اهم المعلومات عن الحجاج بن يوسف , سيرة الحجاج بن يوسف الثقفي

سيرة الحجاج بن يوسف الثقفي

 20160704 1506

النشاة

ولد الحجاج بن يوسف الثقفى فالطائف عام الجماعة (41 ه 661م)،
ونشا بين اسرة كريمة من بيوت ثقيف،
وكان ابوة رجلا تقيا شريفا،
وقضي معظم حياتة فالطائف،
يعلم ابناءها القران الكريم دون ان يتخذ هذا حرفة او ياخذ عليه اجرا.
وامة هي الفارعة فتاة همام بن الصحابي عروة بن مسعود الثقفي،
تزوجها الصحابي المغيرة بن شعبة بعدها طلقها و ندم،
فتزوجها ابو الحجاج.
حفظ الحجاج القران،
ثم تردد على حلقات ائمة العلم من الصحابة و التابعين،
مثل: عبدالله بن عباس،
وسعيد بن المسيب،
وغيرهم،
ثم اشتغل بالتعليم،
مثل ابيه.
وقد كان من افصح الناس،
حتي قال عنه النحوى ابو عمرو بن العلاء: «ما رايت افصح من الحسن البصري،
ومن الحجاج».

الحجاج و ابن الزبير

لفت الحجاج انظار الخليفة عبدالملك بن مروان،
وراي به شدة و حزما و قدرة و كفاءة،
وكان فحاجة الية حتي ينهى الصراع الدائر بينة و بين عبدالله بن الزبير الذي كان ربما اعلن نفسة خليفة سنة (64ه 683م) بعد و فاة يزيد بن معاوية بن ابي سفيان،
ودانت له بالولاء معظم انحاء العالم الاسلامي،
ولم يبق سوي الاردن التي ظلت على و لائها للامويين،
وبايعت مروان بن الحكم بالخلافة،
فنجح فاستعادة الشام و مصر من قبضة ابن الزبير،
ثم توفى تاركا لابنة عبدالملك استكمال المهمة،
فانتزع العراق،
من معصب بن الزبير.
ثم جهز عبدالملك حملة بقيادة الحجاج؛
للقضاء على دولتة تماما.
حاصر الحجاج مكة المشرفة،
وضيق الخناق على ابن الزبير المحتمى بالبيت،
وكان اصحابة -بما فيهم و لديه- ربما تفرقوا عنه و خذلوه،
بسبب سياستة و شدته.
ولم يبق سوي قلة صابرة،
لم تغن عنه شيئا،
وانتهي القتال باستشهاد ابن الزبير و القضاء على دولته،
وعودة الوحدة للامة الاسلامية التي اصبحت فذلك العام (73 ه 693م) تدين بالطاعة لخليفة واحد،
وهو عبدالملك بن مروان.
وكان من اثر ذلك الظفر ان اسند الخليفة الى الحجاج و لاية الحجاز مكافاة له على نجاحه،
وكانت تضم مكة و المدينة و الطائف،
ثم اضاف الية اليمن و اليمامة فكان عند حسن ظن الخليفة و اظهر حزما و عزما فادارته؛
حتي تحسنت احوال الحجاز،
فاعاد بناء الكعبة،
وبني مسجد ابن سلمة بالمدينة المنورة،
وحفر الابار،
وشيد السدود.

وهنا يزعم بعض الكذابين بان الحجاج ربما ضرب الكعبة بالمنجنيق حتي هدمها،
وهذه الفرية رد عليها شيخ الاسلام،
فيقول فالجواب الصحيح (5|264): «والحجاج بن يوسف كان معظما للكعبة لم يرمها بمنجنيق».
ويقول فالرد على المنطقيين (1|502): «والحجاج بن يوسف لم يكن عدوا لها و لا اراد هدمها و لا اذاها بوجة من الوجوة و لا رماها بمنجنيق اصلا».
ويقول فمنهاج السنة النبوية (4|348): «اما ملوك المسلمين من بنى امية و بنى العباس و نوابهم،
فلا ريب ان احدا منهم لم يقصد اهانة الكعبة: لا نائب يزيد،
ولا نائب عبدالملك الحجاج بن يوسف،
ولا غيرهما.
بل كان المسلمين كانوا معظمين للكعبة.
وانما كان مقصودهم حصار ابن الزبير.
والضرب بالمنجنيق كان له لا للكعبة.
ويزيد لم يهدم الكعبة و لم يقصد احراقها لا و هو و لا نوابة باتفاق المسلمين».

