اختلاف الصحابة في عهد الرسول , كل ما يخص الباحث عن هذا المقال

اختلاف الصحابة فعهد الرسول

 20160623 179

لم يكن فعهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ما ممكن ان يؤدى الى الاختلاف بالمعني الذي ذكرناه،
ذلك لان رسول الله صلى الله عليه و سلم مرجع الجميع باتفاق،
و مردهم فكل امر يحزبهم،
ومفزعهم فكل شان،
وهاديهم من جميع حيرة؛
فاذا اختلف الصحابة رضوان الله عليهم فشيء ردوة الية عليه الصلاة و السلام فبين لهم و جة الحق فيه،
واوضح لهم سبيل الهداية،
واما الذين ينزل بهم من الامور ما لا يستطيعون ردة الى رسول الله صلى الله عليه و سلم لبعدهم عن المدينة المنورة،
فكان يقع بينهم الاختلاف كاختلافهم فتفسير ما يعرفونة من كتاب الله،
او سنة رسولة صلى الله عليه و سلم و تطبيقة على ما نابهم من احداث،
وقد لا يجدون فذلك نصا فتختلف اجتهاداتهم… هؤلاء ذا عادوا الى المدينة،
والتقوا برسول الله صلى الله عليه و سلم عرضوا عليه ما فهموة من النصوص التي بين ايديهم او ما اجتهدوا به من القضايا،
فاما ان يقرهم على هذا فيكون جزءا من سنتة صلى الله عليه و سلم ،

واما ان يبين لهم و جة الحق و الصواب فيطمئنون لحكمة صلى الله عليه و سلم ،

وياخذون به،
ويرتفع الخلاف،
ومن امثلة هذا ما يلي:

 20160623 181

(ا ) ما اخرجة البخارى و مسلم ان النبى صلى الله عليه و سلم قال يوم الاحزاب: “لا يصلين احد العصر الا فبنى قريظة ” فادرك بعضهم العصر فالطريق،
فقال بعضهم: لا نصلى حتي ناتيها،
اي: ديار بنى قريظة.

وقال بعضهم: بل نصلي،
لم يرد منا ذلك.
فذكر للنبى صلى الله عليه و سلم ،

فلم يعنف واحدا منهم (9).
وظاهر من ذلك الحديث الشريف ان الصحابة رضوان الله عليهم انقسموا الى فريقين فموقفهم من اداء صلاة العصر: فريق اخذ بظاهر اللفظ (كما يقول المناطقة ) او بما يسمية اصوليو الحنفية ب “عبارة النص “.
وفريق استنبط من النص معني خصصة به.

وتصويب رسول الله صلى الله عليه و سلم للفريقين دليل على مشروعية جميع من المذهبين.

 20160702 861

فالمسلم اذن: له ان ياخذ بظاهر النص،
ولة ان يستنبط من المعاني ما يحتملة النص،
ويمكن التدليل عليه،
ولا لوم على من بذل جهده،
وكان مؤهلا لهذا النوع من الجهد.
فالفريق الثاني من الصحابة،
رضوان الله عليهم،
فهموا ان رسول الله صلى الله عليه و سلم انما اراد ان يامرهم بالمبالغة فالاسراع،
و لذا اعتبروا ان اداءهم الصلاة قبل الوصول الى بنى قريظة لا ينافى امر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالصلاة فبنى قريظة،
ما دامت الصلاة لن تؤخرهم عن الوصول.
ومن الطريف ان ابن القيم رحمة الله اورد اختلاف الفقهاء فتصويب ان من الفريقين،
وبيان الاروع من فعل جميع منهما،
فمن قائل: ان الاروع فعل من صلى فالطريق فحاز قصب السبق فاداء الصلاة فو قتها و تلبية امر رسول الله صلى الله عليه و سلم : و من قائل: ان الاروع فعل من اخرها ليصليها فبنى قريظة.
.
.
(10).

 20160623 180

قلت: و ما دام رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يعنف واحدا منهما،
فكان على الفقهاء رحمهم الله ان يسعهم هذا من سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ،

والا يخوضوا فامر ربما تولى،
عليه الصلاة و السلام،
حسمة و الانتهاء منه.

