قصه عن العدل قصيره الفاروق عمر بن الخطاب
قصص اسلاميه جميله عن العدل والظلم
العدل
سرقت امراه اثناء فتح مكة، واراد الرسول صلى الله عليه وسلم ان يقيم عليها الحد
ويقطع يدها، فذهب اهلها الى اسامه بن زيد وطلبوا منه ان يشفع لها عند رسول
الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يقطع يدها، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم
يحب اسامه حبا شديدا.
فلما تشفع اسامه لتلك المراه تغير وجه الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال له: (اتشفع
في حد من حدود الله؟!). ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم فخطب في الناس،
وقال: (فانما اهلك الذين قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه، واذا سرق فيهم
الضعيف اقاموا عليه الحد، وايم الله (اداه قسم)، لو ان فاطمه بنت محمد سرقت لقطعت
يدها) [البخاري].
***
جاء رجل من اهل مصر الى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقال له: يا
امير المؤمنين، لقد تسابقت مع ابن عمرو بن العاص والى مصر، فسبقته فضربني بسوطه، وقال
لي: انا ابن الاكرمين. فكتب عمر بن الخطاب الى
عمرو بن العاص: اذا اتاك كتابي هذا فلتحضر الى ومعك ابنك، فلما حضرا اعطى عمر
بن الخطاب السوط للرجل المصري ليضرب ابن عمرو قائلا له: اضرب ابن الاكرمين.
***
في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- اسلم رجل من ساده العرب، وذهب للحج،
وبينما كان يطوف حول الكعبة، داس رجل على طرف ردائه، فضربه على وجهه ضربه شديدة،
فذهب الرجل الى عمر بن الخطاب، واشتكى له، فطلب عمر -رضي الله عنه- احضار الضارب،
فلما حضر امر عمر الرجل ان يقتص منه بان يضربه على وجهه مثلما فعل معه،
فقال متعجبا: وهل استوي انا وهو في ذلك؟ فقال عمر: نعم، الاسلام سوى بينكما.
***
يحكى ان رجلا اصطاد سمكه كبيرة، ففرح بها، وفي طريق عودته الى زوجته واولاده، قابله
حاكم المدينة، ونظر الى السمكه التي معه، فاخذها منه، فحزن الصياد، ورفع يديه الى السماء
شاكيا لله -عز وجل-، طالبا منه ان يريه جزاء هذا الظالم.
ورجع الحاكم الى قصره، وبينما هو يعطي السمكه للخادم لكي يعدها له، اذا بالسمكه تعضه
في اصبعه، فصرخ وشعر بالم شديد، فاحضروا له الاطباء، فاخبروه ان اصبعه قد اصابه السم
من عضه السمكة، ويجب قطعه فورا حتى لا ينتقل السم الى ذراعه، وبعد ان قطع
الاطباء اصبعه، احس ان السم ينتقل الى ذراعه ومنه الى بقيه جسده، فتذكر ظلمه للصياد،
وبحث عنه، وعندما وجده ذهب اليه مسرعا يطلب منه ان يسامحه ويعفو عنه حتى يشفيه
الله، فعفا عنه.
***
ذات يوم، اختلف الامام على -رضي الله عنه- مع يهودي في درع (يلبس كالرداء على
الصدر في الحروب)، فذهبا الى القاضي، وقال الامام علي: ان هذا اليهودي اخذ درعي، وانكر
اليهودي ذلك، فقال القاضي للامام علي: هل معك من شهود؟ فقال الامام علي: نعم، واحضر
ولده الحسين، فشهد الحسين بان هذا الدرع هو درع ابيه. لكن القاضي قال للامام علي:
هل معك شاهد اخر؟
فقال الامام علي: لا.
فحكم القاضي بان الدرع لليهودي؛ لان الامام عليا لم يكن معه من الشهود غير ولده.
فقال اليهودي: امير المؤمنين جاء معي الى قاضي المسلمين فقضى على امير المؤمنين ورضى. صدقت
والله يا امير المؤمنين.. انها لدرعك سقطت عن جمل لك التقطتها؛ اشهد ان لا اله
الا الله وان محمدا رسول الله. فاعطاه الامام على الدرع فرحا باسلامه.