اقول: احترقت الكعبة ايام يزيد بسبب اقتراب مشعل احد جنود ابن الزبير من كسائها.
فبعد هذا قام ابن الزبير بهدمها ليعيد بنائها على قواعد ابراهيم.
فلما قتل،
امر عبدالملك باعادة بناء الكعبة على ما كانت عليه و اخراج حجر اسماعيل منها،
لانة لم يسمع بالحديث الذي استند عليه ابن الزبير.
اما حكاية المنجنيق فانا اشك فيها من اصلها.
فالحجاج ربما تقدم جيشة و احتل الاخشبين (جبل ابي قبيس الذي عليه القصر الملكي اليوم بجانب الصفا،
وجبل قعيقانالهندي)،
وهما مطلان على المسجد الحرام من المشرق و المغرب و قريبين الية جدا.
فما الحاجة للمنجنيق؟
والمسجد الحرام من طابق واحد غير مرتفع،
ومن السهل بمكان على جيش من الاف ان يعلوة و يدخله،
وهو ليس مبنى اصلا ليصبح حصنا.
وهدمة لا يحتاج اكثر من بضعة ايام.
فلم طال الحصار الى عدة شهور؟
عدا ان تفاصيل القصة تضمنت مبالغات مفضوحة.
فكيف يزعمون ان ابن الزبير و حدة ربما قاتل بضعة الاف و اخرجهم من باب بنى شيبة؟
وماذا عن باقى الابواب؟
هذه اشبة باساطير الاغريق.

 

الحجاج فالعراق

بعد ان امضي الحجاج زهاء عامين و اليا على الحجاز نقلة الخليفة و اليا على العراق بعد و فاة اخية بشر بن مروان،
وكانت الامور فالعراق بالغة الفوضي و الاضطراب.
فلبي الحجاج امر الخليفة و اسرع فسنة (75ه 694م) الى الكوفة،
وحشد الناس للجهاد ضد الخوارج كما سياتى تفصيله.
ثم حدثت حركة تمرد فصفوف الجيش،
بقيادة ابن الجارود بعد ان اعلن الحجاج عزمة على انقاص المحاربين من اهل العراق 100 درهم،
ولكن الحجاج تمكن من اخماد الفتنة،
وعفا عن المتمردين الا بعض قادتهم.
ثم تطلع الحجاج بعد ان قطع دابر الفتنة،
واحل الامن و السلام الى استئناف حركة الفتوحات الاسلامية التي توقفت بسبب الفتن و الثورات التي غلت يد الدولة،
وكان يامل فان يقوم الجيش الذي بعثة تحت قيادة ابن الاشعث بهذه المهمة،
وكان جيشا عظيما انفق فاعدادة و تجهيزة اموالا طائلة حتي اطلق عليه جيش الطواويس،
لكنة نكص على عقبية و اعلن الثورة،
واحتاج الحجاج الى سنوات ثلاثة (81-83 ة – 700-702م) حتي اخمد هذي الفتنة العمياء.
واثناء هذي السنين الصعبة،
حقق ابن الاشعث عددا من الانتصارات فغرة ذلك،
واعلن العصيان،
وخلع طاعة الخليفة،
وكان فنفسة عجب و خيلاء و اعتداد كريه.
وازرة عدد منكبيرة التابعين انغروا بدعوته،
واضطرب امر العراق و سقطت الكوفة و البصرة فايدى المتمردين،
وعرض عليهم الخليفة خلع الحجاج،
فرفضوا و اصروا على القضاء على الخلافة الاسلامية.
غير ان الحجاج صمد و استبسل حتي جاء الجيش الشامي،
وتمكن من سحق عدوة فمعركة دير الجماجم سنة (83 ه 702م)،
ثم انتحر ابن الاشعث.
لقد قتل فهذه الفتنة اعداد عظيمة من المسلمين.
بل معظم الذين قتلهم الحجاج فو لايتة كانوا من المشتركين فهذه الفتنة العظيمة التي عطلت الفتوحات و كادت تقضى على الخلافة الاسلامية،
وهذا اسباب تشددة بعكس تعاملة مع ثورة ابن الجارود.

الفتوحات الاسلامية

بعد اخماد الفتنة،
عاود الحجاج سياسة الفتح،
وارسل الجيوش المتتابعة،
واختار لها القادة الاكفاء،
مثل قتيبة بن مسلم الباهلي،
الذى و لاة الحجاج خراسان سنة (85ه 704م)،
وعهد الية بمواصلة الفتح و حركة الجهاد؛
فابلي بلاء حسنا،
ونجح ففتح ما و راء النهر و انتشر الاسلام فهذه المناطق و اصبح كثير من مدنها مراكز هامة للحضارة الاسلامية كبخاري و سمرقند.
وهنا نذكر ان مساحة فتوح قتيبة بن مسلم الباهلى و حده،
تبلغ اربعين بالمائة من مساحة الاتحاد السوفييتى السابق و ثلاثا و ثلاثين بالمئة من مساحة الصين الشعبية فالوقت الحاضر.
وان سكان المناطق التي فتحها فبلاد ما و راء النهر و تركستان الشرقية ضمن الاتحاد السوفييتى و الصين لا يزالون مسلمين حتي اليوم،
ويعتزون بالاسلام دينا.
هذا فضلا عن فتوحات باقى قادة الحجاج،
وباقى و لاة بنى امية.

