حكم الجلوس بجوار امراة عجوز اجنبية , قصة امرأة أنهكتها الحياة
امراه عجوز كانت السبب
اشارت الساعه الى تمام الثانيه و النصف بعد الظهر وهو وقت خروج الموظفين من اعمالهم،
استقليت سيارتي متوجها الى المنزل وفي طريقي تذكرت بان اهل بيتي قد اعدو قائمه مشتريات
للمنزل يجب ان انفذها جميعا بندا بندا، و الا فانه لن تتحقق لي الراحه ولا
الاستمتاع بالجلوس في المنزل.
مررت في طريقي باحد الاسواق المركزيه وبعد ان انتهيت من شراء ما تم تدوينه في
هذه القائمه الطويله دون نسيان اي شيء، وعند خروجي من باب هذا السوق رمقت عيني
امراه طاعنه في السن تجلس بجانب الباب، فما ان راتني حتى مدت يدها تطلب من
مال الله الذي اغدقه علي وعلى كثير من امثالي. وقفت وبدات يدي تتقدم وتتاخر، فتاره
تخرج الريال و تاره اخرى تعيده في مكانه، ثم تشجعت يدي وشجعتها ثم بدات جميع
اعضائي تشاركنا التشجيع عسى ان تدفع يدي ذلك الريال وفعلا تقدمت يدي ودفعت ذلك المبلغ
الزهيد عندها ارتفعت صيحات التهليل والتكبير من قبل اعضاء الجسم وهم يهنئونا على هذا الانجاز
العظيم، احسست بعدها انني قمت بعمل خارق وشعرت بفرحه تلف قلبي.
ركبت سيارتي متوجها الى المنزل، وانا في كل لحظه اعيد ذلك الشريط واقول: سبحان الله
ريال واحد فقط يغيرني كل ذلك التغيير، انتهى ذلك اليوم و كانني اعيش بين اروقه
قصور الجنة، واطير بين حدائقها وبساتينها، وانعم من ثمارها، وكلي يقين بان ليس هناك شخص
مثلي يعيش هذه السعادة.
خرجت اليوم التالي من العمل وكلي امل بان ارى تلك العجوز او غيرها ممن طوتهم
الدنيا تحت اكناف الفقر و الفاقة، وصلت الى ذلك السوق وقبل ان ادخل رميت نظري
يمنه ويساره ابحث عن تلك العجوز، فعلا رايتها جالس’ في نفس المكان الذي رايتها فيه
يوم امس، لكن حدثت مفاجاه ففي هذا اليوم ظهر فارس مغوار من بين اعضاء جسمي
فتقدم قلبي اليها، واستشعرت بانها مثل امي، فسالتها: كيف حالك يا خاله، فقالت: بخير والحمد
لله.
رجعت خطوه الى الوراء، وانا متعجب من ردها لي، وقلت في نفسي: سبحان الله تشكر
الله وتحمده وهي في هذه الحاله من الفقر والفاقة، عندها انطلق ذهني يجوب بحار من
الاسئلة، امراه فقيره معدمه لم تنس الله وتحمده وتثني عليه، – سبحان الله – كم
من اناس قد من الله عليهم من نعم كثير وهم يتقلبون بين تلك النعم، واذا
سالت الواحد منهم: كيف حالك؟ قال: “زفت ” كلمه جوفاء لا شكر فيها ولا ثناء
لله، كلمه لا يعي معناها، ولم يعلم بانها قد تكون من كفر النعم.
اردفت سؤالي بسؤال ثاني، فقلت لها: من انت؟ وما هو حالك؟ واين زوجك؟ واين ابنائك؟
فقالت: انني جده لسبعه اطفال مات ابوهم قبل اربع سنوات، لم يستطيعوا العيش في منزل
ابيهم المستاجر، فقررت ابنتي وتحت ضغوط الديون المتراكمه التي كانت على ابيهم، واحتياجهم لتسديد ايجار
الشقه التي يسكنون فيها قررت السكن معي في بيتي الصغير المتواضع، ولكن ما هي الا
سنه واربعه شهور من بعد موت ابيهم اذا بامهم تصاب بمرض خطير توفت على اثره،
وبقي سبعه اطفال لا عائل لهم سوى الله ثم انا، سبعه اطفال اكبرهم محمد وهو
يدرس في المتوسطه وقد حاول مرارا ترك دراسته لكي يصرف على اخوته ولكنني وقفت امام
هذا القرار، وقررت انا الخروج، وكما تراني اجلس في هذا المكان اطلب فضل الله، واصرف
على هؤلاء الاطفال والحمد لله على كل حال.
