ما الكلفه التي قد يتسبب فيها الضيف الثقيل
عدم محبه المضيف لزيارته مره اخرى والطعام والغطاء
لا تكن ضيفا ثقيلا يكره الناس لقاءك لاتكن عبئا عليهم لاتحملهم عناءك ليس من ذنب
اناس ان يكونوا اقرباءك فتحل الصبح ضيفا واصلا فيهم مساءك انت لا تدري الى كم
تزعج الخل ازاءك قد تراه مستمدا لك من قوم عشاءك قد تراه مستعيرا لك من
جار غطاءك ان تزر فليك غبا ثم لا تكثر بقاءك رب من يلقاك رحبا كسر
الزير وراءك قد مضى عصر قديم و جديد العصر جاءك فاترك الناس نزيلا و اجعل
الاجر كراءك
زياره المسلم لاخيه المسلم من الواجبات التي يجب ان يحرص عليها، خاصه في مناسبات الفرح
والحزن، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم
مثل الجسد؛ اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) [متفق عليه]. ولكل
مناسبه من مناسبات الزياره اداب تخصها، ويحرص عليها المسلم .
فقد حرص الاسلام على تربيه المسلمين تربيه شرعيه ، وفق الكتابين الوحيين ، القران الكريم
، وما صح من سنه النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن جمله ذلك ان
يتادب المسلم والمسلمه بالاداب الشرعيه ، ويلتزم بالحقوق المرعيه ، يعرف واجباته نحو الاخرين ،
وحقوقه عليهم ، فيؤدي الذي عليه ، وياخذ الذي له ، ومن هذه الاداب العظيمه
الكثيره : اداب الزياره ، التي اضحت ميته عند كثير من الناس ، وانني هنا
اذكر كل مسلم ومسلمه بهذه الاداب لعل الله ان ينفعنا بها جميعا ، ويجعلها ذخرا
لنا عنده انه خير مسؤول ، واكرم مامول .
ومن هذه الاداب ما يلي :
1- استحضار النيه الصالحه :
النيه يترتب عليها قبول العمل ورده ، انظر لحديث عمر رضي الله عنهما الذي رفعه
الى النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال : ” انما الاعمال بالنيات وانما لكل
امرئ ما نوى . . . الحديث ” [ متفق عليه ] .
فالرجل ربما يصلي وهو في صلاته انقطعت نيته لسبب من الاسباب فهنا صلاته باطلة
المقصود من هذا ان النيه يقوم عليها قبول العمل ورده ، وكم من اثنين يعملان
عملا واحدا وبينها من الفرق كما بين السماء والارض فهذا ربما يتصدق ويكون مخلصا لله
والاخر يقصد مراءاه الناس ، فالاول عمله مقبول ، والاخر عمله مردود .
فعلى الزائر ان يقصد بزيارته وجه الله تعالى اذا زار ارحامه ، او صديقه ،
او جاره ، او اي شخص ، فعليه ان ينوي بذلك صله الرحم ، وينوي
بزيارته الاخوه في الله ، والمحبه في الله تعالى فقط ، استجابه لامر الله ،
ورجاء موعوده وثوابه .
وليحذر الرياء والسمعه ، فلا يقصد بزيارته ان يقال : ان فلان يصل رحمه ،
او يصل اخوانه ويزورهم ، سباقا للخير ، متواصلا مع الناس ، فليحذر من ذلك
حتى لا يخسر عمله ، فالعمل المتقبل لابد فيه من توفر شرطين :
الاول : ان يكون خالصا لله ، ويقصد به وجهه .
والثاني : ان يكون موافقا لسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والدليل على
ذلك ، عن ابي هريره رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ” ان رجلا زار اخا له في قريه اخرى ، فارصد الله على
مدرجته ملكا ، فلما اتى عليه قال : اين تريد ؟ قال : اريد اخا
لي في هذه القريه ، قال : هل لك عليه من نعمه تربها ؟ قال
: لا ، غير اني احبه في الله ، قال : فاني رسول الله اليك
، ان الله قد احبك كما احببته فيه ” [ رواه مسلم ] .
