احدث طريقه صنع النقود
النقود شيء معين اتفق الناس جميعهم على قبوله وتداوله كمقابل لمبيعاتهم او نظير اعمالهم التي
يؤدونها. لقد كان الذهب والفضه في الماضي من اكثر انواع النقود شيوعا، اما اليوم فنجد
النقود تتكون اساسا من الاوراق النقديه والعملات المصنعه من مختلف المعادن والودائع (او الحسابات) لدى
المصارف.
ولدى كل قطر وحده نقديه اساسية؛ ففي المملكه العربيه السعوديه مثلا الوحده النقديه الاساسيه هي
الريال. وتستعمل فرنسا الفرنك، واندونيسيا الروبية، واليابان الين، والفلبين البيزو، وروسيا الروبل، والمملكه المتحده الجنيه
الاسترليني، والولايات المتحده الدولار، والكويت وتونس وليبيا الدينار، ومصر والسودان الجنيه، وعمان واليمن الريال، ودوله
الامارات العربيه المتحده والمملكه المغربيه الدرهم. والنقود التي تستعمل في بلد ما تسمى عملة.
للنقود ثلاث وظائف اساسية: اولاها واكثرها اهميه انها وسيله تبادل، وذلك يعني شيئا يقبله الناس
لتبادل سلعهم وخدماتهم. ففي غياب وسيله تبادل فان الناس سوف يبادلون سلعهم او خدماتهم مباشره
بسلع او خدمات اخرى (نظام المقايضة). فاذا كنت تريد شراء دراجة، فلابد ان تجد مالك
دراجه يرغب في بيعها. فلنفترض ان مالك الدراجه يريد سجاده فارسيه كبديل للدراجة، وانت لا
تمتلك السجاده الفارسية. عندئذ عليك ان تجد شيئا يريده مالك السجاده الفارسيه او صانع سجاده
فارسية، لتتبادله معه لكي تعطيه لمالك الدراجة. مثل هذا النوع من التبادل او التجاره الذي
يسمى المقايضه قد يستغرق وقتا طويلا. فلا يمكن لايه دوله متقدمه ان تتقدم وتزدهر بدون
وسيله للتبادل.
والوظيفه الثانيه للنقود هي استخدامها وحده حسابية. اذ يحدد الناس اسعار السلع والخدمات بالنقود، ففي
الولايات المتحده مثلا يستخدمون الدولار لتحديد السعر، وذلك مثل استخدام الساعه للتعبير عن الزمن والكيلو
مترات لقياس المسافة.
والوظيفه الثالثه للنقود هي ان تستخدم ثروة، فيدخر الناس النقود ليتمكنوا بعد ذلك من الشراء
في المستقبل. كما يمكن ان تخزن الثروه في شكل ذهب او مجوهرات او لوحات فنيه
او عقارات او اسهم وسندات.
العملات المعدنيه والورقيه الاولى
والشيء الوحيد الذي بالامكان استخدامه بسهوله بوصفه وسيله للتبادل ووحده حسابيه ومخزنا للثروه هي النقود.
ولكي تكون النقود سهله الاستعمال، يجب ان تتمتع بعده خصائص، منها: ان تتكون من وحدات
القيمه نفسها، وبذلك لا تكون هناك حاجه لوزنها او قياسها عند استخدامها، ويجب ان تكون
ميسوره الحمل، حتى يسهل على الناس حمل نقود كافيه لشراء ما يحتاجونه، كما انها يجب
ان تكون قابله للتقسيم الى وحدات تمكن الناس من القيام بشراء كميات صغيره والحصول على
الباقي.
استخدم الناس في الماضي الخرز وحبوب الكاكاو والملح والصدف والاحجار والتبغ واشياء اخرى كنقود، وبالاضافه
الى هذا، فقد استعملوا معادن مثل النحاس والذهب والفضة. ومثل هذه المعادن يمكن ان تشكل
بسهوله في شكل نقود تتحمل التداول وكثره الاستعمال.
ولكن اليوم نجد ان معظم النقود ورقية. والورق النقدي لا ينطوي على قيمه في ذاته،
لكن قيمته في غطائه من الذهب، ولذا اقبل الناس على التبادل بالاوراق النقدية. ويحصل الناس
نظير اعمالهم وسلعهم على نقود معدنيه او ورقية، لانهم يعلمون ان الجميع سوف يحصل على
النقود نفسها نظير سلعهم واعمالهم.
