هل ينسى الرجل امراه احبها
قد تحب المراه اكثر من مرة، فعلى مدار حياتها تقابل العديد من الرجال، ومن يستطيع
ان يملا اذنيها بقصائد شعر او نثر مرتب، يكسب قلبها ومن ثم عقلها، والمراه ان
احبت فانها تعطي لمن تحبه كل شيء، الا ان المراه دائما بابها مفتوح لاي رجل
يستطيع ان يملا عرش قلبها، فان فرغ العرش ممن كان يجلس عليه نظرا لموت او
طلاق او انفصال او خلاف او اي سبب اخر، فان باب قلبها ينتظر الطارق الجديد،
وطبيعه المراه السوية، انها تكتفي برجل واحد فقط، ولا تقبل باكثر من شخص يجلس على
عرش قلبها.
اما الرجل ان تزوج عن غير حب حقيقي، فهو لا يعطي كل شيء، ولا يمنح
المراه الثقه الكاملة، حتى وان كانت زوجته، فتكون له نزواته، وثرواته التي قد لا تعلم
زوجته عنها شيئا، وقد تعتقد النساء ان تلك طبيعه كل الرجال، ولكن الحقيقه غير ذلك،
وقد تتزوج نساء بعد قصص حب طويلة، وبعد الزواج تكتشف ان من عاشت معه قصه
حب صادقه من جانبها، تجد ان زوجها من كان حبيبها يوما، لا يعطيها كل شيء،
فتلقي بتهم الخيانه على زوجها وعلى كل الرجال ! باعتبار ان تلك حقيقه وطبيعه الرجال،
بيد ان هذا امر غير صحيح، وله اسباب اخرى.
السبب الحقيقي للعدم مبادله الرجل نفس المشاعر مع زوجته التي تزوجها بعد قصه حب، ان
الاغلب والاعم من كل تلك القصص، تكون صادقه من جانب المراه فقط، لكنها لا تكون
صادقه من جانب الرجل، ذلك لان الرجل ان احب فانه يحب مره واحده في حياته،
فان ذهب حبه لاي سبب كان، فانه لا يحب مره ثانية، وقد يرسم الحب والمشاعر،
وقد يوهم نفسه ايضا بذلك، الا انه في واقع الامر لن يكون قادرا على الحب
لمره ثانية، فمشاعر الرجل مثل زهره تنبت وسط قلبه المليء بالصخور، ولا تتفتح تلك الزهره
الا امام امراه واحدة، فان قطفتها، تكون هي الوحيده القادره على رعايتها، فان اتلفتها او
تركتها، فانها لن تعود الى مكانها، لانها سبق وان اجتثت من جذورها، والزهور لا تنبت
وسط الصخور الا مره واحدة.
سبق وان ذكرت ان المراه ان احبت فانها تعطي كل شيء، ولكن الرجل ان احب
حقا فانه يعطي كل شيء، وايضا يكرس حياته لتكون مهمته في المقام الاول رسم البسمه
على وجه محبوبته، ان المراه حتى وان اعطت كل شيء، ستبقى لحياتها عندها قيمه كبرى،
اما الرجل المحب، لو اجبر على الاختيار بين حياته وحياه من احبها، فانه سيختار حياه
حبيبته، ايا ما كانت النتائج.
عندما كتب الروائي العالمي جابريل جارثيا ماركيز، روايه الحب في زمن الكوليرا، لم يكتبها من
خيال واهي، بل كتبها بعد ان غاص في النفس البشرية، بطريقه الكاتب المتامل والمتعمق فيما
يكتب، فوصل الى وجدان الشاب “فلورينتينو” والذي هو بطل الرواية، فقد ظل وافيا ل “فرمينيا”
الفتاه التي احبها برغم انها تركته وتزوجت من غيره، وبرغم انها اصبحت ام، ظل يحبها،
وبرغم مرور السنين حتى كبرت وتجاوزت السبعين ! الا ان “فلورينتينو” ظل محتفظا بحب تلك
المراه في قلبه، ولم يستطيع نسيانها، حتى فاز بها ولكن بعد ان تخطت السبعين من
عمرها، ففقدت جمالها وتلاشت انوثتها، ولم تعد صالحه لعلاقه غراميه كاملة، الا ان الروايه انتهت
الى ان “فلورينتينو” اكتفى بمجرد قربه من “فرمينيا” ساعيا لنيل رضاها واسعادها.
وعلى جانب اخر تاتي شخصيه العاشق الهندي “ديفداس” وتلك شخصيه حقيقية، كانت نهايتها موت ديفداس
عام 1917م، وتم تجسيدها في اكثر من ثلاثه افلام، انتج اول فيلم عن الشخصية، بعد
وفاه “بارو” الشخصيه الحقيقيه التي احبها “ديفداس” في القرن العشرين وتحديدا انتج عام 1935م، و
“ديفداس” الذي احب “بارو” وابعدتها الظروف عنه، تزوجت من غيره، فلم يجد “ديفداس” سوى شرب
الخمر حتى ينساها، فساءت صحته حتى اصبح اول كاس خمر يشربه بعد ذلك، ككاس سم
قاتل، الا انه شربه، بعد ان اقترب من منزل “بارو” الفتاه التي سبق وان احبها،
وانتهى به الامر ان لفظ انفاسه الاخيره امام منزلها، دون ان تراه.
