مقالات منوعة جديدة

روايات عبير الرومانسية للقراءة

روايات عبير الرومانسية للقراءة Liilasup2 25A8B6B185

روايات عبير الرومانسيه للقراءة

روايات عبير الرومانسية للقراءة 9F5Cc9A8Faabbf56B84019Ee7Fe9072F

اليوم حبيت ان انقل لكم روايه غضب العاشق من روايات عبير الرومانسيه القديمه والمكتوبه وهي
جاهزه للقراه مع تمنياتي لكم بقضاء وقت ممتع .

غضب العاشق
اليزابيث غراهام

روايات عبير

الملخص

ينتظر الانسان شيئا مبهما غريبا في داخله … وفجاه تلتمع شراره في العيون ….يصاب القلب
بسهم خفي

وتتوق الروح الى الانفلات من المجهول,,, هذا ما حصل للمكسيكي الثري دييغو راميريز حين التقت
عيناه

بعيني لورا الجميلة, عارضه الازياء المشهوره على شاطئ الاكابولكو… لكن العاشق راميريز يعرف بان

لورا مخطوبه ولا امل له بالزواج منها… وهنا تلعب الاقدار لعبتها لتجمع راميريز بحبيبته في
ظل ظروف

غريبة, اعتبرتها لورا انتهازيه , وقاومت… لكن ما كتب على الجبين يجب ان تراه العين
… فهل تسعد لورا

بنصيبها وتقتنع به ؟ ام يخلصها خطيبها برانت من يد هذا المكسيكي المتعصب ؟

الفصل الاول ….
دعوه لم تتم ….

سيداتي ,انساتي , سادتي , دار الازياء مارينا يسعدها ان تستقبلكم في اول عرض لها
في مدينه اكابولكو . الجو الساحر يحيط بنا اوحي الينا بتسميه موضوع المجموعه ب ”
الاناقه تحت الشمس ” . وان عددا كبيرا من الناس بينكم ربما يتسائلون ما اذا
كانت هذه الاناقه ضروريه , فيما يتعلق باللباس الخاص لشاطئ البحر . دار مارينا تؤمن
بحزم ان المراه تهتم باناقتها وانوثتها , على الشاطئ كما في النوادي الليليه او السهرات
العائليه .”.
توقفت لورا ترانت لحظه و راحت تحدق في الجمهور الجالس وراء الطاولات من السياح الاميريكيين
الذين يعتبرون هذا الحدث نوعا من التسليه الاضافيه في وسط العديد من مختلف الموارد و
الثروات التي تشتهر بها محطه الحمامات المشهوره . لا يوجد الا عدد قليل من الشباب
. رجالا ام فتيات . ان معظمهم من الازواج في منتصف العمر . وبرغم الهواء
المكيف . كان العرق يتصبب من كل فرد و الرجال يمسحون وجوههم العاريه باستمرار .
والنساء تخلصن من حده الشمس التي تحرق بشرتهن و يتمتعن الان في الظل بينما يشاركن
في حضور عرض الازياء .
ولفت انتباه لورا امراه و رجل . الرجل لم يتوقف لحظه عن التفرس فيها مطولا
. ظاهريا لم يكن امريكيا . اذ عيناه السوداوان وانفه المعقوف و فمه المتعجرف وبشرته
السمراء الداكنه ,
كلها تشير الى انه من اصل اسباني . وكذلك المراه التي ترافقه . انها سمراء
ذات عينين سوداوين وشعر داكن , ترتدي فستانا اسود باكمام طويله يغطي قامتها الناضجه .

التفتت لورا من جديد نحو الرجل الذي كان يحدق فيها ثم نظرت الى الاوراق المطبوعه
على ركبتيها واضافت تقول للجمهور :
“والان ماريلا ستفتتح العرض في زي السباحه وستره الشاطئ المصنوعه من القماش نفسه “.
وظهرت على المنصه فتاه طويله القامه , سمراء , شديده النحافه وحدها لورا بعينيها الزرقاوين
المدربتين ,يمكنها ان تكشف توتر هذه العارضه المبتدئه . لكن مع الوقت سوف تكتسب هذه
الفتاه المكسيكيه خبره تجعلها عارضه ازياء من الطراز الاول … وكانت لورا تشرح للجمهور التفاصيل
التي تجعل من هذا الموديل الاناقه و الخفه معا
لكنها استغربت عندما رات ان الفتاه تفقد هدوئها وتضطرب وهي تقترب من المكان الذي يجلس
فيه الزوجان المكسيكيان , و بينما كانت عارضه الازياء تعود الى حيث بدات متوتره ,
القت لورا نظره سريعه مرتبكه ومتردده الى الزوجين …
الرجل قطب حاجبيه في استهجان واضح … وبدا انه لا يستحسن رؤيه واحده من بنات
بلده تعرض امام الرجال ازياء السباحه . ورددت لورا لنفسها وهي تهز كتفيها النحيلتين :
” هؤلاء اللاتينيين لم يتحرروا بعد .
ثم عادت لتكمل تعليقها حول الموضه و تشرح بوضوح فوائد كل زي ترتديه عارضه الازياء
التي تمر من امامها . في الاجمال . كانت سعيده من النتائج بعد اسابيع قليله
من التمارين .
ومتى اصبح الموظفون المحليون المكسيكيون العاملون في المحل الجديد قادرين على ان يعتمدوا على انفسهم
. حينئذ يمكن للورا ان تعود الى لوس انجلوس …. وبالتالي تلتحق بخطيبها برانت .
لكن لا داعي للاسترسال في الافكار خلال عرض الازياء .
وعندما انتهى العرض , سرت النساء الامريكيات بالموديلات التي بدت شديده الاناقه على اجسام عارضات
الازياء اللواتي لوحت الشمس اجسامهن . وبدان يطلبن منها بالكميات …
ايلينا , الفتاه المكلفه باداره الفرع بعد ذهاب لورا ساعدتهن في التوجه الي المحل الواقع
في الفندق نفسه .
ولما عادت لورا الى الكواليس .. راحت تهنئ عارضات الازياء الاربع بحراره لهذا العرض الافتتاحي
.. وحدها ماريلا لم تكن راضيه عن نفسها و لم ترد على ابتسامتها ..
فاذا بلورا تقترب منها و تسالها بعدما اسندت ظهرها الى الحائط و كتفت يديها :”
ماريلا… ماذا بك ؟”.
بدت الفتاه المكسيكيه بشعرها الاسود اللامع المرفوع بكعكه الى اعلى راسها ايه في الجمال .
لكنها ظلت صامتة
فاكملت لورا الكلام وقالت :” كل شئ كان رائعا الى ان وصلت الى نهايه المنصه
. ماذا حدث حينئذ “.
اجابت الفتاه بعد تردد ظاهر : ” السينيور راميريز , انه لا يحب رؤيه امراه
ترتدي زي السباحه , الا اذا كانت تسبح او تتشمس على الشاطئ “.
فقالت لورا باستغراب وبلهجه لاذعه :” في هذه الحال , لماذا جاء يحضر العرض ,
يا لهذه السخافه المضحكه !! ومن يكون السينيور …..السينيور راميريز ؟؟ هل هو قريب لك
؟”.
اجابت ماريلا في نوع من الاحترام : ” اه ! لا !! ان السينيور دييغو
راميريز هو احد اهم شخصيات المكسيك . انه من عائله عريقه وقديمه لها تاثير كبير
في بلادنا . ان السينيور دييغو هو …….”
قاطعتها لورا غاضبه ان ترى النساء اللواتي يعشن في القرن العشرين لا يزلن يخضعن للتقاليد
الباليه … ” ليس هذا امتيازا يعطيه الحق في ان يقرر اين ومتى يمكن للمراه
ان ترتد زي السباحه .المراه التي ترافقه لا شك في انها مضطره الى ان تخضع
لرغباته لكن لا شان له معك . ما بالك . لا حق له عليك ,
اليس كذلك ؟؟”.
وخلال عرض الازياء فوجئت لورا مرات عديده بالمراه المكسيكيه التي ترافقه وهي تعرب له عن
اعجابها ببعض ازياء البحر , لكنه كان يرد عليها بهز راسه بنفاذ صبر .
قالت ماريلا :” اه .. مسكينه سينيورا راميريز .. برغم شبابها … لاقت الكثير من
العذاب “!!
اجابت لورا في اقتناع وهي تتذكر نظره الرجل المكسيكي الملحه :” اني اصدق ما تقولينه
“.
بعدما ابتعدت ماريلا , اقترب نائب رئيس الفندق من لورا و سالها ما اذا كان
الموظفون مستعدين للبدء بتحضير القاعه للحفله الراقصه . وبعدما وافقت لورا على ذلك , راحت
تدقق بسرعه بالفساتين وازياء السباحه الموضوعه في الخزائن . ثم غادرت الغرفه متوجهه الى القاعه
الكبرى التي تطل بابوابها العريضه الزجاجيه على البهو الشاسع ….. الاشجار و الشجيرات المزروعه في
احواض كبيره تضفي على المكان جو المشاتل .. ومن بين المشاتل الزنبقيه لمحت لورا الرجل
الذي اربك منذ لحظات عارضه الازياء المكسيكيه ..ماريلا .
“انسه ترانت , هل في امكاني ان احدثك قليلا “؟.
كانت لغه الانجليزيه كامله .لاشك في انه تعلم في احسن المعاهد الاوروبيه او الامريكيه بالنسبه
الى السياح الذين يهملون اناقتهم , كان يرتدي بذله بيضاء وربطه عنق مضلعه تظهر اناقته
الفاحشه …كان طويل القامه .. اطول مما كانت تتصوره عندما كان جالسا . ولورا هي
ايضا ممشوقه القوام , ومع ذلك فكان عليها ان ترفع راسها حى تراه . وعن
قرب تبين لها ان عينيه السوداوين هما في الحقيقه بلون المخمل البني الغامق ..
اجابته ببرود : ” لا ارى مبررا لاي حديث , يا سينيور راميريز الا اذا
كنت ترغب في الاعتذار لازعاجك احدى عارضات الازياء خلال العرض “.
اجاب ببعض السخريه :
” لا , لم تكن هذه نيتي يا انسه ” .
” اذا , لا يوجد مبرر لتبادل الاحاديث بيننا سينيور راميريز …..”
كانت لورا تهم بمتابعه سيرها , لكنه تمسك بذراعها في سطوه وقال مبتسما :” ارى
انك تعرفين هويتي , يا انسه .. هذا يتيح لي المجال ان اعبر لك عن
نواياي , على ما اظن “.
قالت لورا في توتر وهي تخلص من قبضته :” نواياك !!؟ لا اعتقد ان ما
عندك يهمني حقا .
“” اذا انت تعتقدين ان دعوه الى العشاء هي نوع من الاقتراح “.
“دعوه الى العشاء ؟؟!! “.

روايات عبير الرومانسية للقراءة 20160709 183
قال وهو يسخر بلطف :” حتى ملكات الجمال بحاجه الى تناول بعض الاكل , ما
هو الغلط برغبتي في تناول العشاء برفقتك ؟ “.
“انك تهينني يا سينيور “.
” انا اهينك يا انسه ؟؟!! لا افهم …. كيف يمكن لامراه جميله ان تشعر
بالاهانه اذا دعاها رجل انيق الى العشاء ؟؟!!””.
ابتعدت لورا بسرعه بعدما رمقته بنظرات غاضبه و قالت : “لماذا لا تسال السينيورا راميريز
“”؟؟!!..
توجهت الى المحل غاضبه . كيف يمكن لهذا الرجل , المتزوج , ان يتجرا على
اعتبار ان كل النساء طرائد يسهل الحصول عليها “؟!
ولم يتغير راي لورا في السينيور دييغو راميريز عندما جاء في اليوم التالي لحضور العرض
الثاني والاخير لازياء الصيف . وفي هذه المره كان وحده . واعتذرت ماريلا عن العمل
بحجه انها مريضه .وبما ان لورا تتمتع بالمقاييس نفسها , فقد حلت محلها بلا استعداد,
واعطت الميكروفون الى الينيا . ارتدت لورا بذله السباحه المصنوعه من قماش القطن الاسود وفوقها
ستره طويله مقلمه سوداء و بيضاء , من قماش الحرير الشفاف تغلف جسمها النحيف .

واظهر الجمهور اعجابه بالبذله و راحت النساء تصفقن بحماس بينما الرجال يمسحون جباههم المتصببه عرقا
. ان مهنتها جعلتها تعرف كيف تجابه نظرات الاعجاب في عيون المشاهدين , لكن لورا
كادت ترتبك , كما سبق لماريلا ان فعلت , عندما لمحت عيني السينيور دييغو راميريز
تشعان غضبا واحتقارا .
قالت ايلينا وهي تملق لورا بنظره ساخره وهي توضب الثياب بعد العرض :” من الغريب
ان يحضر السينيور راميريز حفله العرض من دون ان تكون السينيورا معه .
الا تعتقدين ان هناك سببا اخر دعاه الى المجئ !؟”.
اجابت لورا بجفاف : ” مهما كان السبب , فهذا لا يعني لي شيئا “.

لكن عندما رات نظرات ايلينا المذهوله ,اضافت بلطف :” في بلادي يا الينا الرجال متحفظون
في طريقه التعبير عن اعجابهم بالنساء , وخاصه متى كانوا متزوجين !.”
فقالت ايلينا بذهول : ” لكن السينيور راميريز هو ……..”
فقاطعتها مرت سكرتيره المحل حين قالت للانسه ترانت : ” المعذره , انسه ترانت .
مطلوبه على الهاتف . مكالمه من لوس انجلوس “.
” شكرا مرتا . اني اتيه للحال “.
وبتصميم طردت دييغو راميريز من افكارها واسرعت الى المحل , لاشك ان المتصل هو تيم
كالديره المسؤول عن دار الازياء مارينا في لوس انجلوس , ويريد ان يعرف ما هي
رده فعل الجمهور على ازياء الصيف الجديده . فالدار تفتتح في الاكابولكو فرعها الاول .
ولكن , كل ما كانت تنوي ان تسرده عن هذا الانتصار الذي حققته الدار انمحى
عن شفتيها عندما عرفت صوت الرجل الذي يكلمها .
“اه برانت ! كنت اتصور ان المتصل هو تيم كالديره . ويريد الاخبار الاخيره حول
المعرض “.
فاجاب برانت بسخريه :” هل انت اسفه لسماع صوت خطيبك ؟!”.
تذكرت لورا في الحال صوره رجل جميل جذاب وبشوش واجابت وهي ما زالت تلهث :”
كلا بالطبع , في الواقع , اني ……اني افضل لو كنت هنا , معي !”

ضحك ثم قال :” احب ما تقولينه . يسرني ان اكون قادرا على الطيران اليك
, لكن قضيه مرسون باتت ذات اهميه اكبر مما كنت اتصوره ومعقده اكثر ايضا “.

برانت محام طموح وخو يعمل في قضيه ذات اهميه , من شانها ان تحقق له
الشهره التي يطمح اليها .
ولورا التي كانت تفضل ان تسمعه يهمس لها بكلمات حنونه , اضطرت الى سماعه يشرح
لها بالتفصيل موقفه امام المحكمه . وسرعان ما خف انتباهها , لماذا لا تكف عن
التفكير بهذاالمكسيكي الغاضب الذي كان يبدو قادرا على اعتلاءالمنصه و انتشالها من بين العارضات الى
مكان ما في اعماق الغابه ؟ لا شك في ان اسلافه الغزاه كانوا يتصرفون هكذا
, لو ان السينيور دييغو راميريز هو المتصل بها , هل كان يزعجها بالتفاصيل القضائيه
التي لا تفهمها , او يهمس لها بكلمات الحب في صوت مرتجف ؟
وفجاه قالت لورا عندما استعادت وعيها !
” ماذ … ماذا قلت …؟؟
هل طرح برانت عليها سؤالا ….. نعم , لكن ماذا ؟
اجاب مازحا ” لم تصغي الى كلمه واحده مما قلته “.
” بلى بلى …. لكن …. انا ايضا مرهقه في عملي ,, واعتقد ان الحراره
تزعجني “..
” هنا المطر يتساقط منذ ثلاثه ايام . اذا لا تتذمري من الحر “.
وفي كابه مريره حدقت لورا في الملف الجديد الموضوع امامها على المكتب . لم يسالها
اي شئ عن اعمالها . فقط ” لا تتذمري من الحر ……”
” لورا ” ؟؟.
تنهدت واجابت : ” نعم ” .

روايات عبير الرومانسية للقراءة 20160709 1953
” الست واقعه في غرام مكسيكي ذي عينين متقدتين ؟”.
اجابت وقد اغضبتها وقاحته : ” في الحقيقه , حتى الان , لم يتقدم سوى
رجل واحد .. انه جميل المظهر , غني , ودعاني الى تناول طعام العشاء معه
مساء امس “.
فسالها بسرعه :” وهل لبيت الدعوه ؟”.
اخيرا بدايهتم بها …..
” لا . اني خطيبتك , يا برانت . اذا كنت ما تزال تتذكر هذا
جيدا “.
“لا اسمح لك ان تنسي ذلك !”.
“لا تخف .لا خطر من ههذه الناحيه .
لكن , يا برانت , متى سنحدد موعد زواجنا ؟
لماذا الانتظار ؟ ويمكنني ان اظل اعمل بعد الزواج , و ….. ”
“ان زوجتي تبقى في المنزل وتهتتم بزوجها وباولادها , لكن لن نناقش هذا الموضوع الان
, على الهاتف .ان هذه المكالمه تكلفني كثيرا , اريد فقط ان اشرح لك لماذا
لم يتسن لي الوقت كي اكتب اليك .
فانا اعمل ليل نهار في هذه القضيه , متى تعتقدين انك ستعودين ؟”.
” لا اعرف بعد “.
انخفض صوته وقال : ” انا مشتاق اليك كثيرا يا حبيبتي “.

وبعدما وضعت لورا السماعه , ظلت جالسه مطولا امام المكتب , منغمسه في افكارها .

اطلقت زفره عميقه ثم نهض وخرجت من المحل الفارغ واقفلت الباب وراءها .
الشقه الصغيره المريحه التي تسكن فيها لورا خلال اقامتها في اكابولكو تقع في الطابق الرابع
من فندق بانوراما , حث يقع المحل الجديد ايضا . تطل الشقه على خليج صغير
.
ولا مره سئمت لورا هذا المنظر المطل على البحر الذي يبدو في النهار وكانه يعكس
بريق الحجاره النادره . وفي الليل تحت سماء مخمليه حافله بالنجوم .
ومن الشرفه كانت تشاهد الرياضيين يمارسون هوايه الهبوط بالمظلات فوق المياه الزرقاء ,
وفي الليل كانت تصغي الى الموسيقى التي يعزفها المكسيكيون على القيثاره والتي يتخللها رقصه الفولادور
حيث الرجال يتعلقون بالحبال على عمود متين موضوع في وسط القاعه ويحومون حوله في دوائر
تعلو مع ايقاع الموسيقى الصاخبه .
ومن وقت الى وقت يعلو نصفيق حماسي من القاعه اعجابا وتشجيعا .
وبلا وعي عمدت لورا الى اغلاق باب الشرفه والنافذه , فصوت الابواق بدا يزعجها .
لماذا هذه الموسيقى الشعبيه البدائيه تخلق فيها هذا الشعور بالوحده الكئيبه ؟
ولماذا تذكرها خاصه بالسينيور دييغو راميريز . هذا المكسيكي المتعجرف الزاثق من نفسه ؟
وبعد ان القت نظره سريعه على محتوى برادها في المطبخ الصغير , قررت لورا ان
تتوجه اله مطعم الفندق لتتناول طعام العشاء ,
فاخذت حماما سريعا ثم ارتدت فستانا طويلا معرفا بالاخضر الذي يشبه لون عينيها . ثم
وضعت القليل من مساحيق الزينه على وجهها , الكحل الاخضر على الجفن و احمر الشفاه
بلون المرجان ومسحه بودره على انفها الصغير و جبينها الناعم .
ولما ظهرت في بهو المطعم , راح بعض السياح يصفرون . وشقت لورا طريقها وسط
هؤلاء السياح عندما شعرت بيد قاسيه تتابط ذراعها وصوت عرفته في الحال يهمس في اذنيها
.
” كنت في اتظارك . اتريدين تناول العشاء هنا ,او تفضلين مكانا حميما ؟”.
وبينما هو يتكلم ابعدها عن المعجبين فقالت بصوت بارد وهي تتخلص من قبضته :
” لا تقلق علي سينيور راميريز ,اني قادره على ان اتولى اموري بنفسي “.
” هل انت على موعد مع احد ما ؟”.
بدات لورا تتكلم وهي تخفض رموشها الطويله : ” كلا , كنت … كنت اتوجه
الى فندق المطعم لتناول العشاء . فالجميع تعودوا رؤيتي وحيده “.
قدم لها ذراعه في لياقه , مما جعلها تتابطه بعد لحظه تردد .
استقبلهما مدير التشريفات في الفندق وقال بعدما عرف باستغراب رفيقه السينيور : ” اه سينيوريتا
ترانت ! “.
ثم اضاف باحترام كبير : ” مساء الخير , سينيور راميريز !”.
” كيف حالك , يا توماس ؟”.
” حسنا , شكرا ساقدم لكما طاوله جيده “.
قال السينيور وعلى وجهه امارات الاسف :
” لا يمكنني ان اتناول طعام العشاء مع السينيورا هذا المساء , اني مدعو ولا
يمكنني ان ارفض هذه الدعوه بالذات “.
اجابت لورا في مرح : ” لا داعي للاعتذار , سينيور راميريز . اريد تناول
العشاء وحيده “.
بريق غريب ظهر في الوجه الاسمر والتفت دييغو راميريز نحو مدير التشريفات وتحدث اليه باللغه
الاسبانيه . وادركت لورا انها فهمت انه يتكلم عن السينيورا راميريز وعيد ميلادها .
وبعدما اجلسها امام طاوله تطل على منظر رائع , علىالخليج المضاء , شرح لها توماس
ان هذا العيد سيتم الاحتفال به في غرفه الطعام التابعه للفندق .
فقالت لتوماس الذي بدا عليه الانهماك و العجله :
” كنت افضل ان اجلس امام طاولتي العاديه “.
اجابها من دون اخفاء شعوره الفضولي :
” ان السينيور راميريز يصر على ان اخصص لك هذه المائده , من الان فصاعدا
. لا شك انه سوف يتناول معك العشاء في معظم الاوقات “.!!
فردت لورا في لهجه لا يمكن مناقشتها :
” طبعا لا .. هل بامكاني الحصول على قائمه الطعام من فضلك ؟”.
كلمته في هدوء تام , لكنها كانت تغلي في الداخل , وبينما كانت ترمق مدير
التشريفات بنظره عندما كان يعطي اوامره الى الخادم ,
فهمت من دون صعوبه ماذا كان يقول : ” ان السينيورا الجالسه وراء الطاوله رقم
14 هي الرفيقه الجديده للسينيور راميريز , اهتم بها جيدا “.
كانت لورا تود من كل قلبها ان ترفض العشاء وتعود الى شقتها ,
لكنها كانت تخشى اثاره مشاكل جديده , فاكتفت بان تختار الوجبه البسيطه . لكنها صرخت
عندما رات الخادم يجلب لها

روايات عبير الرومانسية للقراءة 20160709 184

المشروب المثلج في زجاجه على راسها ورده حمراء :
“لكن انا لم اطلب ذلك المشروب !!”.
” انها اوامر السينيور راميريز “.
” لا اريد ان اشرب شيئا . اعدها من فضلك ! “.
كانت طاوله السينيور راميريز التي تحتل وسط غرفه الطعام تضم افراد المجتمع المكسيكي الرفيع .

وكان يتراس الطاوله دييغو راميريز وزوجته التي كانت تشع جمالا في فستانها المطرز المصنوع من
القطن الابيض وكانت تبدو سعيده لان تكون هدف نظرات الاعجاب كلها .
وعندما رفع دييغو كاسه ليشرب في صحه السينيورا وهو ينظر اليها في حنان , وضعت
لورا منشفتها وخرجت بسرعه من المطعم . كيف يمكن لرجل يحب زوجته لهذه الدرجه ان
يمهد لاقامه علاقه مع امراه اخرى .
ليس في الكون رجل يشبه الرجل اللا تيني الذي يفرض على زوجته القيود .
ويطلق لنفسه العنان في اقامه ايه علاقه يريد مع النساء !.

الفصل الثاني ..

2- كذبه بيضاء …….اسودت ..

مر اسبوع بكامله , لم تتبادل لورا خلاله الحديث مع دييغو رايمريز ,
ومع ذلك , فقد ظلت تعي وجوده في قربها , وعندما كانت تهتم بزبائنها ,

غالبا ما كانت تلاحظ شبح السينيور الممشوق يقف امام الواجهه .
وكلما ذهبت لتبتاع لنفسها شيئا من المحلات , تراه هناك ,
على بعد امتار قليله منها .
حتى في الكنيسه حيث تذهب من وقت الى اخر لتبحث عن الهدوء ,
والصفاء اللذين شعرت بهما خلال السنوات التي عاشتها في دير الراهبات في لوس انجلوس ,

حيث امضت كل سنواتها الدراسيه , كانت تلمحه من بعيد مستندا الى احد عواميد البناء
.
وكلما راته تشعر بتوتر مفاجئ ,
الى درجه انها بدات تبحث عنه بنظراتها في اي مكان كانت تذهب اليه .
واذا لم تره صدفه , كانت تشعر بقلق غريب , كالاحساس بالفراغ .
” يا لحماقتها “!
كانت توبخ نفسها وهي ممده على الشاطئ الرملي المحرق ,
امام الفندق . لن تذهب بعيدا الى الشعور بالقلق تجاه الاهتمام الودي الذي يظهره لها
لاتيني يكرس حياته لامراه اخرى مرتبط بها وهي زوجته .
تربيتها الصارمه تفرض عليها الابتعاد عن رجل متزوج ,
مهما كان جذابا وانيقا وصاحب نفوذ . والسينيور دييغو راميريز هو كذلك حقا !
ان رؤيته وحدها تكفي لاثاره لورا وتشويش افكارها .
على بعد منها , على الشاطئ , كان يجلس شاب مكسيكي ,
يرتدي زي السباحه يظهر اسمرار جسمه النحيف , وقد نجح في جذب سائحه امريكيه في
سن متقدمه …
وهي من تلك النساء الوحيدات , الثريات ,اللواتي جئن الى الريفيرا المكسيكيه للبحث عن اللهو
و كسر روتين حياتهن الرزينه .
ومنذ ان وصلت لورا الى الاكابولكو وهي ترى مثل هذا المشهد يتكرر يوميا ,
مما يزعجها و يجرح احساسها التقليدي .
الشمس القويه ارغمتها على اغماض عينيها .
فهي لا تخاف هؤلاء الرجال . انهم يعرفون انها ليست غنيه ولا تبحث عن مغامره
عاطفيه ,
لذلك لا يضيعون وقتهم في ملاحقتها بحضورهم المتواصل . ووراء جفنيها المغمضين ,
شعرت بظل ينعكس على وجهها . فتحت عينيها قليلا ,
وفوجئت بنظرات دييغو راميريز الحاره تحدق فيها .
كان يرتدي زي سباحه ابيض . ولثوان عديده تبادلا النظرات .
كانهما يلتقيان للمره الاولى .
قالت لورا بعد جهد :
” ماذا تفعل هنا ” ؟.
“اني هنا مثلما انت هنا , للسبب نفسه … كي استحم , هذا مسموح ,
اليس كذلك ؟”.!!
همست لورا بسخريه وهي تجلس :
” لا تريد اقناعي بانك لا تمتلك شاطئا خاصا بك “.
جلس دييغو قرب لورا التي تناولت نظارتيها من حقيبه يدها ووضعتها على عينيها بسرعه .

” ليس في المكسيك شواطئ خاصه . اني املك فيلا في الجنوب على بعد بضعه
كيلومترات من هنا و لحسن الحظ ان السياح يفضلون اكابولكو ولا يذهبون بعيدا حتى هناك
“.
قالت لورا بسخريه وهي تدع الرمل ينزلق بين اصابعها :
” ما اروع ان يملك المرء مالا كثيرا يتيح له ان يتمتع بحياته الخاصه “.

فاجاب معترفا :
” هذه حسنات المال , لكن ينبغي الا تنسي ما يفرضه من اعباء ومسؤوليات “.

