سيكولوجيه الحب طارق الحبيب
لم تخصص مرحله الخطوبه لتفجير براكين المشاعر الرومانسيه كما يعتقد بعض، بل الامر جدير بقراءه
ما وراء سطورها، وان كان كثر يغفلون عن الاسلوب الامثل لاستثمارها.
يتحدث د.طارق الحبيب “استشاري الطب النفسي” في احد الحوارات المتلفزه التي ترصدها “فلسطين” في التقرير
التالي عن ابجديات جوهريه على الشباب والفتيات ان يراعوها عند اقبالهم على الزواج.
مبادئ اساسية
يستهل الحبيب حديثه عن هذه المرحله بتاكيده انه لابد ان تحيد المشاعر، مع مراعاه تحقيق
هدف رئيس يتمثل في ان يفهم الرجل “سيكولوجيه المراة”، وتفهم هي سيكولوجيه الرجل، وان يفهم
كلاهما نفسيه الاخر؛ لان الفهم الحقيقي هو الدعامه الاساسيه للزواج.
ويضيف: “اذا كانت مده الخطوبه قصيره جدا؛ فاننا نستثمر مرحله الاختبار في بدايه الزواج، ولذلك
انادي بعدم الحمل في بدايه الحياه الزوجية”، معللا: “حتى يتبين كل منهما طبيعه هذه العلاقه
ومتانتها؛ من اجل اتاحه الفرصه الكافيه لفهم شخصيه الطرف الاخر، لذا انه في المجتمعات التي
لا تعطي موضوع الزواج حقه التي تسمى “المحافظة” مرحله “الملاك” تطبق سيكولوجيا في بدايه الزواج”.
ومن جهه ثانيه يقول استشاري الطب النفسي: “اذا ما كان لدى احد الطرفين تحفظ على
الشريك الاخر؛ فانه عندئذ ينصح باطاله مده الخطوبة، اما اذا كان الطرف الاخر معروفا وبدا
انه شخصيه متزنه فعندئذ لا حاجه لان تطول المدة، اذ يكفي ان تتراوح ما بين
ثلاثه واربعه اسابيع، وليستمتعا بعدها بالزواج”.
ويؤكد ضروره الانفصال خلال مرحله الخطوبة، اذا لم يرتح احدهما الى الاخر، فذلك ليس طلاقا
بالمعنى الاجتماعي، مع انه من الناحيه الشرعيه يعد كذلك، لكن ان حدث الانفصال بعد الزواج
حتى لو لم تحدث المعاشره الجنسية؛ فانه تبقى علامه استفهام على تلك المراة، حسب قوله.
لا تحرقوا المراحل
وعمن يربطون معايير الاختيار بالشكل فحسب يقول الحبيب: “في الوقت الحاضر اصبح هناك تغير حضاري
يتعلق بالشخصيه وطريقه التفكير، فالمراه اصبحت تاخذ دورا اجتماعيا بدلا من الدور التبعي في الماضي،
ولو كان دورها يقتصر على “الجنس” لاكتفينا بالشكل، ايضا اصبحت رؤيه المراه الرجل وارتياحها له
مطلب اساسي؛ لانها في الماضي لم تكن ترى غيره، فكان اي شيء تراه فيه مقبولا
لديها بل مميزا، ولذلك مراعاه المعياريه الحضاريه ضرورة”.
وينصح الفتاه ما بعد “عقد القران” باستشاره اهلها في كل شيء بحكم ما لديهم من
خبره اجتماعية، متمما كلامه في نقطه حساسة: “في كل المجتمعات ايا كانت طبيعتها يجب ان
يكون هناك حاجز شفاف رقيق، ما يدفع الشريك الى التعطش اكثر واكثر في الاقبال على
الحياه الزوجيه بحيث لا يرتوي منها، حتى في تعلق العاشقين نجد ذلك العطش هو الذي
ينمي علاقتهم”.
