خروج الجن من الفم
الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين محمد وعلى اله وصحبه وسلم
،،،
يدعي بعض المعالجين والعامه بعد فتره علاج محدده بخروج حيوان صغير او ديدان او نمل
من الفم او الانف او الاذن او من منطقه القبل او الدبر ، ولا بد
لنا من وقفه جاده مع هذا الامر وتحليله للوقوف على حقيقته واعطاء نظره موضوعيه مبنيه
على الدراسه والبحث والتقصي العلمي 0
لقد وقفت على حديث ضعيف اخرجه الامام احمد في مسنده حيث قال : حدثنا عفان
حدثنا حماد عن فرقد السبخي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس – رضي الله
عنه – قال : ( ان امراه جاءت بابن لها الى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، ان ابني هذا به جنون ، وانه
ياخذه عند غدائنا وعشائنا فيفسد علينا ، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره
ودعا ، فثع ثعه – ا سعل – ، قال عفان : فسالت اعرابيا ؟
فقال : بعضه على اثر بعض ، وخرج من جوفه مثل الجرو الاسود ، وشفي
) 0
( الحديث اخرجه الامام احمد في مسنده – 1 / 239 ، 254 ، 268
– والدارمي في سننه – المقدمه – برقم ( 19 ) ، والهيثمي في ”
مجمع الزوائد – 9 / 2 ، وقال الهيثمي : وفيه فرقد السبخي وثقه ابن
معين والعجلي وضعفه غيرهما – وقال الشيخ احمد شاكر رحمه الله – اسناده ضعيف ،
لضعف فرقد السبخي ، وقد ترجم له البخاري في ” الكبير ” – 4 /
1 / 131 ، والصغير 143 ، 152 ، والضعفاء 29 ، والنسائي في ”
الضعفاء 25 ” ، وابن ابي حاتم في الجرح والتعديل – 3 / 2 /
81 – 82 ، وقال ابن كثير في ” البدايه والنهايه ” عن فرقد عقب
الحديث : ” رجل صالح ، لكنه سيئ الحفظ ، وقد روى عنه شعبه وغير
واحد ، واحتمل حديثه ، ولما رواه ها هنا شاهد مما تقدم – 6 /
159 ، وقال الشيخ مشهور حسن سلمان : واسناده ضعيف ، فيه فرقد السبخي )
0
وقد نقل حصول ذلك الامر عن بعض المعالجين وكذلك بعض المرضى0
يقول الاخ عبدالله بن مسعود الشريف تحت عنوان الاعراض بعد استخدام العلاج : ( اذا
خرج حيوان مع الدبر مثل الحنش او الدود او الاخطبوط او الضفدع او الفار 000
الخ ) ( نشره بتاريخ 21 رمضان 1413 ه ) 0
يقول الاستاذ عبدالعزيز القحطاني : ( ثم بعضهم كان مسحورا فانفك عنه ، وبعضهم يخرج
منه الدود ) ( طرق الهدايه في درء مخاطر الجن والشياطين – ص 119 )
0
وقد سئل فضيله الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن حدوث هذه الظاهره والحديث الوارد فيها
فاجاب – حفظه الله – : ( وبعد ينظر في هؤلاء المعالجين وعدالتهم وتواتر هذا
الخبر عنهم فيمكن ان يكون صحيحا او يكون هذا الحيوان من الجن قد تلبس بذلك
الانسي فيخرج اذا ضاق ذرعا بالرقيه بصوره ذلك الحيوان او الديدان او النمل واحيانا يموت
وهو ملابس للانسي ويذهب اثر ملابسته ، ويمكن ان يستل من الجسد بعد موته ،
والغالب ان يخرج من الجسد دون ان يتمثل بشيء مع سماع كلامه حال خروجه 0
فاما هذا الحديث فهو ضعيف لحال فرقد السبخي ، فقد ضعفه الاكثر مع انه رجل
صالح في نفسه لكنه يخطئ ويغفل لكثره سهوه وغفلته ، وربما قلب الاحاديث ورفع الموقوف
، لكن هذه القصه واقعيه والغالب ان القصص تكون محفوظه للسامع فلا مانع من القول
بثبوتها حيث رواها الامام احمد مع تثبته وتحريه وكذا الدارمي وهو من علماء الحديث ،
وحيث روى الترمذي وابن ماجه عن فرقد في جلته حتى خرجا له وحيث روى الحمادان
وهما من اهل المعرفه بالحديث وحيث ان الواقع يوافق ما دلت عليه والله اعلم )
( منهج الشرع في علاج المس والصرع ) 0
والحمادان ( هما حماد بن زيد وحماد بن سلمه فاما الاول فهو ثقه ثبت فقيه
، قيل انه كان ضريرا ، ولعله طرا عليه ، لانه صح انه كان يكتب
، من كبار الثامنه ، مات سنه تسع وسبعين ، وله احدى وثمانون سنه ،
واما الثاني فهو ثقه عابد اثبت الناس في ثابت وتغير حفظه باخره ، من كبار
الثامنه ، مات سنه سبع وستين ، وكلاهما روى عن فرقد السبخي– تقريب التهذيب –
178 ) 0