تردد عندما لفظ الكلمه الاخيره , فنظرت اليه لورا في حيره وارتباك .
ذكرتها كلمه المسؤوليات بزوجته التي احتفل بعيد ميلادها بطريقه وديه في الاسبوع الماضي ..
سالته …
” هل لديك اولاد ؟!”.
” كلا لسوء الحظ , لكن ذلك وارد ضمن مشاريعي المستقبليه “.
وبينما كانت لورا تتامل السباحين يغطسون في البحر , ارتسسمت على وجهها ابتسامه ساخره وقالت
:
” اعتقد بان هدف الرجل اللاتيني , عندما يتزوج , هو ان يظهر رجولته ويفرض
على زوجته انت نجب له ولدا بعد اقل من سنه “.
سكتت لحظه وتسائلت في نفسها , هل هو حقا الحديث الذي يجب ان اتبادله مع
انسان مجهول ؟
قال في مرح وهو يحدق في عينيها :
“لا تنسي يا عزيزتي ان النساء اللاتينيات لا يعترضن على ذلك “.
ثم سالها فجاه :
” هل لديك صديق ؟”.
” ماذ تعني ؟”.
” غريب حقا ان تجلس امراه جميله على شاطئ البحر بدون شخص يحميها من نظرات
الرجال الذين بيحثون عن طريده جميله مثلك ؟”.
وبحركه من يده اشار ليس فقط الى الرجال المكسيكيين ,
بل الى السياح الامريكيين الذين لم يكفوا منذ ان وصلت الى الشاطئ , عن التحديق
فيها .
قالت :
” سبق لي وقلت انني في سن ناضجه تسمح لي بالاتكال على نفسي .
اما الجواب عن سؤالك فهو نعم . لدي صديق وهو خطيبي , لكنه حاليا في
لوس انجلوس “.
اطلق صفيرا مصحوبا بالدهشه ,
فقالت لورا لنفسها في غيظ .. كل الرجال وقحون …
لا يتورعون عن سجن زوجاتهم ويعتبرون عدم اخلاص المراه للزوج او الخطيب شتيمه او عار
..
قال في سخريه :
” لكنك لا تضعين خاتم الخطبه “.
” انني اضعه باستمرار , لكنني خلعته لانني اخاف ان يسقط مني في الماء ا,
في ……”
“واظن انك تخشين ايضا ان تفقديه خلال العمل “.
رمقته لورا بنظره ساخطه و قالت :
“” اثناء عرض الازياء لا تضع العارضه سوى المجوهرات التابعه للمؤسسه التي تعمل فيها .

والان يا سينيور , ارجو ان تعذرني لانني مضطره الى الذهاب لادعك تستمتع بالسباحه “.

قال ويهز كتفيه : ” هذا غير مهم في الوقت الحاضر “.
نهض و اصر على ان يرافقها الى الفندق , وبرغم انزعاجها فانها لم تستطع ان
تتجاهل نظرات النساء تلاحق السينيور في تحركاته .
فتح باب الفندق و ابتعد عنه ليدعها تدخل الى البهو المكيف وتبعها حتى المصعد .

سالها في لا مبالاه وهو يتكئ على الحائط :
” هل تحبين ان تتناولي طعام العشاء معي مساء اليوم . ان اكابولكو ليست المكان
المناسب لامراه وحيده “.
“افضل ان اتتناول طعام العشاء وحدي .
على ان اكون مع رجل معروف جدا , فضلا عن انه متزوج “.
صمتت لحظه ثم قالت وهي تشير في اتجاه الباب الزجاجي الذي يطل على الخليج :

” على الشاطئ عدد كبير من النساء اللواتي يسرهن قبول دعوتك الى العشاء “.
تنهد وهو يبتسم وقال :
” اعرف ذلك جيدا , ولكنني احب ان العب دور الصياد , لا دور الطريده
“.
ارتعشت لورا بالرغم منها . ليس من الصعب تصور هذا الوع من الرجال ,
وهم يلاحقون الطريده و يتمسكون بها الى ان تستسلم .
قالت :
” لا ارى مانعا بان تلعب دور الصياد , شرط الا اكون من بين الطرائد
“.
قال وهو يتبعها بنظراته , وهي تدخل الى المصعد :
” انك تطلبين مني الكثير يا لورا . الى اللقاء “.
على مدى اسبوع اختفى السينيور دييغو رايميريز من اكابولكو .
وقد حاولت لورا اقناع نفسها بانها تشعر بارتياح بغيابه ,
لكن الحقيقه كانت عكس ذلك , فقد شعرت بشوق كبير اليه .
نادتها سكرتيره المحل للرد على الهاتف .
وعندما تعرفت الى صوت دييغو . فقالت له في جفاء :
” هل تتكرم بالا تضايقني بعد الان ؟ اذا كنت مصرا على ازعاجي ,
فساضطر الى الاستعانه بحارس خاص “.
لكن هذا التهديد لم يؤثر فيه فقال وهو يطلق ضحكه صغيره :
” استغرب كيف ان امراه في مثل جمالك البارد تتصرف بهذا الغليان والتوتر ! لا
انوي ازعاجك .
اريد فقط ان اجدد لك دعوتي للعشاء “.
” هذا ما اعتبره ازعاجا للناس يا سينيور . كم مره ينبغي ان اقول ان
دعوتك هذه لا تهمني ابدا .”
” لورا , بامكانك ان تؤدي لي خدمه كبيره .
علي ان استقبل رجل اعمال وزوجته وهو مثلك امريكي الجنسيه ,
و افضل الا اكون وحيدا من دون رفيقه “.
” هذا مستحيل يا سينيور , لانني ساتعشى مع خطيبي “.
ران صمت قصير قطعه السينيور قائلا في جفاء :
” فهمت . ينبغي ان ابحث عن رفيقه اخرى “.
قالت في لهجه ثاقبه قبل ان تضع سماعه الهاتف بخشونه :
“سبق وقلت لك , انك لن تجد صعوبه في العثور على رفيقه “.
وبعد انتهاء المحادثه بقيت لورا تحدق في الهاتف في امعان وهي تعض على شفتيها بتوتر
.
ان دييغو راميريز هو الذي سبب كل هذا التوتر .
فهي لا تحب الكذب . كما انها ستكون وحيده هذه الليله كالعااده . بينما لو
كانت رفقته لامضت سهره ممتعه . ليست في حاجه الى مخيله واسعه لتدرك انه فارس
الاحلام الذي تتمنى كل امراه ان تكون رفيقه سهراته .
ولما دخلت الى شقتها , سمت رنين الهاتف , فتسائلت :
” يا الهي , ربما هذا دييغو راميريز الذي اكتشف ان خطيبها على بعد الف
ميل من هنا .
لكنها عندما عرفت الصوت نسيت في الحال الرجلين وصرخت :
” ابي ! اين انت ؟ ” .
ضحك دان ترانت وقال :
” اني هنا . في اكابولكو , رجلان استاجرا سفينتي في لوس انجلوس
وفكرت بانها الفرصه المناسبه لا اقوم بزياره قصيرو الى ابنتي الوحيده “.
“وكم من الوقت ستبقى هنا ؟”.
” اه , ايام قليله فقط , هذان الرجلان يصران على ان انقلهما الى مكسيكو
في اسرع وقت ممكن .
من الافضل لهما ان ياخذا الطائره الى مكسيكو لكنهما يحبان ممارسه هوايتهما المفضله وهي صيد
الاسماك . مع انهما لا يعرفان تماما كيف يحملان قصبه الصيد “.
” هذا لا يهم . متى اراك ؟ اني في شوق اليك “.
” ساقوم ببعض المشتريات للسفينه ….ايناسبك ان التقيك في الندق بعد ذلك ؟
يجب الاحتفال بهذا اللقاء كما ينبغي , يا صغيرتي . وانت تعرفين المطاعم المشهوره ,
اليس كذلك ؟”.
اجابت لورا بفرح :
” يمكننا الذهاب الى الميرادور , وفي الوقت نفسه يمكننا ان نحضر مشهد الغطس ,
انه لا يمكن تفويته “.
” كما تشائين , هل في امكانك الاهتمام بحجز مكانين ؟”.
” نعم ” .
بعد ان اقفلت لورا سماعه الهاتف . طلبت رقم المطعم وحجزت طاوله للساعه الثامنه والنصف
.
هكذا سيكون امامها الوقت الكافي لتناول العشاء بهدوء قبل حضور مشهد القفز و الغطس من
اعلى الشرفات التي تطل على الشاطئ الصغير .
وبعد ان اخذت حماما سريعا ارتدت فستانا اسود يتلائ مع شعرها الاشقر بشكل بارز .

بعد وفاه زوجته , تخلى دان ترانت عن كل شئ , عمله في السمسره البحريه
,
ومنزله وحتى ابنته . اذ بعد شهرين من وفاه والدتها دخلت لورا دير الراهبات واشترى
والدها يختا . وعندما كان يشعر بحاجه الى المال كان يؤجر اليخت و يقترح على
المستاجرين خدماته كقبطان السفينه .
وفي مخيلته ذكريات ساحره عن العطلات التي كانت تمضيها على متن سفينه والدها التي دعاها
بربارا على اسم والدتها .
كان ذلك ممتعا لها ولو لاسابيع قليله , لتتخلص من اجواء الدير الممله والكئيبه .

طرقات متواصله على الباب جعلتها تدرك ان الطارق هو والدها الذي كثيرا ما خرجها من
احلام المراهقه العاطفيه بالطرطقه على الباب كانه يدق على الطبل .
صرخت لورا وهي تبكي وتضحك في ان واحد معا بينما كان والدها يعانقها بحنان في
ذراعيه القويتين :
” ابي ! ااه, كم انا سعيده لرؤيتك !”.
لم يتسن لها الوقت لتعاين وجه والدها الا بعدما جلسا مواجهه وراء طاوله المطعم ,
ما يزال يتمتع بالنظرات الزرقاء نفسها . لكن تجاعيد وجهه بدات بالظهور , وشعره البني
الكثيف بدات تتخلله بعض الخصل الرماديه و خاصه حول الاذن .
لكنه ما زال رجلا بمظهر حسن وجذاب . وبينما كانت لورا تراقب نظرات بعض النساء
المركزه على والدها . تساالت لماذا لم يتزوج دان مره ثانيه .
نساء كثيرات كانت تحمن حوله وخاصه الجميلات منهن .
لكن ولا واحده كانت تتمتع باناقه والدتها وجاذبيتها وشعرها الاشقر كسنابل القمح .
ولا واحدةكانت قادره على ان تحل مكانها .
قال دان ترانت وهو يبتسم :
“لا تلتفتي الى الوراء يا صغيرتي . هناك رجل وراء الطاولةالبعيده يرمقني بنظرات غاضبه .

يبدو حتما انه مكسيكي . هل تعرفين احدا هنا ؟”.
ومن دون ان تلتفت ادركت لورا ان الرجل الذي يحدق في والدها ليس سوى السينيور
دييغو راميريز
. لماذا يظهر هذا الشيطان في اي مكان تذهب اليه .
وخصوصا هذا المساء بالذات . اذ من المفروض انها تتناول العشاء مع خطيبها !..
اجابت في جفاف :
” اني اعرفه من بعيد .. انه واحد من الذين يعتبرون ان كل شئ مسموح
.
لقد دعاني مرات عديده الى العشاء من دون علم زوجته بالطبع “.
الفصل الثالث …………..

3- امور تحدث سريعا !!
لا شك في ان المكسيكيين اسوا من قاد السيارات في العالم .
رددت لورا هذا الكلام وهي تقود السياره على طول الجاده الجميله , التي تمتد بمحاذاه
مجموعه من الفنادق الضخمه المطله على الخليج .
ومره خلال حفله استقبال حضرتها قال لها رجل اعمال مكسيكي :
” الرجال هنا جبابره اقوياء .. واضاف :
” في بلادنا وفي كل المناسبات , على المكسيكي ان يفرض سيطرته وسواء حاول الحصول
على امراه او كان يقود سيارته , فانه مضطر الى ان يفعل المستحيل ليؤكد سطوته
وعلو شانه .
وما على المراه الا ان تطيع “.
استعادت هذه الكلمات , وهي تحاول عبثا تغيير اتجاه سيرها لتستطيع سلوك طريق المرفا .

فجاه توقف سائق تاكسي ورمقها بنظره اعجاب , وتخلى لها عن فسحه استطاعت من خلالها
عبور الطريق المطلوب .
وبعد دقائق صفت سيارتها في مراب نادي اليخوت .
اخرجت من سيارتها كيسا يحتوي على كل ما تحتاجه لاعداد عشاء اميريكي يحب والدها ان
يتناوله ,
ثم سارت على رصيف الشاطئ..الى حيث يرسو يخت والدها .
صعدت الى سطح اليخت الخلفي فلم تجد احدا . فنادت وهي تقترب من السلم الذي
يؤدي الى قاعه الجلوس و المطبخ :
” ابي !!ابي !! انني هنا “.
لا جواب . هبطت لورا بحذر السلم الضيق , المطبخ الصغير كان فارغا ,
وكذلك غرفه الجلوس التي تحتوي على طاوله في وسطها ومقاعد مغلفه بالنسيج القطني ذي الالوان
الزاهيه .
اتكات لورا على احد الجوانب وغرقت في الذكريات ,
تعرفت الى الرائحه العاديه الممزوجه برائحه سجائر والدها .
وبدات تنفعل . كم هي نادمه لاها لم تكن مثله شريده البحار ,
غير ان دان فضل العمل بنصائح الراهبات اللواتي اشرن عليه بادخال لورا المدرسه الداخليه اذا
ارد ا ان يضمن مستقبلها .
ترعرعت لورا على ايدي الراهبات اللواتي كرسن حياتهن للتربيه والتعليم .
مره حدثتها الاخت كرميليتا ذات الوجه الملائكي , التي كانت تعلمها اللغه الاسبانيه , عن
مستقبلها كامراه وذلك عندما عبرت لورا عن رغبتها في دخول سلك الرهبنه .
اذ قالت لها الراهبه في لطف وهي تبتسم :
“لا يا لورا . سيدخل حياتك يوما ما رجل يغمرك بحنانه و تنجبين منه اولادا
تسعدان بهم .
اعتقد يا ابنتي ان دخولك السلك سيكون غلطه “.
سرعان ما نسيت لورا هذه الرغبه , لكن كلمات الاخت كرميليتا ظلت محفوره في ذهنها
.
وعندما التقت برانت اعتقدت انه هو رجل حياتها . فهو يتمتع بمزايا خلقيه رفيعه ,

اهمها انه لا يحاول ان يمارس الزواج قبل الاوان وهذا شئ نادر في هذا العصر

حيث لم تعد هناك ايه حدود تمنع الرجل والمراه من الاستمتاع .
تناهت الى سمعها خطوات على متن السفينه , فانتفضت واسرعت الى تسلق السلالم …
“ابي ..اين كنت ؟؟ ارجو الا تكون قد اشتريت اغراضا للعشاء لانني ………….””
سكتت فجاه وهي ترى شبح دييغو راميريز الممشوق و المفرط في الاناقه منتصبا امامها .

سالته في لهجه بارده :
” ماذا تفعل هنا ؟ بدات اسام رؤيتك وملاحقتك لي في كل مكان .
سياتي والدي في ايه لحظه الان , لذلك انصحك بالذهاب “.
قال متجاهلا ملاحظتها :
” ايمكنني الهبوط الى داخل اليخت ؟”.
“والدي في طريقه الى هنا . ولن تسره رؤيتك على متن سفينته “.
لم يابه لهذا التهديد , بل توجه في هدوء الى غرفه الجلوس وقال :
” اجلسي يا لورا . لدي امر مهم اريد ان احدثك فيه “.
فقالت في لهجه حاسمه :
“ارجو ان تقول ما عندك بسرعه , اريد اعداد العشاء لوالدي “.
هز راسه في تعبير اسف جعل لورا تشعر بجفاف في حلقها و بقلق غامض …

قال وهو يسمر عينيه في عينيها :
” اخشى الا يتمكن والدك من ان يتناول العشاء معك هذا المساء “.
” لماذا ” ؟؟
” اسف ان ابلغك ان والدك محجوز لدى الشرطه المحليه “.
قالت لورا وقلبها ينبض بسرعه ….
” الشرطه …..ان هذا مستحيل “..
” كنت على الشاطئ القريب جدا من هنا ولاحظت زحمه وهياجا على السفينه وعرفت الرجل
الذي اصطحبته الشرطه : انه الرجل ذاته الذي كان يرافقك في مطعم الميرادور …….وقد كنت
اعتبره خطيبك …..”
سالت وهي تنهض غاضبه من دون ان تعي ما قال :
” لكن لماذا اوقفت الشرطه والدي ؟ لم يقم بشئ غير قانوني طيله حياته ..

لاشك ان ذلك خطا … يجب ان اذهب وارى ماذا يجري …. وساقول لهم …..”

وفي حركه نجح دييغو في تهدئتها …
” ربما فيما بعد علمت من الشرطه التي اوقفته ان والدك متهم بالتورط في عمليه
تهريب مخدرات ..
وهنا في المكسيك تعتبر جريمه كبيره “.
رددت لورا منذهله ….
” تهريب مخدرات ؟؟ ابي ؟؟ لكن مستحيل ,,,, هل سمعت ما اقوله … هذا
مستحيل “.
قال دييغو في حزم ….
” اجلسي ”
هبطت الفاته في المقعد …اما دييغو فظل مستند الى الطاوله ..
” يجب ان تدركي جيدا ان والدك متهم بجريمه بالغه الاهميه ..
وحسب الادله التي اكتشفت على متن الباخره فهو معرض لان يبقى في السجن طيله الحياة

او لنقل مده طويله قبل افتتاح المحكمه ”
همست لورا واضعه راسها بين يديها …..
” محكمة؟؟ لا … لا يمكنني ان اصدق شئيا كهذا “..
” لكن هذا هو الواقع …ذهبت الى مركز الشرطه وتوصلت الى التحدث مع والدك ..

فاخبرني بان الرجلين اللذين استاجرا منه اليخت عادا في الصباح الباكر وما لبثا ان غادرا
..
وقالا له انهما سيعودان في المساء .. وكانا على استعداد للابحار فجر الغد “.
قالت لورا مستغربه وهي تقفز …
” رجلان , هما اذا المذنبان .. قال لي والدي انهما استاجرا السفينه وفي نيتهما
الصيد ,,
لكنهما لم يكونا يعرفان شيئا عن الصيد .. ساخبر الشرطه بذلك “..
ارادت الاسراع نحو الممر لكن دييغو اقفل عليها الطريق وقال وهو يمسكها من كتفيها :

” لا تتصرفي تصرفا احمق! هل تتصورين ان الشرطه هنا ستصغي الى ما تقولينه ,,
انت ابنته !!”.
“لكن يجب ان افعل شيئا ما “.
قال لها بلطف :
” لا يمكنك ان تفعلي شيئا يا لورا امام السلطات …..”
سالته وقد احتلتها الكابه فجاه :
” الى من سالتجئ اذا ؟ هل في اكابولكو قنصليه للولايات المتحده ؟”.
” كلا .. القنصليه مركزها في مكسيكو .. لكن في مثل هذه القضايا لا يستطيع
القنصل ان يفعل اي شئ “.
” يبدو وكانك وجدت الحل ..ارجوك .. قل لي ماذا افعل ؟”.
حدق في عيني الفتاه الخضراوين ثم اخفض جفنيه وقال في صوت مبحوح :
” لدي نفوذ في بعض الاوساط ”
” يمكنك اذا ان تفعل شيئا ما لمساعده والدي “.
وفي هذه اللحظه بالذات رفع راسه وانتفضت الفتاه امام حده نظراته القاتمه :
“لكن نفوذي يكون له صدى اقوى اذا …….”
عم صمت طويل راح فيه قلب لورا ينبض بسرعه …
واضاف :
“اذا كنت زوجتي “.
كالبلهاء راحت لورا تحدق فيه وهي تلاحظ برغم الصدمه القويه وجهه ذا
الملامح البارزه ورموش عينيه الطويله وقساوه فمه ورددت في صوت خفيض :
” زوجتك ؟ لكن الا تكفيك زوجه واحده !”.
هز راسه في تلهف :
” انا لست متزوجا والمراه التي تعتقدين انها زوجتي هي في الحقيقه ارمله اخي الصغير
..جيم .
. الذي قتل السنه الماضيه في سباق القوارب الاليه “.
” لكنني كنت اعتقد ….”
توقفت ….. وكل شئ يغلي في ذهنها ..
” نعم .. اني اعترف انني جعلتك تعتقدين ان كونسويلو زوجتي لم يكن ذلك قصدي
في بدايه الامر ..
ولكن عندما وضعت في ذهنك ان المراه التي
ترافقني في حفله عرض الازياء هي زوجتي ,
لم اكن قادرا ان انكر ذلك .. كنت اريد ان اعرف ما اذا كنت قادره
على الصمود
مده طويله امام رجل تعتبرينه متزوجا “.
ولان تعبيره بعض الشئ …ثم قال ..:
” اني اعترف بانك تصرفت بعناد وتصلب “..
ما زالت لورا مضطربه لوضع والدها المؤسف ,, فلم تسجل هذا الاعتراف الجديد .
” لم افهم بعد .. هل كان ذلك امتحانا ؟؟ اهذا ما تقصده ؟”.
” نوعا ما .. نعم .”
تناول من جيب سرواله علبه السيجار واخرج سيجارا صغيرا واشعله بقداحه ذهبيه ..
خارت قدما لورا وهبطت في المقعد ….
قال دييغو وهو ينظر من نافذه اليخت :
” يهمني جدا فيما يتعلق بهذه الامور ان تكون زوجتي مترفعه عن ايه شبهه “.

تاملته لورا لحظه من غير ان تقول كلمه …
فهي حزينه لما حصل لوالدها ثم صرخت وهي تستعيد وعيها …
” لكنك مجنون حقا ! لن استطيع ان اتزوجك ..
يبدو انك نسيت اني مخطوبه واني ساتزوج حين اعود الى لوس انجلوس “.
سال دييغو وهو يتفحص وجه لورا الجميل المحمر خجلا :
” هل تحبين ذلك الرجل ؟”.
اكدت له وهي تقف لتواجهه وعيناها تتوهجان غضبا :
” طبعا .. ولماذا اتزوجه اذا لم اكن احبه ؟”.
ما من احد يعرف ما الذي يدفع النساء الى الزواج …
هل هو المال ام المركز ام الاستقرار .. ام الحب ,
خطيبك , هل هو غني ؟”.
” كلا . انه محام شاب ما زال في بدايه الطريق .. يمكنك ان تلغي
السببين الاولين “.
” اذا لا شك ان السبب الثالث هو الذي ينطبق عليك , الاستقرار …
اهذا ما يقدمه لك ؟
منزل في حي جميل , وولد او ولدان .. وسهره نهايه الاسبوع في النادي “.

” وماذا عندك ضد هذا النوع من الحياه , في كل حال انه وضع معظم
الناس في بلادنا ,
ولست اخجل من كوني جزءا منهم “.
ثم اضافت في لهجه ساخره :
“طبعا , ليس بامكان الجميع ان يملكوا منزلا يقع في محطه الحمامات الاكثر شهره في
العالم ,
وربما ايضا قصرا في مكسيكو “.
اخذ دييغو نفسا من سيجاره وقال في تمهل :
” ليس في هذا خطا .. في كل حال ان المراه تحب بشغف الرجل الذي
يؤمن لها كل هذه المتعه ..
هذا ما يوصلنا الى السبب الرابع الذي هو …. “.
قاطعته لورا قائلة:
” لماذا نتجادل في هذه الامور السخيفه بينما ابي يقبع في احد سجون بلادك التعيسه
؟
سوف اصبح مجنونه مثلك …. ”
اجابها دييغو …:
” اني لست مجنونا . لكني انتهازي .. واعترف بان سجوننا ليست كما يجب وخصوصا
اذا كان السجين متهما بتهريب المخدرات ,
لكن يمكنني القول ان والدك لا يلقى معامله سيئه ..
لقد حاولت اقناعهم بان يقدموا له الطعام المعقول وان يجعلوا زنزانته في وضع مريح ومقبول
“.
فقالت في صوت مخنوق :
” شكرا .. المال يفعل كل شئ , اليس كذلك ؟”.
” في مثل هذا الوضع , المال وحده لا يكفي …”
تردد ثانيه ثم اضاف :
” ان الموظفين الذين اتصلت بهم من اجل مساعده والدك عطفوا عليه ,
ليس من اجل المال , بل بسبب قرابتي لوالدك “.
” لقرابتك بوالدي …..؟ لكنك لم ….. لم تقل لهم ان ………ان ……..”
قال لها وهو ينظر اليها في جراه :
“قلت لهم انك ستصبحين زوجتي . وانني لا ارضى ان ارى عمي يلقى معامله المجرمين
“.
فهمست لورا وهي شاحبه الوجه :
” كيف تجرات وقلت ذلك ؟”.
” هل تعارضين ان ينال والدك معامله حسنه ؟”
اجابت في غضب :
” لا .. انما يزعجني انك كذبت من اجل ذلك …
وماذا اخبرت والدي ؟ هل كذبت عليه ايضا ؟”.
” الحقيقه اخبرته عن رغبتي في الزواج منك …
وان ذلك سيتم ابكر مما كنت اتوقع .. نظرا للاوضاع الحاليه ….”
تقدم دييغو منها خطوه واخذها من ذراعيها وقال في صوت خفيض :
” لن اخفي عليك انني كنت افضل ان يتسنى لي الوقت لان اغازلك يا حبيبتي
.. لكن ….”
وبحركه عنيفه تخلصت من قبضته وقالت بغضب :
” انني امنعك من ان تناديني هكذا ؟ انا لست حبيبتك ولن اصبح حبيبتك ابدا
“.
فقال دييغو وهو يبتعد عنها :
” حسنا ” .
توجه نحو السلم ثم التفت ونظر اليها باشمئزاز واستخفاف وقال :
” اذا غيرت رايك يا انسه , يمكنك ان تتصلي بي في فيلا جاسينتا ,

انه اسم منزلي “.
ثم اخرج من جيبه دفترا صغيرا , وكتب بعض الارقام .. ثم اقتلع الورقه واعطاها
اياها قائلا :
” ان رقم هاتفي غير موجود في الدليل الهاتفي .. فلا تضيعي الرقم , الى
اللقاء “.
ضغطت لورا على الورقه بين اصابعها الجامده وهي تنظر الى دييغو يصعد الى سطح السفينه
.
وبعد ذهابه شعرت فجاه بضياع وحيره .

