حكم لعب كره الركبي
السؤال: قرات اجابات على الموقع بخصوص العاب عامه ، وبعض الالعاب الخاصه ، ولكنني اسال
عن لعبه مثل ” الرجبي ” : انها لعبه صعبه للغايه ، حيث يقوم بعض
الرجال من فريق بمحاوله احضار الكره من جانبهم الى منطقه الهدف للفريق الثاني ، ويحاول
الفريق المنافس منع ذلك من خلال الركل والعرقله والدفع وهكذا ، ويقوم حامل الكره بالجري
وسط من يريدون منعه ، ويدخل عليهم بكتفه ، ويدفعهم بيده ، او يجري بعيدا
بحيث لا يقترب منه احد ويمسك به ، وهذه اللعبه مفيده جدا لتنميه القدرات الفكريه
في المواقف الصعبه ، كما انها تحتاج لقوه بدنيه كبيره ومقاومه وعزيمه ، والعديد من
جيوش الكفار يقومون بجعل هذه اللعبه اساسا للتدريبات البدنيه للجنود ، فهل يجوز للمسلمين ان
يشاركوا في هذه اللعبه مع العلم بان المسلمين سوف يسترون عوراتهم ولن يلبسوا ملابس قصيره
خلال اللعب وسوف يحاولون منع استخدام اليد لدفع الخصم من الوجه ؟ .
الجواب :الحمد لله
اولا:
1. الرجبي : لعبه رياضيه تقام بين فريقين من اللاعبين ، ويتكون كل منهما من
اثني عشر لاعبا ، يحاول كل منهم تسجيل هدف في مرمى الفريق الخصم عن طريق
ضرب الكره بالقدم ، او ايصال الكره خلف منطقه مرمى الفريق الخصم وجعلها تلامس ارضه
، ويفوز الفريق الذي يتمكن من تحقيق اكبر عدد من النقاط خلال المباراه .
2. وملعب هذه اللعبه شبيه بملعب كره القدم لكن كرتها بيضويه الشكل ( وليست دائريه
) ، ويمكن حمل الكره باليد وركلها بالقدم ، والمرمى مختلف تماما .
3. سميت هذه اللعبه باسم ” الرجبي ” نسبه الى كليه ” رجبي ” في
انجلترا – بريطانيا – ، حيث كانت انطلاقتها الفعليه منها .
4. وتمتاز هذه اللعبه بالعنف الشديد ؛ لان كل لاعب فيها معرض للضرب والسحب والايقاع
وربما قطع التنفس ؛ لان كل ذلك مباح في اللعبه ، فالمهم الحصول على الكره
ورفعها الى المرمى ضربا او السير بها حتى عبور خط الهدف المقرر !! .
5. وتصنف هذه اللعبه ضمن الانشطه الرياضيه المرتبطه بالعدوان المباشر والعنف بدرجه كبيره جدا !
.
6. تمارس هذه اللعبه بصوره كبيره في البلدان الغربيه اما عند المسلمين فهي قليله الانتشار
اذا ما قورنت بغيرها من الالعاب .
7. وقريب منها في الوصف : ” كره القدم الامريكيه ” الا انها اشد عنفا
منها ، حيث كانت تمارس بصوره عنيفه للغايه ، تحدث اضرارا بليغه في الجسد جراء
الاصابات التي قد تؤدي الى عجز اللاعب جسديا ! .
ثانيا:
اما حكمهما :
فانه يعد الحاق الاذى بالاخرين دون سبب مشروع : امرا محرما ، سواء اكان الضرر
نفسيا ، او جسديا ، وهاتان اللعبتان قائمتان على الحاق الاذى الجسدي باللاعبين بدرجه كبيره
؛ اذ لا يمكن الحصول على الكره دون الالتحام المباشر بين اللاعبين ، والذي يصحبه
بعض الضرب والسحب والالقاء بالخصم نحو الارض بشده والقفز على الخصم لمنعه من الوصول الى
منطقه المرمى ، ونحو ذلك من الممارسات التي تبيحها طبيعه اللعب ، مما يعرض جسد
اللاعب لخطر الرضوض الشديده والكسور والاصابات المختلفه ، والتي قد تلحق باحضاء خطيره كالراس والوجه
وغيرها .
لذلك ؛ فممارسه هاتين اللعبتين على النحو المذكور : يعد محرما شرعا ؛ لما فيه
من الاذى المحرم .
