روايه جرح السنين الجزء الاول
الانسان عاده يهرب من ماضيه اذا كان تعيسا و يسدل ستائر النسيان و يحاول ان
يعيش حياه جديده . كارن فعلت العكس عادت مع خطيبها الى انكلترا , لتواجه ماضيها
, لتقابل ابيها و تكتشف حقيقه اتهامات امها له . لكنها لم تكن تحسب فى
خططها حسابا لروك ميلمان , مالك الاراضى , و الشخصيه التى لا تقاوم . ابن
المراه التى حطمت حياه و الديها و جعلتها ترحل مع امها قبل عشر سنوات .
كارن لم تعد مصممه على نبش الماضى . كل ما اصبحت تريده هو الافلات من
بين يدى روك و الابتعاد قدر الامكان قبل ان يفوت الاوان و يكرر الماضى نفسه
من جديد …………..
تسمعه . كادا يصلان , واحست ببرودةقدميها ربما كان يجب عليها ان تخبر تشارلز بالامر
ولكن هذا كان سيبدو عدم اخلاص لامها فى حياتها ,واحست بهذا اكثر منذ وفاه والدتها
.
سؤال . هكذا كان طبعه فهو لايهتم بالماضى ,وكان يقول الحاضر هو المهم , وهذاهو
بالضبط السبب الذى جعلها تحبه . فقد كانت سهله وعرضيه ,فلم يكن يحتضن او يتمسكبالشكوى
كما كانت تفعل دائما… وسالها : كم يبعد المكان بعد؟يبدو اننى ساقودالسياره الى ما لانهايه
.
تشارلز ولدهناك . شمس بلاده اعطته لون بشره ذهبى ,ينسجم مع
الان بعيده جدا. بدات تشتاق اليها, منذ ان غادرتها . الربيع قد حل هناك ,وهو
الفصل المفضل لديها منالسنه .عندما وصلا الى انكلترا استقبلهما الخريف الرطب العاصف ,وفى تلال وبرارىيوركشاير
كانت المدافئ مشتعله ,واعشاب الوزال صفراء ,لون الاشجار انقلب الىالصداوالبرونز,وهولون اقل اشراقا من الشعر الاحمر
النارى المتطاير حول وجهها بفعلالريح الداخله من نافذه السياره المفتوحة.
التى ترعى ببطء.
.واستمرت فىالتقاط انفاسها ,فقد كان شعورالقلق يزداد قوه كلما اقتربت من موطنها القديم, ولمتستطع ان
تجد سببا واضحا لشعورها بالقلق .فلم يكن لديها ايه فكره عما ستتوقعهعندما سيصلان .
بعضهما منذ زمن , وهو يعرفها جيدا. ومال نحوها قائلا:
الناحيه المقابله , حدث الامر فجاه بحيث انها لم تلاحظ ماجرى تماما….ولكنها بغير وضوح ,
رات سياره حمراء تمر بسرعه , والزمور يزعق ,والاطارات تصدر صراخا.
على السيارة, ا, ربما ان الفرامل قد فشلت فى ايقافها .ومهما كان السبب, استمرت السياره
باندفاعها ,واصطدمت بالجدار الحجرى ,وعلا صوتتحطم الحديدوانكسار الزجاج.
بالنافذه .وانتشر شعرها الطويلالاحمر على وجهها فاعماها .ومالت الى الامام فى مقعدها وهى فى حاله
ذهول,وخلاللحظه كانت بالكاد واعية,حتى تذكرت تشارلز فاستوت جالسة, ووجهها شاحب.كان مستلقياساكنافوق المقود, والزجاج المحطم ينتشر
على شعره,والدم يجرى على جانب وجهه.
,وامسكهااحدهم من خصرها وجرها الى خارج السيارة.
سوى لمحه خاطفه عندما كانيمر الى جانبهما ,ولكن الوجه انغرزفى ذهنها .كانت متاكده انها لن
تنساه ابدا.
,الى مسافه امنه .
تجاهلها ,وعاد راكضاالى السياره وراقبته كارن وهو يمسك يد تشارلز من الرسغ .وعلمت انه يتجسس
نبضه ,وشعرت بغثيان وتقلص فى معدتها .ولم يظهر على وجهه اى تعبير ,وبعد لحظه تركاليد,ولكنه
لم يحاول سحب تشارلز من السيارةوبدلا من ذلك , بدايدور حول السياره متفحصا المحرك .
صوتها ارتجف, ونظر اليها الرجل متفحصا,وامرها قائلا :
الثمين,واذهب الى اقرب كشك للهاتف ؟
طريقه متعاليه بالحديث,ويعطى الاوامر وكان له الحق بتنفيذ القانون على الجميع!
مكان ما ,او انها سمعت صوتهمن قبل .
متواصل والا لكانتتذكرته تماما. فقد كانت تذكر العديد من الاشخاص المحليين .او ربما هى تتذكر
صوتايشبه صوته؟ هل كان وجهه مالوفا لها ؟وجالت عيناها به ,انه طويل ,ساقاه طويلتان ,خصرهنحيل
,شعره اسود ,انفه طويل ,فمه قاس ومنضبط .لم يكن وسيماولكنه كثير الثقةبنفسه.
بسرعه ,كانت يده تتحرك.ورفعها الى راسه,وكانه يتالم ,ثم تاوه بضعف. وساله الرجل “كيفتشعر؟”وانحنى فوقه,واجبرت كارن
نفسها على الوقوف .قد يقلقه ان يفتح عينيه بعدغيابه عن الوعى ليرى غريبا ينظر اليه
. وقد يتساءل عما حدث!وهمس قائلا”ماذاحدث”
.وبينما هى تنظر اليه سمعت صوت سياره الاسعاف وترنحت وتصلب جسدها فجاة,واسرع الرجل الاسمر لوضع
ذراعه حولها , ممسكا بها قبل ان تقع .
؟”
من كارن والرجل ,الذى قالبهدؤ”مرحبا فيل” وهز رجل الاسعاف راسه دون ان تبدو عليه الدهشة,وابتسمبطريقه
ودية.
حدث؟
سيارتى بسهوله , ولكن عندما عدت الى الطريق سمعتصوت الاصطدام . وتراجعت لارى ما حدث
,واتصلت بالطوارئ,واسرعت لمساعدتهم .
بردانة,وكم كان جسدها يرتعش ,حتى شعرت بالدفء .وحملا تشارلز الى سيارةالاسعاف ,واستندت على كوعها لتراه
,ولكن عيناه كانت مغمضتان ,وعضت كارن على شفتهابقلق ,ماهى خطوره اصابته ؟فقد بدا الرجلان يضعان
له كيس دم,مما يدل على انه قد فقد الكثير .الاصابه الوحيده التىاستطاعت ان تراها كانت
فى راسه ,ولكنها الان شاهدت دما على قميصه , وكاد قلبها يتوقف وسالت احدالرجلين ”
هل اصابته خطيره ؟” .
ماذا كان يعمل لتشارلزلان ظهرهكان يخفى تشارلز عنها وشعرت بالخوف وانهمرت الدموع بصمت على وجهها
.
وفاه امها؟لقد اتت بتشارلز الى اوروبا !واقنعته بالمجئ الى يوركشاير,بينماكان سيشعربالسعاده اكثرفى لندن او باريس
,كما خططا ان يفعلا فى الاسبوع المقبل. لم يكن تشارلزلياتى الى هنا لولاها ,وستفهم اذا
لامتها عائلته على هذا الحادث!فقد لامت هى نفسها.
ساعه حملت الى القسم النسائى ووضعت فىسرير.
ايادامينه ,ولا اعتقد ان اصابته خطرة
,وعندما تستطيعين الوقوف,بامكانك رؤيه حالته بنفسك! ” بعد كم من الوقت ؟
طويله ,كما اتصور “
كان متمالكا لاعصابه ومفيدا,ويجبعليها ان تكون شاكره له,
غير مصابه ,ولايمكن ان يشعربالمسؤوليه عن الحادث,واوضح ذلك منتعليقاته على قياده تشارلز .وهو بالتاكيد لم
يفكر بانها تريد زيارته ! لابد انهلاحظ حبها لتشارلز , حتى ولم يلاحظ خاتم الخطوبه
.
تشكره لا ان تستاء منه.
زائرها تدبير الامر .لقد نسيت حتى الان ,ولكنها وتشارلز كانمن المتوقع وصولهما …واذا لم يصلا…
سنا,ومن طراز مختلف تماما.فشعره الكثيف الاحمر قدتحول الى فضى وكان لكتفيه العريضين انحناءه لم تكن
تتذكرها,عرفته على الفور ,علىالرغم من مرورعشر سنوات منذ ان التقت به اخر مره .
الاقل لم يتغير ,وهى تعرف صوته اينما كان .
السريروانحنى نحوها وقبلها وهويردد”كارن!كارن” وشكت فى انه يبكى “انت تبدين كبيره جدا”
ابيها كانت مشوشه مزيج من الغضب والالم ,الحبوالذنب ,معقده اكثر من ان تكون قابله للحل
. حتى انها لم تكن اكيده اذا كانت حكيمةبقرارها القدوم الى هنا ,ام ان عليها
ان تتركه مع الماضى ومع كل ذكريات الطفولةالتعيسه . كانت واثقه فقط انها تريد القدوم
الى اوروبا لمجرد الزياره ,لقضاء عطلة,قد تساعدها على نسيان حزنها لوفاه امها ,ولكنها شعرت بالحنين
الى ارض طفولتها,لهذه السنوات السعيده عندما كان كل شئ امنا لايمكن ان يتغير . وقال
لها جورجكارداس , والدها :
ان والدتها لم تكن ان يحضر جنازتها .
عداانه لم يتزوج تلك المراه التى دمرت زواجه .ولكن والدتها تزوجتثانيه ,وكان زوجها غارى براترجلاعظيما.فقد
احبته كارن ,وكانت والدتها سعيده ,ولكنها اخفت مرارتها وحزنها حتىالنهايه .
ان امها كانت تستخدمها كسلاح ضد والدها . ولكن لم يكن هناك ماتستطيع فعله .فوالدتها
كانت تبدا بالبكاءاذا ذكرته امامها ,وهكذا تركت ذكراه تتلاشى بالتدريج .ثم بعد وفاه والدتها ,وجدتكل
هذه الرسائل المنسيه ,مخباه فى احد الجوارير ,وتحيرت بين رغبتها برؤيه والدهاثانيه , وبين تخوفها
من الامر.
عندما تلقى رسالتها التى تقول فيها انها قادمه ؟امانه ايضا ليس متاكدابعد من حقيقه مشاعره
؟
الى المنزل ,اصغى لاسمع صوت السياره . لقد صدمتعندما سمعت بنبا الحادثه !”
ابلغكبالحادثه بنفسى ,بهذه الطريقه لم تكن لتشعر بالصدمه . على الاقل ستعرف اننى بخير!عندما وصلت
الى هنا ,كنت افكر باننى يجب ان اتصل بك واطمئنك.
من ابلغوك ؟
.حتى عندما كانتطفله ,كانت تعرف ان والدها يفعل اى شئ ليتجنب الخصام .
اذا استطاع .لم يكن رجلا عدوانيا او نشيطا . لقد كان لطيفا ,واحبت رقته ,
ولكنه كان عنيدا ايضا مع استحاله معالجه هذا الضعف فيه . كان يكرهالجدال والتوتر ,
ولكنه لا يستسلم ,وخاصه فيما يتعلق بالمزرعه , والحياه التىتجبرهما على العيش فيها , والوحده
والفراغ فى تلك الاراضى التى كان يعيش ويعملفيها بسعاده ,والتى كانت والدتها تكرهها .كانت والدتها
دائمه الشكوى ,كانت من ذلكالنوع من النساء النكد ,المرتاب , والغيور .
هذا ما نادى به سائق سياره الاسعاف ذلك الرجل الاسمر؟ روك؟اهو الرجل الذىكاد تشارلز ان
يصطدم به؟وحدقت بوالدها ,”هل تعرفه؟” وهز راسه بالايجاب.وادهشها الامر فى البدايه ,ولكن المجتمع هنا صغير
,الجميع فيه يعرف الجميع .وتذكرت الماضى وكل الاشاعات التى كانت تتسبب بالمشاكل بين والديها ,وسالها
” كيفحال تشارلز ؟انه خطيبك , اليس كذلك ؟” .
يقلن انه سيتحسن ,ولكنك تعرف المستشفيات .هل تستطيع ان تعرف لىالحقيقة؟ قد يكونون صريحين معك
.
يقطعه سوى تكتكات الساعه على الحائط,صوت متمهل رتيب .
.
.
ذلك واقلقها ؟واحست وجهها يحمربالتدرج ,وهى تعترف لنفسها بما كانت تفكر به .حسنا على الاقل
انها مخطئه بتفكيرهاهكذا عنه .
.
ومترددللتحدث بالموضوع؟ وقال لها جورج:
عشر سنوات .
هنا لفتره طويلة!
الطريقه ,فالمزرعه لم تعد بيتها ,لم تعد كذلك منذسنوات كثيره .
لم تتغير كثيرا, ولكن الا يجب ان تتغير خلال عشرسنوات ؟ كل شئ يتغير, فلماذا
لم تتغير المزرعة؟
للابقار ,وتربيه الخراف ناجحه عند التلال ليست واسعه كثيرا كما فى استراليا .
,وزرت صديقه كان والدها مزارعا .
تراقب والدها وتتذكر اخر مره كانا معا فيها .لقد تغير كثيرا,ومع ذلك فهاهى تتذكر اكثر
فاكثر الاب الذى عرفته عندما كانت طفله ,لقد كانا يومهامقربين جدا الذى عرفته عندما كانت
طفلة, لقد كانا يومها مقربين جدا من بعضهما,كانت تحب والديها معا, و كانت صدمه قاسيه
عليها عندما تركت والدتها المنزل واخذتها معها, على الرغم من انهما كانا دائمى الشجار, الا
ان كارن لم تكن تتوقعانفصالهما الى الابد.
تعرف لماذا غادرت المنزل. و تحدثت دون نهايه و بمراره حول انهيارزواجها. و كانت كارن
فى اوائل مراهقتها, خرقاء خجوله غير واثقه من نفسها. والسنوات التاليه كانت يائسه بالنسبه لها.
كان عليها ان تعتاد على مدرسه جديدة, واصدقاء جدد, و بلد جديد, و منزل جديد
و ام ليس لديها شخص اخر سواها تتعلق به, وبحاجه الى عطف دائم و تشعر
بالرغبه فى السيطره عليها.
لانه لم يحاول ان يمنع امها من اخذها معها. ثم التقت والدتها. وارتبطت برجل اخر,
و تغيرت حياتهمها من جديد, للافضل هذه المرة, كارن احبت زوج امهاكثيرا, فقد كان رجلا
طيبا, و اراحها كثيرا بعد ان اخذ حمل والدتها عن كتفيها,و ترك الحريه لكارن لتعيش
حياتها الخاصة, كانت قد استقرت فى مدرستها, و تعرفت علىاصدقاء, و اكتشفت حريه الشمس و
البحر, و دفعت كل تفكير بانكلترا و والدها الىزاويه بعيده من ذاكرتها, الى ان حدث
تصادم السياره الذى اودى بحياه هارى,زوج امها,وحياه والدتها.
ساعه اواكثر !هيا اذهب الان! تستطيع ان تاتى غدا وتاخذ ابنتك عند العاشره صباحا .
له فقال لها و هو يغادر ” ساراك غدا “.
قد استيقظت و ارتدت ملابسها, و انتظرت عند النافذة, و هى تنظر الىالمراعى التى تعبث
فيها الريح خلف المستشفى. و رات سياره حمراء تتقدم ثم تتوقف, وتصلبت مرتابة. و تحرك
الراس الاسود من السياره عبر ممر المدخل, و تبعته عيناها, هلحضر الى هنا ليراها؟ ام
انه يزور المستشفى صدفه اليوم؟
به متهامسين.
ان يجمعها قبل ان تدهسها سيارة, و بما اننى كنت قادما الىالبلد, فقد عرضت عليه
ان اتى بك.
و عليها ان تكون شاكره له. و لكن لماذا يتحدث اليها هكذا دائما بصوتمتكبر؟ لقد
اتيت لاخذك! و كانها بضاعة, و طوال الوقت هاتين العينان السوداوانتجولان بها بطريقه عابرة, و
تجعلانها غير مرتاحه و غاضبه معا.
القسم, التى قالت برشاقة:
الى الرابعه .
.
بالطبع تتذكره,لقد كانت تراه دوما .انه من عالم يختلفعن عالمها ,ولكنه كان ياتى الى ارض
ابيها ايام الصيد .لقد تذكرته جيدا ,لقد كانفاتنا بشعره الاسود وهاتين العينين السوداوين,وفى معطفه الاحمر
,وبنطلونه الجلدى وحذاءهالاسود الجلدى الذى يصل الى ركبته .كانت كارن تتفرج على الصيد من نافذه
غرفتها ,ولكنها لم تخرج ابدا معهم .كان عندها حصان صغير “بروتو” مثل معظم اولادالمزارعين فى
هذا الجزء من العالم .كان بليدا, صبوراولطيفا ,ولكن امها لم تكنتسمح لها بالخروج الى الصيد
,على كل كانت كارن موزعه المشاعر ,فهى تحب الثعالبوتكره وحشيه الصيد ,ومع ذلك فقد كان
الصيادون بجيادهم العاليه النحيله ,لهم بريقخاص ,وخاصه روك ميلمان ,الذى كان فارسا بارعا ,ويقود عاده
عمليه الصيد فىالغابات وعبر الحقول,يمتطى جواده وكانه جزء منه ,بكبرياء ورشاقه ,ودون اكتراث .
فى قصر ميلمان منذ ايام الحروب النابليونيه .عندمااشترى الجنود العائدون من الحرب عده مساحات من
الارض وبنوا لانفسهم بيتا قوياانيقا وغرسوا غابه من حوله وبداوا سلاله جديده .
,واحب المكان ,والدتها كانت من لندن ,وكرهت عائله ميلمان ومااسمته طريقه العيش الاقطاعيه فى الوادى
.بعد زواجها من جورج كارداس حاولت ان تجعلهيغادر المزرعه ,والسفر الى استراليا حيث كان اخوها
,ولكنه لم يستمع لها .فىالبدايه صدقته عندما قال انه لا يستطيع ترك يوركشاير بكل بساطه
ولكن تدريجياتوصلت للاعتقاد ان لديه اسباب اخرى للبقاء فى الوادى ,بين عائله ميلمان .
وابنتها كارن تسافران الى استراليا…
ماذا ينقص الحنين؟
كانت كارن مستغرقه بافكارها، حتى انها بالكاد انتبهت وهي تغادر المستشفى، وتركب سيارتها وتبتعد.
كان روك ميلمان، بارع بالقيادة، واعترفت كارن بذلك، ولو على مضض. ولم يبد انه يلقي
بالا لها، جانب وجهه حاد الاطراف، عيناه ثابتتان الى الامام. كان يرتدي ثيابا عادية. بنطلون
ازرق جينز، قميص ازرق، وستره من جلد الغنم. ما زال يبدو قاسيا وساحرا. ولم يكن
ها بسبب جو السلطه من حوله، بل ان الرجل فيه يفرض نفسه بطريقه ما.
وكرهت تصرفاته، وثقته بنفسه، وطريقته بالكلام، وطريقه نظره اليها. ولكنها اعترفت لنفسها انه شخص لا
يمكن عدم الاهتمام به ابدا. ملامحه كانت رجولية، جميله المظهر وملفته للنظر. كان لديها ذكرى
غامضه انه يشبه اباه بقسماته، حسبما كانت تتذكر والده جوزيف ميلمان، ولكن، بلون البشره كان
يشبه والدته.
واستطاعت الان ان تتذكر تيري ميلمان، بعد ان اغمضت عينيها، وتمثلت امامها صوره المراه الانيقه
الجميله التي طاردتها في طفولتها. هل ما زالت حية؟ هل ما زالت تملك ذلك الشعر
الاسود الناعم، والعينين اللامعتين، والبشره الزهريه الناعمه التي لا عيب فيها؟
وسالها روك فجاة: ” لماذا عدت؟ ” وفتحت عينيها عندما سمعت صوته: ” كي ارى
والدي! “.
” بعد عشر سنوات من الصمت، تذكرتيه فجاة؟ “.
” لا اريد بحث حياتي الخاصه معك سيد ميلمان! “.
” انا واثق انك لا ترغبين بهذا . . . ولكن سيتوجب عليك ذلك .
. انسه كارداس “.
” اوه . . لا . . لن افعل! . . انت لا تعرف شيئا
عني . . .”.
” اعرف ان والدك كتب لك لسنوات ولم تردي عليه! اه . . انا واثق
انه لن يعاتبك، فهو سعيد جدا بعودتك ولن يقول شيئا. ولن يتركك تهربين منه ثانية!
“.
” هذا ليس من شانك! “.
” ساجعله من شاني “.
وكان صوته خشنا ومثيرا، ولكن كارن لم تكن تنوي التراجع، مهما حاول ان يكون جافا.
فانفجرت قائلة:
” انظر الان! “.
ولكنه قاطعها بصوت اعلى:
” انا احب ابيك ومعجب به واعلم كم المه هذا، كل هذه السنوات، ان يكون
لديه ابنه في الجانب الاخر من العالم لا ترسل له حتى بطاقه ميلاد! “.
” لا تصرخ بي! الامورلم تكن بالسهوله التي تبدجو فيها لغريب، وهذا ما انت عليه
سيد ميلمان . . . انك غريب! انت لا تعرف سوى جزء من القصة، الجزء
المتعلق بوالدي. وانا مستعده ان اراهن انك لا تعرف جيدا حتىهذا الجزء. واعتقد انك انما
تخمن ما يشعر به فقط. فانت لا تعرف شيئا عما كان يجري في ذهني، او
عن حياتي خلال العشر سنوات الماضية. وانت لا تعرف عما تتحدثن لذا، وحتى تعرف شيئا
عني، ارجوك. . توقف عن التدخل سيد ميلمان! “.
وخفف سرعه السيارة، ونظر اليها بوجه قاس. ثم اسرع ثانية، وركز انتباهه على السيارات الاتيه
من الناحيه الاخرى، ولم يقل شيئا لفترة، ثم قال ببرود:
” قد تنظرين الي كغريب، ولكنني اشك في ان هذه وجهه نظر ابيك. لقد عرفته
طوال حياتي، اتذكرين هذا؟ انه ليس مستاجرا عندنا فقط، انه صديق قديم للعائله “.
واحمر لون وجهها. هل يشير الى تلك العلاقه الطويله بين والدها ووالدته؟ ام انه غافل
عن الحقيقة؟ لقد سالت والدتها عما تشعر به عائله ميلمان، فضحكت بمرارة. فهم من الغباء
بحيث انهم لم يلاحظوا ما يجري تحت انوفهم، ولكن ايمكن هذا فعلا؟ وسالته:
” هل ام . . . ووالدك لا يزالان على قيد الحياة؟ “.
ونظرت اليه جانبيا، ورموشها تغطي عينيها الخضراوين. وجهه لم يتغير، ولم تلاحظ اي ضيق او
قلق على ملامحه. لو انه كان يعرف لظهر عليه ذلك بطريقه ما. واجابها:
” والدتي لا تزال على قيدالحياة. ولكن والدي مات منذ اربع سنوات “.
