الزوج الصالح والزوجه الصالحة
اخترت لكم هذا البحث لمن يبحث كل منهن على الزوج و الزوجه الصالحة
لما كانت الدنيا مرحله الى الاخره ، يبتلى المرء فيها لتنظر اعماله فيجازى عليها يوم
القيامه ، كان لزاما على المسلم العاقل ان يتحرى في دنياه كل ما يعينه على
تحصيل السعاده في اخراه ، واهم معين واولى نصير هو الصاحب الصالح ، والذي يبدا
بالمجتمع المسلم الذي يعيش فيه ، ثم باختيار الصديق التقي كما امر النبي صلى الله
عليه وسلم : ( لا تصاحب الا مؤمنا ) رواه ابو داود
ثم ينتهي باختيار الزوجه الصالحه التي يتوسم فيها ان تكون خير معين ورفيق الى السعاده
الابديه في الجنه عند الله سبحانه وتعالى .
وتوسم صلاح الزوجه لا بد ان يتمثل في جميع جوانب الحياه :
فهي التي يظن فيها ان تحفظ نفسها وعرضها في حضوره ومغيبه ، وفي الصغير والكبير
.
يقول سبحانه وتعالى : ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) النساء/34
وهي التي تتحلى بالخلق الحسن ، والادب الرفيع ، فلا يعرف منها بذاءه لسان ولا
خبث جنان ولا سوء عشره ، بل تتحلى بالطيب والنقاء والصفاء ، وتتزين بحسن الخطاب
ولطف المعامله ، واهم من ذلك كله ان تتقبل النصيحه وتستمع اليها بقلبها وعقلها ،
ولا تكون من اللواتي اعتدن الجدال والمراء والكبرياء .
ان اول اساس وضعه لك الاسلام، لاختيار شريكه العمر، ان تكون صاحبه دين، ذلك ان
الدين يعصم المراه من الوقوع في المخالفات، ويبعدها عن المحرمات، فالمراه المتدينه بعيده عن كل
ما يغضب الرب، ويدنس ساحه الزوج.
اما المراه الفاسده المنحرفه البعيده عن هدى دينها، وتعاليم اسلامها، فلا شك انها تقع في
حبائل الشيطان بايسر الطرق، ولا يؤمن عليها ان تحفظ الفرج، او تصون العرض، بل ان
الخطر يشتد اذا كان مع الفساد جمال، ومع الجمال مال.
من اجل ذلك بالغ الاسلام في حثك على اختيار ذات الدين، وحضك على البحث عنها
في كل بيت مسلم امين.
الرجل الذي ترضاه المراه زوجا لها ينبغي ان يكون متمسكا بالاسلام ملتزما باحكامه ، متخلقا
باخلاقه ، وما سوى ذلك من الصفات امر يختلف فيه الناس .
من المقاصد العظيمه التي شرع الزواج لاجلها ، تحقيق العفه ، واحصان النفس ، وقصر
الطرف عن الحرام ، ولتحقيق ذلك جاءت الشريعه بالحث على النظر الى المخطوبه قبل الزواج
بها ، ليكون ادعى لتحقيق الموده والالفه والمحبه بينهما ، فتنشا اسره سعيده ، اساسها
المحبه والموده والاحترام ، فلا تطمع نفس احد الزوجين الى غير ما احل الله له
الدين : وهو اعظم ما ينبغي توفره فيمن ترغب اي فتاه الزواج به ، فينبغي
ان يكون هذا الزوج مسلما ملتزما بشرائع الاسلام كلها في حياته ، وينبغي ان يحرص
ولي المراه على تحري هذا الامر دون الركون الى الظاهر ، ومن اعظم ما يسال
عنه صلاه هذا الرجل ، فمن ضيع حق الله عز وجل فهو اشد تضييعا لحق
من دونه ، والمؤمن لا يظلم زوجته ، فان احبها اكرمها وان لم يحبها لم
يظلمها ولم يهنها ، وقل وجود ذلك في غير المسلمين الصادقين . قال الله تعالى
: ( ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكم ) ، وقال تعالى : (
ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) وقال تعالى : ( والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات )
، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه
فانكحوه ، الا تفعلوا تكن فتنه في الارض وفساد عريض ) رواه الترمذي 866
اهم الاوصاف التي ينبغي للمراه ان تختار الخاطب من اجلها هي الخلق والدين اما المال
والنسب فهذا امر ثانوي لكن اهم شيء ان يكون الخاطب ذا دين وخلق لان صاحب
الدين والخلق لا تفقد المراه منه شيئا ان امسكها امسكها بمعروف وان سرحها سرحها باحسان
ثم ان صاحب الدين والخلق يكون مباركا عليها وعلى ذريتها . تتعلم منه الاخلاق والدين
اما ان كان غير ذلك فعليها ان تبتعد عنه ولا سيما بعض الذين يتهاون باداء
الصلاه او من عرفوا بشرب الخمر والعياذ بالله .
