تفسير حلم نهايه العالم
فى راى ابن سيرين :
( اخبرنا ) الحسن ابن بكير بعكا قال حدثنا ابو يعقوب اسحق ابن ابراهيم الازرعي
عن عبد الرحمن بن واصل عن ابي عبيده التستري قال رايت كان القيامه قد قامت
وقد اجتمع الناس فاذا المنادي ينادي ايها الناس من كان من اصحاب الجوع في دار
الدنيا فليقم الى الغداء فقام الناس واحدا بعد واحد ثم نوديت يا ابا عبيده قم
فقمت وقد وضعت الموائد فقلت لنفسي ما يسرني اني ثم ( اخبرنا ) ابو الحسن
الهمداني بمكه حرسها الله قال حدثنا محمد ابن جعفر عن احمد بن مسروق قال رايت
في المنام كان القيامه قد قامت والخلق مجتمعون اذ نادى مناد الصلاه جامعه اصطف الناس
صفوفا فاتاني ملك عرض وجهه قدر ميل في طول مثل ذلك قال تقدم فصلى بالناس
فتاملت وجهه فاذا بين عينيه مكتوب جبريل امين الله فقلت فاين النبي صلى الله عليه
و سلم فقال هو مشغول بنصب الموائد لاخوانه من الصوفيه وذكر الحكايه ( قال الاستاذ
ابو سعيد ) رحمه الله قال الله تبارك وتعالى ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامه
فلا تظلم نفس شيئا ) فمن راى كان القيامه قد قامت في مكان فانه يبسط
العدل في ذلك المكان لاهله فينتقم من الظالمين هناك وينصر المظلومين لان ذلك يوم الفصل
والعدل
ومن راى كانه ظهر شرط من اشراط الساعه بمكان مثل طلوع الشمس من مغربها وخروج
دابه الارض او الدجال او ياجوح وماجوج فان كان عاملا بطاعه الله عز و جل
كانت رؤياه بشاره له وان كان عاملا بمعصيه الله او هام بها كانت رؤياه له
نذيرا فان راى كان القيامه قد قامت وهو واقف بين يدي الله عز و جل
كانت الرؤيا اثبت واقوى وظهور العدل اسرع وارجى وكذلك ان راى في منامه كان القبور
قد انشقت والاموات يخرجون منها دلت رؤياه على بسط العدل فان راى قيام القيامه وهو
في حرب نصر فان راى انه في القيامه اوجبت رؤياه سفرا فان راى كانه حشر
وحده او مع واحد اخر دلت رؤياه على انه ظالم لقوله تعالى ( احشروا الذين
ظلموا وازواجهم ) فان راى كان القيامه قد قامت عليه وحده دلت رؤياه على موته
لما روي في الخبر انه من مات قامت قيامته فان راى القيامه قد قامت وعاين
اهوالها ثم راى كانها سكنت وعادت الى حالها فانها تدل على تعقب العدل الظلم من
قوم لايتوقع منهم الظلم وقيل ان هذه الرؤيا يكون صاحبها مشغولا بارتكاب المعاصي وطلب المحال
مسوفا بالتوبه او مصرا على الكذب لقوله تعالى ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه
وانهم لكاذبون )
ومن راى كانه قرب من الحساب فان رؤياه تدل على غفلته عن الخير واعراضه عن
الحق لقوله تعالى ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفله معرضون ) فان راى كانهم
حسب حسابا يسيرا دلت رؤياه على شفقه زوجته عليه وصلاحها وحسن دينها فان راى كانه
حسب حسابا شديدا دلت رؤياه على خسران يقع له لقوله تعالى ( فحاسبناه حسابا شديدا
) فان راى كان الله سبحانه وتعالى يحاسبه وقد وضعت اعماله في الميزان فرجحت حسناته
على سيئاته فانه في طاعه عظيمه ووجبت له عند الله مثوبه عظيمه وان رجحت سيئاته
على حسناته فان امر دينه مخوف وان راى كان الميزان بيده فانه على الطريقه المستقيمه
لقوله تعالى ( ونزلنا معه الكتاب والميزان ) الايه فان راى كان ملكا ناوله كتابا
وقال له اقرا فان كان من اهل الصلاح نال سرورا وان لم يكن كان امره