اذا امه ارمله منذ اربع سنوات؟ وعبست كارن. اذا لم تتزوج السيده ميلمان ابيها بعد
ان اصبحت حرة؟ هل انتهت علاقتهما؟ وفكرت كارن، بمظهر ابيها كما بدا امس: ابيض الشعر
وكئيب قليلا، وبدا يظهر عليه الكبر، كان لا يزال رجلا جذابا منذ عشر سنوات، وكان
من السهل التصديق ان السيده ميلمان احبته. ولكنه الان اصبح في اواسط عمره وتجاوز الخمسين
بكثير. فهل اشتعلت مشاعرهما تجاه بعضهما مع الزمن ان انها انطفات؟
بالطبع، لن تستطيع سؤال روك ميلمان لقد قالت له لتوها ان ينتظر الى ان يعرف
المزيد عنها قبل ان يستنتج شيئا، ونفس النصيحه تنطبق عليها. فلو ان والدها والسيده ميلمان
لا زالا مرتبطين عاطفيان فلن يفوتها الامر عندما تراهما معا. فالناس لا يستطيعون اخفاء مشاعرهم،
لكن اذا كانت عائله ميلمان لم تلاحظ اي شيء خلال تلك السنوات، فربما يكون العشاق
بارعين بلعبه التخفي!.
كل هذه الامور نظريه الان! فوالدتها ماتت، ولن يهمها ما اذا كانت شكوكها صحيحه ام
لا.
وزمت شفتيها، فالامر يهمها مع ذلك! وتريد ان تعرف، من اجل والدتها. تريد ان تعرف
ما اذا كانت تتخيل هذه الامور كل هذه السنوات، ان شكوكها كانت تعميها، او انها
كانت اذكى من غيرها. لقد حان الوقت لتعرف الحقيقة، وهي مدينه لامها كي تعرف، اذا
استطاعت.
وقال لها روك ميلمان:
” ها هي المزرعه “.
ونرت الى فوق، وتذكرت فورا اين يقع المنزل على جانب التله التي كانا يصعدانها. وقالت
بخفة:
” انها لم تتغير “.
واجابها روك راضيا:
” الاشياء هنا لا تتغير “.
ولسبب ما، جعلها قوله تضحك، ونظر اليها، بعينان ضيقتان:
” وما المضحك في هذا؟ “.
” لا اعرف . . . لاشيء كما اعتقد! لقد بدوت فقط وكانك مسرور بالامر!
“.
” ولماذا لا اكون مسرورا؟ “.
ولم تجب كارن للحظات، وتجولت عيناها في الاراضي والتلال والسماء، واشجار الخريف، والوادي الذي بدا
الضباب يغزوه. ثم التفتت الى روك، وقالت معترفة:
” في الواقع انا مسروره ايضا، لقد كنت خائفه ان لا اتعرف على شيء، ان
يكون كل شيء قد تغير، كنت اتمنى بشده ان ارى كل شيء كما اتذكره “.
ونظر اليها وعيناه قلقتان:
” اوه . . . لا اتمنى لك هذا، فما تتذكرينه قد لا يكون ما
تعرفينه حقا. فالمرء يميل الى النظر بمثاليه الى ما تركه خلفه “.
ونظرت ثانيه الى معالم المنزل، وما يحيط به، لقد كان لهذا الريف جماله الخاص، جمال
تجاوب معه قلبها. فهنا فتحت عينيها لاول مرة، ورات الجمال الذي لا يقدر ان يراه
اي غريب. وقالت مبتسمة:
” اوه . . لا اظن انني انظر الى شيء بمثاليه “.
وشعرت بخفقه غريبه في قلبها. كانا قد وصلا قمه التلة، واوقف روك السياره فجاه الى
جانب الطريق، والتفت اليها وهو يبتسم، وذراعه ممدوده على ظهر المقعد. واجفلت كارن، وبدا القلق
على وجهها. هل سيحاول التودد اليها؟ وهل يعتقد ان ابتسامه واحده منه تكفي؟
” لماذا توقفت؟ “.
” وماذا تعتقدين؟ “.
هكذا اذا، لقد تاكدت الان انها لا تتخيل، لا لهجه صوته الناعمة، ولا ابتسامته الصغيره
الساخرة.
” هل لك ان تحرك هذه السياره ثانيه . . . ارجوك؟ “.
ومدت يدها الى مقبض الباب استعدادا للخروج فيما لو اقترب منها اكثر. واجابها:
” اوه . . . ليس بعد! “.
ومد يده بسهوله نحوها، ولكن بدلا من لمس وجهها، ارجع شعرها الحمر عن جانب وجهها،
كي يراها اكثر.
” ابق يديك بعيدتين عني! “.
” لا حاجه بك ان تثوري. فلم اتوقف هنا لاغتصبك، لذا توقفي عن التنفس بصعوبه
والارتجاف! “.
” انا لا اتنفس بصعوبه ولا ارتجف! “.
” الست كذلك؟ اا فانت تقلدين المراه وهي مرعوبة، ولست ادري لماذا. لقد توقفت هنا
كي تشاهدي المنظر! “.
” المنظر؟ من تعتقد انك تخدع؟ لست حديثه الولاده “.
” لا؟ لقد بدات اعتقد ان هذا هو التفسير الوحيد! “.
” الست مضحكا؟ “.
” انسه كارداس . . لقد بدات اشعر انك لا تحبيني “.
” وما الذي يجعلك تعتقد هذا؟ “.
” اخرجي من السيارة! “.
وتوترت اعصابها من الطريقه التي قالها بها. ومال نحوها وهو ينهي كلامه، ولمس جسه جسدها
قليلا، ولكن لم يكن هناك اي اثاره لهذه اللمسة، وكانت عيناه تقدحان بالعداء عندما نظرت
اليهما وفتح الباب وكادت ان تقع. ونزلت، ومن دون ثبات سارت نحو الجدار الحجري، ووضعت
يديها على الحجاره الخشنة، لم تستطع ان تلاحظ المناظر من حولها، بل كانت تفكر بغضب
بما حدث.
وخرج من السياره وتقدم الى خلفها قائلا:
” لو نظرت فوق الجدار، تستكيعين ان تري الوادي بكامله من طرف الى طرف. انه
منظر افضل مما ستشاهدينه من مزرعه والدك، واعتقد انه قد يساعدك على استعاده قدراتك، وذاكرتك
قليلا “.
وحدقت الى الوادي البعيد، وهو يمتد ما بين التلال المستديرة. واستطاعت رؤيه البلده الصغيره ذات
المنازل بسقوف خشبية، والمستشفى والواقع في ضواحيها، والطريق الرئيسيه والسيارات تتحرك عليها وكانها لعب صغيرة.
وقريه هالوس كروس عند قدمي التله . . وقالت له:
” لست بحاجه لاستعاده ذاكرتي، لم انس شيئا “.
” ما عداي؟ “.
وشعرت برجفه خفيفه غريبه تجري في عروقها، وكانت سعيده لان ظهرها اليه، لانها لم تكن
واثقه مما قد يقرا في وجهها.
” لم اكن اعرفك . . في الواقع “.
” الم تكوني تعرفيني؟ “.
وعادت اليها تلك الرعده الباردة. ماذا يعني بقوله؟
” لا اذكر اننا تصافحنتا كثيرا! “.
” ومع ذلك تعانقنا! “.
ولكنها عندما استدارت، وعيناها متسعتان وغير مصدقتان، كان يسير عائدا الى السيارة، وهو يقول من
فوق كتفه:
” من الافضل ان نكمل طريقنا قبل ان يرسل والدك فرقه تفتيش! “.
وعادت كارن الى السيارة، وصفقت الباب وراءها كي تريح اعصابها. من الواضح ان هذا كلام
هراء. لم يتعانقا ابدا، وحق السماء، لقد كانت في الثالثه عشر عندما غادرت هنا، ورزوك
كان . . بكم يكبرها؟ عشر سنوات؟ لا بل على الاكثر اثنى عشر. ولابد انه
الان في الخامسه والثلاثين.
ونسيت افكراها بينما كان روك يخفف سرعه السياره ليستدير ويدخل ما بين دفتي بوابه مزرعه
(( هاي هالوز ))، جدار حجري يمتد على جانبي الطريق، يحفي المنزل عن الانظار.
وتابع روك سيره عبر الطريق الضيق ما بين حافتي شجيرات الغار والورود التي تنمو بين
الاشجار، واغصانها تئن وتتلاطم بفعل الريح. كان المنزل يبرز ويختفي بين الاشجار: منزل قديم، مربع
البنيان، واحجاره رمادية، سقفه من الواح الخشب، وبابه الامامي من خشب السنديان، وله مدلاه حديديه
تستخدم للدق عليه.
وتوقف روك، ونزلت كارن من السيارة، وهي تنظر الى البيت، وتتذكر. وظهر والدها من وراء
البيت، وهو يرتدي ثيابا موحلة، وقبعه كبيره على راسه. وسالها عندما انضم اليها:
” هل تغير كثيرا؟ “.
” لم يتغير ابدا “.
وقال روك وهو جالس في سيارته:
” انا مستعجل يا جورج . . اراك فيما بعد “.
” انتظر يا روك . . كارلا هنا! “.
” ماذا؟ “.
وانحنى جورج كارداس فوق السياره قائلا:
” روك . . لا تكن قاسيا عليها هكذا. انها لا تزال صغيرة، وتجد صعوبه
في التكيف “.
” لن تصبح الامور اسهل اذا استمرت بالهرب! ولماذا تاتي اليك؟ “.
واستدارت كارن، وسارت نحو الباب، غير راغبه في الاستماع الى نقاش خاص بينهما، وبينما هي
تسير رات فتاه تقف عند العتبة، ترتدي الجينز وتي شيرت، بشكل بسيط جدا، جمالها جعهل
كارن تقف تحدق. هل هذه هي الفتاه التي يتكلم عنها والدها؟ لا يمكن ان يكون
عمرها اكثر من العشرين. ولكن بنيتها كانت كاملة، بحيث ان كارن اعتقدت انها لو بلغت
الستين فستبقى جميلة.
ونظر روك الى الفتاة، وامسكها وجرها نحو السيارة:
” اذا ها انت هنا! “.
” لا تدفعني هكذا روك! لقد اكتفيت من هذه المعاملة، ولا استطيع تحمل المزيد! “.
” اصمتي! “.
ودفعها داخل السياره رغم مقاومتها، وصعد بدوره وفي لحظات ابتعدا. وتنهد جورج قائلا:
” اه يا عزيزتي . . لم اتدبر الامر جيدا، اليس كذلك؟ لقد وعدت كارلا
ان احاول اقناعه بوجهه نظرها، ولكن لم تسنح لي الفرصة. فروك صعب المراس “.
” انه صعب المراس فعلا “.
وشعرت بالصدمه لتصرفه مع تلك الفتاة. هل هي صديقته؟ لا يمكن ان تكون زوجته، ايمكن
ان تكون؟ لم تكن تتصور لسبب ما، ان يكون روك متزوجا. انه لا يتصرف كرجل
متزوج! ولكن الرجال المتزوجون يمكن لهم اي يعبثوا، اليس كذلك؟ وقال جورج:
” بامكانه ان يكون رائعا لو اراد! هل هناك من خطا يا كارن؟ هل ازعجك
روك؟ لم يعد غاضبا من الحادث، اليس كذلك؟ ولكنه لا يستطيع ان يلومك، فخطيبك من
كان يقود السيارة! انا اسف لانني لم استطع احضارك بنفسي “.
” اعلم ذلك، لقد شرح لي الامر، لقد هرب بعض الخراف . . . لقد
فهمت الامر . . كنت ساتصرف نفس الشيء لو كنت مكانك “.
” وهل كنت ستفعلين؟ “.
” اعرف انني ابنه امي . . . ولكنني ابنتك ايضا . . . ابي
لا تنسى هذا! “.
وابتسمت له بحنان، فلف ذراعه حولها وضمها اليه:
” لن انسى! الان، تعالي وشاهدي غرفتك، لقد اعدتك الى غرفتك القديمة، اتساءل اذا كنت
تذكرينها؟ “.
” طبعا اتذكرها، اتذكر كل شيء “.
وتبعته الى الردهة، كانت ارضها لامعه حمراء، بمدفاه كبيره تتذكر انها كانت تختبئ فيها. وتقدم
والدها الى الامام. يحمل حقيبتها وصعد الدرج الى الطابق الول. واخذت تتذكر شيئا اخر .
. .
كم مره كانت مستلقيه في فراشها تستمع الى صوت خطوات ابيها على الدرج؟ المزارعون عاده
ينامون باكرا وصحون باكرا، وهذا شيء كانت تكرهه والدتها.
ووضع جورج حقيبتها ارضا، ووقفت عند مدخل الغرفة، تنظر الى السقف المعتم، والسرير النظيف الصغير،
بمرفشه الساتان الزهري، وكومه من الوسائد البيضاء، وارضيته الخشبيه الملمعه والتي تغطيها السجادات المصنوعه من
البيت، والستائر برسمات الورود، تعرفت على كل شيء، حتى ترتيب طاوله الزينه كان كما هو.
وقالت بتعجب:
” لم يتغير شيء! “.
وابتسم والدها، ثم تغير وجهه، وبدت بعض الكابه في بسمته:
” اخشى ان يكون الكثير قد تغير . . . انت مثلا، لقد كبرت، ولم
تعودي طفلتي الصغيره . . . وامك . . .”.
وانقطع صوته، واستدار لينظر من النافذه وظهره لها. وبعد لحظات قال:
” انا سعيده جدا لعودتك يا كارن. ولا اتمنى الضرر لخطيبك، انا واثق انني ساحبه،
ولكنني غير اسف لكونك بمفردك معي لفترة، بدل ان يشاركني فيك “.
ولم ينتظر ردهان فاستدار وسار نحو الباب قبل ان تستطيع فهم كلماته، وتابع:
” خذي وقتك للتعود على المكان ثانية، واذا احتجت الي ساكون في مكتبي . .
.”.
ومضى النهار وبهدوء، واخرجت كارن ثيابها من الحقيبه واستقرت في غرفتها القديمة، ثم نزلت الى
الاسفل، واخذت تتجول في المنزل والحديقة، تعيد زياره اماكن طفولتها وتشعر بغرابتها، ومع ذلك بالسعاده
الهادئة.
ووجدها والدها تجلس على الارجوحه تحت شجره التفاح والى جانبها كلب راعي، وراقبها قليلا ثم
ابتسم وقال:
” لقد اتيت لاقول لك ان العشاء جاهز “.
” هل طبخته بنفسك؟ كنت انوي مساعدتك “.
” كان علي ان احضر الطعام لنفسي على كل الاحوال. وتحضيره لاثنين ليس صعبا. في
الواقع لقد سرني هذا، لان تناول الطعام وحدي اضجرني “.
تساءلت وهي تتبعه الى البيت، ما اذا كان قد شعر فعلا بالوحده خلال تلك السنوات،
لماذا لم تكتب له؟ وهل هو غاضب منها لهذا؟ ولكن لا يبدو عليه لا الغضب
ولا العتب.
في اليوم التالي اتصلت بالمستشفى فابلغوها ان زياره تشارلز ما زالت ممنوعة. وامضت بقيه يومها
مع ابيها، تتجول معه في المزرعة، والاراضي الجبلية، وما يحيطها من الريف، واخبرها عن الخراف
التي يملكها، وراقبت الديوك وهي تصيح والغربان والصقور، تطير دائره حول القطيع.
في طريق عودتهما قال لها والدها:
” سنتعشى الليله في قصر ميلمان ؟ ام انك تفضلين عدم الخروج الليلة؟ “.
” هذا عائد لك يا ابي “.
ونظر اليها والدها مترددا بعبوس. هل كان يتساءل عما تعرفه؟ فهو لم يذكر كلمه عن
سبب افتراقه عن والدتها. هل يعتقد انها لا تعلم شيئا عنه وعن السيده ميلمان؟ وقال:
” حسنا لنرى اولا كيف تشعرين . . لقد خرجت بالمس فقط من المستشفى “.
” النوم باكرا سيكون افضل لي، وارجو فقط ان لا يسبب لك طبخي عسر هضم
“.
” لا تخدعيني يا كارن، فوالدتك كانت طباخه ماهرة، وانا واثق انها علمتك! “.
” لقد علمتني “.
كان غريبا منه ان يذكر والداته دوما، دون وخز ضمير، كانها صديقه لم يرها منذ
سنوات. هل يفكر بها دوما؟ هل اشتاق اليها عندما تركته؟ وهل احبها؟ وبدا لها والداها
كسر غامض. وتههدت، لم تكن واثقه من حقيقه شعورها حول اي شيء. ونظر والدها الى
ساعته:
” لقد تاخرت. . . يجب ان اسرع، لماذا لا تنامين لساعه او لساعتين، وعندما
انهي عملي، نستطيع تحضير العشاء معا “.
” حسنا يا ابي . . . سنحضره معا، سيكون هذا مسليا اكثر “.
وذهب والسعاده باديه على وجهه، ودخلت الى المنزل، والقت نظره على البراد، واخرجت منه ما
سيحضرانه للعشاء، ثم صعدت الى غرفتها واستلقت في الفراش، لتستريح نصف ساعه فقط، ولكنها ما
لبثت ان استغرقت في النوم فورا.
واستيقظت عندما سمعت الباب يفتح، ورفعت راسها وهي نصف نائمه قبل ان ترى احدا، كان
الباب قد اغلق من جديد. وجلست وهي تتثائب.
” ابي؟ “.
ولم يجبها احد، ولكنها احست بوجود شخص في الخارج، ونادت ثانية:
” ابي؟ هل هذا انت؟ “.
ولم تتلق ردا. فذعرت، وخاصه ان صوت الاقدام قد عاد من جديد، شخص ما يتحرك
محاولا عدم اصدار صوت. واحست بفراغغ المنزل يضغط على اعصابها بثقل، اذا لم يكن والدها،
فمن هو، ولماذا لا يجيب؟
وانزلت قدميها عن السرير ووقفت، وقد اقشعر جلدها من الخوف. وسارت على اطراف اصابعها نحو
الباب، وفتحته بسرعة. كان الدرج معتما، فقد حل المساء، وعتمه الخريف بدات تهبط بسرعة. ولمحت
ظلا اسودا في منتصف الدرج. ظل رجل بدا يتطاول الى ان لمس السقف وكانه منظر
من فيلم رعب.
وجمدت كارن، وتطلعت الى الاسفل، وقلبها يخفق بسرعة.
وادارراسه ونظر اليها ، وعرفته فورا ، وزال عنها الخوف . ولكنها لم
تشعربالارتياح ، فبعد الخوف حل الغضب فصرخت به ” ماذا كنت
تفعل متسللا في المنزل هكذا ؟ ”
واستدارروك ميلمان وعاد ليصعد الدرج .
– لم اكن اتسلل ! كنت اتحرك بهدوء حتى لا اوقظك .
– كم هذا مراعاه منك لمشاعر الاخرين . ولكن للاسف لقد فعلت ،
وتسللت الى غرفتي .. اليس كذلك ؟ ربما اننا في نفس الموضوع ،
عن ماذا كنت تبحث في غرفه نومي ؟
– لم اكن ابحث عنك على كل الاحوال ، لذا لا حاجه بك لهذا الخوف
!
وشعرت بالغضب اكثر . مع انها في البدايه كانت غاضبه مننفسها
لانها شعرت بالرعب . ولكنها لن تدع روك يسخر منها لهذه الخيالات .
– انت في الواقع معجب بنفسك ، اليس كذلك .
– انا ؟ معجب بنفسي ؟ استطيع القول ان الامر على العكس . فهذه
ثاني مره تتهميني بانني احاول التقرب منك . حسنا ! انالم
اكن احاول التقرب منك لا في المره الاولى ولا الان ! منالواضح
انك تظنين نفسك جذابه لا يستطيع احد مقاومتك . ولكندعيني
اخبرك شيئا ، بالنسبه لي هذا امر غير صحيح . فانا استطيع مقاومتك
دون عناء .
وكشرت كارن عن اسنانها ، وهي تموت شوقا لتضربه على وجهه.
– الاحظ انك لم تقل لي بعد ماذا كنت تفعل في غرفتي .
– كنت ابحث عن والدك .
– تبحث عنه في غرفه نومي ؟
– لقد ناديته من الردهه ، ولم يجبني احد ، ثم وجدت الكلبه ميغ
نائمه عند الباب ، واعتقدت ان والدك هناك ، لذا القيتنظره في
الغرفه ، ورايتك في الفراش نائمه . فغادرت بهدوء قدر مااستطعت .
– لم اكن اعلم انه يوجد كلبه هنا ، لا بد ان والدي تركها لتحرسني
.
– انها كلبه حراسه ممتازه !
وراقبها وهي تمرر يدها فوق شعر الكلبه الاسود والابيضوتطلعت ميغ
اليها متسائله ، واذناها واقفتان بحذر ، وكانها تنتظراوامر ، وخاطبتها كارن
” فتاه طيبه ” وربتت عليها ثم عبست :
– ولماذا لم تبح عندما وصلت ؟ اليس من المفروض ان تفعل هذا ؟
– انها تعرفني جيدا ، وتعرف انني دوما هنا ، ولكن لو طلبت منها
مهاجمتي ستفعل .
– وهل تفعل ؟ هل هي مدربه على الهجوم ؟
– لا ولكنها مدربه على الطاعه ، وسيدها تركها لتدافع عنك .
لذا لو انها شعرت بانك بحاجه للدفاع ضدي ، فستهاجمني .
– لا تغريني لافعل هذا !
وتنهدت وابتسمت نصف ابتسامه ، وحدق بها .
– اعتقد ان هذا اخر شيء قد يخطر ببالي .
– حسنا ، هذا يريحني ، لا تدعني اؤخرك ! ستجد والدي يعمل ..
لا اعلم اين . خذ ميغ معك وستدلك عليه .
فهز راسه وقال ” لن تاتي معي ! ” .
– اوه .. هي ايضا لا تحبك ؟ كلبه لديها ذوق ، وهذا وح !
– لن تتركك حتى يقول لها والدك . انها كلب رجل واحد .
– كلبه لو سمحت ..
– اوه .. انت ظاهره عجيبه .
في تلك اللحظه سمعا صوت باب يصفق في المطبخ ، وقالت
كارن بسرعه وارتياح ” انه والدي ! ” .
واستدار روك على عقبيه واختفى في الاسفل ، وعادت كارنالى
غرفتها ووقفت قرب النافذه تراقب الظلام يحل . بعد قليلشاهدت
روك ووالدها يخرجان من البيت ، ووقفا يتحدثان عند الممرالخارجي
قرب سياره روك الحمراء . قد تكون عمياء لو لم تلاحظالعاطفه بينهما .
والثقه المتبادله والصداقه . والدها يحب روك ميمان حتىولو لم تحبه
هي ، ولكن والدها رجل مختلف ، وهو يحكم على روك بمقاييس
مختلفه .
وذهب روك ، واستدارت كارن ذاهبه الى الحمام ووجدت والدها
في المطبخ ، والغلايه تصفر فوق النار ، والفناجين موضوعةعلى
الطاوله ، والتفت اليها وابتسم ” هل نمت جيدا ؟مؤسف ان روك
ايقظك ”
– لا يهم .. كنت قد نمت لوقت كاف .
وصب الماء المغلي في ابريق الشاي وغطاه قائلا :
– لقد استعدت لونك على كل حال .
– شكرا لك لتركك ميغ تحرسني .
وجلست الى الطاوله ، وانضم اليها جورج .