وبعث الحجاج بابن عمة محمد بن القاسم الثقفى لفتح بلاد السند،
وكان شابا عمرة 17 سنة،
ولكنة كان قائدا عظيما موفور القدرة،
نجح اثناء فترة قصيرة لا تزيد عن خمس سنوات (89-95ه 707-713م) فان يفتح مدن و ادى السند (باكستان حاليا)،
وكتب الى الحجاج يستاذنة ففتح قنوج اعظم امارات الهند التي كانت تمتد بين السند و البنغال فاجابة الى طلبة و شجعة على المضي،
وكتب الية ان «سر فانت امير ما افتتحته»،
وكتب الى قتيبة بن مسلم عاملة على خراسان يقول له: «ايكما سبق الى الصين فهو عامل عليها».

وقال ابن كثير فتاريخة (9|104) عن الجهاد فعهدى بنى امية: «فكانت سوق الجهاد قائمة فبنى امية ليس لهم شغل الا ذلك،
قد علت كلمة الاسلام فمشارق الارض و مغاربها،
وبرها و بحرها.
وقد اذلوا الكفر و اهله،
وامتلات قلوب المشركين من المسلمين رعبا،
لا يتوجة المسلمون الى قطر من الاقطار الا اخذوه.
وكان فعساكرهم و جيوشهم فالغزو الصالحون و الاولياء و العلماء منكبيرة التابعين،
فى جميع جيش منهم شرذمة عظيمة ينصر الله بهم دينه.
فقتيبة بن مسلم يفتح فبلاد الترك،
يقتل و يسبى و يغنم،
حتي وصل الى تخوم الصين،
وارسل الى ملكة يدعوه،
فخاف منه و ارسل له هدايا و تحفا و اموالا كثيرة هدية،
وبعث يستعطفة مع قوتة و كثرة جنده،
بحيث ان ملوك تلك النواحى كلها تؤدى الية الخراج خوفا منه.
ولو عاش الحجاج لما اقلع عن بلاد الصين،
ولم يبق الا ان يلتقى مع ملكها،
فلما ما ت الحجاج رجع الجيش كما مر… و محمد بن القاسم ابن اخي الحجاج يجاهد فبلاد الهند و يفتح مدنها فطائفة من جيش العراق و غيرهم».
ولو عاش الحجاج لاكمل قتيبة فتح الصين كلها،
ولاكمل ابن القاسم فتح الهند.
فرحمة الله عليك يا ابا محمد.

اصلاحات الحجاج

وفى الفترة التي قضاها الحجاج فو لايتة على العراق قام بجهود اصلاحية عظيمة،
ولم تشغلة الفترة الاولي من و لايتة عن القيام بها،
وشملت هذي الاصلاحات النواحى الاجتماعية و الصحية و الادارية و غيرها؛
فامر بعدم النوح على الموتي فالبيوت،
وبقتل الكلاب الضالة،
ومنع التبول او التغوط فالاماكن العامة،
ومنع بيع الخمور،
وامر بانشاء الجسور،
وانشا صهاريج لتخزين مياة الامطار،
وامر بحفر الابار فالمناطق المقطوعة،
ومنع هجرة اهل الريف الى المدن.
ومن اعمالة ال كبار بناء مدينة و اسط بين الكوفة و البصرة،
واختار لها مكانا بين الكوفة و البصرة و الاحواز لتكون عاصمة الخلافة،
فجعل القسم الشرقى منها لسكن الجيش الشامي حتي لا يفسدة العراقيون،
والقسم الغربى جعل به دوائر الدولة.
وكان الحجاج يختار و لاتة من ذوى القدرة و الكفاءة،
ويراقب اعمالهم،
ويمنع تجاوزاتهم على الناس.
وقد اسفرت سياستة الحازمة عن اقرار الامن الداخلى و الضرب على ايدى اللصوص و قطاع الطرق.

ومن اهم انجازات الحجاج هو تعريبة للدواوين،
مما مكن العرب للمرة الاولي من شغل الوظائف الادارية فالدولة بعد ان كانت حكرا على الفرس.
ونجح ايضا فاصدار الدراهم العربية و ضبط معيارها،
قام باصلاح حال الزراعة فالعراق بحفر الانهار و القنوات،
واحياء الارض الزراعية.
واهتم بالفلاحين،
واقرضهم،
ووفر لهم الحيوانات التي تقوم بمهمة الحرث؛
وذلك ليعينهم على الاستمرار فالزراعة.