مخوفا لقوله تعالى ( اقرا كتابك ) فان راى انه على صراط فانه مستقيم على
الدين فان راى انه زال عن الصراط والميزان والكتاب وهو يبكي فانه يرجى له ان
شاء الله تسهيل امور الاخره عليه
فى راى ابو بكر الاحسائى :
من راى ان القيامه قد قامت حصل له الفوز والنجاه ان كان من اهل الصلاح
وان كان من اهل الفساد فهو تحذير له من عاقبه ذلك ومن راها قد قامت
بمكان فان العدل يبسط في ذلك المكان فان كان اهله ظالمين انتقم منهم او غير
ظالمين نصروا وظفروا ومن راها قامت عليه وحده فقد قرب اجله ومن راى من اشراط
الساعه شيئا مثل النفخ في الصور وطلوع الشمس من مغربها وخروج الدابه ونحو ذلك فان
تاويله كتاويل القيامه وقيل خروج الدابه فتنه تظهر ويهلك فيها قوم وينجو اخرون وخروج الدجال
رجل ذو بدعه يظهر في الناس والنفخ في الصور طاعون او انذار السلطان في بعث
او غيره او سفر عام الى الحج واجتماع الخلق للحساب عدل من الله تعالى يكون
في الناس بامام عادل يقدم عليهم او يوم عظيم يشهدونه ومن راى كانه اخذ كتابه
بيمينه فاز بالصلاح وبالثناء الجميل ومن اخذه بشماله هلك بالاثم او بالفقر والحاجه ( رؤيه
الحساب والميزان والصراط والحوض ) ومن راى انه حوسب وقع في محنه وعذاب ومن راى
ميزانه قد رجح حسن عمله واطاع به والا فعلى قدر ما راه ومن راى الميزان
دل على انبساط العدل وارتفاع الظلم ومن راى انه مر على الصراط سليما نجا من
شده وفتن وبلاء وان سقط منه في النار يقع في فتنه وبلاء وان راى انه
قائم عليه تستقيم على يديه امور معوجه ومن راى انه شرب من الحوض فانه يموت
على الاسلام
فى راى ابن سرور :
طلوع الشمس او القمر من المغرب : دال على رجوع الغياب ، والاكابر من اسفارهم
، وعلى عود المتولي الى ولايته ، والمريض الى مريضه ، ومن خرج من سجن
: عاد اليه ، وعلى توبه الفاسق ، وعلى الاخبار المؤلمه ، والخوف ، وعلى
نصر المظلومين . قال المصنف : واعتبر اشراط الساعه . كما قال لي انسان :
رايت في زمن البرد ان الشمس رجعت ودفئت بحرها ، قلت : قد ضاع لك
ثوب او كساء سيعود . ومثله قال اخر ، قلت : انت مريض بالحمار والبارده
، الساعه تعوج الى العافيه ، فعاد . وقال اخر : رايت القمر قد غاب
ثم عاد ، قلت : ضاعت لك مراه ، قال : نعم ، قلت :
ستعود فعادت . ومثله قال اخر ، قلت : ضاع لك قطعه فضه ، وستعود
. وقال اخر : رايت انني فرحت بمغيب الشمس في المنام ثم طلعت فحزنت لذلك
، قلت : اردت انك تعمل شيئا مخيفا ما تم لك مراد ، قال :
صحيح . فافهمه .
ظهور الدابه او عصا موسى عليه السلام : دال على ما دلت عليه الشمس او
القمر ، وعلى ظهور ملك جديد عادل ، وعلى اخبار غريبه . واما ظهور ياجوج
وماجوج : فدليل على ظهور عدو يخرج من الجهه التي قدموا منها . قال المصنف
: واعتبر الدابه . كما قال لي ملك مصر : رايت ان الدابه قد ظهرت
، قلت : يقدم عندك حيوان غريب ، فعن قليل قدم الكركيد ولم يكن ابصره
. وقد تدل على الجراد ايضا . وقال بعض العامه : رايت الدابه تحكمي والناس
ينظرون اليها ، قلت : انت تفرج الناس على الدب ، قال : صحيح .
وقال اخر : رايت ان بنتي قد صارت الدابه المذكوره في القران العزيز ، قلت
: تصير واعظه فصارت . وقالت اخرى : رايت انني صرت الدابه والناس يهربون مني
، قلت : تصيرين نائحه في الاعزيه ، فصارت . واما عصا موسى : فقال
انسان رايت انها في يدي وهي ملويه ، قلت : انت رجل تعلب بالحيات .
