سنسمه على الخرطوم, تعرف على تفسير الأية الكريمة
قوله تعالى :سنسمه على الخرطومفيه مسالتان :
الاولى : قوله تعالى :سنسمهقالابن عباس:معنىسنسمهسنخطمه بالسيف . قال : وقد خطم الذي نزلت فيه يوم بدر بالسيف ; فلم
يزل مخطوما الى ان مات.وقالقتاده:سنسمهيوم القيامه على انفه سمه يعرف بها;يقال : وسمته وسما وسمه اذا اثرت فيه بسمه وكي . وقد قال تعالى :
يوم تبيض وجوه وتسود وجوهفهذه علامه ظاهره . وقال تعالى :ونحشر المجرمين يومئذ زرقاوهذه علامه اخرى ظاهره . فافادت هذه الايه علامه ثالثه وهي الوسم على الانف بالنار
; وهذا كقوله تعالى:يعرف المجرمون بسيماهمقاله[ص:220 ]الكلبيوغيره .وقالابو العاليهومجاهد :سنسمه على الخرطوماي على انفه ، ونسود وجهه في الاخره فيعرف بسواد وجهه.والخرطوم : الانف من الانسان . ومن السباع : موضع الشفه . وخراطيم القوم :
ساداتهم . قالالفراء:وان كان الخرطوم قد خص بالسمه فانه في معنى الوجه ; لان بعض الشيء يعبر
به عن الكل . وقالالطبري:نبين امره تبيانا واضحا حتى يعرفوه فلا يخفى عليهم كما لا تخفى السمه على الخراطيم
. وقيل : المعنى سنلحق به عارا وسبه حتى يكون كمن وسم على انفه . قالالقتبي:تقول العرب للرجل يسب سبه سوء قبيحه باقيه : قد وسم ميسم سوء ; اي
الصق به عار لا يفارقه ; كما ان السمه لا يمحى اثرها . قالجرير:
لما وضعت علىالفرزدقميسميوعلى البعيث جدعت انفالاخطل
اراد به الهجاء . قال : وهذا كله نزل فيالوليد بن المغيره.ولا نعلم ان الله تعالى بلغ من ذكر عيوب احد ما بلغه منه ; فالحقه
به عارا لا يفارقه في الدنيا والاخرة; كالوسم على الخرطوم . وقيل : هو ما ابتلاه الله به في الدنيا في
نفسه وماله واهله من سوء وذل وصغار ; قالهابن بحر.واستشهد بقولالاعشى:
فدعها وما يغنيك واعمد لغيرها بشعرك واعلب انف من انت واسم
وقالالنضر بن شميل:المعنى سنحده على شرب الخمر ، والخرطوم : الخمر ، وجمعه خراطيم ، قال الشاعر
:
تظل يومك في لهو وفي طرب وانت بالليل شراب الخراطيم
قال الراجزالعجاج:صهباء خرطوما عقارا قرقفاوقال اخر :
ابا حاضر من يزن يعرف زناؤه
ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرا
الثانيه : قالابن العربي:كان الوسم في الوجه لذي المعصيه قديما عند الناس ، حتى انه روي – كما
تقدم – اناليهودلما اهملوا رجم الزاني اعتاضوا منه بالضرب وتحميم الوجه ; وهذا وضع باطل . ومن
الوسم الصحيح في الوجه : ماراى العلماء من تسويد وجه شاهد[ص:221 ]الزور علامه على قبح المعصيه وتشديدا لمن يتعاطاها لغيره ممن يرجى تجنبه بما يرجى من
عقوبه شاهد الزور وشهرته ; فقد كان عزيزا بقول الحق وقد صار مهينا بالمعصيه . واعظم الاهانه
اهانه الوجه . وكذلك كانت الاستهانه به في طاعه الله سببا لخيره الابد والتحريم له على النار ; فان
الله تعالى قد حرم على النار ان تاكل من ابن ادم اثر السجود ; حسب ما ثبت في الصحيح .