نقط المصحف

ومن اجل الاعمال التي قام فيها الحجاج: امرة بتشكيل المصاحف كما ذكرنا هذا بالتفصيل.
ونسب الية تجزئة القران،
ووضع اشارات تدل على نص القران و ثلثة و ربعة و خمسه،
ورغب فان يعتمد الناس على قراءة واحدة،
واخذ الناس بقراءة عثمان بن عفان،
وترك غيرها من القراءات،
وكتب مصاحف عديدة موحدة و بعث فيها الى الامصار.

الحجاج مع بنى هاشم

كانت الكوفة هي مركز التشيع التقليدي،
ومنها خرج المختار الثقفى (والى ابن الزبير) بثورتة الشيعية،
ثم ادعي النبوة.
ومن هنا يقارن بعض الناس بين المختار و الحجاج،
فيقولون ذلك كذاب و ذلك مبير،
وهذا شيعى و ذاك ناصبي،
ويجعلانهما فنفس المستوى،
وفى ذلك اجحاف و ظلم.
قال شيخ الاسلام فمنهاج السنة النبوية (2|36): «والحجاج بن يوسف خير من المختار بن ابي عبيد.
فان الحجاج كان مبيرا -كما سماة النبى (ص)- يسفك الدماء بغير حق،
والمختار كان كذابا يدعي النبوة و اتيان جبريل اليه.
وهذا الذنب اعظم من قتل النفوس.
فان ذلك كفر،
وان كان لم يتب منه كان مرتدا،
والفتنة اعظم من القتل».

اضافة الى ان مسالة اتهام الحجاج بالنصب بها نظر.
فهو لم يتعرض لبنى هاشم طوال فترة حكمه،
لا فالحجاز و لا فالعراق.
بل كان معظما لهم،
وتزوج امراة منهم و اعظم صداقها.
وقد دخل عليه احد قتلة الحسين،
فلم يرحب فيه الحجاج و بشرة بالنار.
اذ روي الطبرانى (3|111) باسناد صحيح،
وابن معين فالتاريخ رواية الدورى (3|498) باسناد حسن ان الحجاج قال يوما: «من كان له بلاء فليقم فلنعطة على بلائه».
فقام رجل (سنان) فقال: «قتلت الحسين».
قال: «وكيف قتلته؟».
قال: «دسرتة بالرمح دسرا،
وهبرتة بالسيف هبرا،
وما اشركت معى فقتلة احدا».
قال: «اما انك و اياة لن تجتمعا فمكان واحد» (اى فالجنة).
واخرجة و لم يعطة شيئا.
لذا قال د.
الصلابي فكتابة “الدولة الاموية” (3|63): «وكان الحجاج يحترم اهل المنزل و يكرمهم… و ما يذكر فكتب التاريخ من كون الحجاج نصب العداء لاهل المنزل غير صحيح».

قال ابن تيمية فمجموع الفتاوي (4|504): «وهذا مما يقوله هؤلاء الجهال ان الحجاج بن يوسف قتل الاشراف و اراد قطع دابرهم،
وهذا من الجهل باحوال الناس.
فان الحجاج مع كونة مبيرا سفاكا للدماء قتل خلقا كثيرا،
لم يقتل من اشراف بنى هاشم احدا قط.
بل سلطانة عبدالملك بن مروان نهاة عن التعرض لبنى هاشم -وهم الاشراف- و ذكر انه اتي الى الحرب لما تعرضوا لهم -يعني لما قتل الحسين-.
ولا يعلم فخلافة عبدالملك و الحجاج -نائبة على العراق- انه قتل احدا من بنى هاشم».
وقال فجامع المسائل (4|157): «وكما يروون ان الحجاج بن يوسف قتل اشراف بنى هاشم،
وهذا كذب ايضا،
فان الحجاج مع ظلمة و غشمة صرفة الله عن بنى هاشم،
فلم يقتل منهم احدا،
وبذلك امرة خليفتة عبدالملك،
وقال: “اياك و بنى هاشم ان تتعرض الى احد،
فانى رايت ال حرب لما تعرضوا للحسين اصابهم ما اصابهم”،
او كما قال.
ولم يقتل فدولة بنى مروان من الاشراف بنى هاشم من هو معروف،
(الا) زيد بن على بن الحسين لما صلب بالكوفة.
وقد تزوج الحجاج ابنة عبدالله بن جعفر و اعظم صداقها،
فلم يروة كفؤا لها و سعوا فمفارقتة اياها».