وقال اخر : رايت انني اسجد لها ، قلت : يفسد دينك لاجل يهودي .
وقال اخر : رايت انني ركبتها ، قلت : انت تجامع امراه يهوديه . ومثله
قال اخر ، قلت : انت تتعانى السيمياء . ودلت الدابه والعصا على الملوك لكون
الدابه تامر وتنهى والعصا انتصر بها موسى عليه السلام . واعتبر ظهور ياجوج وماجوج .
كما قال لي انسان : رايت ان ياجوج وماجوج قد كثروا في البلد ، قلت
: نزل مكانك منهم احد ، قال : نعم ، قلت : ينزل بها لصص
او اقوام مفسدون فاحترز . ومثله قال اخر ، قلت : يخرج من في السجون
من المفسدين . ومثله قال اخر ، قلت : تنكسر طائفه من دين النصرانيه ،
فكان كذلك ، لان عيسى عليه السلام يهرب بالناس من ياجوج وماجوج الى الطور .
النفخه الاولى : تدل على / اخبار واراجيف ، وعلى قرب عافيه المريض ، وخلاص
المسجونين ؛ وكل من هو في شده . والنفخه الثانيه : تدل على حركات تقع
بالناس ، وربما تجهزت عساكر لحادث يحدث ، ويدل ذلك على عافيه المرضى ، وخلاص
كل من هو في شده ، وامراض وسجن لمن هو خالص منها ، وهو فقر
للاغنياء ، وعلى الاسفار الطويله ، وعلى شدائد وفتن عظيمه . فان كان مع ذلك
نور ، او رائحه طيبه ، او يذكرون الله تعالى : فالعاقبه في ذلك سليمه
. قال المصنف : دلت النفخه الاولى على عافيه المريض لانها تجمع الاجسام . وعلى
خلاص المسجون لقرب خروجه من القبر ، كالسجن . وتدل على الحوائج . كما قال
لي انسان : رايت النفخه الاولى وهي قويه ، قلت : تسقط ثمار البساتين لاجل
ريح شديده . ومثله قال اخر ، قلت : عندك حامل ، قال : نعم
، قلت : يسقط الحمل . ومثله قال اخر ، قلت : يقع بينك وبين
اقاربك او معارفك نكد ويتبرؤون منك ، لقوله تعالى ! ( فاذا نفخ في الصور
فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) ! . واما النفخه الثانيه : على ما
ذكرنا . وكما قال لي انسان : رايت النفخه الثانيه عظيمه ، قلت : يعدم
ملك كبير ويطلع في السماء شيء غريب ويعجب الناس من نظر ذلك ، لقوله تعالى
! ( ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون ) ! .
واما ان وجد الله متغيرا عليه ، او وجد ظلاما ، او دخانا ، او
نارا ، او شمسا احرقه ضوؤها ، او اسود وجهه ، او اخذ كتابه بشماله
، او من وراء ظهره ، او ختم على فيه ، ونحو ذلك : كان
عكس ذلك .
الميزان : رجل متوسط بين الناس ، وبين من دل الباري عز وجل عليه .
فان رجح ميزانه : نال خيرا ، والا فلا . قال المصنف : واعتبر حكم
الميزان ، فان رجح لمن يطلب فائده ، والا فلا . واما من حكم على
ميزان الاخره ، فالحكم فيه ، كما قال لي انسان : رايت انني ازن بميزان
الاخره ، قلت : تاخذ الحق من حمام ، لان الناس يوم القيامه عرايا ،
وهم في حر الشمس والعرق كالحمام . ومثله قال اخر ، قلت : تبقى ضامن
او كاتب سجن يعرض عليك اصحاب الذنوب والحسنات . وقال اخر : رايت انني ازن
بميزان الاخره ، قلت : انت تصنع الصغار في مرجوحه كالميزان ، قال : صحيح
. وقال اخر : رايت انني حكمت على ميزان الاخره ، قلت : تبقى تعدل
الناس وتجرحهم عند متولي . فافهم ذلك .