عادت الى غرفه الجلوس واسترخت في احد المقاعد وعيناها تحدقان في رقم الهاتف الذي انحفر
للحال في ذهنها ,
لكن لابد من ايجاد طريقه لاخراج والدها من السجن من دون الاضطرار الى اللجوء الى
الزواج من هذا المكسيكي المتوحش !
” ايمكنني ان افعل لك شيئا يا انسه ؟”.
ان مهنه لورا جعلتها تعتاد سماع كلمات الاعجاب .
ومع ذلك فقد انتفضت امام نظرات الموظف الملحه الذي يحرس باب مركز الشرطه , وبين
شفتيه سيجاره .
“انني ….. اريد ان ارى والدي , دانييل ترانت “.
سالها الشرطي في فضول وهو يعريها بنظراته :
” هل انت الفتاه الاميريكيه ؟”
فقالت بترفع :
“قل لي فقط اين يمكنني التحدث الى الشرطي المسؤول “.
اجابها ببطئ وفي لهجه مليئه بالاشمئزاز والكراهيه :
” اظن انه مشغول في الوقت الحاضر “.
لكن لورا مرت من امامه من دون ان تلح عليه ودخلت الى البهو
ولاحظت من خلال باب مفتوح رجلا ضخما يرتدي بذله رسميه جالس وراء مكتبه وزجاجه عصير
في يده .
ولدى رؤيته الفتاه الشقراء , نهض الضابط في سرعه وقال :
” انسه ماذا تريدين ؟”.
” اريد ان ارى والدي , دانييل ترانت . جئ به الى هنا بعد ظهر
اليوم “.
فاجابها الرجل مقطبا عن حاجبيه :
“موعد الزياره ليس الان عودي في الغد …”
رفعت الفتاه يدها لتبعد شعرها عن وجهها , واذا بها ترى ملامح الضابط تتغير فجاه
:
” هل قلت انك تريدين رؤيه السينيور ترانت ؟ اذا انت …….”
” ابنته “.
” خطيبه السينيور راميريز ؟”.
سحابه مفاجئه مرت في عيني الشرطي الصغيرتين ,
انه يستغرب كيف ان رجلا غنيا اهدى خطيبته خاتم خطبه عاديا جدا .
تبعت الشرطي في طول الممر الضخم التي تفتح عليه الابواب السوداء الضخمه .
فلما وصل الى الباب الاخير , ادخل مفتاحا في القفل وفتح الباب .
قالت لورا وهي تدخل الى غرفه صغيره :
“شكرا يا سيدي “.
الاثاث الوحيد في الزنزانه هو سرير بسيط فوقه رف من الخشب الابيض وطاوله وكرسي كان
يجلس فيها والدها , صرخ دان وهو ينهض :
” لورا , ابنتي الصغيره !”.
ركضت اليه وعانقته وهمست في صوت متقطع وهي تضغط على كتفيه :
“ابي ….. اه ابي ! “.
قفال في صوت منفعل :
” لم اكن اريد ان تاتي الى هنا . الم يحضر راميريز معك ؟”.
” هو … اه … لا , لا يعرف انني هنا ….”
فقال دان مقطبا حاجبيه :
“اني اشك في انه سمح لك ان تاتي لوحدك الى مثل هذا المكان ….
اجلسي في الكرسي .. وانا ساجلس على السرير “.
ولما راى نظرات ابنته المشمئزه وهي تنظر الى غرفته , ابتسم في سخريه وقال :

” لا يبدو لك المكان فاخرا يا صغيرتي , لكنه بكل تاكيد افضل مئه مره
من الزنزانه التي القوني فيها عند وصولي “.
فانفجرت قائله بغضب :
” لكن ليس مفروضا ان تكون هنا ! “.
اجابها في لهجه مهدئه :
“اعرف ذلك يا صغيرتي . ااعرف جيدا . وانا ايضا احسست بالشعور نفسه عندما وصلت
الى هنا ,
لكن عندما رايت كيف يعاملون الموقوفين …………….”
توقف ثم انحنى ليضع مرفقيه على ركبتيه :
” هل تصدقين اذا قلت لك ان بعض الاميركيين وبعض الاجانب موجودون هنا منذ اشهر

بل منذ سنوات عديده من دون ان يمثلوا امام المحكمه ,
لا عائلاتهم ولا محاموهم ولا احد يمكن ان يفعل شيئا لمساعدتهم “.
قالت لورا في استغراب :
” ربما هم مذنبون ! لكن انت لست كذلك , يجب ايجاد طريقه لاقناعهم بانك
برئ “.
تنهد دان وهو يزرع ارض الغرفه الصغيره وقال :
” يا ابنتي المسكينه , في هذا البلد اهم شئ ان يكون لك اصدقاء في
الدوله .
على فكره رجال الشرطه لم يعتقلوا بعد الرجلين اللذين استاجرا سفينتي “.
” متى القوا القبض عليهما , يطلقانك في الحال “.
هز دان راسه وقال :
” هذا شئ رائع ! لكن ما اعرفه عن هذين الرجلين قليل جدا ,
الا انهما لن يترددا في ان يفعلا ما في وسعهما للتخلص من هذه الورطه ,

يجب النظر الى الامور بلا خوف , يا لورا …. ربما قالا انني متواطئ معهما
“.
” لكن هذا ليس صحيحا “.
وبعد تنهد عميق , عاد دان ليجلس على السرير ثم قال :
” انا وانت نعرف ذلك تماما . لكن هل بامكاننا اقناع الاخرين؟”.
فقالت وهي تضغط على يديها :
“سوف اطلب من برانت ان ياتي الى هنا فهو يعرف ما يجب عمله “.
” هل هذا صحيح ؟”.
التقى نظره المرتاب بنظر ابنته , فاخفضت لورا عينيها ,
انها تعرف بماذا يفكر والدها , لقد اظهر برانت انزعاجه فيما يتعلق بالحياه الحره التي
كان يعيشها والدها . شعرت لورا بفقدان الامل وقالت في صوت غير اكيد :
” اسمع , يمكنه ان يدلنا الى محام صديق له . وفي كل حال فان
برانت متخصص بالدفاع عن حقوق الشركات , وهذه القضيه ليست من اختصاصه .”
فقاطعها دان في قسوه لم تتعود عليها من قبل :
” الم تفهمي ما قلته لك . المحامي الاميريكي لا يمكنه ان يفعل شيئا في
هذا البلد …القانون وحده يطبق “.
همست لورا في صوت مخنوق :
” لكن يجب ان نفعل شيئا ”
اكد لها دان في قوه :
” هناك شخص واحد قادر على اخراجي من هنا هو السينيور دييغو راميريز …
لديه النفوذ والمال والعلاقات “.
توقف قليلا ثم اضاف :
” وهو يريد الزواج منك “.
فهمست قائله :
” اه .. هل فاتاحك بالامر ؟”.
” تصرف بوضوح …لكن , يا ضغيرتي , لماذا لم تخبريني بان الامور وصلت الى
هذا الحد بينك و بينه ؟
مساء امس في فندق الميرادور جعلتني اعتقد بانه رجل متزوج ….”
” صحيح ؟ اووه ….”
من الصعب ان تقنع والدها بانها قبلت الزواج من دييغو اليوم فقط بعدما كانت تعتقد
بالامس بانه متزوج فعلا .
ليس هناك الا حل واحد وهو الاعتماد على هذا الرجل المكسيكي لينقذ والدها من هذا
المازق الصعب .
فقالت في خجل :
” في الحقيقه , كان يزعجني بعض الشئ ان اعلمك بقراري قبل ان افسخ خطبتي
من برانت “.
وصدقها دان ..اذ قال وهو ينحني ليضغط على يديها بحنان …
” انك لا تتصورين الى اي درجه انا سعيد من اجلك.
يا ابنتي الصغيره مساء امس رايت دييغو راميريز شعرت بانه رجل حياتك , اكثر من
برانت .
اني اقول لك هذا بصراحه . ان دييغو يحبك . هذا هو واضح للغايه ,
نظراته لا شك فيها … و …..”.
توقف فجاه ليمرر يده في شعره ثم اضاف :
” شرط الا تعتقدي ان هذه الظروف الصعبه هي التي تدفعني لان اقول ما اقول
,
افضل ان ابقى هنا واموت على ان اراك ………..”
قاطعته لورا بسرعه قائله :
“اعرف ذلك يا ابي , لكن في وسع دييغو ان يسوي الامور ,
انه يعرف عددا كبيرا من الشخصيات البارزه في الدوله .
سترى ان بقائك في السجن لن يطول .”
” هل انت متاكده تماما من عواطفك يا لورا ؟
الزواج من رجل مثل راميريز هو زواج لا يمكن فسخه , لا تنسي ذلك .

اذا كنت تشعرين بانك غير واثقه من الامر قولي بصراحه ,
في كل حال لا شئ يؤكد انني ساستعيد حريتي حتى ولو بمساعده دييغو . يجب
الا تتاثري
بوضعي الحالي ولا تلقي بنفسك في زواج تندمين عليه مدى الحياه “.
اخفضت لورا عينيها على يدي والدها الضاغطتين على يديها ,
لقد اكد والدها قائلا :
” الزواج برجل مثل راميريز هو زواج لا يمكن فسخه “.
وهي التي كانت تظن ان هذا الزواج مؤقت ينتهي بمجرد خروج والدها من السجن .

ومع ذلك شعرت بالامل في ان كل شئ سيتم بصوره حسنه .
رفعت عينيها ونظرت الى والدها وقالت :
” نعم يا ابي , اني متاكده من حقيقه عواطفي .
ولا اتصور حياه سعيده من دون دييغو “.
وللمره الاولى ابتسم دان في استرخاء ,
وعندما غادرت لورا والدها بعد دقائق , كان في غايه الغبطه والانشراح ومتفائلا بقدره صهره
العتيد على وضع حد لهذه الازمة

 

الفصل الرابع :

4- انتظرتك منذ الازل ..
.
” الو “”
كانت لورا تنتظر ان تسمع صوت دييغو راميريز البارد ,,
لكنها فوجئت بصوت امراه , فقالت بعد تردد :
” هل … هل بامكاني التحدث مع السينيور راميريز ؟”.
” السينيور راميريز ياخذ حماما في بركه السباحه , هل الامر طارئ ؟”.
” نعم . سانتظر على الخط “.
اخذت لورا ترتجف ..اذا اقفلت السماعه , فلن تستعيد شجاعتها لتطلبه من جديد .
فمن الافضل الانتظار .
” لحظه من فضلك “.
كانت لورا تطرق بعنف على طاوله الهاتف وتحاول تهدئه اعصابها ..
من مع دييغو في بركه السباحه ؟ ربما كونسويلو ذات القامه الممشوقه والعينيين السوداوين الجميلتين
, .
ليس من الصعب التصور ان هذا الرجل لا يمانع في رؤيه النساء الجميلات في زي
السباحه .
فقالت في صوت متردد :
” اني ……… لورا ترانت “.
” اه …..!”
ران صمت طويل , وتسائلت لورا ما اذا كان محدثها يكتفي برؤيتها تعتذر جهارا .

فقال اخيرا في لهجه مالوفه :
” هل زرت والدك ؟”.
” اني ….. نعم . مساء امس .
اني مستعده للتفكير في عرضك ….”
عم صمت من جديد , وطال الى حد انها ظنت ان المكالمه قطعت .
وبعد ثوان عديده .. قال دييغو في لهجه لا مباليه :
“من الافضل ان تكلميني عندما تقررين قبول العرض “.
بعد ساعات من التفكير المستمر والعذاب للتوصل الى هذا الحل , كانت تامل منه على
الاقل ان يقوم هو ايضا بجهد من جانبه ,
لكن يبدو انهه ليس من طبيعه دييغو راميريز انه يبدي بعض التفهم و قليلا من
الرحمه .
همست في صوت مخنوق :
” حسنا اني اوافق على الزواج منك “.
طبعا لم تكن تنتظر منه كلمات الحب , لكن خاب ظنها من رده فعله الموجزه
.::
” ساوافيك بعد نصف ساعه , هل انت في الفندق “؟.
“نعم “.
” الى اللقاء يا لورا “.
بينما تذرع الارض بعصبيه ذهابا وايابا بين غرفتها وغرفه الجلوس ,
بدا لها الوقت طويلا , كانت في حاله قلق وبلبله عاجزه على ان ترى المنظر
الساحر الذي يطل من شرفتها على البحر وراء شاطئ روملي ابيض محاط باشجار النخيل العديده
.
لماذا يريد دييغو راميريز هذا الرجل الثري وصاحب النفوذ سفير النساء ان يتزوجها ؟
صحيح ان عمل لورا كعارضه ازياء يجذب اليها الاضواء وصحيح انها تتمتع بجمال خلاب ,

لكنها لا تعتز بذلك ,
ان بشرتها الشقراء الفاتحه لابد ان تكون العامل الفعال الذي جذب هذا الرجل المحاط بالنساء
السمراوات .
لكن هذا السبب ليس كافيا ليتزوجها .
” الزواج اللاتيني لا يمكن فسخه ” هكذا قال والدها .
انتفضت عندما تذكرت انها ستفسخ الزواج الذي تعتبره رباطا مقدسا وذلك بعد ان يخرج والدها
من السجن .
تطلعت الى نفسها في المراه بعد ليله لم تخلد فيها الى النوم , بدت شاحبه
الوجه .
فاسرعت الى الحمام , ووضعت بعض المساحيق على وجهها لتخفي شحوب بشرتها ..
وعندما سمعت طرقات متواصله على الباب , ظلت لحظه مسمره في مكانها ,
فالكابوس الذي بدا منذ توقيف والدها مازال مستمرا والله وحده يعرف متى ينتهي ! .

تقدمت بخطى بطيئه وفتحت الباب , وفوجئت بدييغو الذي كان يرتدي بنطلون جينز ضيقا وقميصا
بيضاء …. ياخذ يدها ويطبع عليها قبله ,,
وبسرعه تخلصت منه وابتعدت عنه قائله في لهجه فظه :
” هذا النوع من اظهار العاطفه لا يبدو ضروريا “.
رفع حاجبيه متعجبا وقال :
” الا تعتبرين انه من الضروري ان تقبلي مني دليل حبي المتواضع ؟”
” من الافضل ان تدخل “.
وعندما اصبحت في غرفه الجلوس الصغيره المفروشه على الطريقه الاسبانيه , التفتت نحوه وقالت :

” قبلت الزواج منك لسبب واحد انت تعرفه ,
ولا داعي لان نتبادل العاطفه التي لا نشعر بها تجاه بعضنا البعض “.
” العاطفه ربما لا تشعرين انت بها يا حبيبتي , لكن ذلك لا ينطبق علي

يجب ان نحتفل بهذه المناسبه , الا ترين ذلك ضروريا “؟.
” لست في مزاج يؤهلني لان احتفل باي شئ ما يا سينيور , لكن فنجان
قهوه يكفي لتهدئه اعصابي “.
وبينما كان دييغو يعد القهوه في المطبخ , خرجت لورا الى الشرفه واسندت ظهرها الى
الدرابزين وراحت تراقب برغبه الازواج اللامبالين الذين يسترخون على الشاطئ , منذ ان وصلت وهي
تحلم بان تعود الى هنا في شهر العسل بعد ان تتزوج برانت في لوس انجلوس
…. اين هي من هذا الحلم الان ؟
قالت ببرود وهي تاخذ فنجان القهوه من يد دييغو بعد ان اصبحت في غرفه الجلوس
:
“شكرا “.
رفع هو كاسه وقال :
” اتمنى لنا …. زواجا خصبا “.
قالت لورا بصوت جليدي :
” دعك من هذه الاوهام .. هذا الزواج لن يكون سوى صوريا , ولا تنتظر
ان تنجب اولادا “.
وولحظه ظل جامدا ثم اخرج كاسه ووضعها على الطاوله وقال في هدوء وثقه :
” لا يا حبيبتي ,ليس الامر كذلك , لن يكون بيننا زواج ابيض .
لن اتزوج الا مره واحده وزوجتي ستكون ام اولادي ,
وستكونين انت تلك الزوجه , وليس سواك .”
سالته في صوت مرتعش :
” لكن لماذا ؟ لماذا تصر على ان تتزوجني ؟
اننا لا نعرف بعضنا بما فيه الكفايه .. فكيف يمكننا بالتلي ان نحب بعضنا ؟”.

فقال في لطف وهو يلامس شعرها الاشقر البراق الذي تركته ينسدل على كتفيها :
” لن يكون من الصعب معالجه هذه الامور في اوانها “.
بدا قلبها يلين امام كلماته الرقيقه واضاف :
” الم يسبق لك يا لورا ان التقيت احدا للمره الاولى وشعرت بهذا الاحساس الغريب
,
عندما رايتك في حفله عرض الازياء , انت التي كنت انتظرها منذ زمن من دون
ان اعرف ذلك “.
احست لورا وكانها مخدره , صوته العذب فعل فعله فيها , وراحت تتطلع الى عينيه
السوداوين الجميلتين ,
وفمه المكسيكي , ثم ادركت انه ياخذ فنجانها من يدها بلطف ويجذبها الى ذراعيه .

هذا العناق الطويل لم تذق طعمه من قبل ..
كانت يداه تداعبان وجهها وعينيها ,, وكان يهمس في اذنيها كلمات الحب الناعمه ,
في البدء تقلصت لورا , لكنها سرعان ما استرخت , لم يسبق لها ان شعرت
بالتفاعل مع الاخرين ,
واحتلتها رغبه في ان تتخلى عن المقاومه امام هذا الرجل الذي اختارته ,
لكن لم تكن هي التي اختارته ….
استعادت وعيها في الوقت الذي كان دييغو يرفع راسه مواصلا الهمس بكلمات ناعمه ..
وفجاه , دفعته عنها واتكات على الحائط , وراح قلبلها ينبض بسرعه جنونيه وعيناها الخضراوان
تحدقان فيه في تعبير يتعذر تفسيره .
ثم قالت في صوت لاهث :
” اني لا اؤمن بهذا الهراء .. لماذا ؟”.
اقترب منها على مهل وقال في صوت مبحوح وهو يداعب خصله شعرها :
” ومع ذلك شعرت يا حبيبتي باني لم اكن في نظرك مجرد عابر سبيل ,

لقد احسست تجاهي بالحب والرغبه … وزواجنا ملائم تماما وسيكون ناجحا “.
ابتعدت لورا, عندها كانت تبدو منطويه على نفسها , قالت :
” في رائي , هذا الزواج ليس له الا هدف واحد يا سينيور , وهو
ان يؤدي الى تحرير والدي “.
” كلما اسرعنا في الزواج كان في وسعي ان احقق هذا الهدف , كل ما
استطيع عمله هو ان اقنعهم بالاسراع في محاكمته . واذا كان بريئا …..”.
صرخت وهي ترمقه بنظره قاتمه :
” طبعا هو برئ , في حياته لم يقم باي عمل اجرامي , فكيف يمكنه
ان يتواطا في تجاره المخدرات او ت هريبها ؟”.
” يبدو انه لا يقوم باي عمل ثابت , وليس لديه مهنه معينه ؟”.
قالت وهي تنظر الى النافذه لتخفي الدموع المترقرقه في عينيها :
“ترك كل شئ بعد وفاه والدتي , كان يريد ان يبتعد عن كل شئ يذكره
بها “.
فصرخ دييغو :
” بما في ذلك ابنته ؟”.
” كان مضطرا لان يضعني في مدرسه داخليه في دير للراهبات , ماذا يمكن ان
يفعل رجل ارمل بابنه في الثانيه عشره ؟
كان من الصعب ان ارافقه واتقاسم حياته على متن سفينه تظل مبحره “.
” طبعا , لم يكن ذلك مناسبا “.
ثم ربت على المقعد الواسع الذي يجلس فيه وقال :
” تعالي واجلسي قربي يا حبيبتي “.
لكنها جلست في مقعد اخر وسالته :
” متى تظن انه يمكنك اقناعهم بتحديد موعد المحاكمه “.
” الوقت مبكر لمعرفه الجواب . ربما شهر او شهران ….”
” يا الهي … ! كل هذه المده ؟”.
” اشكري ربك , هناك العشرات ظلوا في السجن من دون محاكمه “.
” نعم , اعرف . مساء امس اخبرني والدي بذلك , حسنا …. لم يبقه
امامنا الا ان نتزوج في اسرع وقت ممكن “.
فقال دييغو بسخريه :
” هذه العجله تغمرني فرحا , ويجب ان تتم حفله الزواج في مكسيكو .. لدي
هناك العديد من الاصدقاء والعلاقات والمعارف الذين قد يحقدون علي اذا لم يتسن لهم حضور
العرس ..
ليس لدي اهل مقربون . وباستثناء كونسويلو , ارمله اخي , قريبتي الوحيده , هي
التي تعيش في المسكن العائلي في كويزنافاكا . انها طاعنه في السن ولا يمكنها ان
تاتي الى مكسيكو في هذه المناسبه “.
” اليس لديك اب او ام ؟”.
اجابها وهو يضغط بشده على شفتيه :
” كلا . مات والدي في حادث طائره وهما عائدان من كانساس . كنت في
الرابعه عشر انذاك “.
فقالت لورا بحنان :
” انني اسفه “.
الم تمر هي ايضا بمثل هذه المحنه ؟
قال دييغو وهو يهز كتفيه :
” الشباب يشفون بسرعه من هذه الصدمات , والان يجب ان نحدد تاريخ العرس .

الزواج المدني يمكن ان يتم خلال اسبوع ,
يوم الجمعه المقبل , والزواج الديني في اليوم التالي “.
” لماذا كل هذه السرعه ؟”.
” كي تجري الامور بصور افضل والى ان يحين هذا الموعد , لا يمكنني ان
اعرض عليك ان تسكني معي في مكسيكو ,
لذلك ساطلب من كونسويلو ان تستقبلك في منزلها “.
قالت بلهجه جافه :
” اريد …. ان ابقى قرب والدي : لماذا لا يمكننا ان نتزوج هنا في
اكابولكو ؟”.
قطب دييغو حاجبيه وقال :
” ” ان معظم الشخصيات الكبرى التي انا بحاجه اليها من اجل قضيه والدك كلها
في مكسيكو , حيث مراكز اعمالها . لذلك فمن الضروري ان يحضروا العرس “.
وضع يده بلطف على يد لورا وقال :
“وتعويضا لذلك , يمكننا ان نعود الى هنا حالا بعد انتهاء حفله العرس ونقضي شهر
العسل في فيلا جاسينتا . وهكذا تتمكننين ان تذهبي لرؤيه والدك يوميا “.
كان عليها ان تكتفي بهذا الوعد , واقترحت على دييغو امهالها يومين للقيام بالاشياء الضروريه
, وقال دييغو ان كل النفقات ستكون على حسابه , فاضطرت الى قبول ذلك لان
المال القليل الذي تحمله لا يكفي لشراء الملابس الفخمه التي من المفروض ان ترتديها كزوجه
السينيور دييغو راميريز .,,,,

الفصل الخامس :

5- لانها تشبه الام …

ضغطت لورا باصابعها المرتجفه على صدغيها كي لا تسمع الاصوات المرتفعه الاتية
من قاعه الاستقبال في الطابق الاسفل .
كان القماش المطرز الذي صنع منه فستان العرس يلوي قامتها النحيفه ,
كما تلوي الريح السنبله الصغيره .
هبطت في الكرسي الصغير الموضوع امام منضده الزينه ذات المرايا المزخرفه ,
وراسها ما يزال بين يديها , ثم اسندت مرفقيها الي المنضده .
هذه الغرفه الشاسعه بدات تخنقها , اثاثها من الخشب الاسود الثقيل , وابواب الخزائن العاليه
المزينه بالمرايا , تعكس سريرا عريضا , يقع في احدى زوايا الغرفه ,
عليه غطاء من قماش موشى بالذهبي والاحمر الغامق .
كل شئ من الطراز الاسباني .
انه ديكور يليق بزوجه مكسيكيه للسينيور دييغو سيزار دافيد راميريز …..
عندما سمعت هذا الاسم , في المركز البلدي , رفعت لورا حاجبيها مستغربه ,
فقال لها دييغو ان والدته اميريكيه الجنسيه ,
نعم هذه الغرفه تليق بعروس مكسيكيه , لكنها تبدو غريبه لفتاه اميريكه عاشت حياتها في
جو بسيط ,
هل نامت والده دييغو في هذا السرير , وهل وضعت فيه ولدها البكر؟
ارتعشت لورا لهذه الفكره , وشعرت بارتياح عندما شاهدت كونسويلو تدخل الغرفه وتقول :
” ارسلني دييغو لاطلب منك ان تستعجلي ” .
بدات لورا تفك سلسله الازرار الصغيره التي تغلق الفستان عند الظهر , فقد جرى تصميم
الفستان لجده دييغو منذ ستين سنه ,
اي قبل اختراع السحابات ,
وهذه السيده العجوز التي استقبلت لورا بلطف في المسكن العائلي في كوبرنافاكا , الحت عليها
كي ترتدي هذا الثوب يوم العرس , وقالت لها بانجليزيه صحيحه :
” كنت احلم دائما بان ترتدي عروس دييغو الفستان نفسه الذي ارتديته عندما تزوجت جده
.
ما من احد في العائله له مقاييس جسمي نفسها سواك “.
نظرت كونسويلو في عين حاسده الى ثوب لورا الحريري الاصفر الموضوع على المقعد وقالت :

” حظك كبير لانك تزوجت من رجل تري “.
فضلت لورا الا ترد .
كانت تعلق فستانها في الخزانه , وتستعد لارتداء ثوبها الاصفر , وهي لا تشعر باي
خجل من خلع ملابسها امام النساء ,
فقد تعودت ذلك كعارضه ازياء .
وكانت كونسويلو تتامل في عين ناقده قامه الفتاه الممشوقه والنحيفه .
” لست ادري كيف انجذب دييغو الى امراه نحيفه مثلك .
ان صديقاته كلهن نساء جميلات ذوات اجسام مليئه “.
قالت لورا و هي تبكل زنار تنورتها :
” صحيح ! ولكن لماذا لم يقع اختياره على واحده منهن ؟”.
” كان دائما متمسكا بفكره واحده , وهي ان ياتي بامراه تحل مكان والدته التي
توفيت عندما كان صغيرا .
انه لايزال اسير هذه الذكرى “.
انتفضت لورا قلقا . قفزت الى ذهنها صوره تلك المراه الشقراء الجميله المعلقه في الجدار
بين عدد من اللوحات تمثل رجالا ونساء كلهم سمر . صحيح ان هناك بعض التشابه
بينهما ,
لكن ذلك لا يؤكد ان دييغو انما اختارها لهذا السبب .
قالت لورا :
” كل ما تقولينه اوهام ! “.
فاجابت كونسويلو :
” لا . لست مخطئه , واذا كان ما اقوله غير صحيح , فلماذا لم
يخترني انا ؟
ان تقاليد بلادنا تقضي بان يتزوج الرجل ارمله اخيه “.
” تلك هي اذا المشكله “.
فكرت لورا وهي تجلس وراء منذده الزينه . كانت كونسويلو تامل في ان يتزوجها دييغو
بعد انتهاء فتره الحداد , لكن بدل ان يفعل ذلك , اختار امراه غريبه …

انها غلطه لا تغتفر , لو كان بامكان لورا ان تقول لها ان زواجها لن
يدوم ,
فقط لان يخرج والدها من السجن بعد اعلان برائته ,
في كل حال , الم يفرض دييغو عليها الزواج , هي التي كانت ترفض تلك
الفكره بقوه “.
قالت لورا :
” كان عليك ان تكلمي دييغو بالامر “.
” ان تكلمني عن ماذا ؟”.
كان صوت دييغو منبعثا من عتبه الغرفه ..
التفتت لورا نحوه , فاقترب منها وهو لا يزال يرتدي بذله العرس الغامقه .
وقد وضع على القبعه قرنفله حمراء .
وبرغم قرار لورا اعتبار هذا الزواج بمثابه اتحاد عابر سببه الوضع المؤسف الذي يعيشه والدها
في السجن .
فانها لم تستطع ان تلجم انفعالها عندما سمعت في الكنيسه كلمات الحب والاخلاص تتدفق من
فم دييغو ,
وتمنت لو ان هذا الزواج كان اكثر من صوره ساخره كئيبه .
وبعد خروجهما من الكنيسه وسط اصدقاء دييغو الذين ملاتهم الدهشه والفرح , توجها الى المسكن
العائلي , حيث كانت قاعات الاستقبال الواسعه تزدحم بمئات المدعووين من الشخصيات ورجال الاعمال ,
الذين حرصوا على تقييم العروس برغم نظرات زوجاتهم الحانقه ,
بينما رمقت بعض السيدات لورا بنظراتهن اللاذعه الخبيثه .
ثم وجه دييغو بعض الكلمات باللغه الاسبانيه الى ارمله اخيه التي هزت كتفيها وخرجت من
الغرفه بعدما صففقت الباب وراءها بحده .
التقت عينا المكسيكي اللاهيتين بعيني لورا في المراه وقال :
” ها نحن اخيرا وحيدان يا زوجتي .
لقد تحملت بعذاب كل هؤلاء الرجال الذين كانوا يحيونك , ولم تخطر ببالي الا فكره
واحده ,
هي ان اخطفك من بين المدعوين واذهب بك الى فيلا جاسينتا باسرع ما يمكن “.

عانق لورا التي شعرت برعشه صغيره , فهمست وهي تلتفت اليه :
” ارجوك ….”.
لكنه لم يسمع . بل راح يعانقها بحنان . مما جعلها تشعر باحاسيس بالغه .

