مقالات منوعة جديدة

بحث عن ابو بكر الصديق كامل , اجمل ما قيل عن الصحابة

بحث عن ابو بكر الصديق كامل - اجمل ما قيل عن الصحابة اسم أبي بكر الصديق

بحث عن ابو بكر الصديق كامل , أجمل ما قيل عن الصحابة

بحث عن ابو بكر الصديق كامل - اجمل ما قيل عن الصحابة 8A50C9547439979Dec0C7A0Afc71D795
ابو بكر الصديق
واسمه عبد الله بن ابي قحافه التيمي القرشي، اول الخلفاء الراشدين واحد اوائل الصحابه الذين
اسلموا من اهل قريش ورافقوا النبي محمد بن عبد الله منذ بدء الاسلام، وهو صديقه
ورفيقه في الهجره الى المدينه المنورة، واحد العشره المبشرين بالجنه عند اهل السنه والجماعة، اسلم
على يده الكثير من الصحابة. وهو والد ام المؤمنين عائشه زوجه الرسول. ولد بعد عام
الفيل بسنتين وسته اشهر الموافقه لسنه 50 ق.ه وسنه 573م. كان سيدا من ساده قريش
وغنيا من كبار اغنيائهم، وكان ممن رفضوا عباده الاصنام في الجاهلية. يعرف في التراث السني
ب “ابي بكر الصديق” لانه صدق النبي محمد في قصه الاسراء والمعراج، وقيل لانه كان
يصدق النبي في كل خبر ياتيه. بويع بالخلافه يوم الثلاثاء 2 ربيع الاول سنه 11
ه، واستمرت خلافته قرابه سنتين واربعه اشهر. توفي في يوم الاثنين 22 جمادى الاولى سنه
13 ه الموافق 23 اغسطس 634م
حياته قبل الاسلام
ولد ابو بكر في مكه المكرمه بعد عام الفيل بسنتين وسته اشهر. ونشا فيها في
حضن ابوين لهما الكرامه والعز في قومهما مما جعل ابا بكر ينشا كريم النفس، عزيز
المكانه في قومه. وكانت اقامته في مكه لا يخرج منها الا لتجارة، اذ كان في
الجاهليه رجلا تاجرا، ودخل بصرى من ارض الشام للتجاره وارتحل بين البلدان وكان راس ماله
40 الف درهم، وكان ينفق من ماله بسخاء وكرم عرف به في الجاهلية. كما كان
من رؤساء قريش في الجاهليه واهل مشاورتهم ومحببا فيهم، اخرج ابن عساكر عن معروف بن
خربوذ (مولى عثمان) قال: «ان ابا بكر الصديق رضي الله عنه احد عشر من قريش
اتصل بهم شرف الجاهليه والاسلام فكان اليه امر الديات والغرم». وكان اعلم قريش بانساب القبائل
واخبارها وسياستها، وبما كان فيها من خير وشر، فكانت العرب تلقبه ب “عالم قريش”.  كان رجلا
تاجرا ذا خلق ومعروف، وكان رجال قومه ياتونه ويالفونه لغير واحد من الامر لعلمه وتجارته
وحسن مجالسته،وقد قال له ابن الدغنه حين لقيه مهاجرا: «والله انك لتزين العشيرة، وتعين على
النوائب، وتفعل المعروف وتكسب المعدوم». كان ابو بكر يعيش في حي حيث يسكن التجار؛ وكان
يعيش فيه النبي، ومن هنا بدات صداقتهما حيث كانا متقاربين في السن والافكار والكثير من
الصفات والطباع.
كان ابو بكر ممن حرموا الخمر على انفسهم في الجاهلية، فلم يشربها، وقد اجاب من
ساله هل شربت الخمر في الجاهلية؟ بقوله: «اعوذ بالله»، فقيل: «ولم؟» قال: «كنت اصون عرضي،
واحفظ مروءتي، فان من شرب الخمر كان مضيعا لعرضه ومروءته».[5] ولم يسجد ابو بكر لصنم
قط، قال ابو بكر في مجمع من الصحابة: «ما سجدت لصنم قط، وذلك اني لما
ناهزت الحلم، اخذني ابو قحافه بيدي فانطلق بي الى مخدع فيه الاصنام، فقال لي: هذه
الهتك الشم العوالي، وخلاني وذهب، فدنوت من الصنم وقلت: اني جائع فاطعمني فلم يجبني فقلت:
اني عار فاكسني، فلم يجبني، فالقيت عليه صخره فخر لوجهه».
صفاته
كان ابو بكر ابيض البشره نحيف الجسم خفيف العارضين  في ظهره انحناء لا يستمسك ازاره
يسترخي عن حقويه، معروق الوجه (لحم وجهه قليل)، غائر العينين ناتئ الجبهه، عاري الاشاجع (اصول
الاصابع التي تتصل بعصب ظاهر الكف).
اسمه ولقبه وكنيته
اتفق جمهور اهل النسب وجزم به البخاري وغيره من المحدثين على ان اسمه الاصلي هو
“عبد الله” سماه به النبي محمد لما اسلم، وكان اسمه قبل ذلك “عبد الكعبة”، وقال
اكثر المحدثين ان “عبد الله” هو اسمه سماه به اهله. ويرى كثير من المحدثين ان
اسمه كان “عتيق”، سماه به النبي محمد، وقيل بل سماه بذلك ابوه، وقيل بل امه.
بينما رجح النووي والسيوطي وابن عساكر ان “عتيقا” لقب له وليس اسما. واختلفوا لم سمي
“عتيقا” فقيل: سمي بذلك لعتاقه وجهه وجماله (والعتق: الجمال)، وقيل ان امه كانت لا يعيش
لها ولد، فلما ولدته استقبلت به البيت ثم قالت «اللهم هذا عتيقك من الموت فهبه
لي»، وقيل انما سمي عتيقا لانه لم يكن في نسبه شيء يعاب به، وقيل كان
له اخوان عتق وعتيق فسمي باسم احدهما، وقيل غير ذلك
واما لقب “الصديق” فقيل انه كان يلقب به في الجاهليه لما عرف منه من الصدق،
اذ كان وجيها رئيسا من رؤساء قريش واليه كانت الديات في الجاهلية، وكان اذا حمل
شيءا قالت فيه قريش: «صدقوه وامضوا حمالته وحماله من قام معه ابو بكر»، وان احتملها
غيره خذلوه ولم يصدقوه.وفي الاسلام سمي “الصديق” لمبادرته الى تصديق النبي محمد في كل ما
جاء به،واول ما اشتهر به لتصديقه له في خبر الاسراء والمعراج، عندما كذبت قريش ذلك
الخبر وجاءوا الى ابي بكر قائلين: «هل لك الى صاحبك؟ يزعم انه اسري به الليله
الى بيت المقدس»، فقال «لئن كان قال ذلك لقد صدق». ويروى عن علي بن ابي
طالب انه كان يقول ويحلف بالله «ان الله انزل اسم ابي بكر من السماء “الصديق”».
قال فيه ابو محجن الثقفي:
وسميت صديقا وكل مهاجر سواك يسمى باسمه غير منكر
سبقت الى الاسلام والله شاهد وكنت جليسا بالعريش المشهر
وبالغار اذ سميت بالغار صاحبا وكنت رفيقا للنبي المطهر
وكذلك لقب ابو بكر “بالاواه” وهو لقب يدل على الخوف والوجل والخشيه من الله، فعن
ابراهيم النخعي انه قال: «كان ابو بكر يسمى بالاواه لرافته ورحمته». وكانت كنيته “ابو بكر”
وهي من البكر وهو الفتى من الابل.وبعد وفاه النبي محمد صار يسمى ب “خليفه رسول
الله ‪ﷺ” لتوليه الخلافه بعده.
نسبه
هو: عبد الله بن ابي قحافه واسمه عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن
سعد بن تيم بن مره بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك
بن النضر وهو قريش بن كنانه بن خزيمه بن مدركه بن الياس بن مضر بن
نزار بن معد بن عدنان . ويلتقي في نسبه مع النبي محمد بن عبد الله
عند مره بن كعب. اسلم يوم فتح مكه في السنه 8 ه، وكان بصره مكفوفا،
اذ اتى به ابو بكر الى النبي محمد فاسلم بين يديه. ولم يزل ابو قحافه
في مكه لم يهاجر، حتى توفي بعد وفاه ابنه ابي بكر بسته اشهر وايام في
شهر محرم سنه 14 ه وهو ابن 97 سنة.
امه: ام الخير واسمها سلمى بنت صخر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم
بن مره بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن
كنانه بن خزيمه بن مدركه بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان
، وهي ابنه عم ابي قحافة.اسلمت قديما في دار الارقم بن ابي الارقم عندما طلب
من النبي محمد ان يدعوا لها الله ان تسلم قائلا :«يا رسول الله، هذه امي
بره بوالديها، وانت مبارك فادعها الى الله، وادع الله لها، عسى ان يستنقذها بك من
النار» فدعا لها فاسلمت. توفيت قبل ابي قحافه وبعد ابنها ابي بكر، وورثته.
زوجاته
ذريه ابي بكر الصديق وزوجاته
قتيله بنت عبد العزى العامريه القرشية: وقد اختلف في اسلامها، وهي والده عبد الله واسماء.
كان ابو بكر قد طلقها في الجاهلية، فيها نزل من القران اية: ﴿لا ينهاكم الله
عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان
الله يحب المقسطين﴾ بعد ان رفضت ابنتها اسماء من ان تدخلها بيتها في المدينه المنورة.

