كلمات عن راحه الضمير
كل الناس يبحثون عن (راحه الضمير)،
فما من صغير ولا كبير، ولا غني ولا فقير، الا وراحه الضمير حلم من احلامه،
وامل من اماله،
بل
ان سعي الناس في الحياه الدنيا، وما يجري لهم من تعب ووصب، وعناء
ونصب، انما يهدف الى غايه مشتركه بينهم جميعا الا وهي (راحه الضمير) مع
غيرها من الاهداف الدنيويه والاخرويه المنطلقه من مشاربهم المختلفه دينيا
وثقافيا واجتماعيا.
(راحه الضمير) مطلب الجميع، وهدف الجميع، لان الضمير هو بؤره نفس
الانسان، وسويداء قلبه، واعمق مواطن احاسيسه، وابعد مكان شعوره غورا في
وجدانه،
فهو روح الانسان الذي لا مجال لديه لمخادعته ومخاتلته، ومن ذا الذي يستطيع
ان يخادع نفسه، ويصرفها عن معرفه صدقه وكذبه، ووفائه وغدره، الى غير ذلك
من المشاعر والصفات التي يتفنن الانسان في عرضها على الناس بصور مختلفة
قد تخالف حقيقتها الكامنه في نفوسهم التي يعرفها الضمير البشري على حقيقتها
معرفه تتيح له اسعاد صاحبه واراحته حينما يكون صادقا، واشقاءه وتعذيبه
حين يكون كاذبا.
كم
من غني ذي مال وثراء يستطيع ان يسعد نفسه سعاده ظاهره في تعامله مع
الناس، وان يداجي ويخادع، ويفرح بنتائج ذلك الظاهرة، ولكنه لا يستطيع ان
ينجو من (ضميره) الكامن في اعماقه الذي يستاثر بخلوته مع نفسه، فيؤنبه
على كل عمل مخالف وقع فيه، ويذكره بان ابتسامته الصفراء الخادعه لا تنفع،
وادعاءاته التي غطى بها حقيقته لا تجدي، وهنا لا يكون للسعادة
الحقيقية، او لراحه الضمير مكان في نفسه.
(راحة
الضمير) يستطيع ان يصورها من كانوا يفقدونها في مراحل انحرافهم، او
خداعهم، او عدم انضباط سلوكهم، ثم عادوا الى الصواب، فاذا بهم يجدون ما
كانوا يرونه بعيد المنال، صعب الحصول بين ايديهم.
في قصص التائبين والتائبات، وقصص المعتنقين للاسلام بعد كفرهم ما يؤكد لنا هذا المعنى الذي
اشرنا اليه في (راحه الضمير)
فهذا يقول: ما ان اعلنت توبتي، وعزمت على اوبتي حتى شعرت براحه عظيمه في داخلي،
كنت اظنها من المستحيلات.
وتلك
تقول: شرقت بي الرغبات وغربت، وجاءت بي الاهواء وذهبت، وتظاهرت
بالسعاده حتى مللت من التظاهر بها امام الناس، وكنت في ذلك كله اشعر بمثل
لذع النار في داخلي، وما تخلصت من ذلك كله الا بعدما تبت الى
الله، وصدقت في توبتي.
واخر يقول: ان راحه الضمير التي يظنها الناس من المستحيلات اقرب الى الانسان مما يتوقع
حينما يكون انسانا مستقيما.
الايمان بالله،
وصدق التوجه اليه,
ومراجعه النفس حينما تخطىء,
واعلان التوبه الى الله عز وجل حينما تقع المعصيه تجعلنا من اصحاب (راحه الضمير) بامتياز،
فما الذي يمنعنا من ذلك؟