نسال الله حسن الخاتمة , الإيمان القوي يحتاج معرفتك بهذا
الحمد لله رب العالمين ، ولا عدوان الا على الظالمين ، واشهد ان لا اله
الا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين ، واشهد ان محمدا عبده ورسوله النبي
الامين ، صلى الله وسلم عليه في العالمين ، وعلى اله واصحابه والتابعين . .
اما بعد :
فمن حسنت خاتمته فهو الى الجنه ان شاء الله ومن ساءت خاتمته فهو على خطر.
ولهذا جاء في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ” ان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنه ، حتى
ما يكون بينه وبينها الا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل اهل النار
فيدخلها ، وان احدكم ليعمل بعمل اهل النار ، حتى ما يكون بينه وبينها الا
ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل اهل الجنه فيدخلها ” ، فالخاتمه هي
المقصود ، ان يختم للعبد بما يحب الله عز وجل ويرضاه .
واذا كان الامر كذلك ، فان حسن الخاتمه منوط بمعرفتها ، يعني احسان العبد خاتمته
منوط بمعرفتها ، ان يعرف متى تنتهي حياته حتى يستعد .
واذا كان ذلك محالا ان يعلم متى سيموت ، ومتى سينتهي ، كما قال الله
تعالى : { ان الله عنده علم الساعه وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما
تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير
} [ لقمان34 ] ، فاذا كان الامر كذلك ، والانسان لا يدري متى يموت
، فان الواجب حينئذ ان يحذر صباح مساء ، وليل نهار ، ان يختم له
بسوء .
هذا هو عمل الاكياس ، وعمل الصالحين جعلنا الله عز وجل منهم ، وغفر لنا
ذنوبنا ، انهم يستعدون للخاتمه .
والاستعداد للخاتمه من وسائل النجاه ، وهما استعدادان :
1- استعداد في صلاح القلب : وذلك بالعلم النافع الذي يورث في القلب العلم بالله
عز وجل ومعرفته واسمائه وصفاته وبيقين في ذلك .
2- استعداد في صلاح العمل يعني : يمتثل الامر ، ويجتنب ما نهى الله عنه
، او نهى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم ، وان يكون العمل خالصا صوابا
، خالصا لله ، ووفق منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وان يستغفر
من الذنوب والخطايا .
فمن داوم على ذلك ولزم طريق الاستقامه مات باذن الله على خاتمه حسنه .
ونحن في هذه العجاله بصدد الحديث عن علامات حسن الخاتمه ، اسال الله ان يجعلني
واياكم ممن حسنت خاتمته ، وقبل عمله ، واجاره الله من عذاب القبر ، وعذاب
النار . قال العلامه المحدث الشيخ / الالباني رحمه الله : ” ان الشارع الحكيم
قد جعل علامات بينات يستدل بها على حسن الخاتمه _ كتبها الله تعالى لنا بفضله
ومنه _ فايما امرئ مات باحداها كانت بشاره له ، ويا لها من بشاره ”
.
واليكم هذه العلامات :
علامات حسن الخاتمة
الاولى : النطق بالشهاده عند الموت :
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ” من كان اخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنه ” [
رواه ابو داود ] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” من لقن عند الموت لا اله الا
الله دخل الجنه ” [ رواه احمد ] .
عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ” لقنوا موتاكم لا اله الا الله ” [ رواه مسلم ] .
اقسام التلقين :
ينقسم التلقين الى قسمين :
القسم الاول : تلقين اثناء الاحتضار :
وهو السنه ، ويكون برفق ولين ، وذلك بذكر الشهاده عند الميت حتى يتذكرها ويقولها
، بدون امر له بذلك ، لانه ربما يعاند ولا يقولها ، وربما كفر بها
عند الموت والعياذ بالله .
وقال بعض العلماء : ذكره باعماله الصالحه ، حتى يتذكرها ، ويحسن الظن بربه .
