فضل العلم والتعلم في الاسلام خالد سعد النجار
ان العلم الشرعي من اهم العلوم التي يجب تعلمها في هذا الزمان، وذلك لانتشار الجهل
بين اوساط المسلمين، والعلم اذا صلحت النيه فيه اصبح طريقا الى الجنة، واما اذا فسدت
النيه فسيكون صاحبه من اول من تسعر بهم النار يوم القيامة.
العلم نور والجهل ظلام
ان الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونستغفره ونتوب اليه، ونعوذ به من شرور انفسنا وسيئات
اعمالنا، من يهده الله فلا مضل له.
ومن يضلل فلا هادي له، واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له،
رفع شان العلم واعلى قدر اهله، واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله، اشرف الانبياء والمرسلين،
وافضل العلماء العاملين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه والتابعين، الذين كانوا بعلمهم،
وعملهم منارا للسالكين، وقدوه للعاملين، ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.
اما بعد:
ايها المسلمون: اتقوا الله تبارك وتعالى؛ فتقوى الله سبحانه وتعالى سبب موصل للعلم الذي هو
سلم النجاه باذن الله واتقوا الله ويعلمكم الله البقرة:282].
عباد الله! انه مما لا شك فيه؛ ان العلم شرف ونور وفضيلة، وان الجهل شر
وبلاء ورذيلة، وان العلم النافع مصدر الفضائل وينبوعها، وان الجهل مكمن الرذائل وموردها، وانه بالعلم
النافع يتحقق للافراد والمجتمعات بناء الامجاد وتشييد الحضارات، كما انه بالجهل تتزعزع الاركان، ويتصدع عامر
البنيان، ويحل الدمار ببني الانسان.
حث الاسلام على العلم
لذلك كله! ولما للعلم من شرف المكانه وعظيم المنزلة، جاء ديننا الاسلامي الحنيف بالحث على
العلم والترغيب فيه، والتشجيع على سلوك سبيله، وان سلوك سبيل العلم النافع طريق الى دخول
الجنه باذن الله.
فقد روى الامام مسلم في صحيحه ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
{من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنه } كما
كانت القراءه اول صيحه مجلجلة، اطلقها الاسلام تنويها بقيمه العلم وسموا بقدره، وتكوينا لقاعده البناء
المعنوي في الامة، وتشييدا لصرح حضارتها، وسر ازدهارها، ونمو كيانها، الا وهو العلم؛ العلم بكتاب
الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم، والعلم بكل ما تحتاجه الامه الاسلاميه في مسيرتها،
لتواكب بحضارتها عصرها الذي تعيشه، مع تمسكها باصول عقيدتها، وتعاليم دينها.
امه الاسلام: كم في كتاب الله من الايات الكريمه في هذا الموضوع المهم؟! الم تقرءوا
قوله سبحانه: افمن يعلم انما انزل اليك من ربك الحق كمن هو اعمى [الرعد:19]، وقوله
جل وعلا: وقل رب زدني علما [طه:114]، وقوله سبحانه: انما يخشى الله من عباده العلماء
[فاطر:28]، وقوله: قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون [الزمر:9] وقوله جل وعلا: يرفع
الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات [المجادلة:11]
كذلكم كان رسولكم صلى الله عليه وسلم وهو المعلم الاول، قدوه حسنه في هذا المجال،
فجاء في سنته القويه والعمليه ما يبين المقام الاسمى في هذا الامر العظيم.
حرص السلف على العلم
اما سلفنا الصالح رحمهم الله، فقد سطروا انصع الصفحات، وضربوا اروع الامثله في الحرص على
العلم، وقطعوا الفيافي والقفار للرحله في طلبه، حتى خلف ذلك الجهد حضاره علميه متنوعه لم
يشهد التاريخ لها مثيلا، وحتى تبوات المكتبه الاسلاميه في شتى العلوم والفنون اوج مكانتها، وما
ذاك الا لتوفيق الله سبحانه، ثم للاخلاص في طلب العلم، حيث لم تدنسه الاطماع الدنيوية،
والمطامح المادية، ثم للمنهج السليم والجد والمثابرة، مما يتطلب من طلاب العلم اليوم التاسي والاقتداء.