***
ما هو العدل؟
العدل هو الانصاف، واعطاء المرء ما له، واخذ ما عليه. وقد جاءت ايات كثيره في
القران الكريم تامر بالعدل، وتحث عليه، وتدعو الى التمسك به، يقول تعالى: {ان الله يامر
بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى} [النحل: 90]. ويقول تعالى: {واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا
بالعدل} [النساء: 58]. والعدل اسم من اسماء الله الحسنى وصفه من صفاته سبحانه.
انواع العدل:
للعدل انواع كثيرة، منها:
العدل بين المتخاصمين: كان صلى الله عليه وسلم مثالا في تطبيق العدل، وقد جاء اليه
رجلان من الانصار يختصمان اليه، ويطلبان منه ان يحكم بينهما، فاخبرهما النبي صلى الله عليه
وسلم بان من ياخذ حق اخيه، فانما ياخذ قطعه من النار، فبكي الرجلان وتنازل كل
واحد منهما عن حقه لاخيه.
العدل في الميزان والمكيال: المسلم يوفي الميزان والكيل، ويزن بالعدل، ولا ينقص الناس حقوقهم، ولا
يكون من الذين ياخذون اكثر من حقهم اذا اشتروا، وينقصون الميزان والمكيال اذا باعوا، وقد
توعد الله من يفعل ذلك، فقال الله تعالى: {ويل للمطففين الذين اذا اكتالوا على الناس
يستوفون . واذا كالوهم او وزنوهم يخسرون . الا يظن اولئك انهم مبعوثون . ليوم
عظيم} [المطففين: 1-5]. وقال تعالى: {واقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان} [الرحمن: 9].
العدل بين الزوجات: والمسلم يعدل مع زوجته فيعطيها حقوقها، واذا كان له اكثر من زوجه
فانه يعدل بينهن في الماكل والمشرب والملبس والمسكن والمبيت والنفقة، قال الله صلى الله عليه
وسلم: (من كانت له امراتان فمال الى احداهما جاء يوم القيامه وشقه مائل) [ابو داود
والنسائي والترمذي وابن ماجه].
والميل الذي حذر منه هذا الحديث هو الجور على حقوقها، ولهذا روي ان رسول الله
صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين زوجاته -رضوان الله عليهن- بالعدل، ويقول: (اللهم هذا
قسمي فيما املك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا املك).
[ابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه].
العدل بين الابناء: فالمسلم يسوي بين اولاده حتى في القبلة، فلا يفضل بعضهم بهديه او
عطاء؛ حتى لا يكره بعضهم بعضا، وحتى لا توقد بينهم نار العداوه والبغضاء.
يقول النعمان بن بشير: اعطاني ابي عطية، فقالت عمره بنت رواحه (ام النعمان): لا ارضى
حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقال: اني اعطيت ابني من عمره بنت رواحه عطية، فامرتني ان اشهدك يا رسول الله.
فقال الله صلى الله عليه وسلم: (اعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا. قال الله
صلى الله عليه وسلم: (فاتقوا الله واعدلوا بين اولادكم) [البخاري].
العدل مع كل الناس: المسلم مطالب بان يعدل مع جميع الناس سواء اكانوا مسلمين او
غير مسلمين، فالله يامر بعدم انقاص الناس حقوقهم، قال تعالى: {ولا تبخسوا الناس اشيائهم} [الشعراء:
138].
وقال تعالى: {ولا يجرمنكم شنان قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى} [المائدة: 8]
اي: لا تحملكم عداوتكم وخصومتكم لقوم على ظلمهم، بل يجب العدل مع الجميع سواء اكانوا
اصدقاء ام اعداء.
فضل العدل:
* العدل له منزله عظيمه عند الله، قال تعالى: {واقسطوا ان الله يحب المقسطين} [الحجرات:
9]. وكان الصحابي الجليل ابو هريره -رضي الله عنه- يقول: عمل الامام العادل في رعيته
يوما افضل من عباده العابد في اهله مائه سنة.
