تلك الطبيعة قف بنا ياساري , أجمل وصف للطبيعة بقلم أحمد شوقى

قصيده تلك الطبيعه قف بنا ياسارى للشاعر أحمد شوقي حيث يقوم بشرح الطبيعه على طريقتة و يدعي الماره إلي التوقف و تأمل جمالها.

تِلكَ الطَبيعَةُ قِف بِنا يا ساري


حَتّي أُريكَ بَديعَ صُنعِ الباري


الأَرضُ حَولَكَ و َالسَماءُ اِهتَزَّتا


لِرَوائِعِ الآياتِ و َالآثارِ


مِن كُلِّ ناطِقَةِ الجَلالِ كَأَنَّها


أُمُّ الكِتابِ عَلي لِسانِ القاري


دَلَّت عَلي مَلِكِ المُلوكِ فَلَم تَدَع


لِأَدِلَّةِ الفُقَهاءِ و َالأَحبارِ


مَن شَكَّ فيهِ فَنَظرَةٌ فصُنعِهِ


تَمحو أَثيمَ الشَكِّ و َالإِنكارِ


كَشَفَ الغَطاءُ عَنِ الطُرولِ و َأَشرَقَت


مِنهُ الطَبيعَةُ غَيرَ ذاتِ سِتارِ


شَبَّهتُها بَلقيسَ فَوقَ سَريرِها


فى نَضرَةٍ و َمَواكِبٍ و َجَواري


أَو بِاِبنِ داوُدٍ و َواسِعِ مُلكِهِ


وَمَعالِمٍ لِلعِزِّ فيهِ كِبارِ


هوجُ الرِياحِ خَواشِعٌ فبابِهِ


وَالطَيرُ فيهِ نَواكِسُ المِنقارِ


قامَت عَلي ضاحى الجِنانِ كَأَنَّها


رَضوانُ يُزجى الخُلدُ لِلأَبرارِ


كَم فالخَمائِلِ و َهيَ بَعضُ إِمائِها


مِن ذاتِ خِلخالٍ و َذاتِ سِوارِ


وَحَسيرَةٍ عَنها الثِيابُ و َبَضَّةٍ


فى الناعِماتِ تَجُرُّ فَضلَ إِزارِ


وَضَحوكِ سِنٍّ تَملَأُ الدُنيا سَنىً


وَغَريقَةٍ فدَمعِها المِدرارِ


وَوَحيدَةٍ بِالنَجدِ تَشكو و َحشَةً


وَكَثيرَةِ الأَترابِ بِالأَغوارِ


وَلَقَد تَمُرُّ عَلي الغَديرِ تَخالُهُ


وَالنَبتُ مِرآةً زَهَت بِإِطارِ


حُلوُ التَسَلسُلِ مَوجُهُ و َجَريرُهُ


كَأَنامِلٍ مَرَّت عَلي أَوتارِ


مَدَّت سَواعِدُ ما ئِهِ و َتَأَلَّقَت


فيها الجَواهِرُ مِن حَصىً و َجِمارِ


يَنسابُ فمُخضَلَّةٍ مُبتَلَّةٍ


مَنسوجَةٍ مِن سُندُسٍ و َنُضارِ


زَهراءَ عَونِ العاشِقينَ عَلي الهَوى


مُختارَةِ الشُعَراءِ فآذارِ


قامَ الجَليدُ بِها و َسالَ كَأَنَّهُ


دَمعُ الصَبابَةِ بَلَّ غُضنَ عَذارِ


وَتَري السَماءَ ضُحىً و َفى جُنحِ الدُجى


مُنشَقَّةً مِن أَنهُرٍ و َبِحارِ


فى كُلِّ ناحِيَةٍ سَلَكتَ و َمَذهَبٍ


جَبَلانِ مِن صَخرٍ و َماءٍ جاري


مِن كُلِّ مُنهَمِرِ الجَوانِبِ و َالذُرى


غَمرِ الحَضيضِ مُحَلَّلٍ بِوَقارِ


عَقَدَ الضَريبُ لَهُ عَمامَةَ فارِعٍ


جَمِّ المَهابَةِ مِن شُيوخِ نِزارِ


وَمُكَذِّبٍ بِالجِنِّ ريعَ لِصَوتِها


فى الماءِ مُنحَدِراً و َفى التَيّارِ


مَلَأَ الفَضاءَ عَلي المَسامِعِ ضَجَّةً


فَكَأَنَّما مَلَأَ الجِهاتِ ضَواري


وَكَأَنَّما طوفانُ نوحٍ ما نَرى


وَالفُلكُ قَد مُسِخَت حَثيثَ قِطارِ


يَجرى عَلي مَثَلِ الصِراطِ و َتارَةً


ما بَينَ هاوِيَةٍ و َجُرفٍ هاري


جابَ المَمالِكَ حَزنَها و َسُهولَها


وَطَوي شِعابَ الصِربِ و َالبُلغارِ


حَتّي رَمي بِرِحالِنا و َرَجائِنا


