حكاية الرسول صلى الله عليه وسلم

حكاية الرسول صلى الله عليه و سلم

 20160710 92




نسب النبى صلى الله عليه و سلم


«الصادق المصدوق»


ولد محمد صلى الله عليه و سلم من اسرة زكية المعدن نبيلة النسب،
جمعت خلاصة ما فالعرب من فضائل،
وترفعت عما يشينهم من معائب.
ويرتفع نسبة صلى الله عليه و سلم الى نبى الله اسماعيل بن خليل الرحمن ابراهيم عليهما السلام.
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم عن نفسه: “ان الله اصطفي كنانة من ولد اسماعيل،
واصطفي قريشا من كنانة،
واصطفي من قريش بنى هاشم،
واصطفانى من بنى هاشم”.
واسم رسول الله صلى الله عليه و سلم: محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف.
نسب النبى صلى الله عليه و سلم و اسرته: لنسب النبى صلى الله عليه و سلم ثلاثة اجزاء: جزء اتفق على صحتة اهل السير و الانساب و هو الى عدنان،
وجزء اختلفوا به ما بين متوقف به و قائل به،
وهو ما فوق عدنان الى ابراهيم عليه السلام،
وجزء لا نشك ان فيه

امورا غير صحيحة،
وهو ما فوق ابراهيم الى ادم عليه السلام.
الجزء الاول :

محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب و اسمه شيبة بن هاشم و اسمه عمرو بن عبد مناف و اسمه المغيرة بن قصى و اسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر و هو الملقب بقريش و الية تنتسب القبيلة بن ما لك بن النضر و اسمه قيس بن كنانة بن خزيمة بن مدركة و اسمه عامر بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
الجزء الثاني : ما فوق عدنان ،
وعدنان هو ابن اد بن هميسع بن سلامان بن عوص بن بوز بن قموال بن ابي بن عوام بن ناشد بن حزا بن بلداس بن يدلاف بن طابخ بن جاحم بن ناحش بن ما خى بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربى بن يحزن بن يلحن بن ارعوى بن عيض بن ديشان بن عيصر بن افناد بن ايهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمى بن مزى بن عوضة بن عرام بن قيدار بن اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام .

الجزء الثالث : ما فوق ابراهيم عليه السلام،
وهو ابن تارح و اسمه ازر بن ناحور بن سافضل اوساروغ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن متوشلخ بن اخنوخ يقال هو ادريس عليه السلام بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن انوشة بن شيث بن ادم عليهما السلام.

عبد المطلب زعيما لقريش


تولي هاشم بن عبد مناف سقاية الحجاج و اطعامهم (الرفادة)،
كان هاشم موسرا ذا شرف كبير و هو اول من اطعم الثريد للحجاج بمكة ،
وكان اسمه عمرو،
وسمي هاشما لهشمة الخبز للناس و اطعامهم فسنة مجدبة،
وهو اول من سن الرحلتين لقريش رحلة الشتاء و رحلة الصيف،
ومرت الايام و تولي عبدالمطلب بن هاشم السقاية و الرفادة،
واقام لقومة ما كان اباؤة يقيمون لقومهم و شرف فقومة شرفا لم يبلغة احد من ابائة ،

واحبة قومه.


»


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


حفر بئر زمزم »


بينما عبدالمطلب نائم فحجر الكعبة اذ اتاة هاتف يامرة بحفر زمزم يقول عبدالمطلب: انني لنائم فالحجر اذ اتانى ات فقال: احفر طيبة.
قلت: و ما طيبة؟
ثم ذهب عني،
فلما كان الغد رجعت الى مضجعى فنمت فيه،
فجاءنى فقال: احفر المضنونة.
فقلت: و ما المضنونة؟
ثم ذهب عني،
فلما كان الغد رجعت الى مضجعى فنمت فيه،
فجاءنى فقال: احفر زمزم.
قلت: و ما زمزم؟
قال: لا تنزف ابدا و لا تذم،
تسقي الحجيج الاعظم (اى ان ما ءها لا ينتهى ابدا) و لما بين له شانها و دلة على موضعها و عرف انه ربما صدق،
اصبح بمعولة و معه ابنة الحارث،
ليس له يومئذ ولد غيره،
فحفر فيها،
فلما بدا لعبد المطلب الحجارة التي تغطى البئر كبر،
فعرفت قريش انه ربما ادرك حاجته،
فقاموا الية فقالوا: يا عبدالمطلب،
انها بئر ابينا اسماعيل،
وان لنا بها حقا،
فاشركنا معك فيها.
قال: ما انا بفاعل،
ان ذلك الامر ربما خصصت فيه دونكم،
فقالوا له: فانصفنا فانا غير تاركيك حتي نخاصمك فيها.
قال: فاجعلوا بينى و بينكم من شئتم احاكمكم اليه،
قالوا: كاهنة بنى سعد هذيم،
قال: نعم،
وكانت على حدود الشام،
فركب عبدالمطلب و معه جماعة من بنى عبد مناف،
وركب من جميع قبيلة من قريش جماعة،
والارض اذ ذاك صحراء لا نهاية لها،
فخرجوا حتي اذا كانوا ببعض تلك الصحراء بين الحجاز و الشام فنى ماء عبدالمطلب و اصحابه؛
فظمئوا حتي ايقنوا بالهلاك،
فاستسقوا من معهم من قبائل قريش فابوا عليهم و قالوا: انا بمفازة (اى صحراء) و نحن نخشي على انفسنا كما اصابكم،
فلما راي عبدالمطلب ما صنع القوم،
وما يتخوف على نفسة و اصحابة قال: ماذا ترون؟
قالوا: ما راينا الا تبع لرايك،
فمرنا بما شئت.
قال: فانى اري ان يحفر جميع رجل منكم حفرتة لنفسة بما بكم الان من القوة؛
فكلما ما ت رجل دفعة اصحابة فحفرتة بعدها و اروة حتي يصبح اخركم رجلا واحدا،
فضيعة رجل واحد ايسر من ضيعة القافلة جميعا.
قالوا: نعم ما امرت به.
فقام جميع واحد منهم فحفر حفرته،
ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشا.
ثم ان عبدالمطلب قال لاصحابه: و الله ان القاءنا بايدينا كذا للموت،
لا نضرب فالارض (اى لا نسير لطلب الرزق) و لا نبتغي لانفسنا لعجز،
فعسي الله ان يرزقنا ماء ببعض البلاد؛
ارتحلوا،
فارتحلوا،
حتي اذا فرغوا و من معهم من قبائل قريش ينظرون اليهم ما هم فاعلون،
تقدم عبدالمطلب الى راحلتة فركبها،
فلما قامت فيه انفجرت من تحت خفها عين من ماء عذب،
فكبر عبدالمطلب و كبر اصحابه،
ثم نزل فشرب و شرب اصحابة و ملاوا اسقيتهم.
ثم دعا القبائل من قريش فقال: هلم الى الماء فقد سقانا الله،
فاشربوا و استقوا،
فجاءوا و شربوا و استقوا بعدها قالوا: ربما و الله قضى لك علينا يا عبدالمطلب،
والله لا نخاصمك فزمزم ابدا،
ان الذي سقاك ذلك الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم،
فارجع الى سقايتك راشدا!
فرجع و رجعوا معه،
ولم يصلوا الى الكاهنة،
وخلوا بينة و بين زمزم.
وعندئذ نذر عبدالمطلب: لئن ولد له عشرة نفر،
ثم بلغوا معه حتي يمنعوة (اى حتي يكبروا و يحموه) لينحرن احدهم لله عند الكعبة.

نجاة عبد الله و الد النبى صلى الله عليه و سلم من الذبح


كان عبدالمطلب بن هاشم،
قد نذر حين لقى من قريش ما لقى عند حفر زمزم،
لئن ولد له عشرة نفر،
ثم كبروا حتي يحموه،
لينحرن احدهم لله عند الكعبة،
فلما تكامل بنوة عشرة و عرف انهم سيمنعونه،
جمعهم بعدها اخبرهم بنذره،
ودعاهم الى الوفاء لله بذلك،
فاطاعوه،
فكتب اسماءهم فالقداح (وهي عصى كانوا يقترعون فيها عند الهتهم) و اقترع فخرج القدح على عبد الله ،
فاخذة عبدالمطلب و اخذ الشفرة بعدها اقبل فيه الى الكعبة ليذبحه،
فمنعتة قريش و لاسيما اخوالة من بني مخزوم و اخوة ابو طالب،
فقال عبدالمطلب: فكيف اصنع بنذري؟
فاشاروا عليه ان ياتى عرافة فيستشيرها،
فاتاها فامرت ان يضرب القداح على عبد الله و على عشر من الابل،
فان خرجت على عبد الله يزيد عشرا من الابل حتي يرضي ربه،
فان خرجت على الابل نحرها،
فرجع و اقرع بين عبد الله و بين عشر من الابل فوقعت القرعة على عبد الله ،
فلم يزل يزيد من الابل عشرا عشرا و لا تقع القرعة الا عليه الى ان بلغت الابل ما ئة فوقعت القرعة عليها،
فنحرت عنه بعدها تركها عبدالمطلب لا يرد عنها انسانا و لا سبعا،
وكانت الدية فقريش و فالعرب عشرا من الابل فاصبحت بعد هذي الوقعة ما ئة من الابل،
واقرها الاسلام بعد ذلك،
وروي عن النبى صلى الله عليه و سلم انه قال “انا ابن الذبيحين” يعني نبى الله اسماعيل و اباة عبد الله.

وقعة اصحاب الفيل


كان ابرهة الصباح الحبشى النائب العام عن النجاشى على اليمن،
فلما راي العرب يحجون الكعبة بني كنيسة كبار بصنعاء سماها القليس،
واراد ان يجعل حج العرب اليها،
وسمع بذلك رجل من بنى كنانة فدخلها ليلا فقضي حاجتة بها امتهانا لها،
ولما علم ابرهة بذلك ثار غيظه،
وسار بجيش عرمرم،
عددة ستون الف جندي،
الي الكعبة ليهدمها،
ومعهم ثلاثة عشر فيلا،
واختار ابرهة لنفسة فيلا من اكبر الفيلة،
وهزم جميع من حاول الوقوف امامة من قبائل العرب،
وواصل سيرة حتي بلغ المغمس و هنالك عبا جيشة ،
وهيا فيله،
ثم بعث بعض رجالة الى مكة فاستولوا على الاغنام و الابل التي و جدوها،
وكان بها ما ئتى بعير لعبد المطلب بن هاشم كبير قريش و سيدها.
بعدين بعث ابرهة احد رجالة الى مكة و قال له: سل عن سيد ذلك البلد و شريفها،
ثم قل له: ان الملك يقول لك: انني لم ات لحربكم،
انما جئت لهدم ذلك المنزل،
فان لم تتعرضوا لى فلا حاجة لى فدمائكم.
فلما قال هذا لعبد المطلب قال له: و الله ما نريد حربه،
وما لنا بذلك من طاقة،
هذا بيت =الله الحرام،
وبيت خليلة ابراهيم عليه السلام،
فان يمنعة منه فهو حرمه،
وان يخل بينة و بينة فوالله ما عندنا دفع عنه،
فقال له رسول ابرهة: فانطلق معى اليه،
فانة ربما امرنى ان اتية بك،
فذهب الية مع بعض ابنائه،
وكان عبدالمطلب و سيما جميلا مهابا،
فلما راة ابرهة اجلة و اعظمه،
ونزل عن كرسية و جلس بجانبة على الارض،
ثم قال له: ما حاجتك؟
فقال عبدالمطلب: حاجتى ان يرد على الملك ما ئتى بعير اصابها لي،
فقال ابرهة: ربما كنت اعجبتنى حين رايتك،
ثم زهدت فيك حين كلمتني!
اتكلمنى فما ئتى بعير اخذت منك و تترك بيتا هو دينك و دين ابائك ربما جئت لاهدمة لا تكلمنى فيه؟
قال له عبدالمطلب: انني انا رب الابل،
وان للمنزل ربا سيمنعه!
قال ابرهة: ما كان ليمتنع مني،
قال: عبدالمطلب انت و ذلك.
فلما اخذ عبدالمطلب ابلة عاد الى قريش فاخبرهم الخبر و امرهم بالخروج من مكة و التحصن بالجبال خوفا عليهم من الجيش،
ثم قام عبدالمطلب يدعو الله و يستنصرة و معه جماعة من قريش،
ثم لحقوا بقومهم فالجبال ينتظرون ما ابرهة فاعل بمكة اذا دخلها.
وتهيا ابرهة لدخول مكة ،

فلما كان بين المزدلفة و مني برك الفيل ،
ولم يقم ليقدم الى الكعبة ،
و كانوا كلما و جهوة الى الجنوب او الشمال او الشرق يقوم يهرول ،

واذا صرفوة الى الكعبة برك،
فبينا هم ايضا اذ ارسل الله عليهم طيرا ابابيل ،

ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف ما كول و كانت الطير امثال الخطاطيف و البلسان (الخطاف طائر اسود،
والبلسان: الزرزور) مع جميع طائر ثلاثة احجار ،
حجر فمنقارة و حجران فرجلية امثال الحمص ،
لا تصيب منهم احدا الا صار تتقطع اعضاؤة و هلك،
وخرجوا هاربين يموج بعضهم فبعض فتساقطوا بكل طريق و هلكوا على جميع منهل،
واما ابرهة فبعث الله عليه داء تساقطت بسببة اناملة (اى اصابعه) و لم يصل الى صنعاء الا و هو كالفرخ،
وانصدع صدرة عن قلبة بعدها هلك .

واما قريش فكانوا ربما تفرقوا فالجبال خوفا على انفسهم من الجيش،
فلما نزل بالجيش ما نزل رجعوا الى بيوتهم امنين.

 20160710 1880

وفاة عبدالله و الد الرسول صلى الله عليه و سلم»


اختار عبدالمطلب لولدة عبد الله امنة فتاة و هب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب و هي يومئذ تعد اروع امراة فقريش نسبا و موضعا،
وابوها سيد بني زهرة نسبا و شرفا،
فتزوجها عبد الله فمكة و بعد قليل ارسلة عبدالمطلب الى المدينة يشترى لهم تمرا،فدخل المدينة و هو مريض،
فتوفى فيها و دفن فدار النابغة الجعدي،
ولة اذ ذاك خمس و عشرون سنة،
وكانت و فاتة قبل ان يولد رسول الله صلى الله عليه و سلم و لما بلغ نعية الى مكة رثتة امنة بافضل الاشعار.
وجميع ما خلفة عبد الله خمسة جمال و قطعة غنم ،
وجارية حبشية اسمها بركة و كنيتها ام ايمن،
وهي حاضنة رسول الله صلى الله عليه و سلم .



قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


ولادة الرسول صلى الله عليه و سلم


ولد سيد المرسلين صلى الله عليه و سلم بشعب بني هاشم بمكة فصبيحة يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الاول ،
لاول عام من حادثة الفيل و لاربعين سنة خلت من ملك كسري انوشروان ،
ويوافق هذا العشرين او الثاني و العشرين من شهر ابريل سنة 571 م (احدي و سبعين و خمسمائة).
ويقال ان امنة فتاة و هب ام رسول الله صلى الله عليه و سلم كانت تحدث: انها اتيت حين حملت برسول الله صلى الله عليه و سلم فقيل لها: انك ربما حملت بسيد هذي الامة،
فاذا و قع الى الارض فقولي: اعيذة بالواحد من شر جميع حاسد!
ثم سمية محمدا.
ورات حين حملت فيه انه خرج منها نور رات فيه قصور بصري من ارض الشام.
وقد روى ان ارهاصات بالبعثة ربما و قعت عند الميلاد فسقطت اربع عشرة شرفة من ايوان كسري و خمدت النار التي يعبدها المجوس و انهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد ان غاضت (اى جف ما ؤها) استقبل “عبد المطلب” ميلاد حفيدة باستبشار،
ولعلة راي فمقدمة عوضا عن ابنة الذي توفى فريعان شبابه،
فحول مشاعرة عن الراحل الذاهب الى الوافد الجديد يرعاة و يغالى به.
ومن الموافقات الرائعة ان يلهم “عبد المطلب” تسمية حفيدة “محمد”.
انها تسمية اعانة عليها ملك كريم.
ولم يكن العرب يالفون هذي الاعلام،
لذا سالوة لم رغب عن اسماء ابائه؟
فاجاب: اردت ان يحمدة الله فالسماء،
وان يحمدة الخلق فالارض،
فكان هذي الارادة كانت استشفافا للغيب،
فان احدا من خلق الله لا يستحق ازجاء عواطف الشكر و الثناء على ما ادي و اسدي كما يستحق هذا النبى العربي المحمد.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


الرضاعة


اول من ارضعت الرسول صلى الله عليه و سلم من المراضع بعد امة كانت ثويبة مولاة ابي لهب بلبن ابن لها يقال له مسروح،
و كانت ربما ارضعت قبلة حمزة بن عبدالمطلب و كانت العادة عند اهل الحضر من العرب (خلاف البدويين) ان يلتمسوا المراضع لاولادهم،
ابتعادا لهم عن امراض المدن؛
لتقوي اجسامهم،
وتشتد اعصابهم،
ويتقنوا اللسان العربي فمهدهم ،

فالتمس عبدالمطلب لرسول الله صلى الله عليه و سلم المرضعات،
واسترضع له امراة من بنى سعد بن بكر و هي حليمة فتاة ابي ذؤيب السعدية و كان زوجها الحارث بن عبدالعزي المكني بابي كبشة من نفس القبيلة .

واخوتة صلى الله عليه و سلم هنالك من الرضاعة عبد الله بن الحارث و انيسة فتاة الحارث،
وحذافة او جذامة فتاة الحارث (وهي الشيماء) و كانت تحضن رسول الله صلى الله عليه و سلم،
وابو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب ،
ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم،
وقد رات حليمة من بركتة صلى الله عليه و سلم ما عجبت منه اشد العجب .

كانت حليمة تحدث انها خرجت من بلدها مع زوجها و ابن لها صغير ترضعه،
فى نسوة من بنى سعد لجلب الرضعاء،
وذلك فسنة مجدبة شديدة،
خرجت على انثى حمار بيضاء،
ومعهم ناقة ليس بها قطرة لبن،
وانهم لم يناموا طوال الليل من بكاء الصبى من الجوع،
وليس فثديها ما يكفيه،
وما فالناقة ما يغذيه،
وبسبب ضعف الاتان التي كانت تركبها حليمة فقد تاخرت عن باقى المرضعات حتي ضايقهم ذلك،
حتي قدموا مكة،
فما منهن امراة الا و ربما عرض عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم فتاباة اذا قيل لها انه يتيم،
وذلك ان جميع واحدة منهن كانت ترجو المعروف من ابي الصبى،
فكانت تقول: يتيم!
وما عسي ان تصنع امة و جده!.
وفى نهاية اليوم لم تبق امراة ليس معها رضيع،
الا حليمة،
فلما هموا بالانصراف قالت حليمة لزوجها: و الله انني لاكرة ان ارجع من بين صواحبى و لم اخذ رضيعا،
والله لاذهبن الى هذا اليتيم فلاخذنه!
قال: لا عليك ان تفعلي،
عسي الله ان يجعل لنا به بركة.
قالت: فذهبت الية فاخذته،
وما حملنى على اخذة الا انني لم اجد غيرة فلما اخذتة رجعت فيه الى رحلي،
فلما و ضعتة فحجرى اقبل عليه ثدياى بما شاء من لبن؛
فشرب حتي روي،
وشرب معه اخوة حتي روى بعدها ناما،
وما كنا ننام منه قبل ذلك.
وقام زوجها الى ناقتهم فاذا ضرعها مليء باللبن،
فحلب منها و شرب،
وشربت معه حليمة حتي انتهيا ريا و شبعا،
فبات الجميع بخير ليلة!
فقال زوجها: تعلمي و الله يا حليمة لقد اخذت نسمة مباركة!
فقالت: و الله انني لارجو ذلك.
ثم خرجوا و ركبت حليمة الاتان العجفاء التي اتت عليها،
وحملت النبى صلى الله عليه و سلم معها،
فسبقت كل المرضعات،
حتي ان صواحبها ليقلن لها: يا ابنة ابي ذؤيب،
ويحك اربعى علينا (اى تمهلي) اليست هذي اتانك التي كنت خرجت عليها؟
فتقول لهن: بلي و الله انها لهى !

فيقلن: و الله ان لها لشانا!
ثم قدموا منازلهم من بلاد بنى سعد،
وليس فارض الله اجدب منها؛
فكانت غنم حليمة ترعي و تعود شباعا مملوءة لبنا،
فيحلبون،
ويشربون،
وما يحلب انسان قطرة لبن،
ولا يجدها فضرع،
حتي كان قومها من بنى سعد يقولون لرعيانهم: و يلكم،
اسرحوا حيث يسرح راعى فتاة ابي ذؤيب،
فتروح اغنامهم جياعا ما بها قطرة لبن،
وتروح غنم حليمة شباعا تمتلىء لبنا.
ولم تزل حليمة و اهلها ياتيهم من الله الزيادة و الخير حتي مضت سنتا الرضاعة و فصلتة (اى فطمته).
وكان صلى الله عليه و سلم يشب شبابا لا يشبة الغلمان،
فلم يبلغ سنتية حتي كان غلاما فتيا،
فقدموا فيه على امة و هم احرص شيء على مكثة فيهم؛
لما كانوا يرون من بركته،
فقالت حليمة لامة امنة: لو تركت بنى عندي حتي غلظ،
فانى اخاف عليه و باء مكة؟
واخذوا يلحون عليها حتي ردتة معهم،
فرجعوا به.

حادثة شق الصدر


»


بقى رسول الله صلى الله عليه و سلم فبنى سعد،
حتي اذا كانت السنة الرابعة او الخامسة من مولدة و قع حادث شق صدره.
روي مسلم عن انس ان رسول الله صلى الله عليه و سلم اتاة جبريل،
وهو يلعب مع الغلمان،
فاخذة فصرعه،
فشق عن قلبه،
فاستخرج القلب،
فاستخرج منه علقة،
فقال: ذلك حظ الشيطان منك،
ثم غسلة فطست من ذهب بماء زمزم،
ثم لامة (اى اغلق قلبه) بعدها اعادة الى مكانه،
وجاء الغلمان يسعون الى امة (يعني مر ضعته) فقالوا: ان محمدا ربما قتل.
تقول حليمة: فخرجت انا و ابوة نحوة فوجدتة قائما منتقعا و جهه،
فالتزمتة (اى فاحتضنته) و التزمة ابوه،
فقلنا: ما لك يا بني؟
قال: جاءنى رجلان عليهما ثياب بيض،
فاضجعانى و شقا بطني فالتمسا به شيئا لا ادري ما هو؟
فرجع فيه الى خبائنا و قال لى ابوه: يا حليمة،
لقد خشيت ان يصبح ذلك الغلام ربما اصيب فالحقية باهلة قبل ان يخرج هذا به،
فاحتملناة فقدمنا فيه على امه؛
فقالت: ما اقدمك فيه يا ظئر (الظئر: المرضعة) و ربما كنت حريصة عليه و على مكثة عندك؟
فقلت: ربما بلغ الله بابنى و قضيت الذي علي،
وتخوفت الاحداث عليه،
فاديتة اليك كما تحبين.
قالت: ما ذلك شانك فاصدقينى خبرك.
فلم تدعنى حتي اخبرتها.
قالت: افتخوفت عليه الشيطان؟
قلت: نعم.
قالت: كلا و الله ما للشيطان عليه من سبيل،
وان لبنى لشانا،
افلا اخبرك خبره؟
قلت: بلى.
قالت: رايت حين حملت فيه انه خرج منى نور اضاء قصور بصرى،
من ارض الشام،
ثم حملت فيه فوالله ما رايت من حمل قط كان اخف على و لا ايسر منه،
ووقع حين و لدتة و انه لواضع يدية بالارض،
رافع راسة الى السماء،
دعية عنك و انطلقى راشدة


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


وفاة امنة ام الرسول صلى الله عليه و سلم و كفالة جدة له


»


رات امنة و فاء لذكري زوجها الراحل ان تزور قبرة بيثرب فخرجت من مكة قاطعة رحلة تبلغ خمسمائة كيلو مترا و معها و لدها اليتيم محمد صلى الله عليه و سلم و خادمتها ام ايمن ،
وقيمها عبدالمطلب،
فمكثت شهرا،
ثم رجعت،
وبينما هي راجعة اذ يلاحقها المرض،
ويلح عليها فاوائل الطريق،
فماتت بالابواء بين مكة و المدينة.
وعاد فيه عبدالمطلب الى مكة ،
وكانت مشاعر الحنان ففؤادة تزيد نحو حفيدة اليتيم ،

الذى اصيب بمصاب جديد نكا الجروح القديمة ،

فرق عليه رقة لم يرقها على احد من اولادة ،

فكان لا يدعة لوحدتة ،

بل يؤثرة على اولادة ،

وكان يوضع لعبد المطلب فراش فظل الكعبة ،

وكان بنوة يجلسون حول فراشة هذا حتي يظهر الية لا يجلس عليه احد من بنية اجلالا له ،

فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم ياتى و هو غلام صغير حتي يجلس عليه ،

فياخذة اعمامة ليؤخروة عنه ،

فيقول عبدالمطلب اذا راي هذا منهم : دعوا ابنى ذلك فوالله ان له لشانا بعدها يجلس معه على فراشة ،
ويمسح ظهرة بيدة و يسرة ما يراة يصنع.
ولثمانى سنوات و شهرين و عشرة ايام من عمرة صلى الله عليه و سلم توفى جدة عبدالمطلب بمكة ،

وراي قبل و فاتة ان يعهد بكفالة حفيدة الى عمة ابي طالب شقيق ابية .



قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


وفاة جدة و كفالة عمة »


نهض ابو طالب بحق ابن اخية على اكمل و جة ،
وضمة الى اولادة ،

وقدمة عليهم ،

واختصة بفضل احترام و تقدير ،

وظل فوق اربعين سنة يعز جانبة ،

ويبسط عليه حمايتة ،
ويصادق و يخاصم من اجلة و ظهرت بركة محمد صلى الله عليه و سلم و هو مع عمة فمواقف عديدة منها ذلك الموقف: فقد حدث ان اصاب مكة جدب ،

فقال بعض كبراء قريش لابي طالب،
يا ابا طالب اقحط الوادي،
واجدبت البلاد،
فهلم نستسق فقال ابو طالب: نعم هلم بنا،
فاحضر محمدا صلى الله عليه و سلم ليستسقى للقوم،
واخذ ابو طالب النبى صلى الله عليه و سلم و الصق ظهرة بالكعبة،
ثم امسك بيدية و رفعهما الى السماء و دعا،
وبعد ان كانت السماء خالية ليس بها سحابة واحدة،
اذا بالسحاب يقبل من هنا و هنالك و يملا السماء،
واذا بالمطر يفيض على الوادى كله.
والي ذلك اشار ابو طالب حين قال: و ابيض يستسقي الغمام بوجهه.
وقد حج احدهم فالجاهلية فاذا فيه برجل يطوف بالبيت و هو يرتجز و يقول: رب رد الى راكبى محمدا ردة الى و اصطنع عندي يدا فقال:من هذا؟
فقالوا: عبدالمطلب بن هاشم،
بعث بابن ابنة محمد فطلب ابل له و لم يبعثة فحاجة الا نجح فيها،
وقد ابطا عليه،
فلم يلبث ان جاء محمد و الابل فعانقه،
وقال: يا بنى لقد جزعت عليك جزعا لم اجزعة على شيء قط،
والله لا ابعثك فحاجة ابدا،
ولا تفارقنى بعد ذلك ابدا

قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


بحيرا الراهب


»


خرج ابو طالب فقافلة تاجرا الى الشام،
فلما تهيا للرحيل تعلق فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم،
فرق له ابو طالب و قال: و الله لاخرجن فيه معى و لا يفارقنى و لا افارقة ابدا.
فخرج فيه معه،
فلما نزلت القافلة بصري و فيها راهب يقال له “بحيرا” فصومعة له،
وكان اعلم اهل النصرانية،
و كانوا كثيرا ما يمرون فيه قبل هذا فلا يكلمهم و لا يعرض لهم حتي كان هذا العام،
فلما نزلوا قريبا من صومعتة صنع لهم طعاما كثيرا.
وذلك انه راي رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو فصومعتة و فالركب حين اقبلوا،
وغمامة تظلة من بين القوم،
ثم اقبلوا فنزلوا فظل شجرة قريبا منه،
فنظر الى الغمامة حين اظلت الشجرة،
وتدلت اغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه و سلم حتي استظل تحتها،
فلما راي هذا بحيرا نزل من صومعته،
ثم ارسل اليهم فقال: انني ربما صنعت لكم طعاما يا معشر قريش فانى احب ان تحضروا كلكم صغيركم و كبيركم،
وعبدكم و حركم.
فقال له رجل منهم: و الله يا بحيرا ان لك اليوم لشانا،
فما كنت تصنع ذلك بنا و ربما كنا نمر بك كثيرا،
فما شانك اليوم؟
قال له بحيرا: صدقت،
كان ربما كان ما تقول،
ولكنكم ضيف،
وقد احببت ان اكرمكم و اصنع لكم طعاما فتاكلوا منه كلكم.
فاجتمعوا الية و تخلف رسول الله صلى الله عليه و سلم من بين القوم لحداثة سنة فرحال القوم تحت الشجرة،
فلما نظر بحيرا فالقوم لم ير الصفة التي يعرف و يجد عنده،
فقال: يا معشر قريش،
لا يتخلفن احد منكم عن طعامي،
قالوا: يا بحيرا،
ما تخلف عنك احد ينبغى له ان ياتيك الا غلام ،

وهواحدث القوم سنا فتخلف فرحالهم،
فقال: لا تفعلوا،
ادعوة فليحضر ذلك الاكل معكم،
فقال رجل من قريش مع القوم: و اللات و العزى،
ان كان للؤم بنا ان يتخلف ابن عبدالمطلب عن اكل من بيننا بعدها قام فاحتضنة و اجلسة مع القوم،
فلما راة بحيرا جعل يلحظة لحظا شديدا و ينظر الى حاجات من جسدة ربما كان يجدها عندة من صفته،
حتي اذا فرغ القوم من طعامهم و تفرقوا قام الية بحيرا فقال له: يا غلام،
اسالك بحق اللات و العزي الا ما اخبرتنى عما اسالك عنه و انما قال له بحيرا هذا لانة سمع قومة يحلفون بهما فزعموا ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال له: لا تسالنى باللات و العزى،
فوالله ما ابغضت شيئا قط بغضهما ‍فقال له بحيرا: فبالله الا ما اخبرتنى عما اسالك عنه.
فقال له: سلنى ما بدا لك.
فجعل يسالة عن حاجات من حالة فقومة و هيئتة و امورة فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يخبرة فيوافق هذا ما عند بحيرا من صفته،
ثم نظر الى ظهرة فراي خاتم النبوة بين كتفية على موضعة من صفتة التي عنده.
فلما فرغ اقبل على عمة ابي طالب فقال له: ما ذلك الغلام منك؟
قال: ابنى قال له بحيرا: ما هو بابنك،
وما ينبغى لهذا الغلام ان يصبح ابوة حيا.
قال: فانه ابن اخي.
قال: فما فعل ابوه؟
قال: ما ت و امة حبلي به.
قال: صدقت،
فارجع بابن اخيك الى بلدة و احذر عليه يهود،
فوالله لئن راوة و عرفوا منه ما عرفت ليبغنة شرا،
فانة كائن لابن اخيك ذلك شان عظيم!
هذا سيد العالمين،
هذا يبعثة الله رحمة للعالمين .
فقال ابو طالب: و ما علمك بذلك؟
فقال: انكم حين اشرفتم من العقبة لم يبق حجر و لا شجر الا و خر ساجدا،
ولا تسجد الا لنبي،
وانى اعرفة بخاتم النبوة فاسفل غضروف كتفة كالتفاحة،
وانا نجدة فكتبنا،
وسال ابا طالب ان يرده،
ولا يقدم فيه الى الشام،
خوفا عليه من اليهود فبعثة عمة مع بعض غلمانة الى مكة.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


حرب الفجار»


ولخمس عشرة سنة من عمرة صلى الله عليه و سلم كانت حرب الفجار بين قريش و من معهم من كنانة و بين قيس عيلان ،
وكان قائد قريش و كنانة كلها حرب بن امية لمكانتة فيهم سنا و شرفا ،
وكان الظفر فاول الامر لقيس على كنانة ،

وبعد هذا كان الظفر لكنانة على قيس،
وسميت بحرب الفجار لانتهاك حرمات الحرم و الاشهر الحرم بها ،
وقد حضر هذي الحرب رسول الله صلى الله عليه و سلم ،

وكان ينبل على عمومته،
اى يجهز لهم النبل للرمي.
كانت حرب الفجار بالنسبة الى قريش دفاعا عن قداسة الاشهر الحرم،ومكانة ارض الحرم .
وهذه الشعائر بقية مما احترم العرب من دين ابراهيم و كان احترامها مصدر نفع كبير لهم ،

وضمانا لانتظام مصالحهم و هدوء عداواتهم،
ولكن اهل الجاهلية ما لبثوا ان ابتلوا بمن استباحها،
فظلموا انفسهم بالقتال فتلك الاشهر الحرم،
وكانت حرب الفجار من اثار هذي الاستباحة الجائرة،
وقد ظلت اربعة اعوام ،
كان عمر محمد صلى الله عليه و سلم اثناءها بين الخمسة عشر و التسعة عشر.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة

حلف الفضول »


علي اثر حرب الفجار و قع حلف الفضول فذى القعدة فشهر حرام،
تداعت الية قبائل من قريش : بنو هاشم و بنو المطلب ،
واسد بن عبد العزي ،

وزهرة بن كلاب ،

وتيم بن مرة ،

فاجتمعوا فدار عبد الله بن جدعان التيمى لسنة و شرفة ،

فتعاقدوا و تعاهدوا على ان لا يجدوا بمكة مظلوما من اهلها و غيرهم من سائر الناس الا قاموا معه ،
وكانوا على من ظلمة حتي ترد عليه مظلمتة ،
وشهد ذلك الحلف رسول الله صلى الله عليه و سلم ،
وقال بعد ان اكرمة الله بالرسالة : لقد شهدت فدار عبد الله بن جدعان حلفا ما احب ان لى فيه حمر النعم ،

ولو ادعي فيه فالاسلام لاجبت .



قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


جد فالصبا و كفاح فالشباب

»


عاش محمد صلى الله عليه و سلم مع عمة حياة الكدح فليس من شان الرجال ان يقعدوا،.ومن قبلة كان المرسلون ياكلون من عمل ايديهم،
ويحترفون مهنا شتي ليعيشوا على كسبها.
وقد صح ان محمدا عليه الصلاة و السلام اشتغل صدر حياتة برعى الغنم و قال:كنت ارعاها على قراريط لاهل مكة،
كما ثبت ان عددا من الانبياء اشتغل برعايتها،
وقد احاطتة الاعتناء الالهية و هو فتلك السن المبكرة من كل مظاهر العبث او اللهو التي كانت شائعة انذاك،
لقد جمع الله لنبية منذ صغرة خير ما فطبقات الناس من ميزات ،
وكان طرازا رفيعا من الفكر الصائب و النظر السديد،
ونال حظا و افرا من حسن الفطنة و اصالة الفكرة و سداد الوسيلة و الهدف،
وكان يستعين بصمتة الطويل على طول التامل و ادمان الفكرة و استنتاج الحق،
وطالع بعقلة الخصب و فطرتة الصافية صحائف الحياة و شئون الناس و احوال الجماعات فابي ما بها من خرافة و ناي عنها،
ثم عايش الناس على بصيرة من امرة و امرهم ،

فما و جد حسنا شارك فيه،
والا عاد الى عزلتة العتيدة ،
فكان لا يشرب الخمر ،
ولا ياكل مما ذبح على النصب،
ولا يحضر للاوثان عيدا،
ولا احتفالا،
بل كان من اول نشاتة نافرا من هذي المعبودات الباطلة ،

حتي لم يكن شيء ابغض الية منها،
وحتي كان لا يصبر على سماع الحلف باللات و العزى.
ولا شك ان القدر حاطة بالحفظ،
فعندما تتحرك نوازع النفس لاستطلاع بعض متع الدنيا ،
وعندما يرضي باتباع بعض التقاليد غير المحمودة تتدخل الاعتناء الربانية للحيلولة بينة و بينها،
روي ابن الاثير ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ما هممت بشيء مما كان اهل الجاهلية يعملون غير مرتين،
كل هذا يحول الله بينى و بينه،
ثم ما هممت فيه حتي اكرمنى برسالته،
قلت ليلة للغلام الذي يرعي معى الغنم باعلي مكة: لو ابصرت لى غنمى حتي ادخل مكة و اسمر فيها كما يسمر الشباب !

فقال :افعل ،

فخرجت حتي اذا كنت عند اول دار بمكة سمعت عزفا ،

فقلت ما ذلك ؟

فقالوا عرس فلان بفلانة ،

فجلست اسمع فضرب الله على اذنى فنمت ،

فما ايقظنى الا حر الشمس فعدت الى صاحبى فسالنى ،

فاخبرتة بعدها قلت ليلة ثانية ايضا ،
ودخلت بمكة فاصابنى كاول ليلة .
.
ثم ما هممت بسوء”.
وروي البخارى عن جابر بن عبد الله قال: لما بنيت الكعبة ذهب النبى صلى الله عليه و سلم و عباس ينقلان الحجارة،
فقال عباس للنبى صلى الله عليه و سلم: اجعل ازارك على رقبتك يقيك من الحجارة ففعل فخر الى الارض،
وطمحت عيناة الى السماء (اى نظر لاعلي و تعلقت عيناة بالسماء) بعدها افاق فقال: ازاري،
ازاري،
فشد عليه ازاره،
فما رؤيت له عورة بعد ذلك.
وكان النبى صلى الله عليه و سلم يمتاز فقومة باثناء عذبة و اخلاق فاضلة،
وشمائل كريمة فكان اروع قومة مروءة،
واحسنهم خلقا،
واعزهم جوارا،
واعظمهم حلما،
واصدقهم حديثا،
والينهم عريكة (العريكة: الطبيعة و المعاملة) و اعفهم نفسا،
واكرمهم خيرا،
وابرهم عملا،
واوفاهم عهدا،
وامنهم امانة،
حتي سماة قومة “الامين”؛
لما جمع به من الاحوال الصالحة و الخصال المرضية و لما بلغ صلى الله عليه و سلم الخامسة و العشرين من سنة خرج تاجرا الى الشام فما ل خديجة رضي الله عنها ،

وكانت خديجة فتاة خويلد امراة تاجرة ذات شرف و ما ل ،

تستاجر الرجال فما لها ليتاجروا لها،
فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ما بلغها من صدق حديثه،
وعظم امانتة و كرم اخلاقة بعثت اليه،
فعرضت عليه ان يظهر فما ل لها الى الشام تاجرا،
وتعطية اروع ما كانت تعطى غيرة من التجار،
مع غلام لها يقال له ميسرة،
فقبلة رسول الله صلى الله عليه و سلم منها،
وخرج فما لها ذلك،
وخرج معه غلامها ميسرة حتي قدما الى الشام.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


زواجة من السيدة خديجة رضي الله عنها

»


خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم تاجرا فما ل السيدة خديجة،
وخرج معه غلامها ميسرة حتي قدم الشام.
فنزل رسول الله صلى الله عليه و سلم فظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان يدعي نسطورا،
فاطلع الراهب الى ميسرة فقال: من ذلك الرجل الذي نزل تحت هذي الشجرة؟
قال له ميسرة: ذلك رجل من قريش من اهل الحرم.
فقال له الراهب: ما نزل تحت هذي الشجرة قط الا نبي!
ثم باع رسول الله صلى الله عليه و سلم سلعتة التي خرج بها،
واشتري ما اراد ان يشتري،
ثم اقبل عائدا الى مكة ،

فكان ميسرة اذا كانت الظهيرة و اشتد الحر يري ملكين يظلانة من الشمس و هو يسير على بعيره،
فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء فيه فربح الضعف او قريبا.
ورات خديجة فما لها من الامانة و البركة ما لم تر قبل هذا،
واخبرها غلامها ميسرة بما راي به صلى الله عليه و سلم من اثناء عذبة،
وشمائل كريمة،
وفكر راجح،
ومنطق صادق،
ونهج امين،
وعرفت انها و جدت ضالتها المنشودة و كان السادات و الرؤساء يحرصون على زواجها،
فتابي عليهم هذا فتحدثت بما فنفسها الى صديقتها نفيسة فتاة منية،
وهذه ذهبت الية صلى الله عليه و سلم تفاتحة ان يتزوج خديجة،
فرضى بذلك،
وكلم اعمامة فذهبوا الى عم خديجة و خطبوها اليه،
وعلي اثر هذا تم الزواج،
وحضر العقد بنو هاشم و رؤساء مضر،
وذلك بعد رجوعة من الشام بشهرين،
واصدقها عشرين من الابل،
وكانت سنها اذ ذاك اربعين سنة،وكانت يومئذ اروع نساء قومها نسبا و ثروة و عقلا،
وهي اول امراة تزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم ،
ولم يتزوج عليها غيرها حتي ما تت.
وقد استانف محمد عليه الصلاة و السلام ما الفة بعد زواجة من حياة التامل و العزلة.
وهجر ما كان عليه العرب فاحتفالاتهم الصاخبة من ادمان و لغو و قمار،
وان لم يقطعة هذا عن ادارة تجارته،وتدبير معايشه،
والضرب فالارض و المشي فالاسواق.
ان حياة الرجل العاقل و سط جماعة طائشة تقتضى ضروبا من الحذر و الروية،
وخصوصا اذا كان الرجل على خلق عظيم يتسم بلين الجانب و بسط الوجه

قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


بناء الكعبة و قضية التحكيم

»


ولخمس و ثلاثين سنة من مولدة صلى الله عليه و سلم قامت قريش ببناء الكعبة ،
وذلك لان الكعبة كانت عبارة عن حجارة مرصوصة ارتفاعها تسعة اذرع من عهد اسماعيل ،
ولم يكن لها سقف ،

فسرق بعض اللصوص كنزها الذي كان فجوفها ،

وكانت مع هذا ربما تعرضت باعتبارها اثرا قديما للعوامل الجوية التي اضعفت بنيانها ،

وصدعت جدرانها .

وقبل بعثة صلى الله عليه و سلم بخمس سنين جرف مكة سيل عرم ،

انحدر الى المنزل الحرام ،
فاوشكت الكعبة منه على الانهيار فاضطرت قريش الى تجديد بنائها حرصا على مكانتها ،
واتفقوا على ان لا يدخلوا فبنائها الا طيبا ،
فلا يدخلوا بها مهر بغى ،
ولا بيع ربا ،
ولا مظلمة احد من الناس ،

وكانوا يهابون هدمها ،

فابتدا فيها الوليد بن المغيرة المخزومى ،
وتبعة الناس لما راوا انه لم يصبة شيء ،

ولم يزالوا فالهدم حتي و صلوا الى قواعد ابراهيم ،
ثم ارادوا الاخذ فالبناء ،
فجزاوا الكعبة و خصصوا لكل قبيلة جزءا منها فجمعت جميع قبيلة حجارة على حدة و اخذوا يبنونها ،
وتولي البناء بناء رومى اسمه باقوم،
ولما بلغ البنيان موضع الحجر الاسود اختلفوا فيمن يمتاز بشرف و ضعة فمكانة و استمر النزاع اربع ليال او خمسا و اشتد حتي كاد يتحول الى حرب ضروس فارض الحرم،
الا ان ابا امية بن المغيرة المخزومى عرض عليهم ان يحكموا فيما شجر بينهم اول داخل عليهم من باب المسجد فارتضوة ،
وشاء الله ان يصبح هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم ،

فلما راوة هتفوا : ذلك الامين رضيناة ،

هذا محمد ،

فلما انتهي اليهم و اخبروة الخبر طلب رداء ،
فوضع الحجر و سطة و طلب من رؤساء القبائل المتنازعين ان يمسكوا جميعا باطراف الرداء ،
وامرهم ان يرفعوة ،

حتي اذا اوصلوة الى موضعة اخذة بيدة فوضعة فمكانه،
وكان ذلك حلا حصيفا رضي فيه القوم.
ولم تكف النفقة الطيبة التي اخرجتها قريش تكاليف البناء،
فاخرجوا من الجهة الشمالية نحوا من ستة اذرع ،
وهي التي تسمى بالحجر و الحطيم ،
ورفعوا بابها من الارض لئلا يدخلها الا من ارادوا ،
ولما بلغ البناء خمسة عشر ذراعا سقفوة على ستة اعمدة.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


الصلاة»


كان فاوائل ما نزل فالاسلام الامر بالصلاة ،

قال مقاتل بن سليمان: فرض الله فاول الاسلام الصلاة ركعتين بالغداة و ركعتين بالعشي ،
لقوله تعالى : ( و سبح بحمد ربك بالعشى و الابكار) و عن زيد بن حارثة : ان رسول الله صلى الله عليه و سلم فاول ما اوحى الية اتاة جبريل ،

فعلمة الوضوء ،

فلما فرغ من الوضوء اخذ غرفة من ماء فنضح فيها فرجة ،
وكان هذا من اول الفريضة .

وذكر بعض اهل العلم ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان اذا حضرت الصلاة خرج الى شعاب مكة،
وخرج معه على بن ابي طالب مستخفيا من ابية و من كل اعمامة و سائر قومة فيصليان الصلوات فيها،
فاذا امسيا رجعا،
فمكثا ايضا ما شاء الله ان يمكثا،
ثم ان ابا طالب عثر عليهما يوما و هما يصليان،
فقال لرسول الله صلى الله عليه و سلم: يا ابن اخي،
ما ذلك الدين الذي اراك تدين به؟
قال: اي عم،
هذا دين الله و دين ملائكتة و دين رسلة و دين ابينا ابراهيم بعثنى الله فيه رسولا الى العباد،
وانت يا عم احق من بذلت له النصيحة،
ودعوتة الى الهدى،
واحق من اجابنى الية و اعاننى عليه،
فقال ابو طالب: اي ابن اخي،
انى لا استطيع ان افارق دين ابائى و ما كانوا عليه،
ولكن و الله لا يخلص اليك بشيء تكرهة ما بقيت.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


خبر الدعوة يصل الى قريش اجمالا»


ترامت انباء الدعوة الى قريش فلم تعرها اهتماما ،
ولعلها حسبت محمدا صلى الله عليه و سلم احد اولئك الديانين الذين يتكلمون فالالوهية و حقوقها ،

كما صنع امية بن ابي الصلت ،
وقس بن ساعدة ،
وعمرو بن نفيل و اشباههم ،

الا انها توجست خيفة من ذيوع خبرة و امتداد اثرة ،
واخذت ترقب على الايام مصيرة و دعوتة .

وظل النبى صلى الله عليه و سلم يدعو الى الاسلام سرا لمدة ثلاث سنوات.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


الجهر بالدعوة


»


مرت ثلاث سنين و الدعوة لم تزل سرية و فردية ،
واثناء هذي الفترة تكونت جماعة من المؤمنين تقوم على الاخوة و التعاون ،
وتبليغ الرسالة و تمكينها من مقامها،
ثم نزل الوحى يكلف رسول الله صلى الله عليه و سلم بمعالنة قومة ،

ومجابهة باطلهم و مهاجمة اصنامهم .

واول ما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد نزول هذي الاية انه دعا بنى هاشم فحضروا و معهم نفر من بنى المطلب بن عبد مناف فكانوا خمسة و اربعين رجلا .

فبادرة ابو لهب و قال : و هؤلاء هم عمومتك و بنو عمك فتكلم و دع الصباة و اعلم انه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة ،

وانا احق من اخذك،
فحسبك بنو ابيك (اى اقصر دعوتك على اهلك فقط) ،
وان اقمت على ما انت عليه فهو ايسر عليهم من ان يثب بك بطون قريش ،

وتمدهم العرب ،

فما رايت احدا جاء على بنى ابية بشر مما جئت فيه ،

فسكت رسول الله صلى الله عليه و سلم ،
ولم يتكلم فذلك المجلس .

