مجله قصص الاطفال
في قديم الزمان عاش ببغاء في قصر احد الملوك. وكان الببغاء في تلك الايام طائرا
يتكلم.وذات يوم ظن الملك ان في مقدوره ان
يغير ما في الطبيعه , وانه يكفي ان يقول اي شيء حتى يصبح حقيقه واقعة.
التفت الملك يوما الى من حوله
وقال :- الشمس اليوم ظهرت من الغرب.وغابت في الشرق .
فقال جلساء الملك:- فعلا , ظهرت الشمس اليوم في الغرب.وغابت من الشرق.
اما الببغاء فقد ظل صامتا.
وقال الملك :- صار ماء البحر حلوا بعد امطار الامس الغزيرة.
فقال جلساء الملك:- نعم , نحن شربنا منه اليوم فكان احلى من ماء الينابيع.
اما الببغاء فقد ظل صامتا.
وقال الملك:- القسوه على الشعب تنشر الامان و الطمانينه في البلاد ,ووافق جلساء الملك على
ما قال.اما الببغاء فقد ظل صامتا.
لاحظ الملك صمت الببغاء فاستغرب سلوكه وساله قائلا:- ما رايك ايها الطائر؟
فقال الببغاء: يا مولاي! الشمس تطلع من الشرق وتغيب في الغرب.والامطار لا تحلي ماء البحر.اما
القسوه والبطش فيولدان عند الناس الخنوع والخوف.
ثار جلساء الملك على الطائر الحكيم واحمرت عيونهم بالغضب ووصفوه بالعقوق وصاحوا:العقاب للطائر العاق.العقاب للطائر
العاق.ومرت حمى الغضب الى الملك فامر على الفور بقطع لسان الطائر.
ومنذ ذلك اليوم عجز الببغاء عن الكلام. ولم يعد قادرا الا على ترديد الكلمات التي
تقال امامه.
القطرات الاربع
كان في قديم الزمام، ملك كبير حكيم، اسمه حسان.. وكان الملك حسان،
يحب الاذكياء، ويرفع قدرهم، فهو يقيم مسابقة، بين حين واخر، يطرح فيها سؤالا واحدا،
ومن يجب عنه، يقلده وساما ملكيا رفيعا.
واليوم. هو يوم المسابقه الكبرى..
الملك حسان في شرفه القصر، وحوله الوزراء والقواد..
والساحه الواسعة، تغص بالبشر ،من رجال ونساء واطفال، وكل واحد يقول في سره :
– ماسؤال اليوم ؟!
لقد حضر الناس، من اقصى المملكة، ليسمعوا السؤال الجديد …
– ما اغلى قطره في المملكة؟
– ومتى الجواب؟
– في مثل هذا اليوم، من العام القادم .
وانصرف الناس، يفكرون في السؤال …
قال طفل لابيه :
– اذا عرفت اغلى قطرة، هل انال وسام الملك؟
ابتسم والده، وقال :
– نعم يابني!
قال الطفل :
– قطره العسل .
– لماذا؟
– لانها حلوه ولذيذة.
وقالت طفله لامها :
– انا اعرف اغلى قطرة..
– ماهي؟
– قطره العطر..
– لماذا؟
– لانها طيبه الرائحه .
***
وشغل الناس بالقطرات، فهذا يقول :
– انها قطره الزيت..
وذاك يقول :
– انها قطره النفط ..
واكثرهم يقول :
– سؤال الملك، ليس سهلا، كما تظنون !
فما القطره التي يريد ؟!
***
قال عقيل :
– لن اهدا حتى اعرف الجواب ..
واقبل على مطالعه الكتب، ومصاحبه العلماء
تاره يقرا في كتاب ،وطورا يصغي الى عالم…
مضت عده شهور، ولم يصل الى مايريد!
وذات يوم…
زار عالما كبيرا، فوجده منكبا على تاليف كتاب …
المحبره امامه والريشه في يده..
وفجاه ..
لمع في ذهنه الجواب :
– انها قطره الحبر!
رمز العلوم والادب
لولاها ضاع تراثنا ..
لولاها ماكانت كتب
***
وفي مكان اخر من المملكة، كان ربيعه يمشي تعبا، في ارض قاحله جرداء ..
اشتد به العطش، ولم يعثر على ماء!
ظل يسير حتى وهنت قواه، واشرف على الهلاك .
– ماذا يعمل ؟!
وقف يائسا ، ينظر حواليه ..
شاهد بقعه خضراء !
لم يصدق عينيه، وقال مستغربا :
– الارض الميتة، لا تنتج خضرة!
ومع ذلك ..
سار نحو البقعه الخضراء، يدفعه امل جديد…
وعندما وصل اليها ،وجد الماء !
اقبل عليه فرحا، يشرب ويشرب، حتى ارتوى تماما..
حمد الله، وقعد يستريح، ويتامل المياه،
وما يحيط بها، من عشب غض، ونبت نضير…
وتذكر سؤال الملك، فنهض واقفا، وقال :
– لقد عرفت اغلى قطره !
انها قطره ماء
فيها اسرار الحياة
انها قطره ماء
***
واختلط الحارث باصناف الناس …
شاهد البناء الذي يحول كومه الاحجار الى قصر جميل، وشاهد النجار الذي يصنع من جذع
غليظ خزانه انيقة…
وشاهد الفلاح الذي يحول ارضه البوار الى جنه اشجار وثمار
شاهد وشاهد كثيرا من العمال، الذين يعمرون الوطن، ويسعدون البشر
وشاهد قطرات العرق، تزين جباههم السمر.. عاد مسرورا ،وهو يقول :
– عرفتها.. عرفتها … انها قطره العرق !
رمز النشاط والعمل
تكره كل القاعدين
كانها لؤلؤة
تهوى جباه العاملين
***
اما طارق ، فقد وصل في اسفاره، الى جنوب البلاد…
وجد الناس في هرج ومرج…
سال عن الخبر، فقيل له :
– لقد اجتاز الاعداء حدود مملكتنا..
دخل السوق، فسمع كلمات غاضبة:
– الاعداء يقتلون ويحرقون !
– انهم يخربون مابناه العمال !
– ويفسدون زروع الفلاحين !
– ويلقون كتب العلماء في النهر!
– مياهه تجري سوداء!
– حياتنا اشد سوادا !
– هيا الى الجهاد !
– هيا الى الجهاد !
انضم طارق الى المجاهدين، وانطلقوا جميعا الى الحرب، يتسابقون الى الموت، ويبذلون الدماء، حتى احرزوا
النصر، وطردوا الاعداء …
عادت الارض حره ..
وعادت الحياه كريمة
وعاد الناس فرحين، يحملون شهداءهم الابرار..
سقطت على يد طارق، قطره دم حمراء ،نظر اليها طويلا، وقال :
انت اغلى القطرات
انت رمز للفداء
انت عز للحياة
انت روح للضياء
***
مضى عام كامل، وحان موعد الجواب ..
الملك حسان في شرفه القصر، وحوله الوزراء والقواد..
والساحه الواسعة، تغص بالبشر، من رجال ونساء واطفال …
وكل واحد يقول في سره :
– مالجواب الصحيح ؟!
لقد حضر عقيل، ومعه قطره حبر .
وحضر ربيعة، ومعه قطره ماء .
وحضر الحارث، ومعه قطره عرق .
وحضر طارق، ومعه قطره دم..
انهم اربعه رجال، يحملون اربع قطرات ..
والسؤال الان :
– من سيفوز بالوسام ؟!