كيف كان الرسول يحل مشاكل زوجاته , سيرة الحبيب المصطفى مع زوجاته
حنون معطاء
ولنرى معا كيف كان حال الرسول الكريم مع زوجاته ، في مختلف الاحوال ، فالرسول
الكريم كان يرفع من شان زوجاته ويقدرهن ، ويدللهن ، ، فها هو صلوات ربي
وسلامه عليه بعد رجوعه من احدى الغزوات ، يطلب من القافله ان تسبقه، ويقوم بمسابقه
السيده عائشه وليست لمره واحده بل مرتين ، فبعد ان كان القائد الباسل في المعركه
منذ ساعات ، اصبح الزوج الحاني المعطاء مع زوجته .
وفي موقف اخر تحكي السيده عائشه رضي الله عنها {دخل مجموعه من اهل االحبشه المسجد
يلعبون، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا حميراء(1) اتحبين ان تنظري اليهم؟)
فقلت: نعم، فقام بالباب ، وجئته فوضعت ذقني على عاتقه، فاسندت وجهي الى خده، قالت:
ومن قولهم يومئذ : ابا القاسم طيبا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (حسبك)
فقلت: يا رسول الله لا تعجل ، فقام لي ، ثم قال : حسبك (فقلت
: لا تعجل يا رسول الله، قالت : ومالي حب النظر اليهم ولكني احببت ان
يبلغ النساء مقامه لي، ومكاني منه) رواه النسائي وصححه الحافظ وتابعه الالباني في اداب الزفاف
واصله في الصحيحين.
هل تصورت كيف كانت تقف خلف النبي صلى الله عليه وسلم ليسترها وقد وضعت ذقنها
على عاتقه صلى الله عليه وسلم واسندت وجهها الى خده صلى الله عليه وسلم؟
وكانت تطلب من النبي صلى الله عليه وسلم ان تبقى فتره اطول، تقول وما بي
حب النظر اليهم ولكن كان هدفها ان تسمع النساء مكانتها عنده… ومع ذلك صبر النبي
صلى الله عليه وسلم على اطالتها محبه لها ومراعاه لمشاعرها .
فعلى الرغم من كل المسئوليات التي يتحملها الرسول الكريم ،الا انه لا ينس حقوق زوجاته
عليه ،فيعاملهم بمنتهي الرقه والحب ولم يقلل ابدا منهم ،فهو القائل في حديثه الشريف “النساء
شقائق الرجال ” ويستدل من حديثه الشريف انه ابدا لم يقلل من قيمتها كما هو
مفهوم عند الكثير فهو يضعها في منزله مساويه له وفي مكانه كبيره ،ولما لا فهي
الام والزوجه والاخت والعمه والابنه والخاله .
واعلاء لمكانه الزوجه ،ومن اجل الرفعه من مكانتها ، والحث على ادخال الفرحه الى قلبها
، بين الرسول لامته ان اللهو واللعب مع الزوجه مما يثاب عليه الرجل ، بل
لا يعد من اللهو اصلا: ففي حديث عطاء بن ابي رباح قال: رايت جابر بن
عبد الله وجابر بن عمير الانصاريين يرميان فمل احدهما فجلس فقال الاخر سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: ( كل شيء ليس من ذكر الله فهو لغو ولهو
الا اربعه خصال مشي بين الغرضين وتاديبه فرسه وملاعبته اهله وتعليم السباحة)
وقد بلغت رقه النبي الشديده مع زوجاته انه كان صلوات ربي وسلامه عليه يخشى عليهن
حتى من اسراع الحادي في قياده الابل اللائي يركبنها، فعن انس رضي الله عنه ان
النبي (صلى الله عليه وسلم ) كان في سفر وكان هناك غلام اسمه انجشه يحدو
بهن (اي ببعض امهات المؤمنين وام سليم) يقال له انجشة، فاشتد بهن في السياق، فقال
النبي (صلى الله عليه وسلم ) “رويدك يا انجشه سوقك بالقوارير”.. (رواه البخاري) .
اعتراف على الملا
وفي الوقت الذي يرى فيه بعض الرجال ان مجرد ذكر اسم زوجته امام الاخرين ينقص
من قيمته ، نجد رسولنا الكريم يجاهر بحبه لزوجاته امام الجميع. فعن عمرو بن العاص
انه سال النبي (صلى الله عليه وسلم ) :”اي الناس احب اليك. قال: عائشة، فقلت
من الرجال؟ قال: ابوها”. (رواه البخاري) .