– ميغ كلبه حراسه جيده ، في الخارج والداخل .
وقدم لها طبقا من البسكوت صنع في البيت .
– تذوقي هذه . انها لذيذه . لقد صنعتها كاترين كلين . انها تعمل
هنا ثلاثه ايام في الاسبوع . ستلتقين بها غدا .
وذاقت واحده منها وراقبها والدها ” انها لذيذه جدا” واخذت واحدة
ثانيه ، وضحك راضيا . ثم قال لها وهي تصب الشاي :
– و .. بخصوص العشاء عند ال ميلمان …
وكانت عيناه متوسلتان ، وتضايقت كارن ، لاجل ذكرى امها .الا
يستطيع امضاء امسيه واحده بعيدا عن بيتيميلمان ؟ ام انه يامل ان
تصبحواياها صديقتان ؟ مهما كانت الحقيقه ، شيء واحد كان
واضحا، والدها يريد يائسا ان يتعشى في قصر ميلمان هذه الامسيه .
– الهذا اتى روك الى هنا ؟ هل ارسلته امه ليتاكد من قدومنا ؟
ونظر جورج اليها ثم ابعد نظره .
– لا لقد قدم الى هنا لاسباب تتعلق بالاملاك .. يجب ان نصلح
السور قبل موسم التوالد . انه يحضر الترتيبات وسوفيساعدنا في
العمل . كل سنه تنهار بعض الجدران بسبب الثلج والمطر .هذا عدا
تاثير الخراف ! انه عمل لا ينتهي .
– اذا هو لم يسال اذا كنا ذاهبين للعشاء ؟
– لقد ذكر هذا ، ووعته ان ابلغهم . واخرت الموضوع الى ان
استفقت .
ونظر اليها نظره متوسله اخرى ، وكتمت كارن تنهيده . كيفتستطيع
ان ترفض وهو ينظر اليها هكذا ؟
– حسنا، اذا كنت تريد الذهاب .
وتهلل وجه والدها وقال بلهفه :
– وهل ستاتين معي ؟ انا اكيد انك ستكونين سعيده . كارن انه منزل
جميل ، هل تذكرينه ؟
– اوه ..اجل .
واسرع والدها الى الهاتف ، دون ان يلاحظ نبره صوتهاالجافه وقال
بسعاده :
– ستسر لقدومنا ، يجب ان اتصل بها ، لقد تصيد روك طيور
الحجل . وبيتي ترغب في معرفه كم ستحضر منها . هل تحبين
الحجل ؟
– لا اتذكر انني اكلت منها . ولكنها مثل البط والسمن ، لذا قد
احبها . فالطيور كلها متشابهه اليس كذلك ؟
– ليس بالضبط ، ولكنني متاكد انك اكلت الحجل وانت طفله .
هناك الكثير من طيور الصيد في الاملاك ،. وكنت معتاداعلى جلبها الى
المنزل ، ولا اذكر انك لم تحبي اي نوع منها .
واستمعت الى والدها وهو يتحدث : ” بيتي ؟ انا جورج. نحن
قادمان ! اجل .. لقد اخبرني روك . كارن تحب الحجل ”
كان صوته دافئا ، حميما وعاديا ، كان يتحدث الى بيتيميلما
كرجل يتحدث لزوجته ، وفكرت كارن ثانيه .. لو انهما يحبان
بعضهما ، فلماذا لم يتزوجا ؟ ولم يكن هناك فائده من هذاالتفكير ،
فصعدت الى غفرتها لتعيد النظر فيما سترتدي . لم تكن قدجلبت
معها ثيابا انيقه ، لديها فقط ثوب واحد خاص ، ثوب اخضربلون
الجاد ، رائع التفصيل ، مصنوع من صوف ميرينو الحريريصممه احد
المصممين الاستراليين الشبان . وقررت ان ترتديه ، ووضعتقرطا
ذهبيا صغيرا وسلسله يد ذهبيه رائعه تناسبه ، وعقدا ذهبياكان زوج
امها قد اهداه لها في عيدميلادها الواحد والعشرين ،واختارت حذاء
اسود وجوارب سوداء ، ثم وضعت الجميع على سريرها ودخلت ال
الحمام ، فلن تكون متوتره الاعصاب لمواجهه ال ميلمان لوانها كانت
تبدو في احسن حال .
وبمرور الوقت ، شعرت بتزايد التوتر ونظر اليها والدهابقلق وهما
يتجهان بالسياره نحو قصر ميلمان .
– انا واثق انك ستسرين هناك انهممضيافون كثيرا .
– انا بخير .. لا تقلق يا ابي .
بعد خمس دقائق وصلا الى خارج واجهه القصر الرائعه ،واضاءت
انوار السياره المنزل القديم ، وشهقت كارن عندما شاهدتاشكالا
سوداء تطير من تحت السقف .
– ابي ! ما هذا بحق السماء …؟
وضحك جورج كارداس ” انها خفافيش ، غير مؤذيه ابدا !”. وبرز
روك ميلمان من الظلام . كان يرتدي ستره عشاء ورداء وبدامخيفا
امام الجدران المعتمه . فتمتمت :
– لا بد ان هذا الكونت دراكولا !
فضحك والدها ” مسكين يا روك ، انت تظلمينه ، ولكنعلي ان
اعترف انه يبدو هكذا قليلا ”
ونزل روك السلم العريض ، وانحنى لكارن قائلا :
– اهلا بك في منزلنا .
وفتح لها الباب . ونزلت من السياره وهي ترتجف من التوتر. فتطلع
اليها ” ان الطقس بارد هذه الليله ، تعالي الىالداخل بسرعه ، المنزل
اكثر دفئا الان بعد ان وضعنا فيه تدفئه مركزيه . لقد كانفارغا ومخيفا
مثل مخزن الغلال عندما كنت صغيرا . ولكنه مريح اكثربكثير الان ” .
وقال والدها :
– هذا مضحك ان تشبهه بمخزن الغلال . لقد فزعت كارن عندما
شاهدت الخفافيش تطير من تحت السقف ، هل كنت تعلم ان هناك
خفافيش يا روك ؟
– اجل .. بالطبع . انها هناك منذ سنوات ، انها غير مؤذيه .. اذا
لقد
فزعت ؟
– بالطبع لا .. ولكنني اجفلت فقط .
وظهر شخص اخر عند الباب . وتعرفت كارن على السيده ميلمان،
على الفور ، رغم ان شعرها الاسود قد اصبح فضيا . وجسدها
الملفوف قد اصبح اكثر استداره بتقدم العمر . وبدا وجههاوكانه من
دون تجاعيد ، وجمالها اخاذ كما كان دوما . وبينما كانتكارن
تتفحصها ، تقدم منها جورج ، فمدت له يدها ” جورج” ! فقال بحراره :
– تبدين ساحره هذه الليله يا بيتي !
وامسك بيدها وهو يحدق بها . وتصلبت اعصاب كارن ، وهيتنظر
اليهما ، لم يتحدثا كصديقين قديمين ، بل باكثر من ذلكبكثير . لقد
كانت تشعر بانها ستعرف عندما تشاهدهما معا اذا كان يحبان
بعضهما ، وها هي قد عرفت . امها لم تكن مجنونه او غيورة، بل
كانت على حق طوال الوقت . وقال لها روك ببرود ” النتدخلي ؟ ”
ونظرت اليه ببرود ايضا ، لقد كان يراقبها بعدائيه ،فرفعت جفونها
واعادت اليه نفس النظره العدائيه .
– اعتقد هذا .
– وما بك بحق الجحيم ؟ هل ستكونين نكده هكذا طوال السهره ؟
لماذا جئت اذا كنت بمزاج سيء ؟
– انا لست بمزاج سيء . ولا اعرف ماذا تعني .. اي مزاج ؟ لم
تقابلني سوى من يومين ، فماذا تعرف عن مزاجي ؟ على كلليس
عندي امزجه سيئه . فانا شخص عادي الطباع عاده . ولو كنتنكدة
عندما تكن انت موجودا ، فذلك بسببك .
فضحك بقوه وقال ” اعرف اي نوع من النساء انت ، لنتكون
الغلطه غلطتي ابدا ” فردت عليه من بين اسنانها” لا تشتمني ” .
– وهل تسمين هذه شتيمه ؟
– ولا تسخر ! ..
– بحق السماء !
– ولا تتكلم معي بوقاحه ايضا ..
وشعرت بالرضى عندما لاحظت ان غضبه قد تصاعد وامسك
ذراعها بغضب وهزها وانفجر قائلا ” اسمعي الان !” ولم يستطع ان
يقول ما يريدها ان تسمعه ! وحاولت كارن ان تبدو هادئه ،ولكنها
بالطبع كانت تشعر بالغضب مثله تماما ، ولو كانت اسبابهامختلفه . في
اعماق نفسها كانت تعرف انها دفعته لان يكون غاضبا . ولمتكن
تعرف لماذا ، ولكن غضبا شديدا كان يتملكها ، او انهااحبت ان
تتشاجر ، ولم يكن امامها في كلتا الحالتين سوى روك ،وتطلعت وراءه
نحو الباب امله ان ينقذها احد وصرخت :
– ارفع يديك عني !
ولكن والدها وبيتي ميلمان كانا قد اختفيا . ونظر روكبدوره الى
الوراء ، واستغلت كارن الفرصه لتفلت نفسها من قبضتهواسرعت نحو
الباب ، ولحق بها على بعد خطوات من الباب ، وواجهها منالامام
وبدات تقول ” لا تجرؤ …” ولكنه قاطعها :
– هلا توقفت عن اصدار الاوامر لي ؟ لا احب النساء اللواتي
يصدرن الاوامر .
– لا يهمني ماذا تحب !
واطبقت يداه على كتفيهاورفعها عاليا حتى اصبحت وجها لوجه
معه . واجفلت كارن عندماوجدت نفسها تنظر الى عينيه العنيفتين
السوداوين . وللحظه انقطعنفسها حتى انها لم تستطع التكلم .
وامضت عينيها من الصدمه . ثماعادها الى الارض ، ولكنها اخذت
تترنح كالسكرى .
– ولا تقولي لي شيء .. اعرف انني لم يكن علي ان اكونقاسيا
هكذا.
وبينماكانت تفتش عن الكلمات لتقول له ما تظن به بالضبط ،
ظهروالدها ودعاهما :
– الن تدخلا ؟ الطقس بارد في الخارج .
وقالتكارن بصوت ضعيف ” انا قادمه ” وسارت باتجاهه بسرعه ،
وتبعهاروك ببطء . وقال جورج وهو يقدمها :
– هل تتذكرين السيده ميلمان يا كارن .
ومدتكارن يدها بادب ” طبعا .. مرحبا سيده ميلمان ”
وقالتلها بيتي ميلمان ” انا سعيده بان اراك قد عدت ثانية
الىموطنك يا كارن ” .
– انا مسروره بعودتي الى بيتي .
ونظرتكارن الى الشخص الاخر في القاعه ، فتاه تجلس على
كرسيوهي تنظر الى يديها المتشابكتين على ركبتيها ، وعرفتها فورا ،
انهاالفتاه التي كانت في منزل والدها في ذلك الصباح .
وسالتهابيتي ميلمان : ” هل تذكرين ابنتي كارلا ؟ ” ونظرت كارن الى
روكبغضب ، هذه اخته اذا ؟ وليست صديقته ؟ وما كان كل ما جرى
ذلكالصباح ؟ ماذا فعلت كارلا ميلمان ؟ لقد كان عنيفا معها وبدت
متحديةله كثيرا وهو يجرها وراءه .
– اظن انني اتذكرها .
وقفزتالى ذاكرتها فتاه اصغر منها بكثير ، نحيله ورقيقه ولها عينان
كبيرتان. ولم يكن لها اي تاثير حتى انها نسيتها ، الى هذه اللحظه .
كانت اكبر منها ، كارلا الان في الثامنه عشر فقط .
وقالت كارن للفتاه ” مرحبا ” فهزت كارلا راسها واجابت باقتضاب
“اهلا ” ولم يكن جوابها غير ودي ولكنها اوضحت بهذه الطريقه انها لا
تعتبر كارن من عمرها ولا يمكن ان تكون صديقه مقربه . وبعد ان
اعطت كارن نظره بارده عادت الى التحديق بالنار . وقالت السيدة
ميلمان:
– تعالي واجلسي قرب المدفاه . نحن نحب الجلوس في الردهه في
مثلهذا الوقت من السنه ، اذ يكفي اشعال نار المدفاه ، ولدينا حطب
كثير، روك يقطع الاشجار ويحضرها حطبا ولكنه يزرع مكان كل
شجره غرسه اخرى ، فالاشجار جزء ثمين من دخلنا .
وقالروك ” انها غير مهتمه باداره الاملاك يا امي ” .
فردت عليه كارن ” اوه … ولكن هذا يهمني ” ولم تكن تعرف سبب
اندفاعها هذا للازعاجه . ونظر اليها ليشعرها انه فهم ، ولم يعجبه الامر !
وابتسمتله بنعومه لتبلغه ان الشعور مشترك فهي لم تحبه ايضا .
ولم يبدو ان احدا لاحظ تبادلهما الصامت للعداء . وقالت بيتي
ميلمان:
– كم اشعر بالاسف على خطيبك . اتمنى ان لا تكون اصابتهخطيره ؟
– اتمنى ذلك ايضا .. كان يجب ان اتصل بوالديه واخبرهم ..
ولكنني سانتظر حتى اتاكد من حالته ، فلا اريدهم ان يتركوا كل شيء
ويطيروا الى هنا ، ولكن من ناحيه اخرى ، لو ان اصابته خطيره فانا
اعرف انهم لن يسامحوني ابدا ، اذا لم ابلغهم . . ساراه غدا ..
واتصل بهم بعدها .
وتدخل روك قائلا : ” يبدو انك نسيت ! كان من الممكن ان اكون انا
في المستشفى ايضا ، او ان اقتل ! وكل هذا بسبب ان هذا الشاب لم
يكن يركز ذهنه على الطريق ”
والتفتت الى كارن ” كارن انا اسفه ، روك ذو طبع سيء ” .
فقالت كارن ” لاحظت هذا ” .
وفتح روك فمه ليجادل ، ولكن جورج سبقه للقول بسرعه :
– لقد تذكرت .. غدا ساكون مشغولا بتصليح الجدران يا روك .
وكارن بحاجه لمن يوصلها الى المستشفى ، ربما استطيع استبدال
فترةعملي مع شخص اخر ؟
– لن يكون هذا سهلا .. فقد عملت جاهدا لتنظيم سير العمل .ولا
اعلم من يمكن له ان ياخذ مكانك .. انظر .. ساخذها انا الى المستشفى ،
فعلي ان اذهب الى هناك على كل حال .
وقالت كارن بجفاء ” ساخذ تاكسي ” وبدت وكانها تكره فكرة
مواجهه اخرى مع روك ميلمان ، ولكن لم يلاحظ ذلك احد . وسالته
السيده ميلمان :
– ولماذا يجب عليك الذهاب الى المستشفى يا روك؟
– يجب علي ان ازور جاك ارمسدن .
– اه .. طبعا لقد نسيت .
وقال جورج ” مسكين جاك العجوز ، اجراء عمليه خطيره له ليس
بالامرالسهل . وليس عنده عائله حتى ” .
– لا لم يعد عنده عائله ، لذا يجب ان ازوره .
وقالت السيده ميلمان : ” اوه … اجل .. يجب عليك ! مسكين هذا
الرجل، لقد كان لطيفا على الدوام . من يعتني بكلابه ؟ ”
– لا تقلقي يا امي انا اعتني بها ، والعصفور ايضا .
وقالت كارلا فجاه بصوت عدائي ” روك يفكر بكل شيء ” وقطبت
امها في وجهها وقالت بغضب ” اجل ، هذا صحيح .. ماذا بك يا
كارلا؟ توقفي عن مهاجمه اخيك طوال الوقت ! ” .
– اوه يا امي انا اسفه جدا .
ووقفت، وبدات تصعد السلم فنادتها امها :
– كارلا ! عودي الى هنا !
ولكنها لم ترد ، فاحمر وجه السيده ميلمان وتكدرت ، ونظرت الى
روكيائسه . ” ماذا ستفعل بها ؟ ”
– ستعود قريبا الى كليتها ، هذا كل ما نستطيع فعله
– العشاء تقريبا جاهز ، الافضل ان اذهب واحضرها .
– اتركيها .. اذا كانت جائعه ستنزل لوحدها ، واذا لم تكنجائعه ،
تستطيع فعل ما تشاء .
والتفت الى جورج ” لو سنحت لك فرصه ، هل تزور جاك
ارمدن، يا جورج ؟ ”
– طبعا سافعل .. لقد عرفته طوال حياتي ! زوجته توفيت منذ
سنوات، كان عندهم ولد مات وهو شاب ، لا اذكر سبب موته ،
اتذكرينه يا بيتي ؟
– الم يكن بسبب شلل الاطفال ؟ لقد كان موته فجائياوماساويا .
– لا استطيع التذكر جيدا . لقد كان جاك في الاربعينات ، كمعمره الان؟
وقال روك ” اثنان وسبعون . لقد امضى سنوات وحيدا ” .
وقالت كارن عاليا ” يا له من عجوز مسكين ! ” وارتدعت ، لانها
تذكرتكيف وجدت نفسه وحيده عندما ماتت امها . وقال روك :
– بما انني يجب ان اذهب الى المستشفى ، ساخذ كارن معي
واصيب عصفورين بحجر واحد .
وقالت كارلا ميلمان وهي تهبط السلم ” هل استطيع الذهاب معكما ”
وعبس شقيقها في وجهها قائلا ” لن اخذك الى اي مكان ؟ ”
– اريد رؤيه جاك ! انا احبه كثيرا !
وقالت السيده ميلمان ” هذه فكره جيده ! لقد كان جاك يحب كارلا
دوما يا روك ، وانت تعلم هذا .. لماذا لا تاخذها ؟ ”
– بعد الازعاج الذي سببته ؟ حتى انني لم اسمعها تعتذر !
– انا اسفه لانني فقدت اعصابي .. ها انا ذا .. لقد اعتذرت
هل اخذني غدا ؟
وقالتكارن ” احب ان يكون معي رفيقه في الطريق ” .
ونظرالجميع اليها ، نظره روك فيها غضب ، ووالدها والسيدة
ميلمان ارتياح ، وكارلا في اول اشاره للاهتمام .. وهي تبتسم وقالت
“هذا يحسم الامر اذا “
الفصل الرابع
4-ما بعد الغضب
صباح اليوم التالي,عندما نزلت كارن لتناول الافطار كان والدها قد
ذهب الى العمل. ولكن هناك امراه طويله نحيله في الردهة,
تلمع الاثاث, وتطلعت المراه اليها وهزت راسها قائلة:
– صباح الخير.. انت ابنته؟… لقد خرج منذ فترة.لقد انهيت
عملي في المطبخ, اذهبي وحضري افطارك , يجب ان اتابع عملي!
وتابعت عملها ولم تسمعها تنطق بكلمه بعد ذلك.
ووصل روك , وجلست كارن في المقعد الخلفي, لان كارلا كانت
تجلس الى جانبه, وقطعوا معظم الطريق دون ان يتكلم احد منهم.
عند وصولهم الى المستشفى, اكتشفوا ان تشارلز في نفس القسم
الموجود فيه جاك ارمسدن, فقد كان تشارلز في سرير قرب النافذة
والعجوز في سرير قرب الباب, حيث تستطيع الممرضات ابقاء
مراقبتهن عليه.
وشعرت كارنبالراحه لرؤيه تشارلز وقد تحسنت صحته, ولوح لها
وهي تقترب منه, كان راسه على الوسائد مضمدا, وستره بيجامته
مزرره فوق اربطه ضلوعه, وبدا شاحبا, ولكن عيناه مسرورتان.
وابتسم لها وقال ” مرحبا ياحبيبتي!”.
– لقد كنت قلقه عليك كثيرا, ولكنك الان افضل بكثير.
– لقد تحسنت لرؤيتك ياعزيزتي.
وضحكت لمزاحه, وجرت كرسيا وجلست قرب سريره.
– لو رايتني بالامس , كنت في حاله سيئه جدا.
– مسكين يا تشارلز…
وامسكت يده وابتسمت له” انا سعيده جدا لان اصابتك لم تكن
خطيرة. كنت خائفه من الاتصال بوالديك حتى لا ابلغهما خبرا سيئا”.
– وهل علما بالحادث؟
– لم ابلغهما , انتظر حتى تتحسن , لا اريد اخافتهما.
– تفكير سليم… في الواقع , لا تتصلي بهما ابدا, عندما ساخرج
من هنا سارسل لهما بطاقه من اوروبا, وسابلغهم بالحادث عندما
نعود.
– ولكن يا تشارلز لا تستطيع فعل هذا.
– كارن ..اذا اخبرناهم الان سينزعجون كثيرا. وانت تعرفين هذا!
– ولكن عندما يعرفون , سيشعرون بالغضب.
– ساقنعهم … والان اخبريني عن والدك والمزرعة!
واخبرته كل شيء عن لقائها بوالدها وما شاهدته في المزرعة, ثم
اردفت ” تشارلز … في الحقيقه اعتقد اني يجب ان اتصل بوالديك!
امك قد تتالم اذا لم نخبرها عن الحادثة. سيشعران باننا لا نابه
بهما”.
– سيسامحاني…
– ولكنني لست واثقه انهما سيسامحاني انا! لهما الحق بان يعرفا.
– لاتضايقيني يا كارن.
– انا لا اضايقك ..بل اظن فقط …
– انهما والداي, بحق السماء , وليسا والداك. سيهرعان الى هنا
وتبدا امي بالبكاء علي. ووالدي سيلومني, لقد كان دائما يقول انني
سائق سيء. لم يكن يثق بقيادتي لسيارته. وسيطالبان عودتي معهما.
ولن اعود قبل ان ازور اوروبا.
واسترعى شجارهما انتباه الممرضه المسؤوله عن القسم, فتقدمت
من السرير وتفحصت تشارلز, ثم نظرت الى كارن.
– اظن من الافضل ان تذهبي الان, فالسيد بيركلي لا يزال تحت
تاثير المخدر, ويجب ان يرتاح.
– انا لست مريضا لهذه الدرجه يا انسة.
– لا اظن انك قادر على الحكم سيد بيركلي!
ونظر تشارلز الى كارن, التي وقفت, وهي تشعر بالانزعاج
والخجل وانحنت عليه وقبلته على خده وقالت هامسة”انا اسفة.. لن
اتصل بوالديك, لا تغضب يا حبيبي فانا احبك!” وقال لها تشارلز:
” تعالي غدا” وابتسم , واستدارت كارن مبتعده عنه.
وخرجت من المستشفى الى حيث تقف السيارة, لتنتظر روك
وشقيقته. وكانت السياره مقفلة, فاخذت تتمشى حول الحديقة
الملحقه بموقف السيارات. وهي تفكر بتشارلز, ومزاجه غير العادي.
فالحادثه كانت صدمه عليه, وخسر الكثير من الدم, واجريت له
عملية, مع عده اضلاع مكسورة, وانبت نفسها: لماذا بحق السماء
تشاجرت معه؟ لقد تشاجرا عده مرات في الماضي دون ان يؤثر هذا
عليهما, وتمنت لو انها لم تتجادل معه اليوم. فلم يكن متمالكا
لنفسه, كان يجب ان تترك الموضوع حتى يصبح احسن حالا بالفعل.