2- عدم الاكثار من الزياره :
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ” زر غبا ، تزدد حبا ” [ رواه الطبراني وصححه الالباني
] .
يعني زر احيانا واقطع احيانا اخرى ، لان من الناس من هو اذيه ، تراه
يجلس عند المزور من بعد العصر حتى ساعه النوم ، ياكل من بقايا الغداء ،
وربما اخذ قسطا من الراحه بعد الطعام في بيوت الناس ، ثم بعد المغرب يجلس
للقهوه والشاي ، وينتظر حتى وقت طعام العشاء ثم يذهب لزياره شخص اخر ، وكانه
في فندق وبوفيه مفتوح ، الناس يستحيون منه ، وهو لا يستحيي منهم ، وقد
تجاوز الحد في الجفاء وقله الحياء ، فما هكذا تكون الزياره ، ثم تراه من
الغد ياتي ايضا للزياره نفس البيت ، وربما اليوم الثالث والرابع وهكذا ، والسنه لم
تات بذلك ، بل زر الناس يما في الاسبوع ، او الاسبوعين ، حتى اذا
اتيت بعد هذه المده كان لك قبولا عندهم ، ولا تطيل المكوث ، اجلس نصف
ساعه او ما قاربها ثم انصرف غير ناظر الى طعام او مبيت ، فبيتك سيؤويك
، وان لم يكن لك بيت ، فالفنادق في كل مكان .
3- الابتعاد عن الاوقات المنهي عنها في الزياره :
ويظهر ذلك جليا في قوله تعالى : { يا ايها الذين امنوا ليستاذنكم الذين ملكت
ايمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاه الفجر وحين تضعون ثيابكم
من الظهيره ومن بعد صلاه العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن
طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الايات والله عليم حكيم } [
النور 58 ] .
قال ابن كثير رحمه الله : ” هذه الايات الكريمه اشتملت على استئذان الاقارب بعضهم
على بعض. وما تقدم في اول السوره فهو استئذان الاجانب بعضهم على بعض. فامر الله
تعالى المؤمنين ان يستاذنهم خدمهم مما ملكت ايمانهم واطفالهم الذين لم يبلغوا الحلم منهم في
ثلاثه احوال: الاول من قبل صلاه الغداة؛ لان الناس اذ ذاك يكونون نياما في فرشهم
{ وحين تضعون ثيابكم من الظهيره } اي: في وقت القيلولة؛ لان الانسان قد يضع
ثيابه في تلك الحال مع اهله، { ومن بعد صلاه العشاء } لانه وقت النوم،
فيؤمر الخدم والاطفال الا يهجموا على اهل البيت في هذه الاحوال، لما يخشى من ان
يكون الرجل على اهله، ونحو ذلك من الاعمال .
عن عائشه – رضي الله عنها – قالت : لقل يوم كان ياتى على النبى
– صلى الله عليه وسلم – الا ياتى فيه بيت ابى بكر احد طرفى النهار
، فلما اذن له فى الخروج الى المدينه لم يرعنا الا وقد اتانا ظهرا ،
فخبر به ابو بكر فقال ما جاءنا النبى – صلى الله عليه وسلم – فى
هذه الساعه ، الا لامر حدث ، فلما دخل عليه قال لابى بكر « اخرج
من عندك » . قال يا رسول الله انما هما ابنتاى . يعنى عائشه واسماء
. قال : ” اشعرت انه قد اذن لى فى الخروج ” . قال الصحبه
يا رسول الله . قال : ” الصحبه ” . قال يا رسول الله ان
عندى ناقتين اعددتهما للخروج ، فخذ احداهما . قال : ” قد اخذتها بالثمن ”
[ رواه البخاري ] .
الشاهد من الحديث : هو قدوم النبي صلى الله عليه وسلم في وقت ليس بوقت
زياره ، وهو وقت القيلوله ، وتعجب ابي بكر من زياره النبي في هذه الساعه
دلاله ان هذا الوقت ليس بوقت زياره عندهم .
