معنى قوله تعالى ( والتفت الساق بالساق )
الانسان من طبيعته يحب الحياه ويتشبث بها الى اخر لحظه من عمره فعندما ياتيه الموت
تاتي معه سكره الحق وذلك ما كان الانسان منه يحيد ولا يرغب في مجيئه (
وجاءت سكره الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) حينها يشعر الانسان بقرب الموت
وبانقضاء العمر وفراق الاحبه فيشعر الانسان به وقد بلغ حلقومه والناس من حوله ينظرون والملائكه
باسطو ايديهم ولكن من حوله لا يبصرون ( فلولا اذا بلغت الحلقوم وانتم حينئذ تنظرون
ونحن اقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون ).
ومع غيبه الانسان عمن حوله في سكره الموت ، وذلك المجهول الذي اصبح يحس به
ويلمسه في حلقه وضيف الموت المكرمون من حوله فانه يشعر بشيء اخر في ساقه لا
عهد له به ( كلا اذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن انه الفراق والتفت
الساق بالساق ) هذا مشهد من مشاهد الفراق نراه في حياتنا الدنيا بشكل مستمر ..
مشهد يتكرر فيه الكثير من العبر… مشهد نرى فيه النفس قد اتاها ضيف الموت المكرمون..
ولكل نفس مع الضيف حديث قويم لا تنفع فيه المداهنه ولا تجدي معه مواربه المواربين..
ولكن دعونا نرى ما اجتهده المجتهدون في تفسير تلك الايات ؟؟.
اقتباس من كتب التراث:
عن علي بن ابي طلحه عن ابن طلحه عن ابن عباس انه قال التفت عليه
الدنيا والاخرة، اخر يوم من ايام الدنيا واول يوم من ايام الاخره فتلتقي الشده بالشده
الا من رحم الله.. وقال عكرمه التف الامر العظيم بالامر العظيم.. وقال مجاهد التف البلاء
بالبلاء.. وقال الحسن البصري الساق اليمنى اذا التفت بالساق اليسرى ، وفي روايه اخرى قال
البيضاوي التوت ساقه بساقه فلا يقدر على تحريكهما، او شده فراق الدنيا بشده خوف الاخرة.
ينبغي ان ندرس الايه بحسب مساقها في كتاب الله مبينه باخواتها في الكتاب كله لا
تفريط في كلماته ولن تجد من دونها مفسرا. لف الشيء بالشيء اذ ضمه وجمعه ضد
نشره، ومنه قوله تبارك وتعالى ( فاذا جاء وعد الاخره جئنا بكم لفيفا ). اي
جمعا مختلطا ومنه قوله تبارك وتعالى ( وجنات الفافا ) اي بساتين يختلط شجرها ونباتها
بعضه ببعض..
نحن بين ايدينا رجل في سكره الموت لا نبصر من امره مع الضيف الذي جاءه
ولا نسمع منه شيئا.. انه طريح الفراش لا يقدر على شيء.. فما الذي يمنعه من
الحركه بعد ان كان جوالا يحرك ساقيه كما يشاء يركض ويضرب بهما في الارض مجيئا
وذهابا .. ؟ ماذا يعني التفاف الساق بالساق ؟ انه يعني التقلص الذي اصابه في
ساقه اليمني كما اصابه في ساقه اليسرى فجمع بينهما وخلط الواحده بالاخرى وكانها عضله واحده
مشدودة.. عضله معطله لا نشور لها.. فلا مساق ولا ضرب في الارض من بعد الضيف
على ساق بل الى ربك يومئذ المساق ( فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى
ثم ذهب الى اهله يتمطى اولى لك فاولى. ثم اولى لك فاولى ايحسب الانسان ان
يترك سدى ) ؟؟ الاولى للانسان ان يحذر المساق بغير ساق.. فساقه ماتت فيها الحياه
فتقلصت العروق والشرايين وبلغ الموت الحلقوم فالاولى له ان يصدق ويعبد ربه الاعلى قبل ان
يتولى على ساقه يتمطى مكذبا معرضا عن ذكر ربه الذي خلق فسوى.
اذا فلقد التفت الساق بالساق والى ربك يومئذ المساق .. فلا مساق للحياه الدنيا من
جديد ولا مساق الى الاسواق ولا الى اللهو والتجاره ( حتى اذا جاء احدهم الموت
قال رب ارجعون ) انه الذهاب بغير عوده الا يوم يقوم الناس لرب العالمين.. ذهاب
كل نفس بما عملت ليوزن كل شيء بمثقال الذره يوم القيامة.. ذهاب لا ينفع من
بعده مال ولا بنون ولا اهل ولا عشيره ولا ساده ولا كبراء.. ذهاب كذهاب قوم
نوح وعاد وثمود وقوم لوط وقوم صالح واصحاب الايكه وفرعون وهامان وقارون والذين من بعدهم
( وكم اهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من احد او تسمع لهم ركزا
) ؟؟.