وقع اقدام على الحصى جعلها تلتفت, لترى روك يتقدم نحوها,
وكان لوحده , ولم تشاهد كارلا معه.
– لقد كانت زياره قصيرة…
– لم يكن تشارلز بخير… والمسؤوله اعتقدت انني يجب الا اطيل
الزيارة.
– ولم انت غاضبه هكذا؟
– انا لست غاضبة! .. اين شقيقتك؟
– انها تزور خطيبك… لقد لاحظت انك لم تجلبي له الزهور..
فذهبت الى المحل في المستشفى واشترت له بعضها.
– كم هذا جميل منها.
شقيقته كان لها نفس طباعه الفضولية. كارن لم تنس ان تشتري له
الازهار . بكل بساطه لم تكن تريد, في وطنهم سيشعر بالاحراج اذا
شاهده احدهم وهي تقدم له زهورا. وتساءلت عما سيقول عندما تتقدم
فتاه مجهوله منه وتعطيه باقه زهور وتتبادل الحديث معه. وسالها روك
وهو يراقبها :
-هل انزعجت من الامر؟
– لا..انا شاكره لها.
وخرجت كارلا من المستشفى وانضمت اليهما, ورفعت ذقنها
متحديه كارن. فقال روك:
– لقد اخبرتها انك اخذت لخطيبها بعض الازهار.
– اتمنى ان لا تكوني ممانعة.
– هذا لطف منك… شكرا لك… لم يتحسن بعد, وانا اكيده ان
ازهارك ستفرحه.
– لقد بدا معجبا بالزهور..
وصعدت الى المقعد الخلفي, وقبل ان تدرك ما يحدث, وجدت
كارن نفسها في المقعد الامامي بالقرب من روك.
وبينما هم في طريقهم, مالت كارلا الى الامام وقالت لاخيها:
– انزلني في القرية…اتسمح؟ اريد زياره صديقه قديمة.
– من هي؟…
– لاتكن مزعجا يا روك..
ونظرت اليه كارن من طرف عينها, ولاحظ روك ذلك. فادار راسه
لينظر اليها, وقال لشقيقته باصرار:
– لماذا لا تقولي من ستقابلين؟
– اوه.. سينثيا.. اذا كنت مصرا ان تعرف!
– ولماذا كل هذه السريه حول لقائك بسينثيا؟
وراقبت كارن كارلا من المراه المامية, وهي تتساءل عما اذا كانت
ستقابل سينثيا حقيقة. ام انها اخترعت القصه لتخدع شقيقها؟
– ولماذا علي دائما ان اقول لك كل شيء اريد فعله؟
– اوه…حسنا … لا تتاخري.
– مزعج…
– انت تعلمين ان امي ستبدا بالقلق اذا تاخرت لساعات دون ان
تعرف اين انت!
واجابته بتنهيده عميقة, وعندما دخلا القريه قالت كارلا بسرعة
“انزلني عند مكتب البريد, اتسمح؟ لقد وعدت تشارلز ان اشتري له
بطاقه بريد من القرية”.
ونظرت اليها كارن نظره مجفلة… تشارلز؟ لقد تلفظت باسمه
كصديق مع انها لم تقابله سوى اليوم ولخمس دقائق فقط! هل طلب
منها فعلا ان تشتري له بطاقه بريد؟ ام هي عرضت عليه؟ ولكن كارلا
تجاهلتها, واوقف روك السيارة, ونزلت منها كارلا وصفقت الباب
وراءها. ونظرت كارن الى الخلف لتجد ان كارلا قد دخلت الى
مكتب البريد . ال مليمان عائله متطفلة! ماذا تظن كارلا انها تفعل؟
تتبادل الحديث مع تشارلز, وتقدم له الزهور, تشتري الهدايا له؟
وسالت روك ببرود:
– هل تتدرب شقيقتك لتصبح مصلحه اجتماعية.
واخذ يضحك, ولكنها قررت تجاهل ضحكته وسالته:
– ومتى ستعود الى كليتها؟
– اوه.. قريبا.. لاتقلقي.
– انا لت قلقة.
– اوه..الست قلقة؟
– لا…
-الست غيوره لانها تهتم بخطيبك؟
– انها طفلة..هل تتطفل دوما على الناس؟ اعلم ان المراهقين
يفعلون هذا.
– وهل تدعينها مراهقة؟
– انها في الثامنه عشر, فماذا تدعوها غير هذا؟
واستدار عبر بوابه المزرعه وهو يفكر بالسؤال.
– حسنا… كنت اقول ان كارلا امراه شابة, انها قانونا بسن يمح
لها بالزواج , وقياده السيارات, وان تحارب لاجل وطنها. لذا لا
استطيع تسميتها بالمراهقة.
واوقف السياره امام المنزل, واستدار في مقعده ليواجهها:
– لاتهتمي بها انها رومانسيه الطبع, وخطيبك جميل,وهو راقد
في سرير في المستشفى وبعيد عن وطنه واهله, وهذا ما يجعل فتاة
مثل اختي , لاتستطيع مقاومته!
واستمعت اليه كارن وهي تتطلع به, احيانا تتمنى لو ان معها
مسدسا لتطلق عليه النار, واحيانا , مثل الان, يبدو لطيفا, خلوقا,
ورقيقا. ال مليمان عائله محيرة, انهم لغز.
وابتسم لها ابتسامه صغيره مخادعه , واحد حاجبيه يرتفع:
– بماذا تفكرين الان؟
– اسفة؟
– لقد كنت تنظرين الي بطريقه غريبة.
– لقد كنت افكر…
– عيناك لهما اجمل لون اخضر رايته في حياتي.
ومد يدا كسوله ليلمس خدها الاحمر. فتراجعت مذعوره من جراء
تلك اللمسة, وتطلعت بعيدا وتمتمت:
– شكرا لتوصيلك لي, من الافضل ان ابحث عن والدي.
وفتحت الباب, ونزل روك بدوره ووقف مواجها لها عبر سقف
السيارة.
– لن تجديه هنا, انه يترك المفتاح تحت وعاء زهور على نافذة
المطبخ… تعالى ساريك اين هو.
-واين يكون والدي الان؟
– انه عند تله وندكار يصلح الجدار.
– بالطبع .. لقد نسيت! لست ادري كيف نسيت!
– وهل هناك ما يشغل بالك؟
ووصلا الى خلف المنزل, ورفع روك وعاء زهور عن نافذه المطبخ
والتقط المفتاح من تحته. ومدت يدها لتاخذه قائلة” شكرا لك”.
ولكنه كان قد وصل الى الباب ووضع المفتاح في القفل. ودفع
الباب, واشار اليها لتدخل. وتبعها الى الداخل واغلق الباب وراءه,
وتوترت اعصاب كارن بعنف. وقالت بطريقه لم ترد ان تكون فظة
” حسنا …شكرا لك” ولكنها كانت متوتره لكونها وحيده معه في
البيت. عندما يكونان لوحدهما كانت تشعر باحساس غريب: مزيج
من الحراره والغضب,لم تستطع فهمه. كانت تشعر برده فعل
متفجرة, تشعر بها في اعماق نفسها, غضب يغلي الى ان يصبح
لضغطه قوه رهيبة. لم تكن قد شعرت بشيء مماثل له من قبل, وهذا
ما ازعجها. وقال روك ببرود:
– لن يعود قبل ان يحل الظلام.
– لا باس.. لا يهمني الامر. ساكون على ما يرام.
– لماذا لا تاتين معي الى منزلنا وتتناولين الشاي مع والدتي؟
– شكرا..ولكن…
– ستكون مسروره جدا برؤيتك!
– في الحقيقه علي ان اغسل الثياب واكويها.
– ماذا لديك ضد والدتي؟
الهجوم كان فجائيا وغير متوقع. وارتفعت عيناها الايه, واسعتان
ومجفلتان.
– لماذا…لم.. مالذي يجعلك تظن انني..
– وجهك يتغير كلما ذكرت امامك, هل تعتقدين ان بامكانك اخفاء
الكراهية؟انت في الحقيقه لا تحبين امي… اليس كذلك؟
– لا.. انا لا احبها..وانا واثقه انك تعرف السبب!
وقال بهدوء”اخبريني السبب”.
– لاتدعي انك لا تعرف شيئا! انت لست غبيا. واذا كان غريب
مثلي يرى الامر بوضوح, فيجب ان تكون قادرا على ملاحظه الامر منذ
سنوات.
– عن ماذا تتحدثين؟ وما الذي ما اتطعت رؤيته بوضوح؟
– امك..وابي!..
– اعرف كل شيء عنهما! والدتي اخبرتني القصه كلها, وعندما
رايتهما معا بعدما وصلت هنا, عرفت انها قالت لي الحقيقة! ويجب
ان تكون تعرفها ايضا. فلست اعمى لهذه الدرجة!
ووقف جامدا, يحدق بها, وكانه ينظر مباشره الى ذهنها, ولم
يعجبه ما راى. قد يكون عارفا بعلاقه الحب القديمه الطويله بين
والدته وجورج كارداس, ولكنه لا يحب ان يتحدث بها احد. لقد
فضل ان يغلق عينيه عنها, دون شك, كما فعل والده لستوات طويلة.
ولكن ربما والده لم يكن يعلم؟ عندما كانت طفله تشاهد عائلة
ميلمان مع بعضهم, وكان هناك شعور دافىء وعاطفي بينهم, وهذا
كان يصدمها لان الامر كان مختلفا بين والديها.
واستدار روك فجاه وملا الابريق من الحنفية. فسالته كارن ” ماذا
تفعل؟”..” اصنع بعض الشاي” ووضع الابريق فوق النار دون ان
ينظر اليها . وصاحت به”افضل ان تذهب..الان ارجوك!”فقال
” هناك بعض الاشياء اريد قولها لك اولا واحتاج الى فنجان شاي قوي
قبل ان اقولها”. واحضر فناجين الشاي, وفتح البراد واخرج بعض
الحليب, ووضع الكل على الطاولة, وكارن تراقبه.
– احب طريقتك بالتصرف في منزل والدي وكانك في بيتك.
وتجاهلها روك ووضع اوراق الشاي في الابريق. فقالت له
بغضب:
– هل لان عائلتك تمتلك الارض تظن نفسك انك تمتلك الناس
الذين يعملون فيها ايضا!
واستدار نحوها بغضب, وشعرت بانه سوف يضربها, فتراجعت
الى الوراء, وكشف عن اسنانه بابتسامة:
– اجل.. كان علي ان اضربك! اعتبري نفسك محظوظه لانني
اسيطر على نفسي اكثر منك, والا لفعلت! والان اصمتي بينما اعد
هذا الشاي.
– لاتصرخ بي!
وصرخ بها ” اجلسي!” الغضب في نظرته جعلها تطيع. وصنع
الشاي, وراقبته وهو يصبه. ماذا عنده ليقوله لها؟ هل تستطيع ان
تحزر؟. وكسرت الصمت بعد ان ادار وجهه وهو يحمل فنجانا في كل
يد:
– اعتقد انك تفضل ان ادعي انني لا اعرف شيئا عن علاقتهما؟
حسنا… لا تقلق.. لن اقول شيئا. لم اقل شيئا لوالدي, وماكنت
ذكرت لك شيئا لو لم تدفعني الى هذا!
– لست مضطره لقول شيء.. لديك طريقه للايحاء بما تريدين
قوله!
واعطاها الفنجان بطريقه خرقاء,فاهتز في يدها حتى كادت توقعه.
” لم احب الطريقه التي راقبت فيها والدتي, او النظره في عينيك كلما
شاهدتيها تنظر الى ابيك”.
– اسفة, فلدي اسبابي, ولكنني لا اتوقع ان تفهم! لم تكن انت
ولا امك من طرد من المنزل, بل كنت انا وامي! واذا كنت اتكلم
بمراره , فلانني اضطررت للعيش مع امراه حزينه لسنوات. كل ما
كانت تتحدث عنه هو مافعلته امك بها. فليسامحني الله, في بعض
الاوقات كنت اسام من الاستماع اليها والومها! ظننت انها مصابة
باعصابها وانها اخترعت كل شيء. ولكنها لم تكن , اليس كذلك؟
لقد كانت تقول الحقيقة.
ومال روك على الجدار ووجهه اليها, يدير الفنجان بين يديه,
وعيناه السوداوان مركزتان عليها وسالها ببطء:
– وهل هذا سبب عودتك؟ لا لتري والدك ثانية.. بل لتكتشفي
الحقيقه في قصص امك؟
– لقد عدت لعده اسباب! اردت رؤيه والدي ثانية, ورؤيه يوركشاير
والمزرعه والقرية, وكل شيء كنت اذكره. ولكنني اردت معرفة
الحقيقه ايضا.
– اواثقه انت انك لم تكوني تريدين ايذاء كل من تسبب بايلام
امك؟
– لا اعتقد انني احببت هذا! قد تكون اعصابك بارده بما فيه
الكفايه لتسعى وراء الثار, اما انا فلا.
– اوه… لم احلم ابدا بان اشير الى انك ذات اعصاب باردة. ومع
ذلك , وبعد مراقبتك مع خطيبك اليوم, اتساءل!
– اهتم بشؤونك الخاصه ولا شان لك معي.
– وهل يعلم كل شيء عنك؟
– يعلم؟…ماذا؟
– ان امك قد حبستك خلال سنوات مقيده باردة, وانك لا تعرفين
شيئا عن الدنيا وعن الحب؟
ورمت فنجان الشاي عليه بانفعال, وكان روك سريع الحركه فتجنبه
قبل ان يصل اليه, ولكنه لم يتجنبه تماما, ونظر بغضب الى قميصه
وسترته المملؤتان بالشاي. ولم تفاجا كارن بكلامه البذيء فقد سمعت
من قبل اسوا منه, ولكنها كانت خائفه منه, فهو يبدو مخيفا عندما يثور,
وتمنت لو انها لم تفعل ما فعلت, وصرخ بها:
– ايتها الكلبه المجنونة!
ومد يديه نحوها بغضب , فهربت, وهي تشعر به خلفها وقد لحق
بها بسرعة. وصفقت باب المطبخ وراءها, واستطاعت الوصول الى
الدرج قبل ان يفتح الباب ثانية. مما اعطاها مسافه كافيه للهرب.
ولكنه مع ذلك استطاع اللحاق بها عند اعلى السلم, حيث كانت قد
اصبحت بحاله محمومة: نصفها خوف ونصفها غضب.
وما ان امسك بها بيديه القويتين حتى ذعرت واخذت تضربه, وهذه
المره على وجهه كان صوت الصفعات اقوى من تاثيرها الحقيقي.
وعاد روك يشتم ايضا, وقد تركت اثار اصابعها علامات بارزه على
بشرته . وامسكت يداه برسغها, وانزل ذراعيها على جانبيها . ودفعها
على الجدار. وضغط عليها بجسده, وشعرت بثقله وبعضلات
جسده . وكادت انفاسها تنقطع, وكان يجب ان تقاوم لتتنفس قبل ان
تستطيع الكلام. وقالت بغضب شديد:
– ابعد يديك اللعينتان عني!
ورد عليها بغضب اكبر” لا تستطيعين قذفي بفنجان شاي ساخن
وتنجين من العقاب, لا تفكري بهذا!”.
وابتلعت كارن ريقها, وراسها يتمايل بقوه من جانب الى جانب
وبدا شعور بالغثيان يقبض على معدتها. هي لا تستطيع تخليص
نفسها ولا تستطيع تحمل التلامس المفروض بالقوه بينهما, وكيف لها
ان لا تشعر بجسده وهو يضغط عليها هكذا؟ تستطيع تجاهل كل ما
يقوله, ولكنها لا تستطيع تجاهل ما يفعل. عندما يتنفس تشعر به,
حتى انها كانت تسمع دقات قلبه, وجهه لا يبعد سوى انشات عنها.
وقالت ونفسها يكاد ان يكون مقطوعا:
– حسنا.. انا اسفة!..هاك ..لقد اعتذرت1 ايكفي هذا؟
اتركني اذا!
– وهل هذا اعتذار؟ لماذا بحق الجحيم رميت الشاي علي؟
– لقد فقدت اعصابي!
– اوه .. وهل تستطيعين رمي اشياء على اي كان عندما تفقدين
اعصابك؟
– لقد اهنتني…
– لقد قلت لك الحقيقة, لقد ان لك ان تواجهيها.
– غنها ليست الحقيقة!
– اوه.. اجل .. انها الحقيقة! امك كانت مريضه الاعصاب, وقد
جعلتك معقده . انت مشغوله الفكر بشيء حصل لشخص اخر من
سنوات طويله اكثر من انشغالك بذلك الشاب المصاب في المستشفى
الذي يفترض انك تحبينه!
– لاتكن سخيفا…انني…
– انك تجاهلت والدك بعد ان اخذتك امك الى استراليا! ولم تردي
على رسائله, مع انه كان يجب ان تعلمي منها انه يحبك ويشتاق
اليك. ولم تاتي الى هنا الان لتقولي له انك اسفة, او لتتعرفي عليه
اكثر. لماذا اتيت؟ اتساءل: الم تشكي بامك؟ هل اتيت لتكتشفي ما
اذا كانت امراه معقدة, او مريضه اعصاب هستيرية؟
– بطريقه ما… كانت هكذا! ولكن هذا لا يعني انهالم تكن على
حق حول امك وابي. لا اعتقد انك تحب ان تعترف, ولكنهما
عشيقان, ولسنوات طويلة. وهذا ما دفع امي الى حافه الانهيار. شيء
ما جعلها تصبح مجنونة!.
– وبدورها, جعلتك ما انت عليه الان!
ونظرت اليه بغضب, ثم تصلبت بعد ان ادركت كم كان وجهه
قريبا من وجهها. حتى انها استطاعت ان ترى كل مسام بشرته.
فتمتمت متلعثمة”انا …احب تشارلز!” وكانها بذكرها اسم تشارلز
تستطيع وضع جدار بينها وبينه, وتراخت يداه عن رسغيها وافلتهما
وكانت تستطيع ان تفلت منه لو حاولت. ولكنها لم تحاول, بل
امسكت به وغرزت اظافرها في جله واخذ جسمها يرتجف الى ان
انطفا لهيب غضبها وارجعت يديها الى الوراء. وشعرت بالغثيان وقالت
بصوت اجش” لا … ابتعد عني, اذهب بحق الله”.
وتركها روك دون ان يجادل, وقبل ان يقول شيئا اسرعت بالهرب
الى غرفتها. وصفقت الباب وراءها واقفلته بالمفتاح. واتكات عليه
وهي ترتجف, كارهه نفسها. كانت تحب تشارلز, احبته منذ سنوات
وليس هناك ذره شك في مشاعرها نحوه. فماذا حل بها بحق السماء؟
انها تكره روكمليمان بالقدر الذي تحب فيه تشارلز, لماذ, اوه,
لماذا تركته يؤثر عليها هكذا؟
وسمعت صوت سياره روك وهي تغادر, وتنهدت بارتياح, وسارت
مترنحه نحو النافذه لتراقبه وهو يختفي. واخيرا ذهب, وتستطيع ان
تسترخي, وتستطيع ان تعيد نفسها الى الواقع قبل ان يحضر والدها.
ودخلت الحمام, وخلعت ملابسها واغتسلت بماء بارد تقريبا, وهي
تفرك جسمها من قمه شعرها الى اخمص قدميها, ثم جففت نفسها
بشدة, وغضب. انها بحاجه لتنظيف نفسها جيدا, من مراره ما تركته
تلك اللحظات وهي بين ذراعي روك. ولكنها لن تقدر ابدا ان تخلص
نفسها من الخجل لما شعرت به..
وارتدت ملابس نظيفة, وبعد ان جففت شعرها, جمعت الملابس
التي خلعتها ونزلت لتضعها راسا في ماكنه الغسيل في الغرفه التي تقود
راسا الى المطبخ, وضغطت الزر لتبدا عمليه الغسيل, ثم دخلت
المطبخ وافرغت ابريق الشاي ونظفته, ونظفت الفناجين وابريق
الحليب والملاعق.. كل شيء لمسه روك او استخدمه, وكانت
شاحبه وملامح وجهها قاسية.
وصنعت لنفسها فنجان قهوة, في فنجان جديد, وجلست تصغي
الى الصمت من حولها, وتشعر بالوحدة, وتمنت لو ان والدها يعود
الان الى المنزل.
ما كان يجب على روك مليمان ان يقول انها لا تهتم بوالدها, فهذا
ليس صحيحا, انه لا يفهم. كيف تستطيع ان تشرح لاي كان
تعقيدات الخيانه والولاء, الذي سببه انفصال والديها في ذهنها؟ لو
انها احبت والدها ستكون غير وفيه لامها, واذا خانت امها ستؤلم
نفسها وتؤلمه.
لقد عادت الى هنا لتعرف حقيقه مشاعرها, لتحل الوضع المؤلم,
وتكشف حقيقه الكابوس الذي عاشت فيه طوال هذه السنين…
ولكن هل جعلت الامور تسوء اكثر برجوعها؟ وهل كان عليها ان
تبقى بعيدة… والى الابد؟
************
الفصل الخامس
هل تعرفين الحب؟
في اليوم التالي اوصلها والدها الى المستشفى لزياره تشارلز، احست كارن بالراحه لرؤيته في احسن
حال، وبدا مبتهجا اكثر عندما حاولت ان تعتذر عن شجارهما بالامس قال:
” لقد كنت على حق . . وهذا جزء من سبب غضبي! لقدكنت اعلم ان
والداي سيثوران اذا لم نبلغهما “.
” اذا ساسرع بالاتصال بهما “.
” لاحاجه لذلك لقد اتصلت بهما، تحدثت مع والدتي، والدي لم يكن موجودا “.
” وماذا قالت؟ “.
” لقد تحايلت عليها، وقلت انني فقدت الرعي، وكسرت بعض الاضلاع، وجرحت راسي، ولكنني لم
اخبرهم عنالعملية، ولا عن وجود ضلع مغروز في الرئه “.
” ما1ا . . ضلع مغروز بالرئة. لم يكن عندي فكره ان العمليه خطيره هكذا!
لم يقولوا لي. . .”.
” لم يقولوا لك؟ انهم محتالون، اليس كذلك؟ انهم لم يقولوا لي حتى اليوم “.
وتفحصته كارن جيدا. اصابته كانت رهيبة، ولكنه يتنفس بسهوله ولونه طبيعي، وبالنسبه ليوم الامس. وابتسمت
له ونظرت الى الزهور التي احضرتها له كارلا ميلمان وسالته: ” هل احضر لك شيئا
حبيبي؟ “.
ولاحظ تشارلز نظرتها فضحك: ” هاي .. . عصفوره جميله احضرتها لي!. . . قالت
انها تعرفك، جيران لوالدك، او شيء من هذا القبيل، اهذا صحيح؟ “.
” انها كارلا ميلمان “.
” هذا صحيح “.
” عائلتها تملك مزرعه ابي. . .”.
” يملكونها! ظننت انه. . .”.
” لا، هو لا يملكها، انه مستاجر، ولديهم عده مزارع، عائلتي مستاجره عندهم منذ اجيال
كثيره “.
” اذا والدك لن يورثك مزرعة؟ “.
” لا، فالمزرعه ستعود اليهم! لو كنت صبيا لتركوها لي ولكن. . .”.
” لابد ان الامر ازعجك؟ “.
” ولماذا يزعجني؟ “.
” معرفتك ان والدك لا يستطيع ترك المزرعه لك! “.
