اسباب تاخر الزواج للبنت
الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على خير المرسلين……..اما بعد:
امر الله عز وجل عباده بالزواج ورغب فيه لما فيه من المصالح العظيمه والحكم المتعدده
فقال سبحانه ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ) وقال تعالى
(وانكحوا الايامى منكم و الصالحين من عبادكم وامائكم)
واوصى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال ” يا معشر الشباب من استطاع منكم
الباءه فليتزوج فانه اغض للبصر واحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء”
متفق عليه وقال صلى الله عليه وسلم ” تزوجوا الودود الولود فاني مكاثر بكم الامم
يوم القيامة” رواه النسائي و ابو داود.
وقال احمد :ليس للمراه خير من الرجل الصالح ولا للرجل خير من المراه قال طاووس
: المراه شطر دين الرجل
واستحب الفقهاء الزواج لمن كان له شهوه وقدر عليه , واوجبوه على من خاف العنت
على نفسه و خشي عليها الفساد وكان قادرا.
وللزواج فوائد ومصالح كثيره :
(1) غض البصر و احصان الفرج والتعفف عن الحرام.
(2) بقاء جنس الانسان والحفاظ على الانساب.
(3) كثره النسل.
(4) تكثير سواد امه الاسلام.
(5) حصول السكن و الاستقرار النفسي و العاطفي.
(6) اشاعه الفضيله والحد من الرذيله في المجتمع.
اسباب تاخر الزواج:
اولا: غلاء المهور مما يجعل الزواج يتعسر او يتعذر على كثير من الشباب فيتاخر الزواج
لذلك وهذا خلاف ما شرعه الله من تخفيف المهور قال النبي صلى الله عليه وسلم
” اعظم النساء بركه ايسرهن مئونة” رواه احمد ، وتزوجت امراه بنعلين فاجاز النبي صلى
الله عليه وسلم نكاحها , وقال لرجل التمس ولو خاتما من حديد فالتمس فلم يجد
شيئا فقال النبي صلى الله عليه وسلم “هل معك شيء من القران” قال نعم سوره
كذا وكذا , فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” زوجتكها بما معك من القران”
، وقال له رجل يارسول الله اني تزوجت امراه على اربع اواق يعنى مئه وستين
درهما فقال النبي صلى الله عليه ” على اربع اواق كانما تنحتون الفضه من عرض
هذا الجبل ما عندنا ما نعطيك ولكن عسى ان نبعثك في بعث فتصيب منه ”
وقال عمر رضي الله عنه لا تغلوا صدق النساء فانها لو كانت مكرمه في الدنيا
او تقوى في الاخره كان اولاكم بها رسولا لله ” رواه الخمسه وصححه الترمذي.
وكثير من الناس يغالى في المهور لمقاصد مذمومه اما متاجره وطلبا للمال او مفاخره وطلبا
للرياء, او مجاراه للاعراف و اتباعا لراى النساء , فينبغي على الاولياء التيسير في ذلك
وعدم اثقال كاهل الزوج و اشغال ذمته بالديون ، واللائق بالوجهاء واعيان الناس ان يكونوا
قدوه في المجتمع وان لا يشقوا على اخوانهم الذين لا يستطيعون مجاراتهم في غلاء المهور
،ومن المؤسف ان بعض الاسر تكثر من الشروط مع علمها بضعف حال الزوج و الولي
الحكيم هو الذي يحرص على نجاح الزواج ولا يلتفت الى المال بل ربما اعان الزوج
على ظروف الحياه ، اما اذا بذل الزوج المال الكثير وكان موسرا و لم يشق
عليه ذلك فلا باس بذلك, والصحيح انه لا حد لاقل الصداق او اكثره في الشرع.
ثانيا : عضل الاولياء للمراه وعدم تزويجها مع تقدم الكفء لها و رضاها به ,
وهذا محرم نهي الشرع عنه قال تعالى ” فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن اذا تراضوا
بينهم بالمعروف ”
وفي هذا العمل ثلاث جنايات :الجنايه الاولى على نفسه بمعصيه الله ورسوله ، وجنايه على
المراه بمنعها من الكفء الذي رضيته ، وجنايه على الخاطب بمنعه من حقه.
ويحمل الولي على هذا التصرف طمعه في مال البنت او عداوته للخاطب او قصد الاضرار
بام البنت ، وانتظار تزويج الكبرى لا يسوغ الامتناع من تزويج الصغرى وتفويت الفرصه عليها
و وكل مكتوب له رزقه.