مواعظ الحجاج

كان للحجاج مواعظ بليغة مؤثرة،
فمنها:

قال على المنبر: «رحم الله امرؤا جعل لنفسة خطاما و زماما،
فقادها لخطامها الى طاعة الله،
وعطفها بزمامها عن معصية الله.
فانى رايت الصبر عن محارم الله ايسر من الصبر على عذابه».
(الكامل 1|93).

قال: «اللهم ارنى الغى غيا فاجتنبه،
وارنى الهدى هدي فاتبعه،
ولا تكلنى الى نفسي فاضل ضلالا بعيدا،
والله ما احب ان امضى من الدنيا بعمامتى هذه،
ولما بقى اشبة بما مضي من الماء بالماء».
(الكامل 1|93).

قال الحسن البصري: لقد و قذتنى كلمة سمعتها من الحجاج.
سمعتة يقول: «ان امرؤا ذهبت ساعة من عمرة فغير ما خلق له،
لحرى ان تطول عليه حسرتة يوم القيامة».
(البيان 2|99،
الكامل 1|93).

وعن المغيرة بن مسلم قال: سمعت ابي يقول: خطبنا الحجاج بن يوسف فذكر القبر فما زال يقول «انة بيت =الوحدة و بيت =الغربة» حتي بكي و ابكي من حولة (البداية و النهاية 9|117).

قال الشعبي: سمعت الحجاج يتكلم بكلام ما سبقة الية احد،
سمعتة يقول: «اما بعد،
فان الله عز و جل كتب على الدنيا الفناء،
وعلي الاخرة البقاء،
فلا فناء لما كتب عليه البقاء و لا بقاء لما كتب عليه الفناء،
فلا يغرنكم شاهد الدنيا من غائب الاخرة،
فطول الامل يقصر الاجل».
(العاقبة 86،
مروج الذهب 3|159)

«ايها الناس،
ان الامال تطوى،
والاعمار تفنى،
والابدان تحت التراب تبلى.
وان الليل و النهار يتراكضان كتراكض البريد،
يقربان جميع بعيد و يبليان جميع جديد.
وفى هذا -عباد الله- ما يلهى عن الشهوات و يسلى عن اللذات و يرغب فالباقيات الصالحات».

«اكثروا من ذكر هادم اللذات الموت.
فانكم ان ذكرتموة فضيق و سعة عليكم فرضيتم فيه فاجرتم،
وان ذكرتموة فغني نغصة عليكم فجدتم فيه فاثبتم.
ان المنايا قاطعات الامال و الليالي مدنيات الاجال،
وان المؤمن بين يومين: يوم ربما مضي احصي به عملة فختم عليه،
ويوم ربما بقى لعلة لا يصل اليه.
ان العبد عند خروج نفسة و حلول رمسة يري جزاء ما اسلف و قلة غناء ما خلف.
ولعلة من باطل جمعة او من حق منعه».
(العاقبة فذكر الموت لعبد الحق الاشبيلى ص87).

وعن ما لك بن دينار قال: غدوت الى الجمعة فجلست قريبا من المنبر،
فصعد الحجاج المنبر بعدها قال: «امرؤ زور عمله،
امرؤ حاسب نفسه،
امرؤ فكر فيما يقرؤة فصحيفتة و يراة فميزانه،
امرؤ كان عند قلبة زاجرا و عند همة ذاكرا،
وامرؤ اخذ بعنان قلبة كما ياخذ الرجل بخطام جمله،
فان قادة الى طاعة الله قبلة و تبعه،
وان قادة الى معصية الله كفه»،
قالوا: حتي بكي ما لك بن دينار.
(تاريخ العرب فالاسلام 493).

 20160704 1507

روي الاصمعى ان الحجاج مرض فارجف الناس بموته،
فخطبهم بعد ابلالة فقال: «ان طائفة من اهل الشقاق و النفاق نزغ الشيطان بينهم،
قالوا: “مات الحجاج”.
واذا ما ت فمه؟
فهل يرجو الحجاج الخير الا بعد الموت؟
والله ما يسرنى ان لا اموت و ان لى الدنيا و ما فيها.
وما رايت الله رضى التخليد الا لاهون خلقة عليه،
ابليس،
قال الله له: { انك من المنظرين } فانظرة الى يوم الدين.
ولقد دعا الله العبد الصالح فقال: { هب لى ملكا لا ينبغى لاحد من بعدى } فاعطاة الله هذا الا البقاء.
ولقد طلب العبد الصالح الموت بعد ان تم له امره،
فقال: { توفنى مسلما و الحقنى بالصالحين }.
فما عسي ان يصبح ايها الرجل؟
وكلكم هذا الرجل.
كانى و الله بكل حى منكم ميتا،
وبكل رطب يابسا،
ثم نقل فثياب اكفانة الى ثلاثة اذرع طولا فذراع عرضا،
فاكلت الارض لحمه،
ومصت صديدة ،

وانصرف الخبيث من و لدة يقسم الخبيث من ما له،
ان الذين يعقلون يعقلون ما اقول»،
ثم نزل.