” انا لا اريدها على كل حال. فانا لست مزارعة، ولكنني اعتقد ان الامر ليس
منصفا بعد كل هذه السنوات التي امضاها ابي بزراعه الارض “.
” لقداحببت دوما ان يكون لدي مزرعة! “.
” حقا؟ لم تقل لي هذا من قبل! “.
” الماقل لك؟ حسنا انه واحد من طموحاتي. . . احب ان اكون رائد فضاء
ايضا! اتظنين ان الوقت تاخر لابدا التمرين؟ “.
” اجل، لقد تاخرت “ز
” هل ميلمان عائله كبيرة؟ “.
” كارلا لديها اخ، اسمه روك، انه السائق الذي كدنا نصطدم به “.
” اجل. . . لقد قالت شقيقته هذا، هل يكرهني؟ لقد قالت انه لم يصب
باذى، ولكن لابد انه صدم. يبدو انك لم تحبيه؟ “.
وهزت كتفيها وراقبته وهو يرتشف قليلا من الماء. وسالها:
” كيف يبدو؟ “.
” انه رائع. . . شخصيه قوية. ولكنه ميلمان، كلهم واثقون من انفسهم كثيرا “.
” اكنت تعرفينه وانت طفلة؟ “.
” بالكاد اتذكره، كنت صغيره جدا، يبدو ان له اصبعا في كل الامور هنا، حتى
في المستشفى كما لاحظت، الكل يعامله كشخص مهم، كاحد منفذي اراده الالهه “.
وضحك تشارلز، ثم توقف كانما الضحك الم اضلاعه، ونظرت اليخ كارن بقلق، ربما عليها ان
تتركه؟ لابد انه تعب.
” هل حاول مضايقتك؟ “.
” لقد حاول! “.
لم تكن تستطيع ان تقول له ما تشعر به تجاه روك، والمها هذا لانها شعرت
انها تخدعه. وهذا شيء لم تفعله من قبل! في الماضي كانت تقول له فورا عندما
يحاول اي رجل العبث معها. ولكن لسبب ما لم ترغب في اخباره عن روك.
” ولكنه فشل . . اليس كذلك؟ “.
” لنقل انني لا اهتم به “.
واشار الجرس الى نهايه ساعه الزيارة. ووقفت كارن وودعته مرتاحه لانتهاء المحادثة.
” ساراك غدا . . لا استطيع ان اطلب من والدي احضاري الى هنا مره
اخرى اليوم، والسياره المصدومه لا تزال في التصليح “.
” يا الهي . . . لم افكر في فاتوره الكراج؟ كم ستكلف؟ “.
” لا تقلق ستدفع شركه التامين، لقد تدبرت كل شيء “.
وهذا شيء اخر لم ترد ان يعرفه، لان روك هو الذي دبر كل شيء حول
السيارة. وكانت تعتقد ان شركه التامين تغطي كل الحوادث، ولكنها ستتاكد في الغد من هذا.
وسالته ثانيه ” هل احضر لك شيئا؟ “.
” مجله رياضية، اي شيء خفيف للقراءة. لا تجلبي فاكهه يا حبيبتي فانا ممنوع من
الاكل “.
ووجدت والدها ينتظر بسيارته في موقف المستشفىز وسالها وهما ينطلقان ” كيف حاله؟ متى سالتقي
به؟ “.
“انه افضل كثيرا. . . ولما لا تاتي معي وتقابله غدا؟ ستحبه! “.
وهذا ما حصل بالطبع. فمن السهل الاعجاب بتشارلز وهو مصمم طبعا على كسب محبه والدها.
لذا فقد تصادقا فورا، وسرا جدا باكتشاف سهوله صداقتهما لبعض.
” عندما تخرج من المستشفى يجب ان تاتي وتبقى معي لفترة. وسابذل جهدي حتى لا
تضجر، ليست مزرعه الغنم افضل مكان في العالم. . . ولكن. . .”.
” لقد احببت على الدوام ان اعيش في مزرعه “ز
وكان هذا الكلام المناسب لقوله لوالدها، فقد سر جدا وشعر بالسعاده واخذ يروي لتشارلز كل
شيء عن المزرعة.
خلال عده ايام لم تعد كارن تشاهد روك، وشعرت بالراحة، وتمنت ان يبقى الامر هكذا
الى ان تغادر هي وتشارلز يوركشاير. ولكن، وهذا امر طبيعي، على روك ان يعمل قريبا
من والدها، مثل بقيه المستاجرين، في اعمال معينة، تصليح الجدران القديمه التي تفصل بين المزارع
مثلا، او عندما يحتاجون لاستعاره الات لا يستطيعون شراءها بينما يملكها روك.
وذلك الصباح كان جورج كارداس يتوقع قدوم روك في اي يوم لمناقشه عمليه صيد الارانب.
وصاحت كارن:
” اوه. . . ياللارانب المسكينة! “.
وانطلق والدها بانفعال يخبرها عن الارانب وتصرفها المؤذي، وكيف تاكل براعم الزرع، فقد اكلت الارانب
خضراواته في الربيع وعبثت بالقمح، وسرد لها لائحه بالاسباب التي يكره المزارعون لاجلها الارانب. ولكن
كارن اصرت على حبها لها ” الارانب الجميله ” . . ” انها كالوباء! ”
وجعلها هذا تضحك وقالت متحديه والدها
” حسنا . . . اتمنى الا تصطاد اي واحده منها “.
في الواقع لم يظهر روك في المزرعه ليومين متتالين، وعندما اتى لم يكن ذلك لاجل
صيد الارانب، ولم يكن جورد كارداس في المنزل. كان في مكان ما من المزرعه برفقه
الطبيب البيطري المحلي ليتفحص بعض الخراف.
وكانت كارن في المطبخ، تحضر وجبه المساء ولم تعلم بوصول روك. ولكنه ايضا لم يدق
الباب، مما جعلها تجفل، واحمر وجهها واستدارت وفمها مزموم بعنف:
” اوه. . . هذا انت! “.
وتصبت تحت وطاه نظرته المتفحصة، واشتدت يدها على قبضه السكين التي كانت تمسكها فرفع حاجبه
وقال ساخرا:
” وهل تنوين استخدام هذه؟ “.
” كنت اقطع البقدونس، والدي خرج مع البيطري ليتفحص القطيع. ولا اعلم متى سيرجع، ساقول
له انك اتيت “.
وادارت له ظهرها وعادت الى عملها. ولكنه لم يغادر، وبقى حيث هو، وسالها:
” كيف حال الخطيب؟ “.
واخت تقطع البقدونس بغضب:
” بخير. . . شكرا “.
لم تكن تريد ان تتحدث عن تشارلز، ولم تحب لهجه صوته التي يستخدمها دوما.
” ” لقد قالت لي العصفوره انه سيتمكن من مغادره المستشفى ابكر مما كنا نعتقد.
ان صحته تتحسن بسرعه “.
” نامل بهذا “.
كان عليها ان تتوقف عن التقطيع، فامامها جبل صغير من البقدونس الان، وماذا ستفعل بكل
هذا؟ لقد كانت تريد تقطيع القليل منه من اجل الطبخ، ولكن جوش شل تفكيرها. من
يعني بالعصفورة؟ هل اتصل بالمستشفى؟ ام ان والدها اخبره؟ ولكن لديه اتصالات كثيره في المستشفى.
فعائله ميلمان موجوده هنا منذ العصور الوسطى والجميع يعرفهم ويعرفون الجميع.
” هل ستسافران فورا. ام تبقيان هنا لفترة؟ “.
ووضعت السكين من يدها، واخذت تنظر الى نتيجه عملها، غير راضية:
” لم نقرر بعد “.
” لم تذهبي لرؤيه والدتي، كانت تامل ان تزوريها، لقد طلبت ان اقول لك هذا
“.
” اسفة، كنت مشغوله “.
واخذت تضع كومه اليقدونس الاخضر في وعاء بلاستيك. ووضعت الوعاء في البراد وصفقت باب البراد.
” اتعنين انك لا تريدين رؤيتها؟ لا استطيع ان اقول لها هذا، هل استطيع؟ “.
” انا مشغوله كثيرا الان، واخشى انك يجب ان تعذرني! “.
” لا. . . لن اعذرك! “.
وكادت ان تخرج من جلدها للطريقه التي قالها بها. وتراجعت تنظر اليه بانفعال. وتابع قائلا:
” لن ادعك تؤذين مشاعر امي! اذا لم تزوريها ثانيه وانت هنا ستتالم. وستسال والدك
ماذا فعلت لتغضبك “.
وشحب وجه كارن وقالت:
” لا اريد التحدث عن الموضوع “.
” لا ابه البته بما تريدين! “.
وتقدم خطوه نحوها، فتراجعت، وجسدها كله يرتجف.
” انا واثقه انك لا تهتم! وهذه طبيعه كل عائلتك . . . كل ما
تهتمون به هو ما تريدون، ولا تابهون كم من الناس تحطمون في طريقكم! انتم من
نوع الديناصور، ملاكي ارض اقطاعيون، من خارج هذا العصر لا تزالون تظنون ان العالم يعمل
لكم! “.
فامسك بكتفيها وحدق في عينيها قائلا:
” ملاكي ارض اقطاعيون! عن ماذا تتكلمين بحق الجحيم؟ هذا هراء، وانت تعلمين هذا! “.
” ارفع يديك عني! ولا تظن ان بامكانك التاثير علي! “.
واستخدمت كل قواها لتتخلص من قبضته، ولكنه اطبق اصابعه اكثر، واخذ يهزها بعنف.
” انت تفكرين بعاطفتك يا كارن، لماذا لا تحاولين استخدام عقلك لبعض التغيير؟ لو ان
هناك اي علاقه حب بين والدتي وجورج، فلماذا لم يتزوجا؟ ولماذا السريه حول الامر؟ ليس
هناك شيء يمنعهما. فكلاهما حر، وكلاهما راشد، ولاشيء في الدنيا يمنعها من الزواج! “.
” ربما والدي يخاف من خساره المزرعة، فامك ليست المالكة، بل انت. واذا لم توافق،
يمكن لك ان تسحب عقد الايجار دون سبب “.
وضحك: ” لن افعل شيئا من هذا “.
” هذا ما تقوله الان، ولكن والدي لابد خائف ان يخاطر “.
” اذا كان يهتم بالزرعه الى هذا الحد، فهو اذا لا يهتم بوالدتي! وليس هناك
شيء ثابت، كلام امك فقط ولا يعتمد عليه كثيرا “.
” عند قدومي الى هنا، كان كلام امي كل شيء لدي، ولكنني رايت بعيني “.
” وماذا رايت؟ “.
” الحب “.
وغرز اصابعه في لحمها وقال من بين اسنانه: ” ماذا؟ “.
” وهل تعرف معنى الكلمة؟ “.
” اعرف ماذا يعني الحب. . . لوكن هل تعرفين انت؟ وهل تتعرفين عليه عندما
ترينه؟ ام انك تتخيلين هذا فقط؟ “.
” ولماذا تسالني هذه الاسئلة؟ اسال امك؟ اننا نتحدث عنها “.
” وهل هذا صحيح. . . اواثقه اننا لا نتكلم عنك؟ “.
ولم تكن كارن مستعده لتقبل هذا السؤال فقالت:
” لا تحاول تغيير رالكلام كحجه لهجوم اخر علي! انا لا اقف في محكمه هناز
لقد سالتني لماذا لا احب والدتك، وكنت صادقه معك! “.
” لا اظن انك صادقه حتى مع نفسك! “.
” حسنا. . . اضربني! “.
ونظرت اليه متحدية، وحدقر بها للحظات، ثم جذبها نحوه بعنف واطبق ذراعيه عليها. واحست بنبضات
قلبها تزداد الى سرعه جعلتها تحس بالدوار. كانت ترتجف برده فعل يائسة، وكرهت هذا الشعور،
وكرهته ايضا. يجب عليها ان تتخلص منه، ان توقفه عند حده، والا ستصبح مجنونة، وبدات
تقاومه وجسدها يكافح للخلاص، ولكن مقاومتها لم تحررها، بل حررها صوت، وصيحه دهشة!
” مرحبا؟ ايوجد احد هنا؟ . . . اوه. . .! “.
وادارروك راسه، وقد تورد، وهو يتنفس بصعوبه وتعبير ضبابي فوق عينيه، وهو ينظر حوله.
وهربت كارن من بين يديه واستدارت لتواجه الباب الخلفي. . . بعد ان انفتح.
وكانت كارلا ميلمان تقف هناك، تحدق باستغراب وفمها مفتوح، وعيناها واسعتان كبيرتان، يبدو فيهما الصدمه
والفزع. . .
وتمنت كارن لو ان الارض تنشق لتبتلعها.
الفصل السادس
– اسفة… لقد قرعت الباب ولم يرد علي احد..
– هذا ما قلته عندما دخلت الى هنا, وها انت قد تاخرت ربع
ساعة! لقد كدت اتجمد من البرد, وسئمت, فهل تستطيع ان تسرع؟
وابتسمت كارلا لهما ابتسامه ماكرة” مهما كنتما تفعلان,
باستطاعتكما تاجيله. الا يمكن ذلك؟”قالت هذا بلهجه جعلت موجة
جديده من الدماء تصعد الى وجه كارن, ثم اختفت كارنب يعود الى
حجره.وصفقت الباب وراءها وبقي روك يحدق الى حيث كانت
شقيقته تقف. وتفوه بكلمات من بين اسنانه كانت كارن عيده لعدم
سماعها…وقالت وهي تتاوه” وجهها….”.
– لا تهتمي بكارلا..الا تتذكرين فتره مراهقتك؟ ليس هناك اي
شخص يميل الى الانتقاد اكثر من المراهقين!
– لقد كان الامر محرجا جدا!
– اوه … بحق الماء لا تجعلي للامر اهميه . بالطريقه التي
تتصرفين بها اي انسان سيظن ان كارلا ضبطتنا بوضع مشين!
– ماذا لو انها ظنت؟…اعني, قد تظن.. وماذا لو اخبرت
احدا…
– لو انك توضحين ما تقولين لفهمت عليك!
فردت عليه بصوت حاد “ماذا لو اخبرت كارلا احدا بما رات؟”.
– لن تخبر احد!
– وكيف تكون واثقا لهذا الحد؟
– اعرف اختي, وعلى كل ساتحدث معها واتاكد من عدم قولها
شيء.
– اليس من الافضل ان تذهب؟ كارلا لا تزال منتظرة, والسماء
وحدها تعلم ماذا تفكر بانه يحدث هنا! اوضح لها ان لي هناك شيء
بيني وبينك!.
– بعدما راته؟
– قل لها انك هاجمتني, وهذا لا يعني شيئا.
– عندما اهاجم امراة, هذا يعني شيئا.. يعني انني اهواها!
وعضت على شفتها. اذا فهو يهواها..فقالت متوسلة:
– حسنا..ارجوك قل لشقيقتك ان تنسى ما شاهدته!
– قد افعل ..وقد لا افعل! اذا اردت مني معروفا.. يجب ان
تعديني برده..
– وماذا تريد؟
-اريدك ان تعديني بزياره والدتي, وان تتصادقي معها.
– وهل ستجعل كارلا تعتقد انها اخطات بما راته؟ واننا كنا نتشاجر
وليس.. قل لها ان الامر لم يكن… ما تخيلته…
– سابذل جهدي, ساكذب على كارلا اذا اصبحت لطيفه مع امي؟ هل
اتفقنا؟
– لن تكذب على كارلا… هذه هي الحقيقة!
– حسنا… اتفقنا.
– ومتى ستزورينها؟
– لست ادري..في وقت ما غدا.. هل هذا جيد؟
– تعالي في وقت تناول الشاي.
-اوه… حسنا! والان هل تذهب وتتركني بسلام؟
– لك طبع مشتعل.
– هذا صحيح, وانت تدفعني لاقصى الحدود يا سيد ميلمان!
اخرج من هنا ! اتسمح؟
وعادت كارن لاكمال تحضير العشاء, وعندما انتهت, صعدت الى
غرفتها لتاخذ حماما وتغير ثيابها قبل ان يرجع والدها. كانت تتمتع
برؤيةوجهه وهو يشرق عندما يدخل المنزل ليراها تنتظره والموسيقى
تعلو من الستيريو, والزهور في اوانيها, ورائحه الطعام اللذيذ تملا
الهواء.
لقد مضىوقت طويل منذ حرم جوج كارداس من الحياة
العائلية, وكان يتمتع برفقه ابنته, وكارن بدورها كانت تتمتع بوجودها
معه. عندما وصلت شعرت بالبروده في الطابق العلوي المخصص
للنوم, وبوحشه الغرف غير المسكونة, واصبحت مصممه ان تقلب
بروده هذا المنزل الى جو بيت حقيقي مادامت فيه.
ووصل والدها الى المنزل متاخرا, وهو متورد الوجه من اثر الريح
في البراري . واعتذر قائلا “اسف ياحبي.. لقد تجولنا اكثر مما كنا
ننوي في الاراضي, وتوقفناعند شارلي رودوك, لتناول القهوة
والحديث”…
– ولماذا تاخرتم؟
– حسنا ربما استغرقنا في الحديث, وعندما راينا ان الوقت قد تاخر
اوصلنا شارلي بسيارته,امل ان لا يكون العشاء قد احترق!
وردت عليه وهي تتظاهر بالانزعاج ” تقريبا” ثم ابتسمت.
– ولكن لا تهتم..اذهب واغتسل واخلع ثيابك الموحلة.
كانت رائحه لحم الغنم والتوابل والاعشاب تملا المطبخ, عندما
عاد جورج , وتنشق الرائحه بقبول قائلا:
– هاي …ان الرائحه لذيذه يافتاة! وتبدو عظيمه ايضا! واحب
البطاطا المطبوخة. وماذا هناك في هذا الوعاء؟
– انه لبن رائب مع الثوم.
– اوه…صحيح؟ وهل الثوم من حديقتنا؟ والبقدونس ايضا!
اتعرفين ان امك هي التي هيات الحديقه لزراعه الخضار منذ
سنوات, لقد لاحقتني لاشهر لاحضر لها قطعه الارض كحديقة, ثم
بذرت البذور, ولم ادري الا والخضار قد نمت من كل الانواع,
ولكنها لم تهتم بها بعدها, وحافظت عليها بعد ان ذهبت.
– حسنا اتمنى ان يعجبك طعامي!
واخذت الوعاء من منتصف الطاوله وسكبت اللحم.
– روك مليمان كان هنا.
– هل كان يبحث عني؟ هل قلت له اين كنت؟
-اجل, لقد كان مستعجلا, وكانت معه اخته, وطلب مني زيارة
منزلهم ثانيه في الغد.
– وهل ستذهبين؟
-اجل لقد دعاني لتناول الشاي… وهل ستاتي انت؟
وتردد جورج قليلا, ثم هز راسه وقال:
– لا.. اذهبي لوحدك هذه المره يا فتاة.
وتناول اول لقمه من الطعام , واغمض عينيه يتمتع برائحه الطعام
ونكهته وراقبته كارن بسرور, وتناول المزيد, ثم ابتم لها وقال:
– اين تعلمت الطبخ هكذا؟
– لقد كنت اسكن في شقه لوحدي في سيدني, وكان علي ان
اتعلم الطبخ او اموت جوعا. وهكذا تعلمت الطبخ الجيد لنفسي.
– نفس الشيء حدث معي, ولكنني لست طموحا مثلك. واكل في
الخارج من وقت الى وقت.
في الصباح التالي زارت تشارلز, ووجدته جالسا في مقعد الى
جانب السرير يقرا قصة. واخبرته انها اتصلت بوالديه. وكانا مسرورين
وارسلا له معها رسائل حب. واخذ يتمع اليها ويبتسم.
ولم تخبره بانها ستتناول الشاي عند ال ميلمان, فقد نسيت ولكنها
شعرت بالراحه لعدم ذكر الامر, لانه كان سيسالها عن روك ميلمان,
ولن تعرف ماذا ستقول عنه. الطريقه التي تفكر بها بروك كانت
تزعجها, مع انها تكرهه, وتكره كل شيء فيه من نظراته المربكه الى
تكبره, الى تصرفاته الاقطاعيه نحو كل من يقع تحت سلطته.
روك كان متكلفا وزائفا.وهو يتودد اليها وكانه واثق من نفسه.
ويجب عليها ان لا تدعه يتصرف معها هكذا مره اخرى.
ورافقت والدها لتناول الغداء قرب المستشفى, في مطعم صغير
جميل له ستائرومفارش بيضاء وحمراء متقاطعة. وبعد الغداء تناولا
القهوة.
كان والدها طوال الوقت يحني راسه بالتحيه لعده زبائن كانوا
يتطلعون الى طاولتهما. وقال جورج برضى, وهو يغمز لها:
– انهم يتساءلون من اين حصلت على هذه الفتاه الجميله في
عمري هذا.
لابد انهم يعرفون انها ابنته, وقد بدات تتعرف على هؤلاء الناس!
الاشاعه هنا تسافر بسرعه الضوء. ما ان يهمس بسر في احد اطراف
الوادي عند الافطار, حتى يصل الى الطرف الاخر عند الغداء.
هل الكل هنا يعرف عن والدها وبيتي ميلمان؟ او على الاقل
يتكهنون هذا. واذا لم يعرفوا فكيف استطاعا ان يخفيا علاقتهما سرا
طول العديد من السنوات؟ ام ان الجميع ياخذون علاقتهما كامر مسلم
به بعد هذه المده الطويلة؟ وهل جعل الزمن من هذه العلاقه مقبولة؟
واوصلها والدها, الى بعد ميل من قصر ميلمان,كان يريد
ايصالها الى قرب المنزل, ولكن الوقت كان باكرا, واحبت ان تتمشى
قليلا لتصل في الوقت المحدد.
ونظر والدها الى الغيوم الكثيفه في الماء وقال ” تبدو الماء
مكفهرة” وردت عليه بيقين” لن تمطر قبل ان اصل الى هناك”.
– ربما ..اتصلي بي و ساتي لاحضارك بعد تناول الشاي.
وادار السياره ثانيه ونظر اليها قائلا ” متعي نفسك” ولكن ما عناه في
الحقيقه ان كوني لطيفه مع السيده ميلمان… فابتسمت له دون ان
تعده, وابتعد. وسارت ببطء. تنظر باعجاب الى الوان الجبال
الخضراء والبنيه التي تلامس السماء.وكانت الغيوم تتجمع, رمادية,
رطبة, واعده بالمطر.
وتوقفت تراقب نعجه تحاول تسلق الجدار, ثم تفشل وتقع. انها
دائما تحاول الهروب نحو الطريق, كما يقول والدها” انها مخلوقات
غبية” كل مره كان يتلقى نبا حادث لها” لااعلم لماذا لا اتخلى عنها
واربيالطيور”.
ولم تنظر في ساعتها الا بعد ان اصبح قصر ميلمان على بعد
نظرها. واستغربت كم استغرقها من الوقت لتسير النصف ميل هذا.
ستتاخر! واسرعت الخطى, واقبلت سياره مسرعه باتجاهها. انها يارة
روك, وتوقف امامها بسرعه ومال ليفتح الباب ” ادخلي”.
– استطيع اكمال الطريق سيرا. يبدو انك مستعجل.
– كنت مستعجلا لابحث عنك! عندما تاخرتي اتصلت بالمنزل وقال
والدك انه اوصلك الى مفترق الطريق..اين كنت؟
– كنت اتمتع بالمناظر.
