روايه كما العنقاء بقلمى blue me
:- ربما … عندما تهطل الثلوج في حزيران …
قال بغضب يائس :- لماذا تحاربين طواحين الهواء ؟.. لماذا تنكرين ما هو حقيقي ..
ملموس بين ايدينا
قالت بحزن :- ربما هو ملموس بالنسبه اليك .. اما انا .. فقد فقدت منذ
سنوات ايماني بكلمات كالثقه والحب .. ليس في مجتمع كالذي تملكني دون ان ارغبه ..
حيث المظهر .. حب الذات والانانيه .. يطغى على كل شيء .. قلبي الذي تطالب
به .. لم يعد موجودا منذ فتره طويله .. لقد اختفى .. منذ استحال الى
رماد نثر الهواء ذراته في كل مكان
امسك بكتفيها … ونظر الى عينيها الحزينتين قائلا بوعيد :- استطيع احياءه من جديد ..
اعدك .. امنحيني الفرصه فقط .. شيء من الثقه والايمان .. وانا قادر على خلقه
من بين الرماد كما العنقاء ..
حين تعود الى الحياه اسطوره لا مثيل لها.. تنثر سحرها حولها باباء .. تتحدى كل
قواعد الوجود .. وتبقى .. كحبنا حتى وانت ترفضين الاعتراف به
لاحظت سلام جيدا كيف تابع عماد طريقه خروجا من المدينه .. فقالت بقلق :- عماد
… الى اين تاخذني ؟
لم يقل شيئا .. بل اكتفى بمسح العرق الذي بلل جبينه وملابسه رغم بروده الجو
في هذا الوقت من المساء .. وتابع قياده شاحنته الصغيره عبر الطرقات التي بدات تخلو
من الحياه كلما تقدم بهما المسير .. فركت يديها الصغيرتين بقلق وهي تنظر حولها ..
لم يقل لها الكثير عندما دخل الى البيت .. وطلب منها مرافقته لامر طارئ ..
كالعاده لم تناقشه .. فعندما يقول عماد ان هناك امر طارئ .. فهذا يعني انه
قد تورط من جديد في مشكله عجز عن الخروج منها
الا ان احساسا دفينا اخبرها بان هذه المره مختلفه .. لم تعرف السبب .. ولكنها
لم تجد ابن خالتها على هذه الحاله من التوتر والقلق من قبل .. بدلا من
ان تتابع سؤاله .. قررت ان تنتظر لترى الى اين ياخذها .. اوقف الشاحنه امام
بيت ريفي قديم يكاد يتداعى .. تاملت المكان بعدم ارتياح وقد لاحظت ابتعاده الشديد عن
اي بقعه ماهوله بالناس .. قالت :- عماد .. ما هذا المكان ؟
اخذ نفسا عميقا وكانه يسيطر على توتره .. ثم قال بخشونه :- انت تثقين بي
.. اليس كذلك ؟
ارتبكت وهي تلاحظ عصبيته الشديده .. وقالت متردده :- طبعا اثق بك .. فانت اخي
بالرضاعة
التفت اليها فجاه مما اجفلها وهو يقول بحده :- لهذا السبب بالذات جئت بك الى
هنا .. لانك اختي واكثر شخص اثق به في هذا العالم .. واعرف بانك لن
تتخلي عني ابدا
تاكدت شكوكها في هذه اللحظه .. فانتابها اسى كبير وهي تقول :- ما الذي فعلته
هذه المره يا عماد ؟
عماد يكبرها بعام واحد .. ولكنها دائما كانت الطرف الاكثر وعيا بينهما ..وخلال سنوات عمرها
العشرين التي عاشتها معه في بيت خالتها منذ وفاه والديها .. كان هو من يقع
في المشاكل .. وهي من كان يخرجه منها .. في هذه اللحظه احست سلام بانها
قد سئمت الجري خلفه دائما ولملمه الفوضى التي يسببها .. واحست برغبه بضربه وتركه ولو
لمره ليتحمل مسؤوليه اخطاءه بمفرده .. الا ان حدته استحالت فجاه الى اضطراب وهو يقول