ام رومان بنت عامر الفراسيه الكنانية: وهي من بني الحارث بن غنم من قبيله بني
كنانه بن خزيمة، مات عنها زوجها الحارث بن سخبره في مكة، فتزوجها ابو بكر، واسلمت
قديما، وهاجرت الى المدينه المنوره وهي والده عبد الرحمن وعائشة. توفيت في المدينه المنوره في
ذي الحجه سنه 6 ه.
اسماء بنت عميس الشهرانيه الخثعمية: اسلمت قديما قبل دخول دار الارقم بن ابي الارقم، وهاجر
بها زوجها جعفر بن ابي طالب الى الحبشة، فولدت له هناك: عبد الله، ومحمدا، وعونا.
وهاجرت معه الى المدينه المنوره سنه 7 ه، فلما استشهد زوجها جعفر يوم مؤته سنه
8 ه وبعد وفاه ام رومان بنت عامر الكنانية، تزوج ابو بكر من اسماء بنت
عميس، فولدت له: محمدا وقت الاحرام فحجت حجه الوداع، ثم توفي ابو بكر، فغسلته. ثم
تزوج بها علي بن ابي طالب.
حبيبه بنت خارجه الخزرجيه الانصارية: اسلمت وولدت لابي بكر ام كلثوم بعد وفاته. تزوجها من
بعده “خبيب بن اساف بن عتبه بن عمر”.
اسلام ابى بكر الصديق:
كان ابو بكر من رؤساء قريش، وعقلائها، وكان قد سمع من ورقه بن نوفل وغيره
من اصحاب العلم بالكتب السابقة، ان نبيا سوف يبعث في جزيره العرب، وتاكد ذلك لديه
في احدى رحلاته الى اليمن؛ حيث لقي هنالك شيخا عالما من الازد، فحدثه ذلك الشيخ
عن النبي المنتظر، وعن علاماته، فلما عاد الى مكه اسرع اليه ساده قريش: عقبه بن
ابى معيط، وعتبة، وشيبة، وابو جهل، وابو البخترى بن هشام، فلما راهم قال لهم: هل
نابتكم نائبة؟ قالوا: يا ابا بكر قد عظم الخطب، يتيم ابى طالب يزعم انه نبي
مرسل، ولولا انت ما انتظرنا به فاذا قد جئت فانت الغايه والكفاية، فذهب اليه ابو
بكر، وساله عن خبره؛ فحكى له النبي*صلى الله عليه وسلم* ما حدث، ودعاه الى الاسلام؛
فاسلم مباشرة، وعاد وهو يقول: ” لقد انصرفت وما بين لابتيها اشد سرورا من رسول
الله *صلى الله عليه وسلم* باسلامي”، وكان ابو بكر اول من اسلم من الرجال.