– ولست مستعجله للوصول؟
– لم الاحظ الوقت!.
=اهكذا تحافظين على وعودك, بالكلمات لا بالروح؟
– وماذا عنك هل وفيت بوعدك؟ هل تكلمت مع اختك؟
– اجل..
– وهل اقنعتها؟
– هل تريدين ان تصعدي؟ فمحرك السياره يعمل وانا اصرف الوقود
سدى. نستطيع الكلام في الطريق.
وصعدت السياره على مضض, واستدار روك على الفور وتوجه
نحو المنزل بسرعه كبيرة. وقال وهو ينظر امامه:
– لقد كانت كارلا بمزاج سيء عندما تكلمت معها.
– يبدو ان هذا مزاجها العادي. وانا غير مندهشة, ولكن هل
صدقتك؟
– بصراحة…لا.
– وماذا قلت لها؟
– قلت لها ما اردتني ان اقول … عده اكاذيب!
– اوه..حسنا..انت لم تحاول ان تكون مقنعا حتى…
وضغط روك على مكابح السياره بقوة, حتى انها كادت تصطدم
بالزجاج الامامي, وعندما استعادت انفاسها التفتت اليه لتصب عليه
جام غضبها:
– ايها المهووس! لقد اخفتني حتى الموت! الا يكفيك حادث
سياره واحد؟
– الان انظري الي.. لقد حافظت على وعدي وتكلمت مع اختي,
وقلت لها كل ما طلبت مني ان اقول.وهل استطيع منعها اذا لم
تصدق؟
كانت كارن تشعر بان الخطا خطاه بطريقه ما, مع انها لا تستطيع
اثبات هذا” وماذا قلت لها بالضبط؟”… ” لم اقل الكثير”.
– لابد انها قالت شيئا؟
– لقد ضحكت.
– ضحكت؟
وهز راسه” ضحكت في وجهي!”.
انها انباء يئة, ولم تعجب كارن, اذا كانت كارلا قد ضحكت في
وجه اخيها, فهذا يعني انها لم تصدق كلمه مما قاله.
وضحك روك, ضحك عاليا, وهو يعود لقياده السياره نحو المنزل,
وجلست كارن الى جانبه ترتجف من الغضب.
عندما خرجت من السياره , ظهرت اليده ميلمان عند السلم,
ووجهها قلق” وجدك روك!..هذا جيد.. لقد قلقنا عليك! هل
ضعتي؟”
-انا اسفة, كنت اسير على الطريق, المناظر جميله جدا….
وابتسمت لها السيده ميلمان ابتسامه مشرقة,وهزت راسها.
– طالما ضعت وانا اير في الطريق, اتمتع بمنظر التلال.
وسحبت كارن الى المنزل , وهي تتحدث عن مواقع الجمال
المفضله لديها وابتسمت لها وهي تقول”انا سعيده جدا بقدومك,
كارلا خرجت وروك ذاهب الى القريه ليشتري شيئا, لذا سنكون
لوحدنا, اتمنى ان لاتضجري!”.
وارتاحت كارن بعمق لان روك لن يكون موجودا, وقالت”بالطبع
لن اضجر!” وتبعتالسيده ميلمان الى الغرفة, حيث سالتها السيدة
ميلمان:
– كيف حال خطيبك؟
واومات لها لتجلس الى مقعد مريح قرب الطاولة, التي وضع فوقها
الشاي وسندويشات خفيفة, وبعض الحلوى, والبسكويت المنزلي.
انه افضل بكثير, شكرا, امل ان يخرج من المتشفى بعد
اسبوع.
ووجدت كارن ان التحدث مع السيده ميلمان ممتع اكثر مما
توقعت, لانهما وحيدتان, وليس عليها ان تتذكر دائما اسباب كرهها
لها, غياب روك جعلها تشعر بالراحه بشكل غريب. واجابتها بيتي
ميلمان:
-اوه..هذا جيد… من دواعي الاسف ان تحصل حادثه عند
تمضيه عطلة, وبعد قطع كل هذه المسافة! لابد ان الرحله كلفتكما
كثيرا.
– لقد افرنا بالدرجه الاقتصادية. كلانا لا يملك الكثير من
المال…
وتحدثت السيده ميلمان لعده دقائق, حول العطل , ثم نهضت قائلة
” ساحضر الشاي… اعذريني للحظة”.
وتجولت كارن في الغرفه حتى وصلت الى حقيبه مليئه بالكتب,
كان فيها عده كتب مهمه ومختلفة, فالتقطت احدها, عندها دخلت
السيده ميلمان ومعها صينية, عليها ابريق شاي, وعاء سكر من
الصيني المرسوم بالزهور, وفناجين من نف الطقم.
والتفتت كارن بسرعه وفي يدها كتاب, وظهر على وجهها
الاعتذار:
– اسفة.. لم استطع مقاومه الفضول…
– ابدا…لا تهتمي… انا مثلك تماما… عندما ارى الكتب في اي
منزل لا استطيع سوى ان انظر فيها.انها تشير الى شخصيات البشر.
تستطيعين معرفه الكثير عن شخص ما مما يقراه. اليس كذلك؟.
وصبت الشاي, وجلست كارن ثانية, واخذت منها فنجان الشاي
وقطعه سندويش صغيرة. وسالتها وهي تتناول بعض مربى الفريز ” هل
صنعت هذا بنفسك؟”.
-اجل صنعتها بنفسي فانا احب الطبخ, صنعتها من الفريز الخاص
عندنا.
– لقد شاهدت عده كتب طبخ لديك. ويظهر انك تحبين الروايات
الرومانسيه.
– هل تحبينها انت؟
-اجل احبها كثير…ماذا تفضلين منها” جين ايير”او مرتفعات
ويذرنغ”؟
-اوه ..ياللسماء ماهذا السؤال..حسنا…
واكملت حديثها, وتناولت كارن قطعه حلوى بالشوكولا, وتحدثتا
بحريه وراحه بعد هذا, حول مواضيع عادية, لا تتطرق الى مواضيع
حساسة, الحديث عن الكتب كان السهل من بين ما تفضلان.ولم
تذكرا ابدا جورج كارداس ولا روك.
ودخل جوش بعد ساعة, والتفتتا اليه وهما تضحكان, وتوقفت
كارن عن الضحك عندما شاهدته.
– لقد عدت باكرا, هل اشتريت الادوات التي تحتاجها؟
– البعض منها..
ونظر غلى كارن مستغربا تعبيرها البارد. وكرهت كارن هذا الصوت
الناعم, والسخريه التي يحملها. فنظرت غلى ساعتها ثم وقفت:
– يجب ان اذهب..شكرا لك على الشاي سيده ميلمان!
– ناديني بيتي يا كارن, وشكرا لقدومك, لقد جعلت بعد الظهر
هذا سعيدا لي.. يجب ان نتحدث عن مؤلفينا المفضلين ثانية.
– ساوصلك انا…
– افضل السير, شكرا. احتاج الى تمرين.. ساراك ثانيه يا
سيدة..بيتي!
ونظرت السيده ميلمان بقلق الى السماء ” لقد حل الظلام, ويبدو
انها ستمطر” وقال روك ” ساوصلها” ولكن كارن بدات السير نحو
الطريق , وقد تملكها الغضب لطريقه تحثه عنها وكانها طفله وبحاجة
الى حمايه هذا المهووس الاقطاعي.لقد شاهدت طريقه القاءه الاوامر
على اخته, وحاول ان يفعل الشيء نفسه معها عده مرات حتى الان.
ولن تتحمل منه هذا.
وقال لها وهو يمر بسرعه بسيارته من امامها ” افعلي ما تشائين!”.
وراقبت اضواء سيارته الخلفيه تختفي في الظلمه وشعرت بالغباء.
فالطريق طويل الى المزرعه , وكان اكثر تعقلا لو انها قبلت ان
يوصلها, ولكنها قطعت عهدا على نفسها ان تتجنبه, وسوف تحافظ
على هذا الوعد.
وما ان سارت عشر دقائق حتى انهمر المطر. بدا بقطرات صغيرة,
ثم انهمر بقوة, مغرقا اياها, محولا شعرها الاحمر الى اسود, والتصق
بشعرها وكانه قبعة, وتبللت ملابسها وبدا الماء يدخل الى قدميها عبر
حذائها.
لم يكن هناك مكان تلتجىء اليه, وكان عليها ان تستمر بالسير
واحنت وجهها من الريح والمطر, وهي تصلي حتى يعود روك اليها.
لابد انه يعرف انها على وشك الغرق, تقاوم ريحا تهب في وجهها
مباشرة…. فهل سيعود لانقاذها؟
وشاهدت امامها انوار سياره قادمة, فتنهدت بارتياح عندما خففت
سيرها, ونظرت الى داخلها, ونظرت الى داخلها, ولم يكن روك بل غريب اضخم منه
واقصر” انها ليله سيئه للتمشي, هل ترغبين بايصالك؟”.
وترددت كارن محاوله التعرف عليه وبدا عليه انه طيب فقالت
” شكرا” على كل كانت مبلله ومرهقه بعد هذه المعركه مع الطقس…
وركبت معه, وتابع سيره وهو يسال” اين اوصلك؟” وعندما قالت له,
نظر اليها بسرعه وقال”اه.. انت ابنه جورج كارداس! اليس كذلك؟
لقد سمعت انك عدت.اراهن ان ليس هناك عواصف كهذه في
استراليا!”.
وضحكت , فالطقس في استراليا اسوا بكثير من هذا الطقس, في
الواقع, وشعرت بالراحه لانه يعرف والدها, على الاقل لم تركب مع
غريب. وسالته عن اسمه واين يسكن, وما ان انتهى من كلامه حتى
وصلا الى الطريق الموصله الى المنزل , وكانت سياره تخرج من
مدخل الطريق… فقال لها الرجل:
– لابد ان جورج قد خرج يفتش عنك.
– لا.. انه روك ميلمان.
وخرج روك من سيارته وفتح الباب بجانبها وقال:
– لقد كنت قادما لاحضرك.. شكرا بوب… لطف منك ان وقفت
لها…
وامسك بيدها وركض غلى سيارته وادخلها بقسوة, واغلق الباب ثم
جلس في مقعده الى جانبها. واستدار لينظر اليها, وقد بدا الغضب
على وجهه.
– هل قابلتيه من قبل؟
– لا..انستطيع ان نذهب الان, لقد ملات فرش السياره بالماء.
– وهل دخلت سياره غريب وتركتيه ياتي بك الى هنا؟
– لقد كنت مبللة, وما زلت, واحب ان اذهب الى المنزل لاغير
ملابسي.ارجوك..
– لقد رفضت عرض لتوصيلك, ثم ركبت سياره غريب؟
هل تجد صعوبه في فهم ما هو واضح؟
-انت اكثر فتاه غبية, والالكثر اثاره للغضب صادفتها في حياتي!…
وهزها الغضب ولم ترغب في ان يقول عنها هكذا, فصرخت به.
– لاتصرخ بي! الناس يروون لي عن ذلك المخلوق الخرافي الذي
يسمونه ابله يوركشاير, اعتقد انه انت؟ حسنا لقد اكتفيت من غهاناتك
وملاحظاتك الشخصيه حولي, لذا اما ان تاخذني الى البيت فورا او
فساخرج تحت المطر ثانية, افضل العوده سباحه على الجلوس معك
وانت تهينني…
-اميل الى تركك تسيرين ايضا!
وامسكت كارن مقبض الباب, بالرغم من انها خافت من الخروج
ثانيه تحت هذا المطر الكثيف. فقال:
– ولكنني تركتك تسيرين تحت المطر من قبل, ثم وجدن نفسي
اعود لابحث عنك… لذا فمن الفضل ان اوصلك الى البيت.
واستدار بالسياره بعنف, حتى انها مالت نحوه, والتصقت به.
وشعرت بالتوتر وهي تعود الى جلستها, متجنبه نظرته الغضبى.
وقاد روك السياره الى المزرعه بسرعه هائله , واوقف السياره بنفس
السرعه التي كان يقود بها, واستدار ليواجهها, وعيناه مخيفتان
وشديدتا السواد, فهمست برعب” لا تفعل!” وارتجفت بعجز. لم تكن
في حياتها خائفه هكذا, واخذ روك ينظر الى وجهها,ثم استدار
ووضع كلتا يديه على المقود, وجسده متصلب من التوتر.
وخرجت كارن من السياره واسرعت هاربه وكانما يلاحقها عدو
قاتل…
****************
عمرى الذى ضيعته
خلال الاسبوع الذى تلا , مر الوقت بسرعه و انتهى تصليح السياره , و استعادتها
كارن , لذا فقد استطاعت ان تذهب بمفردها الى المستشفى كل يوم لرؤيه تشارلز و
لكن لما تبقى من النهار , لم يكن لديها ما تفعله , و حاولت ان
تشغل نفسها , واخذت تخرج مع والدها و هو يعمل قرب المنزل , لتراقبه و
تساعده فيما تستطيع عمله . عندما لم تكن تستطيع الذهاب معه كانت تعمل فى المنزل
, تطبخ او تحفظ بعض فاكهه الخريف فى البرطمانات كالبرقوق والتفاح البرى و الاجاص.
ولم تشاهد روك طوال الاسبوع ولكن بيتى ميلمان ,اتت لزيارتها فى احد الايام وجلبت لها
بعض العنب الذى ينمو فى الداخل فى قصرميلمان . وقالت ان هذا النوع من العنب
ينمو داخل الاسوار فى بيوت زجاجيه وان زوجها زرعه عندما تزوجا.
و استطاعت كارن ان تلاحظ وجه والدها عندما وصلت بيتى , فقد اضاءت عيناه ,
و انثنى فمه بحنان جعلها تصبح واثقه انه يحب بيتى
وراقبت بيتى تتحدث اليه , ولكنها لم تكن واثقه من مشاعرها , ربما العطف….اجل كان
ظاهرا , ولكن هل هناك اكثر من هذا؟
وسالتها “هل عادت ابنتك الى الكلية؟”
وهزت بيتى راسها وهى تتنهد “ليس بعد” يمكنها ان تكون صعبه المراس وسالها جورج “هل
لاتزال تتشاجر مع روك ” وابتسمت له بيتى ابتسامه قلقه “اجل …هذا ما يحصل ”
فقال لها ثانيه “يجب ان يكون روك اكثر تفهما !”وضحكت كارن وقالت “هل يطير الفيل
؟ ”
ونظرت اليها بيتى نظره ذهول و بدا والدها مصدوما” كارن؟ ”
انا اسفه ولكن هذا صحيح توقع تفهم روك سيكون مثل الطلب من الفيل ان يطير
..انه لايفهم النساء , ولن يفهمهن ابدا لا تظنى به هكذا؟
حسنا لا اتوقع ان توافقى على رايى , فانت امه . ولكن لايدهشنى ان يحاول
اثاره اخته , ومضايقتها حتى تتشاجر معه طوال النهار لو كنت مكانها لفعلت نفس الشئ.
وسالتها امه ” وهل تتشاجرين معه كثيرا “واحمر وجه كارن و ابعدت عينيها المضطربتان عن
نظره بيتى ميلمان المتسائله .
عندما يحاول معاملتى بشراسه . اجل ! ربما لانى تربيت فى بلداخر , له عاداته
و تصرفاته المختلفه , ولكننى لا اطيق رجلا يعطينى الاوامر .
اوه يا عزيزتى,استطيع ان الاحظ ان روك عاملك معامله سيئة.. و عندما غادرت قال لها
والدها بطريقه عفويه : انا سعيد لانك وبيتى تحسنت علاقتكما . كنت واثقا انك ستحبينها
عندما تعرفينها جيدا
وابتسمت كارن ,والعطف فى عينيها .لقد تاكدت تقريبا ان بيتى لا تبادله هذا الشعور.
فعاطفتها نحوه اخويه . ربما كانت معجبه به , و لكن لا تحبها بدا.
والدتها كانت مخطئه , او نصف مخطئه ! و قالت ” ا حببت بيتى كثيرا
” وتهلل وجه ابيها بالسعاده .
هذا جيد….وربما يوما ما سيعجبك روك ….ايضا!
كان من المتوقع ان يخرج تشارلز من المستشفى قريبا . و فى اليوم التالى بقيت
كارن قريبه من الهاتف فى حال اتصلوا بها لتخرج تشارلز .
وكان الطبيب الاخصائى سيزوره ذلك الصباح . و قالت لها مسؤؤله القسم انه قد يقرر
ان يترك تشارلز يعود الى المنزل
كانت تشعر بتوتر غريب وهى تنتظر الهاتف ان يرن . فمن ناحيه كانت تنتظر تشارلز
لينضم اليها ليكملا عطلتهما و من ثم حياتهما معا.
ومن ناحيه اخرى ستشتاق لابيها كثيرا لقد احبت المزرعه و الارض التى تطل عليها كل
صباح عندما تستيقظ , و شعرت بالقلق لاضطرارها لمغادره هذا المكان مع تشارلز . من
الجنون القول انه يبدو لها الان كالغريب , و لكن شيئاما حصل لهما معا منذ
المحادثه , و الفتره التى قضاها فى المستشفى قد ابعدتهما عن بعض بطريقه ما .لقد
عاش تشارلز تجربه لم تشاركه فيها , و فى نفس الوقت كانت هى تستعيد طفولتها
التى لا يعرفها ,
وتعيد اكتشاف والدها . و تدرك انها تنتمى الى هذا المكان . و اكتشفت الكثير
عن نفسها ايضا . لقد اصبح بينهما نوع من الحاجز لا تعرف معناه .هما لا
يزالان يحبان بعضهما
كما كان الحال دوما . و لا تستطيع تخيل الزواج من شخص اخر غيره ,
و لطالما قال اصدقاءهما ان هذا الزواج من صنع السماء , قدرهما !
وصنعت لنفسها بعض القهوه , ما عليها سوى الانتظار ! بعد ربع ساعه كانت تغسل
فنجان القهوه , عندما دخل روك الى المطبخ و نظرت كارن من فوق كتفها ,
و لاحظت ان مزاجه اليوم سيئ لدرجه انه لم يهتم بمظهره . و لم تستطع
ان تتجنبه فهزت راسها محييه و اجابها روك بهز راسه ايضا و قالت له :
ابى ذهب الى لارك ميدو اذاكنت تريده
لقد اتيت لرؤيتك و اخذت تجفف يديها و تحاول ان تظهر بانها مشغولة
انا اسفه مشغوله جدا و ليس عندى وقت للحديث . ساكون مضطره فى ايه لحظه
للذهاب الى المستشفى لاحضار تشارلز . لا لست ذاهبه ! وجعلها صوته الجاف تتراجع ,
و رمت المنشفه من يدها , و حدقتيه و قالت : مهما كنت ستقول ,
يجب ان تنتظر . سيتصلوا بى فى اى لحظه الان . وعندها ساذهب الى المستشفى
لقد غادر خطيبك المستشفى .
وتطلعت اليه دون ان تفهم ” ماذا قلت ؟ ” لقد غادر المستشفى منذ ساعتين
و نظرت كارن الى الباب , و كانها تتوقع ان يدخل تشارلز منه . لا
…انه ليس هنا !
اين هو اذا ؟ …ماذا حدث ؟ لماذا غادر المستشفى دون اعلامى ؟
لااعرف اين هو. ولكننى ساجده و عندما افعل ساكسر عنقه !العنف فى كلماته , جعل
كارن تبتعد عنه مذعوره و بدا فى عينيها الرعب ” عن ماذا تتحدث ؟ ”
لقد هرب و اخذ معه شقيقتى ! و جمدت فى مكانها , و اتسعت عيناها
و همست : هرب ؟ تشارلز ؟ و لكن اين ذهب ؟ لا افهم عن
ماذا تتحدث ؟ و ما دخل شقيقتك بتشارلز؟
لقد قلت لك لقد هربا معا كارلا وذلك الوغد
لا اصدقك !
و لكنها بدات تشعر بالبرد و فقد وجهها كل لونه , واظلمت عيناها من الخوف
وتنهد روك من الغضب : اتمنى ان لا يكون الامر حقيقيا ايضا ! الله يعلم
! و لكنها الحقيقة
لقد علمت بالصدفه . لقد جرح الراعى عندى يده و ارسلته الى المستشفى و عندما
عاد ذهبت الى منزله لازوره , و ذكر انه شاهد كارلا تقود السياره خارجه من
المستشفى . و هذا ما ازعجنى , لانها لم تذكر انها الى ذاهبه الى هناك
و لكنك قلت انها ذهبت مع تشارلز !
لقد فعلت .. و لكن كيف عرف الراعى هذا ؟ انه لا يعرف تشارلز!
لم يعرف الرجل الذى كان معها , كل ما عرفه ان رجلا كان معها .
و لكن زوجته رات كارلا و هى تخرج معه من القسم
و لكن لماذا تصورت انه تشارلز ؟
لقد اتصلت بالمستشفى ! و قالوا لى انه قد غادر مع كارلا و تطلعت اليه
و معدتها تتقلص و سمعت صوت الماء ينقط من الحنفيه و فى الخارج سمعت صوت
طير يغنى و لكنها شعرت وكانها مسامير تغرز فى لحمها . وقالت بصوت رفيع جاف
عبر شفتيها الشاحبتين المرتعدتين : اذا ستاتى به الى هنا !
وراقبها روك وهو يهز راسه , و لمحت نظره شفقه فى عينيه وجعلها هذا تتوتر
اكثر وصرخت بياس :
يجب عليها ان تفعل هذا ..سيحضران عما قريب .انت مجنون كى تظن هذا .
لقد اتصلت بمدير المستشفى , وسالته عن كارلا فقال لى انها اخذت خطيبك وذهبت ,
وبدا له الامر طبيعيا لانه يعرفنا ويعرف والدك .
و لماذا لا تذهب ؟ ربما كانت تزور المستشفى صدفه و علمت ان تشارلز سيخرج
, فاخذته معها .. ربما تزو ر احدا الان , او ربما سارت فى طريق
طويله .دون ان تعلم ان تشارلز يجب ان يرقد فى الفراش فورا …
هذا ممكن ولكنه ليس الحقيقة
وكيف تعرف؟
اخرج روك رساله من جيبه , و تركزت عيناها عليها و وجهها يشحب اكثر وقال:
لقد اعطت كارلا هذه الرساله للممرضه , و اعطونى اياها عندما ذهبت الى المستشفى و
اعطاها الرساله و لكنها لم تاخذها
لا اريد ان اقراها..ماذا تقول فيها ؟
انها ليست موجهه لى , و ليست من كارلا ودفع الرساله اليها فاخذتها وهى ترتجف
,و ادارتها بين يديها
“لقد فتحتها ! ” وقال ببرود ” و قراتها ايضا ! ” كان يجب ان
اعرف ما كتب فيها
وفتحت كارن الرساله ونظرت اليها , و الى الخط المخربش فيها .. كانت فى حاله
يائسه حتى انها لم تفهم كلمه واحده من اصل ثلاثه و لكن كلمه ” انا
اسف ” ترددت فى عقلها مرات ومرات .
تقول انهما يحبان بعضهما ..