بصوت منخفض :- سلام .. انا احتاج اليك .. هذه المره مختلفه .. لقد ورطت
نفسي في مازق حقيقي
احست بقلبها يخفق بقوه خوفا مما يخفيه عنها ابن خالتها .. فوضعت يدها فوق كتفه
قائله :- عماد .. ما الامر ؟ .. اخبرني
لفت انتباههما فجاه انفتاح الباب الخشبي المهترئ للمبنى .. وخروج رجل ضخم الجثه واتجاهه نحوهما
بسرعه وتصميم جعلا سلام ترتجف رغما عنها لرؤيه الشر المرتسم في عينيه الضيقتين .. فور
وصوله .. فتح الباب المجاور لها وامسك بمعصمها دون انذار جارا اياها خارج السياره متجاهلا
صرخه الذعر التي دوت من بين شفتيها .. سرعان ما لحق بها عماد صارخا بانفعال
:- اتركها … لقد اتفقنا على الا تؤذها
صاح الرجل بغلظه دون ان يتركها :- لقد تاخرت كثيرا .. والرجل يكاد يلفظ انفاسه
الاخيرة
ظهر العجز والتوسل في صوت عماد مما جعلها تكره الرجل العفن الرائحه الواقف الى جانبها
.. والقادر على اثاره كل هذا الرعب داخل قلب عماد :- انا اسف .. لقد
كان الطريق مزدحما .. وقد وصلنا في النهايه اليس كذلك ؟ اتركها يا ماجد ..
وستفعل ما نريده بالضبط
تركها اخيرا .. فاسرعت تحتمي بابن خالتها مذعوره .. تمكنت من النظر الى المدعو ماجد
جيدا .. فلاحظت انه اصغر بكثير مما توقعت .. ربما لا يكبر عماد الا ببضع
سنوات .. الا ان القسوه والاجرام رسما الخطوط العميقه والداكنه حول عينيه وفمه .. فبدا
مخيفا وشريرا للغايه .. وكانه احدى الشخصيات السيئه التي تراها على شاشه التلفاز ولا تصدق
وجود من هم على شاكلتهم على ارض الواقع
نظر اليها فجاه .. وبدات عيناه تستكشفانها لاول مره بنظرات وقحه مشطتها ابتداءا من شعرها
البني الاشقر المربوط خلف راسها .. مرورا بوجهها الجميل البريء .. وانتهاءا بتفاصيل جسدها المختبئه
خلف الملابس المحتشمه . كادت تفقد وعيها خوفا وذعرا منه .. وعندما امتدت يد عماد
المرتعشه نحوها .. عرفت بانه لا يقل عنها خوفا .. وانه يلتمس الشجاعه منها كالعاده
.. فاجبرت نفسها على تخطي خوفها .. ووجدت صوتها اخيرا لتقول :- عماد .. لماذا
احضرتني الى هنا ؟
عبس الرجل .. وزمجر غاضبا :- الم تخبرها بعد ؟
اسرع عماد يقول :- سافعل .. ان منحتني الفرصه لذلك
ولكن ماجد لم يفعل .. بل اقترب منها مما جعلها تنكمش ذعرا .. وتاملها مجدا
وهو يسالها بخشونه :- قال عماد بانك تمتلكين خبره في التمريض
تمتمت متوتره :- اا .. ليس تما……
لكزها عماد خفيه فاسرعت تقول :- هذا صحيح
ان كانت دوره التمريض التدريبيه التي قامت بها الصيف الماضي تعتبر خبره .. ازدادت نظرات
الرجل جراه وهو يقول بوقاحه :- جمال كهذا كفيل بتخفيف الام اي مريض
اعترض عماد هاتفا بحنق :- ماجد .. لقد وعدتني بالا تقترب منها
تراجع ماجد رافعا يديه وهو يقول ساخرا :- هذا صحيح .. لقد وعدتك .. ونحن
بحاجه الى ملاك الرحمه هذه .. وان كنت لا ابالي ان تمكنت من انقاذه ام
لا
للمره الثانيه لاحظت سلام ذكره لرجل يموت … فبدات الامور تتضح لها بعض الشيء ..