همس في اذنيها قائلا :
” اه لو تعرفين كم احبك هل يجب ان ننتظر حتى نصل الى فيلا جاسينتا
؟
هل تريدين ان اطلب من المدعويين الانصراف ليتسنى لنا ان نكون وحيدين ؟”.
المدعوون يزدحمون في قاعات الاستقبال في الطابق الاسفل . امام هذا المنظر استعادت لورا وعيها
فتخلصت فجاه من عناق دييغو وراحت ترتب نفسها , ثم همست في صوت مخنوق :

” هل نسيت ان هذا الزواج هو مجرد زواج ابيض ؟”.
وبقوه تمسك بكتفيها وحدق في اعماق عينيها وقال :
” سبق لي يا حبيبتي ان قلت لك ان الزواج لن يفسخ , ومن هذا
الزواج ومن هذا الحب سيكون لنا اولاد “.
” لا “.
وضع يده على صدر زوجته حيث كان قلبها ينبض بسرعه جنونيه , ثم همس قائلا
:
” كيف تقولين شيئا كهذا ؟
انك ترغبين في هذا الاتحاد وانا كذلك .
انني اعرف تماما انك تشعرين بان قلبينا ينفعلان في انسجام وتناغم !”.
هذا الكلام الهائم جعلها ترتعش في خوف غامض .
ايه امراه لا تتاثر بكلمات الحنان والغزل من فم رجل جذاب له خبره واسعه في
استماله النساء ؟”.
قالت في عناد وتصلب بالراي وهي تتوجه الى منضده الزينه وتسرح شعرها :
” لا شك انك تهذي يا سينيور ,
انت تعرف جيدا سبب زواجنا .
وهذا الزواج لا دخل له بانجاب الاولاد من اجل استمرار عائله .
راميريز , عندما يخرج والدي من السجن فانني ……”.
توقفت وعضت على شفتيها فسالها دييغو في لطف :
” ماذا ستفعلين يا حبيبتي ؟”.
امسكها من معصمها وادارها نحوه واكمل :
” هل تعتقدين انني بعدما اقسمت بان اكون مخلصا امام اصدقائي والشهود ؟,
سارضى بان تطرديني عندما لا تعودين بحاجه الى لاصبح اضحوكه الجميع ؟؟!! “.
لاااا يا لورا , لقد اصبحت زوجتي ,
وسوف تبقين زوجتي , وانني اتعهد بذلك “.
ارتعشت لورا حين لمحت نظرته المصممه , يبدو ان تهديده ليس مجرد كلام .
انه ينوي الذهاب في الزواج حتى النهايه ,
وسيصر على ان يكون له اولادا ,
مما يؤدي الى استحاله فسخ الزواج ,,, نعم , لكن … نحن في القرن العشرين
,,
باولاد او من دون اولاد كل شئ ممكن حتى الطلاق …..
وبعد ان وضعت احمر الشفاه , تناولت حقيبه يدها وقالت وهي تبتسم :
” انني جاهزه “.
” اذا , هيا بنا , حقائبنا اصبحت في السياره “.
” الا تريد ان تبدل ثيابك ؟”
ابتسم وقال :
” الخدم في فيلا جاسينتا لم يحضروا العرس , وسيفرحون اذا شاهدوني في ثياب العرس
“.
وبطرف اصابعه راح يداعب خدها :
” كما اني اريد ان يفهم كل اللذين سنلتقيهم في طريقنا ان هذه العروس الجميله
هي ملكي “.
ثم اضاف وهو ينظر الى لورا :
” ارجوك من اجل والدك , ان تبذلي كل ما في وسعك كي تظهري امام
الجميع انك الزوجه المحبه “.
صمت المدعوون المتجمعون في المدخل الواسع حول سبيل ماء لمده لحظات لدر رؤيه العروسين يهبطان
السلم , ثم تجمعوا حولهما ووجهوا اليهما التهاني والتمنيات .
وعندما اصبحا في السياره المزينه بالورد , اقلع دييغو بسرعه .
وبعد قليل سلك الطريق المؤديه الى اكابولكو , ومن وقت الى اخر كان يرد باشاره
من يده على تحيات السائقين او الفلاحين الذين لاحظوا بذله العرس , ولم يتبادل مع
لورا الا بعض التعليقات العابره في شان الاماكن التي مروا فيها .
كانت لورا المتكئه باسترخاء على المقعد المريح , تحلم في اليقظه ,
يا لسخريه القدر ,
فقد تزوجت من رجل كانت تريد ان تعتبره الرجل المناسب ,
لولا الظروف الحاضره , انه متدين مثلها , وهذا في رايها امر اساسي .
كما ان دييغو يتمتع بجمال وجاذبيه وثراء و شهره .
اخفضت عينيها على الزمرده المحاطه بحبات الماس الرائعه التي يتالف منها خاتم الزواج الموضوع في
اصبع يدها اليسرى قرب المحبس الذهبي .
دييغو بنفسه وضعه في اصبعها بعدما اجبرها على خلع خاتم الخطبه الذي اهداها اياه برانت
.
وقد بعثت الى خطيبها برساله موسعه , تطلب منه ان يسامحها على تغيير رايها ,

ولم يتسنى له الوقت للرد عليها ,
هل سيتسنى له القراءه بين السطور ليدرك ان لورا ما تزال تحبه ؟.
سالها دييغو فجاه :
” بماذا تفكرين ؟”.
انتفضت , لكنها ردت عليه بصراحه .
” افكر ببرانت خطيبي “.
قطب دييغو حاجبيه وقال :
” لم يعد لك خطيب يا لورا , لديك زوج مصمم على ان يجعل منك
في القريب العاجل زوجته , بكل ما تحمل الكلمه من معنى ……
ثم هذا الذي يدعى برانت , اما كان فعل مثلما سافعل انا الليله لو كان
مكاني ؟”.
اجابته وهي تحاول ان تخفي انفعالها :
” ليس اذا طلبت منه الا يفعل “.
” هذا ما كنت اظن . في عروقه تسري دماء بارده “.
صرخت بعنف وحده :
” انت مخطئ ! ا نه يتمتع برجوله مثلك ,
انما هو انسان متمدن … ولطيف , واقل تطلبا منك “.
” امثال هؤلاء الرجال بطبعهم البارد , يجعلون الدنيا مهجوره من البشر ,
يا لورا المسكينه !
هل تعتقدين ان الغزاه الاسبان كانوا يضيعون وقتهم عندما يغازلون النساء ؟..
لا … عندما كانت تعجبهم المراه التي يلتقونها كانوا يتزوجونها
وما من مره شكت هذه النسوه من شئ “.
سالته لورا في مراره :
” وهل يسمعون شكواهن ؟”.

” ربما لا . اني اعترف بذلك , لكن القليلات هن اللواتي حاولن التخلص من
هذا القدر , ومعظمهم اسس عائلات مثل عائلتي , واعطين اولادهن العطف والحنان والمحبه التي
نالوها من ازواجهم .
لا شك في انهن نساء رائعات عرفن ان يتقبلن مصيرهن .
فقالت لورا بسخريه :
” لم يكن امامهن خيار اخر “.
وصلا الى مدخل اكابولكو ولما رات الشاطئ الرملي الذي تحده اشجار النخيل وجوز الهند ,

فكرت لورا بانفعال انها سترى والدها عما قريب .
الممر الطويل المتعرج الذي يؤدي الى فيلا جاسينتا لم يكن قد قطعته لورا من قبل
,
المره الوحيده التي جاءت فيها مع دييغو الى هنا كانت عن طريق البحر على متن
يخته ,
ظهرت الفيلا من بعيد , جدرانها بيضاء وقرميدها زهري وهي مبنيه على قمه تله صخريه
,
تحيط بها الازهار من كل الجهات , على الشرفه الواسعه وجهتي السلالم العاليه و الجدران
الصغيره والمرتفعات المشجره …. انها فيض من الالوان الزاهيه والروائح العطره .
وما ان توقفت السياره امام الفيلا , حتى انفتح الباب بمصراعيه الكبيرين …
وظهرت جوانيتا الخادمه المسؤوله , وورائها زوجها كارلوس المسؤول الاول في الفيلا .
اسرعت جوانيتا بوجهها الاسمر الضاحك لاستقبال العروسين , فرحه برؤيه سيدها في بذله العرس والقرنفله
الحمراء ,
قبلها دييغو على خديها وصافح من في المنزل
وطلب من جوانيتا ان تحضر الشراب المنعش في غرفه الجلوس .
اخذها الى الصالون الصغير الذي تطل شرفته على البحر
المنظر رااائع .. فتوجهت لورا الى الشرفه لتتمتع بهذا المنظر الخلاب .
الامواج تتكسر على الصخور والرغوه البيضاء ترتفع احيانا بعلو المنزل . ومن جهه اخرى يبدو
الشاطئ الرملي تحميه سلسله صخور تحيط بعرض الشاطئ .
قالت لورا لنفسها : “على الاقل هنا يمكنني ان اسبح بصوره دائمه “.
ظهر دييجو فجاه وقال كانه قرا افكارها :
” من الافضل الا تسبحي الا على الجهه الجنوبيه من الشاطئ ,
فالشاطئ الشمالي ملئ بالتيارات الخطره , افضل شئ هو الاكتفاء بالسباحه في البركه “.
فكرت لورا :” اليس جريمه ان يسبح المرء في البركه عندما يكون البحر على خطى
قريبه منه ؟
شاطئ تحده اشجار النخيل وجوز الهند المليئه بالثمار الناضجه “.
شعرت بيد دييغو تلمس عنقها بينما ترفع يده الاخرى ذقنها وسالها :
” هل تعتقدين حقا ان السباحه هي التسليه الوحيده التي تجدينها في فيلا جاسينتا ,

يا حبيبتي اود ان اقدم لك اكثر … وافضل ….”
وبحركه عنيفه تخلصت لورا من قبضته وقالت :
” اراك واثقا من نفسك !”.
اجابها بصوت خفيض :
” نعم , اني واثق من قدرتي على اسعاد زوجتي , وعندما اضمك بين ذراعي
الليله ,اعدك بانك ستنسين برانت نهائيا “.
فقالت وهي تدير نظرها عنه وتحدق في الخليج :
“كيف تجرؤ على التحدث بهذه الصوره , انت تعرف جيدا ان هذا الزواج ليس سوى
اتفاق ورياء !
يا الهي سامحني لانني ارتكبت صباح هذا اليوم خطيئه مميته ,
فقط لانقاذ حياه والدي , فقد اقسمت بان اخلص لرجل لا احبه . ارجوك الا
تجعلني اضاعف خطاي الى …. الى …..” .
جذبها دييغو نحوه بقوه وقال :
” تقولين انك لا تحبينني !
اني اشعر كلما عانقتك بان هناك تجاوبا لديك .
ومن يقول انك لن تتوصلي الى حبي متى اصبحنا زوجين بالفعل ؟”.
فجاه خفف من حده صوته ونظر اليها بلطف وقال :
” اني اسف يا حبيبتي .. ان تخوفك في محله ,
وهذا شئ طبيعي , الا يمكنك ان تثقي بي . اني قادر على اكون لطيفا
معك “.
ظهرت جوانيتا حامله صينيه :
” شكرا جوانيتا “.
ثم اضاف بعض الكلمات الاسبانيه طالبا من الخادمه ان تفرغ حقائب السيده .
ولما خرجت جوانيتا من قاعه الاستقبال التفت دييغو نحو زوجته وسالها :
” هل يمكنني ان اطلب منك ان تتصرفي كسيده المنزل , يا لورا ؟”.
وبعد تردد قصير , هزت لورا كتفيها واتجهت نحو الطاوله التي وضعت عليها الصينيه ,

كانت تشعر بالتعب وبالعطش بعد المسافه الطويله التي قطعتها في هذا الحر اللاهب ,
فلم تشعر برغبه في التحدث مع الرجل الذي بدات تخشاه ,
عليها ان تحافظ على نشاطها وحماسها وطاقتها لانها ستكون في حاجه اليها هذا المساء لتبقيه
بعيدا عنها .
ومع ذلك فهي تعترف ان شغف دييغو بها وولعه وشوقه , اضافه الى الديكور الروماني
المحيط بيهما , كلها توقظ فيها رغبتها .
ومن حسن حظها . فقد ادرك دييغو انه من الافضل تغيير الموضوع ,
فبدا يتحدث بمرح وطلاقه عن اشياء كثيره وفي الوقت نفسه كان يحتسي الشاي وياكل السندويتشات
الصغيره والحلوى بالكريما التي احضرتها جوانيتا .
” هل تعرفين يا لورا ان هذه الفيلا تحمل اسم جدتي ؟”.
” لا . لم اكن اعرف ان جدتك تدعى جاسينتا “.
” عندما بنى والدي هذا المنزل , اعطاه اسم والدته ….”.
سالته في صوت ساخر :
” ولماذا لم يعطه اسم زوجته “؟.
غاصت نظرات دييغو بتعبير حزين فقال :
” لم توافق جدتي على زواجهما , في الحقيقه يمكن القول ان والدتي لم تستطع
التجاوب مع تقاليد البلاد …..”.
“وما هو اسم والدتك “؟.
” لورا . لورا دايفيس “.
كانها تلقت حماما مثلجا .
هل كانت كونسيويلو على حق عندما قالت ان دييغو لم يتزوجها الا لانها تشبه والدته
؟
حتى انهما تحملان الاسم نفسه …..
سالها دييغو بلطف عندما راها تنتفض :
” ماذا جرى يا حبيبتي , تبدين كانك تخشين حكم جدتي … لكن هل تعتقدين
انها استقبلتك بالحراره وهذا الحب واعارتك فستان عرسها , لو لم تعتبرك الزوجه التي احلم
بها ؟”.
وضعت لورا فنجان الشاي على الطاوله وقالت ببرود :
” لا يهمني كثيرا ما اذا كانت جدتك تقبلني ام لا “.
انها كذبه واضحه . في الحقيقه , احبت لورا كثيرا هذه المراه العجوز التي تتمتع
ببعض الاستبداد والجمال , والتي لا تخفي حبها الكبير لحفيدها الوحيد .
اضافت وهي تنهض دفعه واحده :
” هل يمكنني الان ان اتوجه الى غرفتي ؟”.
ساوصلك الى جناحنا , ان جوانيتا تعد لنا عشاء بسيطا وخفيفا .
لكننا لن نتناوله قبل الثامنه والنصف , وامامنا الكثير من الوقت حتى ذلك الحين “.

تساءلت لورا بعصبيه وهي تتبعه في البهو , ثم في الممر :
” امامنا الوقت كي تفعل ماذا ؟
هل سيحاول تنفيذ ما يجول في خاطره ؟”.
فتح دييغو باب شقتهما الفاخره المستقله تماما عن المنزل .
وفي رواق صغير تطل غرفه نوم شاسعه مزينه ومفروشه في ذوق مترف ولطيف ,
الابواب الزجاجيه تفتح على شرفه مزهره تطل على قسم من الشاطئ ,
وفي وسط الغرفه سرير عريض .
التفتت لورا الى دييغو وقالت :
” بما ان العشاء سيتاخر , فانني اود ان اذهب لزياره والدي قبل ….”
” كلا يا حبيبتي , هذا لا يمكن تحقيقه اليوم “.
فقالت لورا بغضب :
” لكن لماذا ؟ لقد اتفقنا على …..”.
” لقد اتفقنا على ان تتزوجيني ليكون لدي سبب وجيه يمكنني من مساعده والدك على
ان يمثل امام المحكمه باسرع وقت ممكن . لقد وعدتك بان افعل ذلك , وساحقق
هذا الوعد “.
” واتفقنا ايضا على رؤيه والدي “.
فقال بهدوء :
” نعم ساتيح لك ذلك . لكن كثيرين سيفاجاون بان ترغب زوجتي في الابتعاد عني
ليله العرس …
والدك ايضا سيستغرب ذلك ….”.
” لماذا ؟ انه يعرف ان ….”
توقفت لورا عن متابعه الكلام وعضت على شفتيها ,
صحيح .. لا يعرف والدها ان هذا الزواج ليس زواج حب .
” ان والدك يعرف فقط اني احب ابنته اكثر من اي امراه اخرى ,
وان سعادتها هي اقصى ما اتمناه “.
اكثر من اي امراه اخرى . انه يعني والدته …
تضايقت لورا فجاه , وتوجهت نحو النافذه واسندت جبينها الملتهب اليها وراحت تتامل الامواج تتكسر
على الصخور .
لماذا رفض دييغو ان يسمح لها برؤيه والدها الان ؟
هل يخاف اقاويل الخدم , او انه يصر على ان يملكها قبل ان يتسنى لها
الهرب ؟
قالت في جفاف :
” بما انه لا مجال لرؤيه والدي الان فاني افضل ان استريح “.
وفوجئت بقبول دييغو عرضها :
كما تريدين يا حبيبتي , ساتي لاخذك الى العشاء في الثامنه .
استريحي جيدا “.
وبعدما اغلق الباب وراءه , خلعت لورا حذائها العالي وشعرت بالم في راسها ,
فتناولت حبتي مسكن من حقيبتها وتوجهت الى الحمام .
كان الحمام مقسما الى جزئين .
الاول يحتوي على مغسله كبيره وحنفيه مذهبه .وطاوله زينه كبيره تضم عددا كبيرا من الادراج
تعلوها المرايا الرمتفعه حتى السقف ,
اما الجزء الثاني فقد ذكرها بالحمامات الرومانيه . فهو مؤلف من حوض رخامي اخضر في
وسطه نافوره ماء تحيط بها احواض مزروعه باشجار النخيل , وما ان تناولت حبتي المسكن
حتى عادت الى غرفتها وبدات تخلع ملابسها .
فتحت باب الخزانه الواسعه ووجدت في جهه كل ملابسها معلقه باتقان , وفي الجهه الثانيه
كانت ملابس دييغو ,
يا الهي , يجب ان تقنع نفسها انه الان زوجها وانه يحق له ان يضع
ملابسه مع ملابسها .
وبحركه غاضبه تناولت قميص نوم من الساتان الابيض وهرعت الى الحمام ,
حتى المياه الناعمه التي وضعت فيها الاملاح ذات العطور المختلفه لم تساهم في استرخاء عضلاتها
بصوره كامله .
لكن عقلها يعمل باستمرار وتبحث من دون جدوى عن طريقه تجعل دييغو يتراجع عن تصميمه
.
بامكانها ان تهرب من المنزل وتستقل سياره دييغو وتذهب الى اكابولكو . لكن ذلك لن
يخدم قضيتها ولن يعيد الحريه الى والدها .
لا يمكنها الاستغناء عن مساعده دييغو , انها حلقه مفرغه .
خرجت من المغطس ولفت جسدها بمئزر الحمام . ثم راحت تجفف جسمها وارتدت قميص النوم
.
ربما توصلت الى اقناع زوجها بان رجلا يحترم نفسه لا يمكن ان يحقق لنفسه ايه
متعه ضد ارادتها .
تمددت فوق الغطاء الحريري المعرق الذي يلف السرير .
ماذا تفعل كي تجعل دييغو بعيدا عنها .
راحت تقارن بين وضعها بوضع شهرزاد التي نجحت في النجاه من الموت المحتم طوال الف
ليله وليله ..
لانها راحت تروي لشهريار القصص المشوقه التي لا نهايه لها ….
ولكن هل ستتمكن بهذه السهوله من ان تحول دييغو عن الهدف الذي صمم على تحقيقه
؟

الفصل السادس
6-الهمسه الحاسمة

عندما استيقظت لورا كان الظلام قد ملا الغرفة. وللحظات لم تتذكر اين هي، ولا لماذا
هي هنا. لكنها عندما سمعت صوت الباب استعادت ذاكرتها بسرعة.

بدا قلبها ينبض بسرعه جنونية، عندما رات دييغو، في بذله المساء البيضاء، يتقدم بخطوات واسعه
نحو السرير. نظر اليها بدقه وتهلل وجهه عندما شاهد قميص نومها نصف المفتوح.

حاولت لورا اقفال القميص، لكنه ابعد يدها، وجلس قربها و وضع راسه على صدرها. ويصوره
غريزية، وضعت يدها على شعره الاسود مستمتعه بهذه المداعبة.

همس دييغو بصوت مبحوح “انت رائعه الجمال يا حبيبتي”.

وعندما شعرت بجسمه يقترب منها، استعادت وعيها ماذا تفعل بين ذراعي هذا الرجل الذي تسخر
منه، والذي استفاد من نعاسها ليفاجئها؟

الحت بصوت مخنوق:

” ارجوك ابتعد عني”

وبحركه مفاجئه توصلت الى ابعاده عنها.

” لن تسامحنا جوانيتا، اذا لم نتذوق الطعام الذي احضرته خصيصا لنا”

لم تجرؤ لورا على ان تنظر الى زوجها. فسكتت. اخيرا قال دييغو في لهجه ساخرة

” اه، سوف تفهم، انني متاكد انها تفهم.

لكن ربما كنت على حق وسوف ننتظر… ربما هذا افضل…”

القى نظره سريعه على ساعه يده الذهبية، ثم قال.

” اذا اسرعت بارتداء ملابسك، فلن تتاخري عن العشاء. ساختار ما تريدينه”

ابتعد باتجاه الخزانه وعاد حاملا فستانا طويلا من القطن الابيض المقطع بالرسوم الهندسية. وقال لها
وهو يضعه على طرف السرير:

” لديك تشكيله جميله من الملابس الرائعه يا حبيبتي، لكني ساشتري لك الكثير ايضا، مما
يصدر عن دور الازياء الباريسية. وسوف اشتري لك الحلي و…”

قاطعته لورا بسرعة:

” الثياب والحلي لا تهمني ان الشئ الوحيد الذي ارغب فيه هو حريه والدي”

” انت تعرفين جيدا انني سافعل كل جهدي لاحصل عليها. هل تشكين في كلامي؟”

“ساصدقك بسهوله اذا وعدت بالا تلمسني والا تمارس حقوقك كزوج قبل خروج والدي من السجن”.

فقال في تقلص:

” لكن هذا يمكن ان يدوم اسابيع، وربما شهورا! هل تظنين انني من حجر؟ هل
تظنين يامكاني النوم قرب زوجتي كاللوح؟ لا هذا غير وارد… وليس صحيحا سواء باللنسبه الي
او بالنسبه اليك”.

ارتجفت عينا لورا. احست بانها كانت تتجاوب مع مداعبته لها. كيف وصلت الى حد ان
تكشف عواطفها؟

قالت بوضوح:

” لن تكوت صمه مشكله اذا لم نتقاسم السرير نفسه”.

انتفضت عندما رات دييغو، الغاضب، يمسك بمعصمها ويضغط عليه بقوه ويقول:

” لا تتعلقي بالاوهام، يا لورا، قبل نهايه الليل، برضاك او بالقوة، ستصبحين زوجتي. والان
اسرعي. انتظرك في قاعه الاستقبال الصغيرة”.

نظرت اليه بغضب وهو يعبر عتبه الغرفه ويغلق الباب وراءه. من يكون هذا الرجل ليشتهي
امراه ترفضه؟ هل تسليه مقاومتها له وتثيره، بدل ان تبرد اعصابه؟

اذا كان ذلك صحيحا، فستخيب لورا اماله! وعدت نفسها بان تتصرف بين ذراعيه مثل عجينه
رخوة، من دون انفعال. لن تقاومه ولن تشجعه ايضا. ربما تامل بان تمنعه كبرياؤه في
مثل هذه الظروف من ان يرغمها على اطاعته.

بعد هذا القرار شعرت لورا بارتياح. ارتدت الفستان الذي اختاره لها دييغو و وضعت الزينه
والعطور وتوجهت الى غرفه الاستقبال.

كان دييغو مديرا ظهره يحدق في عتمه الليل. راى انعكاس لورا من خلال زجاج النافذة،
فاستدر مسحورا امام زوجته الرائعه في فستانها الابيض. ولما رات نظراته، ندمت لانها لم ترتد
فستانا عاديا اقترب منها بسرعة، ورفع يدها وراح يقبلها وهمس:

” صحيح ان الجواهر لن تزيد من جمالك، يا حبيبتي”

لكنها افلتت منه بلطف وجلست في كنبه مريحة. وسالته متجاهله نظرته المهانة.

” هل يمكنني ان اشرب شيئا؟”

سكب لها دييغو عصير البلح المثلج وسكب لنفسه كوب ماء بالليمون ثم قال بلهجه احتفاليه
يتخللها القليل من السخرية:

” ارفع كاسي لصحتنا “.

ولما لاحظ ان لورا لم تسمع ما قاله افرغ كاسه وجلس في مقعد اخر، وقال
بجفاف

” لم يسبق ان فرضت على امراه شيئا اريده “.

كانت لورا تدرك انه تعرف الى عدد كبير من النساء في حياته. هذا طبيعي لرجل
مثله، يتحلى بمركز رفيع في المجتمع، اضافه الى جاذبيته ورجولته.

شربت العصير وسالته بصوت متردد:

” الشخص، اقصد الاشخاص الذين ستتصل بهم بخصوص والدي، هل بامكانهمان يعجلوا في تحديد موعد
المحاكمة؟”

” لم افعل شيئا حتى الان “.

” لكنك وعدت …”

” لقد وعدت بان احدثهم عن والدك. ويوم عرسي ليس بالظرف المناسب وانت تعرفين ذلك
جيدا. سافعل خلال اسبوع او اسبوعين …”

” اسبوع او اسبوعين، وخلال هذا الوقت، يبقى والدي في السجن. اتجد ذلك طبيعيا؟”

” يجب الا نبالغ في الامر. ان والدك في ايدي امينة. وهو الان يتناول عشاء
فاخرا لا ينقصه اي شئ. ولا حتى الرفقه النسائيه اذا كان هذا ما يرغبه”.

احمرت لورا خجلا وقالت:

” كيف تجرؤ ان تقول … هذا … عن ابي …”

” ان والدك رجل مثل بقيه الرجال، اليس كذلك؟”

بعدما طرقت الباب دخلت جوانيتا، مضطربه ومعتذره عن تاخرها

فقال دييغو بلطف:

” هذا غير مهم، يا جوانيتا، لم تنته السينيورا من كاسها بعد “.

” شكرا، سينيور العشاء حاضر “.

وبعدما خرجت الخادمه واغلقت الباب وراءها، نهض دييغو وقال:

” لو سمحت ان تنهي عصيرك يا حبيبتي، كي نذهب الى العشاء. لقد امضت جوانيتا
ساعات تعد الطعام. ولا داعي لان ندعها تنتظرنا اكثر”.

فقالت لورا وهي تفرغ كاسها.

” ليس في نيتي ازعاج جوانيتا، ابدا”

قالت لورا لنفسها : “ان دييغو يحترم موظفيه ويحرص على راحتهم، بينما رغباتها هي تبدو
اخر اهتماماته. يالسخريه القدر! ”

قال وهو يتابط ذراعها:

” لورا. اسمعي جيدا. لا اريد ان تعرف جوانيتا اننا لم نتزوج عن حب. فهي
تنتظر هذا اليوم منذ زمن ..”

اجابت لورا بقسوه وهي تفلت من قبضته:

” تبا لجوانيتا وللجميع في كل حال، ليست جوانيتا من يضطر مقاسمتك سريرك ومائدتك “.

تقدمت امامه في خطى اكيدة، لكنها توقفت في منتصف الممر، ضائعه امام العدد الهائل من
الابواب لا تعرف اي منها تختار. ومن دون كلمه لحق بها دييغو ثم ادخلها الى
قاعه الطعام المتصله بالدار الكبير بباب ذي مصراعين. غرفه الطعام بسيطة، لا تشبه في شئ
غرفه الطعام الواسعه بقصره في مكسيكو.

فكرت لورا وهي تتامل الطاوله الممدوده في دقه وفن:

” يالها من ورطه “. ان اي فتاه في العالم تحلم بمثل هذا الديكور ليله
عرسها. برفقه زوج جذاب مثله! لماذا اختار هذا الرجل المتعجرف، الجذاب الذي يستطيع ان يملك
كل النساء، اختارها هي بالذات؟

ظهرت جوانيتا حامله الوجبه الاولى المؤلفه من اللوبياء المتبله بالحشائش العطريه والجبن والصالصه الحامضة. انه
حساء شعبي اعجبها طعمه، لكنها لم تكن قادره على احتساء الا القليل منه لانه حار.
الوجبه الثانيه كانت مؤلفه لحم الاوز المطبوخ. اكلت بعضا منها. ولم يكف دييغو من النظر
اليها بشكل مبهم. كان يلعب مع طريدته لعبه الهر والفار …

ولما مدت يدها لتتذوق العنب الهندي سالها دييغو فجاة:

” منذ متى عقدت خطبتك على هذا الاميركي؟ ”

فقالت متعجبة:

” برانت؟ ”

اجاب بخشونة:

” هل كان الكثير قبله؟ ”

” كلا. هو فقط. انه الرجل الاول الذي تعرفت اليه منذ خروجي من الدير. كنت
اسمع دائما اخبار صديقاتي. يتحدثن بفرح عن اصدقائهن الرجال. الذين تعرفن اليهم خلال العطله الصيفية.
اما انا فكنت امضي عطلتي على متن سفينه والدي وهذا كان يكفيني حقا “.

” الى ان دخل برانت في حياتك؟ ”

” نعم. انه يملك كل ما ترغب اي امراه ان تجده في الرجل “.

وعندما رات وجه دييغو يتجهم اضافت:

انه شاب حسن المظهر، ساحر، تحبه الفتيات. وقد حسدتني العديدات عليه ”

انهت كلماتها بصوت مخنوق. وتذكرت بدقه غريبة، السبب الذي دفعها الى قبول الزواج من الاميكري
برانت.