تاثرت كثيرا بما سمعت وقررت ان لا اغادر هذا المكان الا و اعطيها ما يكفيها
ويكفي اطفالها تركتها على عجل، ودخلت السوق المركزي، واصطحبت احدى عربات السوبر ماركت ثم بدات
بجمع كل ما طاب ولذ ثم خرجت بتلك العربه محمله ثم وقفت امام تلك العجوز
وقلت لها: هذا لك يا خالة، نظرت الي في ازدراء وكان لسان حالها يقول: امتاكد
مما تقول يا صاحب ” الريال”؟ هل كل هذا لي؟، قلت لها: نعم كل هذا
لك ولابنائك ثم اسرعت واستاجرت لها سياره اجره لتحملها الى بيتها ثم تبعتهم لاتاكد من
صحه ما تقول وفعلا وصلت الى بيتها ورايت منظرا والله انه ليدمي القلب. رايت اطفالا
في وضع يرثى له ما ان راوا جدتهم حتى استقبلوها، وهم بين باك وفرحان رايتها
وهي تتلقفهم واحدا تلو الاخر، في تلك اللحظات وانا اشاهد هذا المنظر لم اع بنفسي
الا وقد انهارت دموعي، وبكيت بكاء رحمه و فرحة، رحمه بهؤلاء الاطفال الضعفاء وفرحه بانني
كنت سببا في دخول الفرحه عليهم و على جدتهم العجوز.
رجعت بسيارتي الى المنزل وانا في سعاده تغمرني لا يمكن وصفها، قررت بعدها ان ابذل
كل ما في وسعي لمساعده الضعفاء والفقراء والمحتاجين وان ابدا اولا بالاقربين مني ممن يعيشون
في الحي الذي اسكن فيه.
نعم قمت في اليوم التالي بمسح المنطقه التي اسكن فيها بحثا عن كل محتاج وفقير،
ثم دونت الاسماء ورقمت المنازل وحصرت العوائل الفقيرة، ثم جلست مع زملائي واصحابي وبعض اقاربي
وكل واحد اقص عليه تلك القصه مع العجوز الفقيرة، وطلبت منهم المساعده والمشاركه معي في
مشروع يقوم بمساعده الاسر الفقيره والارامل والايتام في منطقتنا، وطلبت منهم فقط الدعم المادي اما
العمل فانا متكفل به.
بدات المشروع بحيث اقوم في نهايه كل شهر بجمع المساعدات الماديه من الزملاء و الاصحاب
والاقارب، ثم اقوم بشراء المواد الغذائيه الضروريه لكل اسره وكل ما تحتاجه من مستلزمات ضرورية.
وفعلا مرت الايام وكبر المشروع وكثر المشتركين حتى ان هناك ممن اشترك في هذا المشروع
وانا لا اعرفه وذلك لان زملائي واصدقائي قاموا بنشر فكره هذا المشروع لاقاربهم فشاركني اناس
كثير – ولله الحمد والمنه -.
بعد ذلك وبعد ان كبر المشروع قمت باستئجار محلات (مستودع) لتخزين المواد الغذائيه ثم استقدمت
عمال لهذا المشروع فمنهم العامل ومنهم السائق ومنهم الحارس وكبر المشروع و اتسع نطاق توزيعنا
الى كل بيت فقير في الحي.
واليوم وقد مضى علينا اكثر من تسعه سنوات رايت اسرا فقيره قد صلح حالهم المعيشي
وتبدل حالهم الى الافضل – فلله الحمد اولا و اخيرا واساله تعالى واشكره ان سخر
لي تلك العجوز التي كانت سبب في هذا المشروع الخيري بعد الله -.