ولم يكن الحال مع عائشه فقط ، ففي موقف اخر تحكي لنا السيده صفيه بنت
حيي احدى زوجات الرسول : “انها جاءت رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) تزوره
في اعتكافه في المسجد في العشر الاواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت لتنصرف،
فقام النبي (صلى الله عليه وسلم ) معها يوصلها، حتى اذا بلغت المسجد عند باب
ام سلمه مر رجلان من الانصار فسلما على رسول الله (صلى الله عليه وسلم )،
فقال لهما: “على رسلكما، انما هي صفيه بنت حيي”. (رواه البخاري) .
وبرومانسيه المحب وحنان الزوج ” يحكي لنا انس ان جارا فارسيا لرسول الله كان يجيد
طبخ المرق، فصنع لرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) طبقا ثم جاء يدعوه، فرفض
سيدنا محمد الدعوه مرتين؛ لان جاره لم يدع معه عائشه للطعام، وهو ما فعله الجار
في النهاية!
سند في الشدائد
وحبيبنا المصطفي كان مراعيا للحاله التي عليها المراه ،في الاوقات التي تكون حالتها النفسيه والبدنيه
مختلفه عن باقيه الاوقات ، فعن ميمونه رضي الله عنها قالت: ” كان رسول الله
(صلى الله عليه وسلم ) يدخل على احدانا وهي حائض فيضع راسه في حجرها فيقرا
القران، ثم تقوم احدانا بخمرته فتضعها في المسجد وهي حائض”. (رواه احمد).
وفي موقف اخر يحاول الرسول الكريم ان يهدا من الحاله السيئه لاحدى زوجاته ، فقد
دخل الرسول ذات يوم على زوجته السيده (صفيه بنت حيي) رضي الله عنها فوجدها تبكي،
فقال لها ما يبكيك؟
قالت: حفصه تقول: اني ابنه يهودي؛ فقال : قولي لها زوجي محمد وابي هارون وعمي
موسى.. (الاصابه 8/127) وهكذا نرى كيف يحل الخلاف بكلمات بسيطه واسلوب طيب.
رفيق بنسائه
وفي وقت يخجل كثير من الرجال من مساعده زوجاتهم معتقدين ان ذلك قد يقلل من
مكانتهم ،نجد رسولنا الكريم لا يتاخر ابدا عن مساعده زوجاته ،فقد روي عن السيده عائشه
في اكثر من روايه انه كان في خدمه اهل بيته. فقد سئلت عائشه ما كان
النبي (صلى الله عليه وسلم ) يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنه اهله
(اي خدمه اهله) (رواه البخاري). وفي حادثه اخرى ان عائشه سئلت عما كان رسول الله
(صلى الله عليه وسلم ) يعمل في بيته؟ قالت: “كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل
ما يعمل الرجال في بيوتهم” .
يشاورهن في قرارته
وفي وقت الذي ينظر فيه الرجال الى النساء على انهن ناقصات عقل ودين ،وانه لا
يجب ان ياخذ برايهن ، ،لم يخجل الرسول الكريم وقائد الامه العظيم في الاخذ براي
زوجته، ويتجلى ذلك في استشارته صلى الله عليه وسلم لام سلمه في صلح الحديبيه عندما
امر اصحابه بنحر الهدي و حلق الراس فلم يفعلوا ، لانه شق عليهم ان يرجعوا
، ولم يدخلوا مكه ، فدخل مهموما حزينا على ام سلمه في خيمتها فما كان
منها الا ان جاءت بالراي الصائب فقالت : اخرج يا رسول الله فاحلق و انحر
، فحلق و نحر ، فاذا باصحابه كلهم يقومون بقومه رجل واحد فيحلقوا و ينحروا
.