ذات مره عادا باكرا من عطله نهايه الاسبوع، امضياها لورا وبرانت في منزل والديه. وبرغم
استقبالهما الحميم لها، والحاح برانت بالذات، كانت لورا متردده في ان تعده بالزواج. صحيح ان
المحامي الشاب يتمتع بمزايا عديدة، لكنها كانت تشعر بانه جدي اكثر من اللازم. نادرا ما
كان يعانقها او يداعبها، لم يكن قادرا على ان ينس لحظة، ان لورا تلقت تربيتها
على ايدي الراهبات.

ومع ذلك، وفي ذلك اليوم بالذات، اتخذت قرارا نهائيا بان تتزوجه، بعدما رات والدها يعانق
فتاه سمراء على سطح السفينة. التي كانت تتوجه نحوها برفقه برانت.

ومن دون تردد، التفت لورا برفيقها واقترحت عليه ان يعودا من حيث اتيا، او بالاحرى
الى مطعم قريب لشرب القهوة.

لم تكن تريد ان ترى والدها في هذه الحالة. وفهمت حينئذ انه لم يعد لها
مكان في حياه والدها.

صحيح ان برانت فوجئ بقرارها، لكنه لم يظهر استغرابه. فهو بتمتع باعصاب هادئه الى درجه
الغيظ.

قال دييغو بصراحه قاسية:

” لاشك ان احدى الفتيات التي كانت تغار منك، ستكون مسروره جدا لان تستعيد حبيبك
القديم “.

اخفضت لورا عينيها. حزن قلبها امام فكره ان برانت يغازل امراه اخرى. نهضت وقالت متثائبه
في الوقت الذي دخلت فيه جوانيتا حامله صينيه القهوة.

” اني مرهقه واريد …ان اذهب الى غرفتي “.

نهض دييغو في الحالو وضع ذراعه حول كتف لورا وقال للخادمة:

” ان السينيورا متعبه بعد هذا النهار الطويل. لن نتناول القهوه “.

ابتسمت جوانيتا وقالت:

” نعم سينيور. ليله سعيده “.

ولما وصلت الى غرفتها، حاولت لورا اغلاق الباب على دييغو، لكنها لم تنجح.

توجهت الى منضده الزينه وخلعت حلقها الماسيه و وضعتها في علبه الجواهر. ثم قالت بجفاف:

” في منزل شاسع كهذا، لاشك ان غرف النوم عديده “.

فقال بهدوء:

” نعم. لكنني قررت ان اتقاسم هذه الغرفه مع زوجتي “.

صرخت لورا:

” انا لست زوجتك”.

قال وهو يرفع يدها اليسرى ويتامل محبسها الذي وضعه في اصبعها في الصباح:

” لكن، يا حبيبتي، هذا هو الدليل …”

فقالت وهي تسحب يدها:

” كل هذا مسرحيه محزنه وانت تعرف ذلك جيدا. كيف استطيع التعبير عن محبتي لرجل
لا اعرفه؟ فكيف اذا كنت لا احبه! ”

لمع وجه دييغو وقال بصوت مداعب:

” غالبا ما ياتي الحب بعد الزواج يا حبيبتي.. ان الزوج الحنون والمهتم يعرف كيف
يجلب الحب الى قلب زوجته…”

فقالت وهي تدير ظهرها:

” صحيح انني ترعرعت في دير. لكنني نشات في بلد حر حيث النساء عرفن منذ
زمن طويل كيف يتخلين عن سيطره الجنس القوي “.

” اذا فانت تفضلين ذلك الاميركي الفاتر الذي نشلتك من بين يديه. حبيبتي. سوف نرى…ساتركك
عشر دقائق فقط لاغير ملابسي “.

ظلت لورا محدقه للحظه طويله في الباب حيث خرج دييغو. لا شك انه ذهب الى
غرفه اخرى ليغير ثيابه. سوف تقفل الباب. ومن المؤكد انه لن يحاول خلع الباب خوفا
من ازعاج جوانيتا..

ولكن لا مفتاح بالباب، لا في الخارج ولا في الداخل! كاجت ان تجهش بالبكاء. وفجاة،
اتخذت قرارها النهائي. فخلعت فستانها وارتدت قميص نوم حريرية، وكانت متاكده من شئ واحد: قد
يمتلكها دييغو هذه الليله لكنها لكنها ستفعل المستحيل كي لا تدعه يشعر باي اكتفاء لكبريائه
وعزه نفسه.

لم تكن لورا تدرك الوقت الذي مر، فاغلقت باب الحمام وراءها وراحت تغسل اسنانها وتزيل
الزينه عن وجهها. ثم سرحت شعرها.

عيناها الخضراوان تعكسان نوعا من الالهام والوله. حلمت مثل اي فتاه شابه بليله عرسها، لكن
بصوره غير واضحة. كانت دائما تتصور زوجا جذابا، حالما و رومنطيقيا، يعرف ما تطلبه المراه
في مثل هذه المناسبة.

فجاه انفتح الباب واطل دييغو مرتديا مئزرا من الحرير. اه كم هو بعيد من رجل
احلامها الناعم! قالت بصوت متقطع لتربح بعض الوقت:

” لست…لست جاهزه “.

ومن دون ان يتحرك ظل يتاملها من راسها الى اصابع قدميها. فالتفتت لورا بعصبيه نحو
المغسله لترتب بعض الاغراض. فامرها باختصار:

” اتركي هذا كله وتعالي ”

وبحركه من اصابعها المرتجفه اوقعت لورا معجون الاسنان. ثم وكان صوت دييغو سحرها، اقتربت ببطء
وكانها مخدرة، فضهما الى صدره بشدة. ثم حملها بين ذراعيه كالريشه وتوجه بها الى الغرفه
وهو يهمس بكلمات ناعمه وساحرة.

وضعها على السرير بلطف، وجلس قربها. كانت لورا جامده كالثلج وهو غارق في مداعبتها… لكنها
لم تستطع الاستمرار في الصمود

قرارها ان تظل بارده كالحجر بين ذراعي زوجها لم ينفذ، لانها كانت تشعر باحاسيس مثيره
من جراء ملامساته البارعة.

همس دييغو بحراره وبالاسبانية:

” حبيبتي، اني احبك ”

وغريزيا كانت لورا تداعب كتفيه قبل ان تغرز اصابعها في شعره الاسود. كانت تهمهم باللغه
الانكليزيه بكلمات متقطعه ثم قالت من دون وعي

” اه برانت،حبيبي! ”

عم صمت لبضع ثوان. ثم سحب دييغو شعرها بعنف وهمس بصوت اجش:

” ماذا قلت؟ ”

انتفضت لورا في ارتعاشه غير اراديه واستعادت بروده اعصابها. انها تحمل الحل لجميع مشاكلها. كيف
لم تفكر في ذلك من قبل ؟

فقالت في برائه متصنعة:

” هل قلت شيئا ما؟ ”

فقال وهو يرمقها بنظره غاضبة:

” لقد همست باسم برانت ”

فقالت وهي تقطب حاجبيها:

” اه، ليس ذلك غريبا في مثل هذه الحالة…برانت وانا كنا…”

وتوقفت تاركه دييغو ينهي الجملة. كانت تشعر بان جسمه يرتجف غضبا. فسالها بهدوء يشوبه تهديد
واضح:

” هل كان عشيقك؟ ”

تطلعت اليه بنظره خاليه من اي تعبير وقالت ضاحكة:

” وماذا كنت تتصور؟ في الولايات المتحده الاميركيه يتمتع المخطوبين بحريه اقوى من هذه البلاد!
هل كنت تتصور ان برانت وانا يمكننا التوصل الى الاتفاق على الزواج من دون ان
نعرف مسبقا اننا منسجمان على جميع الاصعدة؟ ”

رفع دييغو مرفقيه وسمرها على السرير ونظر اليها بغضب وقال وهو يشد بشعرها”

” لا اريد ان امارس حقوقي مع امراه سبق وعرفت رجلا اخر. لماذا تزوجت مني؟
لماذا؟

فقالت وهي ترفع كتفيها:

” لانك لم تترك لي اي خيار ان والدي …”

قفز دييغو من السرير وهو يطلق سيلا من الشتائم باللغه الاسبانية. و وضع مئزره والتفت
الى لورا ورمقها بنظرات حقيرة.

” والدك… دائما والدك … هل تتصورين انني بعد كل هذا العار، سارفع اصبعا واحدا
لاساعده على الخروج من هذه الورطه التي وضع نفسه فيها؟ يمكنه ان يمضي حياته كلها
في السجن! ”

بعد هذه الملاحظة، خرج من الغرفة، تاركا لورا في حاله انهيار. نجحت في انقاذ نفسها
ولكن ماذا كان الثمن؟

الفصل السابع …….

7 – مشاعر متناقضه …..

“لورا “.
غصبا عنها فتحت لورا عينيها الناعستين وتسائلت في خوف اين هي .
ثم تعرفت الى الوجه القاسي , ذي الملامح النبيله المتعجرفة
الذي كان يترائى لها في نومها الملئ بالكوابيس .
وبحركه من يده , اشار دييغو الى الصينيه الموضوعه على الطاوله ثم قال :
” جئتك بطعام الفطور . كان يجب ان افعل هذا والا استغربت جوانيتا الامر و
……..”.
تقوقعت لورا وسالته :
” ماذا ….. ماذا قلت لها ؟”.
اجاب وهو يتجه نحو النوافذ , ويفتح الستائر تاركا النور يدخل بقوه الى الغرفه :

” هل اعتقدت بانني ساقول لها الحقيقه ؟
اي اني امضيت الليل بعيدا عن زوجتي التي وهبت نفسها لرجل اخر ؟”.
تكلم من دون غضب وبصوت حزين , شعرت لورا بالدمع يصعد الى عينيها متاثره بكبريائه
.
كانت تريد ان تتراجع عما قالته بالامس وان تقسم له ان برانت احترمها دائما ,
وانه هو , دييغو بالذات هو الذي عرف كيف يحرك المشاعر التي كانت تجهلها حتى
الان هذه الليله , ليله الحب المتقطع وضعتها على شفير الانهيار وكانت سببا في ارقها
.
ومن دون كلمه , جلست في سريرها والقت نظره خاطفه الى الصينيه المليئه بالماكل الشهيه
.
في سله كان الخبز الصغير الطازج والساخن والزبده الشهيه بشكل اصفاد موضوعه في صحن من
الكريستال الثمين , وقرب ابريق القهوه المصنوع من الفضه وضعت ورده حمراء في مزهريه صغيره
.
فهمست لورا بصوت خافت :
” شكرا لهذا الفطور .. الورده …. رائعه “.
قال دييغو وهو يقترب من السرير :
“ليس انا من اعد الصينيه . عليك ان تشكري جوانيتا “.
” اه”
لماذ خاب املها الى هذه الدرجه . لا تعرف ؟
وفي حركه خاليه من اي حنان , اخرج دييغو من جيبه علبه صغيره ورماها على
السرير واضاف بسخريه :
” من عاداتنا ان نقدم هديه الى العروس , شاكرين لها محبتها ورقتها خلال ليله
العرس , من الافضل ان تاخذيها “.
اخذت لورا العلبه بيديها المرتجفتين وفتحتها بعنايه , وجدت لورا داخل العلبه المبطنه بقماش الساتان
الابيض زوجان من الحلق , مصنوعان من الزمرد المحاط بحبات الماس , التي تشبه خاتم
خطبتها .
” ارجو ان تضعيها هذه الليله خلال العشاء “.
تلعثمت وهي تنظر الى وجه دييغو الحزين :
” انها رائعه جدا . لكن يجب ان تحتفظ بها لزوجتك “.
” انت زوجتي , وكما سبق وقلت لك , لن اتزوج الا مره واحده في
حياتي “.
سالته بعد زفره عميقه :
” حتى بعد كل ما حدث الليله الماضيه ؟”.
ثم اضافت بعدما اطلقت ضحكه خاليه من الشعور باي فرح :
” لكنك لست ناسكا “.
” لم اعتد العيش كناسك , وبانتظار ان انسى خيبه املي بعد خداعك لي ,

فلن تنقصني النساء عندما ارى انني بحاجه الى واحده “.
قالت وكانها تلقت صفعه :
” والنساء الاخيرات , السن جديرات بالاحتقار ؟”.
فاجابها بصوت هادئ وهو يتجه نحو الباب :
” لا تخلطي الاشياء , لم يسبق ان فكرت ان تكون زوجتي واحده منهن .

احتسي القهوه ثم تعالي لنسبح في البركه قبل الغداء وسنذهب لزياره والدك في فتره بعد
الظهر “.
شعرت لورا بجفاف في حلقها , فسكبت عده فناجين قهوه شربتها بنهم .
لم يكن وضعها افضل من يوم امس , سيبدا لعبه الهر والفار .
ومتى سئم من النساء سيفرض عليها ان تقوم بواجباتها الزوجيه ,
وسيعرف حينذاك انها كذبت عليه فيما يتعلق ببرانت …..
لكن في الوقت الحاضر يبدو انه عاد عن قراره في اهمال والدها وتركه الى القدر
,
وهذا في حد ذاته انتصار .
عندما خرجت لورا من غرفتها , كانت الساعه العاشرة
وفي الممر التقت جوانيتا التي احمر وجهها ,
لاشك في ان الخادمه اعتبرت ذلك ناتجا عن قضائها ليله رائعه بين ذراعي زوجها .

فقالت الخادمه وهي تتامل لورا من شعرها المرفوع الى الوراء الى قدميها النحيفتين مرورا بفستانها
المزهر :
” صباح الخير سينيورا راميريز “.
” صباح الخير يا جوانيتا “.
بدت الخادمه مسروره من ان الفتاه الامريكيه تجيد اللغه الاسبانيه , فقالت جوابا على احد
اسالتها .
” ان السينيور في البركه , يمكنني ان اجلب لك بعض الشراب , اذا كنت
تريدين ذلك “.
” شكرا , افضل بعض القهوه اذا كان هذا ممكنا “.
” ساعد القهوه في الحال “.
قطعت لورا بهوا في وسطه سبيل ماء واسع ,
حوله النباتات المتسلقه على اعمده حديديه ,
فجاه شاهدت بركه السباحه المستطيله ذات اللون الازرق الفيروزي تلمع تحت سماء شديده الزرقه .

وتاملت بامعان شديد شبح دييغو على حافه البركه وبالرغم منها بدا قلبها ينبض بسرعه وهي
تتامل جسمه الجميل الملئ بالرجوله وكتفيه العريضتين وقدميه المعضلتين .
كان واقفا يستعد لقفزه . ومن دون ان يراها رفع ذراعيه الى الشمس ,
ثم قفز تحت الماء ولم يظهر الا بعد ان وصل الى الطرف الاخر من البركه
.
وخلال عمليه الغطس , جلست لورا على سرير بحر مبطن وراحت تدهن قدميها بزيت واق
للشمس .
وفجاه شعرت بدييغو يقترب منها ويتوقف قربها وهو يلاحظ ما تفعله ومن دون ان ترفع
عينيها طلت تدلك قدميها لتدخل الزيت الى بشرتها .
اخيرا قال بصوت جاف :
“اتصور ان شمسنا المكسيكيه الحاره ستتردد في التسرب الى بشرتك بعد هذا التدليك “.
كانت تفكر فيما اذا كانت هذه الكلمات تعني شيئا اخر ,
واذا بدييغو يتناول الانبوب من يديها ويشير الى كتفيها :
“هل تسمحين لي بان ادلك كتفيك …”
” بوسعي ان افعل ذلك بنفسي “.
لم يابه دييغو لرفضها بل وضع في يده قليلا من الزيت وراح يدلك كتفيها بلطف
وشعرت بانه يملك اصابع ذهبيه , فهذا التدليك الخفيف ساعدها على الاسترخاء بعد انفعالات الساعات
الماضيه وليلتها البيضاء , فاسترخت واغمضت عينيها الى ان شعرت بيد دييغو تقترب من صدرها
, وانفاسه تلامس اذنها , فشعرت بقشعريره تعبر جسمها , فانتفضت واقفه .
” اه . عفوا يا سينيورا , احضرت القهوه كما طلبت ….”
ولدى سماعها صوت جوانيتا التفتت لورا بسرعه واحمرت خجلا .
لا شك في ان الخادمه شاهدت دييغو يلامسها ولربما اعتقدت انه يهمس في اذنيها بكلمات
الحب المعسوله .
وعلى وجهها تعبير يقول بان ما تراه او تسمععه شئ طبيعي جدا .
قالت لورا عندما اختفت جوانيتا عن الانظار :
” كيف تجرؤ على هذا , لا شك انها فكرت….”
هز كتفيه وجلس على طرف سرير البحر وسكب لها القهوه وقال :
” في كل حال انتبهت بسرعه الى عينيك المتاججتين , لا شك في انها وزوجها
سعيدان ومبتهجان لليله عرسها ….”
ثم قدم لها القهوه في فنجان مصنوع من الخزف الصيني , فقالت بصوت ساخر :

“اني اعجب لاهتمامك براي الموظفين والخدم “.
” لا يمكنك ان تفهمي … عندما كنت صغيرا , كنت اتي الى هنا خلال
العطله المدرسيه ,
وكان كارلوس وجوانيتا بمثابه والدى .
وهما الان سعيدان جدا لرؤيتي متزوجا .. ويحلمان برؤيه ابنائي يقفزون على احضانهما ,
ولذلك , فلا اريد ان اخيب المالهما “.
اتكات لورا بعنف على ارائك السرير فاندلقت القهوه على الصحن ,
فاذا بدييغو ياخذ الفنجان من يدها و ينظفه ثم يعيده اليها قائلا :
” كوني حذره يا حبيبتي “.
قالت في تحد :
” من الذي يمنعني من ان اقول لهما ان زواجنا ليس سوى مسرحيه ..!!”.
” اولا , لن يصدقالك , ثم , رغبه مني بان اكذب اقوالك , فلن
اتاخر عن المطالبه بحقوقي الزوجيه والحصول عليها “.
” صحيح ..؟؟ وما راي والدتك بالامر , لو كانت لا تزال حيه “.
لكنها كانت قد وعدت نفسها بالا تدعه يعرف بان تلميحات كونسويلو فيما يتعلق بتشابهها مع
والدته قد جرحت شعورها , فسالها بصوت مبحوح :
“من حدثك عن امي ؟”.
” لقد شاهدت صورتها في مكسيكو … ان شبهها بي قوي جدا “.
فقال وهو يتاملها من راسها حتى قدميها :
” ليس هذا رايي , الشبه هو مجرد شبه سطحي , في الواقع , ليس
بينكما اي شئ متشابه “.
صمت لحظه ثم نهض قائلا :
” سوف اسبح قليلا قبل موعد الغداء , هل تاتين معي ؟”.
هزت لورا راسها بالنفي , فقفز دييغو في البركه وطرطشها بالماء الذي انعش بشرتها الملتهبه
,
لمااذ لم تتبعه الى البركه برغم حراره الطقس ؟
احتلها شعور بالخدر والخمول , لكنها لم تكن توقف عن التفكير بصوره مستمره .
في كل حال , ربما كان من الافضل الا تلحق به في الماء ,
ربما حدث احتكاك بينهما وهي تعرف انها عاجزه عن مقاومه رغبتها بالاستسلام له كلما اقترب
منها ولمس جسمها .
متى اصبح والدها خارج السجن , سوف تفسخ هذا الزواج الذي فرضه عليها دييغو ,

وتغاذر البلاد ومن السهل ان تحصل في بلادها على فسخ للزواج بطريقه اسهل مما يجري
في مكسيكو .
اوقف دييغو سيارته المرسيدس قرب مركز الشرطه , ثم حدج لورا بنظره تهكميه وقال :

“تشبهين كثيرا امراه عانسا مهانه يا حبيبتي , اكثر من عروس متالقه بعدما امضت الليل
بين ذراعي زوجها , يجب معالجه هذا الامر “.
فالتفتت لورا نحوه وانفجرت غاضبه وقالت :
” هل تعتقد ان والدي سيصدق كل هذا الرياء والكذب ؟
والدي ووالدتي احبا بعضهما البعض منذ اللحظه التي التقيا فيها .
ويعرف والدي تماما كيف يظهر الحب والغرام في عيون العروسين وخاصه بعد ….. بعد …..
اوه … ”
اكمل دييغو ببرود :
“بعد ليله عرسهما . اسمحي لي بان اقول لك يا عزيزتي ان والدتك لم تكن
بكل تاكيد قد نامت مع رجل اخر قبل ان تتزوج والدك “.
استغرابها المصدوم مات على شفتيها , لان دييغو جذبها نحوه وخلع نظارتيها ,
ثم رفع ذقنها بنعومه وحدق في عينيها الخضراوين الناقمتين , ثم من غير مبالاه بنظرات
الشرطه التي تستعد للدخول الى المركز , احنى راسه على وجه لورا التي راح قللبها
ينبض بسرعه جنونيه , ارادت ان ترفع يدها لتبعده عنها , لكنها لاحظت انه انتزع
من شعرها الدبابيس وانسدل شعرها الاشقر على كتفيها .
تقلصت حتى لا تنساق مع هذه الاحاسيس المتيقظه من جراء هذا الاقتحام المنتظر .
عناق دييغو واصابعه التي تلامس شعرها وعنقها , كلها تساهم في فقدانها لوعيها ,
وادركت ان برانت لم يكن قادرا على ان يشفي غليلها ويطفئ الظما الذي تشعر به

همست في اذنه بصوت مذهول :
” .. دييغو …. ”
ولما دفعها عنه فجاه , شعرت بصدمه كبيره ,
وخلال لحظه , راح يتاملها مثل فنان معجب بلوحته ,
ثم قال لها بصوت مبحوح :
” والان لا شك في انك تبدين متعه للنظر , سوف يتاكد والدك من اننا
عاشقان متيمان ,
ولما راها تبحث في حقيبتها عن مشط وحمره الشفاه قال :
” لا . لا تفغلي شيئا , والا اضطررت الى ان اعيد الكره “.
تناولت لورا نظارتيها لكن دييغو اعترضهاقائلا :
” اتركي النظارات هنا, ان نظراتك … كاشفه “.
وبرغم غضبها لم تكن لورا مستاءه من وجود دييغو معها ,,
الشرطي البدين الذي راته خلال زيارتها الاولى نهض لاستقبالهما في ابتسامه مجامله ,
لكن الشرطيين الاخرين راحا يحدقان بها بطريقه وقحة,
مما جعلها تلتصق بدييغو الذي وضع ذراعيه حول خصرها ,
ولم يتركها الا عندما وصلا الى زنزانه والدها , ولما فتح السجان الباب اسرعت لورا
الى داخل الغرفه , تبحث عن والدها الذي كان ممددا على السرير وراسه في اتجاه
الحائط وقد حل مكان السرير الصغير سرير واسع عليه الشراشف الملونه .
” ابي … هذا انا “.
استدار دان وفتح عينيه كانه يستيقظ من نوم عميق ….
” لورا ؟ هذه انت حقا ؟”.

انتصب بصعوبه وجلس على حافه السرير ,
ثم نهض وعانق ابنته وشدها الى صدره ثم قال بصوت ثقيل :
” كنت احلم , عفوا يا ابنتي , لم انتظر ان اراك بهذه السرعه بعد
الزواج , والا لرتبت غرفتي ,
اقبل مني احر التهاني يا دييغو ..”
ثم ابتعد عن ابنته قليلا ليتاملها عن قرب .
واستغربت لورا ان ترى بشرته داكنه . فقال دان بابتسامه طبيعيه :
” ارى ان الزواج يليق بك يا صغيرتي , لم يسبق لي ان رايتك مشعه
كاليوم واني سعيد جدا لذلك “.
قالت بصوت خافت :
” كنت اود لو حضرت حفله العرس , يا ابي , لم يكن هناك احد
من عائلتي ..”
ضغط دان على يدها وقال بانفعال بعد صمت طويل :
” كان هناك زوجك , انه يساوي كل اهلك و اصدقائك “.
كتمت لورا احاسيسها والتفتت عفويا الى دييغو وفوجئت ان رات في عينيه الحنان والمحبه ,

فقالت بصوت منخفض :
” نعم …. كان هناك دييغو “.
قال دان :
” لنجلس ونتحدث قليلا , لا اريد ان احتجزكما كثيرا ,
لا شك انكما ترغبان ان تكونا وحيدين . كما اننا لسنا في فندق من الدرجه
الاولى .
لكن منذ زياره لورا الاخيره , اصبحت غرفته مريحه جدا , وضعت المقاعد الجلديه حول
الطاوله وخزانه مليئه بالملابس , وعلى الطاوله اباريق القهوه والشاي وبراد يحوي على المشروبات المنعشه
.
” دييغو اريد ان اشكرك لكل ما فعلته لتجعل هذا المكان مريحا , كما احب
ان اشرب شيئا على شرفكما .
ماذا تريدين ان تشربي يا لورا ؟”
كانت على وشك الرفض , لكن نظرات دييغو جعلتها تغير رايها ,
فقالت :
“اريد قليلا من الشاي “.
وقام دييغو يسكب الشاي للجميع . واذا بدان يرفع كاسه ويقول وهو ينظر الى ابنته
بانفعال كبير :
“ليكن زواجكما سعيدا كما كان زواجي “.
احمرت لورا خجلا وجرعت الشاي وكادت تختنق ثم قالت :
” اعرف جيدا يا ابي ان زواجك كان فريدا من نوعه “.
لم يكن بامكانها التصور انه سياتي يوم ويشرب والدها على شرفها في زنزانه مكسيكيه ,
كان عرسها من رجل حقير ؟
هي التي كانت تحلم ان يرافقها والدها الى العرس ويسلمها الى برانت ,
امر غريب للغايه ….
فجاه , عادت الى وعيها وتبين لها ان والدها و زوجها يتحدثان كانهما صديقان قديمان
.
اه لو انها قادره على ان تفتح قلبها لدان , او ان تبقى معه لوحدها
بضعه دقائق , خلال الفرص المدرسيه التي كانت تمضيها برفقه والدها على متن سفينته برباره
, كان دان دائما يصغي اليها بانتباه لكل مشاكل واحزان الطفوله والمراهقه .
اما اليوم والوضع معها متازم , فان والدها هو اخر من يمكنها ان تشكو اليه
او تفتح له قلبها .
نهض دييغو كانه احس بمدى توترها , ووضع فنجانه على الطاوله وقال في محبه :

” يجب ان نذهب الان يا حبيبتي “.
ثم اضاف وهو يلتفت نحو عمه :
” تامل خادمتي ان يكون العشاء الليله انجح مما كان عليه عشاء الامس ….”
ابتسم دان ترانت بينما ابتعد دييغو نحو الباب تاركا الابنه والاب يودعان بعضهما البعض على
حده ..
همس دان في صوت مبحوح :
” لقد عثرت على زوج محب يا حبيبتي .. اعتني به جيدا , هذا ما
فعلته امك ولم تندم ابدا على هذا “.
ارادت لورا ان تصرخ له انها نادمه على زواجها من هذا الرجل الذي لا تحب
ولا يمكنها ان تحبه ابدا “.
” انت تحب دييغو كثيرا .. اليس كذلك يا ابي ؟”.
اجابها دان وهو يتفحصها بنظراته :
” نعم , سيكون صالحا لك يا صغيرتي . لقد عرفت ذلك منذ المره الاولى
, عندما رايته ينظر اليك في الميرادور
, كما انني فخور جدا بابنتي , واعتقد ان دييغو محظوظ ايضا و مسرور لانه
تعرف اليك , لقد قلت له ذلك . وكا من رايي “.
سالته لورا من دون ان تخفي مرارتها :
” والان ؟”.
قال دان وقد فاجاته لهجتها الحزينه :
” كان شيئا ما يزعجك يا ابنتي , الست سعيده ؟
احيانا يشعر المرء بالانصدام بعد ليله العرس الاولى , لكن الامور تتبدل بسرعه , سوف
ترين ذلك “.
ادركت لورا انها تشكو بطريقه غير مباشره , فقامت بجهد وابتسمت وقالت :
” بلى انا سعيده , لا يمكنني ان اتصور العيش من دون دييغو “.
فرح لجوابها . غصت لور وخرجت لتوها من الزنزانه . طوقها دييغو بذراعيه ورافقها في
الممشى ولم تتمكن من اخفاء دموعها .
ولما وصلا الى الساره سالها دييغو :
” هل هناك ما يزعجك ؟”.
” طبعا . لماذا الاستغراب ؟ اني متزوجه من رجل ترعبني مجرد رؤيته ووالدي مسجون
في هذا المكان المرعب “.
قامت بحركه غاضبه باتجاه السجن الواقع على الجهه الثانيه من الطريق .
وبالصدفه وقع نطرها على وجه دييغو , فانتبهت الى تغير ملامحه بهذه السرعه الرهيبه .
فقدت عيناه لمعانهما وحرارتهما العاديه .
وتقلص وجهه ومن دون كلمه اقلع بسيارته .
وخلال الطريق عم الصمت , مره او مرتين القت لورا بنظره خاطفه باتجاهه
اوقف السياره امام المنزل واخذ لورا بذراعها وجذبها بقوه نحو الشقه من دون ان يلاحظ
نظره جوانيتا المتفاجاه وكانت لورا تنتظر في ان تراه ينتقم منها بطريقه .. طبيعيه .

