ماهو حسن الخلق
تعريف حسن الخلق :
تنوعت اقوال الائمه في تعريف حسن الخلق لكنها تصب كلها في مصب واحد فقد ذكر
الامام ابن رجب رحمه الله اقوال بعض الائمه في تعريفه فقال في كتابه جامع العلوم
والحكم : عن الحسن قال : حسن الخلق الكرم والبذل والاحتمال .
وعن ابن المبارك قال : هو بسط الوجه ، وبذل المعروف ، وكف الاذى .
وقال الامام احمد : حسن الخلق ان لا تغضب ، ولا تحتد وان تحتمل ما
يكون من الناس .
فكل هذه التعريفات كما اسلفنا تصب في مصب التعامل الحسن مع الناس والصبر على ما
قد يكون منهم . قال ابن القيم رحمه الله : وجماعه ( اي حسن الخلق
) امران : بذل المعروف قولا وفعلا ، وكف الاذى قولا وفعلا ، وهو انما
يقوم على اركان خمسه : العلم والجود والصبر وطيب العود وصحه الاسلام .
هل حسن الخلق فطري في الانسان او مكتسب ؟؟
قد يمن الله تعالى على بعض عباده بان تكون اخلاقهم حسنه ومعاملاتهم طيبه من اصل
طبعهم وجبلتهم كما جاء في صحيح مسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لاشج عبدالقيس رضي الله عنه : ( ان فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والاناه
) .
وفي روايه : انه قال : يا رسول الله انا اتخلق بهما ام الله جبلني
عليهما ؟ قال : بل الله جبلك عليهما . قال : الحمد لله الذي جبلني
على خلتين يحبهما الله ورسوله .
وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد جبل على حسن الاخلاق حتى عرف بالصادق
الامين وقد استعرضت خديجه رضي الله عنها شيئا من اخلاقه عندما جاءها وقد اشتد عليه
الوحي فقالت كما في صحيح البخاري وغيره : كلا والله لا يخزيك الله ابدا انك
لتصل الرحم وتقري الضيف وتكسب المعدوم وتغيث الملهوف وتعين على نوائب الحق .
ولكن ليس معنى هذا ان الانسان لا قدره له على تحسين اخلاقه او الترقي في
سلم الاخلاق الى الافضل والاحسن ، فقد جاء في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه
وسلم قال للانصار لما قدموا اليه يسالونه المال : ماعندي من خير فلن ادخره عنكم
، ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يتصبر يصبره الله ، ومن يستغن يغنه الله
.
وهذه الامور انما هي اخلاق وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ان من حاول
ان يحصلها فسيعينه الله على تحصيلها .
قال الشاعر : هي الاخلاق تنبت كالنبات ### اذا سقيت بماء المكرمات
وقال الاخر : يا ايها المتحلي غير شيمته ### ومن سجيته الاكثار والملق
عليك بالقصد فيما انت فاعله ### ان التخلق ياتي بعده الخلق
ما مجالات حسن الخلق ؟؟
حسن الخلق يكون مع الله كما يكون مع الناس ، فاما حسن الخلق مع الله
فيكون بالرضا بحكمه شرعا وقدرا ، وتلقي ذلك بالانشراح وعدم التضجر ، فاذا قدر الله
على المسلم شيئا يكرهه رضي بذلك واستسلم كما قال تعالى ( ما اصاب من مصيبه
الا باذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه ) قال علقمه رحمه الله : هو
الرجل تصيبه المصيبه فيعلم انها من عند الله فيرضى ويسلم .
كما ان من حسن الخلق مع الله طاعه اوامره واجتناب نواهيه، واللهج بحمده والثناء عليه
وشكره على نعمه الظاهره والباطنه .
واما حسن الخلق مع الخلق فيكون بما تقدم من تعريف حسن الخلق .
ولذلك فقد جمع الله عز وجل حسن الخلق في ايه هي جماع الاخلاق في سوره
الاعراف قال تعالى : ( خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين ) . يقول
الامام ابن قتيبه : جمع الله في هذه الايه كل خلق عظيم ؛ لان في
العفو : صله القاطعين ، والصفح عن الظالمين ، واعطاء المانعين .
وفي الامر بالعرف : تقوى الله وصله الارحام وصون اللسان .
وفي الاعراض عن الجاهلين : الصبر والحلم وتنزيه النفس عن مماراه السفيه .