فى ساحِ مَأمولٍ عَزيزِ الجارِ


مَلِكٌ بِمَفرَقِهِ إِذا اِستَقبَلتَهُ


تاجانِ تاجُ هُدىً و َتاجُ فَخارِ


سَكَنَ الثُرَيّا مُستَقَرَّ جَلالِهِ


وَمَشَت مَكارِمُهُ إِلي الأَمصارِ


فَالشَرقُ يُسقي ديمَةً بِيَمينِهِ


وَالغَربُ تُمطِرُهُ غُيوثُ يَسارِ


وَمَدائِنُ البَرَّينِ فإِعظامِهِ


وَعَوالِمُ البَحرَينِ فالإِكبارِ


اللَهُ أَيَّدَهُ بِآسادِ الشَرى


فى صورَةِ المُتَدَجِّجِ الجَرّارِ


الصاعِدينَ إِلي العَدُوِّ عَلي الظُبى


النازِلينَ عَلي القَنا الخَطّارِ


المُشتَرينَ اللَهَ بِالأَبناءِ و َال


أَزواجِ و َالأَموالِ و َالأَعمارِ


القائِمينَ عَلي لِواءِ نَبِيِّهِ


المُنزَلينَ مَنازِلَ الأَنصارِ


يا عَرشَ قُسطَنطينَ نِلتَ مَكانَةً


لَم تُعطَها فسالِفِ الأَعصارِ


شُرِّفتَ بِالصَديقِ و َالفاروقِ بَل


بِالأَقرَبِ الأَدني مِنَ المُختارِ


حامي الخِلافَةِ مَجدِها و َكِيانِها


بِالرَأيِ آوِنَةً و َبِالبَتّارِ


تاهَت فُروقُ عَلي العَواصِمِ و َاِزدَهَت


بِجُلوسِ أَصيَدَ باذِخِ المِقدارِ


جَمِّ الجَلالِ كَأَنَّما كُرسِيُّهُ


جُزءٌ مِنَ الكُرسِيِّ ذى الأَنوارِ


أَخَذَت عَلي البوسفورِ زُخرُفَها دُجىً


وَتَلَألَأَت كَمَنازِلِ الأَقمارِ


فَالبَدرُ يَنظُرُ مِن نَوافِذِ مَنزِلٍ


وَالشَمسُ ثَمَّ مُطِلَّةٌ مِن دارِ


وَكَواكِبُ الجَوزاءِ تَخطُرُ فالرُبى


وَالنَسرُ مَطلَعُهُ مِنَ الأَشجارِ


وَاِسمُ الخَليفَةِ فالجِهاتِ مُنَوِّرٌ


تَبدو السَبيلُ بِهِ و َيَهدى الساري


كَتَبوهُ فشُرَفِ القُصورِ و َطالَما


كَتَبوهُ فالأَسماعِ و َالأَبصارِ


يا و احِدَ الإِسلامِ غَيرَ مُدافِعٍ


أَنا فزَمانِكَ و احِدُ الأَشعارِ


لى فثَنائِكَ و َهوَ باقٍ خالِدٌ


شَعرٌ عَلي الشِعري المَنيعَةِ زاري


أَخلَصتُ حُبّى فالإِمامِ دِيانَةً


وَجَعَلتُهُ حَتّي المَماتِ شِعاري


لَم أَلتَمِس عَرضَ الحَياةِ و َإِنَّما


أَقرَضتُهُ فاللَهِ و َالمُختارِ


إِنَّ الصَنيعَةَ لا تَكونُ كَريمَةً


حَتّي تُقَلِّدُها كَريمَ نِجارِ


وَالحُبُّ لَيسَ بِصادِقٍ ما لَم تَكُن


حَسَنَ التَكَرُّمِ فيهِ و َالإيثارِ


وَالشِعرُ إِنجيلٌ إِذا اِستَعمَلتَهُ


فى نَشرِ مَكرُمَةٍ و َسَترِ عَوارِ


وَثَنَيتَ عَن كَدَرِ الحِياضِ عِنانَهُ


إِنَّ الأَديبَ مُسامِحٌ و َمُداري


عِندَ العَواهِلِ مِن سِياسَةِ دَهرِهِم


سِرٌّ و َعِندَكَ سائِرُ الأَسرارِ


هَذا مُقامٌ أَنتَ فيهِ مُحَمَّدٌ


أَعداءُ ذاتِكَ فِرقَةٌ فالنارِ


إِنَّ الهِلالَ و َأَنتَ و َحدَكَ كَهفُهُ


بَينَ المَعاقِلِ مِنكَ و َالأَسوارِ


لَم يَبقَ غَيرُكَ مَن يَقولُ أَصونُهُ


صُنهُ بِحَولِ الواحِدِ القَهّارِ

تلك الطبيعه قف بنا ياساري

 289119


تلك الطبيعة قف بنا ياساري , أجمل وصف للطبيعة بقلم أحمد شوقى