عن جابر رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته
بثلاث يقول : ” لا يموتن احدكم الا وهو يحسن بالله الظن ” [ رواه
مسلم ] .
القسم الثاني : تلقين بعد الدفن :
وهو بدعه لا اصل لها ، لان من لم يحيا على لا اله الا الله
، فلا ينفعه ان يلقنها بعد موته ، لان القبر دار حساب ، لا دار
عمل .
فمن الناس اذا مات له ميت ، وقف على قبره وقال : يا فلان ابن
فلان تذكر ما خرجت عليه من الدنيا ، انك تشهد ان لا اله الا الله
، وان محمدا رسول الله ، وان دينك الاسلام ، او ما شابه ذلك ،
وهذا امر ليس عليه دليل يعتمد عليه ، فعليه فهو بدعه لا اصل لها .
قصه النطق بالشهاده :
خرج رجل من الصالحين ، خرج بزوجته وكانت صائمه قائمه وليه من اولياء الله ،
خرج يريد العمره ، والغريب في تلك السفره انها ودعت اطفالها ، وكتبت وصيتها ،
وقبلت اطفالها وهي تبكي ، كانه القي في خلدها انها سوف تموت { ثم ردوا
الى لله مولاهم الحق ، الا له الحكم وهو اسرع الحاسبين } ، ذهب واعتمر
بزوجته ، وهو واياها في بيت اسس على التقوى ، ايمان وقران وذكر وصيام وقيام
وعباده ، لا يعرفون الغيبه ولا الفاحشه ولا المعاصي ، عاد معها فلما كان في
الطريق الى الرياض ، اتى الاجل المحتوم الى زوجته { وعد الله الذي لا يخلف
الله وعده ولكن كثر الناس لا يعلمون * يعلمون ظاهرا من الحياه الدنيا وهم عن
الاخره هم غافلون } ، ذهب اطار السياره فانقلبت ووقعت المراه على راسها ، {
اولئك الذين نتقبل عنهم احسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في اصحاب الجنه وعد الصدق
الذي كانوا يوعدون } ، خرج زوجها من الباب الاخر ، ووقف عليها وهي في
سكرات الموت تقول : لا اله الا الله ، محمد رسول الله ، وتقول لزوجها
: عفى الله عنك ، اللقاء في الجنه ، بلغ اهلي السلام ، وخرجت روحها
الى بارئها .
قصه المؤذن :
عن عبد الله بن احمد المؤذن رحمه الله قال : كنت اطوف حول الكعبه ،
واذا برجل متعلق باستارها وهو يقول : اللهم اخرجني من الدنيا مسلما ، لا يزيد
على ذلك شيئا ، فقلت له : الا تزيد على هذا من الدعاء شيئا ؟
فقال : لو علمت قصتي ، فقلت له : و ما قصتك ؟ قال :
كان لي اخوان وكان الاكبر منهما مؤذنا ، اذن اربعين سنه احتسابا ، فلما حضره
الموت دعا بالمصحف ، فظننا انه يريد التبرك به ، فاخذه بيده واشهد على نفسه
، انه برئ مما فيه فمات من فوره ، ثم اذن اخي الاخر ثلاثين سنه
، فلما حضرته الوفاه ، فعل كاخيه الاكبر _ نعوذ بالله من مكر الله _
فانا ادعو الله ان يحفظ علي ديني ، قلت : فما كان ذنبهما ؟ قال
: كانا يتابعان عورات النساء ، وينظران الى الشباب _ المقصود نظر شهوه وعشق وحب
للحرام _ اللهم اجعل خير اعمالنا خواتيمها ، وخير ايامنا يوم نلقاك وانت راض عنا
غير غضبان يا كريم يا منان .
المؤذن قديما كان يصعد على سطح المسجد ، فلذلك يرى عورات البيوت ، وما فيها
من محارم ، واولئك لم يغضوا ابصارهم ، وعموما علينا ان نتقي الله تعالى ائمه
ومؤذنين وخطباء وغير ذلك ، فالعبره بالخواتيم .