عظم الجهل بدين الله
امه العلم والايمان! ان اعظم بليه بلي بها كثير من المسلمين اليوم: الجهل بدين الله،
فهو سبب كل مشكلة، وطريق كل معضلة، صاحبه اذا عاش فهو غير معدود، واذا مات
فهو غير مفقود، وما عبد غير الله، وما تعبد كثير من الناس بغير شرع الله،
من الطرائق والاهواء، الا نتيجه الجهل بجوهر الاسلام واصوله السامية.
وبالجملة؛ فكل شر وبلاء وفساد وداء، في عقيده الامه وعباداتها، وتصوراتها وافكارها وسلوكها واخلاقها، فالجهل
مصدره، والعي مورده، ومن احب نجاته فطريق العلم سلم الوصول لذلك باذن الله.
حاجه المسلمين الى علم الدين والدنيا
واول علم نريده، العلم بكتاب الله حفظا وتلاوه وتفسيرا، وبسنه رسول الله صلى الله عليه
وسلم روايه ودرايه وتطبيقا، والعنايه بالفقه في دين الله، في العقيده والعبادات والمعاملات وسواها، ليكون
المسلم على بصيره من امره، كذلكم العلم بلغه القران الكريم، اللغه العربيه الفصحى، التي زهد
فيها كثير من الناس، وزاحموها بغيرها من اللغات، ولا تزال تلقى حربا لا هواده فيها،
في اساليبها وتراكيبها، وشعرها ونثرها من بعض الحاقدين عليها، لكن الله حافظها ما حفظ دينه
وكتابه.
هذا وان المسلمين اليوم لفي امس الحاجه الى ان يتكون منهم اجيال ملمه بالعلوم المهمه
التي يحتاجها المسلمون، كعلم الطب والهندسه والاقتصاد ونحوها، ليتسنى لهم خدمه دينهم والاستغناء عن غيرهم.
ومما يجدر التنويه بشانه: ضروره ان يتعلم طائفه من المسلمين العلوم العسكريه والالات الحربية، ليتمكنوا
من مواكبه العصر الذي يعيشونه، وليتسنى لهم الدفاع عن مقدساتهم وحرماتهم وعقيدتهم، كما انه ينبغي
ان يكون من بين المسلمين من يعنى بالعلوم المهنية، والاعمال الفنية؛ ليكمل المسلمون انفسهم من
كل علم فيه نفعهم، وصلاح احوالهم.
ان المهم في كل علم اخلاص العمل فيه لله، وتسخيره لخدمه الدين والعقيدة، والدعوه الى
الاسلام من خلاله، فلعل ابناء المسلمين، الذين يستعدون هذه الايام لبدايه عام دراسي جديد، لعلهم
ان يعوا هذه القضايا الهامه في هذه المهمه الجليلة.
نداءات الى كل من له صله بالعلم
فيا ابناء الاسلام! ويا طلبه العلم! يا من شرفكم الله بالنهل من ميراث النبوة: اتقوا
الله عز وجل في طلبكم، واعتنوا بالعلم الشرعي، واسلكوا منهجه الصحيح، واطلبوه من اهله الموثوقين.
وانتم ايها المدرسون، يا من حملتم امانه التعليم والتربيه لفلاذه اكباد المسلمين! اتقوا الله فيهم،
واعلموا انكم مسئولون عنهم امام الله، فكونوا خير قدوه لهم، ومثلا اعلى في الخلق والاستقامة،
واعتنوا بتربيتهم تربيه اسلاميه صحيحة، فانتم مربون قبل ان تكونوا ملقنين.
اما من من الله عليهم بالعلم والمعرفة، من العلماء ورثه الانبياء، فان واجبهم عظيم في
البلاغ والبيان، وتعليم المسلمين امور دينهم واعاده مكانه العلم، واحياء حلق الذكر في المساجد ودور
العلم، كي لا يقعوا تحت طائله الكتمان المحرم.
ونداء الى من ائتمنوا على اعداد الخطط، ورسم مناهج التعليم لابناء المسلمين وبناتهم ان يتقوا
الله فيهم، ويشبعون نهمهم من العلوم الشرعية، ويجعلوا مناهجهم مبنيه على الكتاب والسنة، ويبعد كل
ما يتنافى مع ديننا ومبادئنا، لتتحول المدارس والمعاهد والجامعات الى صروح خير وهدى، وميادين توجيه
وتربية.