ولذلك فان قيمه النقود تنتج من حقيقه ان جميع الافراد يتفقون على استخدامها كوسيله للدفع.
كيف تطورت النقود
تطور التعامل بالنقد بدا عندما قبل الناس انواعا معينه من السلع كوسائط للتبادل. وقبل هذه
الحقبة، استعمل جميع الناس اسلوب المقايضة، حيث تباع السلع للحصول على ما كانوا يرغبون فيه.
وتوضح الصور ادناه وسائط التبادل.
لم يكن لدى القدماء نظام نقود كالذي نعرفه اليوم. ولكن لكي يحصلوا على ما يحتاجونه
فقد استخدموا نظام المقايضه كنظام تجاري. وبمرور الوقت عرف الناس انه بمقدوركل شخص ان يقبل
سلعا معينه في مقابل سلعه او خدمة. شملت هذه السلع: الحيوانات، والابقار، والقماش، والملح، والمصنوعات
الذهبيه او الفضية. ثم بدا الناس استعمال تلك السلع وسيله للتبادل كما نستعمل النقود اليوم.
هناك اعداد كبيره من الناس لا تزال تستخدم نظام المقايضة. خاصه في الدول الناميه في
افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية. وتعيش ملايين الاسر في هذه البلاد على الزراعه وتنتج من الغذاء
مايكاد يكفي لسد احتياجاتهم.
ولذلك فهم نادرا ما يحصلون على نقود وعليهم بالمقايضه اذا احتاجوا الى بعض الاشياء. ان
الناس في الدول الصناعيه قد يلجاون كذلك الى نظام المقايضه اذا اصبحت النقود نادره او
عديمه القيمة. مثال ذلك، انتشار المقايضه في المانيا بعد هزيمتها في الحرب العالميه الثانيه (1939-1945م).
كانت النقود الالمانيه عديمه القيمه تقريبا، واصبح الناس يرفضون اخذها. وبدلا من ذلك كانوا يقايضون
معظم السلع والخدمات. كذلك استخدموا السجائر والبن والسكر، والمواد التي كان بها نقص، كوسيله للتبادل.
اول العملات التي سكت.
ربما صنعت اول العملات في القرن السابع قبل الميلاد وكان ذلك في ليديا وهي بلد
تقع الان غرب تركيا. وصنعت تلك العملات في كتل على هيئه بذره الفاصوليا من الالكتروم
وهو خليط طبيعي من الذهب والفضة.
وكان على تلك العملات خاتم يوضح ان ملك ليديا يضمنها لتكون موحده القيمة. وقد انتقلت
هذه الفكره بسرعه الى اغلب دول البحر الابيض المتوسط.
ان تصميم العملات قد وفر على الناس عناء وزن كل عملة، للتاكد من قيمتها. فقد
قبل المتاجرون تلك العملات بدلا من الابقار والقماش وتراب الذهب او اي سلع اخرى كانت
تستخدم كوسيله للتبادل. ورات بلدان اخرى مزايا عملات ليديا فبدات في صنع عملات خاصه بها.
ويعتقد كثير من المؤرخين ان العملات اخترعت كذلك بطريقه مستقله في الصين والهند القديمة. في
بادئ الامر استخدمت الصين السكاكين والمجارف وغيرها من الادوات المعدنيه كوسيله للتبادل. ومنذ القرن الثاني
عشر قبل الميلاد اصبحوا يستخدمون اشكالا مصغره من هذه الادوات من معدن البرونز المنمنم، وهو
خليط من النحاس والقصدير والرصاص بدلا من الادوات الحقيقية. وبمرور الزمن تطورت هذه الادوات الصغيره
لتصبح عملات معدنية.
وللعملات المعدنيه اليوم العديد من السمات المشابهه لما كانت عليه في العصور القديمة. فعلى سبيل
المثال نراها مختومه باعتماد الحكومه مثل العمله المعدنيه في ليديا القديمة.