وينبه الى خطا فادح يرتكب في مرحله الخطوبة، وهو ان المشاعر تشتعل في ثوره بركانيه
تسمى عاده “الحب الرومانسي” فلا تقوم على اسس قوية، اذ ترتكز عند بعض على ان
“شكله يعجبني”، او انه “قال لي كلمه جميلة”، وما شابه من هذه الاشياء التافهه البسيطة،
بعيدا عن الدراسه الجاده لشخصيه الاخر، مشيرا الى ان السباحه في العشق والهيام يضر اكثر
مما ينفع، وكاننا تماما ننفخ في (البالون)، لكن اذا جئنا الى ارض الواقع فاننا لا
نجد شيئا.
ويدعو الى التعامل مع الزواج ك”مستثمر”، اذ يتعين على كل من الطرفين ان يبقي من
“راسماله” الخاص بعد الزواج، موضحا مقصده: “عليك الا تحرق كل المراحل، فقد تتوهم انك اذا
ما اخذت المئات فانك بعد الزواج ستاخذ الملايين، واذ بك بعد الزواج تكتشف انه لم
يتبق شيء” (في اشاره الى ما يقع فيه بعض من استهلاك مرحله الخطوبه بما يجب
ان يؤجل الى ما بعد الزواج).
ويؤكد انه كلما كان التركيز على العاطفه اكبر ظن احدهما الاخر ملاكا، فيكتشف بعد الزواج
ما هو اقل من توقعاته، لكن اذا ما كان صاحب نظره عقلانيه فان اي عاطفه
بعد ذلك يجنيها مع شريكه فانها تتكون بصوره تراكمية؛ فتكون النتيجه عاطفه جميلة، ومن هنا
يولد الحب الناضج الذي يقوم على مواقف الطرف الاخر وارائه ومواقفه في الحياة، وفق رايه.
اعجاب واحسان
ولدى سؤاله عن الرومانسيه الزائده التي يعيشها بعض يجيب: “ان شريك الحياه قد يعاني من
“سيكولوجيه التعويض”؛ فقد يكون لديه مشكله في عمله او بعد عن اهله”، مضيفا _وهو يوجه
كلامه الى الفتيات_: “في مرحله الخطوبه يجب ان تبذل الفتاه جهدها في استكشاف شخصيه خاطبها
وشخصيه امه، فان لاحظت ان نظرته الى امه ايجابية؛ فعليها ان تبحث عن صفات هذه
الام وتتقمصها، فاذا ما تحدث عنها باسترخاء فهو محب، لكن اذا ما تحدث عن امه
باحترام وتوتر فانه بذلك يقدم “البر الخائف”، فهو اذا لا يرغب في شخصيه امه، اي
انه بوسعك ان تحافظي على استقلاليه شخصيتك مع اضافه بعض اللمسات الجميله على عمودك الفقري”.
وفيما يتعلق بالكلام العاطفي بين الخاطب ومخطوبته يقول: “لا باس في ذلك، لكن دون المبالغه
به، على ان تقلب المشاعر الى فكر عملي”، موضحا: “على الفتاه ان تشخص وضع خاطبها،
فاذا ما كان قد حرم العاطفه في صغره فعلى الارجح ان علاقته بها ستكون كعلاقه
الطفل بالوالد، اما اذا ما كان مستقرا ولديه اشباع فانها ستتجلى علاقه الناضج بالناضج، وفي
حال كان يتسم بالسيطره والعنف في شخصيته فستكون العلاقه في الاغلب كعلاقه الاب بطفله”.
وفي ثنايا حديثه الشائق يلفت الى ان بعض البنات يهيان في اسرهن لان يكن فتيات
او امهات لا زوجات، قائلا: “هيؤوا بناتكم ليكن زوجات، وليس فقط بنات بارات”، ولعلك تتمتم
_عزيزي القارئ_ بان لدينا عددا كبيرا من الامهات الجيدات، وعددا اقل منهن زوجات، اليس كذلك؟!
وختاما _والكلام موجه الى الخاطبين والمتزوجين_ ان د.طارق الحبيب يقول: “ان الحب حتى يقوم انه
يحتاج الى الاعجاب والاحسان، ذلك ان لفظ “المودة” في القران الكريم يشير الى الاعجاب، ولفظ
“الرحمة” يشير الى الاحسان، اما ما يؤدي الى دوام هذا الحب فهو سيكولوجيه الغفران والاحتواء”.