صعوبة البحث عن الكمال
ان بلوغ الكمال و الاتقان فانجازاتنا و اعمالنا و سلوكاتنا يعتبر من المستحيلات.
ويمكن تشبية الرغبة فبلوغ الكمال او التصرف المثالي،
كالسعى و راء المستحيل.
فلا شك فان هذي الرغبة تؤدى باصحابها الى عواقب و خيمة و تجلب لهم معاناة و الام.
لذا اذا اردت استغلال حياتك الى اقصي حد،
فقد يصبح من الافضل،
ان تبدا بقبول عيوبك و نواقصك.
فبلوغ الكمال،
هدف يستحيل ادراكه،
وحتي لا نكون عدميين،
نقول يصعب ادراكة و نيلة و الحصول عليه.
فهذا النوع من الافراد،
لة رؤية متشنجة و منغلقة اتجاة الاخرين.
ان الاشخاص الطامحين للكمال،
لا يعترفون بسمات و وشائج التواصل المطلوبة فتعاملنا و تفاعلنا مع المحيط،
الذى نشكل احد عناصرة و مكوناته.
فهم يكتفون و ينكفؤون على مقوماتهم الذاتية و على التحفيز الشخصى لتحقيق ما يودونة و ما يرغبون فيه.
ان الاشخاص الذين لهم ميولات و رغبات لتحقيق الكمال،
لا تجمعهم علاقة و ثيقة بالاخرين.
فهم يعتبرون ان التساهل و التسامح مثلا،
من علامات الضعف و عدم الثقة فالنفس.
ان التوق الى الكمال،
مطلب مشروع و حافز و دافع نحو التطور و التقدم.
لكن الثقة المطلقة فالذات و فامكانياتها و مقوماتها ربما يدفع بنا الى مستنقع الغرور و التعالى على الاخرين،
والدخول معهم فنزاعات و خلافات و سوء فهم و عدم توافق فالاراء و الاهداف.
1.
الكمال و التفكير القاصر: هل انت نصير (اكون او لا اكون)؟
بلوغ الكمال هو افصاح و تعبير عن عزيمة و ارادة فبلوغ الاهداف و قدرة على التضحية و تحمل الاعباء و المشقات.
ان الرغبة الجامحة و القدرة على تمثل الكمال و تجسيده،
هى رغبة مغلوطة و رؤية مثالية و طوباوية،
ولا تاخذ بعين الاعتبار معتقدات و تفكير الاخرين مما ربما يقودنا الى السلبية و العدمية فتفاعلنا معهم.
فقد اكد الخبراء و الباحثون،
ان الذي يسعي الى المثالية و الكمال يبدل جهودا تتخطي قدراته،
فيغرق فدوامة الياس و الوهم.
ان الاعتقاد بالكمال و تبنى الاستقلالية و الدقة و الاتقان اللامتناهى فالفعل و الانجاز،
قد يصطدم بلامبالاة و عدم استحسان المحيط.
مما ربما يصبح له عواقب و اثار سلبية على سلوكاتنا و انفعالاتنا،
وحتي لا نسقط ففخ الاوهام و التخيلات،
يجب علينا اذا اردنا بلوغ النجاح و تلمس مشاعر و احاسيس الرضي و الاقتناع الحقيقي بمؤهلاتنا الذاتية،
ان نرسم اهدافا اقل عددا و اكثر موضوعية.
فهكذا تتاح امامنا فرص اكبر لبلوغ الشعور بالرضي و الاكتفاء،
وايضا نحد من التوتر و الاجهاد فحياتنا،
مما يسمح لنا بالاستمتاع بلحظات جميلة.
فعوض ان تمضى الوقت فجلد و تقريع ذاتك بسبب فشل او اخفاق،
يمكنك ان تهنئ نفسك على النجاح الذي اصبتة و ان كان محدودا.
فمقوله اكون او لا اكون ليست دائما ناجعة،
لان النجاح و الكمال مسائل نسبية و قابلة للتغير و التطور و التقدم.
2.
الكمال و النقد الذاتي: هل انت رقيب و ناقد لنفسك؟
ان الرغبة فبلوغ الكمال،
تتطلب عقلا ناقدا و يقظا،
يتتبع و يتفحص خطواتنا و تحركاتنا و سلوكاتنا،
ويقيمها و يقوم بتحليل و نقد ذاتى لها،
مع تبنى الواقعية و الموضوعية و الصدر الرحب المتفهم و المستوعب للاخطاء و الهفوات التي ربما نقع بها او لا نتوفر على المهارات و القدرات الملائمة لانجازها و بلوغها.
فلماذا نستحسن و نضخم اعمالنا و مؤهلاتنا و لو كانت معيبة و بعيدة عن الاطلاقية و الكمال؟
ان الخوف من الفشل متواجد و حاضر فالروابط و العلائق الاجتماعية.
فالذى يعتقد و يؤمن بالكمال و تمثل المطلق فطموحاتة و اهدافه،
غالبا ما يصبح يعانى من الخوف و الارتياب من الفشل و الاخفاق.
فهو دائما يميل الى الاستقلالية و الفردانية.
المثل يقول “لا نتعلم المشي اذا لم نسقط اولا”،
السقوط يمنحنا فرصة للبدء من جديد،
فهو مناسبة لدراسة خطواتنا باعتناء و عدم الوقوع فالخطا نفسة مرة ثانية.