ومما يدل على حرمه الحاق الاذى بالنفس وبالاخرين ، ايات واحاديث كثيره من ذلك :
1. قوله تعالى ( ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين ) المائدة/ 87 ،
فالايه جامعه عامه في النهي عن كل اعتداء ، وهو شامل لما تجاوز حدود الله
تعالى فيما احل وحرم ، فمن اذى غيره : فقد اعتدى ، ومن اعتدى :
فقد جاوز حده ، ووقع في المعصيه ، وكان من الذين يبغضهم الله تعالى .
2. قوله صلى الله عليه وسلم : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده
، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ) – رواه البخاري ومسلم – واللفظ
للبخاري – ، فالحاق الاذى الجسدي بالاخرين دون سبب مشروع : محرم .
3. وقال صلى الله عليه وسلم : ( فان دماءكم واموالكم واعراضكم عليكم حرام )
– رواه البخاري – ، فيحرم على المسلم ان يعرض حياه اخيه للهلاك ، او
ان يجني عليه جنايه في نفسه او عرضه او ماله .
4. قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) – رواه
ابن ماجه ، وصححه الالباني في ” صحيح ابن ماجه ” – ، فلا يحل
لمسلم ان يلحق الضرر بنفسه ، او بالاخرين ، او ان يقابل ضررهم بضرر مثله
، وهذا اللعب قائم على الحاق الضرر بالخصم بصور شتى ، وذلك منهي عنه .
5. وصوره هذا اللعب فيها مخالفه لما ينبغي ان يكون عليه المسلم من الرفق والبعد
عن العنف ، اذ يقول صلى الله عليه وسلم : ( ان الله رفيق يحب
الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه
) – رواه مسلم – ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ان الرفق
لا يكون في شيء الا زانه ولا ينزع من شيء الا شانه ) – رواه
مسلم ، ومعنى ( زانه ) : اي : جمله وحسنه ، واما معنى (
شانه ) : فقبحه وعابه وشوهه – .
قال الامام النووي :
وفي هذه الاحاديث فضل الرفق … وذم العنف والرفق : سبب كل خير ، ومعنى
( يعطي على الرفق ) اي : يثيب عليه ما لا يثيب غيره … .
” شرح مسلم ” ( 16 / 145 ) .
ولا شك ان اثار هذا العنف تنعكس على حياه اللاعبين ! بالاضافه الى ما يقود
اليه ذلك من الضغائن والاحقاد وحب الانتقام بين اللاعبين ، وبين مشجعيهم ! .
ثالثا:
لا يقال ان اللاعبين لا يقصدون الاذى ، او انه مباح في عرف اللعب وقانونه
، او
انهم راضون به ؛ لان اللعب قائم على لحوق الاذى الجسدي باللاعبين ، سواء قصدوه
ام لا ، ثم ان اباحه ذلك ضمن عرف اللعب او قانونه : مردود بان
المباح ما اباحه الله تعالى وهذا مخالف ما اباحه الله تعالى ، اما رضى اللاعبين
به : فان الرضا بالمحرم : لا يبيحه .
ولا يقال ايضا بان في هذه اللعبه تعويدا للجسد على تحمل المشاق والصعاب ، وفي
ذلك تقويه له واعانته على الجهاد ؛ لان القصد كما ينبغي ان يكون مباحا –
وهو هنا تقويه الجسد والاعانه على الجهاد – : فلا بد ان تكون وسيلته مباحه
او العمل مباحا ، والحاق الاذى بالنفس او بالاخرين : ليس مباحا ، مع ما
فيه من اهلاك الجسد ، بدلا من تقويته .
ولا يقال – ايضا – ان الصراع مباح في الاسلام ، وهو عنف ؛ لان
الصراع المباح هو الذي يخلو من الحاق الضرر والاذى الغالب بالاخرين ، والا حرم .
فان هذبت هاتان اللعبتان من العنف والخشونه التي فيها : فانها عند ذلك تباح ،
اذا خلت من المحذورات الشرعيه الاخرى ، ككشف العورات ، والسباب ، ونحوها .
بل ان ممارستهما ان هذبتا : قد تندب ، لا سيما للجند ، والشرطه ؛
تعويدا على المهام القتاليه ، والقبض على المجرمين بعد ملاحقته ، ونحو ذلك ، والله
تعالى اعلم .
انتهى – بتمامه – من كتاب ” الالعاب الرياضيه احكامها وضوابطها في الفقه الاسلامي ”
، تاليف : علي حسين امين يونس ، باشراف الشيخ عمر الاشقر ، ( ص
135 – 139 ) .