لكنها ظلت جامده مستعده لكل شئ ما عدا رؤيه ملامح وجهه الجامده ..
فهمست بعدما دفعها بقوه الى داخل الغرفه :
” دييغو ”
ثم رددت بصوت مرتجف وهي ترفع عينيها نحوه :
” دييغو .. دييغو “. ” اجلسي ”
تقدمت خطوه منه وفي نظراتها توسل …..
” اجلسي . اني امرك ان تجلسي , اسمعيني جيدا “.
جلست لورا في مقعد وهي تحدق فيه ..
توجه دييغو الى النافذه وادار لها ظهره وبعد صمت طويل قال بدون ان يلتفت اليها
:
” لقد اخطات ,,, اخطات عندما تزوجتك بعدما انتزعتك من خطيبك ,, واخطات في الاستفاده
من وضع والدك لارغمك على الزواج الكريه بنظرك .
كنت اعتقد باني قادر على التوصل الى ان اجعلك تحبينني .. لكن … ”
التفت نحوها وهو يهز كتفيه . فهمست لورا في صوت متقطع
” الحب …. لا يمكن فرضه “.
اضاف وهو ينظر الى النافذه :
” اعرف هذا الان .. ولذلك , لن افرض عليك شيئا .. من الافضل ان
نظل متزوجين لمده من الوقت .
هذا يسهل على القيام بالمساعي الضروريه لاخراج والدك من السجن ومتى اصبح حرا اعيد لك
حريتك “.
” اتريد ان تقول ……….”
” سوف نطلب فسخ الزواج ”
” لكن … دييغو ….”
هذا ما كنت تريدينه منذ البدايه .. اليس كذلك ؟
ان تخرجي والك من السجن والالتحاق بالرجل الذي تحبين ؟””.
حزن قلب لورا وتلعثمت وهي تقول بصوت خافن :
” نعم ”
بينما ادار دييغو ظهره وخرج من الغرفه …

الفصل الثامن ….

8- ما طعم الحياه بلا حب ؟
همس جار لورا بلهجه متملقه :
” ان زوجك محظوظ جدا لانه عرف كيف يقطف اجمل زهره ليزين طاولته يا سينيورا
“.
القت لورا نظره سريعه الى الطرف الاخر للطاوله المستطيله ..
كان دييغو يصغي بانتباه الى حديث جابرته الجذابه .
كان يبدو مسحورا بجمال هذه المراه السمراء ..
التي كانت ترتدي فستانا ابيض ضيقا يظهر تفاصيل جسمها الجميل .
اجابت بابتسامه مشدوده :
” لا اعتقد بان زوجي كان يجد صعوبه في تزيين طاولته بالزهور يا سينيور “.

اضاف جارها الذي كان يتبع اتجاه نظراتها :
” لا تقلقي عليه فيما يتعلق بفرانسيسكا , انه حب قديم , حب الطفوله ,

لقد تزوجت من رجل فرنسي , وسمعت انها كانت سعيده جدا معه .
لكن للاسف , توفي انطوان منذ بضعه شهور ,
كانا يعيشان في فرنسا , لكن فرانسيسكا فضلت ان تعود الى وطنها ,
فبامكان عائلتها و اصدقائها ان يساعدوها في التغلب على احزانها .
شاهدت لورا يد دييغو في يد الارمله الجميله ,
حيث ابقاها مده طويله ,
حاولت جاهده ان تتحرك وتتذوق ثمر الفريز الذي ينمو في جنوب المكسيك ,
لكن قابليتها ضاعت ….
وضعت شوكتها في الصحن واشارت سرا الى الخادمه ,
وبعد لحظه , قدمت القهوه الى المدعويين ,
نظرت لورا بسرعه نحو زوجها , انه ما يزال يتحدث الى جارته .
هذا هو العشاء الثالث الكبير الذي يقام في فيلا جاسينتا منذ عودتهما الى اكابولكو ,

وتعودت لورا بسرعه ان تراس الطاوله التي يشترك فيها عدد
من الشخصيات الكبيره المعروفه جدا في لمكسيك ,
فقد قال لها دييغو ان هذا النوع من الاحتفالات يساعد في الجهود
المبذوله لاخراج والدها من السجن وفي الاسراع باجراء المحاكمه .
قال لها ذات يوم عندما كانا يتناولان طعام الفطور قبل ان يتوجه لى مكتبه .

” في بلادي من الصعب استعجال الامور , علينا ان نستقبل الشخصيات مرات عديده قبل
ان تطلب منها الاهتمام بقضيتنا “.
فقالت له بلهجه غاضبه :
” انت لا تفعل شيئا , ووالدي …..”.
اجابها دييغو غاضبا وهو يرفس الكرسي :
” بالنسبه الى الظروف الراهنه , فا والدك ليس في وضع سئ , بل بالعكس
…”
قالت لورا بالحاح :
” ينقصه الهواء ولون بشرته اصبح رماديا “.
قال في سخريه :
” اسف لاني لم استطع اقناع المسؤولين بان ياخذوه كل يوم الى شاطئ البحر لتلوح
الشمس بشرته “.
وخرج من الغرفه قبل ان يتسنى لها الاعتذار ,
فهي تعرف جيدا ان والدها سيكون في وضع يرثى له لولا مساعده دييغو ,
لكنها لم تستطع ان تمنع نفسها من اثاره زوجها , ربما لانها تشعر بالاهانه عندما
تراه يتاقلم مع وضعهما المعقد في رباطه جاش وهدوء .
ومنذ الليله التي وعدها فيها بان يعيد اليها حريتها ,
كان يعتبرها كانها تمثال من الرخام يزين المكان .
وخلال شهر العسل الذي لا ينتهي لم يعد دييغو ينظر اليها كانها امراه جذابه ومثيره
,
بينما هي تفقد صوابها وتضطرب تاثرا ,
فان دييغو يحافظ على هدوئه الغريب , ولاشك في ان ذلك غريب لانه يتمتع بطبع
ناري ,
ان ذكرى ليله عرسهما حين كانا على وشك اتمام الزواج ما زالت تلازم لياليها الارقه
.
قالت لورا لجار دييغو بعدما انتبهت انه يكلمها :
” اه عفوا انني … انني تائهه … كانني كنت في القمر “.
فهمس قائلا
” اعتقد بان دييغو يحاول ان يشير اليك منذ لحظه , لاشك في انه يرغب
في ان ينهض عن الطاوله ..”.
” نعم , بكل تاكيد “.
احمرت بينما كانت نظراتها تلتقي بنظرات رب المنزل المتزنه ,
ولثانيه ظلت جامده وكانها مشلوله ,
وبجهد نهضت ولحقت بالضيوف الى الصالون .
اتكات لورا الى حائط الموقده و راحت تتامل في ابتسام المدعويين المتجمعين في حلقات في
مختلف زوايا القاعه الكبيره .
بين المدعويين كان سفير العدل واثنان من معاونيه .
في هذه الليله بالذات سيحقق دييغو اولى الخطوات من اجل الاسراع في اجراء محاكمه والدها
.
هل سيبدا بالحديث معهم الان ..
في غرفه الطعام الفارغه , ام انه سيصطحبهم الى مكتبه المريح الواقع في الطرف الاخر
من البهو ؟
فجاه تقدم منها بعض المدعويين يرغبون في ان يشكروها على هذا العشاء الذي اعدته .

قالت لور وهي تبتسم لاحدى المدعوات :
” يجب ان تشكري الطاهيه على ذلك , كان يكفي فقط ان اوافق على قائمه
الطعام التي وضعتها “.
وفجاه تقلصت معدتها ..
اذ رات سفير العدل يصغي بانتباه الى احد معاونيه
بينما معاونه الاخر يتحدث مع مجموعه من المدعويين .
اين ذهب ديغو ؟
اعتذرت لورا من المدعويين المحيطين بها وابتعدت خلسه ,
كان الخدم يقدمون المشروبات المنعشه , القت نظره الى غرفه الطعام ,
فلم تجد الا الخدم يوضبون المائده .
ترددت لحظة, هل هو في مكتبه ؟
ربما ناداه احد ليرد علىالهاتف ؟
في اكابولكو كما هو في مكسيكو , لم يكف الهاتف عن الرنين .
اجتازت البهو وتوقفت امام باب الكتب وراء باب ضخم .
فلم تسمع اي صوت . وبعد ثانيه من التردد فتحت الباب .
كان دييغو يحني راسه على امراه وجهها ملئ بالدموع وهي تنتحب بين ذراعيه …
انها فرانسيسكا .
واول انسان استعاد وعيه كان دييغو , الذي نظر بقسوه الى لورا ثم قال لفرنسيسكا
في لطف :
” اذهبي الان يا عزيزتي .. سنتابع الحديث بعد قليل “.
احنت فرانسيسكا عينيها ومرت امام لورا واختفت من دون ان تقول كلمه .
فتح دييغو علبه موضوعه على المكتب واخرج سيجارا صغيرا ثم اشعله بهدوء قبل ان يلتفت
الى زوجته وسالها في سخريه :
” اذا يا عزيزتي , انت تطاردينني في عريني ؟ لماذا هذا التطفل ؟”.
الغضب الذي شعرت به لورا ورؤيتها فرانسيسكا بين ذراعي دييغو حل مكانه الانفعال ,
فقالت بلهجه جارحه :
” اني اهزا من كل النساء اللواتي تعاشرهن .
كما اني لا اهتم بالمدعويين الذين تتغاضى عنهم ,
غير انني اشعر بالصدمه اذ اراك تخل بوعدك بان تتحدث الى الذين سيساعدوننا في اخراج
ابي من السجن “.
لم يرد دييغو في الحال .. تسمر وجهه ثم نفض رماد يسجاره قبل ان يجلس
الى المقعد الجلدي الاسود وراء مكتبه وهو يقول بلهجه هادئه :
” لم اعدك بشئ من هذا النوع , لم اكن انوي ان ابدا محادثاتي الليله
“.
” لكنك اكدت لي ….”.
” لقد سبق وقلت لك ورددت ذلك على مسامعك مئات المرات , انه في بلادنا
, هذا النوع من المبادرات لا يمكن الاقدام عليه الا بكثير من الدبلوماسية,
وليس مسلكا سليما ان افتح هذا الموضوع مع رجال مدعويين الى مائدتي الان “.
فقدت لورا سيطرتها وخبطت على المكتب وصرخت في صوت هستيري ..
” لا ابالي قطعا بهذه الانظمه واللياقات اذا كنت لا تريد ان تكلمهم الان فسوف
اكلمهم انا “.
اسرعت بالخروج , لكنها ما كادت ان تصل الى الباب حتى امسكها دييغو في معصمها
بعنف وادارها نحوه وقال ووجهه ابيض من الغضب :
“امنعك من احراج المدعويين , هل تسمعين .
اصعدي الى غرفتك في الحال , ساعتذر لهم عنك , سنتحدث في الامر في وقت
لاحق “.
فقالت :
” قبل او بعد محادثتك الصغيره مع فرانسيسكا !
يبدو لي ان سهرتك حافله بامور كثيره “.
رفع يده عنها وتراجع خطوه الى الوراء وقال بهدوء :
” لا ارى لماذا اكن لك الاخلاص !!”.
فقالت في تحد :
” وانا لا ارى لماذا لا اتولى الدفاع عن قضيه والدي شخصيا “.
فصرخ وهو يحملها كالريشه ويتوجه بها نحو السلم المكسو بالسجاد الاحمر الذي يصل الى الطابق
الاول :
” هنا , انت في منزلي ايتها المراه الشرسه , ستفعلين ما اقوله لك .”

صفعته لورا بقوه وصرخت :
” اذا تقول اني امراه شرسه ! لكنك لم تر او تسمع شيئا مني بعد
, انتظر لترى “.
فقال وهو يضع يده حول ظهرها ويصعد بها السلم :
” الان تجاوزت جميع الحدود “.
توقفت لورا عن التخبط ليس لانها مكبله , بل لان انفعالا غير منتظر اجتاحها كليا
, فقد شعرت بصدر دييغو المضغوط على صدرها . تكفي رائحه عطره حتى تغيب عن
وعيها .
حملها من دون اي جهد ظاهر حتى السرير ووضعها بلطف وقال بصوت يلهث وهو يحدق
فيها بشراسه :
” المطلوب منك ان تبقي هنا حتى ينصرف المدعوون . هل فهمت ؟ ساعود فيما
بعد “.
نظرت اليه وهي مخدره بالانفعال ولم تكن قادره على ان تنطق بكلمه . خرج دييغو
واقفل عليها الباب بالمفتاح .
فهمست بصوت متقطع :
” اه .. يا الهي ! هذا مستحيل , اني احبه ! لا , هذا
مستحيل “.
يالغرابه الامر … قبل دقيقه كانت تكرهه .. والان … انها تريده بجنون ..
لم يعد الامر بمثابه رغبه سبق وشعرت بها في اكابولكو ,,لا , انها تريد ان
تصبح زوجته بما في هذه الكلمه من معنى , ان تكون المراه التي كان يحلم
بها منذ الازل ,
ان تكون في الوقت نفسه العشيقه والزوجه وربه بيته وام اولاده ….
لماااذا استغرقت كل هذا الوقت كي تكتشف حقيقه عواطفها ؟ كان لديها العديد من الاسباب
لتحبه ..
شكله الخارجي يعجبها . وهذا تعرفه منذ وقت بعيد ..
ثم اعجبت بالاهتمام والعنايه والاحترام لموظفيه وحتى لخدمه ,
كذلك الاحترام والمحبه اللذين يكنهما الجميع له ,
فضلا عن الاهتمام بمساعده والدها .

لماذا اضاعت كل هذا الوقت الثمين لتقاوم هذا الانجذاب الخداع؟
ربما لم يفت الامر !! صحيح انها راته منذ قليل يعانق فرانسيسكا ,
لكن هذه الاخيره عادت من فرنسا منذ فتره وجيزه .. والامور بينه وبينها لم تتطور
بعد …
وعندما يكتشف دييغو انها تحبه , يمكنها ان تستعيده ….
وفي الباحه الواقعه تحت النوافذ سمعت فجاه ضجيج اصوات و ضحكات وابواب تصفق ومحركات سيارات
تقلع ..
تحمست لورا ونهضت من سريرها وخلعت بسرعه فستانها الاخضر الذي ارتدته للعشاء ,
وفتحت باب خزانتها , وبعد ان امضت وقتا لا باس به تتامل العدد الهائل من
قمصان النوم المعلقه ,
وقع اختيارها على قميص نوم شفاف من قماش ناعم , عربون البراءه , كما سيكتشف
دييغو ذلك .
بدا قلبها ينبض بسرعه , نظرت الى المراه واعجبت بنفسها وبوجهها الاحمر وعينيها اللامعتين المتلهفتين
,
فكت كعكه شعرها فانسدل على كتفيها ثم راحت تسرحه ,
ثنت غطاء السرير واطفات الانوار تاركه ضوء قنديلين من كل جهه من السرير .
اه كم كانت تكره هذه الغرفه , واثاثها الاسباني الضخم وجوها المخنوق . والان كل
شئ مختلف وهي تستعد ان تتقاسمها مع دييغو …..
لكن لماذا تاخر دييغو في الحضور ؟ لقد وعدها بان يوافيها متى ذهب المدعويين ..

ساورها القلق فاقتربت من احدى النوافذ وازاحت الستائر قليلا .
. ربما قرر دييغو ان يحدث سفير العدل في قضيه والدها .
لم يكن هناك ايه سياره امام المنزل , سوى سياره المرسيدس التي تلمع تحت ضوء
المصابيح الكهربائيه التي تنير الساحه كضوء النهار .
ثم لمحت شبح دييغو واعتقدت لورا ان قلبها سيتوقف عن الطرق ,,
كان يتابط ذراع امراه ترتدي معطفا ابيض .
وما ان وصلا امام السياره , حتى اخذها بين ذراعيه .
رفعت المراه وجهها نحوه , انها فرانسيسكا .
ولما انحنى راس دييغو على وجه فرانسيسكا , اطلقت لورا نحيبا عنيفا واقفلت الستائر .

لا شك ان باب غرفتها قد نفتح في وقت معين من الليل . وعندما افاقت
لورا كانت تريزا الخادمه قد وضعت صينيه الفطور على طاولتها .
وباصبعها لمست ابريق القهوه الذي ما زال فاترا فقفزت من السرير وتوجهت الى الستائر تزيحها
لتدع النور يدخل اليها .
ونظرت الى ساعه الحائط المعلقه فوق المدفئه .. انها الساعه التاسعه والربع ..
كيف كان بامكانها ان تنام طويلا وبهذا العمق بعدما امضت جزء كبيرا من الليل تبكي
وتنتحب ؟
ولما نظرت الى نفسها في المراه عرفت مدى حزنها وتعاستها ,
عيناها متورمتان وملامحها الناعمه متشوشه ,,
فدخلت الى الحمام ووضعت وجهها في الماء البارد مده طويله ,
ولما عادت الى غرفتها استعادت بعض وعيها , القهوه الفاتره تساعدها على ان تستيقظ تماما
.
لكنها لم تكف عن التفكير فيما حصل , لم يعد دييغو قبل الفجر لانها لم
تسمع صوت محرك سيارته .
ما دامت لم تخلد الى النوم الا في الفجر , ولحسن حظها فان دييغو لا
يمكنه ان يعرف انها انتظرته في تلهف العروس ليله زفافها .

يكفي ما تشعر به من ذل واهانه بعدما عرفت انه بقي مع
فرانسيسكا بدل ان يعود الى غرفته كما وعدها
.. سكبت لنفسها فنجانا اخر من القهوه وذهبت تجلس في احد المقاعد قرب الموقد .

لاشك انه عاد خلال الفجر ,
والا لما كان في وسع تريزا ان تدخل الى غرفتها حامله صينيه الفطور ,
الا اذا ترك المفتاح في القفل ..
وهل الخدم اغبياء هنا ..
يكفي ان تنظر تريزا الى السرير لتعرف انها نامت وحدها في هذا السرير الضخم .

وفي ياس نظرت لورا الى السرير الذي تامل من كل قلبها ان تتقاسمه مع زوجها
.
للاسف لقد فات الاوان , سئم دييغو هذا الزواج الابيض ,,وحبه القديم لفرانسيسكا سرعان ما
عاد ا لى الحياه من جديد كما ان هذه المراه المكسيكيه الجميله اصبحت حره ..

بدا الدمع يترقرق في عينيها عندما سمعت طريقا على الباب .
فانتفضت فجاه ونهضت ,, انفتح الباب ,

وظهر دييغو في بذلته الرماديه وقميصه البيضاء وربطه عنقه ذات اللونين الاحمر والرمادي ..
نسيت لورا كليا قميص نومها الشفاف الذي كانت ترتديه ,
وراح دييغو بكل وقاحه يتامل جسمها النحيف الظاهر تحت القميص ..
احمرت لورا خجلا وراح قلبها ينبض بسرعه جنونيه ,
لاشك انه يقارن نحافتها بجسم المراه التي امضى الليل معها .
سالها فجاه :
” هل انت تعيسه جدا يا حبيبتي ؟”.
مسحت الدموع بطرف يدها و اجابت بلجه لاذعه :
” تعيسه , انا ؟؟ لماذا اكون تعيسه ؟
تزوجت من رجل ثري وقادر , ووالدي متهم خطا بتجاره المخدرات , فلماذا ا:ون تعيسه
؟”.
” لورا لقد وعدتك …”
قاطعته في شراسه وهي تتوجه الى الخزانه لتضع مئزرها :
” حافظ على وعودك لفرانسيسكا ! “.
” فرانسيسكا !!”.
ظهرت الدهشه على وجه دييغو الى درجه ان لورا كادت ان تستسلم لو لم تره
بعينيها خارجا ليله البارحه مع هذه المراه المكسيكيه الرائعه .
رددت وهي تبكل ازرار مئزرها :
” نعم , فرانسيسكا !”.
تقدم دييغو خطوه منها وقال :
” ساشرح لك ….”
قالت له بصوت جارح وهي تجلس امام منضده الزينه لتسرح شعرها :
” لا اطلب منك اي شرح ,
اني ارغب في شئ واحد وهو معرفه متى يمكن لابي ولي ان نغادر هذا البلد
اللعين ! “.
قال لها في جفاء :
” جئت لاقول لك اني على موعد مع جوزيه بيريز , سفير العدل في لساعه
الحاديه عشره “.
” اه ”
توقفت لحظه عن تسريح شعرها ثم اضافت :
” حسنا , تخبرني عن نتائج اللقاء في اكابولكو لاني انوي السفر الى هناك في
الطائره المسافره ظهرا “.
ران صمت فيه تهديد ,
تمالكت لورا نفسها فلم تقذفه بالاتهامات التي ظلت ترددها طيله تلك الليله البيضاء التي امضتها
وهي تنتحب باكيه على وسادتها ,, اخيرا سالها :
“هل انت ذاهبه الى اكابولكو ؟”.
اجابت بمراره وهي تلتفت اليه :
” ليس عندي خيار اخر , اني من دون عمل وبالتالي ليس معي نقود .

. اني مضطره لان اتكل عليك الى ان اصبح قادره على الاتصال ببرانت “.
خيل اليه انه سينفجر غضبا مثلما حدث مساء امس ,
لكنها تجاوزت حدود الخوف كانت مستعده لان ترضى بان يخنقها غضبه ,
لم يعد هناك طعم للحياه ما دام لا يحبها .

قال وهو يستعيد بروده اعصابه :
” حسنا , ساتصل بك,,
وفي الوقت الحاضر ساحجز لك مكانا في الطائره , انك لم تحجزي بعد على ما
اظن !!”.
” لا “.
تناول دييغو سماعةالهاتف واجرى الاتصال اللازم , قال لها قبل ان يتصل بفيلا حاسينتا :

” لقد حجزت لك مكانا “.
ثم اعطى اوامره لجوانيتا , ووضع السماعه وقال :
” ستعد جوانيتا كل شئ لتوصيلك , وسينتظرك غييارمو في المطار “.
” لا …. ساخذ تاكسي ,, المطار ليس بعيدا عن الفيلا “.
” افضل ان يذهب غييارمو لاستقبالك . فليس لديه اعمال كثيره في غيابي “.
لم تلح لورا عليه , كيف يمكن لدييغو ان يكون مطلعا على اهتمامات غييارمو .

لقد شاهدت لورا هذا الشاب الجميل قبل زواجها بقليل , وكان على متن باخره دييغو
,
ولمحته يغازل احدى السائحات ,
لو شاهده دييغو ذلك اليوم لما سمح له بان يقترب من زوجته .

كان دييغو قد وصل الى الباب عندما سالته لورا في صوت متوسل :
” ستتصل بي , اليس كذلك ؟”.

” طبعا “.

همست وهي تراه يخرج حالما من غرفتها :

” شكرا “.

قالت لورا لنفسها في غضب ,
لاشك انه سيسرع في تحريك الامور ليتخلص منها ومن والدها ,
ثم يتزوج من فرانسيسكا هذه الارمله الشابه الجذابه التي جاءت الى لمكسيك لتلتقي حبها القديم

9-حقيقه كالحلم
حسب الاتفاق، جاء غييارمو لينتظر لورا في المطار. وخلال الطريق الى الفيللا، كانت تدرك اعجاب
هذا الشاب المكسيكي بها. وخلال الاسبوعين اللذين قضتهما في الفيللا، خلال شهر العسل، كانت تلاحظ
ذلك، لكن وجود دييغو الى قربها. منعه من اظهار اعجابه بوضوح. لكن نظراته بدت اليوم
وقحه الى درجه ظاهرة.
” استغرب كيف ان السينيور دييغو يدع زوجته الرائعه وحدها خلال هذه السفره الطويلة…”
كانت مكسيكو تبدو لهذا الشاب في اخر الدينا وهو الذي لم يغادر مدينه الحمامات الشهيرة.
ابتسمت لورا بتحفظ وقالت بلهجه مازحة:
” لا اظن ان بامكان احد ان يخطفني. كان السينيور دييغو على موعد مهم، صباح
اليوم، فاوصلني سائقه الى المطار، وبعد ساعه سفر في الطائره وسط مئات المسافرين، جئت انت
لاستقبالي. واني اسالك ماذا يمكن ان يحدث لي؟ ”
وخلال الطريق، لم تكف لحظه عن التفكير بوالدها. المهم ان تتم المحاكمه بسرعة. فهي لم
تشك لحظه في برائته وهي التي سمعته مرارا يهاجم بعنف الذين يتاجرون بالمخدرات. فكيف يمكنه
ان يورط نفسه في مساعده هذين الرجلين اللذين استاجرا منه اليخت.
اه، لو يتم القبض عليهما، لكان بالامكان انتزاع الحقيقه منهما.
وبدا حتميا ان والدها سيدفع الثمن مكانهما اذا استحال توقيفهما.
وصلت السياره امام ساحه الفيللا المحاطه بالخضار بمختلف انواعها.
وما ان سمعت محرك السياره حتى خرجت جوانيتا الي عتبه المنزل لاستقبال معلمتها بحراره وارتباك.

سالتها وهي تاخذ من يد لورا حقيبه الزينه بينما كان السائق يخرج حقيبتها الوحيده من
صندوق السيارة:
” هل سياتي السينيور دييغو متاخرا ”
فاجابتها باختصار:
” نعم. سيلتحق بي قريبا. لديه مواعيد عمل مهمه “.
فتحت جوانيتا الحقيبه التي وضعها كارلوس على طاوله صغيره واطلقت زفره عميقه وقالت:
” اه، الواجب بالنسبه الى السينيور دييغو قبل اي شئ اخر. عندما كان صغيرا كان
يعرف معنى المسؤليات. كان يكبر اخاه بسنتين فقط ويهتم به اهتماما مسؤولا. لكن جيم كان
مختلفا. يحب المرح والضحك. ولا يرى في الحياه غير حسناتها “.
توقفت لحظه عن الكلام ثم تابعت:
” كان عمر السينيور دييغو اربعه عشر عاما عندما فقد والديه. وبعد ذلك كانت تاتي
السينيورا جاسينتا لتمضي مع حفيدها العطلة. في اي ساعه تحبين تناول العشاء يا سنيورا؟ ”

” اه، في الثامنه والنصف، يا جوانيتا. لكني ساتناول فنجان شاي في الصالون الصغير بعد
القيلولة. وبعدها ساخرج لفتره قصيره “.
قالت جوانيتا مقطبه حاجبيها:
” هل تحتاجين الى غييارمو ليوصلك الي مكان معين؟ ”
” كلا. ساقود السياره بنفسي “.
لم ترحب جوانيتا بقرار معلمتها الخروج وحيدة. لكن لورا تجاهلت الامر. فهي لا تريد ان
تدع احدا يعرف بوجود والدها في السجن المحلي.
سالت لورا ” هل هناك اي رسائل لي؟ ”
” كلا، سينيورا “.
لم يرد برانت على رسالتها وهي لا تستغرب ذلك. في الحقيقه لم تكن مصره على
ان تتلقى منه رسالة. فهي لم تشعر تجاه خطيبها القديم سوى بالمحبة. وهذا الاحساس لم
يكن واضحا الا الان. ان دييغو وحده يملا عالمها. وحده قادر على ان يشعرها بمداعباته
وملامساته الحنونة.
وتساءلت وهي ممدده على السرير: لماذا ما تزال تتذكر مشاهد الحب مع دييغو بعد ان
بعد ان تهدم كل شئ بينهما؟ وبرغم تصميمها على الا تفكر فيه، لم تستطع ان
تمتنع عن التفكير بتلك الليله التي كادت ان تستسلم فيها نهائيا.
” عفوا سينيورا، الهاتف! ”
التفتت لورا وقالت نصف نائمة:
” ماذا هناك؟ ”
” الهاتف، سينيورا! انها الشرطة! ”
نهضت لورا من سريرها مرتجفه ورددت:
” الشرطة؟ سارد من هنا ”
وبرغم صدمتها، ظلت منتظره الى ان اقفلت جوانيتا سماعه الهاتف في البهو قبل ان تعطي
اسمها:
قال صوت رجل :
” العفو، سينيورا. اريد التحدث مع السينيور راميريز “.
” ليس هنا. انه في مكسيكو، ولكنني…”
” لو تفظلت ان تقولي لي اين استطيع الاتصال به يا سينيورا “.
فقالت متوترة:
“اذا كانت القضيه تتعلق بوالدي، دانييل برانت. فيمكنك ان تقول لي ما الامر “.
ضغطت على اسنانها عندما اصر المتكلم على معرفه رقم هاتف دييغو. وعلى مضض اعطته رقم
المنزل ورقم المكتب. ثم اضافت: ” كنت على وشك الذهاب لزياره والدي. لا شك ان
بامكانه ان يشرح ما يجري من الامور …”
” لا انصحك بالمجيء، سينيورا…”
” كيف؟ لن تمنعني من القيام بزيارته! ”
” لا داعي ان تنزعجي، سينيورا راميريز. ان السينيور ترانت … لم يعد هنا “.