4- الزياره النافعه :
من الناس من ياخذ اوقات الزياره للضحك والعبث والقيل والقال وما لا فائده منه ،
بل ربما يحصل في المجلس سب وشتم وغيبه ونميمه ، وهذه من كبائر الذنوب ،
وقلما ينفك ذلك عن المجالس اليوم ، الا من رحم الله ، هناك من الناس
من اذا اشهى السوالف والدردشه ، قام بزياره الناس في اي وقت ، حتى في
اوقات قيلولتهم ، وفي اوقات راحتهم ، وفي اوقات طعامهم ، وفي اوقات جلساتهم الخاصه
، ويهذري بالكلام ، ويضرب به يمنه ويسره ، ولا يلقي له بال ، احرام
ام غير ذلك ، فهذا زيارته لا خير فيها ، قال صلى الله عليه وسلم
: ” ان العبد ليتكلم بالكلمه ما يتبين فيها ، يزل بها فى النار ابعد
ما بين المشرق والمغرب ” [ رواه البخاري ومسلم عن ابى هريره ] .
وقال عليه الصلاه والسلام : ” ان العبد ليتكلم بالكلمه من رضوان الله لا يلقى
لها بالا يرفعه الله بها درجات ، وان العبد ليتكلم بالكلمه من سخط الله لا
يلقى لها بالا يهوى بها فى جهنم ” [ رواه البخاري عن ابى هريره ]
.
فنقول على الانسان اذا زار احدا ان يسعى جاهدا للاستفاده من هذا الوقت ، لانه
سوف يسال عنه يوم القيامه ، ان خيرا فخير ، وان شرا فشر ، فهناك
من الناس من يتكلم بكلام لا فائده منه ابدا ، بل ربما كان ضررا ،
وبعضهم من بدايه زيارته الى نهايتها وهو يدير الضحك والنكات التي ربما يعتريها بعض الكذب
، حتى يقول بعض الناس : ان المجلس لا يصلح حتى يحضره فلان ، وهم
يعينونه على معصيه الله ، والشيطان يؤزهم ازا على المعصيه من حيث لا يشعرون ،
فاقول لمن هذا حاله ، تامل هذا الحديث في تحريم الكذب ولو كان الانسان مازحا
:
عن ابي هريره رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ” ان العبد ليقول الكلمه لا يقولها الا ليضحك بها الناس ، يهوي بها
ابعد مما بين السماء والارض ، وانه ليزل عن لسانه اشد مما يزل من قدمه
” [ رواه البيهقي والخرائطي وغيرهما ] .
وعن بهز بن حكيم ، عن ابيه، عن جده، قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ” ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ، ويل له
، ويل له ” .
وفي لفظ اخر يقول : ” ويل للذي يحدث الناس كاذبا ليضحكهم، ويل له ويل
له ” .
فاحرص ايها الزائر الكريم ، على ان تفيد وتستفيد ، تامر بالمعروف ، وتنهى عن
المنكر ، ولا باس بالزياره الطيبه التي لا يعتريها مثل تلكم الامور المحرمه .
وهناك ما هو مثل الكلام او اشد منه مثل : لعب البلوت ، ومشاهده الفضائيات
، وشرب الدخان ، وشرب الشيشه وغير ذلك من المنكرات اثناء الزياره .
5- مراعاه اوقات طلبه العلم :
على الانسان ان يتحين الاوقات المناسبه للزياره ، ويكون ذلك بعد الاتصال واخذ موعد للزياره
، مثل مابين المغرب والعشاء ، لانه وقت قصير ربما فرغه كثير من الناس للزياره
والاستقبال وعلى الشخص ان يراعي اوقات طلبه العلم لان طلبه العلم وقتهم او اغلب وقتهم
مشغول بالقراءه وتحرير المسائل وكتابه الفوائد او مراجعه القران الكريم ومدارسته ، وتجهيز والقاء الدروس
العلميه والمحاضرات ، وهناك اوقاتا تصرف لصالح الاسره ، وبعض الناس ياتي في اوقات محرجه
للزائر ، وليس من اللائق ان تزور الناس لاسيما في هذه الازمنه الا بعد الاستئذان
عن طريق الاتصال الهاتفي ، فان اذن لك والا فارجع ، ولا تحمل في قلبك
غيظا على اخيك فلا تدري ما عذره .
