحدود التي
تاسرني والتخلي عن هواجسي وقلقي”. تشير نساء اخريات الى ان نظره الحبيب اليهن ساعدتهن في
التفوق على نفسهن، “فما عدن يتصرفن ويقمن بالامور من اجلهن وحدهن، بالتالي ما عدن يشعرن
بانهن عديمات الجدوى”.
في المقابل، قد يتساءل العازبون “ماذا عنا”. لا داعي للقلق، قله هم الذين بقوا وحدهم
من دون الحصول على اعجاب او حب شخص ما لوقت طويل. يشير عدد كبير من
الاختصاصيين النفسيين الى اننا نستطيع ان نحب نفسنا جيدا من دون ان نكون على علاقه
بشخص اخر، لاننا ما زلنا نحتفظ في داخلنا بالثقه والامان اللذين حصلنا عليهما من خبرتنا
الماضية، بانتظار ان نمر بتجربه جديدة.
كيف تساهم نظرات الحب في بناء هويتنا؟
تساهم نظرات الحب في بناء هويتنا الجنسية، ففي سن المراهقه مثلا تساعد تلك النظرات في
جعل المراهقه تكتشف هويتها كامراة، والمراهق يكتشف هويته كرجل. يمكن القول ايضا ان نظرات الحب
تسمح للمراه بان تتفتح وتنمي انوثتها بشكل كبير. الرجال بدورهم يتغيرون الى درجه كبيره عندما
يكونون محبوبين فيستعيدون الثقه بانفسهم. من هنا القول ان نظرات الحب تثبت الهويه الجنسية.
هل تذكر نظرات الحب تلك بالنظرات التي اغدقها علينا والدانا في طفولتنا؟
اجل. يمكن القول ان الفتيات الصغيرات اللواتي افتقرن الى نظرات والدهن الحنونه سيشعرن الى حد
كبير بما كن يفتقدن اليه. ستسعى هؤلاء الفتيات الى الزواج من رجل ينظر اليهن تلك
النظرة.
هل من الممكن فعلا ان نحب انفسنا من دون تلك النظرة؟
يكشف الشخص الاخر لنا غالبا عن صفات كنا نجهل اننا نملكها، بالتالي يساعدنا كي نخرج
افضل ما لدينا.