مقالات و تفسيرات من روائع الشعراوي
الشيخ الشعراوي.. عرف باسلوبه العذب البسيط في تفسير القران.
وكان تركيزه على النقاط الايمانيه في تفسيره جعله يقترب من قلوب الناس، وبخاصه وان اسلوبه
يناسب جميع المستويات والثقافات.
مولده وتعليمه:
ودخل المعهد الثانوي، وزاد اهتمامه بالشعر والادب، وحظى بمكانه خاصه بين زملائه، فاختاروه رئيسا لاتحاد
الطلبة، ورئيسا لجمعيه الادباء بالزقازيق، وكان معه في ذلك الوقت الدكتور محمد عبد المنعم خفاجى.
والشاعر طاهر ابو فاشا، والاستاذ خالد محمد خالد والدكتور احمد هيكل والدكتور حسن جاد، وكانوا
يعرضون عليه ما يكتبون.
ومن الازهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الانجليز المحتلين. ولم يكن معهد
الزقازيق بعيدا عن قلعه الازهر الشامخه في القاهرة.
فكان الشيخ يزحف هو وزملائه الى ساحات الازهر واروقته، ويلقى بالخطب مما عرضه للاعتقال اكثر
من مرة، وكان وقتها رئيسا لاتحاد الطلبه سنه 1934م.
وبعد فتره خبره طويله انتقل الشيخ الشعراوي الى العمل في السعوديه عام 1950 ليعمل استاذا
للشريعه بجامعه ام القرى.
الا ان الشيخ الشعراوي استطاع ان يثبت تفوقه في تدريس هذه الماده لدرجه كبيره لاقت
استحسان وتقدير الجميع. وفي عام 1963 حدث الخلاف بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين الملك
سعود.
وعلى اثر ذلك منع الرئيس عبد الناصر الشيخ الشعراوي من العوده ثانيه الى السعوديه وعين
في القاهره مديرا لمكتب شيخ الازهر الشريف الشيخ حسن مامون.
ثم سافر بعد ذلك الشيخ الشعراوي الى الجزائر رئيسا لبعثه الازهر هناك ومكث بالجزائر حوالي
سبع سنوات قضاها في التدريس واثناء وجوده في الجزائر حدثت نكسه يونيو 1967.
وقد تالم الشيخ الشعراوي كثيرا لاقسى الهزائم العسكريه التي منيت بها مصر والامه العربيه وحين
عاد الشيخ الشعراوي الى القاهره وعين مديرا لاوقاف محافظه الغربيه فترة.
ثم وكيلا للدعوه والفكر، ثم وكيلا للازهر ثم عاد ثانيه الى المملكه العربيه السعودية، حيث
قام بالتدريس في جامعه الملك عبد العزيز.
حيث ان هذا من اختصاصات وزير الاقتصاد او الماليه (د. حامد السايح في هذه الفترة)،
الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على ذلك.
اما اذا كانوا جميعا صادرين عن هوى الحق وعن مراده، فلا يمكن ابدا ان يهزموا،
وحين تدخل اهواء الناس او الاشخاص، على غير مراد الله، تتخلى يد الله.
فرحت به ترشيحا لي، وفرحت به ترجيحا لي، وفرحت به استقبالا لي، لانه تكريم نشا
عن الحاق لا عن لحوق، والالحاق استدعاء، ادعو الله بدعاء نبيه محمد صلى الله عليه
وسلم: اللهم اني استعيذك من كل عمل اردت به وجهك مخالطا فيه غيرك.
فحين رشحت من هذا المجمع امنت بعد ذلك اننا في خير دائم، واننا لن نخلو
من الخير ما دام فينا كتاب الله.
سالني البعض: هل قبلت الانضمام الى مجمع الخالدين، وهل كتب الخلود لاحد؟ وكان ردي: ان
الخلود نسبي، وهذا المجمع مكلف بالعربية، واللغه العربيه للقران، فالمجمع للقران، وسيخلد المجمع بخلود القران.
وكان اختيارا طيبا لم يتعبه في حياته، وانجب الشعراوي ثلاثه اولاد وبنتين، الاولاد: سامي وعبد
الرحيم واحمد، والبنتان فاطمه وصالحة.
وكان الشيخ يرى ان اول عوامل نجاح الزواج هو الاختيار والقبول من الطرفين. وعن تربيه
اولاده يقول: اهم شيء في التربيه هو القدوة، فان وجدت القدوه الصالحه سياخذها الطفل تقليدا،
واي حركه عن سلوك سيئ يمكن ان تهدم الكثير.
