برزنتيشن كامل عن الالوان
الالوان
سنتحدث في هذا النص عن الالوان، كيف نستوعبها، وكيف تستخدمها الطبيعة، وكيف ينتجها الحبر والطلاء.
ما هو لونك المفضل؟ في شمال امريكا وغرب اوروبا نصف الناس يفضلون، الازرق. الالوان في
كل مكان. حتى ان اللغه اشبه بقوس قزح، احلامنا وردية، وغضبنا احمر، وشبابنا بلون الربيع.
اللون ليس ماده ملموسة، بل احساس ناتج عن موجات كهرومغناطيسيه تشكل الضوء. تتلقى الاعين هذه
الموجات، وتتولى الادمغه ترجمتها، فيتولد عن ذلك احساس نسميه الالوان.
لكل لون موجه باطوال محددة. طول الموجه هو المسافه التي تفصل بين نقطتي الذروه في
الموجة. على سبيل المثال، تعود الموجات الاطول في الضوء المرئي الى اللون الاحمر، اما الاقصر
فهي للون البنفسجي.
لتنتج الموجات الوسيطه الوانا اخرى. اما الضوء الابيض، فهو مزيج لجميع الالوان.
هذا ما يؤكده قوس قزح. فبعد ان يعبر ضوء الشمس الابيض من خلال قطرات الماء،
يتجزا الى مجموعه الوان على التوالي، البنفسجي، والنيلي، والازرق والاخضر والاصفر والبرتقالي والاحمر.
لا يمكن للعين المجرده ان ترى بعض الالوان. وهي ذات الموجات الاقصر من تلك التي
تنتج البنفسجي. تعرف هذه الموجات باشعه ما فوق البنفسجية، وهي التي تمنح الصبغه لبشرتنا.
ولا يمكن رؤيه الموجات الاطول من الاحمر ايضا. وهي تعرف باشعه ما تحت الحمراء، ويعود
الفضل لها باحساسنا بالدفء حين تعرضنا للشمس. عاده ما نبدا برؤيه الالوان حين تصل موجات
الضوء المرئيه الى الشبكية، اي طبقه الخلايا عند مؤخره العين. تتالف الشبكيه من نوعين من
الخلايا الحساسه تجاه الاضواء العموديه والمخروطية.
تسمح لنا الاخيره باستيعاب اللون. وهي تعمل بشكل افضل تحت تاثير الضوء. ومن الصعب ان
تعمل في الظلام، او ما بعد الغروب.
يعود الفضل بالرؤيه في الظلام الى العموديات البالغه الحساسيه تجاه الضوء وعديمه الحساسيه تجاه الالوان.
لهذا يبدو كل ما نراه ليلا، رمادي اللون.
حين يكون النور ساطعا، تبدا ثلاثه مجموعات من المخروطيات بالعمل. تحوي هذه المجموعات الثلاث صبغ
حساس تجاه الازرق والاخضر والاحمر. حين تصل موجات الضوء الى مخروطيات الشبكية، يمتص كل صبغ
موجات الضوء ليتعرف عليها.
ينتج عن عمليه الامتصاص هذه رده فعل كيميائيه تؤدي الى ارسال اشاره كهربائية. تنقل الاشاره
الصادره عن كل من المجموعات المخروطيه الثلاث والعموديه الى قشره الرؤيه في الدماغ.
تتولى هذه معالجه المعلومات التي يتم جمعها، فينجم عن ذلك تحديد لون الصوره .
لهذا تتمكن منظومه الرؤيه لدينا من اعاده بناء كل الالوان التي يمكن تشكيلها عبر الالوان
الرئيسيه الثلاث. وهي الازرق والاخضر والاحمر. وتعرف هذه العمليه باضافه الالوان لتركيبها.
فاذا اجتمع شعاعين مثلا، احدهما احمر والاخر اخضر، فوق شاشه بيضاء اللون، تفرض احداهما على
الاخرى، لتنشئ اللون الاصفر.
عن تركيب الاخضر والازرق ينتج الازرق الداكن. وينجم عن الازرق والاحمر لون ارجواني، او اقرب
الى البنفسجي. واذا ما توافقت الالوان الرئيسيه الثلاث بنسب متساوية، ينتج عن ذلك اللون الابيض.
هناك عمليه تركيب الوان اخرى تعرف بتركيب الطرح. تتم هذه العمليه عبر الصبغ بدل الضوء
للوصول الى الالوان التي يستعملها الرسامون.
يطرح الصباغ الموجود في الطلاء بعض الموجات الضوئيه من الضوء الابيض ليع** اخرى.
يعود ذلك الى التركيبه الجزئيه للصباغ، فالطلاء الاحمر مثلا يبدو احمرا، لانه يمتص كل الالوان
التي يتشكل منها الضوء الابيض باستثناء الاحمر الذي يع**ه والذي تتلقاه ابصارنا.