بحث عن ابو بكر الصديق كامل - اجمل ما قيل عن الصحابة 20160622 104
هجره ابى بكر الصديق:
لما اذن الله (عز وجل) لنبيه بالهجره الى المدينة، امر النبي(صلى الله عليه وسلم) اصحابه
ان يهاجروا، وجعل ابو بكر يستاذن في الهجرة، والنبي(صلى الله عليه وسلم) يمهله، ويقول له:
(لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا)، حتى نزل جبريل على النبي، واخبره ان قريشا
قد خططت لقتله، وامره الا يبيت ليلته بمكة، وان يخرج منها مهاجرا، فخرج النبي (صلى
الله عليه وسلم) وفتيان قريش، وفرسانها محيطون ببيته، ينتظرون خروجه ليقتلوه، ولكن الله اخذ ابصارهم
فلم يروه، وتناول النبي (صلى الله عليه وسلم) حفنه من التراب، فنثرها على رؤسهم، وهم
لا يشعرون، وذهب (صلى الله عليه وسلم) الى بيت ابى بكر {وكان نائما فايقظه}، واخبره
ان الله قد اذن له في الهجرة، تقول عائشة: لقد رايت ابابكر عندها يبكى من
الفرح، ثم خرجا فاختفيا في غار ثور، واجتهد المشركون في طلبهما حتى شارفوا الغار، وقال
ابو بكر: لو ان احدهم نظر تحت قدميه لابصرنا، فقال له النبي (صلى الله عليه
وسلم): (فما ظنك باثنين الله ثالثهما؟!)، واقاما في الغار ثلاثه ايام، ثم انطلقا، وكان ابو
بكر اعرف بالطريق، وكان الناس يلقونهما، فيسالون ابا بكر عن رفيقه فيقول: انه رجل يهدينى
الطريق، وبينما هما في طريقهما اذ ادركه سراقه بن مالك (وكان قد طمع في النياق
المائه التي رصدتها قريش لمن ياتيها بمحمد)، ولما اقترب سراقه راه ابو بكر فقال: يا
رسول الله هذا الطلب قد لحقنا، ودنا سراقه حتى ما كان بينه وبينهما الا مقدار
رمح او رمحين، فكرر ابو بكر مقولته على النبي (صلى الله عليه وسلم)، وبكى فقال
له النبي (صلى الله عليه وسلم) : لم تبكي؟ فقال ابو بكر: يا رسول الله،
والله ما ابكي على نفسي، ولكنى ابكى عليك، فدعا النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال:
(اللهم اكفناه بما شئت)، فساخت قوائم الفرس، ووقع سراقه وقال: يا محمد ان هذا عملك
فادع الله ان ينجيني مما انا فيه، فو الله لاعمين على من ورائي، فاجابه النبي(صلى
الله عليه وسلم) الى طلبه، ودعاه الى الاسلام، ووعده ان اسلم بسوارى كسرى، واستمرا في
طريقهما، حتى بلغا المدينة، واستقبل الصحابه {مهاجرون وانصا} رسول الله وصاحبه بسرور وفرح عظيمين، وانطلق
الغلمان، والجواري ينشدون الانشوده الشهيرة: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
اضطهاد ابى بكر الصديق:
كان ابو بكر ذا مكانه ومنعه في قريش؛ فلم ينله من اذاهم ما نال المستضعفين،
ولكن ذلك لم يمنع ابا بكر من ان ياخذ حظه وقسطه من الاذى، فقد دخل
النبي(صلى الله عليه وسلم) الكعبة، واجتمع المشركون عليه، وسالوه عن الهتهم {وهو لا يكذب} فاخبرهم؛
فاجتمعوا عليه يضربونه، وجاء الصريخ ابا بكر يقول له: ادرك صاحبك، فاسرع ابو بكر اليه،
وجعل يخلصه من ايديهم، وهو يقول: ويلكم اتقتلون رجلا ان يقول ربى الله”، فتركوا رسول
الله (صلى الله عليه وسلم)، وجعلوا يضربونه حتى حمل ابو بكر اهل بيته، وقد غابت
ملامحه من شده الاذى.
جهاد ابى بكر الصديق:
كان ابو بكر رفيق النبي (صلي الله عليه وسلم) في جهاده كله، فشهد معه بدرا،
واشار على النبي (صلي الله عليه وسلم) ان يبنى له المسلمون عريشا يراقب من خلاله
المعركة، ويوجه الجنود، وقد استبقى النبي (صلي الله عليه وسلم) ابا بكر معه في هذا
العريش، وكان النبي يرفع يديه الى السماء ويدعو ربه قائلا: (اللهم ان تهلك هذه العصابه
لا تعبد)، فيقول له ابو بكر: يا رسول الله بعض مناشدتك ربك، فان الله موفيك
ما وعدك من نصره، وشهد ابو بكر احدا، وكان ممن ثبتوا مع النبي (صلي الله
عليه وسلم) حين انكشف المسلمون، وشهد الخندق، والحديبية، والمشاهد كلها، لم يتخلف عن النبي في
موقعه واحدة، ودفع اليه النبي (صلي الله عليه وسلم) رايته العظمى يوم تبوك، وكان ابو
بكر ممن ثبتوا يوم حنين حينما هزم المسلمون في بدء المعركة
روايه ابى بكر الصديق:
كان ابو بكر اكثر الصحابه ملازمه للنبي (صلى الله عليه وسلم) واسمعهم لاحاديثه، وقد روى
عن النبي (صلى الله عليه وسلم) احاديث كثيرة، وروى عن ابى بكر كثير من الصحابه
منهم: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلى بن ابى طالب، وعبد الرحمن بن عوف،
وحذيفه بن اليمان، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس،
وزيد بن ثابت{رضى الله عنهم جميعا}، ومما رواه على قال حدثني ابو بكر( وصدق ابو
بكر) ان النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (ما من عبد يذنب ذنبا فيتوضا فيحسن
الوضوء، ثم يصلى ركعتين فيستغفر، الله الا غفر له).
اعمال ابى بكر الصديق ومواقفه:
لابى بكر الصديق (رضى الله عنه) مواقف واعمال عظيمه في نصره الاسلام منها:
انفاقه كثيرا من امواله في سبيل الله، ولذا قال النبي(صلى الله عليه وسلم): (ما نفعنى
مال قط مثلما نفعنى مال ابى بكر)، فبكى ابو بكر وقال : ” وهل انا
ومالى الا لك يا رسول الله ” (رواه احمد والترمذى وابن ماجة). وقد اعتق ابو
بكر من ماله الخاص سبعه من العبيد اسلموا، وكانوا يعذبون بسبب اسلامهم منهم : بلال
بن رباح، وعامر بن فهيرة.
عندما مرض النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لمن حوله: (مروا ابا بكر فليصل بالناس)،
فقالت عائشة: يا رسول الله لو امرت غيره، فقال: (لا ينبغى لقوم فيهم ابو بكر
ان يؤمهم غيره)، وقال علي بن ابى طالب: قدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
ابا بكر، فصلى بالناس، واني لشاهد غير غائب، واني لصحيح غير مريض، ولو شاء ان
يقدمنى لقدمنى، فرضينا لدنيانا من رضيه الله ورسوله لديننا.
عندما قبض النبي (صلى الله عليه وسلم) فتن الناس حتى ان عمر بن الخطاب قال:
ان رسول الله لم يمت، ولا يتكلم احد بهذا الا ضربته بسيفي هذا، فدخل ابو
بكر، وسمع مقاله عمر، فوقف وقال قولته الشهيرة: ايها الناس من كان يعبد محمدا فان
محمدا قد ماتومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت .
بعد مبايعه ابى بكر بالخلافة، اصر على انفاذ جيش اسامة، الذي كان النبي(صلى الله عليه
وسلم) قد جهزه، وولى عليه اسامه بن زيد، وكان فريق من الصحابه منهم عمر، قد
ذهبوا لابى بكر، وقالوا له: ان العرب قد انتفضت عليك، فلا تفرق المسلمين عنك، فقال:
والذى نفسي بيده لو علمت ان السباع تاكلني بهذه القريه لانفذت هذا البعث الذي امر
الرسول بانفاذه، ولا احل لواءا عقده رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيده، واتخذ الجيش
سبيله الى الشام تحت امره اسامة.
واجه ابو بكر في بدء خلافته محنه كبرى، تمثلت في رده كثير من قبائل العرب
عن الاسلام بعد وفاه النبي(صلى الله عليه وسلم)، ومنعت بعض القبائل زكاه اموالها، وامام هذه
الردة، جهز ابو بكر الجيش، وقرر حرب المرتدين جميعا، واعتزم ان يخرج بنفسه على قياده
الجيش، غير ان على بن ابى طالب لقيه، وقد تجهز للخروج، فقال له: الى اين
يا خليفه رسول الله؟ ضم سيفك، ولا تفجعنا بنفسك، فو الله لئن اصبنا بك ما
يكون للاسلام بعدك نظام ابدا، فرجع ابو بكر، وولى خالدا على الجيش، وسار خالد فقضى
على رده طليحه الاسدى ومن معه من بنى اسد وفزارة، ثم توجه الى اليمامه لحرب
مسيلمه بن خسر ومن معه من بنى حنيفة، وكان يوم اليمامه يوما خالدا، كتب الله
فيه النصر لدينه، وقتل مسيلمة، وتفرق جنوده ومضى المسلمون يخمدون نار الفتنه والرده حتى اطفاها
الله، ثم استمر جيش خالد في زحفه حتى حقق نصرا عظيما على الروم في معركه
اليرموك.
لما احس ابو بكر بقرب اجله، شاور بعض كبار الصحابه سرا في ان يولى عمر
بن الخطاب الخلافه من بعده فرحبوا جميعا، غير ان بعضهم اعترض على غلظه عمر، فقال
ابو بكر: ” نعم الوالي عمر، اما انه لا يقوى عليهم غيره، وما هو بخير
له ان يلي امر امه محمد، ان عمر راى لينا فاشتد، ولو كان واليا للان
لاهل اللين على اهل الريب “، ثم امر ابو بكر عثمان فكتب كتابا باستخلاف عمر.