اي اذا ما تهيات اذنه للسمع، وعيناه للرؤية، وانفه للشم، وانامله للمس، فيجب ان نراعي
كل ملكاته بسلوكنا المؤدب معه وامامه، فنصون اذنه عن كل لفظ قبيح، ونصون عينه عن
كل مشهد قبيح.
وان نذهب للصلاه في مواقيتها، وحين نبدا الاكل نبدا باسم الله، وحين ننتهي منه نقول:
الحمد لله.. فاذا رانا الطفل ونحن نفعل ذلك فسوف يفعله هو الاخر حتى وان لم
نتحدث اليه في هذه الامور، فالفعل اهم من الكلام.
وعهدت اليه بترشيح من يراهم من المحكمين في مختلف التخصصات الشرعيه والعلمية، لتقويم الابحاث الوارده
الى المؤتمر.
مؤلفات الشيخ الشعراوي:
عندما كان يشارك في العمل الوطني بالكلمات القويه المعبرة، وكان الشيخ يستخدم الشعر ايضا في
تفسير القران الكريم، وتوضيح معاني الايات، وعندما يتذكر الشيخ الشعر كان يقول “عرفوني شاعرا”
فسالته: ما هي القصة: فقال: قصه شخص اسمه عروه بن اذينة.. وكان شاعرا بالمدينه وضاقت
به الحال، فتذكر صداقته مع هشام بن عبد الملك.. ايام ان كان امير المدينه قبل
ان يصبح الخليفة.
فذهب الى الشام ليعرض تازم حالته عليه لعله يجد فرجا لكربه. ولما وصل اليه استاذن
على هشام ودخل. فساله هشام كيف حالك يا عروة؟. فرد: والله ان الحال قد ضاقت
بي.. فقال لي هشام: الست انت القائل:
وتكرر ذلك مع كل المراحل الى ان وصل الحراس الى المدينة.. فطرق قائد الركب الباب
وفتح له عروة.. وقال له: انا رسول امير المؤمنين هشام.. فرد عروة: وماذا افعل لرسول
امير المؤمنين وقد ردني وفعل بي ما قد عرفتم؟..
تمهل يا اخي.. ان امير المؤمنين اراد ان يتحفك بهدايا ثمينه وخاف ان تخرج وحدك
بها.. فتطاردك اللصوص، فتركك تعود الى المدينه وارسل اليك الهدايا معنا.. ورد عروة: سوف اقبلها
ولكن قل لامير المؤمنين لقد قلت بيتا ونسيت الاخر.. فساله قائد الحراس:
واتذكر حكايه كوبري عباس الذي فتح على الطلاب من عنصري الامه والقوا بانفسهم في مياه
النيل شاهد الوطنيه الخالد لابناء مصر.
فقد حدث ان ارادت الجامعه اقامه حفل تابين لشهداء الحادث ولكن الحكومه رفضت.. فاتفق ابراهيم
نور الدين رئيس لجنه الوفد بالزقازيق مع محمود ثابت رئيس الجامعه المصريه على ان تقام
حفله التابين في ايه مدينه بالاقاليم.
ولا يهم ان تقام بالقاهرة.. ولكن لان الحكومه كان واضحا اصرارها على الرفض لاي حفل
تابين فكان لابد من التحايل على الموقف..
وكان بطل هذا التحايل عضو لجنه الوفد بالزقازيق حمدي المرغاوي الذي ادعى وفاه جدته واخذت
النساء تبكي وتصرخ..
وفي المساء اقام سرادقا للعزاء وتجمع فيه المئات وظنت الحكومه لاول وهله انه حقا عزاء..
ولكن بعد توافد الاعداد الكبيره بعد ذلك فطنت لحقيقه الامر..
بعد ان افلت زمام الموقف وكان اي تصد للجماهير يعني الاصطدام بها.. فتركت الحكومه اللعبه
تمر على ضيق منها.. ولكنها تدخلت في عدد الكلمات التي تلقى لكيلا تزيد للشخص الواحد
على خمس دقائق..
وفي كلمتي بصفتي رئيس اتحاد الطلبه قلت: شباب مات لتحيا امته وقبر لتنشر رايته وقدم
روحه للحتف والمكان قربانا لحريته ونهر الاستقلال..
ولاول مره يصفق الجمهور في حفل تابين. وتنازل لي اصحاب الكلمه من بعدي عن المدد
المخصصه لهم.. لكي القى قصيدتي التي اعددتها لتابين الشهداء البرره والتي قلت في مطلعها:
حدث ان كانوا على صله صداقه مع شاعر مشهور وقتها بطول اللسان والافتراء على اي
انسان اسمه عبد الحميد الديب، صاحب قصيده “دع الشكوى وهات الكاس واسكر”..