العبور على الصراط : دال على الاسفار ، وعلى الدخول في العمال الخطيره ، وعلى
الامراض ، والسجون ، والشدائد . فان عبره سليما : كان عاقبه ذلك سليمه ،
وان وقع عنه : حصل له نكد على ما ذكرنا . قال المصنف : واعتبر
الصراط . كما قال لي انسان : رايت انني حاكم على الصراط ، قلت :
تصير حاكما على جسر او معديه . وقال اخر : رايت انني امنع الناس العبور
على الصراط ، قلت : انت قاطع طريق . وقال اخر : رايت انني نصبت
الصراط ، قلت : تعمل جسرا او معديه . وقال اخر : رايت انني نصبته
ومشيت عليه ، انت تنصب الحبال وتمشي عليها كالبختيار . ودل عبوره على الاعمال الخطيره
لقله من يسلم عليه ، وعلى الامراض والشدائد لان الناس يقاسون عليه شدائد كالمرضى والسجون
.
واما الوقوف بين الجنه والنار : فدال على تعويق المسافرين ، ووقوف الحوائج ، والمعايش
، وطول المرض ، والشده ، لمن هو في ذلك . ويدل : على الاعمال
الجيده ، والرديه . وعلى معاشره اهل الخير ، والشر . قال لامصنف : دل
الوقوف بين الجنه والنار على تعويق المسافرين ، وتعطيل المعايش والحوائج ، لكونه لم يبلغ
مراده من الجنه . ودل على الاعمال الجيده والرديه لان حسناته تمنعه عبور النار ،
وسيئاته تمنعه عبوره الى الجنه . وقال انسان : رايت انني واقف بين الجنه والنار
، قلت : / يحسبك كبيرك في مكان لا رديء ولا جيد . ومثله قال
اخر ، قلت : تعاشر اقواما فيهم خير وشر . ومثله قال اخر ، قلت
: لا تسافر ؛ تعوق في بعض الطريق .
دخول النار : دال على الامراض ، والسجون ، والشدائد ، وفقر الاغنياء ، وعزل
المتولين ، وفراق الاحبه ، والاسفار المتلفه ، ومعاشره ارباب الجرم ، والفساد . فان
احرقته في اذنه : كان لاجل سماعه . او في فمه : فلاجل كلامه ،
او ما اكله . وكذلك بطنه . او في عينيه : فلاجل نظره . او
في يده : فلاجل ما اخذت ، او اعطت ، او ضربت . او في
صدره ، او قلبه : فلاجل اعتقاده . او في فرجه : فلاجل نكاحه .
او في رجله : فلاجل سعيه . واما ان احترق جميعه : كان رديا .
قال المصنف : واعتبر النار . والعياذ بالله . كما قال لي انسان : رايت
انني حاكم على جهنم ، قلت : انت رجل سجان . ومثله قال اخر ،
قلت : انت رجل شوى او طباخ . ومثله قال اخر ، قلت : انت
تتولى عذاب الناس ، فاتق الله . ومثله قال اخر ، قلت : تحكم على
مارستان . ومثله قال اخر ، قلت : انت قاطع طريق تقتل الناس وتطمرهم .
وقال اخر : رايت ان جهنم قد جاءت وصرخت صوتا عظيما ، قلت : يدل
على عزل الاكابر ، لان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ‘ تزفر جهنم
يوم القيامه فتساقط الانبياء عن منابرهم ‘ . ومثله قال اخر ، قلت : يجيء
حر شديد يتلف الغلات ويكثر الحمايات . وقال اخر : رايت انني سقطت في النار
، قلت : تقع في اتون او فرن ونحوهم ، فوقع . وقال اخر :
رايت انني متصرف في جهنم ، قلت : انت رجل مختلف قد ضمنت دار فسق
وقمار ، فتاب ورجع عن ذلك . نعوذ بالله الكريم الرؤوف الرحيم من خزي الدنيا
وعذاب الاخره انه على كل شيء قدير .
دخول الجنه : دال على عكس ما دلت عليه النار ، وعلى تزويج الاعزب ،
والاعمال الجيده ، وتوبه الفاسق ، والتمكن من دور الاكابر . فان كان معه في
الجنه كتاب فتعلمه : دخلها . وان كان مصليا ، او مسبحا ، او مؤذنا
، ونحو ذلك من اثار الدين : فبالعباده دخلها . وان كان بشيء من العدد
: فبالجهاد نالها . ويدل دخولها : على الامن من الخوف ، والاجتماع بالغياب ،
ونحو ذلك . نسال الله الفوز بالجنه ، والنجاه من النار .
