حكم نمص شعر حاجبي المراة
الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه، اما بعد:
فقد كان الاليق بالسائله الكريمه ان تصوغ سؤالها صياغه مستفهم لا صياغه مستنكر، على انا
ننصحها بان تنصف نفسها وتعلم ان مدار الحكم بالحل او الحرمه انما هو ادله الشرع
وليس للذوق الشخصي او الراي المجرد او الشيوع او عدمه مجال في ذلك. وعلينا ان
نطوع الواقع للشرع، واما العكس فلا يصح.
واما بخصوص السؤال، فما ذكرته السائله يلزم من قال بالتفريق بين المتزوجه وغير المتزوجه في
حكم النمص، والفتوى عندنا على عدم التفريق، وانه يحرم النمص على المتزوجه ايضا ولو اذن
الزوج؛ لوجود العله في كلتيهما، وهي تغيير خلق الله ابتغاء الحسن، كما هو مصرح به
في الاحاديث، وهذا هو الصواب في المسالة.
واما قول السائلة: (ان المراه التي تبقيه كما هو تفتقد شيئا من مقتضيات الانوثة، ولا ينقصها
سوى شارب ولحيه حتى يصير وجهها مثل وجه اي رجل) ! ففيه من المجازفه والمغالطه
ما يكذبه الواقع، فضلا عن التجرؤ الواضح على دلاله النصوص وكلام اهل العلم،
والذي نعتقده ان مثل هذا الحكم انما صدر بسبب الاغراق في التشبه المذموم بالكافرات والفاسقات،
وجموح الرغبه في الزينه والتجمل على ايه حال وبايه وسيلة، حتى صارت معايير الجمال نفسها
غربيه في كثير من الاحيان، وهذا بخلاف حال من تمسك بدينه وقيمه، فهو يرى النمص
مثلة، ويرى الجمال في شكل الحاجبين كما خلقهما الله تعالى:الذي احسن كل شيء خلقه {السجدة: 7} وقال تعالى: الذي اتقن كل شيء{النمل: 88}
وقد ابصر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يجر ازاره، فاسرع اليه فقال:ارفع ازارك واتق الله. قال: اني احنف تصطك ركبتاي! فقال:ارفع ازارك؛ فان كل خلق الله عز وجل حسن. فما رئي ذلك الرجل بعد الا
ازاره يصيب انصاف ساقيه او الى انصاف ساقيه.رواهاحمد، وصححهالالبانيعلى شرط الشيخين.
وعلى ايه حال فكون النمص زينا او شينا، جمالا او قبحا، ليس هو محل النظر،
وانما محله هو موافقته او مخالفته لحكم الشرع، فان كان ترقيق الحاجبين داخلا قطعا في
معنى النمص، فهو من الزينه المحرمة، حتى لو اطبقت نساء الدنيا على فعله، وهذا لن
يكون، فانه بحمد الله توجد فئه من المؤمنات، يؤثرن طاعه الله على هوى النفس، وموافقه
العرف، وضغط الامر الواقع.
واما من فعل ذلك من النساء الفضليات على حد وصف السائلة، فقد تكون معذوره ان
كانت فعلته تقليدا لمن تعتقد صواب قوله من اهل العلم. وذلك كحال من يحلق لحيته
من الرجال وهم الاكثريه مع النهي الصريح الصحيح عن ذلك من النبي صلى الله عليه
وسلم. وانما قلنا بعذر المقلد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:من افتي بغير علم كان اثمه على من افتاه. رواهابو داود وابن ماجه واحمد،وحسنهالالباني.