(ب ) و من امثلتة ايضا ما اخرجة ابو داود و الحاكم من حديث عمرو بن العاص رضى الله عنه،
قال: (احتلمت فليلة باردة فغزوة ذات السلاسل (11) فاشفقت ان اغتسلت ان اهلك،
فتيممت بعدها صليت باصحابي الصبح،
فذكروا هذا للنبى صلى الله عليه و سلم فقال: “يا عمرو صليت باصحابك و انت جنب؟
” فاخبرتة بالذى ((ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما )) [النساء:29].
فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم و لم يقل شيئا ) (12).

التاويل و نوعياته:

لسنا بصدد ذكر جميع ما اختلف به الصحابة على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و بعده،
بين اخذ بظاهر النص،
وبين متدبر و مقلب له على مختلف و جوهه،
ومستنبط لشتي المعاني منه،
فذلك امر يطول،
وتقصر دونة المجلدات فضلا عن ذلك البحث،
ذلك لانهم رضوان الله عليهم ربما فهموا من تلك الوقائع ان ذلك الدين يسر،
وان الشرع متسع للطريقتين و مقر للمنهجين.
.
.

والمجتهدون الحذقة،
والفقهاء المهرة هم الذين يجتهدون فبيان ما يحقق كليات الشريعة،
ويوصل الى مقاصدها،
فاحيانا يصبح هذا بالاخذ بظاهر اللفظ،
واحيانا يصبح بالاخذ بما و راء ظاهر اللفظ،
وهو ما يعرف بالتاويل،
ولعل من المفيد ان نلقى الضوء على ذلك الموضوع،
مستعرضين بايجاز نوعيات التاويل و ضوابطه.
.
.

ياتى التاويل من الاخذ بما و راء ظاهر اللفظ،
ويصبح عبارة عن:

1- تاويل قريب:

وهو ما ممكن معرفتة بادني تامل مع احتمال اللفظ له،
مثل: اعتبار التصدق بمال اليتيم،
او التبرع فيه لغيره،
او اتلافة مساويا لاكله،
او اولي بالتحريم الذي دل عليه قوله تعالى:

((ان الذين ياكلون اموال اليتامي ظلما انما ياكلون فبطونهم نارا… )) [النساء:10].

ومنه: اعتبار التبول فاناء بعدها صب البول فالماء الراكد مساويا للتبول المباشر فيه،
الذى و رد النهى عنه بقوله صلى الله عليه و سلم : “لا يبولن احدكم فالماء الدائم،
ثم يغتسل به “(13).
باعتبار ان كلا المعملين مؤد لتلوث الماء،
واثارة الوسوسة.

2- تاويل بعيد:

وهو ما يحتاج لمعرفتة و الوصول الية مزيد من التامل مع كون اللفظ يحتمله،
وذلك كاستنباط ابن عباس رضى الله عنهما،
ان اقل الحمل ستة اشهر من قوله تعالى:

((وحملة و فصالة ثلاثون شهرا )) [الاحقاف:15] مع قوله تعالى: ((والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن اراد ان يتم الرضاعة )) [البقرة:233].

وكاستدلال الامام الشافعى على كون الاجماع حجة بقوله تعالى: ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي و يتبع غير سبيل المؤمنين نولة ما تولي و نصلة جهنم و ساءت مصيرا )) [النساء:115].

وايضا استدلال الاصوليين بقوله تعالى: ((فاعتبروا يا اولى الابصار )) [الحشر:2].
.
علي حجية القياس،
وكونة دليلا شرعيا.
فهذه استنتاجات و ان بدت يسيرة،
يتعذر الوصول اليها ما لم يكن الانسان جوال الفكر،
ثاقب النظر،
كما تحتاج الى تامل و تدبر لا يتيسران لعامة الناس.

3- تاويل مستبعد:

وهو ما لا يحتملة اللفظ،
وليس لدي المؤول على تاويلة اي نوع من نوعيات الدلالة،
وذلك نحو تفسير بعضهم قول الله تعالى: ((وعلامات و بالنجم هم يهتدون )) [النحل:16] بان النجم هو رسول الله صلى الله عليه و سلم ،

والعلامات هم الائمة.
وكتفسير بعضهم قوله تعالى: ((وما تغنى الايات و النذر عن قوم لا يؤمنون )) [يونس:101 بان الايات هم الائمة،
والنذر هم الانبياء.