والذي لم يسلم احد من لسانه.. والذي كان يعيش على هجاء خلق الله الى ان
يمنحوه مالا.. وجاءت ذات ليله سيرتي امامه.. وقال له الاصدقاء اعضاء الجماعه الادبيه عن كل
ما اقرضته من قصائد شعرية.. فرد وقال: الشيخ الشعراوي شاعر كويس..
ولكن لا يصح ان يوصف بانه شاعر.. ولما سالوه: لماذا؟.. قال: ان المفترض في شعر
الشاعر ان يكون مجودا في كل غرض..
وهو لم يقل شعرا في غرضين بالذات ولما حكوا لي عن هذا الذي قاله الشاعر
محجوب عبد الحميد الديب.. قلت لهم: اما انني لم اقل شعرا في الغزل.. فارجو ان
تبلغوه بانني اقرضت الشعر في الغزل ايضا.. لكنه غزل متورع.. وانقلوا اليه الابيات عني.. والتي
قلت فيها:
وقد تحداني وقدم الى منزلي بباب الخلق وسالني: ما الذي سوف تقوله في عبد الحميد
الديب يا ابن الشعراوي؟ فقلت له: والله لن اقول شعري في هجائك لاحد الى ان
تقوله انت وانا اقطع بانك لن تكرر على مسامع الناس هجائي لك..
وبالفعل ما سمعه عبد الحميد الديب مني في هجائه لم يستطع كما توقعت ان يكرره
على مسامع احد.. ولذلك كنت الوحيد من شله الادباء الذي سلم من لسانه بعدها. لانه
خاف مني وعلم قوتي في شعر الهجاء ايضا.. ومن هنا ترسخ يقيني بان التصدي للبطش
والقوه لا يكون الا بامتلاك نفس السلاح.. سلاح القوه ولكن بغير بطش..
واذكر من هذه الايام ان كنا نحيي في قريتنا ذكرى الوفاء الاولى لرحيل حبيب الشعب
سعد زغلول. وطلب مني خالي ان اقرض ابياتا في تابين الزعيم.. فقلت على ما اذكر:
الا ان تفسير الشيخ الشعراوي بدا جديدا ومعاصرا رغم قدمه، وكانت موهبته في الشرح وبيان
المعاني قادره على نقل اعمق الافكار بابسط الكلمات.. وكانت هذه موهبته الثانية.
ان الجمعيه الشرعيه تنعى الى الامه الاسلاميه فقيد الدعوه والدعاه امام الدعاه الى الله تعالى،
حيث انتقل الى رحاب ربه امنا مطمئنا بعد ان ادى رسالته كامله وبعد ان وجه
المسلمين جميعا في مشارق الارض ومغاربها الى ما يصلح شئون حياتهم ويسعدهم في اخرتهم.
فرحم الله شيخنا الشعراوي رحمه واسعه وجعله في مصاف النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك
رفيقا وجزاه الله عما قدم للاسلام والمسلمين خير الجزاء.
لا شك ان وفاه الامام الراحل طيب الذكر فضيله الشيخ الشعراوي تمثل خساره فادحه للفكر
الاسلامي والدعوه الاسلاميه والعالم الاسلامي باسره.
فقد كان رحمه الله رمزا عظيما من رموز ذلك كله وخاصه في معرفته الشامله للاسلام
وعلمه المتعمق وصفاء روحه وشفافيه نفسه واعتباره قدوه تحتذى في مجال العلم والفكر والدعوه الاسلاميه
وان حزننا لا يعادله الا الابتهال الى الله بان يطيب ثراه وان يجعل الجنه مثواه.
لا ينبغي ان نياس من رحمه الله والاسلام الذي افرز الشيخ الشعراوي قادر على ان
يمنح هذه الامه نماذج طيبه وعظيمه ورائعه تقرب على الاقل من الشيخ الشعراوي ومع ذلك
نعتبر موته خساره كبيرة، خساره تضاف الى خسائر الاعوام الماضيه امثال اساتذتنا الغزالي وجاد الحق
وخالد محمد خالد.
واخشى ان يكون هذا نذير اقتراب يوم القيامه الذي اخبرنا الرسول (صلى الله عليه وسلم)
ان من علاماته ان يقبض العلماء الاكفاء الصالحون وان يبقى الجهال وانصاف العلماء واشباههم وارباعهم
فيفتوا بغير علم ويطوعوا دين الله وفقا لضغوط اولياء الامور ويصبح الدين منقادا لا قائدا.