ثم دعاهم اخرى و قال ” الحمد لله احمدة و استعينة ،
واومن فيه ،

واتوكل عليه ،

واشهد ان لا الة الا الله و حدة لا شريك له بعدها قال : ان الرائد لا يكذب اهلة و الله الذي لا الة الا هو ،

اني رسول الله اليكم خاصة و الى الناس عامة ،
والله لتموتن كما تنامون ،

ولتبعثن كما تستيقظون ،

ولتحاسبن بما تعملون ،
وانها الجنة ابدا او النار ابدا ،

“فقال ابو طالب “: ما احب الينا معاونتك ،
واقبلنا لنصيحتك ,
واشد تصديقنا لحديثك ،
وهؤلاء بنو ابيك مجتمعون ،

وانما انا احدهم غير انني اسرعهم الى ما تحب ،

فامض لما امرت فيه فوالله لا ازال احوطك و امنعك ،

غير ان نفسي لا تطاوعنى على فراق دين عبدالمطلب .

فقال ابو لهب : هذي و الله السوءة ،

خذوا على يدية قبل ان ياخذ غيركم ،

فقال ابو طالب :والله لنمنعة ما بقينا


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


علي جبل الصفا


»


وبعدما تاكد النبى صلى الله عليه و سلم من تعهد ابي طالب بحمايتة ،

وهو يبلغ عن ربة ،

قام يوما على الصفا فصرخ : يا صباحاة : فاجتمع الية بطون قريش،
فدعاهم الى التوحيد و الايمان برسالتة و باليوم الاخر.
وقد روي البخارى طرفا من هذي القصة عن ابن عباس .

قال: لما نزلت (وانذر عشيرتك الاقربين) صعد النبى صلى الله عليه و سلم على الصفا ،

فجعل ينادى يا بنى فهر‍ يا بني عدى لبطون قريش،
حتي اجتمعوا فجعل الرجل اذا لم يستطع ان يظهر ارسل رسولا لينظر ما هو؟
فجاء ابو لهب و قريش .
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :ارايتكم لو اخبرتكم ان خيلا بالوادى تريد ان تغير عليكم ،

اكنتم مصدقي؟
قالوا : نعم ،

ما جربنا عليك الا صدقا ،
قال : فاني نذير لكم بين يدى عذاب شديد .

فقال ابو لهب تبا لك سائر اليوم الهذا جمعتنا ؟

فنزلت ( تبت يدا ابي لهب ) .

هذه الصيحة العالية هي غاية البلاغ ،

فقد اوضح الرسول صلى الله عليه و سلم لاقرب الناس الية ان التصديق بهذه الرسالة هو حياة الصلات بينة و بينهم .

وان عبنوتة القرابة التي يقوم عليها العرب ذابت فحرارة ذلك الانذار الاتى من عند الله.
ولم يزل ذلك الصوت يرتج دوية فارجاء مكة حتي نزل قوله تعالى : ( فاصدع بما تؤمر و اعرض عن المشركين ) [15 : 94] فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم يعكر على خرافات الشرك و ترهاتة ،
ويذكر حقائق الاصنام و ما لها من قيمة فالحقيقة ،
يضرب بعجزها الامثال ،

ويبين بالبينات ان من عبدها و جعلها و سيلة بينة و بين الله فهو فضلال مبين


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


رد فعل المشركين »


انفجرت مكة بمشاعر الغضب ،

وماجت بالغرابة و الاستنكار ،

حين سمعت صوتا يجهر بتضليل المشركين و عباد الاصنام كانة صاعقة قصفت السحاب ،

فرعدت و برقت و زلزلت الجو الهادئ و قامت قريش تستعد لحسم هذي الثورة التي اندلعت بغتة ،

ويخشى ان تاتي على تقاليدها و موروثاتها .

ولكن ماذا سيفعلون امام رجل صادق امين ،

اعلي كللقيم البشرية و لمكارم الاخلاق ،

لم يعرفوا له نظيرا و لا مثيلا اثناء فترة طويلة من تاريخ الاباء و الاقوام ؟

ماذا سيفعلون ؟

تحيروا فذلك و حق لهم ان يتحيروا .

فاجتمعت قريش للنبى صلى الله عليه و سلم يوما ،

فقالوا : انظروا اعلمكم بالسحر و الكهانة و الشعر ،

فليات ذلك الرجل الذي ربما فرق جماعتنا ،

وشتت امرنا ،

وعاب ديننا ،

فليكلمة و لينظر ما يرد عليه ،

قالوا : ما نعلم احدا غير عتبة بن ربيعة ،

قالوا : انت يا ابا الوليد ،

فاتاة عتبة فقال : يا محمد انت خير ام عبدالله ؟

فسكت الرسول صلى الله عليه و سلم قال : انت خير ام عبدالمطلب ؟

فسكت الرسول صلى الله عليه و سلم قال : فان كنت تزعم ان هؤلاء خير منك فقد عبدوا الالهة التي عبت ،

وان كنت تزعم انك خير منهم فتكلم حتي نسمع قولك ،

اما و الله ما راينا سخطة اشام على قومك منك ،

فرقت جماعتنا ،

وشتت امرنا ،

وعبت ديننا ،

وفضحتنا فالعرب حتي طار فيهم ان فقريش ساحرا ،

وان فقريش كاهنا ،

ما ينتظر الا كصيحة الحبلي بان يقوم بعضنا لبعض بالسيوف حتي نتفاني ،

ايها الرجل : ان كان انما بك الحاجة جمعنا لك من اموالنا حتي تكون اغنى قريشا رجلا,
وان كان انما بك الباءة فاختر اي نساء قريش فنزوجك عشرا ،

فقال له الرسول صلى الله عليه و سلم : افرغت ؟

قال : نعم فقال رسول صلى الله عليه و سلم : ( حم * تنزيل من الرحمن الرحيم ) حتي بلغ ( فان اعرضوا فقل انذرتكم صاعقة كصاعقة عاد و ثمود ) فقال عتبة : حسبك ،

ما عندك غير ذلك ؟

قال : لا،
فرجع الى قريش فقالوا : ما و راءك ؟

فقال : ما تركت شيئا اري انكم تكلمونة فيه الا كلمتة ،

قالوا : هل اجابك ؟

قال : نعم ،

قال : و الذي نصبها بنية ما فهمت شيئا مما قال غير انه قال انذرتكم صاعقة كصاعقة عاد و ثمود ،

قالوا : و يلك يكلمك رجل بالعربية فلا تدري ما قال ،

قال : لا و الله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة .

وبعد ادارة فكرتهم لم يجدوا سبيلا الا ان ياتوا الى عمة ابي طالب فيطلبوا منه ان يكف ابن اخية عما هو به ،

وراوا لالباس طلبهم لباس الجد و الحقيقة ان يقولوا ان الدعوة الى ترك الهتهم ،

والقول بعدم نفعها و قدرتها سبة قبيحة و اهانة شديدة لها ،

وفية تسفية و تضليل لابائهم الذين كانوا على ذلك الدين ،

وجدت قريش ذلك السبيل فتسارعوا الى سلوكها .

فمشي رجال من اشراف قريش الى ابي طالب ،

فقالوا : يا ابا طالب ان ابن اخيك ربما سب الهتنا و عاب ديننا و سفة احلامنا ،

وضلل اباءنا فاما ان تكفة عنا ،

واما تخلى بيننا و بينة ،

فانك على كما نحن عليه من خلافة ،

فنكفيكة فقال ابو طالب قولا رقيقا و ردهم ردا جميلا فانصرفوا عنه ،

ومضي رسول صلى الله عليه و سلم على ما هو عليه ،

يظهر دين الله و يدعو اليه


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة

دار الارقم»


كان من الحكمة تلقاء هذي الاضطهادات ان يمنع رسول الله صلى الله عليه المسلمين عن اعلان اسلامهم قولا او فعلا ،

وان لا يجتمع بهم الا سرا ؛

لانة اذا اجتمع بهم علنا فلا شك ان المشركين يحولون بينة و بين ما يريد من تزكية المسلمين و تعليمهم الكتاب و الحكمة ،

وربما يفضى هذا الى تصادم الفريقين ،

بل و قع هذا فعلا فالسنة الرابعة من النبوة ،

وذلك ان اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم كانوا يجتمعون فالشعاب ،

فيصلون بها سرا فراهم نفر من كفار قريش ،

فسبوهم و قاتلوهم ،

فضرب سعد بن ابي و قاص رجلا فسال دمة ،

وكان اول دم اهريق فالاسلام .

ومعلوم ان المصادمة لو تعددت و طالت لافضت الى تدمير المسلمين و ابادتهم ،

فكان من الحكمة الاختفاء ،

فكان عامة الصحابة يخفون اسلامهم و عبادتهم و دعوتهم و اجتماعهم ،

اما الرسول صلى الله عليه و سلم فكان يجهر بالدعوة و العبادة بين ظهرانى المشركين ،
لا يصرفة عن هذا شئ ،

ولكن كان يجتمع مع المسلمين سرا ؛

نظرا لصالحهم و صالح الاسلام ،
وكانت دار الارقم بن ابي الارقم المخزومى على الصفا ،
وكانت بمعزل عن اعين الطغاة و مجالسهم ،

فاتخذها مركزا لدعوتة ،
ولاجتماعة بالمسلمين من السنة الخامسة من النبوة .

وفى هذي الدار تربي الجيل الذي حمل لواء الاسلام بعد ذلك


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


الحبشة»


كانت بداية الاضطهادات فاواسط او اواخر السنة الرابعة من النبوة،
بدات ضعيفة بعدها لم تزل يوما فيوما و شهرا فشهرا حتي اشتدت و تفاقمت فاواسط السنة الخامسة ،

حتي ضاق بهم المقام فمكة ،

وراحوا يفكرون فحيلة تنجيهم من ذلك العذاب الاليم و فرجب سنة خمس من النبوة هاجر اول فوج من الصحابة الى الحبشة،
كان مكونا من اثنى عشر رجلا و اربع نسوة ،
رئيسهم عثمان بن عفان ،

ومعة السيدة رقية فتاة رسول الله صلى الله عليه و سلم،
وقد قال فيهما النبى صلى الله عليه و سلم: انهما اول بيت =هاجر فسبيل الله بعد ابراهيم و لوط عليهما السلام .

كان رحيل هؤلاء تسللا فظلمة الليل حتي لا تفطن لهم قريش،
خرجوا الى البحر ،

واتجهوا الى ميناء شعيبة،
وقيضت لهم الاقدار سفينتين تجاريتين ابحرتا بهم الى الحبشة،
وفطنت لهم قريش ،

فخرجت فاثارهم ،
لكن لما بلغت الى الشاطئ كانوا ربما انطلقوا امنين ،
واقام المسلمون فالحبشة فاقوى جوار.
وفى رمضان من نفس السنة خرج النبى صلى الله عليه و سلم الى الحرم ،

وهنالك جمع كبير من قريش ،

كان به ساداتها و كبراؤها ،
فقام فيهم ،

واخذ يتلو سورة النجم بغتة ،

ان اولئك الكفار لم يكونوا سمعوا كلام الله قبل هذا ،
لان اسلوبهم كان هو العمل بما تواصي فيه بعضهم بعضا،
من قولهم: (لا تسمعوا لهذا القران و الغوا به لعلكم تغلبون ) [26:41] فلما باغتهم بتلاوة هذي السورة ،

وقرع اذانهم كلام الهى جميل خلاب،
لا يحيط بروعتة و جلالتة البيان،
بقى جميع واحد مصغيا الية ،

لا يخطر ببالة شئ سواة ،

حتي اذا تلا فخواتيم هذي السورة قوارع تطير لها القلوب بعدها قرا ( فاسجدوا لله و اعبدوا ) [62:53] بعدها سجد ،

لم يتمالك احد نفسة حتي خر ساجدا،
وفى الحقيقة كانت حلوة الحق ربما صدعت العناد فنفوس المستكبرين و المستهزئين،
فما تمالكوا ان يخروا لله ساجدين.
واسقط فايديهم لما احسوا ان جلال كلام الله لوي زمامهم ،

فارتكبوا عين ما كانوا يبذلون قصاري جهدهم فمحوة و افنائة ،
وقد توالي عليهم اللوم و العتاب من جميع جانب ،

ممن لم يحضر ذلك المشهد من المشركين،
وعند هذا كذبوا على رسول الله صلى الله عليه و سلم و افتروا عليه انه عطف على اصنامهم بكلمة تقدير ،

وانة قال عنها: “تلك الغرانقة العلى،
وان شفاعتهن لترتجى” جاءوا بهذا الافك المبين ،

ليعتذروا عن سجودهم مع النبى صلى الله عليه و سلم،
وليس يستغرب ذلك من قوم كانوا يؤلفون الكذب ،

ويطيلون الدس و الافتراء.
وبلغ ذلك الخبر الى مهاجرى الحبشة ،
ولكن فصورة تختلف تماما عن صورتة الحقيقية ،

بلغهم ان قريشا اسلمت ،

فرجعوا الى مكة فشوال من نفس السنة ،

فلما كانوا دون مكة ساعة من نهار ،

وعرفوا جلية الامر ،

رجع منهم من رجع الى الحبشة ،

ولم يدخل مكة منهم احد الا مستخفيا ،

او فجوار رجل من قريش .

ثم اشتد عليهم و على المسلمين البلاء و العذاب من قريش و سطت بهم عشائرهم ،

فقد كان صعب على قريش ما بلغها عن النجاشى من حسن الجوار ،
ولم ير رسول الله صلى الله عليه و سلم بدا من ان يشير على اصحابة بالهجرة الى الحبشة مرة ثانية ،
وكانت هذي الهجرة الاخرى اشق من سابقتها ،

فقد تيقظت لها قريش و قررت احباطها ،

بيد ان المسلمين كانوا اسرع و يسر الله لهم السفر ،

فانحازوا الى نجاشى الحبشة قبل ان يدركوا.
وفى هذي المرة هاجر من الرجال ثلاثة و ثمانون رجلا ،
وثمان عشرة او تسع عشرة امراة


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


قريش تحاول اغتيال النبى صلى الله عليه و سلم

»


وبعد فشل قريش و خيبتهم مع ابي طالب عادوا الى ضراوتهم و تنكيلهم باشد مما كان قبل هذا ،

واثناء هذي الايام نشات فطغاتهم فكرة اعدامة صلى الله عليه و سلم،
وكانت هذي الفكرة و تلك الضراوة هي التي تسببت فتقوية الاسلام ببطلين جليلين من ابطال مكة،
وهما: حمزة بن عبدالمطلب و عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
فمن تلك الضراوة ان عتيبة بن ابي لهب اتي يوما الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : انا اكفر ب (النجم اذا هوي) و (بالذى دنا فتدلي ) بعدها تسلط عليه بالاذي ،

وشق قميصة ،

وتفل فو جهة ،

الا ان البزاق لم يقع عليه ،

وحينئذ دعا عليه النبى صلى الله عليه و سلم و قال اللهم سلط عليه كلبا من كلابك ،
وقد استجيب دعاؤة صلى الله عليه و سلم ،

فقد خرج عتيبة مرة فنفر من قريش ،

حتي نزلوا فمكان من الشام يقال له الزرقاء ،

فطاف بهم الاسد تلك الليلة ،

فجعل عتيبة يقول : يا و يل اخي ،

وهو و الله اكلى كما دعا محمد علي،
قتلنى و هو بمكة،
وانا بالشام،
فغدا عليه الاسد من بين القوم و اخذ براسة فقتله.
ومنها ما ذكر ان عقبة بن ابي معيط و طئ على رقبتة الشريفة و هو ساجد حتي كادت عيناة تبرزان .

ومما يدل على ان طغاتهم كانوا يريدون قتلة صلى الله عليه و سلم ما رواة ابن اسحاق فحديث طويل قال : قال ابوجهل : يا معشر قريش ان محمدا ربما ابي الا ما ترون من عيب ديننا ،

وشتم ابائنا ،
وتسفية احلامنا ،
وشتم الهتنا ،

وانى اعاهد الله لاجلسن له بحجر ما اطيق حملة ،

فاذا سجد فصلاتة فضخت فيه راسة ،

فاسلمونى عند هذا او امنعونى ،

فليصنع بعد هذا بنو عبد مناف ما بدا لهم ،

قالوا: و الله لا نسلمك لشيء ابدا،
فامض لما تريد .

فلما اصبح ابو جهل،
اخذ حجرا كما و صف،
ثم جلس لرسول الله صلى الله عليه و سلم ينتظره،
وغدا رسول الله صلى الله عليه و سلم كما كان يغدو،
فقام يصلي،
وقد غدت قريش فجلسوا فانديتهم ،

ينتظرون ما ابوجهل فاعل ،

فلما سجد رسول الله صلى الله عليه و سلم احتمل ابو جهل الحجر بعدها اقبل نحوة حتي اذا دنا منه رجع منهزما منتقعا لونة مرعوبا ربما يبست يداة على حجرة ،

حتي قذف الحجر من يدة و قامت الية رجال قريش فقالوا له: ما لك يا ابا الحكم ؟
قال قمت الية لافعل فيه ما قلت لكم البارحة ،

فلما دنوت منه عرض لى دونة فحل من الابل ،

ولا و الله ما رايت كهامتة ،

ولا كقصرتة (اى عنقه) و لا انيابة لفحل قط فهم بى ان ياكلنى .

فذكر ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : هذا جبريل عليه السلام لو دنا لاخذة .

اما طغاة فريش فلم تزل فكرة الاعدام تنضج فقلوبهم ،

روي ابن اسحاق عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : حضرتهم و ربما اجتمعوا فالحجر ،

فذكروا رسول الله صلى الله عليه و سلم ،
فقالوا : ما راينا كما صبرنا عليه من امر ذلك الرجل ،

لقد صبرنا منه على امر عظيم ،

فبينا هم ايضا اذ طلع رسول الله صلى الله عليه و سلم ،

فاقبل يمشي حتي استلم الركن ،
ثم مر بهم طائفا بالبيت ،

فغمزوة ببعض القول ،

فعرفت هذا فو جة رسول الله صلى الله عليه و سلم،
فلما مر بهم الاخرى غمزوة بمثلها ،

فعرفت هذا فو جهة ،

ثم مر بهم الثالثة فغمزوة بمثلها ،

فوقف بعدها قال : اتسمعون يا معشر قريش ،

اما و الذي نفسي بيدة لقد جئتكم بالذبح ،

فاخذت القوم كلمتة ،

حتي ما منهم رجل الا كانما على راسة طائر و اقع حتي ان اشدهم به ليرفؤة باقوى ما يجد ،
ويقول : انصرف يا ابا القاسم ،

فوالله ما كنت جهولا .

فلما كان الغد اجتمعوا ايضا يذكرون امرة اذ طلع عليهم ،

فوثبوا الية و ثبة رجل واحد ،

واحاطوا فيه ،

فلقد رايت رجلا منهم اخذ بمجمع ردائة ،

وقام ابو بكر دونة ،

وهو يبكى و يقول : اتقتلون رجلا ان يقول ربى الله؟


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


وفاة ابي طالب


»


الح المرض بابي طالب ،

فلم يلبث ان و افتة المنية ،
وكانت و فاتة فرجب سنة عشر من النبوة بعد الخروج من الشعب بستة اشهر و لما حضرتة الوفاة دخل عليه النبى صلى الله عليه و سلم و عندة ابو جهل ،

فقال : اي عم قل : لا الة الا الله،
كلمة احاج لك فيها عند الله ،

فقال ابو جهل و عبد الله بن ابي امية : يا ابا طالب ترغب عن ملة عبدالمطلب؟
فلم يزالا يكلماة حتي قال احدث شئ كلمهم فيه : على ملة عبدالمطلب فقال النبى صلى الله عليه و سلم لاستغفرن لك ما لم انه عنك ،
فنزلت : ( ما كان للنبى و الذين امنوا ان يستغفروا للمشركين و لو كانوا اولى قربي من بعد ما تبين لهم انهم اصحاب الجحيم ) و نزلت (انك لا تهدى من احببت ) و مع ان ابا طالب كان الحصن الذي تحتمى فيه الدعوة الاسلامية من هجمات الكبراء و السفهاء ،

الا انه بقى على ملة الاشياخ من اجدادة ،

فلم يفلح جميع الفلاح .

ففى الصحيح عن العباس بن عبد المطلب انه قال للنبى صلى الله عليه و سلم ما اغنيت عن عمك ،

فانة كان يحوطك و يغضب لك ؟
قال : هو فضحضاح من نار ،

ولولا انا لكان فالدرك الاسفل من النار.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


وفاة ام المؤمنين خديجة فتاة خويلد


»


وبعد و فاة ابي طالب بنحو شهرين توفيت ام المؤمنين خديجة رضى الله عنها،
كانت و فاتها فشهر رمضان فالسنة العاشرة من النبوة و لها خمس و ستون سنة،
ورسول الله صلى الله عليه و سلم اذ ذاك فالخمسين من عمرة .

ان خديجة كانت من نعم الله الجليلة على رسول الله صلى الله عليه و سلم،
بقيت معه ربع قرن تحن عليه ساعة قلقة و تؤازرة فاحرج اوقاته،
وتعينة على ابلاغ رسالته،
وتشاركة فمغارم الجهاد المر و تواسية بنفسها و ما لها،
يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: امنت بى حين كفر بى الناس،
وصدقتنى حين كذبنى الناس،
واشركتنى فما لها حين حرمنى الناس ،

ورزقنى الله و لدها،
وحرم ولد غيرها.
وفى الصحيح عن ابي هريرة قال : اتي جبريل النبى صلى الله عليه و سلم،
فقال يا رسول الله صلى الله عليه و سلم هذي خديجة،
قد اتت،
معها اناء به ادام او اكل او شراب،
فاذا هي اتتك فاقرا عليها السلام من ربها،
وبشرها ببيت فالجنة من قصب لا صخب به و لا نصب


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


عام الحزن


»


وفية و قعت حادثتان مؤلمتان،
وفاة ابي طالب بعدها خديجة ام المؤمنين،
اثناء ايام معدودة ،
فاهتزت مشاعر الحزن و الالم فقلب رسول الله صلى الله عليه و سلم ،

ثم لم تزل تتوالي عليه المصائب من قومة ،

فقد تجراوا عليه ،
وكاشفوة بالاذي بعد موت ابي طالب ،
فازداد غما على غم ،
حتي يئس منهم ,
وخرج الى الطائف ،

رجاء ان يستجيبوا لدعوتة او يئووة و ينصروة على قومة ،

فلم ير من يئوى و لم ير ناصرا،
واذوة مع هذا اشد الاذي و نالوا منه ما لم ينلة قومه.
وكما اشتدت و طاة اهل مكة على النبى صلى الله عليه و سلم اشتدت على اصحابه،
حتي التجا رفيقة ابو بكر الصديق رضى الله عنه الى الهجرة عن مكة فخرج حتي بلغ برك الغماد ،

يريد الحبشة فارجعة ابن الدغنة فجوارة قال ابن اسحاق : لما هلك ابو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه و سلم من الاذي ما لم تطمع فيه فحياة ابي طالب حتي اعترضة سفية من سفهاء قريش فنثر على راسة ترابا ،

ودخل بيته و التراب على راسه،
فقامت الية احدي بناتة فجعلت تغسل عنه التراب و هي تبكي ،

ورسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لها:لا تبكي يا بنية فان الله ما نع اباك،
قال و يقول بين هذا : ما نالت منى قريش شيئا اكرهة حتي ما ت ابو طالب .

ولاجل توالى كهذا الالام فهذا العام سماة رسول الله صلى الله عليه و سلم عام الحزن،
وبهذا اللقب صار معروفا فالتاريخ و مع ذلك كله كان المسلمون يعرفون منذ اول يوم لاقوا به الشدة و الاضطهاد بل و من قبلة ان الدخول فالاسلام ليس معناة جر المصائب و الحتوف،
بل ان الدعوة الاسلامية تهدف منذ اول يومها الى القضاء على الجاهلية الجهلاء و نظامها الغاشم،
وان من اهدافها الاساسية بسط النفوذ على الارض و السيطرة على الموقف السياسى فالعالم ،

لتقود الامة الانسانية و الجمعية البشرية الى مرضاة الله .