ودعوه الى اولياء امور الطلبه والطالبات، ان يعوا دورهم الكبير في متابعه ابنائهم، وتفقد احوالهم،
وايجاد العلاقه الوطيده بين الاسره والمدرسة، ليتم التعاون البناء المثمر علما وعملا وتوجيها وتربية.
ايها المسلمون! هذه اشارات يسيره في مهمه عظيمة، ارجو ان يكون طرحها بمناسبه بدا العام
الدراسي الجديد، حافزا للهمم، في ان يعي كل واحد منا دوره، ليتم لمجتمعاتنا المسلمه ما
تصبو اليه من عزه ومنعة، ونصره ومجد وقوة، والله نسال ان يرزق الجميع العلم النافع
والعمل الصالح، انه جواد كريم، اقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه،
انه هو الغفور الرحيم.
الحث على طلب العلم والحذر من التعالم
الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم، واشهد ان لا اله الا
الله الاعز الاكرم، واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله الداعي الى السبيل الاقوم، صلى الله
وبارك عليه وعلى اله وصحبه وسلم.
اما بعد:
فاتقوا الله -عباد الله- واعرفوا للعلم قدره، واجتهدوا ما استطعتم في التفقه في دينكم، فمن
يرد الله به خيرا يفقه في الدين، واسالوا اهل العلم عما اشكل عليكم، واعمروا اوقاتكم
بالعلم النافع، فليس العلم محدودا بسن، ولا معينا بمرحلة، ولا منتهيا بنيل شهاده عالية، واعلموا
انكم في زمان لا مخرج لكم من فتنه، الا بالتسلح بالعلم النافع، واذا كان العالم
-بحمد الله وفضله- يشهد اقبالا وصحوة، فينبغي ان يتوج هذا التوجه بالعلم النافع، ليرسي قواعده،
ويربط مسالكه، ويعصمه من الانحراف باذن الله.
كذلك يجب على من يقومون بالدعوه الى الله، واعمال الحسبة، ان يكونوا على علم بما
يدعون اليه، وطريقه الدعوه الى الله بالحكمه والموعظه الحسنة، حتى لا يحصل مجاوزه للحكمه وحصول
للضرر الناتج من قله البضاعه في العلم، هذا وان من الظواهر الخطيره في هذا المجال،
ظاهره التعالم، وادعاء كثير من الناس العلم وهم ليسوا كذلك، بل ليسوا من انصاف المتعلمين،
فيحصل عندهم من الجراه على الله، وعلى رسوله، واصدار الفتاوى والنيل من اهل العلم المعتبرين،
ما يسبب خطرا كبيرا على المجتمعات، فاتقوا الله -عباد الله- وتعلموا ما ينفعكم، واتبعوا العلم
بالعمل، والدعوه الى الله، كل ذلك بخطى متوازنة، لا افراط فيها ولا تفريط، وبذلك يحصل
النفع العظيم، والخير العظيم باذن الله.
هذا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على معلم الناس الخير، النبي المجتبى، والرسول المصطفى، كما امركم
بذلك ربكم جل وعلا، فقال عز من قائل: ان الله وملائكته يصلون على النبي يا
ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما [الاحزاب:56].
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين،
وعن الصحابه والتابعين، ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.
وارض عنا معهم برحمتك يا ارحم الراحمين، اللهم اعز الاسلام والمسلمين، واذل الشرك والمشركين، ودمر
اعداء الدين، واجعل هذا البلد امنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم امنا في اوطاننا، واصلح ائمتنا وولاه امورنا، اللهم وفق امامنا بتوفيقك، وايده بتاييدك، اللهم
وفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، اللهم انصر به دينك، واعل به كلمتك، وارزقه البطانه
الصالحة، ووفقه واعوانه واخوانه الى ما فيه عز الاسلام وصلاح للمسلمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين المؤمنات، اللهم اصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام، وجنبهم الفواحش،
ما ظهر منها وما بطن، اللهم انصر اخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم
انصرهم عاجلا غير اجل يا قوي يا عزيز.
ربنا اتنا في الدنيا حسنه وفي الاخره حسنه وقنا عذاب النار.
عباد الله: ان الله يامر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي
يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله اكبر والله يعلم
ما تصنعون.