وفاة الحجاج

اصيب الحجاج فاخر عمرة بما يخرج انه سرطان المعدة.
وتوفى بمدينة و اسط فالعشر الاخير من رمضان 95ة (714م)،
وقيل فليلة القدر،
ولعلة علامة على حسن الخاتمة.
قال محمد بن المنكدر: كان عمر بن عبدالعزيز يبغض الحجاج فنفس عليه بكلمة قالها عند الموت: «اللهم اغفر لى فانهم زعموا انك لا تفعل».
وروي الغسانى (لم اعرفه) عن عمر بن عبدالعزيز انه قال: «ما حسدت الحجاج عدو الله على شيء حسدى اياة على: حبة القران و اعطائة اهلة عليه،
وقوله حين حضرتة الوفاة: “اللهم اغفر لى فان الناس يزعمون انك لا تفعل”».
وقال الاصمعي: لما حضرت الحجاج الوفاة انشا يقول:

يا رب ربما حلف الاعداء و اجتهدوا * باننى رجل من ساكنى النار


ايحلفون على عمياء؟
ويحهم * ما علمهم بكريم العفو غفار؟

قال فاخبر بذلك الحسن فقال: «تالله ان نجا لينجون بهما».

الحجاج فالتاريخ

اختلف المؤرخون فشخصية الحجاج بين مدح و ذم،
،
ولكن الحكم عليه دون دراسة عصرة المشحون بالفتن و القلاقل،
يؤدى الى نتيجة بعيدة عن الامانة و النزاهة.
ولا يختلف احد فانه اتبع اسلوبا حازما مبالغا فيه،
واسرف فقتل الخارجين على الدولة،
ولكن هذي السياسة هي التي ادت الى استقرار الامن فمناطق الفتن و القلاقل التي عجز الولاة من قبلة عن التعامل معها.
ويقف ابن كثير فمقدمة المؤرخين القدماء الذين حاولوا انصاف الحجاج؛
فيقول: «ان اعظم ما نقم على الحجاج و صح من افعالة سفك الدماء،
وكفي فيه عقوبة عند الله،
وقد كان حريصا على الجهاد و فتح البلاد،
وكانت به سماحة اعطاء المال لاهل القران؛
فكان يعطى على القران كثيرا،
ولما ما ت لم يترك فيما قيل الا 300 درهم».

شخصية الحجاج

كان الحجاج معروفا بحسن عبادته،
وغيرتة على القران.
وكان مبتعدا عن الملذات،
زاهد فالمال.
وكان صاحب مواعظ بليغة.
معروف ببعدة عن صفات النفاق الثلاثة.
وكل ذلك لا ينف كونة مغاليا فالتكفير.
اى انه كان يفعل ما يفعلة تدينا و تقربا الى الله!!
حتي انه لقب نفسة ب”مبير المنافقين”!
والنصوص التاريخية موافقة لذلك،
اذكر بعضها:


عن ابي بكر بن ابي خيثمة عن بحر بن ايوب عن عبدالله بن كثير: ان الحجاج صلى مرة بجنب سعيد بن المسيب (قبل ان يلى شيئا)،
فجعل يرفع قبل الامام و يقع قبلة فالسجود.
فلما سلم اخذ سعيد بطرف ردائة –وكان له ذكر بعد الصلاة–.
فما زال الحجاج ينازعة بردائه،
حتي قضي سعيد ذكره.
ثم اقبل عليه سعيد فقال له: «يا سارق،
يا خائن.
تصلى هذي الصلاة؟
لقد هممت ان اضرب بهذا النعل و جهك».
فلم يرد عليه.
ثم مضي الحجاج الى الحج،
فعاد الى الشام.
ثم جاء نائبا على الحجاز.
فلما قتل ابن الزبير،
كر راجعا الى المدينة نائبا عليها.
فلما دخل المسجد،
اذا مجلس سعيد بن المسيب.
فقصدة الحجاج،
فخشى الناس على سعيد منه.
فجاء حتي جلس بين يديه،
فقال له: «انت صاحب الكلمات؟».
فضرب سعيد صدرة بيدة و قال: «نعم».
قال: «فجزاك الله من معلم و مؤدب خيرا.
وما صليت بعدك صلاة الا و انا اذكر قولك».
ثم قام و مضى.


«كان مشهورا بالتدين و ترك المحرمات كالمسكر و الزنا و يتجنب المحارم».
(البداية و النهاية 9|133).


«عرف عن الحجاج صلاته،
وامامتة بعديد من الصحابة،
وخطبة فيهم.
وعرف عنه عبادته».
(اغاليط المؤرخين 200).