اقوال ابى بكر الصديق:
كان ابو بكر اذا مدحه احد قال: ” اللهم انت اعلم بي من نفسي وانا
اعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني
بما يقولون “.
لما بايعه الناس خليفه للرسول (صلى الله عليه وسلم)، خطب فيهم، فقال: ” اما بعد
ايها الناس، فاني قد وليت عليكم، ولست بخيركم، فان احسنت فاعينوني، وان اخطات فقوموني، ولا
تاخذكم في الله لومه لائم، الا ان الضعيف فيكم هو القوى عندنا حتى ناخذ له
بحقه، والقوى فيكم ضعيف عندنا حتى ناخذ الحق منه طائعا او كارها، اطيعوني ما اطعت
الله فيكم فان عصيته فلا طاعه لي عليكم “.
عندما امتنع بعض المسلمين عن اداء الزكاة، قرر ابو بكر قتالهم، فذهب عمر اليه وقال
له: ” كيف تقاتلهم، وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (امرت ان اقاتل الناس،
حتى يشهدوا ان لا اله الا الله، فان قالوا ذلك عصموا منى دماءهم، واموالهم الا
بحقها، وحسابهم على الله)، فقال ابو بكر: “والله لاقاتلن من فرق بين الصلاه والزكاة، فان
الزكاه من حق الله، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه الى رسول الله (صلى الله
عليه وسلم)، لقاتلتهم على منعه، قال عمر: ” فلما رايت ان الله شرح صدر ابى
بكر للقتال، عرفت ان الحق معه”.
من مواعظ الصديق:
ان العبد اذا دخله العجب بشيء من زينه الدنيا مقته الله تعالى حتى يفارق تلك
الزينة.
يا معشر المسلمين استيحوا من الله، فو الذي نفسي بيده اني لاظل حين اذهب الى
الغائط في الفضاء متقنعا حياء من الله.
اكيس الكيس التقوى، واحمق الحمق الفجور، واصدق الصدق الامانة، واكذب الكذب الخيانة.
وكان ياخذ بطرف لسانه ويقول: ” هذا الذي اوردني الموارد “.
اعلموا عباد الله ان الله قد ارتهن بحقه انفسكم، واخذ على ذلك مواثيقكم واشترى منكم
القليل الفاني بالكثير الباقي، وهذا كتاب الله فيكم، لا تفنى عجائبه، فصدقوا قوله، وانصحوا كتابته،
واستضيئوا منه ليوم الظلمة.
قبل موته دعا عمر بن الخطاب وقال له: ” اني مستخلفك على اصحاب رسول الله….
يا عمر: ان لله حقا في الليل لا يقبله في النهار، وحقا في النهار لا
يقبله في الليل، وانها لا تقبل نافله حتى تؤدى الفريضة، وانما ثقلت موازين من ثقلت
موازينه باتباعهم الحق وثقله عليه، وحق لميزان لا يوضع فيه الا الحق غدا ان يكون
ثقيلا، وانما خفت موازين من خفت موازينهم يوم القيامه باتباعهم الباطل، وحق لميزان لا يوضع
فيه الا الباطل ان يكون خفيفا، يا عمر انما نزلت ايه الرخاء مع ايه الشدة،
وايه الشده مع ايه الرخاء ليكون المؤمن راغبا راهبا، فلا ترغب رغبه فتتمنى على الله
ما ليس لك، ولا ترهب رهبه تلقى فيها ما بيديك، يا عمر انما ذكر الله
اهل النار باسوا اعمالهم ورد عليهم ما كان من حسن فاذا ذكرتهم قلت: اني لارجوا
الا اكون من هؤلاء، وانما ذكر الله اهل الجنه باحسن اعمالهم لانه تجاوز لهم ما
كان من سيء فاذا ذكرتهم قلت: اي عمل من اعمالهم اعمل؟ فان حفظت وصيتي فلا
يكن غائب احب اليك من الموت، وهو نازل بك، وان ضيعت وصيتي فلا يكن غائب
اكره اليك من الموت، ولست تعجزه “.
وفاه ابى بكر الصديق:
توفي ابو بكر (رضى الله عنه) في شهر جمادى الاخره سنه ثلاث عشره من الهجرة،
قيل : يوم الجمعه لسبع بقين من جمادى الاخرة، وقيل : مساء ليله الثلاثاء لثمان
بقين من جمادى الاخرة، وصلى عليه عمر بن الخطاب، وكان ابو بكر قد ولد بعد
النبي(صلى الله عليه وسلم) بسنتين واشهر، ومات بعده بسنتين واشهر مستوفيا ثلاثه وستين عاما، وهو
نفس العمر الذي مات عنه النبي(صلى الله عليه وسلم)، واستمرت خلافه ابى بكر سنتين وثلاثه
اشهر واياما. قال عمر في حقه: رحمه الله على ابى بكر، لقد اتعب من بعده
تعبا شديدا.
ابو بكر الصديق:
هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم
بن مره بن كعب بن لؤي القرشى التميمي، كنيته: ابو بكر، ولقبه الصديق، وكنيه ابيه
ابو قحافة، وامه هي: ام الخير سلمى بنت صخر بن كعب بن سعد التميميه بنت
عم ابى قحافة، وكان ابو بكر يسمى ايضا: عتيقا، وقيل ان سبب هذه التسميه ان
النبي (صلى الله عليه وسلم) قال له: (انت عتيق من النار)، وقيل : انه سمى
كذلك لحسن وجهه وجماله، ولقب بالصديق لتصديقه بكل ما جاء به النبي(صلى الله عليه وسلم)
وخاصه تصديقه لحديث الاسراء وقد انكرته قريش كلها، وابو بكر الصديق افضل الامه مكانه ومنزله
بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فهو اول من اسلم من الرجال، وهو رفيق
الرسول (صلى الله عليه وسلم) في هجرته، وخليفته على المسلمين، يقول حسان بن ثابت في
حقه:
اذا تذكرت شجوا من اخي ثقة
فاذكر اخاك ابا بكر بما فعلا
خير البريه اتقاها واعدلها
بعد النبي واوفاها بما حملا
الثاني التالي المحمود مشهده
واول الناس منهم صدق الرسلا
وقد رثاه على بن ابى طالب يوم موته بكلام طويل منه: ” رحمك الله يا
ابا بكر، كنت الف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وانيسه ومكان راحته، وموضع سره
ومشاورته، وكنت اول القوم اسلاما، واخلصهم ايمانا، واحسنهم صحبة، واكثرهم مناقب وافضلهم سوابق، واشرفهم منزلة،
وارفعهم درجة، واقربهم وسيلة، واشبههم برسول الله هديا وسمتا… سماك الله في تنزيله صديقا فقال:
(والذي جاء بالصدق وصدق به) فالذي جاء بالصدق محمد (صلى الله عليه وسلم) والذي صدق
به ابو بكر، واسيته حين بخل الناس، وقمت معه على المكاره حين قعدوا، وصحبته في
الشده اكرم صحبة، وخلفته في دينه احسن الخلافة، وقمت بالامر كما لم يقم به خليفه
نبي…”.
ثبات ابي بكر على فتنه الطاعه والعبادة
ابو بكر والعبادةوقد يظن ظان ان هذا الامر بسيط، وهين الى جوار غيره من الفتن
التي تعرضنا لذكرها انفا، فتن المال، والرئاسة، والاولاد، والايذاء، وضياع النفس، وترك الديار، وغلبه اهل
الباطل، قد يظن ظان ان من ثبت في هذه الامور الشديده سيثبت حتما في امر
الطاعة، والعبادة، فهي امور في يد كل مسلم، يستطيع ان يصلي ويصوم ويزكي، بديهيات عند
كثير من الناس، لكن هذه لمن اعظم الفتن، قد يسهل على الانسان ان يفعل شيئا
عظيما مره واحده او مرتين او ثلاث في حياته، لكن ان يداوم على افعال العباده
كل يوم كل يوم، بلا كلل ولا ملل ولا كسل، فان هذا يحتاج الى قلب
عظيم، وايمان كبير، وعقل متيقظ ومنتبه، لا يقوى على ذلك الا القليل من الرجال، وقد
كان الصديق رضي الله عنه سيد هذا القليل بعد الانبياء، اخرج البخاري ومسلم عن ابي
هريره رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من انفق زوجين في سبيل الله نودي
في الجنه يا عبد الله، هذا خير، فمن كان من اهل الصلاه دعي من باب
الصلاة، ومن كان من اهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من اهل الصدقه
دعي من باب الصدقة، ومن كان من اهل الصيام دعي من باب الريان”.
فبعض الناس يكون مكثر في الصلاة، فيدخل من باب الصلاة، وهكذا.
قال ابو بكر رضي الله عنه: ما على احد يدعى من تلك الابواب من ضرورة،
فهل يدعى احد من تلك الابواب كلها؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نعم، وارجو الله ان تكون منهم”.
ذلك ان الصديق رضي الله عنه كان مكثرا، وبصفه مستديمه من كل اعمال الخير، ومر
بنا من قبل كيف انه اصبح صائما ومتبعا لجنازه وعائدا لمريض ومتصدقا على مسكين؟ هكذا
حياته كلها لا قعود، ولا فتور، كان رضي الله عنه يتحرج جدا من فوات فضيله
او نافلة، روى احمد، وابو داود، والحاكم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه انه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي بكر:
“متى توتر؟” قال: اول الليل بعد العتمة. اي: بعد صلاه العشاء، قال: “فانت يا عمر؟”
قال:اخر الليل. قال: “اما انت يا ابا بكر فاخذت بالثقة”. اي: بالحزم، والحيطه مخافه ان
يفوت الوتر. “واما انت يا عمر فاخذت بالقوة”. اي: بالعزيمه على الاستيقاظ قبل طلوع الفجر؛
لصلاه قيام الليل، ثم الوتر. فالصديق رضي الله عنه لا يتخيل ان يفوته الوتر، ماذا
يحدث لو استيقظ على صلاه الفجر دون ان يصلي الوتر؟
في حقه تكون كارثة، لذلك ياخذ نفسه بالحزم يصليه اول الليل، ثم اذا شاء الله
له ان يستيقظ، ويصلي قيام الليل صلى، ولا يعيد الوتر، بينما عمر بن الخطاب رضي
الله عنه كان ياخذ بالعزيمة، فهو يعلم علم اليقين انه سيستيقظ الفجر ليصلي، منهجان مختلفان،
ولكنهما من اروع مناهج الصحابه رضي الله عنهم اجمعين، ومع حرصه، وطاعته، ومثابرته، وثباته على
امر الدين كان شديد التواضع، لا ينظر الى عمله، بل كان دائم الاستقلال له، كان
يقول: والله، لوددت اني كنت هذه الشجره تؤكل وتعضد.