5- ان يغض بصره عن محارم البيت :
من الاشخاص من اذا زار الناس في بيوتهم ، اطلق العنان لبصره يتامل هذه وهذه
، وربما خشي صاحب المنزل من العين او الحسد .
وربما اطلق البصر الى داخل المنزل ويتامل الداخل والخارج ، بل ربما وقع بصره على
محارم البيت ، وهنا قد يقع النزاع والمشاكل بسبب ذلك ، اذ قد يصف ما
راى وينقله لغيره فتقع بذلك مفاسد لا تخفى على العاقل ، اذا قد تستغل هذه
النظرات في استغلال اهل البيت .
قال ابن عباس في قوله : { يعلم خائنه الاعين وما تخفي الصدور } وهو
الرجل يدخل على اهل البيت بيتهم، وفيهم المراه الحسناء، او تمر به وبهم المراه الحسناء،
فاذا غفلوا لحظ اليها، فاذا فطنوا غض، فاذا غفلوا لحظ، فاذا فطنوا غض [ بصره
عنها ] ، وقد اطلع الله من قلبه انه ود ان لو اطلع على فرجها
[ رواه ابن ابي حاتم ] .
6- ان يجلس الضيف حيث ياذن له صاحب البيت :
على الزائر ان يجلس حيث اذن له صاحب البيت ، ولا يرفض ذلك ، فصاحب
البيت ادرى ببيته وعوراته ، فربما جلس الرجل في مجلس يكون عرضه لمشاهده اهل البيت
ومحارمه ، فربما راى شيئا يكره صاحب البيت النظر اليه .
ور بما يغضب بعض الناس اذا وضع في مكان ليس صدرا للمجلس ، وليس لهذا
الغضب مبررا .
وليعلم الزائر انه متى استاثر بالحديث وصرف نظر الناس اليه فهو صدر المجلس .
7- ان لا يطلق لنفسه العنان في اثاث البيت :
لا شك ان كل انسان يسعى ليكون بيته من اجمل البيوت واحسنها ، وان كان
ذلك ليس من الزهد ، لكن الناس اليوم يسعون لذلك ، ولو كلفهم علق القرب
، بل لو ادى ذلك الى ان يستدين ، ولا شك ان ذلك خطا ،
والصواب ان الانسان يصرف بقدر ما اتاه الله عز وجل ، اما ان يتحمل الاعباء
والديون ليظهر بمظهر ليس بمظهره ، فهذا لا ينبغي .
المقصود ان هناك من الزوار من يطلق بصره في اثاث المنزل ، ويسال بكم هذه
، وهذه ، حتى يحرج صاحب المنزل .
ويسال من اين اشتريت هذه ، وبكم ، وهل يوجد افضل منها ، ولماذا لم
تاخذ احسن منها ، وهكذا يظل يسال ويستفسر ، وهذا لا يليق ، وليس من
اداب الزياره .
8- ان لا يرفع صوته :
على الزائر ان يكون متادبا بادب الزياره ، فاذا زار الناس في بيوتهم فليخفض صوته
ولا يرفعه ، لان من الناس من يسمع صوته من خارج المنزل ، وهذا ليس
من الادب والاحترام ، بل عليه ان يخفض صوته ويكظمه .
9- ان لا يتجسس او يتسمع على اهل البيت :
لقد ذكر لنا ان هناك من الناس من اذا قام صاحب المنزل لجلب القهوه والشاي
او غير ذلك ، بدا ينظر من ثقوب الابواب الى اهل البيت وحرماته ، ولا
ريب ان ذلك من الامور المحرمه ، والله عز وجل حرم التجسس ، فقال سبحانه
: ” ولا تجسسوا ” ، وقال صلى الله عليه وسلم : ” ولا تجسسوا
” .