– ويستحب مع الدين ان يكون من عائله طيبه ، ونسب معروف ، فاذا تقدم
للمراه رجلان درجتهما في الدين واحده ، فيقدم صاحب الاسره الطيبه والعائله المعروفه بالمحافظه على
امر الله ما دام الاخر لا يفضله في الدين لان صلاح اقارب الزوج يسري الى
اولاده وطيب الاصل والنسب قد يردع عن كثير من السفاسف ، وصلاح الاب والجد ينفع
الاولاد والاحفاد : قال الله تعالى : ( واما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينه
وكان تحته كنز لهما وكان ابوهما صالحا فاراد ربك ان يبلغا اشدهما ويستخرجا كنزهما رحمه
من ربك ) فانظري كيف حفظ الله للغلامين مال ابيهما بعد موته اكراما له لصلاحه
وتقواه ، فكذلك الزوج من الاسره الصالحه والابوين الكريمين فان الله ييسر له امره و
يحفظه اكراما لوالديه .
– وحسن ان يكون ذا مال يعف به نفسه واهل بيته ، لقول النبي صلى
الله عليه وسلم لفاطمه بنت قيس رضي الله عنها لما جاءت تستشيره في ثلاثه رجال
تقدموا لخطبتها : ( اما معاويه فرجل ترب ( اي فقير ) لا مال له
.. ) رواه مسلم 1480 . ولا يشترط ان يكون صاحب تجاره وغنى ، بل
يكفي ان يكون له دخل او مال يعف به نفسه واهل بيته ويغنيهم عن الناس
. واذا تعارض صاحب المال مع صاحب الدين فيقدم صاحب الدين على صاحب المال .
– ويستحب ان يكون لطيفا رفيقا بالنساء ، فان النبي صلى الله عليه وسلم قال
لفاطمه بنت قيس في الحديث السابق : ( اما ابو جهم فلا يضع العصا عن
عاتقه ) اشاره الى انه يكثر ضرب النساء .
– ويحسن ان يكون صحيح البدن سليما من العيوب كالامراض ونحوها او العجز والعقم .
– ويستحب ان يكون صاحب علم بالكتاب والسنه ، وهذا ان حصل فخير والا فان
حصوله عزيز .
اذا اردت اخي في الله الزواج :
اذا اردت ان تتزوج فابحث عن ذات الدين كما اوصى بذلك النبي صلى الله عليه
وسلم بقوله : فاظفر بذات الدين تربت يداك . ولا مانع من ان يبحث الانسان
مع ذلك عن ما يساعده على غض البصر من جمال وغيره ، وهو مطلب معتبر
ولذا اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : تنكح المراه لاربع وذكر منها
الجمال . فاذا خشيت ان تسيء الى هذه المراه بسبب عدم انجذابك لها فلا تقدم
على الزواج بها . والله الموفق
عن ابي هريره رضي الله عنه قال : ( قيل : يا رسول الله !
اي النساء خير ؟ قال : التي تسره اذا نظر اليها ، وتطيعه اذا امر
، ولا تخالفه في نفسها ولا في ماله بما يكره ) رواه احمد (2/251)
وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم دعاء الاستخاره ، ومعناه : طلبنا من الله
عز وجل ان يختار لنا الافضل لديننا ودنيانا من الامور كلها الدينيه والدنيويه ، وهذا
الدعاء هو ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما ، قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخاره في الامور ، كما يعلمنا السوره
من القران ، يقول : ” اذا هم احدكم بالامر : فليركع ركعتين من غير
الفريضه ، ثم ليقل : “اللهم اني استخيرك بعلمك ، واستقدرك بقدرتك ، واسالك من
فضلك العظيم ؛ فانك تقدر ولا اقدر ، وتعلم ولا اعلم ، وانت علام الغيوب
، اللهم ان كنت تعلم ان هذا الامر – ويسميه – خير لي في ديني
، ومعاشي ، وعاقبه امري : فاقدره لي ، ويسره لي ، ثم بارك لي
فيه ، وان كنت تعلم ان هذا الامر – ويسميه – شر لي في ديني
، ومعاشي ، وعاقبه امري : فاصرفه عني ، واصرفني عنه ، واقدر لي الخير
حيث كان ، ثم ارضني به ” . رواه البخاري ( 1109 ) .
وليس هناك شيء يستحق التركيز عليه من احد الطرفين مثل الدين والخلق .
= فبالنسبه للزوج ، اوصى النبي صلى الله عليه وسلم الاولياء ، فقال :
“اذا اتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه الا تفعلوا تكن فتنه في الارض وفساد عريض”
. رواه الترمذي ( 1084 ) وابن ماجه ( 1967 ) .
= وبالنسبه للمراه ، اوصى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال :
“تنكح المراه لاربع : لمالها ، ولحسبها ، وجمالها ، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت
يداك” . رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 1466 ) .
نسال الله العلي القدير ان ييسر لاختي واخي في الله ان يلهمهم رشدهم ويرزقهم الزوج
الصالح والزوجه الصالحه والذريه الطيبه انه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى الله على نبينا
محمد .