قال المصنف : دخول الجنه دال على الضد مما دلت عليه النار . واعط كل
انسان ما يليق به . كما قال لي انسان : رايت انني ملكت الجنه ،
قلت : تملك او تحكم على بستان . ومثله قال اخر ، قلت : تحكم
على كتاب فيه منافع وفرج . وقال كافر : رايت انني طردت من الجنه ،
قلت : لك دار مليحه مزوقه فيها نبات ستؤخذ منك وتتنكد عليك دنياك ، لان
الدنيا سجن المؤمن وجنه الكافر . وقال انسان : رايت انني عبرت الجنه واخذت منها
شيئا وهربت ، قلت : عبرت دار جليل القدر او بستانا وسرقت شيئا ، قال
: صدقت . وقال اخر : رايت انني دخلت في الجنه مع اهلها ، قلت
: تعبر بلدا فيه مسافرون من مل مكان وتطلع على اخبار غريبه . وقال اخر
: رايت انني في الجنه وهي متغيره ، قلت تعبر مكانا فيه تزاويق واصوات حسنه
وصور ملاح . وقال لي مريض بالحراره : رايت انني عبرت الجنه ، قلت :
تعافى ، فكان كذلك . نسال الله الفوز بالجنه والنجاه من النار بفضله واحسانه .
من ضرب من هو اكبر منه او اعلى قدرا : تكلم في عرضه ، او
يحصل للضارب نكد . وكذلك ان جلس في موضع لا يليق به الجلوس فيه .
واما ان ضرب الاكبر ، او الاعلى لمن هو دون – ولم يجرحه ، ولا
قطع ثيابه ، ولا كان بين الناس – : فذلك خير ، وفائده للمضروب ،
وربما كان كسوه . واما ان جرحه ، او كسر فيه شيئا ، او كشف
عورته ، ونحو ذلك : نزل بالمضروب افه . قال المصنف : كون الضارب يتكلم
في عرض المضروب لانه مما يؤلمه . وحصول النكد للمضروب لكون الاعلى لا يسكت عن
مجازاه الضارب / في غالب ما يؤذيه . واما ان كان الضارب هو الاعلى اذا
ضرب الادنى ظلما : يندم ويحسن الى المضروب ، ولو بكلام طيب . وكون المضروب
يحصل له كسوه – خصوصا ان كان في الشتاء – لثوران الحراره وورم البدن ،
كالكسوه . فافهم ذلك .
من ملك – من الاموال او المواشي او الماكل او الملابس – ما لا يقدر
على حفظه ، او على حمله : كان نكدا . قال المصنف : انما دل
ملك ما لا يقدر على حمله او حفظه على النكد لانه يتعلق به حقوق الله
تعالى من الزكوات والعشر فيطالب بذلك . وايضا يكثر طمع الناس فيما عنده ، فهو
ايضا يريد مداراه لارباب الطمع . وكونه لا يقدر على حفظه ولا حمله يضيق صدر
مالكه ما يهون عليه ان ياخذ احد منه شيئا وهو لا يسلم له ، والعشر
والزكاه ما يتركان نكدا .
لفظه الثلاثه او الثلاثين او الثلاثمائه او الاربعه او الاربعين ، او الاربعمائه ، ونحو
ذلك : تدل على الوفاء بالمواعيد ، وقضاء الحوائج ، لقوله تعالى ! ( ثلاثه
ايام ذلك وعد غير مكذوب ) ! . ولدليل الايه في الاربعين . قال المصنف
: لفظه : الثلاثه والثلاثمائه ، ونحوهما ، لقوله تعالى : ! ( ثلاثه ايام
ذلك وعد غير مكذوب ) ! . والله اعلم .
من دخل في بعض اعضائه : فان كان في اذنه : فخبر من قرابته ،
او صديق يجيء . فان سد اذنه : كان خبرا رديا ، والا فلا .
فان دخل في عينه فاتلفها : فنكد يبصره في اقاربه ، او ماله ، او
معارفه او نفسه . وان لم يتلفها : فغائب يقدم . وان دخل في انفه
، ولم يمنعه النفس ، ولا تلوث بمخاطه : فركوب في بحار ، او طرق
صعبه . واما ان منعه النفس : سجن ، او مرض ، او قهر في
خصومه . وان دخل في فيه ، ولم يؤذه : اكل راس ماله ، او
قدم عليه كلام طيب ، او غائب فيه نفع . وان اذاه كان رديا .