وقد جاء التوجيه النبوي الكريم بفقا عين من كان هذا حاله ، ولا ديه له
ولا قصاص .
بل عينه هدر .
10- ان لا يترك اولاده يعبثون في بيوت الناس :
حبذا لو اقتصر الزوار في مثل هذه الايام على الرجل والمراه والكبار المميزين ، لان
من الناس كما قلت سابقا ، قد كلفه بيته مئات الالاف بل ربما تجاوز المليون
ريال ، فياتي الرجل او المراه باطفالهما للزياره ، ولاسيما اذا لم يكن هناك توجيه
وارشاد للابناء قبل الزياره ، فربما دمروا وكسروا ولعبوا وعبثوا في بيوت الناس ، ويكسرون
ويحطمون ، فلا ينصرف من زيارته الا وحال اهل البيت يتنفسون الصعداء ، ويقولون :
لعلها الزياره الاولى والاخيره .
فحافظ ايها الزائر وايتها الزائره على اطفالكم ، وامنعوهم من العبث واللعب ، واقلوا من
الزياره واوقاتها .
ومن علم من ابنائه العبث واللعب فعليه ان يتركهم مع من هو اكبر منهم من
العقلاء من اخوانهم ، حتى يسلموا من عتاب الاخرين ، والا يستثقلوا زيارته .
11- ان لا يؤم اهل البيت في بيتهم :
في هذا الامر ورد حديث عند الامام احمد والترمذي وابو داود ، عن ابى عطيه
قال : كان مالك بن الحويرث ياتينا في مصلانا يتحدث ، فحضرت الصلاه يوما فقلنا
له تقدم ؟ فقال : ليتقدم بعضكم ، حتى احدثكم لم لا اتقدم ، سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” من زار قوما فلا يؤمهم ،
وليؤمهم رجل منهم ” [ صححه الالباني ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح
، والعمل على هذا عند اكثر اهل العلم من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
وغيرهم ، قالوا : صاحب المنزل احق بالامامه من الزائر .
وقال بعض اهل العلم : اذا اذن له فلا باس ان يصلي به ، وقال
اسحاق بحديث مالك بن الحويرث وشدد في ان لا يصلي احد بصاحب المنزل وان اذن
له صاحب المنزل. قال وكذلك في المسجد لا يصلى بهم في المسجد اذا زارهم يقول
ليصل بهم رجل منهم ] .
قال احمد بن حنبل : وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” ولا يؤم
الرجل في سلطانه ، ولا يجلس على تكرمته في بيته الا باذنه ” فاذا اذن
فارجو ان الاذن في الكل ولم ير به باسا اذا اذن له ان يصلي به
.
وقال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم 2/ 477 : ” ان صاحب البيت
والمجلس وامام المسجد احق من غيره ، وان كان ذلك الغير افقه واقرا واورع وافضل
منه ، وصاحب المكان احق فان شاء تقدم ، وان شاء قدم من يريده ،
وان كان ذلك الذي يقدمه مفضولا بالنسبه الى باقي الحاضرين ؛ لانه سلطانه فيتصرف فيه
كيف شاء ” .
12- الزياره الثقيله :
هذه النقطه محوريه في موضوعنا هذا ، لان من الناس من ياتي لزياره قريبه لاسيما
في الاجازات والمناسبات ، فياتي باسرته كامله ، بالبيت وما حمل ، ثم يثقل كاهل
الرجل وزوجته واولاده ، اذ الاطفال مظنه اللعب والتخريب والعبث ، خصوصا اذا كان البيت
جديدا وجميلا ولا يسع اكثر من اهل البيت ، فياتي هذا باسرته ويفحشهم ويضيق عليهم
، حتى وكانه هو صاحب البيت ، فيطلب ويامر وينهى ، وصاحب المنزل كانه ضيف
في بيته ، لا يتكلم ولا يرد على الخطا ، استحياء من ضيفه ، ولا
شك ان هذا الضيف ثقيل الدم ، قليل الادب ، عديم المروءه ، لقد وجد
من الناس من ياتي باسرته فوق اسره قريبه حتى تشتعل البغضاء ، ويحتدم الصراع ،
وتحدث المصادمات والمشاجرات بين الاطفال ، ثم يقع فيها الكبار .
