قصه قصيره من الف ليله وليلة
الملك شهريار هو شخصيه في حكايه الف ليله وليله , تعرض للخيانه من قبل زوجته
فاصابته حاله كره لجميع النساء , واصبح يتزوج النساء ويقتلهن في الصباح التلي لليله زواجه
, جميع النساء خافت من الملك الا شهرزاد ابنه وزير الملك وافقت على الزواج منه
, وكانت تتميز بذكائها الفذ , وكانت تروي للملك كل ليله قصه ولا تكملها الا
في الليله التاليه , وكان الملك يتشوق لمعرفه نهايه القصه ولا يقتلها ليعرف ما هي
نهايه القصه , وصل عدد القصص التي روتها الف قصه في الف ليله وليله ,
وشفي الملك من كره النساء واحب شهرزاد , ومن هذه القصص التي روتها شهرزاد في
الليله الاولى :
قالت شهرزاد : بلغني ايها الملك السعيد ، انه كان تاجر من التجار ، كثير المال
والمعاملات في البلاد قد ركب يوما وخرج يطالب في بعض البلاد فاشتد عليه الحر فجلس
تحت شجره وحط يده في خرجه واكل كسره كانت معه وتمره ، فلما فرغ من
اكل التمره رمى النواه واذا هو بعفريت طويل القامه وبيده سيف ، فدنا من ذلك
التاجر وقال له : قم حتى اقتلك مثل ما قتلت ولدي . فقال له التاجر : كيف
قتلت ولدك ? قال له : لما اكلت التمره ورميت نواتها جاءت النواه في صدر ولدي فقضي
عليه ومات من ساعته .
فقال التاجر للعفريت : اعلم ايها العفريت اني على دين ولي مال كثير واولاد وزوجه وعندي
رهون فدعني اذهب الى بيتي واعطي كل ذي حق حقه ثم اعود اليك ، ولك
علي عهد وميثاق اني اعود اليك فتفعل بي ما تريد والله على ما اقول وكيل
.
فاستوثق منه الجني واطلقه فرجع الى بلده وقضى جميع تعلقاته واوصل الحقوق الى اهلها واعلم
زوجته واولاده بما جرى له فبكوا وكذلك جميع اهله ونساءه واولاده واوصى وقعد عندهم الى
تمام السنه ثم توجه واخذ كفنه تحت ابطه وودع اهله وجيرانه وجميع اهله وخرج رغما
عن انفه واقيم عليه العياط والصراخ فمشى الى ان وصل الى ذلك البستان وكان ذلك
اليوم اول السنه الجديده فبينما هو جالس يبكي على ما يحصل له واذا بشيخ كبير
قد اقبل عليه ومعه غزاله مسلسله فسلم على هذا التاجر وحياه وقال له : ما سبب
جلوسك في هذا المكان وانت منفرد وهو ماوى الجن ?
فاخبره التاجر بما جرى له مع ذلك العفريت وبسبب قعوده في هذا المكان فتعجب الشيخ
صاحب الغزاله وقال : والله يا اخي ما دينك الا دين عظيم وحكايتك حكايه عجيبه لو
كتبت بالابر على افاق البصر لكانت عبره لمن اعتبر ثم انه جلس بجانبه وقال والله
يا اخي لا ابرح من عندك حتى انظر ما يجري لك مع ذلك العفريت .
ثم انه جلس عنده يتحدث معه فغشي على ذلك التاجر وحصل له الخوف والفزع والغم
الشديد والفكر المزيد وصاحب الغزاله بجانبه فاذا بشيخ ثان قد اقبل عليهما ومعه كلبتان سلاقيتان
من الكلاب السود ، فسالهما بعد السلام عليهما عن سبب جلوسهما في هذا المكان وهو
ماوى الجان فاخبراه بالقصه من اولها الى اخرها فلم يستقر به الجلوس حتى اقبل عليهم
شيخ ثالث ومعه بغله زرزوريه فسلم عليهم وسالهم عن سبب جلوسهم في هذا المكان فاخبروه
بالقصه من اولها الى اخرها وبينما كذلك اذا بغبره هاجت وزوبعه عظيمه قد اقبلت من
وسط تلك البريه فانكشفت الغبره واذا بذلك الجني وبيده سيف مسلول وعيونه ترمي بالشرر فاتاهم
وجذب ذلك التاجر من بينهم وقال له : قم اقتلك مثل ما قتلت ولدي وحشاشه كبدي
.
فانتحب ذلك التاجر وبكى واعلن الثلاثه شيوخ بالبكاء والعويل والنحيب فانتبه منهم الشيخ الاول وهو
صاحب الغزاله وقبل يد ذلك العفريت وقال له : يا ايها الجني وتاج ملوك الجان اذا
حكيت لك حكايتي مع هذه الغزاله ورايتها عجيبه ، اتهب لي ثلث دم هذا التاجر ?
قال : نعم يا ايها الشيخ ، اذا انت حكيت لي الحكايه ورايتها عجيبه وهبت لك
ثلث دمه .
فقال ذلك الشيخ الاول : اعلم يا ايها العفريت ان هذه الغزاله هي بنت عمي ومن
لحمي ودمي وكنت تزوجت بها وهي صغيره السن واقمت معها نحو ثلاثين سنه فلم ارزق
منها بولد فاخذت لي سريه فرزقت منها بولد ذكر كانه البدر اذا بدا بعينين مليحتين
وحاجبين مزججين واعضاء كامله فكبر شيئا فشيئا الى ان صار ابن خمس عشره سنه فطرات
لي سفره الى بعض المدائن فسافرت بمتجر عظيم وكانت بنت عمي هذه الغزاله تعلمت السحر
والكهانه من صغرها فسحرت ذلك الولد عجلا وسحرت الجاريه امه بقره وسلمتها الى الراعي ،
ثم جئت انا بعد مده طويله من السفر فسالت عن ولدي وعن امه فقالت لي
جاريتك ماتت وابنك هرب ولم اعلم اين راح فجلست مده سنه وانا حزين القلب باكي
العين الى ان جاء عيد الضحيه فارسلت الى الراعي ان يخصني ببقره سمينه وهي سريتي
التي سحرتها تلك الغزاله فشمرت ثيابي واخذت السكين بيدي وتهيات لذبحها فصاحت وبكت بكاء شديدا
فقمت عنها وامرت ذلك الراعي فذبحها وسلخها فلم يجد فيها شحما ولا لحما غير جلد
وعظم فندمت على ذبحها حيث لا ينفعني الندم واعطيتها للراعي وقلت له : ائتني بعجل سمين
فاتاني بولدي المسحور عجلا فلما راني ذلك العجل قطع حبله وجاءني وتمرغ علي وولول وبكى
فاخذتني الرافه عليه وقلت للراعي ائتني ببقره ودع هذا .
وهنا ادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح . فقالت لها اختها : ما اطيب حديثك
والطفه والذه واعذبه . فقالت : واين هذا مما احدثكم به الليله القابله ان عشت وابقاني
الملك . فقال الملك في نفسه : والله ما اقتلها حتى اسمع بقيه حديثها . ثم
انهم باتوا تلك الليله الى الصباح متعانقين فخرج الملك الى محل حكمه وطلع الوزير بالكفن
تحت ابطه ثم حكم الملك وولي وعزل الى اخر النهار ولم يخبر الوزير بشيء من
ذلك فتعجب الوزير غايه العجب ثم انفض الديوان ودخل الملك شهريار قصره