حدقت لورا بالسماعه في توتر وقالت:
” انني … لا افهم، لايمكن ان يكون قد نقل بهذه السرعة؟ ”
” بلى، لقد ذهب “.
احتلها فرح كبير هي التي كانت تشكو من بطء القانون والعداله المكسيكية! لقد تحدث دييغو
مع سفير العدل منذ قليل. وها هو والدها يتقل الى مكان اخر، ربما الى مكسيكو،
من اجل محاكمته.
فقالت قبل ان تضع السماعه جانبا:
” شكرا سينيور، شكرا جزيلا “.
لم يطل فرحها الا لحطه … ان محاكمه والدها وتبرئته، ستؤديان الى مغادرتها المكسيك او
بالاحرى الى الطلاق، من الافضل الا تفكر في الامر …ان دييغو يريد فرنسيسكا.
ومن النافذه القت نظره سريعه الى الساحة. البحر يرفع امواجا عالية، ترتطم على الصخر وتظهر
رغوه بيضاء. تذكرت لورا ان دييغو حذرها من السباحه على هذا الشاطئ الخطر. لكن لماذا
لا تذهب لاكتشاف الشاطئ الجنوبي؟ انها الفرصه الوحيدة، فستغادر اليفللا عما قريب. لاشك ان عليها
الانتظار يوما او يومين قبل ان تعرف الى اين نقل والدها.
اخرجت من احد الجوارير زي السباحة. لا داعي للقبعة، فستحتمي تحت اشجار جوز الهند العالية.

دقت الجرس لجوانيتا التي خضرت في الحال.
” لن اتناول الشاي في المنزل، فقد قررت الذهاب الى شاطئ البحر. وساخذ معي عصير
الليمون “.
سالتها الخادمه وهي معجبه بقامتها النحيفه الظاهره تحت ستره البحر القصيرة:
” الن تاخذي السيارة؟ ”
قالت لورا وهي تبحث عن كتاب صغير بدات قرائته في الطائرة:
” لقد غيرت رايي في الامر ”
” هل هناك شئ خطر؟ ”
فوجئت لورا والتفتت نحوها.
” المكالمه الهاتفيه … الشرطه …”
” اه لا. لا شيء. كانوا يريدون ان يتكلموا مع السينيور دييغو. وشرحت لهم اين
يستطيعون الاتصال به “.
” هكذا اذا “.
اطمانت جوانيتا وذهبت الى المطبخ تعد العصير المطلوب، بينما كانت لورا تضع داخل حقيبه البحر،
منشفه وكتابا وانبوب زيت. ثم حملت الحقيبه على كتفها وتوجهت الى الشاطئ.
سبحت لورا طويلا في مياه البحر الفاترة، ومن وقت الى اخر كانت تعوم على ضهرها
في فرح، مغمضه العينين.
وبعد نصف ساعه من السباحة، عادت الى الشاطئ الرملي حيث ابريق العصير المثلج في انتضارها.
تمددت على بساط البحر وراحت تشرب العصير ببطء وهي تتامل المنظر الرائع الذي لن تراه
بعد الان وكانت تحاولان تحفر في ذاكرتها الرمل الناعم الابيض والبحر الازرق والاخضر، واشجار جوز
الهند العديده المحمله بالثمار الناضجه تحت الاوراق الخضراء الغامقة.
ثم تمددت واغمصت عينيها تحت اشعه الشمس البراقة. فجاه مر ظل بينها وبين الشمس، فخفق
قلبها بسرعه وفتحت عينيها. ولثانيه اعتقدت ابنها ترى دييغو في قميصه البيضاء القطنيه وبنطلونه الجينز
الضيق. فجاه شعرت بصدمه عندما رات غييارمو.
سالته وهي تنتصب في حركه سريعه محاوله تناول سترتها:
” ماذا تفعل هنا؟ ”
” ارسلتني جوانيتا لارى ما اذا كنت بحاجه الى شئ ما “.
” لا تبدا في سرد القصص! لدي كل ما اريد وتعرف جوانيتا ذلك تماما ”

انحنى غييارمو ليجلس قربها، ثم نظر اليها بوقاحه قائلا:
” لاشك انها لاحظت مثلي بعض الاشياء، لقد تزوج السينيور دييغو من امراه جميله جدا
يمكن ان يفتخر بها اي رجل. ومع ذلك فهو يبتعد عنها زارعا الحزن في عينيها.
اني اعرف ذلك يا سينيورا. لقد سبق وقرات هذا التعبير على وجه النساء اللواتي ياتين
الى اكابولكو من دون ازواجهن “.
قفزت لورا واقفه وقالت في غضب:
” لا استغرب ذلك. لكنك تعتبرني مثل السائحات اللواتي تلتقيهن على الشاطئ اذا قلت لزوجي
…”
همس غييارمو بصوت شهواني مقنع:
” لا حاجه لك لان تقولي له شيئا؟ انني اعرف ان اجعل النساء سعيدات، يا
سنيورا، ويمكنك ان تثقي بي تماما “.
صرخت لورا:
” اذا كنت مصرا على الاستمرار في موقفك فسانادي كارلوس “.
لكنها قبل ان تنفذ ما هددت به، امسكها غييارمو بذراعها وجذبها بشده نحوه ضاغطا بيده
على فمها حتى يمنعها من الصراخ. راحت تقاومه بصمت. كانت تقاوم بكل قواها وتمكنت للحظه
من ان تفلت من قبضته، وفتحت فمها لتصرخ، لكنه ارتمى عليها مانعا مقاومتها وشعرت بالغثيان
امله ان ياتي كارلوس او جوانيتا لينقذاها.
كادت ان تفقد وعيها تحت قوه جسده عندما وجدت نفسها فجاه تسقط على ركبتيها وقد
ابتعد عنها غييارمو والدم ينزف من انفه وسرعان ما سمعت شتائم بالاسبانيه مما جعلها ترفع
راسها. انه دييغو، يرتدي بذله الصباح، وكان شاحب اللون من الغضب.
ارتمت بين ذراعيه وراحت تبكي وتنتحب:
” اه دييغو! اني خائفه جدا “.
التفت دييغو ليلقي نظره الى خادمه ثم صرخ:
” اختف من هنا في الحال، ساراك في السفينه بعد قليل “.
ثم التفت الى لورا وحدجها بنظره غاضبه بينما كانت ترتجف بين ذراعيه. فقال وهو يبعدها
عنه في حنان:
” ان منظرك غير لائق ورده فعل هذا الولد عند رؤيه امراه جميله نصف عاريه
على شاطئ مهجور، ليست مستغربه “.
اجابته لورا وقد استشاطت غصبا:
” بلادك بلاد البرابره ”
كان دييغو يحدق فيها بنظرات غريبه وتسائلت في قلق ماذا يدور في خلده في الوقت
الحاضر. وعندما راته يخلع سترته وربطه عنقه ويفك ازرار قميصه، تثاءبت وسالته:
” ماذا تفعل. ”
” هذا طبيعي، اليس كذلك؟ هذا سيعلمك كيف تثيرين الرجال.لست سوى امراه مثيره “.
القى بثيابه جانيا، ركضت لورا نحو السلم الحجري، لكن دييغو لحق بها وحملها بين ذراعيه.
تلاشت وحدقت فيه متوسلة. صحيح انها ارادت دييغو وتريده دائما، لكنها لا تريد علاقه ناتجه
عن غضب ورغبه بحتة. وقبل كل هذا كيف تنسى المراه المكسيكيه السمراء، فرنسيسكا …؟
همست:
” دييغو، لا، ارجوك!”
تصرف كانه لم يسمع شيئا. وضعها في لطف على اريكه الشاطئ وراح يتامل جسمها الجميل
المرتعش وهي كانت تقول:
” دييغو، لا …”
لكن عينيه كانت تقولان اشياء جعلتها تتخلى على ايه مقاومه وتستسلم. قال وهو يعانقها:
” لم اعد استطع احتمال تهربك “.
ليس هناك كلمات تستطيع ان تصف الاحاسيس التي شعرت بها من جراء مداعباته البارعة. كانت
تداعبه بشعره الاسود وتلثم عنقه. بعد هذه اللحظات الرائعه التي عاشتها، رفعت عينيها الخضراوين البراقتين
وشاهدته ينظر اليها، بسحر ويهمس وكانه لا يصدق:
” يا الهي. لقد اكدت لي ان … اوه .. برانت وانت …”
” اه دييغو، هذا لانه … لم اكن اعي تماما … انني …”
وبينما كانت تحاول ان تشرح له بصعوبة، انها كانت تقاوم منذ البدايه هذا الحب الذي
كانت ترفض الاعتراف به، كانت تسمع عويل الرياح في اوراق شجره جوز الهند التي كانت
تحميها من اشعه الشمس ولبرهه قصيره شاهدت دييغو يرفع راسه فجاه في استغراب ويمد يده
في حركه دفاع … ثم تلقت صدمه عنيفه افقدتها وعيها.

10 – عتمه الذاكرة

فتحت لورا عينيها وكان اول ما لمحته زهور البنفسج الرائعة0 مضى وقت طويل قبل ان
تلمح من بعيد شبح ابيض كانه ضباب كثيف0
ارادت ان تصرخ لكن الصوت لم يخرج من حلقها الجاف 0 ان مثل هذا الجهد
البسيط كاف لان يحفر دماغها في الم عميق0 وبشبه غيبوبه راحت تنتحب 0
همس صوت في لغه لم تعرف ماهي برغم انها فهمت المعنى من دون صعوبة0
– شكرا ياالهي ! هل تريدين شئ ما 0يا ابنتي؟
قالت لورا في صوت ثقيل انها تشعر بالعطش 0 فاختفت الممرضه لتعود حامله قدحا مليئا
بعصير البرتقال المثلج وقالت :
– سيفرح زوجك كثيرا لانك استعدت وعيك 0
اجابت لورا مقطبه الحاجبين :
– زوجي هل انا متزوجة؟
– طبعا ياصغيرتي 0 انه قلق عليك0
وكان الممرضه تذكرت ان لورا لاتعرف اللغه الاسبانيه , فقالت لها بالانكليزيه :
– سازف اليه الخبر السار واطلب منه ان يحضرلرؤيتك 0
– انتظري, ارجوك , من ستحضرين00؟ انني لا اتذكر احدا 0
– انت زوجه السينيور راميريز وهو شخصيه بارزه في المكسيك0
المكسيك00 ماذا تفعل هنا في المكسيك ؟ هل هي متزوجه من رجل مكسيكي ؟
اضافت الممرضة:
– تعرضت لحادث على الشاطئ القريب من فيلا جاسينتا 0
حادث في فيلا جاسينتا0 هزت لورا راسها في حيره وارتباك0
ومن جديد عاد الالم العنيف يعصر صدغيها 0
– انني 00انني لا اتذكر شيئا0
– لا تقلقي, سينيورا 0 هذا شيء طبيعي بعد صدمه كهذه 0 لاتتحركي ساقول لزوجك
انك استعدت وعيك0
وضعت لورا يدها على اكمام الممرضه وهمست:
– ارجوك 0اخبريني اولا عن الحادث0
ان تلتقي زوجا لا تعرفه فكره ترعبها0 من هو ؟ من يشبه ؟ ماعمره ؟
وهي 0من هي ؟
– كنت ممدده على الشاطئ0سنيورا 0 تحت شجره جوز هند المحمله بالثمار الناضجة0 ان ثمره
واحده بامكانها تحطم راسك00
– و00هذا ما حدث لي ؟
– من حسن حظك ان زوجك كان معك في هذه اللحظه وقد تمكن ان يخفف
من حده الصدمة0 والان سنيورا ساذهب لاتي به0 لم نستطع ان نقنعه الا اليوم بان
يخلد الى الراحة0 لكننا وعدناه بان نوقضه متى استعدت وعيك 0
وعندما اختفت الممرضه راحت تحاول التركيز تلاحقها عشرات الاسئله التي لا تعرف لها جوابا0 منذ
متى وهي متزوجه من مكسيكي ؟ لا شك ان يحبها كثيرا لانه رفض ان يبتعد
عنها 00 كان عليها ان تطلب من الممرضه مراه قبل ان تدعها تذهب لتاتي به0
لا تعرف كيف ملامحها؟ هل لون عينيها ازرق ام اسود ؟ رفعت يدها لتلمس خصله
من شعرها لمعرفه لون شعرها 0 لكن شعرها كان مختفيا وراء ضمادات تلف كل راسها
0 وعندما لمست جبينها 0 شعرت بالم عنيف 0
فجاه , انتفضت 0 فقد دخل الى غرفتها0 وبقي جامدا قرب السرير 0 كان ممشوق
القامه اسود, الشعر ,اسمر البشرة0 في الثلاثين من العمر 0 يرتدي قميصا باكمام قصيره وبنطلون
جينز وجهه متعبا0 كان ينظر اليها في قلق ويهمس في صوت مبحوح وهو يضع يده
على يدها :
– لورا 0
هكذا اذا انها تدعى لورا 0 اعجبها الاسم 0 وما اسم زوجها؟ قالت لها الممرضه
منذ قليل عن اسمه 0 اه صحيح00
فهمست:
– دييغو0
سالها وفي عينيه ومضه امل :
– هل عرفتيني يا حبيبتي0
هزت راسها قليلا وقالت :
– الممرضه هي التي اعطتني اسمك0
ولاحظت الضمادات التي تحيط بمعصم زوجها فسالته :
– هل جرحت؟
– هذا لا شيء0
– هل حصل هذا في الحادث الذي تعرضت انا اليه0 لقد قيل لي انك خففت
من حده الصدمه والا لكنت الان من عداد الاموات000
– هذا الحادث هو بسببي انا 0وغلطتي لا تغتفر كان علي ان اعرف00
توقف عن الكلام وجلس على السرير0ان دماغ لورا يرفض ان يعمل بصوره طبيعية0 لم تحاول
ان تعرف ماذا يعني في كلامه فقالت بصوت خافت:
– من متى وانا غائبه عن الوعي؟
– من 3 ايام 0
اخفض راسه فاذا بلورا تشد على قبضته وهي تقول بلطف:
– اذا لا شك انك مرهق جدا 0 قالتلي الممرضه انك لم تبرح غرفتي طيله
هذا الوقت0
– سيحضر الطبيب قريب جدا0 وساراك بعد ان ينتهي من معالجتك 0
توقعت ان ينحني ليقبلها 0 لكنها ابتعد في خطى سريعه تاركا اياها في خضم الحيره
والقلق0
لماذا يبدو هذا الزوج الذي اشرف على الاعتناء بها 3 ايام متواليه مستعجلا في التخلي
عنها ؟
كانت لورا تنثر فتات الخبز وهي تتناول فطور الصباح على الشرفه المليئه بالزهور وهي تنظر
في حنان الى العصافير الصغيره المتعدده الالوان0 التي حومت حول المائده لتلتقط كسرات الخبز في
فرح0
قال لها دييغو في توبيخ ناعم:
– انك تدللين العصافير ياحبيبتي0
– انها عصافير جميلة0
عادت للجلوس قرب زوجها وتناولت ابريق القهوه وقالت:
– انها كالاولاد الصغار لا نستطيع ان نرفض لهم اي شئ 0 هل تريد؟
– ماذا0 اريد ماذا ؟ اولاد؟
– لا يا حبيبي هل تريد بعض القهوة؟
-اه00 نعم 00بكل سرور000
ثم عادت تقول وهي تسكب له فنجان قهوة:
– انجاب الاولاد فكره حسنه 0 اليس كذلك؟ ما رايك؟
قطب جبينه وقال :
– لقد اتفقنا على ان نتجاهل هذا الموضوع في الوقت الحاضر الى ان تتحسن صحتك0

تناول دييغو سيكارا واشعله فاجابت لورا قائله :
– نعم كنت متفقه معك على هذه الفكره , لكن 000
نهضت واسندت ظهرها الى حجاره الشرفه وحدقت في المنظر الرائع امامها 0 ثم اضافت تقول
:
– دييغو؟
– – نعم ؟
– – لنفرض انني لن استعيد ذاكرتي ابدا ؟
– – الاطباء يعرفون تماما ان حالتك ستتحسن0 لكنها بحاجه الى بعض الوقت0
– انفجرت صارخه :
– – الوقت لقد مر شهران وانا على هذا الحال ! لم استعد من الذكريات
الا صوره اليخت الراسي على الشاطئ 0 وصوره الراهبات في ذلك الدير 0
قال دييغو في حذر وهو ينفض رماد سيكاره في المنفضه :
– لقد ترعرت وتعلمت في الدير 0
– – لماذا لا تساعدني لاستعيد ذكرياتي وبالتالي ذاكرتي كلها 0
نهض دييغو متجها نحوها ثم وضع اصابعه على ذراعها وقال :
– نصحني الاطباء بالا استعجل الامور 0 وانت تعرفين ذلك جيدا 0 من الافضل ان
تستعيدي ذاكرتك بصوره طبيعيه 0
– – وهل نصحك الاطباء ايضا بان تنام في غرفه منفصله عن غرفتي ؟
كانت تنظر اليه في تحد 0 فشاهدت تقلص وجهه حين قال بعد ان سحب يده
من ذراعها :
– لا 0هذا القرار اتخذته بنفسي 0يجب ان اذهب الان كيلا تفوتني الطائره لدي مواعيد
كثيره بعد ظهر اليوم في مكسيكو0
تبعته حتى الغرفه التي ينام فيها وقالت :
– الا يمكنني ان ارافقك , ولو لمره واحده 0
التفت دييغو اليها وهو يضع اوراقه داخل حقيبه سفره وكان يبدو منزعجا :
– من الافضل ان تبقي هنا بعض الوقت ريثما تتحسن صحتك 0
ليست المره الاولى منذ الحادث يرفض فيها طلبها 0 وفجاه قالت بغضب :
– هنا 00اليس كذلك وهكذا لا يتسنى لي ان ارى عشيقتك0
اغلق حقيبته واقترب منها وقال في جفاف:
– انني اذهب الى مكسيكو لاداء بعض الاعمال وليست لدي ايه عشيقه فانتزعي هذه الفكره
من راسك 0
هذا العذر هل سبق وسمعته قبل الحادث؟ كيف لها ان تعرف انها ترغب في ان
تسد اذنيها كي لا تسمع اي شيء بعد الان00 هل باستطاعه ثمره جوز الهند ان
تزعزع دماغها الى هذه الدرجة؟ هل كان دييغو دائما يتصرف معها كصديق اكثر منه زوجا؟
لا 0هذا مستحيل فهي تشعر انهما كانا متفقين ومندمجين روحيا وجسديا0
همست لورا في الوقت الذي كان دييغو يقترب منها كالعاده ويقبلها في جبينها :
– دييغو00
– ماذا ؟
– الا تعتقد ان صحتي تتحسن بسرعه لو00 لو كانت علاقتنا طبيعيه مثل قبل الحادث
اني متاكده من ذلك 0
غمز بعينيه وهو يتامل وجهها الاحمر وسالها فجاة:
– كيف تعرفين ذلك ؟
– كيف ؟ لكني اشعر بذلك 0 انت زوجي وماذا يمنعني من اكون طبيعيه معك؟0

صمت برهه ثم اطلق زفره عميقه وقال بصوت حنون وهو يداعب شعرها:
– ما من احد يستطيع منعك0 وانا ايضا يالورا 0 كنت ارغب في ذلك0 لم
يكن سهلا مقاومه رغبتي باللحاق بك الى غرفتك 0
صرخت:
– لا افهم ليس هناك ايه خطر0 اني بصحه جيده 0اذا لماذا؟
– سنبحث الامر بعد عودتي0
انها تعرف دييغو الان بما فيه الكفايه وتعرف انه متى اتخذ قرارا ما فلن يعود
عنه بسهولة0
عندما اصبحت لوحدها راحت تفكر بمصيرها 0وحده زوجها يمكنه ان ينسيها الشكوك التي تراودها باستمرار
منذ وقوع الحادث 0
لقد اخبرها دييغو انها فقدت والديها 0 لكن لا بد ان لها قصه 0 او
مهنه او اصدقاء او معارف او اقرباء00 لا احد يعرف عنها شيئا0 لا شك انها
انفصلت عن الجميع بعدما تزوجت 0 اه لو يساعدها زوجها على اعادتها الى الطريق الصحيح
بدل ان تكتفي بانتظار مشيئه القدر!
شعرت بالتعب فتمددت على السرير الضخم الذي يشعرها بالضياع طيله الليل0 وراح عقلها يشتغل بقوه
هل لدى دييغو عشيقه في مكسيكو ؟ وتذكرت انها قرات مره ان المكسيكيين ليسوا مخلصين
لزوجاتهم 0 ودييغو هو رجل جذاب ومثير وقليلات من النساء قادرات على مقاومته 0
الدير 0 انه الماضي انها الان متزوجة! وهي تحب زوجها0 وهل هناك ما هو افضل
من ذلك الحب ان ثمه طرقا تساعدها على اقناعه بضروره مشاركتها حبها 0 نعم ستحاول
ان تجذبه اليها بطريقه او باخرى0
في الايام الثلاثه التي تلت ذهاب دييغو عملت لورا بكل نشاط وحيويه ومساء عودته كانت
الفيلا على استعداد لاستقباله 0
وضعت لورا على الطاوله شمعدانا يضئ المكان وكانت لورا تبدو في شعرها الاشقر المنسدل على
كتفيها وفستانها الابيض الضيق 0 في اناقه وجمال تامين0
وبعدما القت نظره خاطفه على الطاوله نظرت في عينين براقتين الى الخادمه وقالت:
-عندما يصل السنيور ناخذ المقبلات في الصالون الصغير 0 وسيكون امامك متسعا من الوقت لان
تنهي العشاء 0
قالت لها المراه في فرح:
– لا تقلقي ياسنيورا 0 ان السنيور يقول لي دائما انه سيصطحبني يوما ما الى
مكسيكو لاعلم الطاهي الفرنسي اعداد الماكل المكسيكية0
وفي تلك اللحظه دق جرس الهاتف فتناولته جوانيتا من المطبخ قالت لورا لنفسها : كل
شيء جاهز لهذه الليله التي ستكون مليئه بالسحر والاثاره الاضواء الناعسه 00 الطعام المفضل00 تريد
ان تفعل اي شيء كي تنقذ زوجها من براثن عشيقته 0
قالت جوانيتا وهي على عتبه غرفه الطعام:
– المكالمه لك 00انه السنيور دييغو 0
– هل يريد ان استقبله في المطار؟
– انه يتكلم من مكسيكو يا سنيورا 0
جف حلق لورا ورفعت السماعه وقالت :
– دييغو , ماذا جرى ؟هل انت متاخر؟
– اني اسف يا حبيبتي لن استطيع الحضور هذا المساء0
– اه00لكن كل شيء جاهز 00كنت انتظرك00
– اني اسف هناك اعمال مهمه علي الاهتمام بها شخصيا ساصل بعد ظهر الاحد من
دون شك0
فقالت في ذهول:
– الاحد00 الى اللقاء يوم الاحد0
– لدي مواعيد مساء اليوم وطيله يوم غد 0 ان المكسيكيين مشهورون بانهم يفضلون العمل
على اللهو و المرح 0وسوف اجاريهم هذه المرة00 برغم 00شوقي اليك00
قالت لورا وهي تعض على شفتيها:
– حسنا00 اذا00 الى يوم الاحد0
– اعدك بذلك وساتصل بك في حال حدوث اي تغيير 0
لكن لورا لم تعد تسمع شيئا00 كانت تفكر بالمكالمه الهاتفيه 0 هل كان دييغو غير
قادر على المجيء ام انه لم يكن يريد ذلك؟ ماذا وراء كل هذه المواعيد ؟
هل هناك امراه اخرى في حياته؟
مكالمته الهاتفيه في اليوم التالي التي اخبر لورا فيها انه سيؤخر عودته 48 ساعه اخرى0
بدات تؤكد شكوكها 0 فقال دييغو :
– لدي مواعيد من مهمه جدا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء00 بالتالي لا يسعني الوصول قبل
مساء الثلاثاء 0 لكنني انوي قضاء الاسبوع كله معك في الفيللا0
فقالت له في صوت جاف قبل ان تقفل الخط في وجهه:
– لا تقلق عليه ارجو ان تمضي عطله جميله مع عشيقتك 0

اه لو تستطيع ان تتحمل هذا الوضع اين يمكنها ان تذهب ؟ بمن تستطيع الاتصال
؟ ان فقدانها الذاكره يمنعها من مغادره هذا السجن الذهبي فيلا جاسينتا 0
كانت احلامها مهدده برؤيه امراه سمراء يمضي دييغو معها ايامه في مكسيكو 0 لماذا تزوجها
اذا ؟ هي الشقراء 00 النحيفه 00 المختلف جمالها عن الجمال المكسيكي0 ؟ حاولت ان
تجد تفسيرا0 لكن ذكرياتها تهرب منها0 ربما كان زواجهما على وشك الانهيار قبل الحادث ؟
وهذا يفسر تهرب دييغو منها 0
يوم الاثنين اي قبل عوده دييغو بيوم واحد 0 عادت الىلورا ذاكرتها في طريقه صاعقه
وغير منتظره 0
– سينيورا ! هناك زائر 0
كانت من منغمسه في رسم العصافير الملونه المتجمعه حول فتات الخبز 0 فلم تابه في
البدء لهذا النداء 0 لقد نصحها دييغو بان تلجا الى الرسم حتى لا تضجر خلال
فتره غيابه عن الفيلا 0 وكان ذلك اكتشاف جميل 0 عندما ترسم تنسى كل شيء0

رددت جوانيتا قائله :
– سينيورا , لديك زائر 00
فقاطعها صوت رجل قائلا:
– لا تقلقي0 ساكلم الانسه ترانت بنفسي 0اه عفول 00السنيورا راميرزا00
قطبت جبينها وهي ترى الزائر يقترب منها0 يبدو انه امريكي0 بماذا ناداه بادئ الامر؟ الانسه
ترانت 00لكن 00 ربما سيكون قادرا على ان يوضح لها شيئا عن ماضيها0
قالت لورا وهي ترمق زائرها بنظره متسائله:
– حسنا يا جوانيتا 0 ساستقبل السيد00 السيد00اوه0
– لورا ! هذا انا 00برانت لاتقولي انك نسيت من اكون 0
خيبه الامل ضغطت على قلب المراة0 هذا الرجل الجميل المظهر ذو الشعر الكستنائي 0 مجهولا
تماما بالنسبه اليها0
قالت لجوانيتا وهي تمسح اصابعها المليئه بالدهان:
– اجلبي لنا القهوه 0
ثم قالت لزائرها :
– اسفه 0انني لا اعرفك00
– اتسخرين مني ؟ انا برانت ! كنا مخطوبين 0 الا تذكرين 0 لكنني بدات
افهم لماذا تخليت عني 0من اجل هذا المكسيكي راميرز0
تلعثمت من دون ان تتوقف لحظه عن النظر اليه بامعان :
– انا 0 انا التي هجرتك ؟
ثم لاحظت ان جوانيتا مازالت مكانها 0 فرمقتها بنظره جافه وقالت لها :
– جوانيتا , طلبت منك اعداد القهوه 0
اجابت المراه المكسيكيه قبل ان تبتعد :
– نعم 0نعم 0ياسنيورا 0
قالت لورا بلباقه وهي تجلس في مقعد من القش :
– اجلس 0 ان جوانيتا ترعاني منذ الحادث 0
– الحادث ؟ اي حادث0؟
– انها قصه تافهه 0 كنت ممدده على الشاطئ تحت شجره جوز هند 0فوقعت حبه
من الشجره واصابتني في جبيني 0 ومنذ ذلك الوقت وانا فاقده الذاكره كليا0