بحث عن ابو بكر الصديق كامل - اجمل ما قيل عن الصحابة 20160622 5
وروى الحاكم عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: دخل ابو بكر الصديق حائطا
(حديقة) واذا بطائر في ظل شجرة، فتنفس ابو بكر الصعداء، ثم قال: طوبى لك يا
طير، تاكل من الشجر، وتستظل بالشجر، وتصير الى غير حساب، يا ليت ابا بكر مثلك.

وكان يقول اذا مدح: اللهم انت اعلم بي من نفسي، وانا اعلم بنفسي منهم، اللهم
اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون.
رضي الله عن الصديق، وعن صحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم اجمعين.
ثبات ابي بكر امام فتنه الموت
والموت فتنه عظيمة، والفراق المه شديد، وكم من البشر يسقطون في هذه الفتنة، الا ان
الصديق رضي الله عنه، كان كما عودنا رابط الجاش، مطمئن القلب، ثابت القدم امام كل
العوارض التي مرت به في حياته:
– مر بنا موقفه من وفاه ابنه عبد الله بن ابي بكر رضي الله عنهما
شهيدا، وكيف تلقى الامر بصبر عظيم، وبرضا واسع.
– وماتت ايضا زوجته الحبيبه القريبه الى قلبه ام رومان رضي الله عنها، والده السيده
عائشه رضي الله عنها، وعبد الرحمن بن ابي بكر رضي الله عنه، ماتت في السنه
السادسه من الهجره في المدينة، بعد رحله طويله مع الصديق في طريق الايمان، اسلمت قديما
وعاصرت كل مواقف الشده والتعب، والانفاق، والاجهاد، والهجرة، والنصرة، والجهاد، والنزال، كانت خير المعين لزوجها
الصديق رضي الله عنه، ثم ماتت، وفارقت، وفراق الاحبه اليم، لكن صبر الصديق رضي الله
عنه وارضاه صبرا جميلا، وحمد واسترجع.
– ومات كثير من اصحابه واحبابه ومقربيه، مات حمزه بن عبد المطلب، ومات مصعب بن
عمير، ومات اسعد بن زرارة، ومات سعد بن معاذ، ومات جعفر بن ابي طالب، ومات
زيد بن حارثة، وغيرهم كثير رضي الله عنهم اجمعين، ماتوا وسبقوا الى جنه عرضها السماوات
والارض فانتظر الصديق رضي الله عنه صابرا غير مبدل: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا
الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} [الاحزاب:23] .
– وجاءت فتنه كبيرة، فتنه موته هو شخصيا رضي الله عنه وارضاه، ونام على فراش
لا بد من النوم عليه، نام على فراش الموت، فماذا فعل وهو في لحظاته الاخيرة؟