وتخرجهم من عبادة العباد الى عبادة الله .

وكان القران ينزل بهذه البشارات مرة بالتصريح و ثانية بالكناية ففى تلك الفترات القاصمة التي ضيقت الارض على المسلمين و كادت تخنقهم ،
وتقضى على حياتهم ،
كانت تنزل الايات بما جري بين الانبياء السابقين و بين اقوامهم الذين قاموا بتكذيبهم و الكفر بهم ،

وكانت تشتمل هذي الايات على ذكر الاحوال التي تطابق تماما احوال مسلمى مكة و كفارها،
ثم تذكر هذي الايات ما تمخضت عنه تلك الاحوال من اهلاك الكفرة و الظالمين و ايراث عباد الله الارض و الديار،
فكانت فهذه القصص اشارات و اضحة الى فشل اهل مكة فالمستقبل و نجاح المسلمين مع نجاح الدعوة الاسلامية.
قال خباب بن الارت: اتيت النبى صلى الله عليه و سلم و هو متوسد بردة ،

وهو فظل الكعبة ،
وقد لقينا من المشركين شدة ،

فقلت: الا تدعو الله ،

فقعد و هو محمر و جهة ،

فقال : لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظامة من لحم و عصب،
ما يصرفة هذا عن دينة ،
وليتمن الله ذلك الامر حتي يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت ما يخاف الا الله و الذئب على غنمة و لكنكم تستعجلون .

ولم تكن هذي البشارات مخفية مستورة بل كانت فاشية مكشوفة ،

يعلمها الكفرة ،

كما كان يعلمها المسلمون ،

حتي كان الاسود بن المطلب و جلساؤة اذا راوا اصحاب النبى صلى الله عليه و سلم تغامزوا بهم،
وقالوا: ربما جاءكم ملوك الارض سيغلبون على ملوك كسري و قيصر بعدها يصفرون و يصفقون .

واما هذي البشارات بالمستقبل المجيد المستنير فالدنيا ،

مع ما به من الرجاء الصالح الكبير البالغ الى النهاية فالفوز بالجنة ،

كان الصحابة يرون ان الاضطهادات التي تتوالي عليهم من جميع جانب ،
والمصائب التي تحيط بهم من جميع الارجاء ،

ليست الا “سحابة صيف عن قليل تقشع ” ذلك و لم يزل الرسول صلى الله عليه و سلم يغذى ارواحهم برغائب الايمان ،

ويزكى نفوسهم بتعليم الحكمة و القران ،

ويربيهم تربية دقائق عميقة ،

يعلو بنفوسهم الى منازل سمو الروح و نقاء القلب ،

ونظافة الخلق ،

والتحرر من سلطان الماديات ،
والمقاومة للشهوات ،

والنزوع الى رب الارض و السماوات ،
ويذكى جمرة قلوبهم ،

ويخرجهم من الظلمات الى النور ،
وياخذهم بالصبر على الاذي و الصفح الرائع و قهر النفس،
فازدادوا رسوخا فالدين ،
وعزوفا عن الشهوات ،
وتفانيا فسبيل مرضاة الله،
وحنينا الى الجنة ،
وحرصا على العلم ،

وفقها فالدين و محاسبة للنفس ،

وقهرا للشهوات،
وغلبة على العواطف ،

وتسيطرا على الثائرات و الهائجات،
وتقيدا بالصبر و الهدوء و الوقار.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


استماع الجن للنبى صلى الله عليه و سلم و ايمانهم

»


عندما انصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم من الطائف راجعا الى مكة مكث بوادى نخلة اياما،
وحدث ان قام صلى الله عليه و سلم،
من جوف الليل يصلي،
فمر فيه النفر من الجن الذين ذكرهم الله تبارك و تعالى و هم سبعة نفر من جن اهل نصيبين فاستمعوا له،
فلما فرغ من صلاتة و لوا الى قومهم منذرين،
قد امنوا و اجابوا الى ما سمعوا.
وقد ذكرهم الله فموضعين من القران فسورة الاحقاف ( و اذ صرفنا اليك نفرا من الجن يستمعون القران فلما حضروة قالوا انصتوا فلما قضى و لوا الى قومهم منذرين قالوا يا قومنا انا سمعنا كتابا انزل من بعد موسي مصدقا لما بين يدية يهدى الى الحق و الى طريق مستقيم يا قومنا اجيبوا داعى الله و امنوا فيه يغفر لكم من ذنوبكم و يجركم من عذاب اليم و فسورة الجن ( قل اوحى الى انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرانا عجبا يهدي الى الرشد فامنا فيه و لن نشرك بربنا احدا) الى تمام الاية الخامسة عشرة .

وحقا كان ذلك الحادث نصرا احدث امدة الله من كنوز غيبة المكنون بجنودة التي لا يعلمها الا هو،
ثم ان الايات التي نزلت بصدد ذلك الحادث كانت فطيها بشارات بنجاح دعوة النبى صلى الله عليه و سلم،
وان اي قوة من قوات الكون لا تستطيع ان تحول بينها و بين نجاحها ( و من لا يجب داعى الله فليس بمعجز فالارض و ليس له من دونة اولياء ،
واولئك فضلال مبين ) ( و انا ظننا ان لن نعجز الله فالارض و لن نعجزة هربا)


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


عرض الاسلام على القبائل


»


فى ذى القعدة سنة عشر من النبوة فاواخر يونيو او اوائل يوليو لسنة 619 م عاد رسول الله صلى الله عليه و سلم الى مكة ؛
ليستانف عرض الاسلام على القبائل و الافراد ،
ولاقتراب الموسم كان الناس ياتون الى مكة رجالا ،

وعلي جميع ضامر ياتين من جميع فج عميق ،

لقضاء فريضة الحج و ليشهدوا منافع لهم ،
ويذكروا الله فايام معلومات،
فانتهز رسول الله صلى الله عليه و سلم هذي الفرصة كالعادة،
فاتاهم قبيلة قبيلة يعرض عليهم الاسلام ،

ويدعوهم الية ،
كما كان يدعوهم منذ السنة الرابعة من النبوة .
.
و من القبائل الذين اتاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ،

ودعاهم و عرض نفسة عليهم بنو عامر بن صعصعة ،

ومحارب بن خصفة و فزارة ،
وغسان ،

ومرة ،

وحنيفة،
وسليم ،
وعبس ،

وبنو نصر ،

وبنو البكاء ،
،وكندة ،
وكلب ،
والحارث بن كعب ،
وعذرة ،
والحضارمة ،

فلم يستجب منهم احد يقول ربيعة بن عباد.
وهواحد من حضر هذا الموسم: انني لغلام شاب مع ابي بمنى،
ورسول الله صلى الله عليه و سلم يقف على منازل القبائل من العرب،
فيقول: يا بنى فلان،
انى رسول الله اليكم،
يامركم ان تعبدوا الله و لا تشركوا فيه شيئا،
وان تخلعوا ما تعبدون من دونة من هذي الانداد،
وان تؤمنوا بى و تصدقوا بى و تمنعوني،
حتي ابين عن الله ما بعثنى به.
وخلفة رجل احول و ضيء (اى رائع نظيف) له غديرتان (اى ضفيرتان) عليه حلة عدنية،
فاذا فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم من قوله و ما دعا اليه،
قال ذلك الرجل: يا بنى فلان،
ان ذلك انما يدعوكم الى ان تسلخوا اللات و العزي من اعناقكم،
وحلفاءكم من بنى ما لك بن اقيش،
الي ما جاء فيه من البدعة و الضلالة،
فلا تطيعوة و لا تسمعوا منه.
فقلت لابي: من ذلك الذي يتبعة و يرد عليه ما يقول؟
قال: ذلك عمة عبدالعزي بن عبدالمطلب،
ابو لهب.
واتي كندة فمنازلهم،
وفيهم سيد يقال له مليح،
فدعاهم الى الله عز و جل،
وعرض عليهم نفسة فابوا عليه.
واتي بنى عامر بن صعصعة فدعاهم الى الله عز و جل و عرض عليهم نفسه،
فقال له رجل منهم يقال له “بيحرة بن فراس”: و الله لو انني اخذت ذلك الفتي من قريش لاكلت فيه العرب،
ثم قال له: ارايت ان نحن بايعناك على امرك بعدها اظهرك الله على من خالفك،
ايصبح لنا الامر (اى الحكم و الملك) من بعدك؟
قال: الامر الى الله يضعة حيث يشاء،
فقال له: افنهدف نحورنا للعرب دونك،
فاذا اظهرك الله كان الامر لغيرنا؟
لا حاجة لنا بامرك،
فابوا عليه.
فلما عاد الناس رجعت بنو عامر الى شيخ لهم ربما كانت ادركتة السن حتي لا يقدر ان يحضر معهم المواسم،
فكانوا اذا رجعوا الية حدثوة بما يصبح فذلك الموسم،
فلما قدموا عليه هذا العام سالهم عما كان فموسمهم،
فقالوا: جاءنا فتي من قريش،
ثم احد بنى عبدالمطلب،
يزعم انه نبي،
يدعونا الى ان نمنعة و نقوم معه و نخرج فيه الى بلادنا،
فوضع الشيخ يدية على راسة بعدها قال: يا بنى عامر هل لها من تلاف،
هل لذناباها من مطلب (يقصد هل هنالك سبيل لتدارك الموقف و اللحاق بهذا الشرف) و الذي نفس فلان بيدة ما تقولها اسماعيلى قط (اى من بنى اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام) و انها لحق فاين رايكم كان عنكم.
ايضا اتي صلى الله عليه و سلم بنى حنيفة فمنازلهم فدعاهم الى الله،
وعرض عليهم نفسه،
فلم يكن احد من العرب اقبح عليه ردا منهم.
واتي بطنا من بنى كلب يقال لهم بنو عبدالله،فدعاهم الى الله،وعرض عليهم نفسه،
حتي انه ليقول لهم: يا بنى عبدالله،ان الله ربما اقوى اسم ابيكم،
فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم .

فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم على هذا من امره،
كلما اجتمع له الناس بالموسم اتاهم يدعو القبائل الى الله و الى الاسلام و يعرض عليهم نفسة و ما جاء فيه من الله من الهدي و الرحمة،
ولا يسمع بقادم يقدم مكة من العرب،
لة اسم و شرف الا تصدي له فدعاة و عرض عليه ما عنده.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


الاسراء و المعراج و فرض الصلاة


»


وبينما النبى صلى الله عليه و سلم فهذه المرحلة التي كانت دعوتة تشق بها طريقا بين النجاح و الاضطهاد ،
وكانت تتراءي نجوم ضئيلة تتلمح فافاق بعيدة ،
وقع حادث الاسراء و المعراج .

وقد اختلف فتعيين زمنه،والراجح ان الاسراء انما و قع اما قبيل بيعة العقبة الاولي او بين بيعتى العقبة الاولي و الثانية،
وفى هذي الحادثة اسرى برسول الله صلى الله عليه و سلم ،

بجسدة على الصحيح ،

من المسجد الحرام الى بيت =المقدس راكبا على البراق صحبة جبريل عليهما الصلاة و السلام ،

فنزل هنالك ،

وصلي بالانبياء اماما ،

وربط البراق بحلقة باب المسجد ،

وقد حكي النبى صلى الله عليه و سلم تفاصيل تلك الرحلة،
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: بينا انا نائم فالحجر اذ جاءنى جبريل فهمزنى بقدمه،
فجلست فلم ار شيئا فعدت الى مضجعي؛
فجاءنى الاخرى فهمزنى بقدمه،
فجلست فلم ار شيئا،
فعدت الى مضجعي؛
فجاءنى الثالثة فهمزنى بقدمه،
فجلست فاخذ بعضدي،
فقمت معه،
فخرج بى الى باب المسجد،
فاذا دابة ابيض،
بين البغل و الحمار،
فى فخذية جناحان يحفز بهما (اى يدفع) رجليه،
يضع يدة فمنتهي طرفه،
فحملنى عليه بعدها خرج معى لا يفوتنى و لا افوته.
قال الحسن فحديثه: فمضي رسول الله صلى الله عليه و سلم و مضي جبريل عليه السلام معه حتي انتهي فيه الى بيت =المقدس،
فوجد به ابراهيم و موسي و عيسي فنفر من الانبياء عليهم السلام فامهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلي بهم بعدها عرج فيه فتلك الليلة من بيت =المقدس الى السماء الدنيا ،

فاستفتح له جبريل ففتح له ،

فراي هناك ادم ابا البشر ،

فسلم عليه فرحب فيه ،
ورد عليه السلام ،

واقر بنبوتة ،

واراة الله ارواح الشهداء عن يمينة و ارواح الاشقياء عن يسارة .

ثم عرج فيه الى السماء الاخرى ،

فاستفتح له ،

فراي بها يحيي بن زكريا و عيسي بن مريم ،

فلقيهما و سلم عليهما فردا عليه ،

ورحبا فيه ،
واقرا بنبوتة .

ثم عرج فيه الى السماء الثالثة ،

فراي بها يوسف ،

فسلم عليه ،
فرد عليه و رحب فيه و اقر بنبوتة .

ثم عرج فيه الى السماء الرابعة ،

فراي بها ادريس ،
فسلم عليه ،
ورحب فيه و اقر بنبوتة .

ثم عرج فيه الى السماء الخامسة فراي بها هارون بن عمران ،

فسلم عليه ،

ورحب فيه ،

واقر بنبوته.
ثم عرج فيه الى السماء السادسة فلقى بها موسي بن عمران ،

فسلم عليه و رحب فيه ،

واقر بنبوتة .

فلما جاوزة بكي موسي ،

فقيل له : ما يبكيك ؟

فقال : ابكى لان غلاما بعث من بعدى يدخل من الجنة من امتة اكثر مما يدخلها من امتى .

ثم عرج الى السماء السابعة ،

فلقى بها ابراهيم عليه السلام ،

فسلم عليه ،

ورحب فيه و اقر بنبوتة .

ثم رفع الى سدرة المنتهي ،

ثم رفع له المنزل المعمور .

ثم عرج فيه الى الجبار جل جلالة ،
فدنا منه حتي كان قاب قوسين او ادني ،

فاوحي الى عبدة ما اوحي ،

وفرض عليه خمسين صلاة ،

فرجع حتي مر على موسي ،

فقال له : بم امرك ؟

قال بخمسين صلاة : قال : ان عشيرتك لا تطيق هذا ،

ارجع الى ربك فاسالة التخفيف لامتك ،
فالتفت الى جبريل كانة يستشيرة فذلك فاشار ان نعم ،

ان شئت،
فعلا فيه جبريل حتي اتي فيه الجبار تبارك و تعالى،
وهو فمكانه،
فوضع عنه عشرا ،

ثم انزل حتي مر بموسي ،
فاخبرة ،
فقال : ارجع الى ربك فاسالة التخفيف ،

فلم يزل يتردد بين موسي و بين الله عز و جل ،
حتي جعلها خمسا ،
فامرة موسي بالرجوع و سؤال التخفيف ،

فقال ربما استحييت من ربى ،

ولكنى ارضي و اسلم،
فلما بعد نادي مناد : ربما امضيت فريضتى و خففت عن عبادى و ربما و قع حادث شق صدرة صلى الله عليه و سلم هذي المرة ايضا،
وقد راي ضمن هذي الرحلة امورا عديدة: عرض عليه اللبن و الخمر فاختار اللبن فقيل: هديت الفطرة اما انك لو اخذت الخمر غوت امتك.
وراي اربعة انهار فالجنة نهرين ظاهران و نهران باطنان،
والظاهران هما النيل و الفرات،
ومعني هذا ان رسالتة ستتوطن الاودية الخصبة فالنيل و الفرات،
وسيصبح اهلها حملة الاسلام جيلا بعد جيل،
وليس معناة ان مياة النهرين تنبع من الجنة،
وراي ما لك خازن النار،
وهو لا يضحك،
وليس على و جهة بشر و بشاشة و ايضا راي الجنة و النار.
وراي اكلة اموال اليتامي ظلما لهم مشافر كمشافر الابل،
يقذفون فافواههم قطعا من نار كالافهار(اى كالاحجار) فتخرج من ادبارهم.
وراي اكلة الربا لهم بطون كبيرة،
لا يقدرون لاجلها ان يتحولوا عن مكانهم،
ويمر بهم ال فرعون حين يعرضون على النار فيطئونهم.
وراي الزناة بين ايديهم لحم سمين طيب الى جنبة لحم غث منتن،
ياكلون من الغث المنتن،
ويتركون الطيب السمين.
وراي النساء اللاتى يدخلن على الرجال من ليس من اولادهم،
راهن ملعقات بثديهن.
وراي عيرا من اهل مكة فالاياب و الذهاب و ربما دلهم على بعير ند لهم (اى تاه) ،

وشرب ما ءهم من اناء مغطي و هم نائمون بعدها ترك الاناء مغطى،
وقد صار هذا دليلا على صدق دعواة فصباح ليلة الاسراء.
قال ابن القيم: فلما اصبح رسول الله صلى الله عليه و سلم فقومة اخبرهم بما اراة الله عز و جل من اياتة الكبري فاشتد تكذيبهم له و اذاهم و استضرارهم عليه،
وسالوة ان يصف لهم بيت =المقدس فجلاة الله له،
حتي عاينه،
فطفق يخبرهم عن اياته،
ولا يستطيعون ان يردوا عليه شيئا،
واخبرهم عن عيرهم فمسراة و رجوعه،
واخبرهم عن وقت قدومها و اخبرهم عن البعير الذي يقدمها و كان الامر كما قال،
فلم يزدهم هذا الا نفورا،
وابي الظالمون الا كفورا.
فقال اكثر الناس: “هذا و الله الامر البين (الامر اي العجيب المنكر) و الله ان العير لتطرد شهرا من مكة الى الشام مدبرة و شهرا مقبلة،
افيذهب هذا محمد فليلة واحدة و يرجع الى مكة.
قال: فارتد كثير ممن كان اسلم،
وذهب الناس الى ابي بكر فقالوا له: هل لك يا ابا بكر فصاحبك،
يزعم انه ربما جاء هذي الليلة بيت =المقدس و صلى به و رجع الى مكة،
فقال لهم ابو بكر: انكم تكذبون عليه.
فقالوا: بلي هاهو ذاك فالمسجد يحدث فيه الناس،
فقال ابو بكر: و الله لئن كان قالة لقد صدق،
فما يعجبكم من ذلك،
فوالله انه ليخبرنى ان الخبر لياتية من الله من السماء الى الارض فساعة من ليل او نهار فاصدقه،
فهذا ابعد مما تعجبون منه بعدها اقبل حتي انتهي الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: يا نبى الله،
احدثت هؤلاء القوم انك جئت بيت =المقدس هذي الليلة؟
قال: نعم.
قال: يا نبى الله فصفة لي،
فانى ربما جئته.
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: فرفع لى حتي نظرت اليه.
فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يصفة لابي بكر و يقول ابو بكر صدقت،
اشهد انك رسول الله.
حتي اذا انتهي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لابي بكر: و انت يا ابا بكر الصديق.
فيومئذ سماة “الصديق”.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


الهجرة الى المدينة»


هجرة الرسول صلى الله عليه و سلم عندما اشتد اذي قريش لرسول الله صلى الله عليه و سلم اذن الله لرسولة بالهجرة الى المدينة حيث انصار الله و رسوله.وفي الليلة التي اختارتها قريش لتنفيذ جريمة القتل فسيد ولد ادم صلى الله عليه و سلم و بعد ان حاصروة فبيته ليقتلوه،
اعمي جبار السموات و الارض اعينهم عن نبية عليه اروع الصلاة و اتم التسليم و اخرجة من بينهم دون ان يروه،وقصد رسول الله صلى الله عليه و سلم بيت =ابي بكر فاصطحبة معه فطريق هجرته.
ولما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلم ان قريشا ستتبعة لتقتلة و انهم لا شك سيفكرون انه خرج يقصد اصحابة فالمدينة الى الشمال من مكة فقد اتجة رسول الله صلى الله عليه و سلم بحكمتة جنوبا ليضللهم حتي وصل الى جبل ثور،
وكمن هو و ابو بكر فغار فقمة الجبل ثلاثة ايام حتي يهدا الطلب.
وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم و ابو بكر ربما استاجرا عبدالله بن اريقط ليدلهما على الطريق،
فخرج بهما بعد ثلاثة ايام الى المدينة متجنبا فذلك الطريق الطبيعي اليها و سالكا طريقا ثانية مهجورة لا يعرفها الا قليل من الناس،
حتي وصل الى قباء فتلقاة المسلمون هنالك و ربما حملوا السلاح ايذانا ببدء عهد النصرة و المنعة.

قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة

طلائع الهجرة»


وبعد ان تمت بيعة العقبة الثانية،
ونجح الاسلام فتاسيس وطن له و سط صحراء تموج بالكفر و الجهالة و هو اخطر كسب حصل عليه الاسلام منذ بداية دعوتة اذن رسول الله صلى الله عليه و سلم بالهجرة الى ذلك الوطن.
ولم يكن معني الهجرة الا اهدار المصالح،
والتضحية بالاموال،
والنجاة بالنفس فحسب،
مع الاشعار بانه مستباح منهوب،
قد يهلك فاوائل الطريق او نهايتها،
وبانة يسير نحو مستقبل مبهم،
لا يدرى ما يسفر عنه من قلاقل و احزان.
وبدا المسلمون يهاجرون و هم يعرفون جميع ذلك،
واخذ المشركون يحولون بينهم و بين خروجهم،
لما كانوا يحسون من الخطر،
وهاك نماذج من ذلك: 1 كان من اول المهاجرين ابو سلمة،
هاجر قبل العقبة الكبري بسنة هو و زوجتة و ابنه،
فلما اجمع على الخروج قال له اصهاره: هذي نفسك غلبتنا عليها،
ارايت صاحبتنا هذه؟
علام نتركك تسير فيها فالبلاد؟
فاخذوا منه زوجته،
وغضب ال ابي سلمة لرجلهم،
فقالوا: لا نترك ابننا معها اذ نزعتموها من صاحبنا،
وتجاذبوا الغلام بينهم فخلعوا يده،
وذهبوا به.
وانطلق ابو سلمة و حدة الى المدينة،
وكانت ام سلمة بعد ذهاب زوجها و ضياع ابنها تظهر جميع غداة بالابطح تبكي حتي تمسى،
ومضي على هذا نحو سنة،
فرق لها احد ذويها و قال: الا تظهرون هذي المسكينة؟
فرقتم بينها و بين زوجها و ولدها فقالوا لها: الحقى بزوجك ان شئت،
فاسترجعت ابنها من عصبته،
وخرجت تريد المدينة رحلة تبلغ خمسمائة كيلو متر و ليس معها احد من خلق الله،
حتي اذا كانت بالتنعيم لقيها عثمان بن طلحة بن ابي طلحة،
وبعد ان عرف حالها شيعها حتي اقدمها الى المدينة،
فلما نظر الى قباء قال: زوجك فهذه القرية فادخليها على بركة الله،
ثم انصرف راجعا الى مكة.
2 و لما اراد صهيب الهجرة قال له كفار قريش: اتيتنا صعلوكا حقيرا،
فكثر ما لك عندنا و بلغت الذي بلغت،
ثم تريد ان تظهر بمالك و نفسك؟
والله لا يصبح ذلك.
فقال لهم صهيب: ارايتم ان جعلت لكم ما لي،
اتخلون سبيلي؟
قالوا: نعم.
قال: فانى ربما جعلت لكم ما لي،
فبلغ هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: ربح صهيب ربح صهيب.
3 و تواعد عمر بن الخطاب،
وعياش بن ابي ربيعة،
وهشام بن العاص بن و ائل موضعا يصبحون عنده،
ثم يهاجرون الى المدينة،
فاجتمع عمر و عياش و حبس عنهما هشام.
ولما قدما المدينة و نزلا بقباء قدم ابو جهل و اخوة الحارث الى عياش و ام الثلاثة واحدة فقالا له: ان امك ربما نذرت ان لا يمس راسها مشط ،

ولا تستظل بشمس حتي تراك،
فرق لها.
فقال له عمر: يا عياش،
انة و الله ان يريدك القوم الا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم ،

فوالله لو اذي امك القمل لامتشطت،
،
ولو ربما اشتد عليها حر مكة لاستظلت،
فابي عياش الا الخروج معهما؛
ليبر قسم امه،
فقال له عمر: اما اذ ربما فعلت ما فعلت فخذ ناقتى هذي فانها ناقة نجيبة ذلول،
فالزم ظهرها،
فان رابك من القوم ريب فانج عليها،
فخرج عليها معهما،
حتي اذا كانوا ببعض الطريق قال له ابو جهل: يا ابن اخي و الله لقد استغلظت بعيرى هذا،
افلا تعقبنى على ناقتك هذه؟
قال: بلى،
فاناخ و اناخا ليتحول عليها،
فلما استووا بالارض عدوا عليه فاوثقاة و ربطاه،
ثم دخلا فيه مكة نهارا موثقا،
وقالا: يا اهل مكة،
هكذا فافعلوا بسفهائكم،
كما فعلنا بسفيهنا هذا.
هذه ثلاثة نماذج لما كان المشركون يفعلونة بمن يريد الهجرة اذا علموا بذلك.
ولكن مع جميع هذا خرج الناس ارسالا يتبع بعضهم بعضا.
وبعد شهرين و بضعة ايام من بيعة العقبة الكبري لم يبق بمكة من المسلمين الا رسول الله صلى الله عليه و سلم،
وابوبكر و على اللذان اقاما بامرة لهما،
والا من احتبسة المشركون كرها،
وقد اعد رسول الله صلى الله عليه و سلم جهازة ينتظر متي يؤمر بالخروج و اعد ابو بكر جهازه.
روي البخارى عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم للمسلمين،
انى اريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين (اللابة: ارض يعلوها حجارة سود،
وكان يحيط بالمدينة جبلان من الحجارة السود) فهاجر من هاجر الى المدينة،
ورجع عامة من كان هاجر بارض الحبشة الى المدينة،
وتجهز ابو بكر للهجرة،
فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم: على رسلك فانى ارجو ان يؤذن لي،
فقال له ابو بكر: و هل ترجو هذا بابي انت؟
قال: نعم،
فحبس ابو بكر نفسة على رسول الله صلى الله عليه و سلم ليصحبه


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


مطاردة قريش للنبى صلى الله عليه و سلم


»


غادر رسول الله صلى الله عليه و سلم بيته فليلة 27 من شهر صفر سنة 14 من النبوة الموافق 13 سبتمبر سنة 622 م.
واتي الى دار رفيقة ابي بكر رضى الله عنه.
ثم غادرا بيت =الاخير من باب خلفى ليخرجا من مكة على عجل،
وقبل ان يطلع الفجر.
ولما كان النبى صلى الله عليه و سلم يعلم ان قريشا ستجتهد فالطلب،
وان الطريق الذي ستتجة الية الانظار لاول و هلة هو طريق المدينة الرئيسى المتجة شمالا،
فقد سلك الطريق الذي يضادة تماما،
وهو الطريق الواقع جنوب مكة،
والمتجة نحو اليمن.
سلك ذلك الطريق نحو خمسة اميال،
حتي بلغ جبلا يعرف بجبل ثور،
وهذا جبل شامخ،
وعر الطريق،
صعب المرتقى،
ذا احجار كثيرة،
فحفيت قدما رسول الله صلى الله عليه و سلم،
فحملة ابو بكر حتي انتهي فيه الى غار فقمة الجبل،
عرف فالتاريخ بغار ثور.
ولما انتهيا الى الغار قال ابو بكر: و الله لا تدخلة حتي ادخلة قبلك،
فان كان به شئ اصابنى دونك،
فدخل فنظر فيه،
ووجد فجانبة ثقبا فشق ازارة و سدها به،
وبقى منها اثنان فوضع فيهما رجليه،
ثم قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم: ادخل.
فدخل رسول الله صلى الله عليه و سلم و وضع راسة فحجرابي بكر و نام،
فلدغ ابو بكر فرجلة من الجحر،
ولم يتحرك مخافة ان ينتبة رسول الله صلى الله عليه و سلم،
فسقطت دموعة على و جة رسول الله صلى الله عليه و سلم،
فقال: ما لك يا ابا بكر؟
قال: لدغت،
فداك ابي و امي،
فتفل رسول الله صلى الله عليه و سلم،
فذهب ما يجده.
وكمنا فالغار ثلاث ليال،
ليلة الجمعة و ليلة السبت و ليلة الاحد.
وكان عبدالله بن ابي بكر يبيت عندهما.
وامر ابو بكر ابنة عبدالله ان يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما نهارا بعدها ياتيهما اذا امسي بما يصبح فذلك اليوم من الخبر.
وامر عامر بن فهيرة مولاة ان يرعي غنمة نهارا بعدها يريحها عليهما،وياتيهما اذا امسي فالغار،
وكانت اسماء فتاة ابي بكر تاتيهما من الاكل اذا امست بما يصلحهما.
اما قريش فقد جن جنونها حينما تاكد لديها افلات رسول الله صلى الله عليه و سلم صباح ليلة تنفيذ المؤامرة.
فاول ما فعلوا بهذا الصدد انهم ضربوا عليا،
وسحبوة الى الكعبة و حبسوة ساعة،
علهم يظفرون بخبرهما.
ولما لم يحصلوا من على على شيء جاءوا الى بيت =ابي بكر،
وطرقوا بابه،
فخرجت اليهم اسماء فتاة ابي بكر،
فقالوا لها: اين ابوك؟
قالت: لا ادرى و الله اين ابي؟
فرفع ابو جهل يدة فلطم خدها لطمة طرح منها قرطها.
وقررت قريش فجلسة طارئة مستعجلة استعمال كل الوسائل التي ممكن فيها القبض على الرجلين،
فوضعت كل الطرق النافذة من مكة (فى كل الجهات) تحت المراقبة المسلحة الشديدة،
كما قررت اعطاء مكافاة ضخمة قدرها ما ئة ناقة بدل جميع واحد منهما لمن يعيدهما الى قريش حيين او ميتين،
كائنا من كان.
وحينئذ هب الفرسان و المشاة و قصاص الاثر،
وانتشروا فالجبال و الوديان،
والوهاد و الهضاب،
لكن دون جدوى و بغير عائد.
وقد وصل المطاردون الى باب الغار،
ولكن الله غالب على امره،
روي البخارى عن انس عن ابي بكر قال: كنت مع النبى صلى الله عليه و سلم فالغار فرفعت راسي،
فاذا انا باقدام القوم،
فقلت: يا نبى الله لو ان بعضهم طاطا بصرة رانا.
قال: اسكت يا ابا بكر،
ما ظنك يا ابا بكر باثنين الله ثالثهما.
وقد كانت معجزة اكرم الله فيها نبية صلى الله عليه و سلم،
فقد رجع المطاردون حين لم يبق بينة و بينهم الا خطوات معدودة.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


فى الطريق الى المدينة »


بعد ان خمدت نار الطلب،
وتوقفت اعمال دوريات التفتيش،
وهدات ثائرات قريش بعد استمرار المطاردة الحثيثة ثلاثة ايام بدون جدوى،
تهيا رسول الله صلى الله عليه و سلم و صاحبة للخروج الى المدينة.
وكانا ربما استاجرا عبد الله بن اريقط الليثي،
وكان دليلا ما هرا بالطريق،
وكان على دين كفار قريش،
وامناة على الرغم من ذلك،
وسلما الية راحلتيهما،
وواعداة غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما،
فلما كانت ليلة الاثنين غرة ربيع الاول سنة 1 ة / 16 سبتمبر سنة 622 م جاءهما عبد الله بن اريقط بالراحلتين و حينئذ قال ابو بكر للنبى صلى الله عليه و سلم: بابي انت يا رسول الله،
خذ احدي هاتين،
وقرب الية افضلهما.
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم بالثمن.
واتتهما اسماء فتاة ابي بكر رضى الله عنهما بسفرتهما،
ونسيت ان تجعل لها رباطا،
فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة فاذا ليس لها رباط،
فشقت نطاقها باثنين (النطاق ما يربط فيه الوسط كالحزام) فعلقت السفرة بواحد،
وانتطقت بالاخر،
فسميت ذات النطاقين.
ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه و سلم و ابو بكر رضى الله عنه،
وارتحل معهما عامر بن فهيرة،
واخذهم الدليل عبد الله بن اريقط على طريق السواحل.
واول ما سلك بهم بعد الخروج من الغار انه سار فاتجاة الجنوب نحو اليمن،
ثم اتجة غربا نحو الساحل،
حتي اذا وصل الى طريق لم يالفة الناس اتجة شمالا على مقربة من شاطئ البحر الاحمر،
وسلك طريقا لم يكن يسلكة احد الا نادرا.
ووقع لهم فالطريق بعض الاحداث منها ما رواة 1لبخارى عن ابي بكر الصديق رضى الله عنه قال: اسرينا ليلتنا (اى سرنا تلك الليلة) و من الغد حتي قام قائم الظهيرة،
وخلا الطريق،
لا يمر به احد،
فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تات عليها الشمس،
فنزلنا عندها،
وسويت للنبى صلى الله عليه و سلم مكانا بيدي،
ينام عليه،
وبسطت عليه فروة،
وقلت: نم يا رسول الله،
وانا انفض (اى اراقب) لك ما حولك،
فنام،
وخرجت انفض ما حوله،
فاذا انا براع مقبل بغنمة الى الصخرة،
يريد منها كالذى اردنا (اى الراحة) فقلت له: لمن انت يا غلام؟
فقال رجل من اهل المدينة او مكة.
قلت: افى غنمك لبن؟
قال: نعم.
قلت: افتحلب ؟

قال: نعم.
فاخذ شاة،
فقلت: انفض الضرع من التراب و الشعر و القذى،
فحلب فكعب كثبة من لبن (الكثبة: القليل من الماء او اللبن او الطعام) و معى اداوة (وعاء) حملتها للنبى صلى الله عليه و سلم يرتوى منها يشرب و يتوضا،
فاتيت النبى صلى الله عليه و سلم فكرهت ان اوقظه،
فوافقتة حين استيقظ،
فصببت من الماء على اللبن حتي برد اسفله،
فقلت: اشرب يا رسول الله،
فشرب حتي رضيت،
ثم قال: الم يان الرحيل؟
قلت: بلى،
قال: فارتحلنا.
وكان من عادة ابي بكر رضى الله عنه انه كان يركب خلف النبى صلى الله عليه و سلم،
وكان شيخا يعرف،
ونبى الله صلى الله عليه و سلم شاب لا يعرف،
فيلقي الرجل ابا بكر فيقول: من ذلك الرجل الذي بين يديك؟
فيقول ذلك الرجل يهدينى الطريق،
فيحسب الحاسب انه يعني فيه الطريق،
وانما يعني سبيل الخير.
وتبعهما فالطريق سراقة بن ما لك،اتاة رجل و هو جالس فمجلس من مجالس قومة بنى مدلج،
فقال: يا سراقة انني رايت انفا خيالا بالساحل،
اراة محمدا و اصحابه.
قال سراقة: فعرفت انهم هم و لكننى قلت له: انهم ليسوا هم،
ولكنك رايت فلانا و فلانا انطلقوا الان امام اعيننا،
ثم لبثت فالمجلس ساعة،
ثم قمت فدخلت،
فامرت جاريتى ان تظهر فرسي،
واخذت رمحى فخرجت فيه من ظهر المنزل،
ثم اتيت فرسي،
فركبتها،
حتي دنوت منهم،
فعثرت بى فرسى فخررت عنها،
فقمت،
ففتحت كنانتي،
فاستخرجت منها الازلام (وهي عصى كان يصنعها المشركون يستشيرون فيها الهتهم) فاستقسمت فيها (اى عملت قرعة) اضرهم ام لا؟
فخرج الذي اكرة فركبت فرسى و عصيت الازلام،
واقتربت حتي اذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو لا يلتفت،
وابو بكر يكثر الالتفات غاصت يدا فرسى فالارض،
،
حتي بلغتا الركبتين،
فخررت عنها،
ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تظهر يديها،
فلما استوت قائمة اذا لاثر يديها غبار ساطع فالسماء كالدخان،
فاستقسمت بالازلام،
فخرج الذي اكره،
فناديتهم بالامان،
فوقفوا،
فركبت فرسى حتي جئتهم،
ووقع فنفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم ان امر رسول الله صلى الله عليه و سلم ظاهر و انه ممنوع مني،
فقلت له: ان قومك ربما جعلوا فيك الدية،
واخبرتهم اخبار ما يريد الناس بهم،
وعرضت عليهم الزاد و المتاع فلم يرزانى (اى لم ياخذا منى شيئا) و لم يسالانى الا ان قال: اخف عنا،
فسالتة ان يكتب لى كتابا بالامن يصبح اية بينى و بينه،
فامر عامر بن فهيرة،
فكتب له،
ثم مضي رسول الله صلى الله عليه و سلم.
ومر صلى الله عليه و سلم فمسيرة هذا حتي مر بخيمتى ام معبد الخزاعية،
وكانت امراة تطعم و تسقى من مر بها،
فسالاها: هل عندها شئ؟
فقالت: و الله لو كان عندنا شئ ما حجبتة عنكم فنظر رسول الله صلى الله عليه و سلم الى شاة فجانب الخيمة،
فقال: ما هذي الشاة يا ام معبد؟
قالت: شاة ضعيفة ليس فيها لبن،
فقال: اتاذنين لى ان احلبها؟
قالت: نعم بابي و امي،
ان رايت فيها حلبا فاحلبها.
فمسح رسول الله صلى الله عليه و سلم بيدة ضرعها،
وسمي الله و دعا،
فدر اللبن بغزارة،
فدعا باناء كبير يكفى جماعة،
فحلب به حتي علتة الرغوة،
فسقاها،
فشربت حتي رويت،
وسقي اصحابة حتي رووا،
ثم شرب،
وحلب بها ثانيا،
حتي ملا الاناء،
ثم غادرة عندها فارتحلوا.
فما لبثت ان جاء زوجها ابو معبد يسوق عنزات عجافا،
فلما راي اللبن عجب،
فقال: من اين لك ذلك و لا حلوبة فالبيت؟
فقالت: لا و الله الا انه مر بنا رجل مبارك كان من جديدة كيت و كيت،
ومن حالة هكذا و كذا،
قال: انني و الله اراة صاحب قريش الذي تطلبه،
صفية لى يا ام معبد،
فوصفتة بصفاتة الجميلة بكلام جميل كان السامع ينظر الية و هو امامة فقال ابو معبد: و الله ذلك صاحب قريش الذي ذكروا من امرة ما ذكروا،
لقد هممت ان اصحبة و لافعلن ان و جدت الى هذا سبيلا،
واصبح صوت بمكة عاليا يسمعونة و لا يرون القائل: جزي الله رب العرش خير جزائة رفيقين حلا خيمتى ام معبد هما نزلا بالبر و ارتحلا فيه و افلح من امسي رفيق محمد فيا لقصى ما روي الله عنكم فيه من فعال لا يحاذي و سؤدد ليهن بنى كعب مكان فتاتهم و مقعدها للمؤمنين بمرصد سلوا اختكم عن شاتها و انائها فانكم ان تسالوا الشاة تشهد قالت اسماء: ما درينا اين توجة رسول الله صلى الله عليه و سلم اذ اقبل رجل من الجن من اسفل مكة فانشد هذي الابيات،
والناس يتبعونة و يسمعون صوتة و لا يرونه،
حتي خرج من اعلاها.
قالت: فلما سمعنا قوله عرفنا حيث توجة رسول الله صلى الله عليه و سلم،
وان و جهتة الى المدينة.
وفى الطريق لقى النبى صلى الله عليه و سلم ابا بريدة،
وكان رئيس قومه،
خرج فطلب النبى صلى الله عليه و سلم و ابي بكر؛
رجاء ان يفوز بالمكافاة ال كبار التي كانت ربما اعلنت عنها قريش،
ولما و اجة رسول الله صلى الله عليه و سلم و كلمة اسلم مكانة مع سبعين رجلا من قومه،
ثم نزع عمامتة و عقدها برمحه،
فاتخذة راية تعلم بان ملك الامن و السلام ربما جاء ليملا الدنيا عدلا و قسطا.
وفى الطريق لقى رسول الله صلى الله عليه و سلم الزبير،
و هو فركب المسلمين،
كانوا تجارا قافلين من الشام،
فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه و سلم و ابا بكر ثيابا بيضاء.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


النبى صلى الله عليه و سلم ينزل قباء و يبني فيها اول مسجد فالاسلام


»


وفى يوم الاثنين 8 ربيع الاول سنة 14 من النبوة و هي السنة الاولي من الهجرة الموافق 23 سبتمبر سنة 622 م نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم بقباء.
وكان المسلمون بالمدينة ربما علموا بمخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم من مكة،
فكانوا يظهرون جميع صباح الى اطراف المدينة،
فينتظرونة حتي يردهم حر الظهيرة،
فرجعوا يوما بعد ما اطالوا انتظارهم.
فلما دخلوا الى بيوتهم طلع رجل من يهود على قلعة من قلاعهم لامر ينظر اليه،
فبصر برسول الله صلى الله عليه و سلم و اصحابة يرتدون ثيابا بيضا،
فلم يملك اليهودى ان قال باعلي صوته: يا معاشر العرب،
هذا جدكم (اى حظكم) الذي تنتظرون،
وكبر المسلمون فرحا بقدومه،
وخرجوا للقائه،
وتجمعوا حوله،
والسكينة تغشاه،
والوحى نزل عليه: { فان الله هو مولاة و جبريل و صالح المؤمنين و الملائكة بعد هذا ظهير} [ 4:66] فقام ابو بكر للناس،
وجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم صامتا،
فاخذ من جاء من الانصار ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه و سلم يحيي ابا بكر،
حتي اصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه و سلم فاقبل ابوبكر حتي ظلل عليه بردائه،
فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه و سلم عند ذلك.
وكانت المدينة كلها ربما زحفت للاستقبال،
وكان يوما مشهودا لم تشهد المدينة مثلة فتاريخها.
ونزل رسول الله صلى الله عليه و سلم بقباء على كلثوم بن الهدم،
ومكث على بن ابي طالب بمكة ثلاثا،
حتي ادي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الودائع التي كانت عندة للناس،
ثم هاجر ما شيا على قدميه،
حتي لحقهما بقباء،
ونزل على كلثوم بن الهدم.
واقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بقباء اربعة ايام: الاثنين و الثلاثاء و الاربعاء و الخميس.
واسس مسجد قباء و صلى فيه،
وهو اول مسجد اسس على التقوي بعد النبوة،
فلما كان اليوم الخامس يوم الجمعة ركب بامر الله له،
وابو بكر خلفه،
وارسل الى بنى النجار اخوالة فجاءوا متقلدين سيوفهم،
فسار نحو المدينة،
فادركتة الجمعة فبنى سالم بن عوف،
فجمع بهم فالمسجد الذي فبطن الوادي و كانو ما ئة رجل


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


دخول النبى صلى الله عليه و سلم المدينة»


وبعد الجمعة دخل النبى صلى الله عليه و سلم المدينة،
ومن هذا اليوم سميت بلدة يثرب بمدينة الرسول صلى الله عليه و سلم،
وكان يوما تاريخيا اغر،
فقد كانت البيوت و السكك ترتج باصوات التحميد و التقديس،
وكانت فتيات الانصار تتغني بهذه الابيات فرحا و سرورا: اشرق البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع ايها المبعوث فينا جئت بالامر المطاع و الانصار و ان لم يكونوا اصحاب ثروات طائلة؛
الا ان جميع واحد منهم كان يتمني ان ينزل الرسول صلى الله عليه و سلم،عليه.
فكان لايمر بدار من دور الانصار الا اخذوا خطام راحلته: هلم الى العدد و العدة و السلاح و المنعة،
فكان يقول لهم: خلوا سبيلها فانها ما مورة،
فلم تزل سائرة فيه حتي و صلت الى موضع المسجد النبوي اليوم فبركت،
ولم ينزل عنها حتي نهضت و سارت قليلا،
ثم التفتت و رجعت فبركت فموضعها الاول،
فنزل عنها،
وذلك فبنى النجار اخوالة صلى الله عليه و سلم و كان من توفيق الله لها،
فانة احب ان ينزل على اخوالة يكرمهم بذلك،
فجعل الناس يكلمون رسول الله صلى الله عليه و سلم فالنزول عليهم،
وبادر ابو ايوب الانصاري الى رحله،
فادخلة بيته،
فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: المرء مع رحله،
وجاء اسعد بن زرارة فاخذ بزمام راحلته،
وكانت عنده.
فاقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فبيت ابي ايوب حتي بنى له مسجدة و مساكنه،
ثم انتقل الى مساكنة من بيت =ابي ايوب،
رحمة الله عليه و رضوانة قال ابو ايوب: لما نزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم فبيتي نزل السفل،
وانا و ام ايوب فالعلو،
،
فقلت له: يا نبى الله،
بابي انت و امي،
انى لاكرة و اعظم ان اكون فوقك و تكون تحتي،
فاظهر انت فكن فالعلو،
وننزل نحن فنكون فالسفل،
فقال: يا ابا ايوب ان ارفق بنا و بمن يغشانا ان نكون فسفل المنزل.
قال: فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم فسفلة و كنا فوقة فالمسكن،
فلقد انكسر حب لنا (اى اناء) به ما ء،
فقمت انا و ام ايوب بقطيفة لنا ما لنا لحاف غيرها،
ننشف فيها الماء تخوفا ان يقطر على رسول الله صلى الله عليه و سلم منه شيء يؤذية قال: و كنا نصنع له العشاء بعدها نبعث فيه اليه،
فاذا رد علينا فضلة تيممت انا و ام ايوب موضع يده،
فاكلنا منه نبتغى بذلك البركة.
وبعد ايام و صلت الية زوجتة سودة،
وبنتاة فاطمة و ام كلثوم،
واسامة بن زيد،
وام ايمن،
وخرج معهم عبد الله بن ابي بكر بعيال ابي بكر و منهم عائشة،
وبقيت زينب عند ابي العاص لم يمكنها من الخروج حتي هاجرت بعد بدر.
قال ابن اسحاق :وتلاحق المهاجرون الى رسول الله صلى الله عليه و سلم و لم يبق بمكة منهم احد الا مفتون او محبوس.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


بناء المسجد النبوي»


واول خطوة خطاها رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد هذا هو اقامة المسجد النبوي.
ففي المكان الذي بركت به ناقتة امر ببناء ذلك المسجد و اشتراة من غلامين يتيمين كانا يملكانه،
وساهم فبنائة بنفسه،
فكان ينقل اللبن و الحجارة و يقول: اللهم لا عيش الا عيش الاخرة فاغفر للانصار و المهاجرة و كان يقول: ذلك الحمال لا حمال خيبر ذلك ابر ربنا و اطهر و كان هذا مما يزيد نشاط الصحابة فالبناء حتي ان احدهم ليقول: لئن قعدنا و النبى يعمل لذاك منا العمل المضلل و كانت فذلك المكان قبور المشركين،
وكان به خرب و نخل و شجرة من غرقد،
فامر رسول الله صلى الله عليه و سلم بقبور المشركين فنشبت،
وبالخرب فسويت،
وبالنخل و الشجرة فقطعت،
وصفت فقبلة المسجد،
وكانت القبلة الى بيت =المقدس،
وجعلت عضادتاة (اى عموداه) من حجارة،
واقيمت حيطانة من الطوب اللبن و الطين،
وجعل سقفة من جريد النخل،
وعمدة الجذوع،
وفرشت ارضة من الرمال و الحصباء (اى الحجارة) و جعلت له ثلاثة ابواب،
وطولة مما يلى القبلة الى مؤخرة ما ئة ذراع،
والجانبان ايضا او دونه،
وكان اساسة قريبا من ثلاثة اذرع.
وبني بيوتا الى جانبه،
وسقفها بالجريد و الجذوع،
وهي حجرات ازواجة صلى الله عليه و سلم،
وبعد تكامل الحجرات انتقل اليها من بيت =ابي ايوب.
ولم يكن المسجد موضعا لاداء الصلوات فحسب،
بل كان جامعة يتلقي بها المسلمون تعاليم الاسلام و توجيهاته،
ومنتدي تلتقى و تتالف به العناصر القبلية المختلفة التي طالما باعدت بينها النزعات الجاهلية و حروبها،
وقاعدة لادارة كل الشئون و بث الانطلاقات،
وبرلمانا لعقد المجالس الاستشارية و التنفيذية.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار


»


وكما قام النبى صلى الله عليه و سلم ببناء المسجد مركز التجمع و التالف؛
قام بعمل احدث من افضل ما يحفظة التاريخ،
وهو عمل المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار.
قال ابن القيم: بعدها اخي رسول الله صلى الله عليه و سلم بين المهاجرين و الانصار،
فى دار انس بن ما لك،
وكانوا تسعين رجلا نصفهم من المهاجرين و نصفهم من الانصار،
اخي بينهم على المواساة،
ويتوارثون بعد الموت دون ذوى الارحام الى حين و قعة بدر،
فلما انزل الله عز و جل {واولوا الارحام بعضهم اولي ببعض } [ 75:8] رد التوارث دون عقد الاخوة.
وقد جعل الرسول صلى الله عليه و سلم هذي الاخوة عقدا نافذا،
لا لفظا فارغا،
وعملا يرتبط بالدماء و الاموال لا تحية تثرثر فيها الالسنة و لا يقوم لها اثر.
وكانت عواطف الايثار و المواساة و المؤانسة تمتزج فهذه الاخوة و تملا المجتمع الجديد بافضل الامثال.
فقد روي البخارى انهم لما قدموا المدينة اخي رسول الله صلى الله عليه و سلم بين عبدالرحمن بن عوف و سعد بن الربيع فقال سعد لعبد الرحمن: انني اكثر الانصار ما لا،
فاقسم ما لى نصفين،
ولي امراتان فانظر اعجبهما اليك فسمها لي،
اطلقها،
فاذا انقضت عدتها فتزوجها،
قال: بارك الله لك فاهلك و ما لك،
واين سوقكم؟
فدلوة على سوق بنى قينقاع،
فما انقلب الا و معه فضل من اقط (طعام من لبن الابل) و سمن،
ثم تابع الغدو،
ثم جاء يوما و فيه اثر صفرة،
فقال النبى صلى الله عليه و سلم: مهيم ؟

(كلمة يمانية معناها ما الذي اري بك) قال: تزوجت.
قال: كم سقت اليها؟
قال: نواة من ذهب.
وروي البخارى عن ابي هريرة قال: قالت الانصار للنبى صلى الله عليه و سلم: اقسم بيننا و بين اخواننا النخيل.
قال: لا،
فقالوا: فتكفونا المؤنة،
ونشرككم فالثمرة.
قالوا: سمعنا و اطعنا.
وهذا يدلنا على ما كان عليه الانصار من الحفاوة البالغة باخوانهم المهاجرين،
ومن التضحية و الايثار و الود و الصفاء و ما كان عليه المهاجرون من تقدير ذلك الكرم حق قدره،
فلم يستغلوة و لم ينالوا منه الا بقدر ما يحفظ حياتهم.
وحقا فقد كانت هذي المؤاخاة حكمة فذة،
وسياسة صائبة حكيمة،
وحلا رائعا لعديد من المشاكل التي كان يواجهها المسلمون،
والتى اشرنا اليها.
وكما قام رسول الله صلى الله عليه و سلم بعقد المؤاخاة بين المؤمنين قام بعقد معاهدة ازاح فيها جميع ما كان من حزازات الجاهلية و النزعات القبلية،
ولم يترك مجالا لتقاليد الجاهلية،
وهاك بنودها ملخصا: ذلك كتاب من محمد النبى صلى الله عليه و سلم بين المؤمنين و المسلمين من قريش و يثرب و من تبعهم فلحق بهم،
وجاهد معهم: 1 انهم امة واحدة من دون الناس.
2 المهاجرون من قريش على ربعتهم (اى حالتهم التي و جدها عليهم الاسلام) يتعاقلون بينهم (اى يعقل بعضهم عن بعض،
والعقل: الدية) و هم يفدون عانيهم (اى اسيرهم) بالمعروف و القسط بين المؤمنين،
وكل قبيلة من الانصار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الاولى،
وكل طائفة منهم تفدى عانيها بالمعروف و القسط بين المؤمنين.
3 و ان المؤمنين لا يتركون مفرحا بينهم (اى المثقل بالدين) ان يعطوة بالمعروف ففداء او عقل(اى دية).
4 و ان المؤمنين المتقين على من بغي عليهم،
او ابتغي ظلما (اى طلب اتاوة بالظلم) او اثم او عدوان او فساد بين المؤمنين.
5 و ان ايديهم عليه جميعا،
ولو كان ولد احدهم.
6 و لا يقتل مؤمن مؤمنا فكافر.
7 و لا ينصر كافرا على مؤمن.
8 و ان ذمة الله واحدة يجير عليهم ادناهم.
9 و ان من تبعنا من يهود فان له النصر و الاسوة،
غير مظلومين و لا متناصرين عليهم.
10 و ان سلم المؤمنين واحدة،
ولا يسالم مؤمن دون مؤمن فقتال فسبيل الله الا على سواء و عدل بينهم.
11 و ان المؤمنين يبيء بعضهم على بعض بما نال دماءهم فسبيل الله (البواء: المساواة،
والمقصود انهم يد واحدة يثارون لبعضهم).
12 و انه لا يجير مشرك ما لا لقريش و لا نفسا،
ولا يحول دونة على مؤمن.
13 و انه من اعتبط مؤمنا قتلا (اى قتلة بلا جناية) عن بينة فانه قود فيه (اى عليه الدية) الا ان يرضي و لى المقتول.
14 و ان المؤمنين عليه كافة و لا يحل لهم الا قيام عليه.
15 و انه لا يحل لمؤمن ان ينصر محدثا (اى مجرما) و لا يؤويه،
وانة من نصرة او اواة فان عليه لعنة الله و غضبة يوم القيامة،
ولا يؤخذ منه صرف و لا عدل.
16 و انكم مهما اختلفتم به من شئ فان مردة الى الله عز و جل و الى محمد صلى الله عليه و سلم.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


خبر الاذان »


لما اطمان رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة،
واجتمع الية اخوانة من المهاجرين،
واجتمعت كلمة الانصار،
استحكم امر الاسلام فقامت الصلاة،
وفرضت الزكاة و الصيام و قامت الحدود،
وفرض الحلال و الحرام.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قدمها انما يجتمع الناس الية للصلاة لحين مواقيتها بغير دعوة،
فهم رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قدمها ان يجعل بوقا كبوق يهود الذي يهرعون فيه لصلاتهم،
ثم كرهه،
ثم امر بالناقوس فنحت ليضرب فيه للمسلمين للصلاة.
فبينما هم على هذا اذ راي عبد الله بن زيد بن ثعلبة اخو بلحارث بن الخزرج فمنامة الاذان،
فاتي رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له: يا رسول الله انه طاف بى هذي الليلة طائف،
مر بى رجل عليه ثوبان اخضران،
يحمل ناقوسا فيده،
فقلت له: يا عبد الله،
اتبيع ذلك الناقوس؟
قال: و ما تصنع به؟
قلت: ندعو فيه الى الصلاة قال: افلا ادلك على خير من ذلك؟
قلت: و ما هو؟
قال: تقول: الله اكبر الله اكبر الله اكبر الله اكبر،
اشهد ان لا الة الا الله،
اشهد ان لا الة الا الله.
اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله.
حى على الصلاة حى على الصلاة،
حى على الفلاح،
حى على الفلاح.
الله اكبر،
الله اكبر.
لا الة الا الله.
فلما اخبر فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: انها لرؤيا حق ان شاء الله،
فقم مع بلال فالقها عليه فليؤذن بها،
فانة اندي صوتا منك،
فلما اذن فيها بلال سمعها عمر بن الخطاب و هو فبيته،
فخرج الى رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو يجر رداءه،
وهو يقول: يا نبى الله،
والذى بعثك بالحق لقد رايت كالذى راى،
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: فلله الحمد على ذلك.

قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


التهيؤ لفتح مكة و محاولة الاخفاء»


روي الطبرانى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم امر عائشة قبل ان ياتى الية خبر نقض قريش للميثاق بثلاثة ايام ان تجهز ادوات الحرب الخاصة به،
ولا يعلم احد،
فدخل عليها ابو بكر،
فقال: يا بنية ما ذلك الجهاز؟
قالت: و الله ما ادري.
فقال: و الله ما ذلك زمان غزو بنى الاصفر،
فاين يريد رسول الله؟
قالت: و الله لا علم لي.
وفى صباح اليوم الثالث جاء عمرو بن سالم الخزاعى فاربعين راكبا،
واستنجد برسول الله صلى الله عليه و سلم،
فعلم الناس بنقض الميثاق،
وبعد عمرو جاء بديل بعدها ابو سفيان و تاكد عند الناس الخبر،
فامرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالجهاز،
واعلمهم انه سائر الى مكة،
وقال: اللهم خذ العيون و الاخبار عن قريش حتي نبغتها فبلادها.
وزيادة فالاخفاء و التعمية،
بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية قوامها ثمانية رجال تحت قيادة ابي قتادة بن ربعى الى بطن اضم فيما بين ذى خشب و ذى المروة على ثلاثة برد (البريد: اثنا عشر ميلا تقريبا) من المدينة،
فى اول شهر رمضان سنة 8 ة ليظن الظان انه صلى الله عليه و سلم يتوجة الى تلك الناحية،
ولتذهب بذلك الاخبار،
وواصلت هذي السرية سيرها،
حتي اذا و صلت حيثما امرت بلغها ان رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج الى مكة،
فسارت الية حتي لحقته.
وحدث ان كتب حاطب بن ابي بلتعة الى قريش كتابا يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه و سلم اليهم،
ثم اعطاة امراة،
وجعل لها ما لا على ان تبلغة قريشا،
فجعلتة فقرون راسها،
ثم خرجت به،
واتي رسول الله صلى الله عليه و سلم الخبر من السماء بما صنع حاطب،
فبعث عليا و المقداد،
فقال: انطلقا حتي تاتيا روضة خاخ،
فان فيها ظعينة (اى مسافرة) معها كتاب الى قريش،
فانطلقا تعادي بهما خيلهما حتي و جدا جدا المراة بذلك المكان،
فاستنزلاها،
وقالا: معك كتاب؟
فقالت: ما معى كتاب،
ففتشا رحلها فلم يجدا شيئا،
فقال لها علي: احلف بالله،
ما كذب رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا كذبنا،
والله لتخرجن الكتاب او لنجردنك.
فلما رات الجد منه قالت: اعرض،
فاعرض،
فحلت قرون راسها،
فاستخرجت الكتاب منها،
فدفعتة اليهما،
فاتيا فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم،
فاذا فيه: (من حاطب بن ابي بلتعة الى قريش) يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه و سلم،
فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم حاطبا،
فقال: ما ذلك يا حاطب؟
فقال:لا تعجل على يا رسول الله،
والله انني لمؤمن بالله و رسوله،
وما ارتددت و لا بدلت،
ولكنى كنت امرءا ملصقا فقريش،
لست من انفسهم،
ولى فيهم اهل و عشيرة و ولد،
وليس لى فيهم قرابة يحمونهم،
وكان من معك لهم قرابات يحمونهم،
فاحببت اذ فاتنى هذا ان اتخذ عندهم يدا (اى معروفا) يحمون فيها قرابتي،
فقال عمر بن الخطاب: دعنى يا رسول الله اضرب عنقه،
فانة ربما خان الله و رسوله،
وقد نافق،
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: انه ربما شهد بدرا،
و ما يدريك يا عمر،
لعل الله ربما اطلع على اهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم،
فذرفت عينا عمر،
وقال: الله و رسولة اعلم.
وهكذا اخذ الله العيون،
فلم يبلغ الى قريش اي خبر من اخبار تجهز المسلمين و تهيئهم للزحف و القتال.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


الجيش الاسلامي يتحرك نحو مكة»


لعشر ليال خلون من شهر رمضان المبارك سنة 8ة غادر رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة متجها الى مكة،
فى عشرة الاف من الصحابة رضى الله عنهم،
واستخلف على المدينة ابا رهم الغفاري.
ولما كان بالجحفة او فوق هذا لقية عمة العباس بن عبدالمطلب،
وكان ربما خرج باهلة و عيالة مسلما مهاجرا،
ثم لما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم بالابواء لقية ابن عمة ابو سفيان بن الحارث و ابن عمتة عبد الله بن ابي امية،
فاعرض عنهما؛
لما كان يلقاة منهما من شدة الاذى،
فقالت له ام سلمة: لايكن ابن عمك و ابن عمتك اشقي الناس بك،
وقال على لابي سفيان بن الحارث: ائت رسول الله صلى الله عليه و سلم من قبل و جهة فقل له ما قال اخوة يوسف ليوسف: {قالوا تالله لقد اثرك الله علينا و ان كنا لخاطئين} فانه لا يرضي ان يصبح احد اقوى منه قولا،ففعل هذا ابو سفيان،
فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم و هو ارحم الراحمين} فانشدة ابو سفيان ابياتا منها: لعمرك انني حين احمل راية لتغلب خيل اللات خيل محمد لكالمدلج الحيران اظلم ليلة فهذا اوانى حين اهدي فاهتدى هدانى هاد غير نفسي و دلنى على الله من طردت جميع مطرد (المدلج: السائر ليلا) فضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم صدرة و قال: انت طردتنى جميع مطرد!
وقد حسن اسلام ابي سفيان بن الحارث بعد ذلك،
ويقال انه ما رفع راسة الى رسول الله صلى الله عليه و سلم منذ اسلم حياء منه.
وواصل رسول الله صلى الله عليه و سلم سيرة و هو صائم،
والناس صيام،
حتي بلغ ماء الكديد فافطر و افطر الناس معه،
ثم و اصل سيرة حتي نزل بمر الظهران عشاء،
فامر الجيش فاوقدوا النار،
فاوقدت عشرة الاف نار،
وجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم على الحرس عمر بن الخطاب رضى الله عنه.
وركب العباس بعد نزول المسلمين بمر الظهران بغلة رسول الله صلى الله عليه و سلم البيضاء،
وخرج يلتمس لعلة يجد بعض الحطابة اواحدا يخبر قريشا؛
ليخرجوا يستامنون رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل ان يدخلها.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


الرسول صلى الله عليه و سلم يدخل مكة »


مضي رسول الله صلى الله عليه و سلم فكيفية لدخول مكة حتي انتهي الى ذى طوى،
وكان يخفض راسة تواضعا لله حين راي ما اكرمة الله فيه من الفتح،
حتي ان شعر لحيتة ليكاد يمس راحلته،
وهنالك و زع جيشه،
وكان خالد بن الوليد على ميمنة الجيش و بها قبائل اسلم و سليم و غفار و مزينة و جهينة و قبائل من قبائل العرب فامرة ان يدخل مكة من اسفلها،
وقال: ان عرض لكم احد من قريش فاحصدوهم حصدا،
حتي توافونى على الصفا.
وكان الزبير بن العوام على الميسرة،
وكان معه راية رسول الله صلى الله عليه و سلم،
فامرة ان يدخل مكة من اعلاها من ناحية كداء،
وان يغرز رايتة بالحجون،
ولا يبرح حتي ياتيه.
وكان ابو عبيدة على المشاة و الحسر (وهم الذين لا سلاح معهم) فامرة ان ياخذ بطن الوادي،
حتي يدخل مكة امام رسول الله صلى الله عليه و سلم.
وتحركت جميع كتيبة من الجيش الاسلامي على الطريق التي كلفت الدخول منها،
فاما خالد و اصحابة فلم يلقهم احد من المشركين الا قتلوه،
وقتل من اصحابة من المسلمين كرز بن جابر الفهرى و خنيس بن خالد بن ربيعة،
كانا ربما شذا عن الجيش،
وسلكا طريقا غير كيفية فقتلهما المشركون،
وقابل خالد و اصحابة سفهاء قريش الذين تجمعوا لحرب المسلمين بالخندمة فقتلوا من المشركين اثنى عشر رجلا فانهزم المشركون،
وانهزم حماس بن قيس الذي كان يعد السلاح لقتال المسلمين حتي دخل بيته،
فقال لامراتة اغلقى على بابي،
فقالت: و اين ما كنت تقول ؟

فقال: انك لو شهدت يوم الخندمة اذ فر صفوان و فر عكرمة و استقبلتنا بالسيوف المسلمة يقطعن جميع ساعد و جمجمة ضربا فلا يسمع الا غمغمة لهم نهيت خلفنا و همهمة لم تنطقى فاللوم ادني كلمة (الغمغمة و الهمهمة: الصوت غير المفهوم،
يعني اصوات ابطال المسلمين فالقتال،
والنهيت: الزئير) و اقبل خالد يجوس مكة حتي و افي رسول الله صلى الله عليه و سلم على الصفا.
واما الزبير فتقدم حتي نصب راية رسول الله صلى الله عليه و سلم بالحجون عند مسجد الفتح،
وضرب له هنالك قبة،
فلم يبرح حتي جاءة رسول الله

قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


الرسول يطهر المسجد الحرام من الاصنام و يعفو عن القرشيين


»


نهض رسول الله صلى الله عليه و سلم و المهاجرون و الانصار بين يدية و خلفة و حوله،
حتي دخل المسجد،
فاقبل الى الحجر الاسود،
فاستلمة (استلم الحجر يعني لمسة و بدا الطواف من عنده) بعدها طاف بالبيت و فيدة قوس،
وحول المنزل و عليه ثلاثمائة و ستون صنما،
فجعل يطعنها بالقوس،
ويقول: {جاء الحق و زهق الباطل ان الباطل كان زهوقا} {جاء الحق و ما يبدئ الباطل و ما يعيد}.
والاصنام تتساقط على و جوهها.
عن ابن عباس قال: دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة يوم الفتح على راحلتة فطاف عليها،
وحول المنزل اصنام مشدودة بالرصاص،
فجعل النبى صلى الله عليه و سلم يشير بقضيب فيدة الى الاصنام و يقول: {جاء الحق و زهق الباطل ان الباطل كان زهوقا} فما اشار الى صنم منها فو جهة الا و قع لقفاه،
ولا اشار الى قفاة الا و قع لوجهه،
حتي ما بقى منها صنم الا و قع.
وكان طوافة على راحلته،
ولم يكن محرما يومئذ،
فاقتصر على الطواف،
فلما اكمل الطواف دعا عثمان بن طلحة،
فاخذ منه مفتاح الكعبة،
فامر فيها ففتحت،
فدخلها،
فراي بها الصور،
وراي بها صورة ابراهيم و اسماعيل عليهما السلام يستقسمان بالازلام (الازلام سهام كانوا يستشيرون الاصنام بعمل قرعة بينها،
والاستقسام اصلا الحلف) فقال: قاتلهم الله،
والله ما استقسما فيها قط،
وراي فالكعبة حمامة من عيدان،
فكسرها بيده،
وامر بالصور فمحيت.
ثم اغلق الرسول صلى الله عليه و سلم باب الكعبة عليه و على اسامة و بلال،
ثم صلى هناك،
ثم دار فالبيت و كبر فنواحيه،
ووحد الله،
ثم فتح الباب،
وقريش ربما ملات المسجد صفوفا ينتظرون ماذا يصنع.
وكان الباب مرتفعا عن الارض قليلا،
فوقف و امسك بجانبى الباب و هم تحته،
فقال: لاالة الا الله و حدة لا شريك له،
صدق و عده،
ونصر عبده،
وهزم الاحزاب و حده،
الا ان جميع ما ثرة كانت فالجاهلية تذكر و تدعي من دم او ما ل تحت قدمي (الماثرة: ما كان العرب يفتخرون فيه و يتخذونة و سيلة للتكبر) ،

الا سدانة المنزل (اى خدمة المنزل الحرام) و سقاية الحاج،
الا و قتيل الخطا شبة العمد ما كان بالسوط و العصا ففية الدية مغلظة،
مائة من الابل اربعون منها فبطونها اولادها.
يا معشر قريش،
ان الله ربما اذهب عنكم نخوة (اى فخر) الجاهلية و تعاظمها بالاباء،
الناس من ادم و ادم من تراب،
ثم تلا هذي الاية: (يا ايها الناس،
انا خلقناكم من ذكر و انثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير).
ثم قال: يا معشر قريش،
ما ترون انني فاعل بكم؟
قالوا: خيرا،
اخ كريم و ابن اخ كريم،
قال: فانى اقول لكم ما قال يوسف لاخوته: (لا تثريب عليكم اليوم) اذهبوا فانتم الطلقاء.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


رد الامانات و اعلان شعار الاسلام


»


جلس رسول الله صلى الله عليه و سلم فالمسجد بعد ان اعلن العفو العام ،

فقام الية على رضى الله عنه،
ومفتاح الكعبة فيده،
فقال: يا رسول الله،
اجمع لنا (اى لبنى هاشم) الحجابة مع السقاية،
صلي الله عليك،
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: اين عثمان بن طلحة؟
فدعى له،
فقال له: هاك مفتاحك يا عثمان،
اليوم يوم بر و وفاء.
وروى انه قال له حين دفع المفتاح اليه: خذوها يا بنى شيبة خالدة مخلدة،
لا ينزعها منكم الا ظالم.
وقال ايضا: يا عثمان،
ان الله استامنكم على بيته،
فكلوا مما يصل اليكم من ذلك المنزل بالمعروف.
وحانت الصلاة،
فامر رسول الله صلى الله عليه و سلم بلالا ان يصعد فيؤذن على الكعبة،
وابو سفيان بن حرب،
وعتاب بن اسيد،
والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة،
فقال عتاب: لقد اكرم الله اسيدا ان لا يصبح سمع هذا،
فيسمع منه ما يغيظه،
فقال الحارث: اما و الله لو اعلم انه حق لاتبعته،
فقال ابو سفيان: اما و الله لا اقول شيئا،
لو تكلمت لاخبرت عنى هذي الحصى،
فخرج عليهم النبى صلى الله عليه و سلم فقال لهم: لقد علمت الذي قلتم،
ثم ذكر هذا لهم،
فقال الحارث و عتاب: نشهد انك رسول الله،
والله ما اطلع على ذلك احد كان معنا فنقول: اخبرك.
ودخل رسول الله صلى الله عليه و سلم يومئذ دار ام هانئ فتاة ابي طالب،
فاغتسل و صلى ثمانى ركعات فبيتها،
وكان ضحى،
فظنها من ظنها صلاة الضحى،
وانما هذي صلاة الفتح.
واجارت ام هانئ حموين لها،
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ربما اجرنا من اجرت يا ام هانئ،
وقد كان اخوها على بن ابي طالب اراد ان يقتلهما،
فاغلقت عليهما باب بيتها،
وسالت النبى صلى الله عليه و سلم ان يعفو عنهما،
فقال لها ذلك.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة

خطبة الرسول صلى الله عليه و سلم فاليوم الثاني من الفتح»


لما كان الغد من يوم الفتح قام رسول الله صلى الله عليه و سلم فالناس خطيبا،
فحمد الله و اثني عليه،
ومجدة بما هو اهله،
ثم قال: ايها الناس،
ان الله حرم مكة يوم خلق السموات و الارض،
فهي حرام بحرمة الله الى يوم القيامة،
فلا يحل لامرئ يؤمن بالله و اليوم الاخر ان يسفك بها دماء او يعضد فيها شجرة (اى يقطع) فان احد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه و سلم (اى ان قال احد ساقاتل فمكة مثلما قاتل بها الرسول) فقولوا: ان الله اذن لرسولة و لم ياذن لكم،
وانما حلت لى ساعة من نهار،
وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالامس،
فليبلغ الشاهد الغائب


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


سرية ذات السلاسل


»


لما علم رسول الله صلى الله عليه و سلم بموقف القبائل العربية التي تقطن مشارف الشام فمعركة مؤتة،
من اجتماعهم الى الرومان ضد المسلمين،
شعر بمسيس الحاجة الى القيام بعمل حكيم يوقع الفرقة بينها و بين الرومان،
وتكون سببا للائتلاف بينها و بين المسلمين،
حتي لا تحتشد كهذه الجموع ال كبار مرة اخرى.
واختار لتنفيذ هذي الخطة عمرو بن العاص ؛

لان ام ابية كانت امراة من بلي،
فبعثة اليهم فجمادى الاخرة سنة 8 ة على اثر معركة مؤتة ليستالفهم و يستميلهم،
وفى ذات الوقت نقلت الاستخبارات ان جمعا من قضاعة ربما تجمعوا،
يريدون ان يدنوا من اطراف المدينة،
فاصبحت الحاجة اشد لبعث عمرو بن العاص اليهم.
وعقد رسول الله صلى الله عليه و سلم لعمرو بن العاص لواء ابيض و جعل معه راية سوداء،
وبعثة فثلاثمائة من سراة (اى اشراف) المهاجرين و الانصار،
ومعهم ثلاثون فرسا،
وامرة ان يستعين بمن مر فيه من بلى و عذرة و بلقين،
فسار الليل و كمن النهار،
فلما قرب من القوم بلغة ان لهم جمعا كثيرا،
فبعث رافع بن مكيث الجهنى الى رسول الله صلى الله عليه و سلم يستمدة (اى يطلب منه مددا) فبعث الية ابا عبيدة بن الجراح فما ئتين و عقد له لواء،
وبعث له سراة من المهاجرين و الانصار فيهم ابو بكر و عمر و امرة ان يلحق بعمرو،
وان يكونا جميعا و لا يختلفا،
فلما لحق فيه اراد ابو عبيدة ان يؤم الناس،
فقال عمرو: انما قدمت على مددا،
وانا الامير،
فاطاعة ابو عبيدة،
فكان عمرو يصلى بالناس.
وسار حتي و طئ بلاد قضاعة،
فدوخها حتي اتي اقصي بلادهم،
ولقى فاخر هذا جمعا،
فحمل عليهم المسلمون فهربوا فالبلاد و تفرقوا.
وبعث عوف بن ما لك الاشجعى بريدا الى رسول الله صلى الله عليه و سلم،
فاخبرة بعودتهم و سلامتهم،
وما كان فغزاتهم.
وسميت الغزوة بذات السلاسل نسبة للمكان الذي نزل فيه المسلمون،
بينة و بين المدينة مسيرة عشرة ايام.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


ابو بكر امير على الحج فالعام التاسع للهجرة»


وفى ذى القعدة او ذى الحجة من السنة التاسعة للهجرة،
بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم ابا بكر الصديق رضى الله عنه اميرا على الحج،
ليقيم بالمسلمين المناسك.
ثم نزلت اوائل سورة براءة ،

فبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم على بن ابي طالب ليبلغ الناس الاحكام التي جاءت فيها،
وذلك تمشيا منه على عادة العرب فعهود الدماء و الاموال،
فالتقي على بابي بكر ببعض الطريق،
فقال ابو بكر:امير او ما مور؟
قال علي:لا بل ما مور،
ثم مضيا،
واقام ابو بكر للناس حجهم،
حتي اذا كان يوم النحر،
قام على بن ابي طالب عند الجمرة،
فاذن فالناس بالذى امرة رسول الله صلى الله عليه و سلم.
عن زيد بن يفيع قال: سالنا عليا باى شيء بعثت فالحجة؟
قال: بعثت باربع: لا يدخل الجنة الا نفس مؤمنة،
ولا يطوف بالبيت عريان،
ولا يجتمع مسلم و كافر فالمسجد الحرام بعد عامة هذا،
ومن كان بينة و بين النبى عهد فعهدة الى مدته،
ومن لم يكن له عهد فاجلة الى اربعة اشهر.
وبعث ابو بكر رضى الله عنه رجالا ينادون فالناس: الا لا يحج بعد ذلك العام مشرك،
ولا يطوف بالبيت عريان.
وكان ذلك النداء بمثابة اعلان نهاية الوثنية فجزيرة العرب،
وانها لا تبدئ و لا تعيد بعد ذلك العام.
الة الى الرفيق الاعلى

قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


حجة الوداع»


تمت اعمال الدعوة و ابلاغ الرسالة و بناء مجتمع جديد،
علي اساس اثبات الالوهية لله و نفيها عن غيره،
وعلي اساس رسالة محمد صلى الله عليه و سلم،
وكان هاتفا خفيا انبعث فقلب رسول الله صلى الله عليه و سلم يشعرة ان مقامة فالدنيا ربما اوشك على النهاية،
حتي انه حين بعث معاذا على اليمن سنة 10 ة قال له فيما قال: يا معاذ انك عسي ان لا تلقانى بعد عامي هذا،
ولعلك ان تمر بمسجدى ذلك و قبري،
فبكي معاذ جزعا لفراق رسول الله صلى الله عليه و سلم.
وشاء الله ان يري رسولة ثمار دعوته،
التى عاني فسبيلها الوانا من المتاعب بضعا و عشرين عاما،
فيجتمع فاطراف مكة بافراد قبائل العرب و ممثليها،
فياخذوا منه شرائع الدين و احكامه،
وياخذ منهم الشهادة على انه ادي الامانة،
وبلغ الرسالة و نصح الامة.
فلما دخل على رسول الله صلى الله عليه و سلم ذو القعدة تجهز للحج،
وامر الناس بالجهاز له،
وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم الى الحج لخمس ليال بقين من ذي القعدة.
ثم مضي رسول الله صلى الله عليه و سلم على حجه،
فاري الناس مناسكهم،
واعلمهم سنن حجهم،
وخطب فالناس خطبتة التي ضمنها اواخر و صاياه،
فحمد الله و اثني عليه،
ثم قال: “ايها الناس اسمعوا قولى: فانى لا ادري لعلي لا القاكم بعد عامي ذلك بهذا الموقف ابدا،
ايها الناس ان دماءكم و اموالكم عليكم حرام الى ان تلقوا ربكم،
كحرمة يومكم ذلك و كحرمة شهركم هذا،
وانكم ستلقون ربكم فيسالكم عن اعمالكم و ربما بلغت؛
فمن كانت عندة امانة فليؤدها الى من ائتمنة عليها،
وان جميع ربا مقال (وضع عنه الدين و الدم و كل نوعيات الجناية اي اسقطة عنه) و لكن لكم رءوس اموالكم لا تظلمون و لا تظلمون،
قضي الله انه لا ربا و ان ربا عباس بن عبدالمطلب مقال كله،
وان جميع دم كان فالجاهلية موضوع،
وان اول دمائكم اضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب و كان مسترضعا فبنى ليث فقتلتة هذيل فهو اول ما ابدا فيه من دماء الجاهلية.
اما بعد،
ايها الناس،
فان الشيطان ربما يئس من ان يعبد بارضكم هذي ابدا،
ولكنة ان يطع فيما سوي هذا فقد رضي فيه مما تحقرون من اعمالكم،
فاحذروة على دينكم.
ايها الناس،
ان النسئ زيادة فالكفر يضل فيه الذين كفروا،
يحلونة عاما و يحرمونة عاما ليوطئوا عدة ما حرم الله،
فيحلوا ما حرم الله و يحرموا ما احل الله.
وان الزمان استدار كهيئتة يوم خلق الله السموات و الارض،
وان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا منها اربعة حرم: ثلاثة متوالية،
ورجب مضر الذي بين جمادي و شعبان.
اما بعد ايها الناس،
فان لكم على نسائكم حقا و لهن عليكم حقا،
لكم عليهن ان لا يوطئن فرشكم احدا تكرهونة و عليهن ان لا ياتين بفاحشة مبينة،
فان فعلن فان الله ربما اذن لكم ان تهجروهن فالمضاجع و تضربوهن ضربا غير مبرح (اى غير شديد) فان انتهين فلهن رزقهن و كسوتهن بالمعروف.
واستوصوا بالنساء خيرا فانهن،
عندكم عوان (اى اسيرات) لا يملكن لانفسهن شيئا،
وانكم انما اخذتموهن بامانة الله و استحللتم فروجهن بعبارات الله.
فاعقلوا ايها الناس قولي فانى ربما بلغت،
وقد تركت فيكم ما ان اعتصمتم فيه فلن تضلوا ابدا،
امرا بينا: كتاب الله و سنة نبيه.
ايها الناس،
اسمعوا قولي و اعقلوه،
تعلمن ان جميع مسلم اخ للمسلم و ان المسلمين اخوة،
فلا يحل لامرئ من اخية الا ما اعطاة عن طيب نفس منه،
فلا تظلمن انفسكم،
اللهم هل بلغت؟”.
فذكر لى ان الناس قالوا: اللهم نعم.
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: اللهم اشهد.
وبعد ان فرغ النبى صلى الله عليه و سلم من القاء الخطبة نزل عليه قوله تعالى:{اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا}.
وعندما سمعها عمر بكى،
فقيل له: ما يبكيك؟
قال: انه ليس بعد الكمال الا النقصان.
ويقال ان عدد المسلمين الذين ادوا حجة الوداع ما ئة و اربعة و عشرون الفا،
او ما ئة و اربع و اربعون الفا.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


اخر البعوث»


كانت كبرياء دولة الروم على الاسلام ربما جعلتها تابي عليه حق الحياة،
وحملها هذا على ان تقتل من اتباعها من يدخل فيه،
كما فعلت بفروة بن عمرو الجذامي الذي كان و اليا على معان من قبل الروم،
فقد غضبوا عليه و سجنوه،
ثم حكموا عليه بالقتل فاعدموه،
ثم صلبوة و تركوة مصلوبا ليرهب غيرة ان يسلك مسلكه.
ونظرا الى هذي الجراءة و الغطرسة اخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم يجهز جيشا كبيرا فصفر سنة 11 ه،
وامر عليه اسامة بن زيد بن حارثة،
وامرة ان يوطئ الخيل تخوم البلقاء و الداروم من ارض فلسطين،
يبغى بذلك ارهاب الروم،
واعادة الثقة الى قلوب العرب الضاربين على الحدود،
حتي لا يحسبن احد ان بطش الكنيسة لا معقب له،
وان الدخول فالاسلام يجر على اصحابة الهلاك فحسب.
وتكلم الناس فقائد الجيش لحداثة سنه،
واستبطاوا فبعثه،
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ان تطعنوا فامارته،
فقد كنتم تطعنون فامارة ابية من قبل،
وايم الله ان كان خليقا للامارة (اى جديرا) و ان كان من احب الناس الي،
وان ذلك من احب الناس الى بعده.
واطاع الناس امر النبى صلى الله عليه و سلم،
واخذوا يلتفون حول اسامة،
وينتظمون فجيشه،
حتي خرجوا و نزلوا الجرف،
علي فرسخ من المدينة (الفرسخ ثلاثة اميال تقريبا) الا ان الاخبار المقلقة عن مرض رسول الله صلى الله عليه و سلم اكرهتهم على التريث،
حتي يعرفوا ما يقضى الله به،
وقد قضي الله ان يصبح ذلك اول بعث فخلافة ابي بكر الصديق.

قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


ابتداء شكوي رسول الله صلى الله عليه و سلم»


لما تكاملت الدعوة،
وسيطر الاسلام على الموقف،
اخذت طلائع التوديع للحياة و الاحياء تطلع من مشاعرة صلى الله عليه و سلم،
وتنضح بعباراتة و افعاله.
فقد اعتكف فرمضان من السنة العاشرة عشرين يوما،
بينما كان لا يعتكف الا عشرة ايام فحسب،
وتدارسة جبريل القران مرتين،
وقال فحجة الوداع: انني لا ادرى لعلى لا القاكم بعد عامي ذلك بهذا الموقف ابدا،
وقال و هو عند جمرة العقبة: خذوا عنى مناسككم لعلى لا احج بعد عامي هذا،
وانزلت عليه سورة النصر فاوسط ايام التشريق،
فعرف انه الوداع،
وانة نعيت الية نفسه.
وفى اوائل صفر سنة 11 ة خرج النبى صلى الله عليه و سلم الى احد،
فصلي على الشهداء كالمودع للاحياء و الاموات،
ثم انصرف الى المنبر فقال: انني فرطكم (فرط القوم: تقدمهم الى موضع الماء ليجهزة لهم) و انني شهيد عليكم،
وانى و الله لانظر الى حوضى الان،
وانى اعطيت مفاتيح خزائن الارض،
او مفاتيح الارض،
وانى و الله ما اخاف ان تشركوا بعدي،
ولكنى اخاف عليكم ان تنافسوا فيها.
وخرج فمنتصف احدي الليالي الى البقيع فاستغفر للاموات،
وقال: يا اهل المقابر،
ليهن لكم ما اصبحتم به بما اصبح الناس فيه،
اقبلت الفتن كقطع الليل المظلم،
يتبع اخرها اولها،
الاخرة شر من الاولى،
وبشرهم قائلا: انا بكم للاحقون.
وفى اليوم التاسع و العشرين من شهر صفر سنة 11 ة و كان يوم الاثنين شهد رسول الله صلى الله عليه و سلم جنازة فالبقيع،
فلما كان فطريق الرجوع اخذة صداع فراسه،
واتقدت الحرارة،
حتي انهم كانوا يجدون شدتها فوق العصابة التي تعصب فيها راسه.
وقد صلى النبى صلى الله عليه و سلم بالناس و هو مريض احد عشر يوما،
وجميع ايام المرض كانت ثلاثة عشر او اربعة عشر يوما.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


الاسبوع الاخير فحياة الرسول صلى الله عليه و سلم»


ثقل برسول الله صلى الله عليه و سلم المرض،
فجعل يسال ازواجه: اين انا غدا؟
اين انا غدا؟
ففهمن مرادة فاذن له يصبح حيث شاء،
فانتقل الى عائشة،
يمشي بين الفضل بن عباس و على بن ابي طالب،
عاصبا راسة تخط قدماة حتي دخل بيتها،
فقضي عندها احدث اسبوع من حياته.
وكانت عائشة تقرا بالمعوذات و الادعية التي حفظتها من رسول الله صلى الله عليه و سلم،
فكانت تنفث على نفسة (النفث: اخراج بعض الريق من الفم عن طريق النفخ) و تمسحة بيدة رجاء البركة.
ويوم الاربعاء قبل خمسة ايام من الوفاة اتقدت حرارة العلة فبدنة صلى الله عليه و سلم،
فقال: هريقوا على سبع قرب (جمع قربة) من ابار شتى،
حتي اخرج الى الناس فاعهد اليهم،
فاقعدوة فمخضب (اى طست) و صبوا عليه الماء،
حتي طفق يقول،
“حسبكم،
حسبكم” و عند هذا احس بخفة،
فدخل المسجد و هو معصوب الراس حتي جلس على المنبر،
وخطب الناس و الناس مجتمعون حولة فقال صلى الله عليه و سلم: “لعنة الله على اليهود و النصارى،
اتخذوا قبور انبيائهم مساجد،
وقال صلى الله عليه و سلم: لا تتخذوا قبرى و ثنا يعبد.
وعرض نفسة للقصاص قائلا “من كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه (اى فليقتص) و من كنت شتمت له عرضا فهذا عرضى فليستقد منه”.
الا و ان الشحناء (اى العداوة و البغضاء) ليست من طبعى و لا من شاني،
الا و ان احبكم الى من اخذ منى حقا ان كان له،
او احلنى منه فلقيت الله و انا طيب النفس.
ثم نزل فصلي الظهر،
ثم رجع فجلس على المنبر،
وعاد لمقالتة الاولي فالشحناء و غيرها،
فقال رجل: ان لى عندك ثلاثة دراهم،
فقال اعطة يا فضل.
ثم قال النبى صلى الله عليه و سلم: ايها الناس،
من كان عندة شيء فليؤده،
ولا يقل: فضوح الدنيا،
الا و ان فضوح الدنيا ايسر من فضوح الاخرة!
فقام رجل فقال: يا رسول الله عندي ثلاثة دراهم غللتها فسبيل الله،
قال: و لم غللتها؟
قال: كنت محتاجا،
قال: خذها منه يا فضل.
ثم قال: ايها الناس،
من خشى من نفسة شيئا فليقم ادع له.
فقام رجل فقال: يا رسول الله،
انى لكذاب،
انى لفاحش،
انى لنئوم (اى كثير النوم) فقال النبى صلى الله عليه و سلم: اللهم ارزقة صدقا و ايمانا و اذهب عنه النوم.
ثم قام رجل احدث فقال: يا رسول الله،
انى لكذاب،

 20160710 1882

وانى لمنافق،
وما من شيء الا ربما جنيته.
فقام عمر بن الخطاب فقال له: فضحت نفسك.
فقال النبى صلى الله عليه و سلم: يا ابن الخطاب،
فضوح الدنيا اهون من فضوح الاخرة،
اللهم ارزقة صدقا و ايمانا و صير امرة الى خير.
ثم اوصي بالانصار قائلا: “اوصيكم بالانصار فانهم كرشى و عيبتى (اى موضع سرى و امانتي) و ربما قضوا الذي عليهم،
وبقى الذي لهم،
فاقبلوا من محسنهم،
وتجاوزوا عن مسيئهم”.
ثم قال “ان عبدا خيرة الله ان يؤتية من زهرة الدنيا ما شاء،
وبين ما عندة فاختار ما عنده”.
قال ابو سعيد الخدري: فبكي ابو بكر قال: فديناك بابائنا و امهاتنا،
فعجبنا له،
فقال الناس: انظروا الى ذلك الشيخ،
يخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم عن عبد خيرة الله بين ان يؤتية من زهرة الدنيا،
وبين ما عنده،
وهو يقول:فديناك بابائنا و امهاتنا.
فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم هو المخير،
وكان ابو بكر اعلمنا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ” ان امن الناس على فصحبتة و ما له ابو بكر،
ولو كنت متخذا خليلا غير ربى لاتخذت ابا بكر خليلا،
ولكن اخوة الاسلام و مودته،
لا يبقين فالمسجد باب الا سد الا باب ابي بكر.
ويوم الخميس قبل الوفاة باربعة ايام،
قال صلى الله عليه و سلم و ربما اشتد فيه الوجع: هلموا اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدة و فالبيت رجال فيهم عمر فقال عمر: ربما غلب عليه الوجع و عندكم القران،
حسبكم كتاب الله،
فاختلف اهل المنزل و اختصموا،
فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه و سلم،
ومنهم من يقول ما قال عمر،
فلما اكثروا اللغط و الاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: قوموا عني.
واوصي هذا اليوم بثلاث،
اوصي باخراج اليهود و النصاري و المشركين من جزيرة العرب،
واوصي باجازة الوفود بنحو ما كان يجيزهم،
اما الثالث فنسية الراوي،
ولعلة الوصية بالاعتصام بالكتاب و السنة،
او تنفيذ جيش اسامة،
او هي “الصلاة و ما ملكت ايمانكم”.
والنبى صلى الله عليه و سلم مع ما كان فيه من شدة المرض كان يصلى بالناس كل صلواتة حتي هذا اليوم يوم الخميس قبل الوفاة باربعة ايام و ربما صلى بالناس هذا اليوم صلاة المغرب،
فقرا بها بالمرسلات عرفا.
وعند العشاء زاد ثقل المرض،
بحيث لم يستطع الخروج الى المسجد،
قالت عائشة: فقال النبى صلى الله عليه و سلم: اصلي الناس؟
قلنا: لا يا رسول الله و هم ينتظرونك،
قال: ضعوا لى ماء فالمخضب (اى الطست) ففعلنا،
فاغتسل فذهب لينوء (اى لينهض بجهد و مشقة) فاغمى عليه،
ثم افاق فقال: اصلي الناس؟
ووقع ثانيا و ثالثا ما و قع فالمرة الاولى،
من الاغتسال بعدها الاغماء حينما اراد ان ينوء،
فارسل الى ابي بكر ان يصلى بالناس،
فصلي ابوبكر تلك الايام سبع عشرة صلاة فحياته.
عن عائشة قالت: لما استعز رسول الله صلى الله عليه و سلم (اى اشتد عليه مرضه) قال: ” مروا ابا بكر فليصل بالناس “.
قلت: يا نبى الله!
ان ابا بكر رجل رقيق،
ضعيف الصوت كثير البكاء اذا قرا القران،
قال:” مروة فليصل بالناس “.
فعدت بمثل قولى،
الا انني كنت احب ان يصرف هذا عن ابي بكر،
وعرفت ان الناس لا يحبون رجلا قام مقامة ابدا،
وان الناس سيتشاءمون فيه فكل حدث كان،
فكنت احب ان يصرف هذا عن ابي بكر.
عن عبد الله بن زمعة بن الاسود بن المطلب قال: لما استعز برسول الله صلى الله عليه و سلم و انا عندة فنفر من المسلمين،
دعاة بلال الى الصلاة فقال: ” مروا من يصلي بالناس “.
فخرجت فاذا عمر فالناس،
وكان ابو بكر غائبا،
فقلت: قم يا عمر فصل بالناس،
فقام،
فلما كبر سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم صوتة و كان عمر رجلا مجهرا (اى شديد الصوت) فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ” فاين ابو بكر؟
يابي الله هذا و المسلمون،
يابي الله هذا و المسلمون!” فبعث الى ابي بكر،
فجاء بعد ان صلى عمر تلك الصلاة فصلي بالناس.
قال عبد الله بن زمعة قال لى عمر: و يحك!!
ماذا صنعت بى يا ابن زمعة ؟

والله ما ظننت حين امرتني الا ان رسول الله صلى الله عليه و سلم امرك بذلك،
ولولا هذا ما صليت بالناس،
قلت: و الله ما امرنى رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك،
ولكنى حين لم ار ابا بكر رايتك احق من حضر بالصلاة بالناس.
ويوم السبت او الاحد و جد النبى صلى الله عليه و سلم فنفسة خفة،
فخرج بين رجلين لصلاة الظهر،
وابو بكر يصلى بالناس،
فلما راة ابو بكر ذهب ليتاخر،
فاوما (اى فاشار) الية بان لا يتاخر،
قال: اجلسانى الى جنبه،
فاجلساة الى يسار ابي بكر،
فكان ابو بكر يقتدى بصلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم و يسمع الناس التكبير.
وقبل يوم من الوفاة يوم الاحد اعتق النبى صلى الله عليه و سلم غلمانه،
وتصدق بسبعة دنانير كانت عنده،
ووهب للمسلمين اسلحته،
وفى الليل استعارت عائشة الزيت للمصباح من جارتها،
وكانت درعة صلى الله عليه و سلم مرهونة عند يهودى بثلاثين صاعا من الشعير.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


اخر يوم من حياتة صلى الله عليه و سلم»


روي انس بن ما لك ان المسلمين بينا هم فصلاة الفجر يوم الاثنين و ابو بكر يصلى بهم لم يفجاهم الا رسول الله صلى الله عليه و سلم كشف ستر حجرة عائشة فنظر اليهم،
وهم فصفوف الصلاة،
ثم تبسم يضحك،
فنكص ابو بكر على عقبيه؛
ليصل الصف،
وظن ان رسول الله صلى الله عليه و سلم يريد ان يظهر الى الصلاة،
فقال انس: و هم المسلمون ان يفتتنوا فصلاتهم،
فرحا برسول الله صلى الله عليه و سلم،
فاشار اليهم بيدة رسول الله صلى الله عليه و سلم ان اتموا صلاتكم،
ثم دخل الحجرة و ارخي الستر.ثم لم يات على رسول الله صلى الله عليه و سلم وقت صلاة اخرى.
ولما ارتفع الضحى،
دعا النبى صلى الله عليه و سلم فاطمة فسارها بشئ فبكت،
ثم دعاها فسارها بشئ فضحكت،
قالت عائشة: فسالنا عن هذا اي فيما بعد فقالت: سارنى النبى صلى الله عليه و سلم انه يقبض فو جعة الذي توفى فيه،
فبكيت،
ثم سارنى فاخبرنى انني اول اهلة يتبعه،
فضحكت.
وبشر النبى صلى الله عليه و سلم فاطمة بانها سيدة نساء العالمين.
ورات فاطمة ما برسول الله صلى الله عليه و سلم من الكرب الشديد الذي يتغشاه،
فقالت: و اكرب ابتاه،
فقال لها صلى الله عليه و سلم: ليس على ابيك كرب بعد اليوم.
ودعا الحسن و الحسين فقبلهما،
واوصي بهما خيرا و دعا ازواجة فوعظهن و ذكرهن.
وطفق الوجع يشتد و يزيد،
وقد ظهر اثر السم الذي اكلة بخيبر،
حتي كان يقول: يا عائشة،
ما ازال اجد الم الاكل الذي اكلت بخيبر،
فهذا اوان و جدت انقطاع ابهرى (الابهر: شريان بالقلب) من هذا السم.
واوصي الناس،
فقال: “الصلاة الصلاة و ما ملكت ايمانكم” كرر هذا مرارا.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة

 20160710 1881




الاحتضار»


حين بدا احتضار النبى صلى الله عليه و سلم اسندتة عائشة اليها،
وكانت تقول: ان من نعم الله على ان رسول الله صلى الله عليه و سلم توفى فبيتي،
وفى يومي،
وبين سحري و نحرى (السحر: الرئة،
والنحر: اعلي الصدر) و ان الله جمع بين ريقى و ريقة عند موته،
دخل عبد الرحمن بن ابي بكر و بيدة السواك،
وانا مسندة رسول الله صلى الله عليه و سلم،
فرايتة ينظر اليه،
وعرفت انه يحب السواك،
فقلت اخذة لك؟
فاشار صلى الله عليه و سلم براسة ان نعم،
فلينته،
وبين يدية ركوة (اى اناء) بها ما ء،
فجعل يدخل يدية فالماء فيمسح فيها و جهه،
يقول: لا الة الا الله،
ان للموت سكرات.
وما عدا ان فرغ من السواك حتي رفع يدة او اصبعه،
وشخص بصرة نحو السقف،
وتحركت شفتاه،
فاصغت الية عائشة و هو يقول: مع الذين انعمت عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين،
اللهم اغفر لى و ارحمني،
والحقنى بالرفيق الاعلى،
اللهم الرفيق الاعلى.
كرر الكلمة الاخيرة ثلاثا،وماتت يدة (يعني سقطت) و لحق بالرفيق الاعلى.
انا لله و انا الية راجعون.
وقع ذلك الحادث حين اشتدت الضحي من يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الاول فالسنة الحادية عشرة ه.
وقد تم له ثلاث و ستون سنة و زادت اربعة ايام.

قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


حزن الصحابة على رسول الله صلى الله عليه و سلم»


تسرب النبا الفادح و اظلمت على المدينة ارجاؤها و افاقها.
قال انس: ما رايت يوما قط كان اقوى و لا اضوا من يوم دخل علينا به رسول الله صلى الله عليه و سلم،
وما رايت يوما كان اقبح و لا اظلم من يوم ما ت به رسول الله صلى الله عليه و سلم و قالت فاطمة تنعاه: يا ابتاة اجاب رباة دعاه،
يا ابتاة من جنة الفردوس ما واه،
يا ابتاة الى جبريل ننعاه.
ووقف عمر بن الخطاب و ربما اخرجة الخبر عن و عية يقول: ان رجالا من المنافقين يزعمون ان رسول الله صلى الله عليه و سلم توفي،
وان رسول الله صلى الله عليه و سلم ما ما ت،
لكن ذهب الى ربة كما ذهب موسي بن عمران،
فغاب عن قومة اربعين ليلة،
ثم رجع اليهم بعد ان قيل ربما ما ت.
و و الله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه و سلم فليقطعن ايدى رجال و ارجلهم يزعمون انه ما ت.
واقبل ابو بكر بعدما سمع الخبر على فرس من مسكنة بالسنح،
حتي نزل فدخل المسجد،
فلم يكلم الناس حتي دخل على عائشة،
فتيمم (اى قصد) رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو مغشي بثوب حبرة (ثوب من ثياب اليمن) فكشف عن و جهه،
ثم قبلة و بكى،
ثم قال: بابي انت و امي،
لا يجمع الله عليك موتتين،
اما الموتة التي كتبت عليك فقد متها.
ثم خرج ابو بكر و عمر يكلم الناس،
فقال: اجلس يا عمر،
فابي عمر ان يجلس،
فاقبل الناس الية و تركوا عمر،
فقال ابو بكر: اما بعد،
من كان منكم يعبد محمدا صلى الله عليه و سلم فان محمدا ربما ما ت،
ومن كان منكم يعبد الله فان الله حى لا يموت.
قال الله: {وما محمد الا رسول ربما خلت من قبلة الرسل افان ما ت او قتل انقلبتم على اعقابكم،
ومن ينقلب على عقبية فلن يضر الله شيئا و سيجزى الله الشاكرين} قال ابن عباس:والله لكان الناس لم يعلموا ان الله انزل هذي الاية حتي تلاها ابو بكر،
فتلقاها منه الناس كلهم،
فما اسمع بشرا من الناس الا يتلوها.
قال عمر: و الله ما هو الا ان سمعت ابا بكر تلاها فعرفت حتي ما تقلني (اى ما تحملني) رجلاي،
وحتي اهويت الى الارض حين سمعتة تلاها،
وعلمت ان النبى صلى الله عليه و سلم ربما ما ت


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


دفن الرسول صلى الله عليه و سلم»





وتاخر دفن الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم حتي تم اختيار الخليفة الاول للمسلمين،
وهو ابو بكر الصديق رضى الله عنه،
باتفاق المهاجرين و الانصار فسقيفة بنى ساعدة.
وشغل الناس عن تجهيز رسول الله صلى الله عليه و سلم للدفن حتي كان احدث الليل ليلة الثلاثاء مع الصبح،
بقى جسدة المبارك على فراشه،
مغشى بثوب حبرة،
قد اغلق دونة الباب اهله.
ويوم الثلاثاء غسلوا رسول الله صلى الله عليه و سلم من غير ان يجردوة من ثيابه،
وكان القائمون بالغسل العباس و عليا و الفضل و قثم ابنى العباس،
وشقران مولي رسول الله صلى الله عليه و سلم،
واسامة بن زيد،
واوس بن خولي،
فكان العباس و الفضل و قثم يقلبونه،
واسامة و شقران يصبان الماء،
وعلي يغسله،
واوس اسندة الى صدره.
ثم كفنوة فثلاثة اثواب بيض سحولية (سحول قرية باليمن تصنع الثياب) من كرسف (اى قطن) ليس بها قميص و لا عمامة،
ادرجوة بها ادراجا.
واختلفوا فموضع دفنه،
فقال ابو بكر انني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ما قبض نبى الا دفن حيث قبض،
فرفع ابو طلحة فراشة الذي توفى عليه،
فحفر تحته،
وجعل القبر لحدا.
ودخل الناس الحجرة ارسالا (اى جماعات) عشرة فعشرة،
يصلون على رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يؤمهم احد،
وصلي عليه اولا اهل عشيرته،
ثم المهاجرون،
ثم الانصار،
وصلت عليه النساء بعد الرجال،
ثم صلى عليه الصبيان.
ومضي فذلك يوم الثلاثاء كاملا،
حتي دخلت ليلة الاربعاء،
قالت عائشة: ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه و سلم حتي سمعنا صوت المساحى (جمع مسحاة،
وهي مجرفة من حديد) من جوف الليل من ليلة الاربعاء.


قصة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم كاملة


من صفاتة و اخلاقة صلى الله عليه و سلم»


كان النبى صلى الله عليه و سلم يمتاز من جمال خلقة و كمال خلقة بما لا يحيط بوصفة البيان،
وكان من اثرة ان القلوب فاضت باجلاله،
والرجال تفان و ا فحياطتة و اكباره،
بما لا تعرف الدنيا لرجل غيره،
فالذين عاشروة احبوة الى حد الهيام،
ولم يبالوا ان تندق اعناقهم و لا يخدش له ظفر.
وصدق به قول الشاعر: خلقت مبرا من جميع عيب كانك ربما خلقت كما تشاء كان رسول الله صلى الله عليه و سلم معتدل الطول،
فلم يكن قصيرا،
ولم يكن طويلا طولا مفرطا،
وكانت بشرتة بيضاء مشربة بحمرة،
عيونة سوداء و اسعة،
جفونة طويلة الشعر.
وكان مستدير الوجه،
سواء البطن و الصدر،
عريض الصدر،
عظيم رءوس العظام كالمرفقين و الكتفين و الركبتين،
مع تناسب هذا مع باقى اعضاء جسمه.
قالت ام معبد الخزاعية ضمن ما قالت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و هي تصفة لزوجها،
حين مر بخيمتها مهاجرا : ظاهر الوضاءة،
ابلج (اى مضيء) الوجه،
حسن الخلق،
اذا صمت علاة الوقار،
وان تكلم علاة البهاء،
احلى الناس و ابهاهم من بعيد،
واحسنهم و احلاهم من قريب،
حلو المنطق،
لة رفقاء يحفون به،
اذا قال استمعوا لقوله،
واذا امر تبادروا الى امره.
وقال على بن ابي طالب و هو ينعت رسول الله صلى الله عليه و سلم: بين كتفية خاتم النبوة،
وهو خاتم النبيين،
اجود الناس كفا،
واجرا الناس صدرا،
واصدق الناس لهجة،
واوفى الناس ذمة،
والينهم عريكة (اى سلس المعاملة) و اكرمهم عشرة،
من راة بديهة (اى فجاة) هابه،
ومن خالطة معرفة احبه،
يقول ناعتة (يعني جميع من يصفه): لم ار قبلة و لا بعدة مثلة صلى الله عليه و سلم.
وقال البراء: كان اقوى الناس و جها،
واحسنهم خلقا.
وسئل: اكان و جة النبى صلى الله عليه و سلم كالسيف؟
قال: لا،
بل كالقمر.
وقالت الربيع فتاة معوذ: لو رايتة رايت الشمس طالعة.
وقال ابو هريرة: ما رايت شيئا اقوى من رسول الله صلى الله عليه و سلم،
كان الشمس تجرى فو جهه،
وما رايت احدا اسرع فمشية من رسول الله صلى الله عليه و سلم،
كانما الارض تطوى له،
وانا لنجهد انفسنا،
وانة لغير مكترث.
وقال كعب بن ما لك: كان اذا سر استنار و جهه،
حتي كانة قطعة قمر.
وعرق مرة و هو عند عائشة،
فجعلت تبرق اسارير و جهه،
فتمثلت له بقول ابي كبير الهذلي.
واذا نظرت الى اسرة و جهة برقت كبرق العارض المتهلل (اسرة و جهه: اي محاسن و جهة و الخدان و الوجنتان،
والعارض: السحاب) و كان ابو بكر اذا راة يقول: امين مصطفى بالخير يدعو كضوء البدر زايلة الظلام و كان عمر ينشد قول زهير فهرم بن سنان: لو كنت من شئ سوي البشر كنت المضئ ليلة البدر بعدها يقول: ايضا كان رسول الله صلى الله عليه و سلم.
وكان اذا غضب احمر و جهة حتي كانما فقئ فو جنتية حب الرمان و قال جابر بن سمرة: كان لا يضحك الا تبسما،
وكنت اذا نظرت قلت: اكحل العينين،
وليس باكحل.
قال ابن العباس: كان اذا تكلم رؤى كالنور يظهر من بين ثناياه.
وقال انس: ما مسست حريرا و لا ديباجا الين من كف النبى صلى الله عليه و سلم،
وما شممت عنبرا قط و لا مسكا و لا شيئا اطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه و سلم.
وقال ابو جحيفة: اخذت بيده،
فوضعتها على و جهي،
فاذا هي ابرد من الثلج و اطيب رائحة من المسك.
وقال انس:كان عرقة اللؤلؤ.
وقالت ام سليم: هو من اطيب الطيب.
وقال جابر: لم يسلك طريقا فيتبعة احد الا عرف انه ربما سلكة من طيب عرفة (اى رائحته).
اما عن كمال النفس و مكارم الاخلاق،
فهذا ما لا سبيل للاحاطة به،
فقد كان النبى صلى الله عليه و سلم يمتاز بفصاحة اللسان،
وبلاغة القول،
وكان من هذا بالمحل الافضل،
والموضع الذي لا يجهل،
سلاسة طبع،
ونصاعة لفظ،
وجزالة (اى فصاحة) قول،
وصحة معان،
وقلة تكلف،
اوتى جوامع الكلم،
وخص ببدائع الحكم،
وعلم السنة العرب،
يخاطب جميع قبيلة بلسانها،
ويحاورها بلغتها،
اجتمعت له قوة عارضة البادية و جزالتها،
ونصاعة الفاظ الحاضرة و رونق كلامها،
الي التاييد الالهى الذي مددة الوحي.
وكان الحلم و الاحتمال و العفو عند المقدرة،
والصبر على المكاره،
صفات ادبة الله بها،
وكل حليم ربما عرفت منه زلة،
وحفظت عنه هفوة،
ولكنة صلى الله عليه و سلم لم يزد مع كثرة الاذي الا صبرا،
وعلي اسراف الجاهل الا حلما.
قالت عائشة: ما خير رسول الله صلى الله عليه و سلم بين امرين الا اختار ايسرهما ما لم يكن اثما،
فان كان اثما كان ابعد الناس عنه،
وما انتقم لنفسة الا ان تنتهك حرمة الله فينتقم بها،
وكان ابعد الناس غضبا و اسرعهم رضا.
وكان من صفة الجود و الكرم على ما لا يقادر قدره،
كان يعطى عطاء من لا يخاف الفقر،
قال ابن عباس: كان النبى صلى الله عليه و سلم اجود الناس،
واجود ما يصبح فرمضان حين يلقاة جبريل،
وكان جبريل يلقاة فكل ليلة من رمضان،
فيدارسة القران،
فلرسول الله صلى الله عليه و سلم اجود بالخير من الريح المرسلة،
وقال جابر: ما سئل شيئا قط فقال لا.
وكان من الشجاعة و النجدة و الباس بالمكان الذي لا يجهل،
كان اشجع الناس،
حضر المواقف الصعبة،
وفر عنه الكماة (اى الشجعان) و الابطال غير مرة،
وهو ثابت لا يبرح،
ومقبل لا يدبر،
ولا يتزحزح،
وما شجاع الا و ربما احصيت له فرة (اى موقف جبن فيه) و حفظت عنه جولة سواة صلى الله عليه و سلم،
قال علي: كنا اذا حمى الباس و احمرت الحدق (الحدق: العيون،
كناية عن شدة الخوف) اتقينا برسول الله صلى الله عليه و سلم،
فما يصبح احد اقرب الى العدو منه.
قال انس: فزع اهل المدينة ذات ليلة،
فانطلق ناس قبل الصوت،
فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم راجعا و ربما سبقهم الى الصوت،
وهو على فرس لابي طلحة عرى،
فى عنقة السيف،
وهو يقول: لم تراعوا،
لم تراعوا.
وكان اشد الناس حياء،
قال ابو سعيد الخدري: كان اشد حياء من العذراء فخدرها (اى فراشها) و اذا كرة شيئا عرف فو جهه،
وكان لا يثبت نظرة فو جة احد،
خافض الطرف،
نظرة الى الارض اطول من نظرة الى السماء،
جل (اى اكثر) نظرة الملاحظة،
لا يشافة احدا بما يكرة حياء و كرم نفس،
وكان لا يسمى رجلا بلغ عنه شئ يكرهه،
بل يقول: ما بال اقوام يصنعون هكذا و كذا،
وكان احق الناس بقول الفرزدق: يغضى حياء و يغضى من مهابتة فلا يكلم الا حين يبتسم و كان اعدل الناس،
واعفهم،
واصدقهم لهجة،
واعظمهم امانة،
اعترف له بذلك محاوروة و اعداؤه،
وكان يسمي قبل نبوتة الامين،
ويتحاكم الية فالجاهلية قبل الاسلام،
وروي الترمذى عن على ان ابا جهل قال له: انا لا نكذبك،
ولكن نكذب بما جئت به،
فانزل الله تعالى فيهم {فانهم لايكذبونك و لكن الظالمين بايات الله يجحدون} و سال هرقل ابا سفيان: هل تتهمونة بالكذب قبل ان يقول ما قال؟
قال: لا.
وكان اشد الناس تواضعا و ابعدهم عن الكبر،
يمنع عن القيام له كما يقومون للملوك،
وكان يعود المساكين،
ويجالس الفقراء،
ويجيب دعوة العبد،
ويجلس فاصحابة كاحدهم،
قالت عائشة: كان يخصف نعلة (اى يصلح) و يخيط ثوبه،
ويعمل بيدة كما يعمل احدكم فبيته،
وكان بشرا من البشر يفلى ثوبه،
ويحلب شاته،
ويخدم نفسه.
وكان اوفى الناس بالعهود،
واوصلهم للرحم،
واعظم شفقة و رافة و رحمة بالناس،
اقوى الناس عشرة و ادبا،
وابسط الناس خلقا،
ابعد الناس من سوء الاخلاق،
لم يكن فاحشا،
ولا متفحشا و لا لعانا،
ولا صخابا فالاسواق،
ولا يجزى بالسيئة السيئة،
ولكن يعفو و يصفح،
وكان لايدع احدا يمشي خلفه،
وكان لا يترفع على عبيدة و امائة فما جميع و لا ملبس،
ويخدم من خدمه،
ولم يقل لخادمة اف قط،
ولم يعاتبة على فعل شئ او تركه،
وكان يحب المساكين و يجالسهم،

ويشهد جنائزهم،
ولا يحقر فقيرا لفقره.
كان فبعض اسفارة فامر باصلاح شاة (يعني بتجهيزها للاكل) فقال رجل: على ذبحها و قال اخر: على سلخها،
وقال اخر: على طبخها،
فقال صلى الله عليه و سلم: و على جمع الحطب،
فقالوا: نحن نكفيك،
فقال: ربما علمت انكم تكفوني،
ولكنى اكرة ان اتميز عليكم،
فان الله يكرة من عبدة ان يراة مميزا بين اصحابه،
وقام و جمع الحطب.
ولنترك هند بن ابي هالة يصف لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم؛
قال هند فيما قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم متواصل الاحزان دائم الفكرة،
ليست له راحة،
ولا يتكلم فغير حاجة،
طويل السكوت،
يفتتح الكلام و يختمة باشداقة لا باطراف فمة و يتكلم بجوامع الكلم،
فصلا (اى كلاما محددا و اضحا) لا فضول به (الفضول: ما ممكن الاستغناء عنه) و لا تقصير،
دمثا ليس بالجافى و لا بالمهين،
يعظم النعمة و ان دقت (اى قلت) لا يذم شيئا،
ولم يكن يذم ذواقا (اى طعاما) و لا يمدحه،
ولا يقام لغضبة اذا تعرض للحق بشئ،
حتي ينتصر له،
لا يغضب لنفسة و لا ينتصر لها سماحة و اذا اشار اشار بكفة كلها،
واذا تعجب قلبها،
واذا غضب اعرض و اشاح،
واذا فرح غض طرفه،
جل ضحكة التبسم،
ويفتر عن كحب الغمام (يصف اسنانة بانها شديدة البياض كالسحاب) و كان يخزن لسانة (اى يكفه) الا عما يعنيه،
يؤلف اصحابة و لا يفرقهم،
يكرم كريم جميع قوم و يولية عليهم،
ويحذر الناس،
ويحترس منهم من غير ان يطوى عن احد منهم بشره.
يتفقد اصحابة و يسال الناس عما فالناس،
ويحسن الحسن و يصوبه،
ويقبح القبيح و يوهنه،
معتدل الامر،
غير مختلف،
لا يغفل مخافة ان يغفلوا او يملوا،
لكل حال عندة عتاد (يعني انه حسن التصرف فكل المواقف) لا يقصر على الحق،
ولا يجاوزة الى غيره،
الذين يلونة من الناس خيارهم،
وافضلهم عندة اعمهم نصيحة،
واعظمهم عندة منزلة احسنهم مواساة و مؤازرة.
كان لا يجلس و لا يقوم الا على ذكر،
ولا يوطن الاماكن (اى لا يميز لنفسة مكانا) اذا انتهي الى القوم جلس حيث ينتهى فيه المجلس،
ويامر بذلك،
ويعطى جميع جلسائة نصيبه؛
حتي لا يحسب جليسة ان احدا اكرم عليه منه،
من جالسة او اقامة لحاجتة صابرة حتي يصبح هو المنصرف عنه،
ومن سالة حاجة لم يردة الا فيها او بميسور من القول،
وقد و سع الناس خلقة فصار لهم ابا،
وصاروا عندة فالحق متقاربين،
يتفاضلون عندة بالتقوى،
ويوقرون الكبير،
ويرحمون الصغير،
ويرفدون (اى يعطون) ذا الحاجة،
ويؤنسون الغريب.
كان دائم البشر،
سهل الخلق،
لين الجانب،
ليس بفظ،
ولا غليظ،
ولا صخاب،
ولا فحاش،
ولاعتاب،
ولا مداح،
يتغافل عما لا يشتهي،
ولا يقنط منه (القنوط: الياس) ربما ترك نفسة من ثلاث: الرياء،
والاكثار (يعني من عرض الدنيا) و ما لا يعنيه،
وترك الناس من ثلاث: لايذم احدا،
ولا يعيره،
ولا يطلب عورتة (اى لا يسعي لفضحه) و لا يتكلم الا فيما يرجو ثوابه،
اذا تكلم اطرق جلساؤة كانما على رءوسهم الطير (يعني شد انتباههم) و اذا سكت تكلموا،
لا يتنازعون عندة الحديث،
من تكلم عندة انصتوا له حتي يفرغ،
حديثهم حديث اولهم،
يضحك مما يضحكون منه،
ويعجب مما يعجبون منه،
ويصبر للغريب على الجفوة فالمنطق،
ويقول: اذا رايتم صاحب الحاجة يطلبها فارفدوة (اى اعطوه) و لا يطلب الثناء الا من مكافئ.
وقال خارجة بن زيد: كان النبى صلى الله عليه و سلم اوقر الناس فمجلسه،
لا يكاد يظهر شيئا من اطرافه،
وكان كثير السكوت،
لا يتكلم فغير حاجة،
يعرض عمن تكلم من غير جميل،
وكان ضحكة تبسما،
وكلامة فصلا،
لا فضول و لا تقصير،
وكان ضحك اصحابة عندة التبسم،
توقيرا له و اقتداء به.
وعلي الجملة،
فقد كان النبى صلى الله عليه و سلم محلي بصفات الكمال المنقطعة النظير،
ادبة ربة فاقوى تاديبه،
حتي خاطبة مثنيا عليه فقال: {وانك لعلي خلق عظيم} و كانت هذي الاثناء مما قرب الية النفوس،
وحببة الى القلوب،
وصيرة قائدا تهوي الية الافئدة،
والان من شكيمة قومة (اى الان طباعهم) بعد الاباء حتي دخلوا فدين الله افواجا.
وهذه الاثناء التي اتينا على ذكرها خطوط قصار من مظاهر كمال و عظيم صفاته،
اما حقيقة ما كان عليه من الامجاد و الشمائل فامر لا تدرك حقيقته،
ومن يستطيع معرفة كنة اعظم بشر فالوجود بلغ اعلي قمة من الكمال،
استضاء بنور ربه،
حتي صار خلقة القران؟!
اللهم صل على محمد و على ال محمد،
كما صليت على ابراهيم و على ال ابراهيم،
انك حميد مجيد.
اللهم بارك على محمد و على ال محمد،
كما باركت على ابراهيم و على ال ابراهيم،
انك حميد مجيد

  • حكاية الرسول عليه السلام
  • نصيحه قطره عرق في سلم قطرة دم الحرب
  • علاج القمل بلا الفرقة
  • روي عن ابي بكر الصديق قال اسيرنا ليلتنا من الغد حتى قام قائم الظهيرة
  • حكي سيدنا محمد فاطمة قصة النساء
  • حكايت الرسول
  • حكاية من حكاية الرسول عليه الصلاة و السلام
  • حكاية رسول صلى اللة علية رسلم
  • الدبحين وهم بيبنو بات بالثلج
  • افلا اعلمكم شيا


حكاية الرسول صلى الله عليه وسلم