ومع انها رحبت بابتعاد عماد بها عن ذلك الرجل الى داخل المبنى المتهالك .. الا
انها سرعان ما افلتت يدها من بين اصابعه فور تجاوزهما الباب القديم الذي تقشر طلاءه
.. وصاحت به غاضبه :- توقف يا عماد
استدار نحوها بقلق وهو ينظر الى الباب خلفها .. بينما امسكت خصرها بكلتي يديها وقالت
:- لن اتحرك حتى تشرح لي ما يحدث
همس مذعورا :- اخفضي صوتك .. سيري معي قليلا وساشرح لك كل شيء .. ارجوك
سارت خلفه داخل رواق ضيق ومظلم .. فسدت انفها لتمنع نفسها من استنشاق الرائحه الكريهه
التي فاحت في المكان .. وتبعت عماد عبر احد الابواب المغلقه والموصده جيدا.. فتحه بالمفتاح
وافسح لها الطريق لتدخل الى غرفه صغيره جدا .. مظلمه تفوح منها رائحه الرطوبه والعفن
.. لا نوافذ او اي منفذ للهواء النقي .. لا قطع اثاث باستثناء السرير المعدني
الضيق الذي التصق بالجدار .. والذي تمدد عليه رجل ضخم الجثه .. بدا واضحا من
حركه صدره العاري الصعوبه التي يعانيها ليتنفس .. وقد غطى جسده العرق والقذارة…. والدماء الجافة
ارتجفت لمراى المشهد المخيف الماثل امامها .. فقد ادركت بان هذا الرجل الغائب تقريبا عن
الوعي .. يكاد يموت بسبب الاهمال .. وطبعا .. بسبب الجرح الواضح اعلى كتفه الايسر
والمغطى بقطعه قماش قديمه كي توقف النزيف
نظرت الى عماد وهي تهمس مرتجفه :- عماد .. من يكون هذا ؟
دون ان يجيبها .. سالها برجاء :- هل تستطيعين مساعدته ؟
اقتربت قليلا لتنظر الى الوجه الشاحب .. ذي الذقن الناميه .. كانت ملامحه وسيمه ..
رغم معالم الالم التي عكرت صفوها .. كان مغمض العينين وقد توسطت حاجبيه تقطيبه خفيفه
.. وتعالى لهاثه مما جعل قلبها يرق له .. تمتمت فجاه :- اهو احد افراد
العصابه ؟
اجفل عماد قائلا :- ماذا ؟
اوضحت بعصبيه وهي تلتفت نحوه لتواجهه :- العصابه التي يتزعمها ذلك المدعو ماجد .. والتي
تورطت معها بطريقه ما ..ولا تحاول الانكار لان الشرف هو اخر وصف قد يطلق على
ذلك الرجل .. هل حاولتم السطو على مكان ما ففاجاتكم الشرطه واصيب احدكم ؟
ثم قست ملامحها وهي تقول بالم ممزوج بالمراره :- كيف تمكنت من فعل هذا يا
عماد ؟ الم تفكر بامك ؟ .. بي انا ؟ قبل ان تتورط مع اشخاص
سيئين كهؤلاء ؟ لطالما كنت ضعيفا وتنجر بسهوله خلف المشاكل .. وتتوقع مني الجري وراءك
واصلاح اخطاءك ولملمه الفوضى التي تخلفها .. ولكن هذا لن يحصل الان .. لن اتعاون
معك .. ولست مضطره لانقاذ حياه مجرم اخر لا يقل سوءا عنك او عن ماجد
.. وعلى الارجح .. يستحق الموت على ما فعله
لم تفاجئها الدموع التي ترقرقت من عيني عماد .. فهذا هو موقفه المعتاد في لحظات
الضعف .. البكاء بعد ان يقوم بفعلته ..والتوسل اليها كي تساعده .. تمنت لحظتها لو
ان ابن خالتها اكثر قوه وصلابه .. وان يكون ولو لمره رجل العائله والسند الذي
تستطيع الاعتماد عليه .. ترنح عماد وهو يسند نفسه الى الجدار الذي زحفت فوقه الفطريات
.. واخفى وجهه بيديه قائلا بياس :- انا لا الومك ابدا على موقفك يا سلام
.. انا لا استحق اختا مثلك او اما طيبه كامي .. لطالما حاولت ان اكون
مثلك .. قويا رزينا .. ولكنني لم استطع .. انا انسان تافه وضعيف ولا استحق
ان اعيش .. ولا الومك لو خرجت من هذا الباب وتخليت عني تماما
ثم رفع راسه فجاه قائلا بصوت اجش :- ولكنه هو لا يستحق ان تديري له
ظهرك .. انه بحاجه الى مساعدتك .. لانني لن اسامح نقسي ابدا اذا مات او
اصابه مكروه
تاثرت مرغمه بياس ابن خالتها فقالت بعطف :- ايهمك الى هذا الحد ؟.. اهو صديق
لك ؟
هز راسه قائلا :- انت لا تفهمين .. ليس هناك اي عصابه .. هناك ماجد
فقط .. وهو وحده سيء بما يكفي ..لقد ابتزني مستغلا ما ادين له به من
مال كي اساعده في مخططه الرهيب .. لم ارغب بمساعدته ولكنه هدد باذيه امي ..
