علامات الساعه التي ظهرت
يقسم بعض العلماء علامات الساعات الى كبرى ، وصغرى ، ويقسمها اخرون الى ثلاثه اقسام
، ويجعلون بينهما ” وسطى ” ، ويمثلون له بخروج ” المهدي ” .
وعلامات الساعه الصغرى يصلح تقسيمها الى ثلاثه اقسام : قسم منها انقضى ، وقسم لا
يزال يتكرر ، وقسم لم يحدث بعد .
وفي ظننا ان هذا التقسيم هو الذي يكون فيه اجابه الاخ السائل عما يتكرر من
الكلام في ان اشراط الساعه وعلامات الصغرى قد انقضت كلها .
وقد حصر هذه الاقسام باحاديثها : الشيخ عمر سليمان الاشقر حفظه الله في كتابه القيم
” القيامه الصغرى ” ، وسنحاول تلخيص المواضع التي خارج السؤال ، ونبسط القول في
مبحث موضوع السؤال .
قال الشيخ عمر سليمان الاشقر – حفظه الله – :
والعلامات الصغرى يمكن تقسيمها الى قسمين : قسم وقع ، وقسم لم يقع بعد ،
والذي وقع قد يكون مضى وانقضى ، وقد يكون ظهوره ليس مره واحده ، بل
يبدو شيئا فشيئا ، وقد يتكرر وقوعه وحصوله ، وقد يقع منه في المستقبل اكثر
مما وقع في الماضي .
ولذلك سنعقد لعلامات الساعه اربعه فصول :
الاول : العلامات الصغرى التي وقعت وانقضت .
الثاني : العلامات الصغرى التي وقعت ، ولا تزال مستمره ، وقد يتكرر وقوعها.
الثالث : العلامات الصغرى التي لم تقع بعد .
الرابع : العلامات الكبرى .
ا. علامات الساعه التي وقعت :
ونعني بها العلامات التي وقعت وانقضت ، ولن يتكرر وقوعها ، وهي كثيره ، وسنذكر
بعضا منها :
1. بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم ووفاته .
2. انشقاق القمر .
3. نار الحجاز التي اضاءت اعناق الابل ببصرى – بلده في الشام – .
4. توقف الجزيه والخراج .
ب. العلامات التي وقعت ، وهي مستمره ، او وقعت مره ويمكن ان يتكرر وقوعها
:
1. الفتوحات والحروب .
وقد فتحت فارس والروم وزال ملك كسرى وقيصر ، وغزا المسلمون الهند ، وفتحوا القسطنطينيه
، وسيكون للمسلمين في مقبل الزمان ملك عظيم ينتشر فيه الاسلام ويذل الشرك ، وتفتح
روما مصداقا ؛ لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم القائل : ( ليبلغن هذا الامر
ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر الا ادخله الله
هذا الدين ، بعز عزيز ، او بذل ذليل ، عزا يعز الله به الاسلام
، وذلا يذل الله به الكفر ) – رواه احمد ( 28 / 154 )
وصححه محققو المسند – .
2. قتال الترك والتتر .
3. اسناد الامر الى غير اهله .
4. فساد المسلمين .
5. ولاده الامه ربتها ، وتطاول الحفاه العراه رعاه الشاه في البنيان .
6. تداعي الامم على الامه الاسلاميه .
7. الخسف والقذف والمسخ الذي يعاقب الله به اقواما من هذه الامه .
8. استفاضه المال .
9. تسليم الخاصه ، وفشو التجاره ، وقطع الارحام .
10. اختلال المقاييس :
اخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم ان المقاييس التي يقوم بها الرجال تختل قبل قيام
الساعه ، فيقبل قول الكذبه ويصدق ، ويرد على الصادق خبره ، ويؤتمن الخونه على
الاموال والاعراض ، ويخون الامناء ويتهمون ، ويتكلم التافهون من الرجال في القضايا التي تهم
عامه الناس ، فلا يقدمون الا الاراء الفجه ، ولا يهدون الا للامور المعوجه ،
فقد اخرج الامام احمد وابن ماجه والحاكم عن ابي هريره قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : ( سياتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ،
ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الامين وينطق فيها الرويبضه ) ، قيل
: وما الرويبضه ؟ قال : ( الرجل التافه يتكلم في امر العامه ) –
رواه ابن ماجه ( 4036 ) وصححه الالباني في ” صحيح ابن ماجه ” –
.
11. شرطه اخر الزمان الذين يجلدون الناس .
ج. العلامات التي لم تقع بعد :
1. عوده جزيره العرب جنات وانهارا :
عن ابي هريره رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( لا تقوم الساعه حتى يكثر المال ويفيض حتى يخرج الرجل بزكاه ماله ،
فلا يجد احدا يقبلها منه وحتى تعود ارض العرب مروجا وانهارا ) رواه مسلم (
157 ) .