ولكني لم اشاهد هذا الحدث او المسه بنفسي ، الا انني سمعت اثناء ممارستي في
هذا المجال من احدى النساء حصول مثل هذه الظاهره الغريبه ، وقد اخبرت هذه المراه
عن خروج فار ابيض من منطقه القبل ، الا انني لم اتحقق من ذلك ولم
ار الفار بام عيني ، ومن تحليلي لهذه الظاهره ومن خلال مراجعتي للحديث انف الذكر
، وكذلك الاقوال المتواتره عند بعض الاخوه المعالجين ممن احسبهم على خير وصلاح والله حسيبهم
، فاني لا انكر حصول مثل تلك الظاهره الغريبه ، وقد يكون التحليل المنطقي لها
سببان رئيسيان :
1)- ان يكون الجني الصارع متشكلا ومتمثلا ببعض الديدان التي تعيش في جسم الانسان كالدوده
الشريطيه او الديدان المعويه ونحو ذلك ، ويعمد الجني الصارع من خلال ذلك لايذاء المريض
جسديا ونفسيا ، وبعد فتره العلاج والرقيه الشرعيه يخرج باذن الله تعالى على نحو ما
تمثل وتشكل به اصلا في جسد الانسان ، كهيئه الديدان ونحو ذلك 0
2)- ان يتم تمثل وتشكل الجني الصارع حال خروجه من جسد الانسان على شكل فار
ونحو ذلك ، وقد اشرت من خلال ثنايا هذا البحث بامكانيه التمثل والتشكل للجن والشياطين
كما اكدت على ذلك النصوص القرانيه والحديثيه وكما بين ذلك علماء الامه ومنهم شيخ الاسلام
ابن تيميه – رحمه الله – ومن الخطا ان نقول ان الجني كان في الاصل
متشكلا بهيئه فار او جرو ونحو ذلك داخل الجسد البشري لعدم امكانيه الحياه على هذه
الصفه والهيئه ، والمعروف ان الجني المتمثل باي شكل من الاشكال البشريه او الحيوانيه يتمتع
بالصفات ذاتها التي يتمتع بها من تشبه به اصلا من انسان او حيوان ونحو ذلك
0
ومع ذلك فلا بد للمعالج من الاهتمام الشديد بالامور التاليه :
1)- كون ان هذه الظاهره حاصله الوقوع الا انها نادره وهذا ما يحتم على المعالج
التاكد من ذلك وحصوله فعلا ، بسبب ان الامر قد يعزى احيانا نتيجه للوهم والوسوسه
من قبل المريض 0
2)- التاكد من الناحيه الطبيه الخاصه بالناحيه المرضيه ، وقد تكون تلك الديدان ناتجه عن
امراض معروفه لدى الاطباء المتخصصين 0
3)- حرص المعالج على عدم نشر ذلك بين الناس توخيا للمصلحه الشرعيه العامه ، ونشر
ذلك قد يؤدي الى انتشار الخوف والهلع عند البعض 0
4)- محاوله طمانه المريض ممن حصلت معه تلك الظاهره وزرع الثقه في نفسه ، بسبب
الحاله النفسيه المترديه التي قد تنتابه نتيجه لذلك 0
علما بان عالم الجن والشياطين يحتوي على وقائع غريبه ومفاجات مثيره وتبقى كافه تلك الاحداث
والوقائع ضمن نطاق هذا العالم الغيبي التي لا يمكن باي حال من الاحوال الوقوف على
دقائقها وتفصيلاتها ، والموقف المتزن الذي لا بد ان يسلكه المعالج في بحث هذه المسائل
المشكله هو التوقف في كثير منها ، وخطوره الخوض في بعض تلك المسائل من قبل
فئه من المعالجين يقودها حتما الى اراء فلسفيه وتعارض مع العقل البشري وتصوراته ونطاق تفكيره
، ومن هنا كان لزاما على المعالج المتمرس الحاذق بهذا العلم وفنونه ان يركز على
المسائل التاصيليه التقعيديه في هذا العلم دونما الخوض في ما يتعلق بالنواحي الغيبيه او التي
لها علاقه بهذا الجانب ، ولا يمكن اعطاء اي تفسيرات مرتجله بخصوصها ، وفعل ذلك
قد يؤدي الى اظهار هذا العلم وكانما هو امور خياليه او استنتاجات غير منطقيه ،
وما اشرت للمساله السابقه بالذات الا لشموليه هذا البحث وحرصي الشديد على تغطيه كافه المجالات
والجوانب التي قد تواجه المعالج في مراحل حياته المتنوعه ، ولولا ذلك لما تطرق البحث
اصلا لمثل هذه المسائل المشكله 0
ولا بد تحت هذا العنوان من الاشاره الى امر هام مفاده ان قدره الجن والشياطين
على النفاذ للانسان محدوده وتبقى ضمن نطاق ضيق مع امكانياتهم المتميزه وقدراتهم الخارقه ، وهذه
السمه من السنن الكونيه التي حفظ الله سبحانه وتعالى بها البشريه الى ان يرث الارض
ومن عليها 0
ويمكن للمسلم الاعتصام بالله من الجن والشياطين وذلك باللجوء للدعاء والذكر والعمل الصالح والبعد عن
اقتراف المعاصي ، فكل ذلك كفيل برد كيدهم واذاهم باذن الله سبحانه وتعالى 0