تعتبر الالوان الرئيسيه في عمليه الطرح، الاصفر، والازرق الداكن، والارجواني. اما مزج الاصفر والازرق الداكن
فيؤدي الى الاخضر.
كما يؤدي مزج الكميه المماثله من الالوان الثلاثه الى اللون الاسود. لان تركيبه الالوان الثلاثه
تمتص كل موجات الاضواء .
لون الاشياء يعتمد ايضا على الضوء المسلط عليها. والحقيقه ان ليس للاشياء الوانا بل تنع**
الوانها وفق الاناره التي تع**ها. كما ان تركيبه الضوء المسلط عليها تعتبر ايضا عاملا حاسما.
اذا سلط الضوء على سطح ازرق. سيبرز اللون الازرق وحده. واذا سلط عليه اللون الاصفر،
سيبدو السطح اسود. لان السطح الازرق يمتص الضوء الاصفر بالكامل. ولهذا لا يع** السطح اي
لون عند تعرضه لشعاع اصفر. تتكرر هذه الظاهره مثلا عند القياده عبر الانفاق، المضاءه بانوار
بخارية. اللون الوحيد الذي تع**ه هذه الاناره هو الاصفر. لهذا تبدو الملامح شاحبه تحتها .
يستطيع نظام الرؤيه لدينا التعود على الضوء القائم، حتى انه يتغاضى عن المتغيرات في الانارة.
فيمنح الاشياء لونها الحقيقي، يتم ذلك بعدم الاعتماد فقط على النور الذي تع**ه هذه الاشياء،
بل باخذ هويتها ايضا بعين الاعتبار. فبما ان ضوء النهار يتغير بين اوقات الصباح الاولى
والغروب والمساء، تبدو الاشياء بالنسبه لنا دائما بالالوان نفسها .
لعالم الحيوان سحره ايضا، فالحرباء مثلا تغير لون جلدها كي تتاقلم مع البيئه المحيطة.
الوان النباتات والحيوانات ليست هنا لنزوه الطبيعة، بل لها اسبابها المحدده جدا.
يع** عالم الحيوانات تنوعا كبيرا من الالوان، فسواء كانت مشعه او هادئة، لم تات لمجرد
هدف جمالي. بل لاهداف عده كالتمويه او التخلص من اشعه الشمس ما فوق البنفسجية، او
لاخافه المفترسين، او لاغراء الجنس الاخر.
ليس بالضروره ان تحتاج الحيوانات دائما الى مواد صابغه لتكون ملونة. فاللون الازرق لهذه الفراشه
الاستوائيه مثلا، ينجم عن التفاعل بين الضوء، وقشور اجنحتها.
تغطي الحراشف الميكروسكوبيه اجنحه الفراشه الاستوائيه كجميع مثيلاتها. الطبقه العلويه للحراشف مقلمه باخاديد متساويه ومتوازية.
ينع** الضوء عبر هذه المسننات حالما ينصب عليها. يسبب ذلك تداخلا بين اشعاعات الضوء فيولد
هذا التداخل نورا ازرق.
حين تلامس موجه النور الازرق اثنين من هذه الاخاديد، تع** موجه من التناسق التام. انحناءات
الموجات تتداخل مع بعضها، فتزيد من كثافه الضوء الازرق.
بالمقابل، الموجات التي تع**ها الاوان الاخرى لا تتناسق ابدا لان انحناءاتها تلغي بعضها البعض، فتجعل
اللون الاخر يختفي.
الظاهره نفسها تنطبق على التقزح اللوني للديك الرومي. كما واجنحه بعض الخنفسائيات.
تنص القاعدة، على ان موادا للتلوين تعرف بالصبغ هي التي تضفي الالوان على الحيوانات. يمكن
العثور على هذا الصباغ في الاصداف والريش والفرو.
فصدفه الروبيان مثلا تحتوي على صباغ زهري من فصيله الصبغ الجزراني. علما ان اللون الزهري
ليس ظاهرا على الحيوان، لان الصباغ موجود في البروتين الذي يخفي اللون الزهري، ليبرز اللون
الاخضر او الازرق عليه.
ولكن عند غلي الروبيان، يتغير البروتين، فيتمكن الصباغ من اظهار لونه الحقيقي.
الصبغ الجزراني موجود ايضا في اجنحه البجعه الزهرية.
اللون الحقيقي لهذه الطيور هو في الواقع ابيض، ولكنه يتحول الى زهري لانها تتغذى في
البراري على نوع من جراد البحر غني بالصبغ الجزراني. عند تدجينها، تفقد البجعات الوانها الزهرية،
الا اذا ضم الصباغ الى لائحه طعامها.
عيب هذا النوع من الصباغ، هو انه لا يسمح للحيوانات بتغيير الوانها بسرعة، لاهداف التخفي
مثلا. الطريقه الوحيده لتغير الوان الحيوانات، تكمن بتغيير ريشها.
الارانب مثلا، تفقد الوانها البنيه تدريجيا في الشتاء، لينمو فروها الابيض الذي يتموه بلون الثلج.
الا ان بعض الحيوانات كالروبيان والاخطبوط. يمكنهما تغير الوانهما بسرعه وبالع** ايضا. فهناك خلايا متخصصه
سمح لهما بذلك عموما، انها موجوده في البشرة، تعرف بالكروماتوفورس. وهي خلايا غنيه بالصباغ.
تسمح هذه الخلايا في بعض انواع الروبيان، تسمح للحيوان بان يغير الوانه وفق لمعان الاجواء
المحيطة. فحين تعرضه للشمس، ينتج الروبيان هرمونا تصبح خلايا اللون تحت تاثيره صغيره جدا لدرجه
الاختفاء. حينها يصبح الروبيان شفافا كالماء تماما فلا يمكن للمفترس ان يراه.
وعندما تتغير الاناره في البيئه المحيطة، ينتج الروبيان هرمونات اخرى تطلق العنان لصباغ يجعل الروبيان
داكنا، ما يساعده على الهرب.
التحولات التي يشهدها الاخطبوط تثير مزيدا من الدهشة. اذ انه يستطيع تغيير لونه مباشره وعلى
الفور.
يعتد الاخطبوط بما يتراوح بين المليون ومليوني خليه كروماتوفوريه، يتم التحكم بها من خلال الياف
عصبية. يتالف كل من هذه الالياف من جعبه مركزيه مطاطه تحتوي على الصباغ.
عاده ما يكون الصباغ اسودا او بنيا. كما يتميز احيانا بالوان صفراء وبرتقاليه او حمراء.
تحاط جعبه الصباغ بالياف عضليه على شكل اطار الدراجة. حين تنقبض الالياف تتحرك جعبه الصباغ،
فتسمح له بالظهور والانتشار.
حينها يصبح الصباغ مرئي اكثر، فيغلب اللون الداكن على الحيوان. وعند ارتخاء العضلات، تتوسع الجعبة،
لتشد حبوب الصباغ الى بعضها فيبدو الاخطبوط شاحبا.
تشهد بعض النباتات ايضا تغييرا في الوانها. فالاوراق الخضراء لبعض اشجار الغابات، كما هو حال
القيقب تتحول من الاصفر الى البرتقالي فالاحمر في فصل الشتاء.
تحتوي هذه الاوراق على تنوع من الصباغ، كالكلوروفيل الاخضر بلا شك، ولكنها تحتوي ايضا على
البرتقالي والاصفر ، الى جانب الاحمر ايضا. في الصيف يعم الكلوروفيل الاخضر ليخفي الالوان الاخرى.
اما في الشتاء، وبما ان اليوم يصبح اطول، تقل نسبه الكلوروفيل، تسيطر الالوان الاخرى على
الموقف لبضعه ايام فتعم الغابه الوانا زاهية، قبل ان تغط في نوم عميق طوال فصل
الشتاء.
كما تستغل الطبيعه الالوان، نفعل ذلك نحن البشر ايضا.
نستخدم الالوان في اتصالاتنا بين اشياء اخرى، ولكن لنفعل ذلك بنجاح، نحتاج للحبر الجيد و
الرسومات.
تعود مساعي الانسان لاضفاء الالوان على نفسه وما حوله الى بدايات التاريخ.
تحتاج صناعه الالوان الى عنصرين رئيسيين، احدهما هو الصباغ الذي ياتي على شكل تلوين ناعم.
والاخر هو وسيله مثبته تربط جزيئات الصباغ بالقماش او بالورق مثلا.
على الصباغ والمثبت قبل مزجهما معا، ان ياخذا بعين الاعتبار اولا مجموعه مواصفات يمكن ان
تتغير حسب قوه امتصاص الصباغ المطلوب.
الصباغ الذي كان يستعمل في بدايه العصور كان طبيعيا بالكامل. كانت المغره الصفراء تصنع من
التراب. ويستخرج الازرق من حجاره شبه ثمينة. اما الاحمر فكان يصنع من جذور نباتات محددة.
تتولى الكيمياء المعاصره اليوم انتاج تشكيله واسعه من الاصباغ الصناعية، فتصنع المغره الصفراء من مركبات
ا**يد الحديد.
يعد اكثر المثبتات شيوعا في صناعه الوان الرسومات الزيتيه من بذور الكتان. الا ان الوان
زيت الكتان تحتاج لفتره طويله كي تجف. وعلى الفنان ان ينتظر عده ايام قبل ان
يعاود العمل في لوحته.
يمكن اضافه العناصر المعدنيه كالكوبالت، للتعجيل بعمليه التجفيف. ويمكن اضافه مركبات اخرى الى المزيج كالطبشور
لازاله اللمعان من اللوحة.
تكمن صناعه الطلاء بتغليف كل حبيبه من الصباغ بالعناصر المثبتة، لا بد من فصل الحبيبات
عن بعضها البعض بحيث يمكن لكل منها ان تع** لونها بالكامل.
يتم ذلك بالتنسيق البسيط بين كل عناصر المزيج معا.
قد تتماسك بعض حبيبات الصباغ مع بعضها لتشكل كتلا. فيتم ازالتها بتمريرها عبر اسطوانتين. وعندما
يتم ذلك تتبع تقنيه بسيطه لمعرفه كثافه الطلاء، اي حجم حبيبات الصباغ، ليقارن اللون بعدها
بالنماذج الثابته فيتم تعديله اذا لزم الامر باضافه عجينه ملونه والاستمرار بعمليه الخلط.
تتبع التقنيه نفسها لتحضير الطلاء المائي ايضا. الا ان سبل تثبيت اخرى تتبع هنا حيث
الصمغ العربي هو الاكثر شيوعا اذ انه قابل للذوبان في الماء وبالتالي تتم اذابه الطلاء
فيه.
الا ان صباغ الاكليريك يحتاج الى عمليه مختلفة، اذ يتم تحضيره اولا بمزج الماء والصباغ.
ليضاف اليه صمغ الاكليريك. وهي ماده تعتمد على البوليمر وتقوم بدور المثبت.
توضع كل عناصر المزيج هذه بخلاط سريع. على خلاف الطلاء الزيتي الذي يشحب ويتشقق مع
مرور الزمن، يحتفظ الطلاء المائي بتماسكه ولا يتعرض للتشقق. الا انه يجف بسرعة، ولا يمنح
الفنان كثيرا من الوقت لاجراء تعديلات على لوحته.
على خلاف الطلاء الزيتي او المائي، يستعمل الحبر في الطباعه فقط. طباعه ملصق ملون عبر
شاشه طابعه، يحتاج الى حبر من اربعه الوان. الازرق الداكن والارجواني والاصفر والاسود.
عبر ضغط هذه الالوان الاربعه في نقاط صغيرة، يمكن ان نحصل على اي لون بينها.
يتم الوصول الى النقاط عبر دفع الحبر من خلال ماده من البوليستر تعرف بالشاشة.
يتم الحصول على صور النيغاتيف التي تعود للالوان الاربعه من الصوره الاصلية. ثم يتم تكبيرها
بحجم الملصق المطلوب.
تكمن الخطوه التاليه بصناعه المجمع. يتم تجميع عناصر الشبكه بحيث يمر الحبر عبر تلك المناطق
التي نريد الصوره فيها.
يتم ذلك بتغليف الشاشه بماده حساسه تجاه الضوء وبوضع الفيلم في مواجهه الشاشة. ثم يخضع
كل شيء بعدها الى اشعه ما فوق البنفسجيه لبضع دقائق.
حين تمر اشعه الضوء عبر الاماكن الشفافه للفيلم تطهي الغشاء وتحاصر الشبكة.
تحمي المناطق الداكنه من الفيلم الغشاء من الضوء. وعندما يتم غسل الشاشه بالماء، تحرر النسبه
الغير مطهيه في الغشاء من الماده المشبكة. يتمكن الحبر من العبور من خلال الموجه المفتوحة،
في حين تحول الموجات المقفله دون ذلك.
لطباعه اللون، تغطى الشاشه التي تعود لهذا اللون بالحبر. ثم تمارس عمليه اطباق محكمه تضغط
الحبر على الشاشه فتجبر الحبر على المرور عبر فتحات الشبكه نحو الورقه التي تحت الشبكة.
تمر الورقه المطبوعه بعدها عبر نفق لتجفيفها . ثم تتكرر العمليه ذاتها لكل من الالوان
الاربعة.
وهكذا تخرج الملصقات اخيرا ليحتوي كل منها على اكثر من ملياري نقطة. ثم تنتشر الملصقات
المنتجه على جدران المدينه وفي الاماكن العامه الاهم حيث يمكنها لفت الانظار.
يعتقد بعض العلماء انه يمكن تحسين شبكيه العين لدى البشر. وقد يصبح لدينا يوما اربعه
صابغات بدل الثلاثه التي تسمح لنا بتمييز ما يزيد عن مائتي لون مختلف. حينها فقط
سنتمكن من رؤيه الاشياء بالوانها الحقيقية