وقصه “روميو”للكاتب العالمي شكسبير، ذلك الشاب الذي شرب السم، بعد ان ظن بوفاه محبوبته “جوليت”
فلم يعد يتحمل الحياه بدونها للحظات وليس لايام !
ان الامثله كثيرة، وما اقوله ليس الا سرد للحقيقة، التي قد لا تعجب الكثير رجالا
او نساءا، نظرا لانه ليس كل العلاقات التي تنتهي بالزواج، تكون حب حقيقي من جانب
الرجل، فاغلب قصص الحب الحقيقيه للرجال، تنتهي بالفشل، وكانه القدر الذي لا يمكن ان تقف
امامه، فان وقف القدر حائلا بين الرجل وحبه الوحيد، فلن تنتهي العلاقه ابدا بالزواج، وقد
يموت الرجل المحب دون ان يتزوج من اخرى لا يحبها، فزهره وجدانه ومشاعره سبق وان
اقتطفت، ولن تنبت مره اخرى، فيتحول الى كائن مادي لا يشعر بالحب بعد ذلك، حتى
وان كان امام اجمل النساء، او اكثرهن حسبا ونسبا، فالزهره لن تنبت مره اخرى بين
صخور قلبه.
ان الرجل اذا احب وتزوج ممن احبها، لا يفرط فيها ابدا، فستكون مصدر الهامه وروحه
وحياته، والرجل مع من يحبها لا يبحث عن سعادته الشخصية، بل يبحث عن سعاده من
احبها، حتى وان تسببت سعاده محبوبته في تعاسته، الا انه سيكون راضيا قنوعا، حامدا ربه
شاكرا، ان فاز بمن قطفت زهره مشاعره، وظلت معه، دون ان تفارقه، حتى وان لم
تكن تبادله نفس المشاعر.
بيد انه كما سبق وان ذكرت فان اغلب قصص الحب الحقيقيه تنتهي بالفشل، ودائما ما
يكون وراء هذا الفشل اسباب، وتتنوع الاسباب تبعا لظروف كل شخص، فقد يكون المال عائقا،
وان اختلفت الجنسيات، قد تكون العادات والتقاليد سببا في عدم اتمام الزواج، وقد تكون الحدود
بين الدول سببا، وقد ياتي الفشل بسبب اشخاص يظهرون عكس ما يضمرون، والسبب الاخير هو
الاشد والاصعب، لانه بخلاف الضرر، فافساد اخرين لعلاقه حب تعد اكبر خيانة.
عندما لا ينتهي الحب بالزواج، فقد تتزوج المراة، وقد لا يتزوج الرجل، وتظن المراه ان
علاقتها السابقه سينساها ايضا من احببته يوما، لكنها لا تعلم انه ان كان حقا يحبها
فانه لن ينساها، وعلى المراه ان تعلم ان الشخص الذي سبق وان قطفت زهره قلبه،
يكون سعيدا كلما علم عنها خيرا، ومهما ابتعدت المسافات، او اختلفت الجنسيات، او اختلفت الرؤى
للحياة، سيظل الرجل على عهده لها، لان الرجل لا يحب الا مره واحده.
على المراه التي فارقت من احبها حبا صادقا، ان تعلم انه ما تركها او فرط
فيها يوما، برغبته او بارادته ومهما كانت قوته التي كانت تراها، الا ان القدر كان
هو الحائل بينه وبينها، فان اعادت المراه شريط ذكرياتها ستكتشف، ان قصه حبها التي لم
تنتهي بالزواج، لمن يكن بسبب من احبته، بل اطراف من جانبها وايضا من جانبه، فمن
وثق فيهم الرجل ومن وثقت فيهم محبوبته هم من يخونون العهد، مهما كانت صله قرابتهم
باي منهم، ومهما كانت درجه رفعتهم او تقديرهم عند الرجل ! وقد يساعد على انهاء
قصص الحب ايضا ظروف عامة، ان اختلفت الجنسيات، قد تمنع الرجل من عبور حدود ارض
محبوبته، وكانها ظروف ما اتت الا لانهاء قصه حب كانت صادقه من جانب الرجل.
ان قصص الحب الحقيقية، قد تنتهي انتهاء مادي فقط، فقد لا يتقابل الطرفان، بيد ان
الحب لا يعرف المسافات، ولا يعترف بالحدود، وقد يفارق الرجل حبه، لكنه فراق الجسد فقط،
فالرجل ان احب لا ينسى حبه طالما ظل حيا، وكما ذكرت انفا، الحب ياتي للرجل
مرة.
وعلى الله قصد السبيل