وقال بعض السلف: «كان الحجاج يقرا القران جميع ليلة».
(البداية و النهاية 9|119،
تاريخ العرب فالاسلام 493).


«وكان به سماحة باعطاء المال لاهل القران،
فكان يعطى على القران كثيرا.
ولما ما ت لم يترك فيما قيل الا ثلاثمئة درهم».
(البداية و النهاية 9|133).


وعن ابراهيم بن هشام عن عمر بن عبدالعزيز انه قال: «ما حسدت احدا،
حسدى الحجاج على حبة القران و اعطائة اهلة عليه».


ولا عجب من حبة للقران،
فقد كان ابوة معلما للقران بلا مقابل.
وبدا الحجاج حياتة ايضا حتي انضم للشرطة.
وهو الذي امر بتشكيل القران (وفق قراءة عثمان).


قال الغازى بن ربيعة للحجاج: «يا ابا محمد،
ارايت هذي الدماء التي اصبت،
هل يحييك فنفسك منها شيء،
او تتخوف لها عاقبة؟».
قال: فجمع يدة فضرب فيها فصدري،
ثم قال: «يا غاز ارتبت فامرك،
او شككت فطاعتك؟
والله ما اود ان لى لبنان و سنير ذهبا مقطعا انفقها فسبيل الله مكان ما ابلانى الله من الطاعة».

 20160704 1508

  • هل حقا كان الحجاج ظالما كما يزعمون؟
  • لنجيب على السؤال فعلينا ان نعرف ما المقصود بالظلم اولا.
    الظلم لغة: وضع الشيء غير موضعة تعديا (مقاييس اللغة 3|468).
    الظلم شرعا: الظلم وضع الشيء فغير موضعه،
    والتصرف فحق الغير،
    ومجاوزة حد الشارع (الكليات ص594).
  • فاذا اردت ان تعلم الفرق بين الظلم فعصر السلف و بين عصرنا فاليك هذي القصة: رجال داعية هارب من بلده،
    ليس له هم الا ارشاد العباد.
    ذهب مرة الى الحج،
    وهنالك فمكة المكرمة،
    تعرف عليه رئيس و فد الحجاج من بلده،
    وهو –طبعا– ضابط مخابرات.
    فتم التدبير لخطفة بعدها تعذيبة حتي الموت فالشهر الحرام و البلد الحرام،
    ثم احرق و جهة و القى فالصحراء.
    وهذا رجل من حركة تبليغ التي لا تتدخل ابدا فالسياسة،
    وانما قتلوة لانة يدعو للاسلام.
    وليس ذلك اشد الظلم فعصرنا بل هو مما اعتدنا على سماعة حتي ان الناس لا تستغرب سماع كهذه القصص.
    فهل كان ذلك كظلم الحجاج؟
    الله لا.
    وانما غاية ما يصبح من الحجاج هو القسوة فالعقوبة للمذنب.
  • ولعل البعض يسال: لماذا الدعوة الى انصاف الحجاج؟
    اقول ان العدل و الانصاف و اجب مع جميع الناس.
    {ولا يجرمنكم شنان قوم على الا تعدلوا}.
    وليس الحجاج و حدة هو المقصود بل التاريخ الاسلامي كله يحتاج الى دفاع عما الحقة فيه المفترون من اكاذيب.
    فمرة كنت اخر صديقا لى عن عزة المسلمين ايام الصحابة و التابعين،
    فتمعر و جهة و قال: لا اعادها الله علينا.
    فقلت: لم؟!
    قال: كان الحجاج فايامهم اذا غضب على رجل امر فيه فقطع راسه.
    اليوم حالنا افضل!!
  • اقول: شتان ما بين عصرنا و عصرهم،
    وما بين حالهم و حالنا،
    وما بين حكامهم و حكامنا.
    والحادثة التي اشار اليها صاحبى هي قصة عمير بن ظابئ التميمى من اشراف الكوفة،
    وهو اول رجل يقتلة الحجاج بعد تولية الكوفة.
    حيث انه لما وصل اليها،
    وصعد المنبر،
    قال عمير: «لعن الله بنى امية حيث يستخدمون كهذا»،
    واراد ان يرمية بالحجارة.
    وهي عادة لاهل الكوفة من قبل.
    فلما خطب الحجاج خطبتة الشهيرة التي يقول فيها «انى لاري رؤوسا ربما اينعت و حان قطافها و انني لصاحبها»،
    سقط الحصي من يدة و هو لا يشعر من شدة الرعب.
    ثم امر الحجاج الجنود الاحتياط باخذ عطائهم (الراتب السنوي) و التجهز للخروج فجيش المهلب لجهاد الخوارج،
    وانذرهم ثلاثة ايام للخروج الى المعسكر خارج الكوفة.
  • لكن اهل الكوفة تقاعسوا عن الجهاد و ارادوا القيام بتمرد،
    فتجمعوا فاليوم الثالث و كبروا تكبيرا عاليا فالسوق،
    فقام اليهم الحجاج و صعد على المنبر و قال: «يا اهل العراق،
    يا اهل الشقاق و النفاق،
    ومساوئ الاخلاق،
    انى سمعت تكبيرا فالاسواق ليس بالتكبير الذي يراد فيه الترغيب،
    ولكنة تكبير يراد فيه الترهيب.
    وقد عصفت عجاجة تحتها قصف.
    يا بنى اللكيعة و عبيد العصا و ابناء الاماء و الايامى،
    الا يربع جميع رجل منكم على ظلمه،
    ويحسن حقن دمه،
    ويبصر موضع قدمه؟
    فاقسم بالله لاوشك ان اوقع بكم و قعة تكون نكالا لما قبلها و ادبا لما بعدها».
    فقام الية عمير بن ضابئ فقال: «انا شيخ كبير و عليل: و ذلك ابنى هو اشب مني».
    فقبل الحجاج منه و قال: «هذا خير لنا من ابيه».
    فقال عنبسة للحجاج: «اتعرف هذا»؟
    قال: «لا».
    قال: «هذا احد قتلة عثمان».
    فقال الحجاج: «اى عدو الله!
    افلا الى امير المؤمنين بعثت بديلا؟
    انى لاحسب ان فقتلك صلاح المصرين».
    ثم امر فيه فضربت عنقه.
    فخاف الناس و خرجوا جميعا للجهاد (الكامل 2|281،
    الطبرى 3|550)،
    حتي قال واحد لصحابه:
  • تجهز و اسرع فالحق الجيش لا اري … سوي الجيش الا فالمهالك مذهبا