يا اخي الزائر الحبيب : اذا اتيت لزياره قريبك ، فاول ما تبدا به حال
وصولك واسرتك بالسلامه للمنطقه التي تريدها ، بادر بالبحث عن فندق او شقه مفروشه ،
حتى لا تؤذي ، ولا تؤذى ، وبعد ان تستريح في شقتك ، اتصل بقريبك
وابلغه انك وصلت ، ثم قم بزيارته ، واني على يقين انك ان فعلت ذلك
، فسوف تكبر في عين قريبك هذا ، ولسوف يمتدح صنيعك هذا في كل مجلس
يجلسه .
لان النفوس ضاقت ذرعا بالناس ، فلم يعد الشخص يتحمل ابناءه ، فكيف سيتحمل عبء
اسرتين او اكثر .
لقد وجدنا من القصص ما يؤلم حقيقه في موضوع الزياره ، التي يقوم بها بعض
الاقارب لبعضهم ، ياتون اليهم للزياره فيبقون شهرا او اقل او اكثر ، ياكلون ويشربون
وينامون ، وربما كان صاحب المنزل لا يملك ما يكفيه واسرته ، فكيف سيتحمل نفقات
اسرتين ، لاسيما ونحن في غلاء للمعيشه .
من الزوار من يستخدم خصوصيات اهل المنزل ، كالمناشف ، وفرش الاسنان ، وحفائظ الاطفال
وحليبهم ، وادويتهم ، بل بلغ ببعضهم انه يطبخ في بيت الناس وياكل هو واولاده
، ولا يدعو صاحب البيت واهله .
ومع ذلك كله ، يا ليته يقدم شيئا من المال كمساعده ، او يشتري شيئا
من السوق اذا عرف ان صاحب البيت لن يقبل المال منه ، يا ليته مع
ذلك يذهب ويشتري بعض ما يحتاجه البيت من مؤونه وارزاق ، وجميع ما يحتاجه هو
وافراد اسرته من الخصوصيات ، بل من الناس على النقيض من ذلك كله .
ولا يكلف نفسه يوما ويات بطعام من الخارج ، بل ترى صاحبه المنزل وربه البيت
في تعب متواصل ، وقلق وهم ونصب ، ولا يخرج اولئك حتى يذهب اهل البيت
الى المستشفى او لاحد القراء من جراء ما اصابهم من وهن وضعف وجوع وعدم راحه
وقله نوم .
فهذه هي الزياره الثقيله .
13- مناصحه اهل البيت عند وجود المنكر :
بعض البيوت لا تخلو من منكرات وامور غير صحيحه ، مثل الصور المعلقه على الجدران
، او بعض التماثيل والحيوانات المحنطه ، ومعلوم ان النصوص وردت بتحريم الصور والتماثيل ،
وان البيت الذي فيه مثل هذه المخالفات لا تدخله الملائكه ، بل تسكنه الشياطين وتعيث
فيه الفساد .
وعليه مناصحه من لا يصلي او من يعق والديه او يسمع الاغاني ، ولا يخشى
في ذلك لومه لائم ، ويقصد بهذه النصائح وجه الله تعالى ، لا يقصد رياء
ولا سمعه ، حتى يتقبل منه ما يقول ، وعليه مراعاه الاسلوب الحسن ، والدعوه
باللين ، والحكمه والموعظه الحسنه .