واذيتك انت .. وهو قادر على هذا
صدرت عن الرجل المريض اهه جعلتها تنظر اليه مجددا بقلق وقلبها يخزها شفقه عليه ..
ولكنها عادت تنظر الى عماد قائله :- كان بامكانك اللجوء الى الشرطه يا عماد ..
اي شيء افضل بكثير من التورط في عمل غير مشروع .. لو انك طلبت مساعدتي
لما ترددت في محاوله تخليصك من دينك لذلك الرجل .. ما الذي دفعك لفعله بالضبط
على اي حال ؟
صمت عماد للحظات طويله .. قبل ان يشير براسه نحو الجسد المضرج بالدماء والمسجى فوق
السرير على بعد مترين منها .. وهو يقول :- خطفه هو
وكان هذا اخر ما توقعت سلام سماعه من عماد .. مما جعل صدمتها الكبيره تجمدها
للحظات .. قبل ان تستوعب ما قاله وتصيح بذعر :- هل اختطفتما رجلا ؟
قفز عماد نحوها متوسلا :- اخفضي صوتك ارجوك
ابعدته عنها .. واتجهت الى المريض بلا تردد هذه المره .. فلاحظت ان احدى معصميه
مقيده الى احد قوائم السرير بقيد معدني .. التفتت نحو عماد صائحه بغضب :- فك
قيده الان
صاح بعجز :- لا استطيع .. ماجد هو من يحمل المفاتيح
واذ بالرجل المذكور يظهر عند الباب قائلا بكسل :- ارى انك قد تعرفت الى ضيفنا
العزيز
اختفى فجاه كل خوفها .. وهي تتقدم نحوه قائله بصرامه :- اعطني مفاتيح قيده
لم تعجبه جراتها .. فقال بغلظه :- لن اتيح له الفرصه للهرب مجددا
صاحت فاقده لاعصابها :- هل يبدو لك في حالته هذه قادرا على الهرب ؟ ..
سيموت الرجل ان لم يسعف فورا .. ولن استطيع فعل اي شيء ان لم تفك
قيده حالا
عبس .. وقد بدا قادرا على ضربها في هذه اللحظه غيظا من وقاحتها وتجرؤها على
مواجهته .. فاسرع عماد يقول :- ماجد .. لن يهرب الرجل الى اي مكان في
هذه الحاله .. ارجوك .. دعها تساعده
تردد ماجد للحظات .. ثم اخرج المفتاح الصغير من جيبه ورماه لهما قائلا :- ان
تجرا على الحركه ساقتله على الفور هذه المرة
لاحظت سلام جيبه المنتفخ .. فارتجفت خوفا وهي تتخيل السلاح المختبئ هناك .. ولكنها ركزت
احاسيسها نحو الرجل المريض حيث فكت قيده واراحت ذراعه الى جواره بينما كان هو فاقدا
للاحساس تماما بما حوله
ما ان خرج ماجد حتى قالت لعماد بعمليه :- احتاج الى بعض الادوات .. ضمادات
طبيه ومطهرات .. بعض القطن وادويه مضاده للالتهاب .. ومسكنه لالم
قال بقلق :- ساستغرق وقتا حتى …
قاطعته بنفاذ صبر :- ما الذي تنتظره اذن .. من الافضل ان تذهب الان بعد
ان توفر لي بعض قطع القماش النظيف والماء المغلي
اسرع يلبي طلبها بينما التفتت هي نحو الرجل المصاب .. لمست جبينه لتجد بشرته تكاد
تحترق بسبب الحمى .. كما كانت انفاسه تتلاحق وانينه يتصاعد من شده الالم .. ازاحت
قطعه القماش المتسخه بالدم برفق .. ثم كبتت شهقتها لمراى الجرح البشع المغطى بالدماء المتخثره
.. سمعت صوت عماد خلفها فسالته :- كيف اصيب ؟
قال متوترا :- حاول الهرب .. فهو ليس من النوع المستسلم .. وبالطبع اطلق عليه
ماجد النار
ارتجفت لمجرد التفكير بما ماجد قادر على فعله .. سالت عماد بجفاف :- هل هو
ثري ؟
:- جدا .. ولكن اسباب ماجد شخصيه .. فهو يكرهه بجنون .. ولولا امله في
الحصول على بعض المال من هذه العمليه لقتله منذ اليوم الاول .. ولولا اصراري على
احضار المساعده لما مانع بتركه ينزف حتى الموت
تمتمت :- يجب ان يؤخذ الى المستشفى .. لن استطيع مساعدته فعلا يا عماد وانت
تعرف هذا
قال بحده :- يجب ان تحاولي .. فلا مجال لاخذه الى المستشفى .. ماجد لن
يسمح لهذا .. وانا لن اسامح نفسي ان اصابه مكروه
غادر بعدها ليحضر طلباتها .. فتناولت قطعه القماش وغمرتها بالماء المعقم .. ثم قربتها من
الجسد المحموم .. وقبل ان تلمسه .. امتدت يد قويه لتمسك معصمها بقوه .. فانتفضت
مذعوره وهي تنظر الى الوجه الوسيم الشاحب .. لتلتقي عيناها بعينين خضراوين لم تر يوما
بلونهما الجميل الشاحب .. او بكثافه الرموش التي ظللتهما
خرج صوته قاسيا رغم ضعفه وهو يقول :- من انت ؟
حاولت تهدئه نبضات قلبها وهي تهمس :- انا احاول مساعدتك فحسب
تشوشت فجاه النظرات الخضراء .. وفقدت الاصابع القويه قدرتها فسقطت الى جواره .. وتعالى صوت
انينه ليمزق قلبها فهمست بشفقه :- لا تقلق .. ستكون بخير
مررت قطعه القماش فوق صدره المفتول العضلات محاوله تنظيفه من العرق وبقايا الدم الجاف .
وهي تقول برقه :- ساعتني بك
اغمض عينيه بقوه وهو يكرر لاهثا :- من انت ؟
بقطعه قماش اخرى .. اخذت تمسح العرق عن جبينه قائله :- انا ملاك الرحمه …
وقد ارسلني الله اليك لاساعدك
ترك نفسه بين يديها .. وعاد مجددا الى غيبوبته .. فاحست برغبه عارمه في البكاء
.. ومن حيث لا تدري .. امتلكت القوه لتقسم على اخراجه من هذا المكان مهما
كان الثمن
همست وهي تنظف جرحه العميق :- لن اتركك تحت رحمه ذلك الرجل ابدا .. حتى
لو كلفني هذا حياتي
واذ بصوت ماجد عند الباب يقول بغلظه :- ما الذي تهمسين له به ؟.
نظرت اليه بتمرد وقد ظهر كرهها جليا على وجهها وقالت :- ما الذي تظنه ؟
احاول ان اخفف عنه فحسب
توتر قائلا :- هل استيقظ ؟
خشيت من رده فعله لو عرف بصحوه مريضها القصيره .. فقالت بغيظ مفتعل :- ما
الذي تراه ؟ الرجل شبه ميت .. كيف تراه سيستيقظ؟
تاملها مليا بينما وقفت تواجهه بشجاعه .. ثم قال :- كيف لفتاه بجمالك ان تصادق
جبانا وضعيفا كعماد ؟
خمنت سلام بان عماد لم يخبره بمن تكون حرصا على سلامتها .. فظن الرجل بانها
صديقته .. قالت ببغض :- افضله على المجرمين الاجلاف من امثالك
توتر فمه الغليظ .. وهو يقول :- احذري يا عزيزتي .. والا دفعت ثمن وقاحتك
هذه
لم تغفل عن تحذيره لها .. او عن نظراته الوقحه المتوعده التي شملتها من راسها
حتى اخمص قدميها .. فابتلعت لسانها وقررت توخي الحذر في التعامل معه من الان فصاعدا
.. والا تترك العنان لغضبها ولسانها المتهور .. دخل عماد في هذه اللحظه ليعيد اليها
بعض الطمانينه .. اعطاها الاغراض .. ثم انسحب عندما ناداه ماجد
ما ان لمست جرحه بالمطهر .. حتى تشنج جسده واطلق صرخه الم مدويه .. اضطرت
لتثبيته فوق السرير قائله :- ارجوك اهدا .. ستتالم قليلا .. الا ان عليك الاحتمال
قال لاهثا :- من السهل عليك اطلاق الاوامر
لم تعرف بانه قد استعاد وعيه .. لذا فوجئت قليلا عندما رات عينيه الخضراوين تنظران
اليها من بين رموشه الكثيفه .. قالت بهدوء :- من الاسهل عليك اطاعه اوامري ..
اذ انك الاضعف بيننا في هذه اللحظة
تصلب فكه .. وقسا فمه الجميل قيب ان يقول:- لن يدوم هذا طويلا
:- لن يتغير ان لم تسمح لي بتعقيم الجرح
عادت تحاول تنظيف الجرح فكز على اسنانه .. وكبت صرخه الم اخرى .. ثم غمغم
:- انت شريكتهما .. اليس كذلك ؟
نظرت اليه متردده اذ خافت ان تقول شيئا يورط عماد .. قالت اخيرا :- انا
هنا لمساعدتك فقط
قال بخشونه :- انت تكذبين .. ما كانا ليخاطرا باحضار شخص غريب ليشهد على فعلتهما
هذه المره صرخ عاليا عندما لامست الجرح .. فقالت بصبر :- ان لم تهدا وتتركني
اقوم بعملي .. ساضطر للغناء لك كالاطفال ..
قال بوقاحه :- ولم لا تفعلين ؟
عرفت بانه يحاول فقط التنفيس عن المه واحباطه .. والاهم .. غضبه الشديد من الوضع
العاجز الذي وجد نفسه فيه .. فبدات وبدون تردد تدندن بكلمات اغنيه رقيقه لفيروز ..
تشنج جسده في البدايه وكانه يقاوم التاثير المهدئ لصوتها الحنون والدافئ .. ولكنه سرعان ما
استرخى .. واغمض عينيه .. وتركها تكمل عملها دون اعتراض
ضمدت الجرح بمهاره قائله :- من حسن حظك ان الرصاصه لم تستقر داخل جسدك او
تصيب مكانا حساسا .. كل ما ارجوه هو الا يلتهب جرحك بعد كل هذا الاهمال
لم تسمع منه ردا .. فعرفت بانه قد نام متاثرا بالدواء المسكن للالم الذي ساعدته
على ابتلاعه قبل لحظات مع جرعه ماء صغيره ..
نظرت مليا الى الوجه الوسيم النائم .. وفكرت بانه لا يبدو ابدا من النوع المستسلم
.. ولا تستغرب ابدا محاولته الهرب من ماجد .. فداخل هذا الجسد المصاب و المريض
يكمن رجل قوي الاراده والتصميم .. قاس ذو نفوذ .. وتساءلت عن السبب الذي جعله
محط كراهيه رجل كماجد .. دون ان تستغربه .. فما احست به حتى الان من
هذا الرجل …انه لا يمكن ان يثير لدى الاخرين الا المشاعر العنيفة
اما كراهيه شديده او حب عميق
ارتجفت لهذه الفكره .. وسحبت يدها التي كانت تلمس جبينه بحنان .. ابتعدت .. وجلست
بعيدا تنظر اليه وهو نائم
بالرغم من كل ما عاناه .. ما يزال يبدو جميلا بطريقه متوحشه .. بشعره الاسود
الكثيف والاشعث .. وحاجبيه الكثيفين المنعقدين على الدوام بسبب الالم حتى اثناء فقدانه الوعي ..
ملامحه الفاتنه بخشونتها
حتى دون ان يخبرها عماد .. كانت لتعرف بمفردها بانه رجل ثري .. هناك شيء
ما في كبرياءه الذي لم تحطمه الظروف الصعبه .. في انفه الشامخ وانحناءه فكه ..
ان ابن ناس بالولادة
دخل عماد ليراها شارده الذهن .. سالها بقلق :- هل انت بخير ؟
اومات براسها دون ان تفارق عيناها مريضها .. وقالت :- وماذا عنه هو ؟.. هل
سيكون بخير ؟
ارتبك وبدا عليه عدم الفهم .. فاوضحت بعصبيه :- ما الذي ينوي صديقك فعله به
؟ هل سيقتله بعد ان يحصل على ما يريده من مال ؟
نظر عماد الى الجسد الضخم النائم وقال مرتجفا :- لا اعرف .. انه لا ينفك
يعدني بتركه يذهب بعد حصوله على المال.. ولكن مراه وهو يطلق النار عليه بكل بساطه
يقول شيئا اخر
ثم اطل ندم عميق من عينيه وهو يقول:- انا اسف يا سلام .. ما كان
علي توريطك في الامر .. الا انني لم اعرف غيرك لالجا اليه اذ لم استطع
تركه يموت
نظرت سلام الى المريض مجددا وهو تقول :- لا اظنني ساعدته كثيرا .. انه بحاجه
الى مستشفى وعنايه طبيه عاجله .. لقد فقد الكثير من الدماء كما ان جرحه في
طور الالتهاب
صمتت للحظات قبل ان تقول :- يجب ان تساعدني في اخراجه من هنا
انتفض عماد وقال بذعر :- هل جننت ؟ سيقتلني ماجد ان فكرت بالمحاوله .. انه
يرفض حتى ان اعيدك الى البيت خوفا من انتكاسه حاله الرجل
ولكن سلام عرفت السبب الحقيقي لرفض الرجل لرحيلها والذي لم يفطن له عماد .. فهو
يخشى ابلاغها الشرطه عنه .. وهذا يعني انها في وضع لا يقل صعوبه عن وضع
مريضها
قال عماد متوترا :- ولكنني فكرت .. وقررت اخراجك من هنا بطريقه ما دون ان
يشعر ماجد .. سادعي بانك هربت .. وهو لا يعرف عنك اي شيء حتى اسمك
.. لذا لن بجدك ان حاول البحث عنك
وجدت نفسها تقول بحزم :- لن اغادر بدونه
حدق فيها مذهولا وهو يقول:- هل جننت ؟ قد يقتلك ماجد في النهايه ويقتلني ان
حاولت مطاوعتك فيما تخططين له
هزت راسها مستغربه شجاعتها المفاجئه :- لا تحاول ايقافي يا عماد .. سابقى لمنعكما من
ايذائه .. ومن حسن حظنا ان خالتي ليست في البيت هذه الليله .. فلولا اضطرارها
للسفر وزياره ابنه خالنا المريضه لاقامت الدنيا واقعدتها لغيابنا
ظهر الحزن والندم في عينيه وهو يقول :- انا اسف يا سلام
تنهدت غير قادره على مسامحته .. وقال بحزن :- اتركني وحدي يا عماد
غادر الغرفه مطاطئ الراس .. فاقتربت من مريضها الغافل .. وهمست :- انا غبيه اليس
كذلك ؟ .. اتعهد بحمايتك وانا عاجزه عن حمايه نفسي .. اتعلق بك وانا لا
اعرف حتى اسمك