ماذا فعل وهو يعلم انه سيغادر الدنيا وما فيها؟
ماذا فعل وهو سيترك الاهل والاحباب والاصحاب؟
هل جزع او اهتز؟
حاشا لله، انه الصديق رضي الله عنها وارضاه، ها هو على فراش الموت يوصي عمر
بن الخطاب رضي الله عنه في ثبات، وثقة، واطمئنان: اتق الله يا عمر، واعلم ان
لله عملا بالنهار لا يقبله بالليل، وعملا بالليل لا يقبله بالنهار.
يحذره من التسويف، وتاجيل الاعمال الصالحة، ويحفزه على السبق الذي كان سمتا دائما للصديق في
حياته.
وانه لا يقبل نافله حتى تؤدي فريضة، وانما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة،
باتباعهم الحق في دار الدنيا، وثقله عليهم، وحق لميزان يوضع فيه الحق غدا ان يكون
ثقيلا، وانما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة، باتباعهم الباطل في دار الدنيا وخفته
عليهم، وحق لميزان يوضع فيه الباطل غدا ان يكون خفيفا، وان الله تعالى ذكر اهل
الجنه باحسن اعمالهم وتجاوز عن سيئه، فاذا ذكرتهم قلت: اني اخاف الا الحق بهم.
وان الله تعالى ذكر اهل النار باسوا اعمالهم، ورد عليهم احسنه، فاذا ذكرتهم قلت: اني
لارجو ان لا اكون مع هؤلاء.
ليكون العبد راغبا راهبا لا يتمنى على الله، ولا يقنط من رحمه الله، فان انت
حفظت وصيتي فلا يك غائب احب اليك من الموت ولست تعجزه.
انظر الى صدق الوصية، وحرص الصديق ان يصل الى بكل المعاني التي كانت في قلبه
الى عمر بن الخطاب الخليفه الذي سيتبعه في خلافه هذه الامة
ثم انظر الى هذا الموقف العجيب، وهو ما يزال على فراش الموت، استقبل المثنى بن
حارثه رضي الله عنه قائد جيوش المسلمين انذاك في العراق، وكان قد جاءه يطلب المدد
لحرب الفرس، فاذا بالصديق الثابت رضي الله عنه لا تلهيه مصيبه موته، ولا تصده الام
المرض، واذا بعقله ما زال واعيا متنبها، واذا بقلبه ما زال مؤمنا نقيا، واذا بعزيمته،
وباسه وشجاعته كاحسن ما تكون، اسرع يطلب عمر بن الخطاب الخليفه الجديد، يامره وينصحه ويعلمه،
قال:
اسمع يا عمر ما اقول لك، ثم اعمل به، اني لارجو ان اموت من يومي
هذا، فان انا مت فلا تمسين حتى تندب الناس مع المثنى، ولا تشغلنكم مصيبة، وان
عظمت عن امر دينكم، ووصيه ربكم، وقد رايتني متوفى رسول الله وما صنعت، ولم يصب
الخلق بمثله، وان فتح الله على امراء الشام، فاردد اصحاب خالد الى العراق (سيدنا خالد
بن الوليد كان قد انتقل بجيشه من العراق الى الشام)، فانهم اهله وولاه امره وحده،
وهم اهل الضراوه بهم والجراءه عليهم.
ارايت عبد الله كيف يكون الصديق رضي الله عنه وهو في هذه اللحظات الاخيرة؟
لم ينس الجهاد، ولم يشغل عن استنفار المسلمين، ارايت كيف انه وحتى اللحظه الاخيره في
حياته ما زال يعلم ويربي ويوجه وينصح؟
هذا هو الصديق الذي عرفناه.
ودخلت عليه ابنته ام المؤمنين عائشه رضي الله عنها، وهو في اخر اللحظات، ونفسه تحشرج
في صدره، فالمها ذلك، فتمثلت هذا البيت من الشعر:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى اذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
اي لا يغني المال عن الانسان اذا جاء لحظه الوفاة، فخشي الصديق رضي الله عنه
ان تكون قالت ما قالت ضجرا، او اعتراضا، فتقول عائشه رضي الله عنها، فنظر الى
كالغضبان، ثم قال في لطف:
ليس كذلك يا ام المؤمنين، ولكن قول الله اصدق: {وجاءت سكره الموت بالحق ذلك ما
كنت منه تحيد} [ق:19].
هكذا ما زال يربي ويعلم، ثم جاءوا لهم باثواب جديده كي يكفن فيها فردها، وامر
ان يكفن في اثواب قديمه له بعد ان تعطر بالزعفران، وقال:
ان الحي احوج الى الجديد ليصون به نفسه، انما يصير الميت الى الصديد والى البلى.

هكذا بهذا الثبات العظيم، واوصى ان تغسله زوجته اسماء بنت عميس رضي الله عنها، وان
يدفن بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان اخر ما تكلم به الصديق في
هذه الدنيا قول الله تعالى: {توفني مسلما والحقني بالصالحين} [يوسف:101] .
غير انه مع كل ما سبق من فتن عرضت للصديق في حياته الى لحظه موته،
فان كل هذه الفتن تهون، وتضعف، وتتضاءل امام الفتنه العظمى، والبليه الكبرى، والمصيبه القصوى التي
لحقت به وبالمسلمين، لما مات ثمره فؤاد الصديق، وخير البشر، وسيد الانبياء والمرسلين، وحبيب الله،
لما مات النور المبين الذي اضاء الارض بنبوته، وعلمه، وخلقه، ورحمته، لما مات رسول الله
محمد صلى الله عليه وسلم.
اعظم فتنه مرت بالصديق رضي الله عنه، واعظم فتنه مرت بالصحابه رضوان الله عليهم اجمعين،
وكان من فضل الله على الصديق رضي الله عنه انه من عليه بثبات يوازي المصيبة،
وبوضوح رؤيه يقابل الفتنة، وبنفاذ بصيره يكشف البلوى، وينير الطريق للصديق ولمن معه من المسلمين.

وفي موضوع ثبات الصديق رضي الله عنه يقول علي بن ابي طالب رضي الله عنه
عن الصديق رضي الله عنه جمله قصيره لكن عظيمه المعاني قال: كان الصديق رضي الله
عنه كالجبل، لا تحركه القواصف، ولا تزيله العواصف.
ثبات ابي بكر الصديق امام فتنه الرئاسه والمنصب
فتنه الرئاسه فتنه عظيمة، وابتلاء كبير، وكثير من الناس يعيش حياه التواضع، فاذا صعد على
منبر الحكم تغير، وتبدل، وتكبر، فتنه عظيمة، وانظر الى الحسن البصري يقول في كلمه عظيمه
له: واخر ما ينزع من قلوب الصالحين، حب الرئاسة.
اما الصديق رضي الله عنه، فانه قد نزع منه حب الرئاسه منذ البداية، كان يعيش
قدرا معينا من التواضع قبل الخلافة، وهذا القدر تضاعف اضعافا مضاعفه بعد الخلافة، ولعلنا لا
نبالغ ان قلنا:
ان اعظم خلفاء الارض تواضعا بعد الانبياء كان الصديق رضي الله عنه. والله لقد فعل
اشياء يحار العقل كيف لبشر ان يتواضع الى هذه الدرجة؟ ولولا اليقين في بشريته لكانت
شبيهه بافعال الملائكة، هو قد سمع من حديث حبيبه صلى الله عليه وسلم الحديث الذي
رواه مسلم عن ابي يعلى معقل بن يسار رضي الله عنه: “ما من امير يلي
امور المسلمين، ثم لا يجهد لهم وينصح لهم الا لم يدخل معهم الجنة”.
والصديق جهد للمسلمين ونصح للمسلمين كافضل ما يكون الجهد والنصح، ولذا فهو ليس فقط يدخل
الجنه معهم، بل يسبقهم اليها، كيف يتكبر الصديق، وهو الذي كان حريصا طيله حياته على
نفي كل مظاهر الكبر، والخيلاء من شخصيته، وكان يتحرى ذلك حتى في ظاهره، يروي البخاري
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله اليه يوم القيامة”.
وقعت الكلمات في قلب ابي بكر، وتحركت النفس المتواضعه تطمئن على تواضعها، اسرع الصديق رضي
الله عنه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله، ان ازاري
يسترخي الا ان تعاهده.
اشعر انه قالها، وهو يرتجف، ويخشى من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن
رسول الله صلى الله عليه وسلم اثلج صدره وطمانه، ووضح له متى يكون استرخاء الازار
منهيا عنه، قال: “انك لست ممن يفعله خيلاء”.
شهاده من سيد الخلق، وممن لا ينطق عن الهوى، ان الصديق لا يفعل ذلك خيلاء،
وكان من الممكن ان يقول له انك لست متعمدا للاسبال، لكنه يخرج من كل هذا
الى الحقيقه المجردة، تواضع الصديق رضي الله عنه.
والى مواقف من حياه الصديق كخليفه ورئيس وحاكم.
ذكرنا بعض المواقف له في السابق، ذكرنا موقفه مع اسامه بن زيد رضي الله عنهما،
قبل ذلك وهو يودعه الى حرب الروم في الشمال، والان نذكر بعض مواقفه الاخرى:
– موقف عجيب من مواقف الخليفه الرئيس ابي بكر الصديق رضي الله عنه، كان الصديق
رضي الله عنه يقيم بالسنح على مقربه من المدينة، فتعود ان يحلب للضعفاء اغنامهم كرما
منه، وذلك ايام الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان هو الوزير الاول لرسول الله صلى
الله عليه وسلم، فسمع جاريه تقول بعد مبايعته بالخلافة: اليوم لا تحلب لنا منائح دارنا.
فسمعها الصديق رضي الله عنه فقال: بلى، لعمري لاحلبنها لكم. فكان يحلبها، وربما سال صاحبتها:
يا جاريه اتجدين ان ارغي لك او اصرح؟. اي: يجعل اللبن برغوة، ام بدون رغوة،
فربما قالت: ارغ. وربما قالت: صرح. فاي ذلك قالته فعل.
– موقف اخر اغرب، كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعهد عجوزا كبيره عمياء
في بعض حواش المدينه من الليل، فيسقي لها، ويقوم بامرها، فكان اذا جاءها وجد غيره
قد سبقه اليها، فاصلح لها ما ارادت، فجاءها غير مره كيلا يسبق اليها، فرصده عمر،
فاذا هو بابي بكر الذي ياتيها، وهو يومئذ خليفه فقال عمر: انت هو لعمري.
وكان من الممكن ان يكلف رجلا للقيام بذلك، ولكنه الصديق، يشعر بالمسئوليه تجاه كل فرد
من افراد الامة، كما انه رضي الله عنه قد اثر ان يخدمها بنفسه، يربي نفسه
على التواضع لله عز وجل، ويربي نفسه على الا يتكبر حتى على العجوز الكبيره العمياء.

– اخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، ان ابا
بكر الصديق رضي الله عنه قام يوم الجمعه فقال:
اذا كان بالغداه فاحضروا صدقات الابل نقسم، ولا يدخل علينا احد الا باذن.
صدقات الابل كانت قد جاءت كثيره الى ابي بكر الصديق، فوضعوها في مكان، وسيدخل في
اليوم التالي ابو بكر، وعمر رضي الله عنهما، ليقسما هذه الصدقات، فسيدنا ابو بكر يحذر
الناس، فقالت امراه لزوجها: خذ هذا الحظام لعل الله يرزقنا جملا.
فاتى الرجل فوجد ابا بكر وعمر قد دخلا الى الابل، فدخل معهما، هنا الرجل ارتكب
مخالفه واضحه لخليفه البلاد، ودخل عليه بغير اذن، مع كونه نبه على ذلك، فالتفت اليه
ابو بكر فقال: ما ادخلك علينا؟ ثم اخذ منه الحظام، فضربه، فلما فرغ ابو بكر
من قسمه الابل دعا الرجل، فاعطاه الحظام، وقال: استقد. اي: اقتص مني، كما ضربتك اضربني،
سبحان الله، فقال عمر رضي الله عنه: والله لا يستقيد، لا تجعلها سنة.
يعني كلما اخطا خليفه في حق واحد من الرعية، قام المظلوم بضرب الامير فتضيع هيبته،
فقال الصديق رضي الله عنه: فمن لي من الله يوم القيامة؟ فقال عمر: ارضه. فامر
ابو بكر غلامه ان ياتيه براحلة، ورحلها وقطيفه (اي كساء)، وخمسه دنانير، فارضاه بها.
هذا خليفه البلاد، وقد ضرب احد رعاياه ضربه واحده فقط، ولكنه يريد ان يضرب مكان
هذا السوط الذي ضرب، حتى يقف امام الله عز وجل يوم القيامه خالصا، ليس لاحد
عنده شيء.
– بل اقرا وصيته الى جيوشه، وهي تخرج لحرب الروم، في بعث اسامه بن زيد،
ثم بعد ذلك الى فتح فارس، ثم الى فتح الروم، كان يوصيها بوصايا عجيبة، وكانه
يوصي باصدقاء، وليس باعداء، كان يوصيهم بالرحمه حتى في حربهم كان مما قال لهم:
لا تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقطعوا شجره مثمرة، ولا تذبحوا شاة،
ولا بقرة، ولا بعيرا، الا لماكلة، وسوف تمرون باقوام قد فرغوا انفسهم في الصوامع، فدعوهم،
وما فرغوا انفسهم له.
وتامل معي يا اخي، ايوصي باحباب ام يوصي باعداء؟!
والله ما عرف التاريخ مثل حضاره الاسلام، ورقي الاسلام، ونور الاسلام، ولكن اكثر الناس لا
يعلمون، اين هذا من حروب الشرق والغرب؟
اين هذا من حروب غير المسلمين؟
فالمسلمون قد علموا غيرهم الرحمه في كل شيء حتى في الحرب.
ثبات ابي بكر امام فتنه الاولاد
فالمرء قد يقبل ان يضحي تضحيات كثيرة، اذا كان الامر يخصه هو شخصيا، ولكن اذا
ارتبط الامر باولاده، فانه قد يتردد كثيرا، فغالبا ما يحب الرجل اولاده اكثر من نفسه،
كما ان ضعف الاولاد، ورقتهم، واعتمادهم على الابوين، يعطي مسوغات قد يظنها الرجل شرعيه للتخلف
عن الجهاد بالنفس والمال، واقرا قول الله عز وجل: {يا ايها الذين امنوا ان من
ازواجكم واولادكم عدوا لكم فاحذروهم وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا فان الله غفور رحيم} [التغابن:14] .

روى الترمذي، وقال: حسن صحيح. ان رجلا سال ابن عباس رضي الله عنهما عن هذه
الايه قال: هؤلاء رجال اسلموا من اهل مكة، وارادوا ان ياتوا النبي صلى الله عليه
وسلم، فابى ازواجهم، واولادهم ان يدعوهم ان ياتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فلما اتوا
النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، راوا الناس قد فقهوا في الدين، هموا ان
يعاقبوهم (اي يعاقبوا اولادهم)، فانزل الله: {يا ايها الذين امنوا ان من ازواجكم واولادكم عدوا
لكم فاحذروهم وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا فان الله غفور رحيم} [التغابن:14] .
الايه التاليه مباشره لهذه الايه في سوره التغابن تقول: {انما اموالكم واولادكم فتنه والله عنده
اجر عظيم} [التغابن:15].