14- الا ينصرف الا بعد استئذان اهل البيت :
كما دخل البيت باستئذان ، فانه لا يخرج بعد الزياره الا باستئذان ، لانه ربما
وقع على محارم البيت ، ونظر الى ما لا يجوز له النظر اليه ، قال
صلى الله عليه وسلم : ” اذا زار احدكم اخاه فجلس عنده ، فلا يقومن
حتى يستاذنه ” [ اخرجه الديلمي من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
، وصححه الالباني في صحيح الجامع برقم 583 ] .
قال العلامه المحدث الشيخ / الالباني رحمه الله تعالى : ” وفي الحديث تنبيه على
ادب رفيع وهو ان الزائر لا ينبغي ان يقوم الا بعد ان يستاذن المزور ،
و قد اخل بهذا التوجيه النبوي الكريم كثير من الناس في بعض البلاد العربيه ،
فتجدهم يخرجون من المجلس دون استئذان ، و ليس هذا فقط ، بل و بدون
سلام ايضا ! و هذه مخالفه اخرى لادب اسلامي اخر ، افاده الحديث الاتي :
” اذا انتهى احدكم الى المجلس فليسلم ، فاذا اراد ان يقوم فيسلم ، فليست
الاولى باحق من الاخره ” [ السلسله الصحيحه 1/ 181 ] .
15- شكر اهل البيت على استضافتهم له :
لا شك ان زياره الناس في الله تعالى من الاداب التي دعا الى الشرع الحكيم
، لاسيما زياره الارحام والاقارب ، ولا شك ايضا ان قبول الناس لزيارتك وترحيبهم بالزائر
من المعروف بين الناس ، ومن الفضل والمروءه ، وحسن الاخلاق ، ومن الاحسان الى
الزائر ، وكما ان في رفضه وعدم قبول زيارته ضيق له ، وكسر لخاطره ،
فان في قبول زيارته والترحيب به بشر له وبشاشه ومحبه لصاحب البيت ، وهذا من
الاحسان ، وهل جزاء الاحسان الا الاحسان .
ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله تعالى .
فاذا اراد الخروج من البيت شكر اهله على حسن الضيافه ، ويدعو لهم بالخير ،
كان يقول : جزاكم الله خيرا على حسن الاستضافه ، عن ابن عمر رضي الله
عنه ، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” من سالكم بالله فاعطوه
، ومن استعاذكم بالله فاعيذوه ، ومن اتى اليكم معروفا فكافئوه ، فان لم تجدوا
ما تكافئوه فادعوا له حتى تعلموا انكم قد كافاتموه ، ومن استجاركم فاجيروه ” [
رواه احمد وغيره ، وقال الشيخ شعيب الارناؤوط : اسناده صحيح على شرط البخاري ،
وصححه الالباني رحمه الله تعالى في صحيح الجامع برقم 5937 ] .
16- الخروج مع الزائر الى باب الدار :
من تمام الزياره والضيافه ، وحسن الرعايه ، والخلاق الحسنه ، ودليل على احترام وتقدير
الزائر ، تانيس الزائر حتى يغادر المنزل ، ولا شك ان ذلك يزيد من المحبه
بين الطرفين ، فيشعر الزائر بقيمته وقدره عند المزور ، ولا يوجد في ذلك نص
شرعي او خبر صحيح ، وانما هي اثار عن السلف الصالح لهذه الامه ، وما
ثبت بالتجربه اليوم بين الناس ، زار ابو عبيد القاسم بن سلام ، احمد بن
حنبل ، قال ابو عبيد : فلما اردت القيام قام معي ، قلت : لا
تفعل يا ابا عبد الله ، فقال الشعبي : من تمام زياره الزائر ان تمشي
معه الى باب الدار وتاخذ بركابه . . ” [ الاداب الشرعيه 3/227 ] .
وبهذا نختتم هذه الاداب الشرعيه المهمه التي ينبغي على كل مسلم ان يعمل بها اثناء
زيارته للاخرين او زيارتهم له ، والله تعالى اعلى واعلم ، واجل واحكم ، وصلى
الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين .