قصه العفو عند المقدرة
ما خلت فلسفه او دين او تقليد انساني ايجابي الا ونظر لمساله العفو بنظره كلها
تقدير واحترام ، واصبح العفو فضيله من فضائل وقيم مكارم الاخلاق الحقيقيه والانسانيه في كل
العالم وفوق كل بقعه من بقاع الارض ، فاصبح كل من يتحلى بالعفو موسوم بالكرم
وحسن الاخلاق والفضيله ، فما هو المقصود من وراء مصطلح العفو ؟
ان العفو لغه واصطلاحا هو تجاوز الاساءه والصفح عن مرتكبها ومسببها دون محاسبته ومعاقبته عليها
، ولكن من الممكن ان يكون العفو لا يخلو من بقاء الاثر السيء من وراء
الفعل القبيح لمرتكب الاساءه في قلب الذي عفى حتى وان تجاوز عن المطالبه بالعقاب ،
اما اذا تلاشى هذا المتبقي والمتراكم بالنفس واقترن العفو بازاله كل اثر باق للضغينه فيسمى
عندها مغفره ، والقليل القليل من الناس من يتحلى بالمغفره .
واجمل انواع العفو هو العفو عند المقدره ، والمقصود به ان يعفو الانسان عن المسيء
له وهو قادر عليه ومتمكن من الاقتصاص منه وعقابه ، ومن اجمل اشكال العفو والمقترن
بالمغفره هو عفو الله ومغفرته لعباده اجمعين ، فقد قال عز وجل في وصف نفسه
في محكم التنزيل : ” الغفور الرحيم ” “والعفو ” ، ومن امثله العفو الجميل
هو عفو الرسول صلى الله عليه واله وسلم عن كفار قريش حينما دخل مكه فاتحا
ومنتصرا وقادرا ومتمكنا ، حيث خاطبهم وسالهم وهم بين يديه صاغرين : ” يا اهل
مكه ماذا تظنون اني فاعل بكم ؟ فقالوا ” خيرا ، اخ كريم ، وابن
اخ كريم ، فقال : اذهبوا فانتم الطلقاء ” ، فسامحهم ولم ينكل بهم ولم
يستولي على اموالهم ولم يقطع رؤوسهم او يسبي نساءهم كما تفعل بعض الحركات التكفيريه الان
والتي الله ورسوله والاسلام منهم بريئون .
ومن امثله العفو هو ما تقوم به الدول والحكومات من عفو على المساجين او الاسرى
او المحكومين او المدونين ، ومن امثله العفو على الصعيد الفردي تنازل الفرد عن حقه
الشخصي في ادانه ومحاسبه ومعاقبه المحكوم عليه .