حليم في غضبه
وفي عصر تمتد فيه ايدي الازواج الى نسائهم اذا ما اخطاوا ، ننظر الى حكمه
الرسول ورقته ولطفه في التعامل مع نسائه اذا ما حدث اي خلاف بينه وبين زوجاته
، فقد حدث خلاف بين النبي وعائشه رضي الله عنهما فقال لها من ترضين بيني
وبينك .. اترضين بعمر؟ قالت: لا ارضي عمر قط “عمر غليظ”. قال اترضين بابيك بيني
وبينك؟ قالت: نعم، فبعث رسول الله رسولا الى ابي بكر فلما جاء قال الرسول :
تتكلمين ام اتكلم؟ قالت: تكلم ولا تقل الا حقا، فرفع ابو بكر يده فلطم انفها،
فولت عائشه هاربه منه واحتمت بظهر النبي ، حتى قال له رسول الله: اقسمت عليك
لما خرجت بان لم ندعك لهذا.
فلما خرج قامت عائشه فقال لها الرسول : ادني مني؛ فابت؛ فتبسم وقال: لقد كنت
من قبل شديده اللزوق( اللصوق ) بظهري – ايماءه الى احتمائها بظهره خوفا من ضرب
ابيها لها -، ولما عاد ابو بكر ووجدهما يضحكان قال: اشركاني في سلامكما، كما اشركتماني
في دربكما”. (رواه الحافظ الدمشقي) .
وعندما يشتد الغضب يكون الهجر في ادب النبوه اسلوبا للعلاج ، فلما يمد الرسول الكريم
ابدا يده على اي من زوجاته ، فقد هجر الرسول زوجاته يوم ان ضيقن عليه
في طلب النفقة.. حتى عندما اراد الرسول الكريم ان يطلق احدى زوجاته نجده ودودا رحيما،
فتحكي (بنت الشاطئ) في كتابها (نساء النبي) ذلك الموقف الخالد قائله عن سوده بنت زمعه
رضي الله عنها ارمله مسنه غير ذات جمال ، ثقيله الجسم، كانت تحس ان حظها
من قلب الرسول هو الرحمه وليس الحب، وبدا للرسول اخر الامر ان يسرحها سراحا جميلا
كي يعفيها من وضع احس انه يؤذيها ويجرح قلبها، وانتظر ليلتها وترفق في اخبارها بعزمه
على طلاقها.
وحتى في اشد المواقف التي يتعرض لها بيت النبوه ،والتي هزته بقوه الا وهو حادث
الافك ، كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم نبراسا لكل مسلم، فتروى السيد عائشه
في الصحيحين قائلة: فاشتكيت حين قدمناها شهرا، والناس يفيضون في قول اهل الافك، ولا اشعر
بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي اني لا ارى من رسول الله صلى الله
عليه وسلم اللطف الذي ارى منه حين اشتكي، انما يدخل رسول الله صلى الله عليه
وسلم فيقول “كيف تيكم؟”
وعندما يخطب النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول: يا معشر المسلمين، من يعذرني
من رجل قد بلغني اذاه في اهلي، فوالله ما علمت على اهلي الا خيرا.. وحين
يتحدث الى عائشه يقول لها برقته المعهوده (صلى الله عليه وسلم): اما بعد يا عائشة،
فانه قد بلغني عنك كذا وكذا، فان كنت بريئه فسيبرئك الله، وان كنت الممت بذنب،
فاستغفري الله وتوبي اليه”، “حديث الافك مروي في الصحيحين” حتى انزل الله من فوق سبع
سموات براءه فرح بها قلب النبي صلى الله عليه وسلم وعائشه والمسلمون جميعهم.
فرغم المكانه العظيمه والمنزله الرفيعه التي يتمتع بها الرسول الكريم ،وتحمله لهموم الامه الاسلاميه باكملها
.. فان رقته في التعامل مع زوجاته تفوق الوصف..فلا تتعلل بمسئولياتك عزيزي الزوج وكن كما
كان محمد لتكون زوجتك كخديجه وعائشه وصفيه .
ويؤكد العلماء على انه ليس حسن الخلق مع الزوجه كف الاذى عنها فقط ، بل
احتمال الاذى منها، والحلم عند طيشها وغضبها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد
كانت ازواجه تراجعنه الكلام، وتهجره الواحده منهن اليوم الى الليل، وراجعت امراه عمر رضي الله
عنه فقال: اتراجعينني؟ فقالت: ان ازواج رسول الله صلى الله عليه وسلم يراجعنه وهو خير
منك .