* العدل امان للانسان في الدنيا، وقد حكي ان احد رسل الملوك جاء لمقابلة
عمر بن الخطاب، فوجده نائما تحت شجرة، فتعجب؛ اذ كيف ينام حاكم المسلمين دون حرس،
وقال: حكمت فعدلت فامنت فنمت يا عمر.
* العدل اساس الملك، فقد كتب احد الولاه الى الخليفه عمر بن عبد العزيز
-رضي الله عنه- يطلب منه مالا كثيرا ليبني سورا حول عاصمه الولاية. فقال له عمر:
ماذا تنفع الاسوار؟ حصنها بالعدل، ونق طرقها من الظلم.
* العدل يوفر الامان للضعيف والفقير، ويشعره بالعزه والفخر.
* العدل يشيع الحب بين الناس، وبين الحاكم والمحكوم.
* العدل يمنع الظالم عن ظلمه، والطماع عن جشعه، ويحمي الحقوق والاملاك والاعراض.
الظلم:
حذر الله -تعالى- من الظلم، فقال عز وجل: {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون
انما يؤخرهم ليوم تشخص في الابصار} [ابراهيم: 24].
وقال تعالى: {فويل للذين ظلموا من عذاب يوم اليم} [_الزخرف: 65].
وقال تعالى: {الا لعنه الله على الظالمين} [_هود: 18].
وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم ايضا من الظلم، فقال: (اتقوا الظلم فان الظلم
ظلمات يوم القيامة) [مسلم]، وقال الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات مستجابات: دعوه الصائم،
ودعوه المظلوم، ودعوه المسافر) [البيهقي].
وقال الله صلى الله عليه وسلم: (المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه) [البخاري].
انواع الظلم:
ظلم الانسان لربه: وذلك بالا يؤمن الانسان بخالقه ويكفر بالله -عز وجل- وقد جعل الله
الشرك به -سبحانه- من اعظم الظلم، فقال: {لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم} [لقمان:
13].
ظلم الانسان للانسان: وذلك بان يعتدي الظالم على الناس في انفسهم او اموالهم او اعراضهم،
فشتم المسلمين ظلم، واخذ اموالهم ظلم، والاعتداء عليهم ظلم، والمسلم بعيد عن كل هذا.
ظلم الانسان لنفسه: وذلك بارتكاب المعاصي والاثام، والبعد عن طريق
الله -سبحانه- واتباع طريق الشيطان.
جزاء الظلم:
ذات يوم سال الرسول صلى الله عليه وسلم اصحابه، فقال: (اتدرون ما المفلس؟)، قالوا: المفلس
فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال الله صلى الله عليه وسلم: (ان المفلس
من امتي من ياتي يوم القيامه بصلاه وصيام وزكاة، وياتي وقد شتم هذا، وقذف هذا،
واكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا. فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته،
فان فنيت حسناته قبل ان يقضي ما عليه اخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح
في النار) [مسلم والترمذي].
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على اداء الحقوق الى اصحابها، قبل ان ياتي
يوم القيامه فيحاسبهم الله على ظلمهم، قال الله صلى الله عليه وسلم: (لتؤدن الحقوق الى
اهلها يوم القيامة، حتى يقاد (يقتص) للشاه الجلحاء من الشاه القرناء) [مسلم].
فكل مخلوق سوف ياخذ حقه يوم القيامة، حتى النعجه التي ليس لها قرون (جلحاء) اذا
ضربتها في الدنيا نعجه ذات قرون (قرناء)، فان الاولى سوف تقتص وتاخذ حقها من الثانية،
وقال الله صلى الله عليه وسلم: (من ظلم قيد شبر من الارض، طوقه من سبع
ارضين) [متفق عليه].
فكل انسان يظلم وياخذ ما ليس حقا له فسوف يكون عليه وبالا في الاخرة، وسوف
يعذب يوم القيامه عقابا له على ظلمه في الدنيا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(ان الله ليملي للظالم (اي: يؤخر عقابه)، حتى اذا اخذه لم يفلته)
[متفق عليه]، ثم قرا: {وكذلك اخذ ربك اذا اخذ القرى وهي ظالمه ان اخذه اليم
شديد} [هود: 102].
وقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العزة: (يا عبادي، اني حرمت الظلم
على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا) [مسلم]
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.