    تخير فاما ان تزور ابن ضابئ … عميرا و اما ان تزور المهلبا
  • فمن تامل ذلك و جد ان الحجاج كان محقا فقتلة لهذا المجرم،
    وان قتلة ربما حقق فوائد عظيمة.
    ولو لم يواجة الحجاج تمرد العراقيين بهذا الحزم لسقط فنظرهم و لخرجوا عليه كعادتهم.
    ومعلوم ان الجيش منذ ايام عمر ينقسم الى جند نظاميين،
    وجند احتياط (وهم الغالبية) يتم استدعائهم عند الحملات الجهادية،
    ويصرف لهم راتب سنوى يسمي العطاء.
    وكانت عقوبة المتخلف عن الجهاد ان تنزع عمامتة امام الناس (عقوبة معنوية)،
    فلما تغير اهل العراق و لم يعد ذلك ينفع،
    اضاف الية مصعب بن الزبير حلق الراس و اللحية،
    ثم اضاف بشر بن مروان تعليق الرجل بمسمارين على الحائط.
    فلما جاء الحجاج و وجد ذلك غير نافع،
    امر بقتل الجندى المتخلف عن الجهاد.
    فانتظم الناس و رجعت الفتوحات الى ما كانت فعهد عمر.
    نعم كان الحجاج قاسيا فعقوبته،
    لكن عامة الذين عاقبهم كانوا مخطئين،
    ولم تنفع معهم عقوبة اقل مما اوقع الحجاج،
    وباب التعزير مفتوح حسب ما يري و لى الامر.
  • فاين ذلك و اين ما يجرى اليوم فزماننا؟
    الحجاج كان يقتل من يتخلف عن الجهاد،
    واليوم يقتل من يدعوا للجهاد!
    الحجاج كان افصح الناس،
    وكان حريصا على اللغة العربية لذا عرب الدواوين،
    واليوم بعض الحكام لا يستطيع ان يقرا صفحة من و رقة مشكلة!
    الحجاج فتح البلاد الواسعة،
    وبعض الحكام اليوم يبيعها للكفار.
    الحجاج كان يقرئ القران جميع ثلاث ليال،
    وهو الذي امر بتشكيلة و حفظه،
    فيما يحارب اليوم من يعلمة فبعض بلاد المسلمين.
    الحجاج ما ت و لم يترك الا 300 درهم،
    وبعض حكامنا يملكون مليارات الدولارات.
    بل هم اغني اغنياء العالم بتقرير فوربس.
    الحجاج ما تلتطخ اسمه قط بالفروج و الخمور،
    واما فعصرنا … الله المستعان.
    ثم تقول حالنا اليوم افضل؟
    لقد هزلت حتي بان هزالها.

 20160704 1509


اهم المعلومات عن الحجاج بن يوسف , سيرة الحجاج بن يوسف الثقفي