وكتفسير اخرين قوله تعالى: ((عم يتساءلون عن النبا العظيم )) [النبا:1-2] بالامام على رضى الله عنه ،

وانة هو النبا العظيم(14).

ضوابط التاويل:

ويتبين مما ذكرنا ان التاويل يحتاج بالاضافة الى القدرة على التدبر و التامل الى ما يدل عليه و يلجئ اليه،
والا فان الاخذ بالظواهر اسلم،
ولا يطرق باب التاويل الا فالامور الاجتهادية،
واما فالمسائل الاعتقادية فلا مجال للاجتهاد فيها،
فان الاخذ بظواهر النصوص مع تفويض المعاني المرادة منها،
وما ربما تدل عليه من كيفيات هو الاسلم دائما،
وهو موقف السلف رضوان الله عليهم.

وعند الاضطرار الى التاويل لا بد من فهم النص و تحليله،
ومعرفة سائر اوجة دلالتة التي تشهد لها اللغة،
وتدعمها مقاصد الشريعة،
وتساعد عليها كلياتها و قواعدها العامة،
و لذا كان الحكم باعتبار النص على ظاهرة او تحليلة لمعرفة ما يستلزمة من و جوة الدلالات من اهم ضروب الاجتهاد الفقهى و الاعتبار الشرعى المامور فيه فقوله تعالى: ((فاعتبروا يا اولى الابصار )) [الحشر:2 ].

ان ابن عباس رضى الله عنهما عند بيانة ضوابط التفسير ربما ذكر انه على اربعة اوجه:

· فوجة تعرفة العرب بكلامها.

· و وجه لا يعذر احد بجهالته.

· و وجه يعلمة العلماء.

· و وجه لا يعلمة الا الله.

وعلي ذلك،
فان التاويل،
وقد اتضح فيما تقدم معناة و نوعياته،
قد ظهرت الصلة الوثقي بينة و بين التفسير؛
فقد جاء جميع منهما فموضع الاخر فعديد من استعمالات الشارع الحكيم،
وذلك فنحو قوله تعالى: ((وما يعلم تاويلة الا الله،
والراسخون فالعلم يقولون امنا فيه )) [ال عمران:7].

فقد ذهب معظم المفسرين الى ان المراد بالتاويل هنا التفسير و البيان و منهم: الطبرى الذي نقل هذا عن ابن عباس رضى الله عنهما و غيرة من السلف.

ايضا و رد فدعاء رسول الله صلى الله عليه و سلم لابن عباس رضى الله عنهما: “اللهم فقهة فالدين،
وعلمة التاويل” استخدم التاويل بمعني التفسير و البيان،
وان كان بعض العلماء،
كالراغب الاصفهانى فمفرداته،
قد اعتبر التفسير اعم من التاويل،
كما انه نبة الى ان التفسير اكثر ما يستخدم فبيان الالفاظ و شرحها،
وان التاويل يكثر استعمالة فبيان المعاني و الجمل.

كما اشار ايضا الى ان التاويل يغلب اطلاقة على استنباط المعاني من نصوص الكتاب و السنة،
اما التفسير فيتناول استنباط المعاني منها و من غيرها.

ولعل هذي الصلة الوثقي بين الاصطلاحين فاستخدام الكتاب و السنة لهما خاصة،
تبيح لنا استعارة الضوابط التي و ضعها اهل الاختصاص للتفسير كضوابط للتاويل كذلك.

ان مما لا شك به انه ربما و ردت فكتاب الله امور ربما استاثر الله تعالى بعلمها،
كمعرفة حقائق الاسماء و الصفات،
وتفاصيل الغيب و نحو ذلك.
.
.
كما ان هنالك امورا ثانية اطلع عليها نبية صلى الله عليه و سلم و اختصة بمعرفتها.
.
.
ولا شك ان كهذه الامور،
ليس لاحد ان يخوض بها بتفسير او تاويل.
.
بل عليه ان يلزم حدود ما و رد بها فكتاب الله و سنة رسولة صلى الله عليه و سلم.