وعودتها جنات وانهارا اما بسبب ما يقوم اهلها به من حفر الابار ، وزراعه الارض
ونحو ذلك مما هو حاصل في زماننا ، واما بسبب تغير المناخ ، فيتحول مناخها
الحار الى جو لطيف جميل ، ويفجر خالقها فيها من الانهار والعيون ما يحول جدبها
خصبا ، ويحيل سهولها الجرداء الى سهول مخضره فيحاء ، وهذا هو الاظهر ، فانه
يحكي حاله ترجع فيها الجزيره الى ما كانت عليه من قبل .
2. انتفاخ الاهله :
من الادله على اقتراب الساعه ان يرى الهلال عند بدو ظهوره كبيرا حتى يقال ساعه
خروجه انه لليلتين او ثلاثه ، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من اقتراب الساعه انتفاخ الاهله ) –
رواه الطبراني في ” الكبير ” ( 10 / 198 ) ، وصححه الالباني في
” صحيح الجامع ” ( 5898 ) .
وعن انس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من اقتراب الساعه ان يرى الهلال قبلا فيقال : لليلتين ، وان تتخذ المساجد
طرقا ) – رواه الطبراني في ” الاوسط ” ( 9 / 147 ) وحسنه
الالباني في ” صحيح الجامع ” ( 5899 ) .
3. تكليم السباع والجماد الانس :
روى الامام احمد في مسنده عن ابي سعيد الخدري ، قال : ” عدا الذئب
على شاه فاخذها فطلبه الراعي فانتزعها منه فاقعى الذئب على ذنبه ، قال :: الا
تتقي الله تنزع مني رزقا ساقه الله الي فقال يا عجبي ذئب مقع على ذنبه
يكلمني كلام الانس فقال الذئب الا اخبرك باعجب من ذلك محمد صلى الله عليه وسلم
بيثرب يخبر الناس بانباء ما قد سبق قال فاقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينه
فزواها الى زاويه من زواياها ثم اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبره فامر
رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي الصلاه جامعه ثم خرج فقال للراعي : (
اخبرهم ) ، فاخبرهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صدق
والذي نفسي بيده لا تقوم الساعه حتى يكلم السباع الانس ويكلم الرجل عذبه سوطه وشراك
نعله ويخبره فخذه بما احدث اهله بعده ) رواه احمد ( 18 / 315 )
وصححه محققو المسند .
4. انحسار الفرات عن جبل من ذهب :
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابي هريره رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ( يوشك الفرات ان يحسر عن كنز من ذهب
فمن حضره فلا ياخذ منه شيئا ) ، وفي روايه : ( يحسر عن جبل
من ذهب ) .
وفي روايه عند مسلم : ( لا تقوم الساعه حتى يحسر الفرات عن جبل من
ذهب يقتتل الناس عليه فيقتل من كل مائه تسعه وتسعون ويقول كل رجل منهم لعلي
اكون انا الذي انجو ) .
ورواه مسلم عن ابي بن كعب بلفظ : ( يوشك الفرات ان يحسر عن جبل
من ذهب فاذا سمع به الناس ساروا اليه فيقول من عنده لئن تركنا الناس ياخذون
منه ليذهبن به كله قال فيقتتلون عليه فيقتل من كل مائه تسعه وتسعون ) .
ومعنى انحساره : انكشافه لذهاب مائه ، كما يقول النووي ، وقد يكون ذلك بسبب
تحول مجراه ، فان هذا الكنز او هذا الجبل مطمور بالتراب وهو غير معروف ،
فاذا ما تحول مجرى النهر لسبب من الاسباب ومر قريبا من هذا الجبل كشفه ،
والله اعلم بالصواب .
والسبب في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم من حضره عن الاخذ منه لما ينشا
عن اخذه من الفتنه والاقتتال وسفك الدماء .
5. اخراج الارض كنوزها المخبوءه :
روى مسلم في صحيحه عن ابي هريره قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( تقيء الارض افلاذ كبدها امثال الاسطوان من الذهب والفضه ، فيجيء القاتل
فيقول في هذا قتلت ويجيء القاطع ، فيقول في هذا قطعت رحمي ، ويجيء السارق
، فيقول في هذا قطعت يدي ثم يدعونه فلا ياخذون منه شيئا ) .
وهذه ايه من ايات الله ، حيث يامر الحق الارض ان تخرج كنوزها المخبوءه في
جوفها ، وقد سمى الرسول صلى الله عليه وسلم تلك الكنوز ( بافلاذ الكبد )
، واصل الفلذ : ” القطعه من كبد البعير ” ، وقال غيره : هي
القطعه من اللحم ، ومعنى الحديث : التشبيه ، اي : تخرج ما في جوفها
من القطع المدفونه فيها ، والاسطوان جمع اسطوانه ، وهي الساريه والعمود ، وشبهه بالاسطوان
لعظمته وكثرته ” .
وعندما يرى الناس كثره الذهب والفضه يزهدون فيه ، ويالمون لانهم ارتكبوا الذنوب والمعاصي في
سبيل الحصول على هذا العرض التافه .
6. محاصره المسلمين الى المدينه :
من اشراط الساعه ان يهزم المسلمون ، وينحسر ظلهم ، ويحيط بهم اعداؤهم ويحاصروهم في
المدينه المنوره .
عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( يوشك المسلمون ان يحاصروا الى المدينه حتى يكون ابعد مسالحهم سلاح ) –
رواه ابو داود ( 4250 ) وصححه الالباني في ” صحيح ابي داود ” –
.
والمسالح ، جمع مسلحه ، وهي الثغر ، والمراد ابعد مواضع المخافه من العدو .
وسلاح ، موضع قريب من خيبر .
7. احراز ” الجهجاه ” الملك :
الجهجاه رجل من قحطان سيصير اليه الملك ، وهو شديد القوه والبطش ، ففي الصحيحين
عن ابي هريره ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعه
حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه ) رواه البخاري ( 3329 ) ومسلم
( 2910 ) .
وفي روايه لمسلم ( 2911 ) : ( لا تذهب الايام والليالى حتى يملك رجل
يقال له ” الجهجاه ” ) .
ويحتمل ان يكون هذا الذي في الروايه الاخيره غير الاول ، فقد صح في سنن
الترمذي عن ابي هريره ان هذا الجهجاه من الموالي ، ففي سنن الترمذي ( 2228
) عن ابي هريره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يذهب
الليل والنهار حتى يملك رجل من الموالي يقال له ” جهجاه ” ) .
والمراد بكونه يسوق الناس بعصاه انه يغلب الناس فينقادون له ويطيعونه ، والتعبير بالسوق بالعصا
للدلاله على غلظته وشدته ، واصل الجهجاه الصياح ، وهي صفه تناسب العصا كما يقول
ابن حجر ، وهل يسوق هذا الرجل الناس الى الخير ام الشر ؟ ليس عندنا
بيان من الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك .
8. فتنه الاحلاس وفتنه الدهماء ، وفتنه الدهيماء :
عن عبد الله بن عمر قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
قعودا فذكر الفتن فاكثر ذكرها حتى ذكر فتنه الاحلاس ، فقال قائل : يا رسول
الله وما فتنه الاحلاس ؟ قال : ( هي فتنه هرب وحرب ، ثم فتنه
السراء ، دخلها – او : دخنها – من تحت قدمي رجل من اهل بيتي
يزعم انه مني وليس مني انما وليي المتقون ثم يصطلح الناس على رجل كورك على
ضلع ، ثم فتنه الدهيماء لا تدع احدا من هذه الامه الا لطمته لطمه فاذا
قيل انقطعت تمادت يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا حتى يصير الناس الى فسطاطين فسطاط
ايمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا ايمان فيه اذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من
اليوم او غد ) – رواه ابو داود ( 4242 ) واحمد ( 10 /
309 ) – واللفظ له – ، وصححه الالباني في ” صحيح ابي داود ”
– .
والاحلاس : جمع حلس ، وهو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب ، شبهت
به الفتنه لملازمتها للناس حين تنزل بهم كما يلازم الحلس ظهر البعير ، وقد قال
الخطابي : يحتمل ان تكون هذه الفتنه شبهت بالاحلاس لسواد لونها وظلمتها .
والحرب بفتح الراء : ذهاب المال والاهل ، يقال : حرب الرجل فهو حريب فلان
اذا سلب ماله واهله .
والسراء النعمه التي تسر الناس من وفره المال والعافيه ، واضيفت الفتنه اليها لان النعمه
سببها ، اذ ان الانسان يرتكب الاثام والمعاصي بسبب ما يتوفر له من الخير .
وقوله : ” كورك على ضلع ” هذا مثل للامر الذي لا يستقيم ولا يثبت
، لان الورك لا يتركب على الضلع ولا يستقيم معه .
والدهيماء : الداهيه التي تدهم الناس بشرها .
9. خروج المهدي :
ثبت في الاحاديث الصحيحه ان الله تبارك وتعالى يبعث في اخر الزمان خليفه يكون حكما
عدلا ، يلي امر هذه الامه من ال بيت الرسول صلى الله عليه وسلم من
سلاله فاطمه ، يوافق اسمه اسم الرسول صلى الله عليه وسلم ، واسم ابيه اسم
ابي الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد وصفته الاحاديث بانه اجلى الجبهه ، اقنى
الانف ، يملا الارض عدلا ، بعد ان ملئت جورا وظلما ، ومن الاحاديث التي
وردت في هذا :
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ( لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من اهل بيتي
يواطئ اسمه اسمي ) رواه الترمذي ( 2230 ) وابو داود ، وفي روايه لابي
داود ( 4282 ) قال : ( لو لم يبق من الدنيا الا يوم لطول
الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا منى – او : من اهل بيتى –
يواطئ اسمه اسمى واسم ابيه اسم ابى يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا
) .
” القيامه الصغرى ” ( 137 – 206 ) باختصار ، وتهذيب .
وبه يتبين انه ثمه تسع علامات للساعه الصغرى لم تظهر بعد ، ويتبين ان ما
يتكرر من كلام كثير من الناس ان علامات الساعه الصغرى قد ظهرت كلها ولم يبق
الا ” المهدي ” قول عار عن الصحه .