بحث عن ابو بكر الصديق كامل - اجمل ما قيل عن الصحابة 20160622 105
هكذا بهذا التصريح، التقرير الواضح: انما اموالكم واولادكم فتنة.
اين ابو بكر الصديق رضي الله عنه وارضاه من هذه الايات؟
القضيه كانت في منتهى الوضوح في نظر الصديق رضي الله عنه، واوراقه كانت مرتبه تماما،
الدعوه الى الله، والجهاد في سبيله، ونصره رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه على
كل شيء، والصديق مع رقه قلبه، وعاطفته الجياشة، ومع تمام رافته مع اولاده، كان لا
يقدم احدا منهم، مهما تغيرت الظروف على دعوته، وجهاده، وما فتن بهم لحظة.
– اعلن الدعوه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة، ودافع عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم، حتى كاد ان يقتل، ولم يفكر انه اذا مات سوف
يخلف وراءه صغارا ضعافا، محتاجين في وسط الكفار المتربصين، كان يجاهد، ويعلم انه اذا اراد
الحمايه للذريه الضعيفه ان يتقي الله عز وجل، وان ينطلق بكلمه الدعوة، وكلمه الحق ايا
كانت العوائق {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذريه ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا
قولا سديدا} [النساء:9] .
– لما هاجر الصديق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبكي من الفرح،
لانه سيصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق مليء بالمخاطر، مخلفا وراءه ذريه
في غايه الضعف، ويعلم ان قريشا ستهجم على بيته لا محالة، وقد حدث، وضرب ابو
جهل لعنه الله اسماء بنت الصديق رضي الله عنهما، فسال الدم منها، ما راى الصديق
كل ذلك، كل ما راه هو نصره الرسول صلى الله عليه وسلم، وطريق الله عز
وجل، ليس هذا فقط ولكنه حمل معه كل امواله، كل ما تبقى بعد الانفاق العظيم،
خمسه الاف درهم حملها جميعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وماذا ترك لاهله؟
ترك لهم الله ورسوله، يقين عجيب، وثبات يقرب من ثبات الانبياء، ابو قحافه والد الصديق
رضي الله عنه كان طاعنا في السن وقت الهجرة، وكان قد ذهب بصره، دخل على
اولاد الصديق، وهو على وجل من ان الصديق قد اخذ كل ماله، وترك اولاده هكذا،
لكن الابنه الواعيه الواثقه المطمئنه بنت الصديق اسماء رضي الله عنها، وعن ابيها، وضعت يد
الشيخ على كيس مملوء بالاحجار توهمه انه مال، فسكن الشيخ لذلك، الشيخ الكبير لن يفهم
هذه التضحيات، ولن يفهمها احد الا من كان على يقين يقارب يقين الصديق رضي الله
عنه.
– الصديق يوظف اولاده في عمليه خطيرة، عمليه التمويه على الهجرة، عمليه قد تودي بحياتهم
في وقت اشتاط الغضب بقريش، حتى اذهب عقلها، عبد الله بن الصديق كان يتحسس الاخبار
في مكه نهارا، ثم يذهب ليلا الى غار ثور يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم
واباه بما يحدث في مكة، ويظل حارسا على باب الغار حتى النهار، ثم يعود ادراجه
الى مكة، السيده اسماء كانت حاملا في الشهور الاخيره من حملها، ومع ذلك، فكان عليها
ان تحمل الطعام الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابي بكر الصديق في غار
ثور سالكه طريقا وعرا، وصاعده جبلا صعبا، وذلك حتى اذا راها احد لا يتخيل ان
المراه الحامل تحمل زادا الى الرسول وصاحبه، مهمه خطيرة، وحياتها في خطر، لكن ما اهون
الحياه ان كان الله هو المطلب، وان كانت الجنه هي السلعه المشتراة.
– ومر بنا كيف تبرع بكل ماله في تبوك، وما ترك شيئا لاولاده رضي الله
عنه، وارضاه، فلما ساله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ماذا ابقى لاهله؟ قال:
ابقيت لهم الله ورسوله.
– ثم ها هو الصديق يقدم فلذه كبده عبد الله بن ابي بكر رضي الله
عنهما، ها هو يقدمه شهيدا في سبيل الله، علمه حب الجهاد، وحب الموت في سبيل
الله، فاصيب في الطائف بسهم، ولم يمت في ساعتها، بل بقى اياما وشهورا، ويقال: انه
خرج بعد ذلك الى اليمامه في حروب المرتدين، واستشهد هناك. الثابت انه استشهد في خلافه
الصديق رضي الله عنه، وكان الله اراد ان ينوع عليه الابتلاءات حتى ينقى تماما من
اي خطيئة، بل انه قال كلمه عجيبه لما راى قاتل ابنه عبد الله وكان قد
اسلم بعد ان قتله قال: الحمد لله الذي اكرمه بيديك (يعني اكرمه الشهادة) ولم يهلك
بيده (اي الموت كافرا) فانه اوسع لكما.
سعيد لان ابنه قد مات شهيدا في سبيل الله، وايضا لان هذا الرجل لم يقتل
على يد عبد الله، فكانت امامه فرصه للاسلام، اي رجل هذا؟!
– لكن ان كان لنا ان نفهم كل هذه التضحيات، فان له موقفا مع ولد
من اولاده يتجاوز كل حدود التضحيات المعروفة، والمالوفه لدى عامه البشر، الصديق رضي الله عنه
في غزوه بدر يكون في فريق، فريق المؤمنين، وابنه البكر عبد الرحمن بن ابي بكر
في الفريق الاخر، فريق المشركين، ولم يكن قد اسلم بعد، واذا بالصديق رضي الله عنه
يبحث عن فلذه كبده، وثمره فؤاده؛ ليقتله، نعم ليقتله!
وقف كفر الابن حاجزا بين الحب الفطري له، وبين حب الله عز وجل، فقدم الصديق
حب الله عز وجل دون تردد، ولا تفكير، وضوح الرؤية، نعم وضوح الرؤيه الى هذه
الدرجة، لكن بفضل الله لم يوفق الصديق في ان يجد ابنه؛ لان الله من عليه
بعد ذلك بالاسلام، اسلم يوم الحديبية، ولما اسلم قال لابيه:
لقد اهدفت لي يوم بدر، فملت عنك، ولم اقتلك.
اي رايتك هدفا سهلا في بدر، وكان عبد الرحمن بن ابي بكر رضي الله عنه
من امهر الرماه في فريق المشركين، فقال ابو بكر في ثبات وثقة:
ولكنك لو اهدفت الي، لم امل عنك.
وسبحان الله، وكان الله اراد ان يشبه ابا بكر بابراهيم عليه الصلاه والسلام اكثر واكثر،
فقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابراهيم مثلا للصديق بعد تخيير الحكم في
اسارى بدر، اراد الله ان يشبه ابا بكر بالخليل ابراهيم عليه الصلاه والسلام، الذي ابتلي
البلاء المبين بذبح ابنه، فيبتلي الصديق كذلك بالبحث عن ابنه ليذبحه بيده، اي مثل رائع
ضربه الصديق لهذه الامة؟!
كيف تغلب على هذا المعوق الخطير الذي كثيرا ما خلف اناسا عن السير في طريق
الدعوة، وعن السير في طريق الجهاد؟ {شغلتنا اموالنا واهلونا} [الفتح:11].
لكن هذا لم يات من فراغ، بل هو نتيجه لاتباع رسول الله صلى الله عليه
وسلم، والسبق الى الخيرات، والشعور باهميه الدعوة، واستحقار امر الدنيا، وتعظيم الاخرة، كان كل ذلك
وراء هذا اللون العجيب من الثبات.

Previous post
المانكير خرجت بيه كان روعة , مناكير بنات الاظافر الجميلة ليدين والقدمين
Next post
تسريحة الشعر الطويل للرجال