ما اعظم الذنوب عند الله ؟
فلا شك ان الصلاه لها مكانه عظيمه في الاسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين،
وهي اول ما يسال عنه العبد يوم القيامه من اعماله، وقد ثبت الوعيد الشديد في
حق من يتهاون بها او يضيعها، قال الله تعالى: فخلف من بعدهم خلف اضاعوا الصلاه
واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا {مريم:59}، وقال تعالى: فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون
{الماعون:4-5}، وترك الصلاه ذنب عظيم وهدم لركن اساسي من اركان الاسلام، وللتعرف على خطوره هذه
المعصيه الشنيعه راجعي الفتوى رقم: 512، والفتوى رقم: 1145.
وقد ذكرنا في هاتين الفتويين قولين لاهل العلم في حكم تارك الصلاه تكاسلا مع اقراره
بوجوبها هل هو كافر ام لا؟ فعلى القول بانه كافر فذنبه اعظم الذنوب بلا شك
فهو اعظم من القتل والزنا…. وعلى القول بانه غير كافر فذنبه عظيم ايضا، كما ان
الذنوب الاخرى التي ذكرت في السؤال عظيمه يتعدى ضررها ويتسع خطرها، وان اعظم الذنوب بعد
الشرك بالله تعالى هو قتل النفس التي حرم الله الا بالحق ويليه الزنا بدليل ما
ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سالت
رسول الله صلى الله عليه وسلم اي الذنب اعظم عند الله؟ قال: ان تجعل لله
ندا وهو خلقك، قال: قلت له: ان ذلك لعظيم، قال: قلت: ثم اي؟ قال: ثم
ان تقتل ولدك مخافه ان يطعم معك، قال: قلت: ثم اي؟ قال: ثم ان تزاني
حليله جارك.
قال النووي في شرحه لهذا الحديث: اما احكام هذا الحديث ففيه ان اكبر المعاصي الشرك
وهو ظاهر لا خفاء فيه، وان القتل بغير حق يليه وكذلك قال اصحابنا: اكبر الكبائر
بعد الشرك القتل وكذا نص عليه الشافعي رضي الله عنه في كتاب الشهادات من مختصر
المزني.
واما ما سواهما من الزنا واللواط وعقوق الوالدين والسحر وقذف المحصنات والفرار يوم الزحف واكل
الربا وغير ذلك من الكبائر فلها تفاصيل واحكام تعرف بها مراتبها ويختلف امرها باختلاف الاحوال
والمفاسد المرتبه عليه.
وعلى هذا يقال في كل واحده منها هي من اكبر الكبائر وان جاء في موضع
انها اكبر الكبائر كان المراد من اكبر الكبائر كما تقدم في فضائل الاعمال. انتهى.
وفي مطالب اولي النهى للرحيباني وهو حنبلي: قد جعل الله القتل بازاء الشرك، ويقرب منه
الزنى واللواطه فان هذا يفسد الاديان وهذا يفسد الابدان وهذا يفسد الانساب، قال الامام احمد:
لا اعلم بعد القتل ذنبا اعظم من الزنى واحتج بحديث عبد الله بن مسعود (وهو
الحديث السابق في الصحيحين)… الى ان قال: والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر من كل
نوع اعلاه ليطابق جوابه سؤال السائل فانه ساله عن اعظم الذنب فاجابه بما تضمن ذكر
اعظم انواعها وما هو اعظم كل نوع.
فاعظم انواع الشرك ان يجعل العبد لله ندا، واعظم انواع القتل ان يقتل ولده خشيه
ان يشاركه في طعامه وشرابه، واعظم انواع الزنى ان يزني بحليله جاره، فان مفسده الزنا
تضاعف بتضاعف ما انتهكه من الحق. انتهى.
وكون تارك الصلاه يقتل حدا على القول بعدم كفره ليس بدليل على انه اعظم من
هذه المعاصي، فان القاتل عمدا يقتل قصاصا، والزاني المحصن يرجم بالشروط المطلوبة، واخذ الاموال على
وجه الحرابه من عقوبته القتل، وراجعي الفتاوى ذات الارقام التالية: 49522، 26483، 13010.
وعلى كل فان ارتكاب المعصيه ايا كانت تلك المعصيه خطر عظيم لان مرتكبها اما ان
يكون مغرورا مستهترا، واما ان يكون مجترئا على الله تعالى، وكل منهما معرض لغضب الله
تعالى ومقته واليم عقابه، وقد قيل لا تنظر الى صغر المعصيه ولكن انظر الى عظمه
من تعصيه.
والله اعلم.