النقود في مستعمرات امريكا الشماليه كانت النقود نادره في مستعمرات امريكا الشمالية. ونادرا ماكانت تستخدم
العمله الورقية، ولم يسمح البريطانيون للمستعمرات بسك العملات. ولذلك استخدمت المستعمرات عملات معدنيه كان يمكن
تداولها. وكان الوامبوم الهندي وسلع اخرى تتبادل كنقود.
بدا ذلك في الصين وكان على الارجح خلال القرن السابع الميلادي. فقد سافر التاجر الايطالي
ماركو بولو الى الصين ابان القرن الثالث عشر ودهش لرؤيته الصينيين يستعملون عمله ورقيه بدلا
من العملات المعدنية. وفي كتابه عن رحلاته كتب ماركو بولو: ¸ان كل رعايا الامبراطور الصينيين
يقبلون العمله الورقيه بدون تردد مهما كان موقع اعمالهم، ويستطيعون استعمالها في شراء السلع التي
يحتاجونها·.
ورغم وصف ماركو بولو، فلم يكن باستطاعه الاوروبيين فهم الكيفيه التي يمكن بها ان تكون
لقطعه ورق قيمة. ولم يعتمدوا استخدام العمله الورقيه حتى القرن السابع عشر، عندما بدات المصارف
تصدر عمله ورقيه سميت الاوراق المصرفيه للمودعين والمقترضين.
وكان يمكن استبدال الاوراق البنكيه بالعملات الذهبيه او الفضيه عند ايداعها لدى المصرف.
وكانت بعض العملات الورقيه الاولى في امريكا الشماليه تتكون من اوراق اللعب. وهذه العمله من
اوراق اللعب ادخلت في كندا عام 1685م، وكانت كندا في ذلك الوقت مستعمره فرنسية، لان
النقود التي تدفع للجند الذين يعسكرون هناك كانت ترسل من فرنسا. وغالبا ما كانت السفن
تتاخر. وقد بلغت ندره النقود الى درجه دفعت حكومه المستعمره الى استعمال اوراق اللعب كعملة.
وكل ورقه لعب وضعت عليها قيمه معينه مع توقيع الحاكم. واستمر تداول عمله اوراق اللعب
لاكثر من 70 سنة.
وحتى القرن التاسع عشر الميلادي كانت اغلبيه الاوراق النقديه المتداوله اوراقا نقديه اصدرتها المصارف او
الشركات الخاصة.
وبمرور الوقت بدات الحكومات والمصارف المركزيه تتولى اصدار الاوراق المصرفية. وبحلول اواخر القرن العشرين لم
يبق الا لعدد قليل من المصارف الحق في اصدار الاوراق المصرفية.
صناعه النقود
كيف تصنع العمله المعدنية
سك العملة.
ان انتاج عمله معدنيه جديده يبدا بتصميم الفنان لها. وبعد ان يختار المسؤولون الحكوميون تصميما
يعد الفنان نموذجا كبيرا من الصلصال للعملة. وتكون معظم النماذج اكبر بنحو ثماني مرات من
حجم العمله الجاهزة. ولايضع الفنان التفاصيل، لان الصلصال يكون طريا جدا. وبدلا من ذلك يضع
الفنان قالبا بلاستيكيا من النموذج، ويكون القالب صلبا بالقدر الكافي لاضافه التفاصيل الدقيقة. وهناك اله
خاصه تسمى مخرطه التصغير تتبع تفاصيل النموذج، وتخرط التصميم مصغرا في حجم العمله المعدنيه من
قطعه فولاذ تسمى القالب الاساسي. ثم يعالج هذا القالب الاساسي حراريا حتى يصبح صلبا جدا.
ثم تستخرج اله خاصه نسخه من القالب الاساسي لصنع مجموعه من الادوات الصلبه تسمى قوالب
التشكيل (لقم اللولبة). تستخدم هذه القوالب لطباعه صور من القالب الاساسي تسمى محاور العمل، وهذه
بدورها توظف لعمل قوالب العمل التي تقوم بطبع العملة.