اعلم ! تذكرى اننى قراتها و انهما سيتزوجان فورا
ثم بدات تضحك بمراره و سخريه ” لقد كنا مخطوبين لاكثر من سنه ! و
لاسباب مختلفه اجلنا الزواج و كنا سعداء لهذا الانتظار , فامامنا العمر كله و لكنه
يريد الزواج منها فورا ! ” الا اذا استطعت منعهما ”
ولكننى لا افهم شيئا بالكاد يعرفان بعضهما ! لقد بقى فى المستشفى منذ وصولنا الى
هنا و كنت ازوره كل يوم , فكيف وقعا فى الحب ؟
و اسود وجه روك بالغضب
لقد كانت تزوره يوميا ايضا. منذ ان اخذت له تلك الزهور . لابد انها احبته
من النظره الاولى .. يا الهى لو اننى عرفت لاسرعت فى ارسالها الى الجامعه قبل
ان تطا قدميها الارض و لكنها تعرف كيف ساشعر عندما اعرف .وقد جاهدت كثيرا فى
اخفاء ما ستفعله . يبدو انهاخططت لهذا الهرب , و قد لا تكون غلطته بل
غلطتها هى . و لكن كيف يستطيع ان يرميك لاجل فتاه فى الثامنه عشر ؟
الله وحده يعلم !
كلمه يرميك جعلت كارن تجفل وازداد شحوبها و اسودت عيناها من الالم.
لابد انه تعرض للاغراء . معظم الرجال هكذا و كارلا جميله , حتى و لو
كانت طفله , لابد ان رميها نفسها عليه قد ادار راسه . ولكن هذا ليس
عذرا لما فعله ,انه اكبر منها بسنوات ويجب ان يكون اكثر وعيا من هذا بكثير
و علا وجه كارن من الاحمرار و هى تفكر.
– اوه .. لقد اهتممت فعلا بان تحصل عليه … اليس كذلك؟
– انها فى عمر سريع التاثر, لانها ترى الاشياء من زاويتها هى.
– لا تلقى اللوم على عمرها .. انها من عائله ميلمان.. و لهذا فعلت ما
فعلت ! انها ابنه امها ..انها نفس الطراز اليس كذلك؟ لقدسرقت امك ابى, مع انها
لا ترغب به حقا ! و لا اعتقد انها المره الاولى التى تجرى فيها شقيقتك
وراء رجل لفتاه اخرى. لقد كان مريضا و لم يعد بعد الى طبيعته و لايعرف
ماذا يفعل. لقد سحرته ليذهب معها.. انها.. ليست غلطه تشارلز. انها غلطتها.
كانت تتحدث بصوت مرتفع , و عيناها محمومتان و جسدها يرتجف , بينما روك يركز
نظره عليها, وقال بقسوه :
– لقد اصبحت هستيرية.. توقفى عن الحديث هكذا !
و لكنها لم تتوقف , و استمرت الكلمات تتدفق منها, و احتارت بنفسها لماذا تشعر
بهذا الغثيان و الغضب. لم تكن تدرى اذا كان هذا الالم لاجل والدها ام لاجل
تشارلز كل ما شعرت به صدى الخيانه القديمه فى اذنيها.
– اعرف الان كيف شعرت امى! عندما اتذكر كم اضجر من سماع قصتها.. و لكننى
لم اكن اعرف!.. لم يكن يجب ان اعود. كم كنت لاننى لم افكر بانها تزوره
طوال الوقت و انها كانت تخطط لسرقته منى, كما سرقت امك ابى…
و صفعها روك على وجهها , فتوقف جنونها فورا , و شهقت. ثم انهمرت دموعها,
و امسكها روك, و لف ذراعيه حولها, و بدات تبكى, و تهتز بالنشيج.
و تركته يحضنها, و دفنت و جههافى صدره , و يده تمسك بمؤخره راسها, و
تتحرك ببطء, و لطف تمسح شعرها, و هو يواسيها , بينما بكت بكل الغضب و
الالم الذى جعلها قريبه من الهستيريا.
و بالتدريج توقفت عن البكاء, ولكنها لم تتحرك, و بقى وجهها مخبا فى صدر روك,
و كافحت لتسيطر على تنفسها, و مدت يدها لتمسح الدموع عن وجهها و تنهدت بحسرة.
و امسكت يده بقبضه من شعرها و ارجع راسها الى الوراء. فصاحت ” لا تفعل
هذا ! انك تؤلمنى ! “.
– الم يحن الوقت بعد لتكونى صادقه مع نفسك.
– لا تتكلم معى عن الصدق. اى انسان من عائلتك لا يجب ان يذكر الصدق
و الشرف لواحد من عائلتى!
– و لكنك لا تحبينه!
– اتركنى!
و اخذت تقاومه, و جمعت يديها و اخذت تضربه. و اضطر الى ترك شعرها, و
لكن ليلف كلا ذراعاه حولها. فصرخت به بغضب:
– انت… انت.. ميلمان… توقف عن لمسى هكذا, انا اكرهك!
– لا.. انت لا تكرهينى.. و لا تحبينه ايضا!
– اتظن اننى لا اعرف ماذا تفعل؟ تريدنى ان اتخلى عن تشارلز دون ان احتج
, فشقيقتك الصغيره تريده. لذا يجب اقناعى باننى لم احبه ابدا. يجب ان تسهل الامور
على كارلا ..اليس كذلك ؟ا نها من عائله مليمان , و ال مليمان يجب دوما
ان يحصلوا على ما يريدون !
– لابد انك كنت معجبه به ,انا اكيد من هذا, ولكن الحب يختلف يا كارن
وانت تعرفين هذا , لذا توقفى عن الكذب على نفسك, حتى و لو اضطررت للكذب
على.
– لا تتحدث معى عن الحب!
– و لماذا لا ؟ لماذا لا يجب ان اتكلم عن الحب يا كارن؟
– لماذا انت خائفه هكذا؟
– كلكم سواء, انت ميلمان , اليس كذلك؟
– عاجلا ام اجلا ستواجهين الحقيقة.
و حاولت التخلص منه, و لم تستطع, فقد ابقتها ذراعاه اسيرة. و لم يكن يؤذيها
, و تمنت لو انه يفعل, سيسهل هذا عليها المقاومه . و لكنها اجبرت نفسها
على مقاومته للتخلص من ذراعيه. و كانت تقاوم لتتحرر من مشاعرها ايضا, فقد كرهت ان
يعرف روك انه هزمها.
و قالت و هى تشد نفسها من راسها الى قدميها.
– اتركنى!.. لا اريدك ان تلمسنى.. انك مثل بقيه عائلتك !
– و بماذا تتهمينى الان؟
– لا تظن انك خدعتنى و لو للحظة, و منذ البداية.. لقد كنت واضحا جدا
! منذ عرفت اننى مخطوبة.. بدات تطاردنى , كما طاردت شقيقتك الصغيره تشارلز.. انكم كلكم
سواء, انتم ميلمان.. فانتم دوما تظنون ان العشب اكثر اخضرارا فى الناحيه الاخرى من الجدار!
انكم دائما تشتهون ما يملكه الاخرون!
– توقفى عن قول هذه السخافات!
– انها ليست سخافات, انها حقيقه و لا فائده من انكارها ! لقد عبثت امك
مع ابى , و لكنها لم تتزوجه . و عرفت اننى مخطوبه , و مع
ذلك حاولت العبث معى, و شقيقتك تعرف ان تشارلز لى.. و لكنها عبثت معه!
و الفارق الوحيد بينكم ان تشارلز وقع , و هرب معها. و لكن كم سيدوم
الامر؟ هل ستضجر منه حتى قبل تحديد يوم الزفاف؟
– و ماذا لو اضجرت؟
– ماذا لو اضجرت؟ ستكون قد تسلت معه , ثم تتخلى عنه, و تعود الى
المنزل.. تجر اذيالها خلفها !
و اخذت تضحك بجنون , و راقبها روك بقلق.
– لم اعنى هذا! لو تركته, هل ستعودين اليه ؟ هذا ما اردت ان اعرفه!
لم تفكر من قبل بهذا الامر, و عرفت انها لن تعود اليه , و لم
تعد تريد ان تراه ثانيه , لقد اذلها , خانها , كما خان والدها والدتها.
و لن تستطيع ابدا ان ترى وجهه ثانية. و لكنها اجابته.
– هذا امر لا يعنيك!…
و نظر اليها طويلا , ثم تركها و دار على عقبيه و خرج من المطبخ
الى الحديقة. و لو انه صفق الباب وراءه لشعرت بشئ من الانتصار, و لكنه لم
يفعل , و اغلق الباب وراءه بهدوء.و تركها و هى تشعر بالبرد والتعب.
الفصل الثامن
روك صعدت الى غرفتها وبدات تحضر حقيبتها للسفر فلديها السيارة
وتستطيع ان تكون على بعد اميال فى بضع ساعات وعندها لن تكون بحاجه لتحمل الشفقه
والعطف من ابيها ,وبهذا تترك كل هذه التشويشات وراءها .
وهى تجلس فى غرفه نومها وحقيبتها مفتوحه فوق السرير .ماذا عليها ان تفعل ؟يجب ان
تقرر!
غادرت يوركشاير هل تتابع رحلتها المقرره حول اوروبا وتزور كل الاماكن التى حلمت بها مع
تشارلزلاشهر طويله والتى ستراها الان لوحدها ؟ ام ان عليها ان تطير راسا عائده الى
استراليا؟
اصدقاءها القدامى مجددا,بعد ان تخلى عنها تشارلز ؟سيكون هذا اذلالا لها قد يظهرون التعاطف فى
وجهها,ولكن بعضهم سيضحك من وراء ظهرها او على الاقل سيتهامسون ويطلقون الاشاعات .ولن تعرف ماذا
ستكره اكثر,الشفقه ام الهمس السرى .
واين سيذهبان غير هناك فوالدا تشارلزهناك,لقد تطلعت دوما للسكن قرب اهله,لقد كانت مولعه بهما,عندما يسمعان
النبا سينزعجان كثيرا ,ويشعران بالاسف عليها والغضب على تشارلز لانه هجرها.
بهذه السرعه !
روك اخبرها .ولابد انها قلقه على ابنتها ,ولكن لماذا انت الى هنا ؟وماذا تريد؟
ميلمان!
,واقفلتها .لم تكن تريد ان ترى بيتى ميلمان انها قد بدات توضب ثيابها اوانها كانت
تفكر بالسفر.
هربت امها من قبل ,الى الجهه الاخرى من العالم وماذا افادها ذلك ؟لقد خسرت سنوات
من عمرها فى المراره وكارن لاتريد ان تفعل نفس الشئ لقد رات بعينيها نتائج التصرف
بشكل خاطئ ,فقد تنتهى بها الامور الى ضرر اكبر من الجرح الاساسى .اذا لن تعود
الى استراليا .ولن تدع هذا الامر يشوش حياتها كلها ..لعنه الله على ال مليمان!من هم…على
كل الاحوال ؟لقد حان الوقت ليعلمهم احد ما بانهم لا يستطيعون ان يمدوا ايديهم هكذا
ويحصلوا على ما يريدون ,ويؤذوا الناس الاخرين .
تجلس دون حراك على سريرها ويداها متشابكتان فوق ركبتيها لمنعهما من الارتجاف .
,وعيناها حمراوان ,لابد انها كانت تبكى,وبدت كئيبه وحزينه ,ولم تستطع كارن الا ان تشعر بالاسى
عليها ,على كل فابنتها ما زالت فى الثامنةعشرمن عمرها ولكنها لم تظهر اللين او التعاطف
وحافظت على رباطه جاشها واظهرت البرود .
لا فائده من الكلام فى
يجب ان اقول…ولكننى اشعر بالاسى انه شئ فظيع كيف استطاعت كارلا…” واهتز صوتها ..وخفت ثم
خرجت منها بضع كلمات اخرى “لااعرف كيف استطاعت فعل هذا …ليس عندى ايه فكره يا
كارن..
على وجهها .واخذت تنتحب وتقول”انها مجرد طفله .. فى الثامنه عشر فقط ..لاتعرف ماذا تفعل
“وظهر على وجه كارن الغضب , ولاحظت السيده ميلمان الغضب الساخر فى عينيها , واجفلت
وكانما كارن ضربتها .
تعرفه .
لون وجه كارن الى الاحمر .فلم تكن تريداى من هذه المشاعر من المراه التى دمرت
حياه امها انها مجرد صدمه ,فانها اصغرمن ان تعرف الحب الحقيقى !لابد انها اخطات فى
فهم ما تشعر به نحوه!واضطرارها لابقاء زياراتها له سريه ضاعف فى تاثير الرومانسيه عليها .
ولكننى اشعر بالعار,كان يجب ان تدرك ماذا سيفعل هذا بك !
لم تقدر على منع مشاعرها الحقيقية
ولكنها ابنتك وتفضل ا ن تختار رجلها من بين احضان امراه اخرى .
لك؟ الحقيقة!لقد علمت اننى كبيره كفايه لاعرف ماذا حطم زواج والاى…او من حطمه !
اطراف شعرها .
ناجحه به انت وابنتك وكل … كل عائلتك اللعينه !
السليم!
انظر مره الى رجل اخر .انا وابوك كنا اصدقاء كما كان صديق زوجى تماما.يجب ان
تعرفى اباك اكثر حتى لاتصدقى انه قد يخون واحدامن اعز اصدقائه ,لقد عرف زوجى منذ
وقت طويل اكثر مما عرفته انا .
كثيرا, وحاولت ان اقول لهاالحقيقة,ولكننى عرفت انها غير متوازنه ,لذا لم اخذ الامر بشكل جدى
وقال جورج ان انسى الامر ,وقال انها فى الواقع لاتصدق نفسها .لقد كانت مريضه بالغيره
.لقد كانت تغار من كلبته ,وتغار منك ايضايا كارن .لقد كانت تجن اذا فكرت ان
والدك يحبك اكثر منها.
امها تغار عندما تكون هى وابيها معاوماذا نسيت بعد عن سنوات طفولتها ؟وتذكرت ان روك
مازحها بقوله انه قبلها من سنوات طويله فهل كان يكذب؟منذ ان قال هذا ذكرى خفيفه
جدا تحاول البروزوشعرت بها كانها ستلمسها للحظة….ثم اختفت ….وتابعت بيتى قولها:وبعدما ذهبت واخذتك معها قال
جورج انها اخذتك لتتاكد انك ستكبرين وانت تكرهينه.
اسمه , وهذا شئ اكتشفته كارن بنفسها منذ سنوات طويلة,ولكن طبيعه امها الغيوره وعدم استقرارها
لايعنى عدم ان ليس هناك ايه ذره من الحقيقه فى اتهاماتها المجنونة.
معى كل مره اراه فيها .ولكنه لم يهتم بى بالدرجه التى خدعت فيها ابنتك تشارلز
المسكين
!
الذى وقف عند الباب ,الى ان تكلم مما جعلهما تقفزان فزعا..وقال بحده “كارن!”
ابيض شاحب ,وعيناه تقدحان شررا وقال:
هذه ليست الحقيقه يا جورج!
يكن هناك شئ بينى وبين بيتى لقد كنا اصدقاء فقط, اقسم بشرفى هذه هى الحقيقة.
الحقيقه كاملةوهو يعرف هذا ,وتعرفها هى ايضاوشعرت فجاه بالاسف عليه.
ميلمان فى البدايه ؟ربما لم يعد يحب والدتها ولا يستطيع مواجهه شعور قد مات بداخله؟كانت
تعلم كم كانت امها صعبه المراس ,كم صعب ان تحبها او تقتنع بحبها !
امها وضعت الفكره دون ان وعى منها فى راسه ؟اذا لم يكن يهتم ببيتى من
قبل فقد جعله هذا ينظر اليها نظره جديده بعد ان بدات زوجته تغار منها.
ابى!”
لاحاجه للاعتذار انها والدتك,وكنت منزعجه ولاشك لو كنت مكانك لشعرت بنفس الشئ , انا لست
غاضبه على الرغم من انها ليست الحقيقه اى جزء منها !
تعرف ماذا تقول.
عن والديها قد رفع حملا ثقيلا عن كاهلها .فقالت بخفه :
كارن بتحدى .فقال جورج بحنانتذكرته منذ طفولتها “هذه هى فتاتى!”
,حتى فى هذه الايام .لابد ان يحصلا على ترخيص ,ايظن انهما ذهبا الى لندن ؟روك
يظن انهما ذهبا الى هناك …. ماذا تظنين يا كارن ؟
قادمان الى هنا .فهو يفضل الاضواء اللامعه والمرح .لذا لن اندهش اذا ذهب الى لندن
فى كومه قش”
اموت من العطش , الاتشعرين بهذا يا كارن؟
عن روك تخيلت انها تراه تقريبا ,ذلك الوجه الاسمر الغاضب ,تلك العينان اللامعتان .. مجرد
التفكير به جعل معدتها تتقلص ,وقلبها يضرب على ضلوعها وتقدم والدها الى جانبها ونظر الى
وجهها الشاحب بقلق هل انت بخير؟
فى فراشك وساعود حالا لاحضر لك بعض الطعام الخفيف , بيض وكوب حليب.
بنفسى لساعه او ساعتين .
الفراش تحدق بالسقف,كانت دائما تستلقى فى هذه الغرفه فى طفولتها تستمع الى الريح تصفرفوق البرارى
والى صراخ الطيور,ونباح الثعالب البعيده من مكان ما على التلال, او صراخ والداها من الطابق
الارضى .واغمضت عينيها,وعاد اليها ذلك الشعور القديم بالغربه والبؤس.
ميلمان وكانت تتجول فى الغرف وبين الممرات ,خائفه من صوت الريح فى المدخنه ,متسائله اين
اختفى الجميع,لقد كانوا يلعبون لعبه “الغميضة”وسمعت صوتا فى احد الخزائن, ففتحتها ,وكان داخلها مظلما,وتحرك احدهم
فى الظلام وخرجت يد وامسكت بها وجذبتها داخل الخزانه وصفقت الباب وراءها, قبل ان تستطيع
النجاة.
ما . وكانت صغيره لاتعرف معنى الخزانه فى وقت كان يمر بعض الاصدقاء وجرفوها معهم
وتحول الحلم الى حلم اخر,فشاهدت نفسها وشخص لم تستطع رؤيته يطاردها فى البريه ,شخص ارعبها
,وصرخ بها من بعيد”استيقظى”واستدارت “لا..لا…. اتركنى “وعاد الصوت العميق يقول “استيقظى”وقفزت من مكانها وهى تشهق
برعب صارخة”لا!”وفتحت عينيها ونظرت الى وجه روك بذعر .كانت تعرف انه روك بدون ان تنظر
اليه. وعرفت انه هو من كان فى الخزانه المظلمه !ولكن لماذا حلمت انها طفلة… وقال
لها :
سوادهما فيه بؤبؤ ذهبى ,وبعض الخيوط الذهبيه اللامعه حوله , وسالته بجفاء:
, واخذت تمشط شعرها بضربات سريعه … وسالته”هل من اخبار ؟”
ولكن يبدو ان الامل ضعيف ,سيكون الامر اسهل لو ارسلا رسالة!وطلبا ترخيص زواج
لاطمئن عليك ,ولكن عندما صعدت الى هنا سمعتك تتكلمين وانت نائمه , وكانك تحت تاثير
كابوس هل تتذكرين ماهو؟
فقط….
دخلت عليك شقيقتك !اجل .. لقد فهمت الان … لقد استنتجت كل انواع الاستنتاجات .
يتركنى
تشارلز …
التى تتجه دوماالى الشمال .ترتجف دون اراده عيناه السودوان اخبرتا ها انه يعرف ما يحدث
لها كلما اقتربت منه .
لقد اصابته فى الصميم …وشعرت بجسده يتوتر ورات عيناه تضيقان وتلمعان ….وقال بحدة:
لم تكن كارن تعني انها ستذهب، لم تكن تريد ان تعود الى استراليا، واخر شيء
تفكر فيه،
متابعه رحلتها الى اوروبا. ولكن شجارها مع روك غير كل شيء. وبقيت كلماته الاخيره تعطي
صدى في راسها واستمعت اليها بهدوء متجمد، ثلجي. . . من جراء الصدمة.
اذهبي!. . . عودي الى استراليا!. . . اللعنه عليك! قالها وكانه يكرهها. . .
وجلست على سريرها،
ووجهها شاحب وعيناها مليئتان بالالم، تواجه شيئا كانت تحاول تجنب الاعتراف به منذ ان وقعت
عيناها
لاول مره على روك ميلمان. لم تكن تكرهه ابدا، انها تكذب على نفسها مثل المجنونة،
ويجب ان تتوقف عن هذا الان..
الاعتراف كان مؤلما، وجف فمها، واخذ جسدها يرتعد واطراف اعصابها متوتره وكانها لمست النار.
ولكنها اجبرت نفسها على مواجهه الحقيقة! لقد وقعت في حب روك، ولم يكن هذا يشبه
ذلك الشعور
الدافئ السعيد العادي الذي كانت تشعر به مع تشارلز، فتشارلز لم يكن يجعلها ابدا تشعر
هكذا،
حتى انها لم تكن تعرف ان بامكانها ان ترغب في شخص بهذه الحرارة، ولكن منذ
اللحظه التي رات فيها روك،
كان هذا شعورها، ولهذا كرهته، ولهذا تشاجرت معه، ورفضته. مشاعرها بعثت الرعب في نفسها!
لم تكن تعلم كيف تدبر امرها مع الالم الذي تثيره العواطف، ما عدا ان تقلب
الرغبه الى غضب، لان الغضب
يخفي مشاعرها الحقيقيه عن روك. ولكنها الان لن تستطيع ابدا ان تتظاهر. لقد خرج السر
من عقلها الباطني،
وسيكون اصعب عشر مرات ان تحاول اخفاؤه عن روك. انها مجبره على التسليم، عاجلا. .
.
وعندما يعلم روك حقيقه مشاعرهان سيبدا الضغط عليها. وسيقنعها بمعاشرته، وستكره نفسها اذا فعلت،
انها تحب روك ولكنه ليس من ذلك النوع الذي ينظر الى النساء بجدية.روك لا يؤمن
بالحب. انه انتهازي، قرصان نساء،
رجل من الكارثه ان تحبه امراة! وخرجت من السرير، وعادت لتكمل تحضير حقيبتها ثانية..لا تستطيع
بعد الان ان تبقى هنا..
يجب عليها ان تبتعد، ستذهب الى لندن اولا، لتعطي نفسها وقتا لتقرر ما تريد فعلا
ان تفعله.
ربما تحصل على وظيفه هناك؟ او ربما ستكون امنه اكثر لو عادت الى استراليا؟
واخذت ترمي ملابسها في الحقيبه ثم اقفلتها، ودخلت الحمام لتغتسل، ثم ارتدت قميصا نظيفا وبنطلون
جينز.
ووضعت لمسه مكياج على وجهها ونظرت الى نفسها في المراة. ولاحظت انها قد تكون مرتبه
المظهر الان،
ولكنها لا زالت متوترة. وهبطت الى الطابق الارضي. . . وهي تحمل حقائبها.
وجلست لتكتب لوالدها،
ولكن كان من الصعب ان تشرح لماذا ستذهب دون ان تودعه، وتطلعت بالورقه امامها.. وهي
تعض شفتها،
ثم كتبت بسرعه رساله قصيرة، تقول فيها انها اسفه ويجب عليها ان تذهب، وتعد ان
تكتب له ثانية، لتبلغه عنوانها،
ثم خرجت ووضعت حقائبها في السيارة، وادارتها وبدات رحلتها في الفراغ. . نحو لندن. لن
يصعب عليها ان تحصل
على غرفه في فندق هناك. . وربما غدا ستكون قد قررت ماذا تفعل.