واذا امتنع الولي من تزويج موليته بكفء سقطت ولايته وصارت لمن بعده الاحق فالاحق كما
نص الفقهاء على ذلك وقالوا : اذا تكرر منه هذا صار فاسقا لا تقبل شهادته
ولا جميع تصرفاته التي يشترط لها العداله .
ثالثا : عزوف الشباب عن الزواج وتسويفهم له لارتباطهم بعلاقات او رغبتهم في الحريه وعدم
الالتزام بالمسؤوليه او غير ذلك من القناعات الفكريه التي لا تسوغ شرعا ولا يجوز الاعتماد
عليها.
رابعا : تاجيل اهل المراه تزويج البنت لاسباب واهيه و مبررات غير مقنعه كسن الفتاه
وتعليمها او حصولها على وظيفه , مما يكون سببا لحرمان الفتاه و عنوستها .
خامسا : امتناع بعض الفتيات عن الزواج لمفاهيم خاطئه وافكار مثاليه سعيا وراء الامل المنشود
وفارس الاحلام , وكل ذلك خيال قل ان يتحقق في الواقع ، وكم من فتاه
ندمت اشد الندم على فوات شبابها ، والواجب على الفتاه عند خطبتها التعقل والمشاوره والاستخاره
والموازنه بين المصالح والمفاسد والتركيز على توفر صفه الدين والخلق في الشاب .
سادسا : اكراه الولي الشاب او الفتاه على الزواج باحد اقاربه فيكره الولد على الزواج
بابنه عمه او البنت بابن عمها دون النظر الى الرغبه والتوافق النفسي وهذا العمل محرم
في الشرع من عادات اهل الجاهليه له تاثير كبير في تاخر الزواج او فشله و
يوقع الاولاد في حرج عظيم .
سابعا : كثره الشروط من قبل الفتاه واهلها , وتضخيم الجانب المادي والغنى في اختيار
الزوج والرضا به وعدم الاهتمام في الصفات المهمه الاخرى كالدين والخلق والكفاءه ، والشارع اعتبر
في الزوج خصلتين عظيمتين قال الرسول صلى الله عليه وسلم ” اذا اتاكم من ترضون
دينه وخلقه فزوجوه الا تفعلوا تكن فتنه في الارض وفساد كبير ” رواه الترمذي
والعجب كل العجب ممن يزوج ابنته من لا يصلي ولا يخاف ريه من اجل غناه
وكثره ماله في الوقت الذي يرفض الرجل الصالح لعدم غناه.
ثامنا : انتشار البطاله بين شباب المسلمين وقله الفرص الوظيفيه او ضعف الدخل لدى الشاب
العامل مما يجعله غير قادر على فتح بيت وتكوين اسره ، والمسؤول عن هذه المشكله
العظيمه هو الدوله وجهات العمل والشؤون الاجتماعية. وينبغي للقطاع الخاص وذوي الغنى واليسار ان يكون
لهم حضور في هذا المجال.
ولا شك ان الله تكفل باعانه العبد الصادق على الزواج قال الرسول صلى الله عليه
وسلم “ثلاثه حق على الله عونهم المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الاداء والناكح
الذي يريد العفاف ” رواه الترمذي وحسنه .
فمن خاف على نفسه العنت فليستعفف بالله وليقدم على الزواج ولو كان قليل اليد ولا
باس ان يقترض لاجل الزواج او ياخذ من الزكاه كما رخص اهل العلم في ذلك
, قال عمر عجبت لمن ابتغى الغنى بغير النكاح كما قال الله ( ان يكونوا
فقراء يغنهم الله من فضله ) ، ومن كان معدما فتعفف وصبر فحسن قال تعالى
(وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله) وعليه بالصوم والاكثار من الطاعات.
ومن اعظم العوامل التي تعيق الزواج و تؤخره عند كثير من الشباب والفتيات الاعلام الفاسد
المتاثر بنظريات الغرب ومبادئه الذي يبث لابناء المسلمين انماطا اجتماعيه بعيده عن روح الاسلام وادابه
مما يجعل الفتى والفتاه يتروون جدا في قرار الزواج المبكر في الوقت الذي ينساقون وراء
العلاقات الغير شرعيه و الاماني الكاذبه .