تسخن قضبان معدنيه ثم تضغط بين عجلات ثقيله في قطع سمكها كالعمله المعدنية. وتقوم اله
بتقطيع اقراص ملساء من المعدن غير مشغوله تسمى الغفلات وهي قطع معدنيه غير مشغولة. ثم
تدخل هذه الغفلات في اله صف علويه ترفع حافه كل قرص، ثم تسلمها اخرى، وتسمى
المطبعه الساكه تستخدم قالبين لتحول القرص غير المشغول الى عمله معدنيه عن طريق سكه من
الوجهين في الوقت نفسه.
ترسل العمله المعدنيه المعده الى المصرف المركزي او المصرف الوطني، لتوزيعها على المصارف التجارية. كما
تقوم المصارف المركزيه بسحب العملات المتاكله او التالفه من التداول. ثم تقوم دار سك العمله
بصهرها واستخدامها كمعدن لصنع عملات جديدة.
كيف تصنع النقود الورقية
طباعه العمله الورقية.
يبدا انتاج العمله الورقيه عندما يصنع الفنان نموذجا لها. وعندما يوافق سكرتير الخزانه على التصميم
النهائي لها، يحفرالنقاشون التصميم على لوحه من الفو لاذ. ثم تقوم اله بضغط التصميم على
اسطوانه من الصلب الطري، فتشكل تصميما بارزا على سطحها. وبعد ان تعالج الاسطوانه بالحراره لكي
تصبح اكثر صلابه تستخدم مطبعه تحويليه اخرى لاستنساخ 32 نسخه على لوحه طباعه وتتولى كل
لوحه طبع 32 ورقه طباعه وتتولى الواح منفصله طبع النقود الورقيه بالجانبين.
تستخدم المطابع الحكوميه عاده مطابع سريه لطبع اوراق العملة. يطبع التصميم اولا، ثم تضاف الامور
المتعلقه بتامين العمله مثل الاختام والارقام المتسلسله في عمليه منفصلة. ثم تقطع الاوراق الكبيره الى
رزم اوراق العمله وتحل محل الاوراق النقديه المعيبه اخرى جديدة. وكل من هذه العملات البديله
تحمل الرقم نفسه المتسلسل للورقه القديمة، لكن عليها نجمه لتوضح انها ورقه بديلة. ترسل العمله
الورقيه الى المصارف المركزيه لتوزيعها على المصارف التجارية.
معظم الاوراق النقديه ذات القيمه الصغيره تتلف بعد سنه او سنتين من التداول. اما الاوراق
ذات القيمه الكبيره فتعمر لسنوات، لانها تتداول بقدر اقل. تجمع المصارف الاوراق النقديه الباليه وترسلها
الى المصرف المركزي لاستبدالها، والتخلص منها.
ان كميه النقود في البلد تؤثر على مستوى الاسعار ومعدل النمو الاقتصادي، ولذلك تؤثر على
حجم التشغيل. فاذا زاد عرض النقود، فان الناس تتوافر لديهم نقود اكثر لشراء الاشياء ومن
ثم يزيد اقبالهم على شراء المنتجات. وكرد فعل لزياده الطلب فان اصحاب الصناعه يزيدون من
تشغيل العمال لزياده النمو الاقتصادي. واذا تعذر زياده الانتاج بما يتناسب مع زياده الطلب، فان
الاسعار تزيد وتسمى الزياده المستمره في الاسعار تضخما وهو في الغالب يسبب مشاكل لاصحاب الدخول
المحدودة.
واذا تناقص مقدار النقود (السيولة)، اي ان يكون لدى الناس نقود اقل للانفاق، فان السلع
والخدمات تبقى راكده وتنخفض الاسعار، فيخفض اصحاب الصناعه انتاجهم ويخفضون من حجم العمالة.
ان الهدف الاقتصادي الاساسي لكل دول العالم تقريبا هو تنشيط النمو الاقتصادي وتحقيق نسبه تشغيل
عاليه مع اقل معدل في زياده الاسعار. ان وسيله الحكومه الاساسيه لتحقيق ذلك هي السياسه
النقديه و السياسه المالية. وتوضح السياسه النقديه كيف تدير الحكومه عرض النقود بالدولة. وتوضح السياسه
الماليه كيف تفرض الحكومه الضرائب وتحدد برامج انفاقها. ولتنشيط الاقتصاد فقد تلجا الحكومه لزياده عرض
النقود وتخفيض الضرائب او الزياده في انفاقها .. يتبع