وان دخل في ذكره ، واذاه : تنكد ممن دل الذكر عليه . وكذلك الدبر
والفرج . وان لم يؤذه ذلك : دخل الرائي في مداخل لا تليق به .
وربما دل ذلك جميعه : على انه ربما عبر داره ، من غير بابها ،
ونحو ذلك . قال المصنف : اما دخول ابن ادم في بعض اعضائه فلم اعلم
ان احدا ذكره من المتقدمين ، ولا من المتاخرين . ولما تكرر رؤيه بعض الناس
لذلك فسرت بما ذكرته في الفصل . والمنكر لذلك معترض على الله ، جاهل باحكام
الرؤيا ، فاعتبر ما ذكرنا . كما قال لي انسان : رايت ان راسي مدهون
وكانني نزلت فيه الى وسطي ، قلت : لك اشجار او زرع وقد سقيته بالماء
وجلت في طين ذلك ، قال : صحيح . وقال اخر : رايت انني وقعت
بين اصابع يدي ووجدت مشقه ، قلت : تقع من بين شرافات مكان عال .
وقال اخر : رايت انني وقعت في كفي والطبق علي اصابعي ، قلت : يتعصب
عليك اولادك او اولادهم او اولاد اخيك ، فكان كذلك . وقال اخر : رايت
انني داخل فؤادي بين امعائي وقد عرقت كثيرا ، قلت : عبرت مع عيالك وصغارك
ونسائك حماما وكان الجميع عرايا وانت بينهم ، قال : صحيح . وقال اخر :
رايت انني داخل جوفي وقد قطعت جميع الامعاء بالسكين ، قلت : انت رجل قتلت
جماعه من اهل دارك ، قال : صحيح . وقال اخر : رايت انني عبرت
فمي واكلت اضراسي واسناني ، قلت : بعت جميع مالك من طواحين ورفوف ومجارف وقداديم
واوتاد ونحو ذلك ، واكلت ثمنه . وقالت امراه : رايت انني ادخلت يدي في
فرجي خلاف العاده ، قلت : قد وطياك بعض من تحزنين عليه ، قالت غصبني
عن نفسي ، واعترفت بذلك امها عندي . وقال اخر : رايت ان ذكري عبر
في دبري ولم اعلم ، قلت : قد وطات بعض المحرمات عليك – وربما كان
ذكرا – وانت لا تعلم ، قال : كنت سكرانا . / وقال اخر رايت
انني اخذ الحيوانات واعبرها جوفي واذبحها واخذ جلودها ، قلت : انت تعمل الحيله على
الناس تقتلهم في منزلك وتاخذ ما عليهم ، فما كان عن قليل حتى مسكه ملك
مصر لاجل ذلك . واما دخول بعض اعضائه في بعض : كما قال لي انسان
: رايت ان عيني اليمين تدخل في اليسار واليسار تدخل في اليمين ، قلت :
اطلعت على امراتين عندك يتساحقان ، قال : صحيح . وقال اخر : رايت اصبعي
اتلفت عيني ، قلت : عندك ولد وقد كشف وجه اخته ، قال : نعم
. وقال اخر : رايت انني انسلخت مني ، قلت : حفظت شيئا من الكتاب
العزيز ثم انسيته ، قال : نعم ، لقوله تعالى ! ( واتل عليهم نبا
الذي اتيناه اياتنا فانسلخ منها ) ! . وقال لي بعض الملوك : رايت انني
بدلت اسناني ، قلت : تغير جماعه من بابك وعسكرك . وعلى هذا فقس موفقا
ان شاء الله تعالى . وقد ذكرت ما يسر الله تعالى علي من شرح كتابي
‘ البدر المنير في علم التعبير ‘ . ولم اذكر فيه شيئا من الكلام والحكايات
الا ما فتح الله علي من بعض ما جرى من تفسير الناس . ولم ارغب
في التطويل في ذلك ليسهل تناوله على حافظه والناظر فيه . والله اعلم بالصواب .
نستغفر الله من كل ذنب ، ونعوذ به من العمل الذي لا يقرب اليه ،
وهو حسبنا ونعم الوكيل . ولا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم . والحمد
لله رب العالمين . وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم تسليما كثيرا الى
يوم الدين.