وبرزت ابتسامه مريره صغيره على
فمها وهزت كتفيهاز لقد عرفت ماذا ترغب في فعله الان، ولكنها لم تستطع الاستسلام لهذا
الشعور،
فستكره نفسها طوال حياتها اذا فعلت. ستخف هذه الرغبه المؤلمه عندما تبتعد عن روك، وتلقت
بهذه الفكرة،
وقادت بسرعة، وهي لا تبالي بالسيارات الاخرى على الطريق.
من المؤكد انها لم تلاحظ تلك
السياره الكبيره السوداء التي مرت بها بسرعه على بعد عده اميال من المزرعة، الى ان
استدارت السياره في
منتصف الطريق، وذعرت كارن، عندما اكتشفت انها تسير بين السيارات بسرعه رهيبة،
وداست على المكابح بسرعة، واصدرت الاطارات اصوات صرير. . . وتارجحت سيارتها يمنه ويسرى
على كل عرض الطريق، وقد فقدت السيطرةعليها تماما، وانتهى بها الامر خارج الطريق على منحدر
مليء بالعشب.
وانقلبت كارن فوق المقود بعنف وبقيت حيث هي، غائبه عن الوعي للحظة، مذهوله حتى لم
تعد تعي اي شيء.
وخرج سائق السياره السوداء، وركض ليفتح باب سيارتها، واحست بيديه تفكان حزام الامان من حولها،
فرفعت راسها اليه” روك! “. لم تتعرف علي السياره الاخرى
او تعرف من يقودها،
وجعلتها الصدمه ترتجف بعنف. ولم يرد عليها، كان مشغولا بسحبها من سيارتها، وشعرت بيديه فوق
جسدها،
فالتفتت اليه بغضب قائلة:” ماذا جعلك تستدير في منتصف الطريق هكذا. هذه ثاني مره تحاول
قتلي فيها!
المره الماضيه القيت اللوم على تشارلز . . . وما عذرك هذه المرة؟ “. ”
كان علي ان اوقفك “.
” انت . . . انت قصدت ان تجعلني اتحطم مع السيارة؟ انت مجنون اكثر
مما كنت اعتقد! ماذا لو تعطلت المكابح؟
وماذا لو انني لم استطع التوقف في الوقت المناسب؟ “.
” كنت سابتعد عن طريقك قبل ان تصطدمي بي “. ” لدي دافع يدفعني للاتصال
بالبوليس، واتهمك بالقياده الخطرة!
كان علي ان اقاضيك في المره السابقة. في المره القادمه قد تقتلني . . انت
رجل مجنون مستهتر! “.
ودفعها روك الى سيارته، وانحنى عليها ليقول: ” في المره الماضيه كانت غلطه تشارلز وانت
تعرفين هذا.
اما الان فقد تعمدت هذا، تعلمت منه “. وصفق الباب ومدت يدها الى المقبض بسرعه
ولكنه كان اسرع منها.
واسرع الى المقود، وسحب يديها عن الباب. ” ابقى هادئه والا صفعتك! “.
” لن تجرؤ على ذلك! “.
” جربيني! “. ونظرت الى عينيه الغاضبتين والملتمعتين وقررت ان لا تخوض هذا الامتحان .
. فابتسم بسخرية:
” انت حكيمة! “. ” ارجوك دعني اخرج! انا في طريقي الى لندن! “. ”
اعتقدت انك في طريقك الى مكان ما..
لهذا اوقفتك. لن تذهبي! “. ” لقد قلت لي ان اذهب! منذ ساعتين فقط قلت
لي ان اعود الى استراليا “.
ونظر اليها بصمت، وفمه يرتجف والتوتر في عينيه، ثم تنهد: ” لم اكن اعني ما
اقول .. يجب ان تعرفي انني لم اعن يا كارن.
وخافت ان تلين،
لان اقل ضعف تجاهه قد يعني كارثة. ” حسنا . . . انا ذاهبه على
كل الاحوال “.
واغمضت عينيها،
عندما ينظر اليها هكذا كانت معدتها تتقلص وجسدها يشتعل بالرغبة، ولكن يجب ان لا تدعه
يؤثر عليها.
يجب ان تبتعد عنه قبل ان يدرك مدى رغبتها به. ومد ذراعاه ولفهما حولها واحتضنها،
فقالت بصوت مرتجف:
” لا تفعل هذا! “. ولكنه لم يرد عليها وتابع ضغطه على جسدها، وحاولت ان
تقاومه،
ولكنها كانت راغبه في ملامسته. وشعرت بالراحه عندما تركها. وصبت غضبها عليه.
امله ان يكون ما تفعله مقنعا له: ” انزع يديك عني! “.
” الا زلت متعلقه بذلك
الغبي الذي رماك ليهرب مع شقيقتي؟ لا تضيعي مزيدا من وقتك عليه يا كارن، انه
لا يحبك، ولم يحبك ابدا! “.
” وماذا تعرف عن الحب؟ “. ونظر اليها روك باحتقار، حتى انها كادت تنفجر بالبكاء.
ولكنا تمالكت نفسها
ورفعت راسها وحاولت اظهار البغض له. فضحك وقال: ” اعرف عنه اكثر مما تعرفين انت!
“.
فقالت له بمرارة: ” اشك بكلامك “. ومرت بهما سيارة، وخففت سرعتها واطل السائق منها
وصاح:
” هل انتما بحاجه لمساعدة؟ “. وجلس روك واطل براسه وقال: ” لا .. شكرا”.
“هل اصيب احد في الحادث؟ “.
” لا. . .انه ليس حادثا خطيرا “.” من كان يقود تلك السياره محظوظ لانه
لم يقتل “.
ثم تابع السائق سيره، ونظر اليها روك بسخريه وقال:” لقد ظن انني اسعفك! “.
” لقد كان على حق عندما
قال انني محظوظه بانني لم اقتل! هل لك ان تساعدني على ارجاع سيارتي الى الطريق؟”.
” لن استطيع، خاصه بعد كل المطر الذي كان، والارض رطبة، كل ما سنفعله ان
نحفر الوحل فنزيد الامر سوءا.
اتركيها هنا وسارسل واحدا من الكاراج لياتي بها “. وذهب روك لياتي بحقائبها من السيارة،
ووضعها في سيارته ثم قال: “ساوصلك الى البيت “. ” هل تتوقف عن تسيير حياتي
كما تشاء؟ “.
” يجب على احد ان يفعل! “. ” لقد تدبرت امر نفسي لسنوات! “.
” لا يبدو انك نجحت كثيرا حتى الان.
لقد اخترت اسوا مخلوقات الله. . .وقفزت الى اسوا الاستنتاجات دون ان تعرفي ماذا تفعلين
في الحقيقة! “.
وفتحت فمها لتصرخ في وجهه، ثم تذكرت كم كانت مخطئه بحق امه. . ومدى ضعف
الدليل الذي كان لديها
للاستنتاج الخاطئ عن بيتي ميلمان. . . فاقفلت فمها ثانية. وكان روك يرمقها جانبيا. ينتظرردها،
وارتفع حاجباه لصمتها، فقال لها ساخرا: ” حسنا . . . اليس لديك ما تقولينه؟
“.
” لقد قررت ان لا ادع لك
المجال لجري لمناقشه حمقاء عقيمه مره ثانية، قد تتمتع انت بها، ولكنني لا احبها! لم
اتشاجر مع احد طوال
حياتي بالطريقه التي اتشاجر بها معك، ولست ادري لماذا نستمر بالصراخ على بعضنا”.
” الا تعرفين؟ استطيع القول لك . . ولكن . . “. ” انا لن
اصغي اليك! “.
” انت لا تريدين ان تصغي “.
ولاحظت انه لم يكن ياخذها الى منزلها، فقد كان يتجه باتجاه قصر ميلمان فقالت بقلق:
” اين ستاخذني؟ “.
” واين تظنين اني ساخذك؟ “. ” اريد العوده الى منزل والدي “. ” فيما
بعد “. “لا .. الان .. خذني الى منزلي! “.
واستدارنحو منزله دون ان يعيرها التفاتا. ورمقته بمزيج من الغضب والرغبة، التي كانت تشعر انها
ستنفجر في ايه لحظة..
ما العمل برجل مثل روك ميلمان؟” انت تدفعني للجنون! “. ” اصرخي! “. واوقف السياره
خارج المنزل،
ثم استدار نحوها وقال: ” كارن، ارجوك توقفي عن الجدال معي لبضعه ساعات، لوقت يكفي
لتناول العشاء معنا؟
امي تشعر بالتعاسه لما حدث. وهي تحبك كثيرا. هل ستكونين لطيفه معها هذا المساء.. اظهري
لها انك لا تلومينها؟
انت لا تلومينها اليس كذلك؟ “. وهزت ر اسها: ” اعتقد انني لا الومها،
وانا احبها ايضا . . وانا سعيده لانها تحبني “. ” هل هذا اتفاق اذا؟
“.
ونظرت اليه وتنهدت، هزت راسها. ومضت الامسيه هادئه .. كان الاربعه هناك.. روك وامه..
وكارن ووالدها. وبعد تناول العشاء جلسوا يتحدثونقرب نار المدفاة. وعادت كارن الى المزرعه مع ابيها.
وجعلها الارهاق تنام نوما عميقا. لتستيقظ على اصوات في الخارج، وسيارات تقف اما المنزل،
فقد اعاد روك والميكانيكي سيارتها. وخرجت من فراشها، واخذت دوشا، وارتدت ملابسها ثم نزلت الى
الطابق
الارضي لتجد روك يتناول القهوه في المطبخ، ويتحدث الى ابيها. وعندما ظهرت امامهما، نظر اليها
روك
ساخرا من قمه راسها الى قدميها متفحصا مما جعلها تحمر خجلا، وقال مغيظا لها:” حسنا،
هل استفقت اخيرا؟ “.
ونظرت كارن الى ساعتها :” ليس الوقت متاخرا! انها التاسعه والنصف، ام ان ساعتي متوقفة؟
“.
وقال والدها: ” لا . . . هل تريدين لاطارا؟ بيض؟ لحم؟ “. ” ساخذ
القهوه فقط، شكرا “.
وجلست عند الطرف المقابل لروك، وابتسمت بخجل:” ارى انك جلبت سيارتي، هذا لطف منك، شكرا
لك “.
” لقد كان خروجك عن الطريق غلطتي، لقد غسلها الكاراج قبل ان نحضرها الى هنا.
وصدقيني كانت بحاجه لغسيل!
لقد كانت مغطاه بالوحل “.” شكرا لك “. واحست ان والدها يراقبهما.. هل علم احد
بما تشعر به تجاه روك؟
هل يظهر عليها؟ عندما تنظر اليه . . ز ام في صوتها؟ ونهض روك:” يجب
ان اذهب.. ساراكما فيما بعد “.
وخرج وجلست كارن تحدق بلاشيء، تشعر بالوحده بعد ان غادر.. وارعبتها هذه الفكره ..
هل اصبحت تعتمد عليه بهذه السرعة؟ انه امر خطير، ويجب ان تضع حدا له!
وتمتم والدها:
” كارن! ” التفتت اليه بسرعة، ولاحظت قلقه، مما جعلها تقلق هي الاخرى:
” نعم؟ “.
” كنت اتساءل. . . لدي اعمال مكتبيه كثيرة، تنتظر التعامل معها. . وساكون شاكرا
جدا لبعض المساعدة،
لو سمحت؟ فلدي عمل كثير اقوم به هنا “. وضحكت وبدا الحنان على وجهها.
” طبعا ابي . . .
ساكون سعيده بمساعدتك، ما رايك ان ابدا الان؟ “. ورد عليها جورج كارداس ” سيكون
هذا رائعا ” وتنهد بارتياح.
وظنت بادئ الامر انه اختلق عملا زائفا لا حاجه لعمله في الحقيقة، ولكنها عندما رات
طاولته القديمه وقد تكدست
فوقها الطلبات والرسائل والمذكرات الحكوميه والوثائق الرسمية، اصبحت واثقه ان والدها بحاجه لها.
انه بحاجه ماسه الى سكرتيرة، وكارن سكرتيره ممتازة.. وقالت له واثقه من نفسها:
” اترك كل هذا لي.. ساتولى امره “.
وبعد احتجاج بسيط اطاعها بسرور. وقضت الايام القليله التاليه تعمل على الاعمال المكتبيه التي طال
هجرانها . . .
لقد كانت حياته العمليه في فوضى معقدة، وتعجبت كارن كيف استطاع تدبير الامور طوال هذه
المدة،
بوجود كل هذه الرسائل دون رد، وهذه الفواتير غير المدفوعة، دون ذكر الاموال التي له
على الناس.
في الوقت الذي كان فيه يعمل في الارض، والحيوانات واصلاح جدران الاسوار والاشجار، هجر كل
شيء اخر.
ولكن كارن بالتدريج رتبت المكتب وانهت كل الاعمال الضرورية. اجابت على الرسائل، وطبعتها وارسلتها بالبريد،
وارسلت الفواتير لتحصيلها، ودفعت ما عليه من فواتير. ووضعت كل شيء في الملفات بالترتيب بحيث
تستطيع وضع يدها عليها بسهوله وسرعة. وكان روك يزورها معظم الايام لسبب او اخر. لقد
كان على كل
الاحوال صاحب الارض، وحياتهما العمليه كانت متشابكه اكثر مما اعتقدت كارن. ولم يكن يمكث طويلا
ابدا،
ولم تكن واياه ابدا على انفراد، فقد كان معهما اما والدها، او مدبره المنزل او
والده روك، مما جعل الامر اسهل
واصعب على كارن في كلتا الحالتين. لقد كانت مرتاحه لعدم التوتر بوجود روك معها لوحده،
ولكن ذلك لم يخفف الم الرغبه التي كانت تشعر بها عندما تراه.
ولكنها لم تكن متفائله كثيرا
حول اخفاءها مشاعرها عن روك فعيناه السريعتا الادراك لم يكن يفوتها شيء، والنظرات العرضيه او
الابتسامة
الساخره اخبرتها انها لم تكن تخدعه، ولكن روك كان دائما حذرا في ابقاء مسافه بينها
وبينه.
ومضى اسبوع دون سماع اي خبر عن كارلا وتشارلز. ومر الوقت بسرعه اكثر مما توقعت
كارن،
لانها استطاعت ان تشغل نفسها عن التفكير بالعمل الجاد. وانهت عمل سنوات من المور المكتبية،
وبدات تساعد والدها في اشياء اخرى، في الطبخ، وفي اعمال المزرعة. كان يوم العمل يبدا
باكرا،
وكانت تاوي الى الفراش باكرا، لتنام بسبب الاجهاد الجسدي عند العاشره والنصف.
في احد الايام
كانت مشغوله بتحضير عشاء والدها، عندما دخل روك دون ان يدق الباب، وخفق قلبها وهي
تستدير لتراه.
انها المره الاولى الذي تراه فيها منذ يوكين، وكانت تحس بفراغ المنزل من حولهما.
” اوه.. هذا انت!
ابي يتجول في الحقول. اذا كنت تريده تستطيع ان تلحق به “. ” لا .
. . انا اريدك انت “.
” اوه؟ “.” لقد وصلنا خبر عنها “.” ممن؟ اوه.. من تشارلز؟ “.
” وكارلا.. لقد وصلتنا رساله هذا الصباح “.
ونظرت كارن الى قطعه اللحم التي كانت تقطعها، محاوله اخفاء الانزعاج الذي تشعر به لفكره
سماع انباء عن الهاربين.
ولم تكن تعلم كيف ستتدبر امرها لو عرفت انهما افترقا، او لو ان تشارلز عاد،
وعليها ان تواجهه، لقد تخلى عنها،
وقد لا يجرؤ على الطلب منها ان تعود له، ولكنه اذا فعل، ستقول له ”
لا ” عندها سيعتقد ان السبب هو الغيرة.
ولكن هل يهمها ماذا سيعتقد؟ وسالته بصوت اجش، عندما لم يقل لها فورا ماذا تقول
الرسالة:
” حسنا؟ ماذا يقول تشارلز؟ اين هو؟ “. ” لقد تزوجا، وفي الاسبوع القادم سيسافران
الى استراليا “.
وبدا لها الامر قاسيا، وبدلا من قطع اللحم انزلقت السكين فجرحت اصبعها، فصرخت بحدة، ورمت
السكين.
وتدفق الدم، ووضعت اصبعها في فمها، وتدفقت دموعها من الالم. واسرع اليها روك متسائلا:”ماذا فعلتي؟”.
وامسك بيدها واجبرها ان تريه الجرح. وتمتمت ” لا شيء! “. وارتجفت للمسته، وحدق بها.
” الهذا تبكين وترتجفين مثل الورقه على الشجرة؟ لاجل لا شيء؟ “. وعضت على شفتها
وحولت ان تستدير مبتعدة،
ولكنه لم يتركها، وامسك بذراعيها وهزها بعنف: ” ماذا هناك؟ الا يجب ان اقول لك
الحقيقة؟ لا ..
انت لا تريدين سماعها! اليس كذلك؟ سوف تقضي على الخيال الزاشف الذي تفضلينه في حياتك.
ولكن هذا لا يفيد “.
“لماذا تصرخ في وجههي؟ليست غلطتي ان تهرب اختك مع تشارلز وتتزوجه!”. “انها غلطتك ان تبكي
لاجله”.
وضمها اليه، كانت مرهقه الاعصاب بحيث انها لم تقاوم، واغلقت عينيها وجسدها يرتاح عليه.
وترك ذراعيها وامسك خصرها وقال:” متى ستواجهين الحقيقة؟ “. وتاوهت كارن، ونظرت اليه بياس:” روك…”.
” انت لا تحبينه، ولم تحبيه ابدا “. وتنهدت وكانها تعترف: ” لقد ظننت انني
احبه “.
” ولكنك الان تعرفين حقيقه مشاعرك “. ” انا لست من النوع الذي يرضى بعلاقه
عابرة. . .
ولا استطيع العبث مع اي كان، ثم انسى فيما بعد! “. ” يا الهي! انا
سعيد لسماع هذا. . . ولا انا “.
” ولكن.. انت.. منذان التقينا كنت تغازلني، وتعبث معي. . مع اننا كنا غريبين تماما
عن بعضنا! “.
” ليس تماما.. لقد عرفتك منذ ولدت الى ان اصبحت في الثالثه عشر. وهذا لا
يجعلك غريبه عني “.
” ولكننا لم نلتق فيما بعد! كنت قد كبرت، ولا اظن اننا تبادلنا الكلام! “.
” لقد تعانقنا مره “.
” لقد قلت هذا من قبل.. ولكنني لا اذكر “. ” لقد اقمنا حفله ميلاد
في منزلنا، وخحضر كل الولاد في
المقاطعه وكل اولاد المستاجرين، واصدقاء كارلا في المدرسة، ولعبنا ما يجب ان يلعبه الاولاد “.
” كنت انا هناك، اليس كذلك؟ “. ” اوه، لقد كنت هناك يا حلوتي، كنت
ترتدين ثوبا جميلا، من الورغاندا الابيض،
طويل وفضفاض، وياقته مستديرة، وربطه مخمليه خضراء على وسطك. وبدوت فاتنة. لقد بدوت فجاة
وكانك لم تعودي صغيرة. كان من الواضح انك ستصبحين امراه جميله بعد وقت قصير”.
وعادت كارن تتذكر حلمها،
لكنها لم تذكر الحفلة، وهذا غريب.. واخذت تنظر اليه، واعاد لها النظرات وهي يبحث في
وجهها
عن الذكرى التي يريدها. وتابع كلامه: ” احدى الالعاب كانت (الغميضة). . الا تتذكرين؟
واختبات في خزانه في الطابق العلوي، وبعد قليل فتح الباب و. . .”.
وارتعدت كارن، ووضع يده على وجهها وتابع: ” اجل . . . لقد كنت هناك،
وجذبتك داخل الخزانة، وعانقتك “.
كيف نسيت هذا الامر طوال هذه المدة؟ هل كانت صدمه لها بحيث امحت الذكرى بدلا
من مواجهه ما تعنيه؟
” ثم مر بنا جمع من الاطفال، فلحقتي بهم، وبقيت انا في الخزانة. اشعر بالبلاهة،
كنت تقريبا بضعف عمرك،
كنت لا زلت طفلة، فتاه صغيره في الثالثه عشر. وكنت انا في العشرين! لم ادرك
ما اصابني يومها ما عدا
انك كنت مختلفه تلك الليله وجميلة، وكنت انظر اليك طوال الحفلة. . . الا تذكرين؟..
هل اخفتك يومها؟ “.
” لا .. ولكن هذا حدث في اليوم التالي”. ” ماذا حدث في اليوم التالي؟
لا اتذكر “.
” لقد فجرت امي كل غيرتها من امك، كانت تكرهكم.. وانا..”. ” شعرت بالذنب لانك
سمحتي لواحد منا ان ..”.
” لم اعد اذكر الحفله ولا انت .. ولكنني اتذكر الان. ربما ذلك عائد الى
انني كنت خائفه ان تعرف ما حدث،
لكانت كرهتني انا ايضا! وخاصه . .”. ” وخاصه ماذا؟ خاصه انك احببت ما فعلته
معك؟ “.
واطر قت وهي تبتسم، ولم ترد. لقد اعترفت بالكثير حتى الان . . ” اتساءل
ما اذا كان هذا هو دافعك
لان تكوني قاسيه على كل عائلتي، وخاصه انا. لم تكن امك وحدها التي دفعتك للظن
باننا عائله مغوية
وعابثة. لقد ساعدت انا في اعطائك هذا الانطباع “. وضحك ثم تابع: ” لقد كنت
عدو نفسي دون ان ادرك! “.
وقالت كارن ببعض الحزن:” ربما! لقد كنا جميعا اسوا اعداء لانفسنا، الم نكن هكذا؟”.
لماذا كانت تحلم بتلك الحفلة؟ اليس لان عقلها الباطن كان يحاول ان بقول لها ما
تشعر به حقيقه حول روك؟
حلمت انها طفلة، وفي وضعها العاطفي كانت لا تزال طفلة، ولهذا ركزت على تشارلز كشريك
لحياتها لانه
لم يقترب منها او يلمسها، في اعمق جزء من عواطفها. كانت معجبه بتشارلز واحبته، ولكنها
لم تحبه الحب الحقيقي ابدا،
بنفس القوه التي تشعر فيها بحب روك، لقد اختارت تشارلز لانه مسالم ولن يؤذيها ابدا.
وقال روك بجفاف:
” على الاقل انا لم انسك؟ وبقيت اذكر ما حدث سنه بعد سنة. لن اقول
ان هذا سبب عدم زواجي،
ولكنني اعتقد انني في اعماق فكري كان لدي ذلك التصور لفتاه كنت احلم بها .
. ولم اجد من يماثلها . .
ولا واحده لها هذا الشعر الاحمر، او العينين الخضراوين الساحرتين! “. وانقطعت انفاسها، وهمس لها:
” احبك يا كارن ” وصمت. وصدمت كارن وهي تقاوم اخر معركه لها مع الخوف
وعدم الثقة،
ثم همست له: ” وانا احبك “. وتنفس الصعداء : ” اه . . .”
وتهلل وجهه بالانتصار، ثم فتح عينيه
ونظر اليها بشغف، جعل الدم يرقص في شرايينها. وضمها اليه، وارتمت عليه . . .
بكل الرغبه التي كانت
تخفيها عنه منذ زمن، وهي تعرف الان انها ليست بحاجه الى اخفائها ثانيه .النهاية