يستحسن ان ندون و نسجل ما يواجهنا من صعوبات فمذكرة،
لان هذي الكيفية تمنحنا فرصة تامل التفاصيل بموضوعية،
بعيدا عن الالم و الشعور بالفشل،
فنتوصل الى خلاصات ايجابية و بناءة.
3.
الكمال و انعدام الموضوعية: فهل نحن على علم و دراية بمقوماتنا و مؤهلاتنا؟
ان عدم معرفتنا و ادراكنا للتطور المحقق و هكذا لقدرتنا على اكتساب عناصر التحفيز،
تدفعنا الى مضاعفة و تكثيف الجهود.
ويعتبر شحذ و تحفيز طاقاتنا و قدراتنا الذاتية عنصرا رئيسيا و محوريا لتدارك النقص و القصور الذاتى الذي يتجسد و يبرز فعطاءاتنا و انجازاتنا.
والتحفيز الذاتي،
يمكن ان تكون له اثار و نتائج على المستوي القريب،
لكن على المستوي البعيد نكون ربما و قعنا فحالة انغلاق و انكماش ذاتي،
وبالتالي فاننا نبتعد عن الموضوعية و العقلانية التي بواسطتها نرتقى الى فهم و استيعاب النواقص و العيوب التي ربما تعترى تصرفاتنا و سلوكاتنا.
خلاصة القول فهذا المضمار،
ان ربط تحديد الاهداف بالرغبة فالوصول الى الكمال،
هو شعور و احساس مثالى و طوباوى اكثر منه و اقعى و عملي.
لان هذي الرغبة الجامحة تعرقل امكانية السير قدما نحو سبل تحقيق الطمانينة و السعادة و النجاح.
4.
الكمال و الاضطرابات النفسية
ان ابعاد الارادة و العزيمة غير محدودة،
غير ان تفعيلها و تطبيقها على المحك،
صعب و ربما تعترضة الصعاب و المشقات.
فواقعيا تبنى الرغبة فالكمال و التفوق يفترض المهنية و الحرفية و روح المنافسة.
هذه العناصر تطرح و بقوة مفهومى الثقة فالذات و التقدير الشخصى كعنصرين محوريين فاختبار مردوديتنا و فعاليتنا.
فهل يعقل ان نطمح الى الكمال و امكانياتنا الذاتية محدودة و متواضعة؟
عزيزى القارئ،
ان الرغبة فتحقيق الكمال تعترضها و تعكر صفوها مجموعة من الاضطرابات و الانتاكواب التي ربما يسببها الاخفاق و السقوط.
ومن هذي الاعراض عدم الثقة فالذات و فالاخر،
الانعزال و التقوقع فمكان بعيد عن الاخرين،
جلد الذات و تقريعها و تحميلها ما لا طاقة لها به.
لهذا و ذاك عزيزى القارئ،
ان بلوغ السعادة و الهناء الشخصي،
غير ملزوم بالكمال و التفوق المطلق،
بل يتطلب فقط الالمام الموضوعى و الادراك المنطقى لمقوماتنا و مؤهلاتنا،
دون تضخيم او مغالاة،
اذا مطلب الموضوعية و الواقعية مطلوب فتحديد و تحقيق اهدافنا و غاياتنا.
واسهابا لما سبق،
فان عدم المغالاة و التضخيم فمقوماتنا الذاتية،
وتبنى التمحيص و التقييم لمهاراتنا و امكانياتنا و ملاءمتها مع اهدافنا و محيطنا،
هو السبيل و الطريق المستقيم لنيل المقاصد و المرامي.
5.
الكمال و العزلة النفسية: كيف نتعامل مع الوسط الاجتماعي؟
ان الرغبة فبلوغ الكمال و ما ربما يترتب عنها من عواقب و اثار تؤثر و تنقص من ثقتنا فنفسنا،
وتدفعنا الى الابتعاد عن الاخرين و الى افتقاد الصحبة و دعم الاخرين.
ان الاخر مهم فتوجيهنا و حثنا على الموضوعية و الواقعية فالتفاعل و التجاوب مع الواقع.
فالنقد و التقييم بالنسبة للطامح للكمال يعتبر فنظرة تهجما و نظرة الاخرين اتهاما،
اى ان هذي النظرات تحمل فطياتها التدمير و السخط،
مما يمنعة من بلوغ اهدافة و مرامية الموصوفة بالكمال و الاتقان و التالق.
ان الرهاب الاجتماعى و عدم الثقة فالاخر،
تؤثر بشكل عميق فتفكيرنا و نفسيتنا.
وتدفع بنا الى الانزواء و الانطواء،
ولربما الى شيطنة الاخر و تجريمه.
وخلاصة القول: الرغبة فالكمال هي مطلب مثالى و متعالى على الطبيعة و الواقع ( الكمال لله الواحد القهار)،
لهذا يجب ان نحرص فتحقيق اهدافنا على مقوماتنا الذاتية و نحاول تقويتها و اغناءها،
ثم نعمل على التركيز و الاعتماد على اليات و وسائط المحيط،
ليسهل علينا التفاعل و التواصل داخله،
وبذلك نتمكن من فرض تواجدنا و حضورنا عند الاخر.
- حكم مأثورة
- الصديق الحقبقي
- صور عن الكمال