وهناك مفهوم خاطئ لا يمت للاسلام واهله بصله ينتشر عند بعض الفتيات وهو ان الزواج
لا يكون ناجحا الا اذا سبقه حب بين الطرفين مما يستدعى اقامه علاقه لفتره طويله
يتعرف كل واحد على الاخر ويفهم شخصيته ويقع في شراك حبه , ولا شك ان
هذه العاده محرمه في الشرع وكثير من هذه العلاقات باءت بالفشل بعد ان اطلع كل
واحد على عيوب الاخر , وقد يستغل ذلك ضعاف القلوب فيعبثون في اعراض بنات المسلمين
ومشاعرهم تحت غطاء الخطوبه المزعومه ثم ينسحب احدهم بكل وقاحه وقد اثر على سمعه البنت
ونفسيتها.
والخطوبه المشروعه في الاسلام هي الاذن بالنظر الى الفتاه والتحدث اليها بحضره وليها و الاتفاق
بينهما على شؤون الزواج والحقوق و متطلبات الحياه الزوجيه قال الرسول صلى الله عليه وسلم
” اذا خطب احدكم المراه فقدر ان يرى منها بعض ما يدعوه الى نكاحها فليفعل
” رواه احمد ، ولا باس بالكلام مع المخطوبه بعد ذلك اذا حصلت الموافقه ودعت
الحاجه لذلك في غير ريبه وفتنه , اما الخلوه بها وعقد اللقاءات الخاصه و الخروج
معها والسفر بها بلا ولى فكل ذلك حرام وباب شر عظيم واتباع لخطوات الشيطان.
والزواج المبكر للفتاه امر حسن دل عليه الشرع وفيه مصالح كثيره يصون الفتاه ويحفظها من
كل سوء ولا يعرضها للفتنه , ويخطئ من يظن انه سبب لفشل الزواج ووقوع الطلاق,
فان الفتاه اذا كانت واعيه متفهمه واختير لها الرجل المناسب العاقل الحليم حصل الخير والبركه
ولم يقع ما يكره باذن الله ، وكثير من اسباب الطلاق لا ترجع الى سن
الفتاه , فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج عائشه وهى بنت تسع سنين
وكثير من امهاتنا تزوجن وهن صغيرات , وكانت تلكم الزيجات نماذج رائعه وصور مشرفه للارتباط
الناجح , ولا يزال بحمد الله الى يومنا هذا من يعمل بهذه العاده الاسلاميه .
ومن اكبر اسباب تاخر الزواج ارتباط بعض الشباب بعلاقات غير شرعيه و الجري وراء الشهوات
المحرمه والاغترار بسراب الحب الكاذب وهذا من اعظم الفتنه ، فليتق الله الشاب وليعلم ان
العمر يمضى والمال يفنى والدين يذهب والشهوه تنقضي وتعقبها حسره وندامه ولا يزال يسعى في
شؤم الذنب وجحيم المعصيه ولن يهنا ابدا ويذوق طعم السعاده الا اذا تزوج المراه الصالحه
وسكن اليها وملات عليه حياته وفراغه العاطفي فذاق طعم العفه واللذه المباحه , قال تعالى
(ومن اياته ان خلق لكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم موده ورحمه ان في ذلك
لايات لقوم يتفكرون).
ومن اعظم ما يعين على انتشار الزواج سعى الولي في البحث عن الرجل الكفء وعرضها
على الصالحين وهذه سنه عمل بها السلف وقد عرض عمر بن الخطاب ابنته حفصه لما
طلقت على ابي بكر وعثمان بن عفان رضي الله عنهم , و ينبغي لمن عمل
ذلك ان يحسن اختيار الزوج ذي المروءه ويستخدم التعريض في ذلك او يبعث وسيطا يعرض
عليه ويراعى اعراف الناس واحوالهم.
ويخطئ من يمتنع عن الشفاعه في تزويج الناس ودلاله الشباب على الاسر الطيبه ، ومن
الاقوال الخاطئه الشائعه قولهم ” امشى في جنازه ولا امشى في جوازه” ، والتوفيق بين
نفسين في الحلال من اجل الاعمال ومن الشفاعه الحسنه وتفريج الكرب عن المسلم قال رسول
اله صلى الله عليه وسلم ” اشفعوا تؤجروا ” متفق عليه وقال صلى الله عليه
وسلم” من استطاع منكم ان ينفع اخاه فلينفعه” رواه مسلم ، والحاجه داعيه لذالك لا
سيما مع ظاهره التفكك الاجتماعي وكثره الناس وصعوبه التعرف على بنات المسلمين و عدم الثقه
في كثير من البرامج و الوسائل التي تعمل في هذا المجال ، وقد كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يسعى في تزويج الناس ويشفع لهم كما سعى في تزويج
جليبيب رضي الله عنه وقد كان فقيرا في وجهه دمامه من اسره شريفة.
