وكلوا واشربوا ولا تسرفوا
ذه الايه الكريمه رد على المشركين فيما كانوا يعتمدونه من الطواف بالبيت عراه ، كما
رواه مسلم والنسائي وابن جرير – واللفظ له – من حديث شعبه ، عن سلمه
بن كهيل ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس
قال : كانوا يطوفون بالبيت عراه ، الرجال والنساء : الرجال بالنهار ، والنساء بالليل
. وكانت المراه تقول :
اليوم يبدو بعضه او كله وما بدا منه فلا احلهه
فقال الله تعالى : ( خذوا زينتكم عند كل مسجد ) .
وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله تعالى ( خذوا زينتكم عند كل مسجد
) الايه ، قال : كان رجال يطوفون بالبيت عراه ، فامرهم الله بالزينه –
والزينه : اللباس ، وهو ما يواري السواه ، وما سوى ذلك من جيد البز
والمتاع – فامروا ان ياخذوا زينتهم عند كل مسجد .
وكذا قال مجاهد ، وعطاء ، وابراهيم النخعي ، وسعيد بن جبير ، وقتاده ،
والسدي ، والضحاك ، [ ص: 406 ] ومالك عن الزهري ، وغير واحد من
ائمه السلف في تفسيرها : انها انزلت في طوائف المشركين بالبيت عراه .
وقد روى الحافظ بن مردويه ، من حديث سعيد بن بشير والاوزاعي ، عن قتاده
، عن انس مرفوعا; انها انزلت في الصلاه في النعال . ولكن في صحته نظر
والله اعلم .
ولهذه الايه ، وما ورد في معناها من السنه ، يستحب التجمل عند الصلاه ،
ولا سيما يوم الجمعه ويوم العيد ، والطيب لانه من الزينه ، والسواك لانه من
تمام ذلك . ومن افضل الثياب البياض ، كما قال الامام احمد :
حدثنا علي بن عاصم ، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد
بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ” البسوا من ثيابكم البياض ، فانها من خير ثيابكم ، وكفنوا فيها موتاكم
، وان من خير اكحالكم الاثمد ، فانه يجلو البصر ، وينبت الشعر ”
هذا حديث جيد الاسناد ، رجاله على شرط مسلم . ورواه ابو داود ، والترمذي
، وابن ماجه ، من حديث عبد الله بن عثمان بن خثيم ، به وقال
الترمذي: حسن صحيح .
وللامام احمد ايضا ، واهل السنن باسناد جيد ، عن سمره بن جندب قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” عليكم بالثياب البياض فالبسوها; فانها اطهر
واطيب ، وكفنوا فيها موتاكم ”
وروى الطبراني بسند صحيح ، عن قتاده ، عن محمد بن سيرين : ان تميما
الداري اشترى رداء بالف ، فكان يصلي فيه .
وقوله تعالى : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين ) الايه .
قال بعض السلف : جمع الله الطب كله في نصف ايه : ( وكلوا واشربوا
ولا تسرفوا ) .
وقال البخاري : قال ابن عباس : كل ما شئت ، والبس ما شئت ،
ما اخطاتك خصلتان : سرف ومخيله .
وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن عبد الاعلى ، حدثنا محمد بن ثور ،
عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن ابيه ، عن ابن عباس قال :
احل الله الاكل والشرب ، ما لم يكن سرفا او مخيله . اسناده [ ص:
407 ] صحيح .
وقال الامام احمد : حدثنا بهز ، حدثنا همام ، عن قتاده ، عن عمرو
بن شعيب ، عن ابيه ، عن جده ، ان رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : ” كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا ، في غير مخيله ولا سرف ،
فان الله يحب ان يرى نعمته على عبده ”
ورواه النسائي وابن ماجه ، من حديث قتاده ، عن عمرو بن شعيب ، عن
ابيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” كلوا
وتصدقوا والبسوا في غير اسراف ولا مخيله ”