وهنالك قسم ثالث: و هو عبارة عن العلوم التي علمها الله لنبية صلى الله عليه و سلم مما اودع فكتابه،وامر نبية صلى الله عليه و سلم بتعليمها و بيانها.
وهذا القسم يشتمل على نوعين:

الاول:

وهو ما لا يجوز الخوض به الا بطريق السمع،
كاسباب النزول و الناسخ و المنسوخ و غيره.

الثاني:

ما يؤخذ بطريق النظر و الاستدلال،
وهذا كذلك لاهل الاختصاص به موقفان:

(ا) فقسم منه اختلفوا فجواز تاويله،
كايات الاسماء و الصفات.
ومذهب السلف: منع التاويل،
وهو الصحيح.

(ب) و قسم اتفقوا على جوازه،
وهو استنباط الاحكام الشرعية من ادلتها التفصيلية،
وهو المسمي ب “الفقة “.

هذا و ربما وضع العلماء للتاويل و التفسير شروطا منها:

اولا: الا يرفع التاويل ظاهر المعني المفهوم من اللفظ حسب القواعد اللغوية،
واعراف العرب فالتخاطب بهذه الالفاظ.

ثانيا : الا يناقض نصا قرانيا.

ثالثا: الا يخالف قاعدة شرعية مجمعا عليها بين العلماء و الائمة.

رابعا : و جوب مراعاة الغرض الذي سيق النص له من اثناء اسباب النزول او الورود.

اما نوعيات التاويل الباطلة و المردودة،
فيمكن ادراجها ضمن الاقسام الاتية:

الاول : التاويل و التفسير الصادران عن غير المؤهل لذا ممن ليس لدية تحصيل علمي كاف فاللغة و النحو،
وبقية لوازم التاويل.

الثاني : تاويل المتشابهات بدون سند صحيح.

الثالث : التاويلات التي من شانة ان تقرر مذاهب فاسدة مخالفة لظواهر الكتاب و السنة،
او لما اجمع عليه المسلمون.

الرابع : التاويل مع القطع بان مراد الشارع ذلك،
دون دليل.

الخامس : التاويل القائم على الهوى،
كتاويلات الباطنية و امثالهم.

وهذه التاويلات المردودة كلها تندرج تحت ما سبق ان ذكرناة من التاويل المستبعد.

اهل الاجتهاد من الصحابة:

ونظرا لاهمية الاجتهاد و خطورته،
وما يترتب عليه من اثار،
لم يكن يمارسة من اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم الا الاكفاء القادرون.

وحين يمارسة غيرهم فيخطئ،
كان عليه الصلاة و السلام ينكر هذا و لا يقر احدا عليه.

* و اخرج ابو داود و الدارقطنى من حديث جابر قال: خرجنا فسفر فاصاب رجلا منا حجر فراسه،
ثم احتلم،
فسال اصحابة : هل تجدون رخصة لى فالتيمم؟
فقالوا: ما نجد لك رخصة و انت تقدر على الماء،
فاغتسل فمات.
فلما قدمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم اخبر بذلك،
فقال عليه الصلاة و السلام: “قتلوة قتلهم الله،
الا سالوا اذ لم يعلموا فانما شفاء العى السؤال،
انما كان يكفية ان يتيمم،
ويعصر او يعصب – شك من راوى الحديث – على جرحة خرقة،
ثم يمسح عليها و يغسل سائر جسده… ” (15) فالرسول عليه الصلاة و السلام – لم يعذر المفتين هنا – من اصحابه،
بل عنفهم و عاب عليهم انهم افتوا بغير علم،
واعتبرهم بمثابة القتلة لاخيهم،
واوضح ان الواجب على من كان مثلهم ف“العي” – اي الجهل و التحير – السؤال لا المسارعة الى الفتوي و لو بغير علم،
والذى نبة الية رسول الله صلى الله عليه و سلم حول ضرورة السؤال هو ما و رد فالقران العظيم نفسة فقوله تعالى: ((فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون )) [النحل:43].

  • اختلاف الصحابة في عهد الرسول
  • اختلاف الصحابة في عهد رسول الله
  • اختلاف الصحابة فيما بينهم في حياة الرسول
  • الاختلاف فى عهد النبى
  • الاختلاف في عهد الصحابة
  • المسائل التي اختلف فيها الصحابة


اختلاف الصحابة في عهد الرسول , كل ما يخص الباحث عن هذا المقال