جلس الرجل على المقعد شاحب اللون وسالها وهو يحدق في عينيها :
– هل صحيح انك لاتتذكرين اي شئ ؟
– لاشئ او تقريبا 0 احيانا قليله ارى صورا تنبعث من الماضي 00ويؤكد الاطباء انني
ساستعيد ذاكرتي مع مرور الزمن ,’ لكن00
ترددت 0هل بامكانها ان تسال هذا الرجل الذي كان يعرفها جيدا شيئا عن ماضيها ؟

فقال برانت :
– غريب 0انك لا تتذكرينني0
لم تجب فقد جاءت جوانيتا لتضع الصينيه على الطاوله وتبتعد0
– يا لورا 0 كنا على وشك الزواج00وهذا امر لايمكن لانسان ان ينساه0
سالته لورا وهي تسكب القهوه :
– هل تزوجت من دييغو قبل ان افسخ خطبتي منك ؟
– كلا0 لقد ارسلت لي خاتم الخطبه وقلت لي انك واقعه في غرام هذا الرجل
0
– اني اشعر بانني احببت دييغو منذ اللحظه التي رايته فيها 0انه 00
انهى برانت كلامها :
– غني؟
تقلصت لورا 0 ماذا يعني بذلك ؟ هل يعني انها فتاه انتهازيه ؟
– نعم انه غني جدا 0
– وذو نفوذ , اعرف ذلك 0ومع ذلك ترك والدك يموت في احد السجون المكسيكيه
! اي نوع من الرجال هو ؟ اني ارى ان00
لكن لورا لم تعد تسمع صوته 0فقد استعادت ذاكرتها 0 فجاه كان راسها يدق كالطبل
وكذلك اذناها 0
والدها 00دان ترانت 00تخيلت وجهه الرمادي , في زنزانه معتمه 0 وامامه طاوله وضعت عليها
الاباريق والزجاجات 0 وسمعت صوت والدها رافعا كاسه ويقول :
– ليكن زواجك سعيدا مثل زواجي 00
انتصبت ورفست بعنف مقعدها الذي سقط وراحت تصرخ مثل حيوان جريح:
– ابي ! ابي ! ابي !00
ثم غابت عن الوعي 0

11- وتالق القلب

لاح نور خفيف من وراء الستائر عندما فتحت لورا عينيها 0
وانحنت جوانيتا الجالسه في كرسي قرب السرير , نحو الوجه الذي بدا يستعيد لونه 0
فابتسمت لورا قليلا0 وانفجرت الخادمه بالبكاء وقالت وهي تتمسك بذراعها الممدده على الغطاء:
-اه سنيورا 0 ما كان ينبغي ان اسمح لهذا الرجل بالدخول 0 اه, لو ادركت
ان بامكانه ان يؤذيك000! سامحيني يا سنيورا0
تمتمت لورا بصوت مرتجف :
– لست مخطئه يا جوانيتا 0في كل حال , لم يقصد برانت ايذائي 0ما000ما قاله
لي اعاد الي الذاكره بصوره صاعقه 0 وانفجر راسي 0 هذا كل ما حدث 0

ضغطت جوانيتا بيديها على صدغيها ونظرت الى لورا بخوف وقالت :
– سيغضب السنيور 0 دييغو مني كثيرا , سيقول لي انني 00
قاطعتها لورا قائلة:
– لا تخافي ياجوانيتا 0 ساقول ان برانت دخل بالقوه 000اوه 00هل تمكنت من الاتصال
بزوجي ؟
– نعم سينيورا 0 تقريبا 00لم اتمكن من التحدث اليه شخصيا 0 تركت له رساله
مع مدير الفندق الذي كان عليه ان يتصل به عند السنيور فرانسيسكا بوردي 0حيث كان
معها في زياره عمل 0
زياره عمل 000صوره ممزقه نصف منسيه برقت فجاه في مخيله لورا 0 وتذكرت وجه دييغو
الاسمر المنحني فوق وجه فرانسيسكا الملئ بالدموع 0لم يكن من الصعب تخيل نوعيه الاعمال التي
يقوم بها دييغو مع هذه الارمله الشابه السمراء000
قالت لورا كاذبه :
– انني بحاجه الى النوم الان 0
– اخاف ان اتركك , يا سنيورا 0 ان السنيور دييغو 00
– انا في حاله جيده 0 يا جوانيتا 0 لاتقلقي علي 0 انني بحاجه الى
قليل من الراحه 0
– الاتريدين شيئا ما 0 يا سنيورا ؟
– لا , شكرا 0 لا اريد ان يزعجني احد0
لكنها لم تتوقف عن التفكير 0 كانت تستعيد الذكريات , الواحده بعد الاخرى 0 كل
حوادث حياتها الماضيه تعود شيئا فشيئا الى مكانها 0 وعندما تذكرت موت والدها في السجن
المكسيكي 0 بدات الدموع تنهمر من عينيها 0 هل اعتقاله هو السبب الرئيسي لموته ؟
لم تنس لورا العشاء الذي تناولته برفقته في مطعم الميرادور 0 في ذلك المساء لاحظت
ملامح وجهه المشدود 0 كان قد فقد حيويته العاديه 0″انني اتساءل ما اذا كان قلبي
يتحمل هذا النوع من الانفعال ” هذا ما قاله لها وهما يشاهدان الفطاسين يقفزون من
اعالي الصخور 0 لقد اعتبرت هذا التعليق بمثابه مزحه 0 هل كان دان حينذاك مصابا
بمرض القلب 0

فجاء السجن ليعقد له الامور 0 وتذكرت لورا وجهه الرمادي الشاحب خلال زياراتها العديده له
في السجن 0 كانت تعتبر ذلك ناتجا عن الجو المشحون داخل الزنزانه وابتعاده عن الشمس
, والهواء , والحريه 0 وبرغم كل الاهتمام الذي كان يوليه دييغو لعمه , لم
ينجح في اعطاءه الحريه التي كان يرغب فيها قبل اي شيء اخر0
واخذت الافكار تعود باتجاه دييغو 00 الى يوم الحادث الى الشاطئ 0 كيف نسيت تلك
اللحظات السعيده مع دييغو ؟ راحت تتذكر دييغو منحنيا فوقها يداعبها بحنان فائق 0
كل شيء يعود الان الى ذاكرتها في دقه تامة0 جاعلا اياها مرهقه ومتلاشيه 0 في
تلك المرحله كانت تعرف ان زواجهما كان مهددا 0 فقد قبل دييغو فكره فسخ الزواج
ثم 00فرانسيسكا , المراه , السمراء , الجذابه , ظهرت في المشهد بصوره مباغتة0 لماذا
تعلق دييغو بهذه المراه الامريكيه المتحرره وهو الذي يتمتع بعقليه مكسيكيه متعصبة؟
لكن حصل ما حصل على الشاطئ وعرف دييغو انها كذبت عليه ليله عرسهما تاركه اياه
يعتقد انها وبرانت كانا عاشقين00
فجاه شعرت بانتفاضه في كل انحاء جسمها 0 في ذلك النهار عندما كانت على الشاطئ
0 قبل الحادث كان دييغو يعرف تماما ان والدها مات واذا كان قد عاد باكرا
من مكسيكو فذلك لانه تلقى مكالمه هاتفيه من رئيس شرطه اكابولكو 0 لماذا احبها في
هذا النهار بالذات؟ كان والدها قد مات 0 ولا شيء يمنع فسخ الزواج فكان حرا
بان يتزوج فرانسيسكا عندما يتم فسخ الزواج0 هل لانه فاجا غييارمو معها احس برغبه عنيفه
في ان يجعلها زوجته في الحال 0 مهما كان الامر كانت تصرفه وقحا وهو يعرف
ان والدها مات 0
نهضت من السرير واسرعت الى خزانتها 0 وبسرعه اخرجت حقيبتها الجلديه الحمراء وراحت تضع حاجياتها
وهي تفكر بعصبيه واضطراب 0 اين تستطيع الذهاب في اكابلوكو من دون ان يكتشف دييغو
مكانها ويعيدها الى الفيلا ؟ ان الندم جعله يعتني بها عنايه كبيره منذ الحادث 0
وهي تفهم الان لماذا كان ينتظر بصبر ان تستعيد ذاكرتها بصوره طبيعية0 ربما كانا يامل
بالا تشفى تماما0 في كل حال الا يتمتع دييغو بحياه ذهبية؟ لديه زوجه وديعه وطيعه
مدفونه في فيلا جاسينتا 0 وعشيقه ملتهبه في مكسيكو ؟
اقفلت حقيبتها و نظرت الى حقيبه يدها0 لديها من المال ما يكفي لان تمضي بضعه
ايام في فندق من الدرجه الثانيه قبل ان تستقل الطائره الى لوس انجلوس 0 انها
لا تريد مغادره اكابلوكو قبل ان تعرف اين دفنو والدها 0 كانت امنيته ان يدفن
قرب زوجته0 وستحاول ان تنقل جثمانه الى مدافن لوس انجلوس حيث ترقد والدتها0
هل ما زال برانت هنا في اكابلوكو ؟ ربما , لكنه ينزل ولا شك في
احد الفنادق الفخمه التي تحيط الخليج 0 ولا مجال للورا لان تذهب للبحث عنه هناك0
حيث يمكن لدييغو ان يكتشفها بسهولة0 00لا00 من الافضل ان تنزل في فندق متواضع يقع
على احد التلال البعيده عن الشاطئ 0 وهناك يمكنها ان تمضي وقتها من دون ان
يلاحظ احد وجودها 0 لم تجد ايه صعوبه في صف السياره في المطار والمرور بين
مجموعه كبيره من السياح الاتين من مكسيكو 0 لكن الامور تعقدت فجاه عندما لمحت شبح
دييغو الذي كان يرتدي بذله رماديه شاهدته يرفع يده ليوقف سياره اجرة0 ثم يدخل اليها
وينظر في تقلص امامه 0 انه يستحق ما يحصل له الان 0 ماذا اخبر فرانسيسكا
؟ عندما قرا رسالتها لا شك انه كان يبين ذراعي هذه المراه السمراء 0
– سنيورا 0
توقفت سياره تاكسي امامها
– اين تذهبين ؟
– اني ابحث عن فندق صغير في حيي اكابلوكو القديم0
قاده السائق التلال العاليه وتوقف امام بناء مؤلف من 4 طوابق 0 وقال:
– انه فندق روزاريو 0 ساسال اذا كان ثمه غرفه فارغه 0 هل تريدين غرفه
بسرير واحد ؟
– نعم ولبضعه ايام فقط0
دخل السائق الى الفندق وفهمت لورا انها ستدفع مبلغا ضخما للحصول على هذه الغرفه وان
السائق سيقبض عموله 0
هزت كتفيها في استياء وقالت ان هذه الامور ليست مهمه في الوقت الحاضر 0 المهم
هو ان تبتعد عن دييغو الذي لن يخطر في باله انها تقيم في مثل هذا
المكان 0 كما انه اذا راي سيارته في المطار سيفكر في الحال انها استقلت الطائره
الى كاليفورنيا ولن يفكر في البحث عنها في مدينه الحمامات 0
ظهر السائق اخيرا :
– هناك غرفه واحده 0 يا سنيورا وسعرها مرتفع 0
احمرت لورا غضبا عندما عرفت القيمه المتوجب عليها ان تدفعها 0 ان شقتها الصغيره في
بانوراما تكلف السعر نفسه0 لكن ليس امامها خيار اخر 0 اومات اليه موافقه 0 وهبطت
من سياره التاكسي بينما اخرج السائق حقيبتها من الصندوق 0 رائحه العفن تتصاعد من البهو
0 ولدى دخولها انحنى صاحب الفندق السمين وابتسم لدى توقيعها على السجل 00 فقد وقعت
باسم والدتها قبل الزواج : برباره فوريس 0
صعدت الى الغرفه في الطابق الثاني 0 انها صغيره جدا 0 وفيها مروحه بطيئه 0
ومغسله قديمه ومقعدان من القش وخزانه على بابها ستائر باهته تستعمل في الوقت نفسه كمنضده
للزينه 0 وفي احدى الزوايا سرير عريض من الحديد المقشر 0
قالت لورا في قرف :
– – انها غاليه الثمن نسبه الى ماتحتويه من اشياء غير مريحه 0
فقال صاحب الفندق وهو ينظر اليها في ارتباك ويتامل ملابسها الانيقه :
– انه الموسم يا سنيورا 0ثم انك لم تحجزي من قبل 000
– نعم اعرف 0 لن ابقى هنا مده طويله 0
– سارسل لك حقيبتك باسرع ما يمكن 0
قبل ان يجلب لها الخادم الحقيبه 0 لاحظت لورا ان السرير يطلق صريرا قويا وان
المروحه تجلب هواء رطبا رائحته كريهه 0
عندما اصبحت لورا وحدها 0 تمددت على السرير وهي تتصبب عرقا وثيابها تلتصق بجسدها 0
كانت تحدق بشفرات المروحه 0 ربما كان من الافضل لو انها ذهبت لتبحث عن برانت
لتستدين منه المال لتستاجر غرفه تليق بها 0 لكن ربما اضطر لان يطرح عليها اسئله
محرجه 0 وربما اقنعها بمنطقه مؤكدا لها ان دييغو لم يعد له حقوق عليها ما
دام ارغمها على ان تتزوجه ابتزازا 0
اغمضت عينيها كيلا ترى هذه الغرفه الحقيره 0نعم 0 قانونيا 0 ربما لم يعد لدييغو
اي حق عليها00لكنها تشعر بانه يمتلكها جسدا وروحا 000لايمكنها ابدا ان تمنح رجلا اخر هذا
الحب الممزوج بالشغف 0
ايقظها دوي الرعد من نوم عميق 0 ارتعشت ثم نهضت خائفه لوجودها في هذه الغرفه
الحقيره المظلمه 0 من جديد 0 سمعت طرقات على الباب فتقدمت وهمست بصوت يرتجف وهي
تشعل النور :
– من 00من هنا ؟
– – دييغو 0
– القت نظره خاطفه الى الغرفه امله ان تجد وسيله للهرب 0حينذاك شاهدت حشرات صغيره
تسرع بالانسحاب من السقف وجدران الغرفه وتختبئ في ثقوب الخشب والجص 0
ارتعبت لهذا المنظر وصرخت باعلى صوتها 0 وفي الحال سمعت ضربه قويه وصوت الخشب المتحطم
0
دخل دييغو من الباب وسالها :
– لورا حبيبتي , ماذا جرى ؟
– فاشارت لورا باصبعها الى الحشرات ذات القرون الطويله المنتشره هنا وهناك 0
– جذبها نحوه واخفى وجهها بصدره وقال بصوت هادئ وهو يداعب شعرها :
– – هذا لاشئ 0 ياحبيبتي 0 هذه الحشرات الصغيره غير مؤذيه 0
هدهدها لحظه ليهدئ من خوفها , ثم ابعدها عنه بلطف وسالها :
– هل انت مطمئنه الان ؟
– اشارت له براسها ايجابا0
– سالها وهو يشير الى حقيبتها الحمراء :
– اهذا كل ما لديك من امتعه ؟
– نعم 0 لم اكن احتاج الى اكثر من هذا 0
حمل الحقيبه وقال :
– تعالي 0
كان صاحب الفندق ينتظرهما في المدخل فقال :
– اني اسف ياسنيور راميرز 0 لم اكن اعرف ان السنيورا هي زوجتك000
– كيف تجرات على تاجير مثل هذا الكوخ القذر! احب ان اعرف كم طلبت اجره
لمثل هذا الماجور ؟
اطلعت لورا دييغو على المبلغ الذي دفعته 0 فحدج دييغو صاحب الفندق بغضب وقال :

– عليك اعاده ثلاثه ارباع المبلغ الذي قبضته 0 في الحال والباقي يكفي لتصليح الباب
الذي خلعته الان 0 انك تفقد سمعتك بطريقه ذليله 0
راح الرجل يعتذرشارحا وضعه 0 ولما اعاد المبلغ 0 اخذ دييغو لورا بذراعها وخرجا معا
الى الشارع حيث تنتظرهما سياره المرسيدس 0
صعدا الى السياره واقلع بها دييغو سالكا اتجاه وسط اكابلوكو 0 ران صمت ثقيل 0
اخيرا سالته لورا بصوت خفيض من دون ان تجرؤ عليلى النظر اليه:
– كيف توصلت الى اكتشاف مكان وجودي ؟
– لم يكن ذلك سحرا 0 صحيح انك تركت السياره في المطار لتوهميني انك غادرت
البلاد 0 ولكنني لم انخدع بذلك 0 اني اعرفك جيدا 0 واعرف انك لن تغادري
اكابلوكو قبل ان تعرفي اين دفن والدك 0 لقد بحثت عنك في كل فنادق المدينه
ابتداء من الفنادق الفخمه 0 ولما وصلت الى هنا , قرات اسم والدتك على سجلات
فندق روزاريو 0
– اسم والدتي ؟ كيف عرفت ان هذا الاسم هو اسم زالدتي ؟ لم اذكره
امامك ابدا 0
– قراته على مقبرتها عندما كانوا يدفنون والدك الى جانبها 0
اطلقت زفره ممزقه 0
– لورا حبيبتي , هل تذكرين00كل شئ ؟
همست بعدما ازاحت وجهها عنه حتى لايرى الدموع في عينيها :
– نعم0
ثم اضافت بصوت متقلب :
– اني سعيده لان والدي دفن قرب والدتي 0شكرا 00على ذلك0
سالها بحيويه :
– لماذا تشكرينني على هذا فقط ؟ الم افعل كل ما بوسعي لاعالجك واهتم بك
بعد الحادث الذي افقدك الذاكره ؟
اطلقت ضحكه صفراء وقالت :
– حتى اليوم لم اكن اصدق المثل الذي يقول ” ان الجهل هو سلام الحياه
” لم تقل لي شيئا يا دييغو 0 ولم تعلمني بموت والدي 0 ولا اذكر
ما تبقى من احداث عندما يجهل المرء سوء حظه 0 فلا يتالم من ذلك اليس
هذا صحيحا؟
قاطعها بلهجه ساخطه :
– كفى يالورا ! سنستانف هذا الحديث في المنزل 0
المنزل ؟ اين منزلها ؟ انها لاتذكر شيئا عن فيلا جاسينتا ولا عن مسكنها الفخم
في مكسيكو قبل وفاه والدها كان منزلها الحقيقي هو يخته 0 فماذا حل باليخت ؟

وما ان وصلت السياره الى مدخل فيلا جاسينتا حتى تذكرت لورا فجاه جوانيتا وكارلوس ماذا
يقولان عن اختفائها ؟ هل هما على علم بالحادث الذي حصل بينها وبين غييارمو مباشره
قبل الحادث ؟ ربما نعم , لانها منذ ذلك الحين لم تعد تسمع عنه شيئا
0
استقبلتهما جوانيتا الشاحبه اللون قلقا 0 وفي صوت خافت حيتهما ثم سالت دييغو ماذا يريد
ان يتعشى ؟
– احضري لنا شيئا 0سنتناول العشاء في الصالون الصغير 0
شعرت لورا انها على وشك الانهيار عندما تركها دييغو في الغرفه الكبيره التي لم تكن
تتصور انها ستراها مره اخرى 0 ولكنها بعدما اخذت حماما فاترا شعرت بالاسترخاء والارتياح0

كانت جالسه اما منضده الزينه تسرح شعرها الاشقر عندما دخل دييغو الى الغرفه 0 كان
يبدو شديد السمره بقميصه الحريري الابيض وبنطلونه الازرق الفاتح 0 وشعره الاسود السميك الرطب مملسا
الى الوراء 0 ولدى رؤيه زوجته في قميصها الحريري الاخضر , لمع بريق في عينيه
الداكنتين0
– عندما تصبحين مستعده 0 سنتوجه الى الصالون الصغير لنتحدث في امور كثيرة0
قالت وهي تلقي نظره اخيره الى المراه قبل ان تنهض :

– هل انت متاكد من ذلك 0 كان يبدو لي ان الامور واضحه بيننا0 لقد
مات والدي 0 ولم يعد هناك مبرر لاستمرار زواجنا 0 لقد وعدتني بان تعيد لي
حريتي 0
قال دييغو :
– ان زواجنا هو الان امرا واقع, يا حبيبتي 0 لم يعد بامكاننا الرجوع الى
الوراء0
لم تتمكن من اخفاء توترها فابتعدت وازاحت الستائر عن النافذة0 ونظرت الى الليل والقمر الذي
كان بدرا0
– لا شك ان هناك مجالا لفسخ الزواج0
انتفضت لدى شعورها بيدي دييغو تربتان على كتفيها 0 فلم تسمع صوت خطواته0 وسالها:
– لماذا ؟لماذا 00تحبين ان تعذبينني؟ الا يمكننا ان نعيش سعيدين؟ الم نختبر معا الفرح
في تقاسم الحب؟ تذكري يا حبيبتي على الشاطئ 0 كنت تريديني كما كنت اريدك 0
اعترفي بذلك0 يا لورا 0 كوني مخلصه وصادقه مع نفسك0
نظرت اليه ثم اغمضت عينيها 0 هل بامكانها ان تنسى ما حدث معها في ذلك
اليوم0 على الشاطئ تحت شجره جوز الهند؟
همس دييغو في اذنيها وهو يعانقها :
– لم تستطيعي يوم ذاك ان تخفي حقيقه احاسيسك0
ومره اخرى راحت تشعر بالذوبان لدى ملامساته البارعه 0 وراحت هي بدورها تلامس عنقه ثم
حملها بين ذراعيه ووضعها على السرير 0 حاولت ان تقاوم لكن بدون جدوى لكنها قامت
بجهد كبير للتخلص من قبضه دييغو وعناقه0 ووقفت وهي تنظر اليه في احتقار وقالت :

– كيف تجرؤ على ملامستي ؟ ادخر ملامستك البارعه لفرانسيسكا لانها بلا شك تقدرها00
– لا افهم 0مادخل فرانسيسكا في الموضوع ؟
ضحكت لورا بسخريه وقالت:
– ربما نسيت يا دييغو , لكنني مازلت اذكر كل شيء, اذكر الليله التي امضيتها
معها بعدما شاهدتكما متعانقين 0 كما انك كنت وقحا للغايه اذ انك ما ان خرجت
من سرير عشيقتك حتى لحقت بي مصرا على القيام بواجباتك الزوجيه برغم ان كنت تعرف
تماما ان والدي ميت على بعد مسافه قصيره من هنا انت رجل كريه وفظ0
صرخ دييغو , شاحب اللون :
– لا , هذا غير صحيح , اعترف بانني ربما كنت عنيفا ذلك اليوم على
الشاطئ 000لكن 00 اني اقسم لك بانني لم اكن اعرف ان والدك مات 0
– هذا مستحيل لقد اتصلت بي رئيس شرطه اكابلوكو في اليوم الذي كنت على موعد
مع سفير العدل 0 قال لي ان والدي00 ذهب00 اعتقدت ان00ان00 اعتقدت انهم نقلوه الى
مكسيكو 0 ليصار الى محاكمته بسرعه لقد00 اعطيت الشرطي رقم هاتفك في المنزل وفي المكتب
حتى يتمكن من الاتصال بك0
اقترب دييغو منها وضع يديه الاهبتين على كتفيها:
– لم اتلق ايه مكالمه 0 ربما لاني كنت حينذاك في الطائره 0 لقد اخبرني
سفير العدل انهم القوا القبض على الرجلين الذين استاجرا اليخت من والدك وهذان الرجلان اثبتا
براءته وجئت بسرعه لاخبرك بالامر0
– تريد ان تقول ان السلطات كانت اطلقت سراح والدي؟
– نعم 0 لم اعرف انه مات الا بعد الحادث الذي تعرضت له0 00لورا هل
بامكانك الاعتقاد لحظه واحده انه بوسعي ان اجعلك امراتي بالفعل لو كنت على علم بوفاه
والدك؟
– كنت اعتقد انك كنت تريد ان تربح على الجهتين0 فرانسيسكا في مكسيكو , وانا
هنا 00
قال مستغربا وهو يحك رقبته :
– يا الهي0 لو عشت 100000 سنه فلن اتوصل الى معرفه كيف يعمل دماغ المراة؟
لكنني في ذلك اليوم كنت احبك كثيرا ولا يمكن لاحد ان يمنعني من التعبير عن
حبي0 الم تشعري بذلك؟ هل في امكاني التعبير عن حبي لو كان ثمه امراه اخرى
في حياتي ؟ انا لا اتظاهر بالحب اني احبك حقا0 وانا مجنون بحبك منذ اليوم
الاول الذي التقيتك فيه0 كيف تستطيعين التفكير ان هناك امراه اخرى؟
– ليس هذا صعبا0 الم ارك تعانق فرانسيسكا ؟
– هل تغارين منها يا حبيبتي ؟
– نعم اكتشفت تلك الليله بالذات انني احبك 0 انتظرتك بحراره وبلهفه لكن بدلا من
ان تعود الي رايتك تذهب معها00
– اه يا حبيبتي !
وبسرعه اقترب منها واخذها بين ذراعيه وجذبها الى السرير 0
– تعالي 0 دعيني اشرح لك ما حدث0
وضع دييغو ذراعه حول خصرها وقال :
– عندما كنت صغيرا كانت فرانسيسكا تصغرني بسنتين فقط وكنا مخطوبين 0 واهلنا يحبون هذه
العلاقه 0 لكن القدر كانا مختلفا0 تعرفت فرانسيسكا الى انطوان واحبته وتزوجته بينما كنت احلم
بالمراه التي ستصبح يوما ما زوجتي ورفيقه حياتي 0
اطلق زفره عميقه ثم تابع يقول:
– مات انطوان وعادت فرانسيسكا الى مكسيكو حيث بدات اعمال زوجها تنهار فطلبت مني ان
اساعدها 0 وهذا العناق الذي حصل بيننا هو عناق الاخوة0 صحيح انني رافقتها تلك الليله
الى منزلها0 لكني لم ابقي مده طويلة0 امضيت الليل كله اقاوم رغبتي في اللحاق بك000

– اه 00
– لو جئت كما وعدتك به ياحبيبتي لكنت اصبحت ليلتها زوجتي 0 لكني كنت اخشى
مجابهه كرهك 0 كيف لي ان اعرف ان عواطف نحوي تغيرت؟
– في كل حال لم تكن تريد امراه احبت احدا قبلك0 زوجه لك0 ليله عرسنا
تركتني بعدما اعتقدت اني كنت عشيقه برانت 0
هز دييغو راسه وقال :
– في الحقيقه لست متشبثا تماما بهذا الموقف0 يمكنني ان اقر بعض التصرفات ولكنك عندما
لفظت في تلك اللحظه الحاسمه اسم برانت , تاكدت تماما انك ما احببتني ولهذا السبب
وعدتك بان اعيد لك حريتك عندما يخرج والدك من السجن 00وثم00
– ثم ماذا 000؟
– بعد الحادث الذي وقع لك 0 قلت ورددت مرارا انك تحبينني وانك تريدينني 0
لكنني لم اكن قادرا على ان البي رغباتك0 كما حصل بيننا على الشاطئ00 لقد اجبرتك
على ان تستسلمي لي 00
وبطرف اصابعها , لمست لورا شفتي دييغو وقالت :
– اذا كانت ذاكرتي سليمة0 فانني اذكر انني تجاوبت معك 0 في ذلك اليوم على
الشاطئ0 صحيح انك كنت تحبني منذ البداية؟
– لم اكف عن التفكير فيك منذ اليوم الاول0 انت اغلى شيء عندي في العالم
0 انت امراه احلامي الى الابد0 لا يمكنني ان اعيش من دونك0
– حتى وان لم اكن في مستوى والدتك؟
– والدتي ؟ ما دخل والدتي بالامر؟
– تعتقد كونسويلو انك اسير حبك لوالدتك0 وهي تعتقد بانك تزوجتني فقط لانني اشبهها 0

– هذا خطا انها تتحدث على هواها لتجعلك تغارين 0 كانت تامل دائما بانني ساتزوجها
بعد وفاه اخي0, زواجي منك اغضبها0
– اه , دييغو 0لقد ارتحت الان 0لم اكن اعرف00
وضعت لورا راسها على كتف زوجها واضافت في خجل:
– هل تغفر لي لانني شككت فيك؟
– وانا ايضا يا حبيبتي اعترف بانني اتحمل بعض المسئولية0
– ما علينا الا ان نبدء من جديد0
– وان نعوض الوقت الضائع والا ننتظر دقيقه واحدة0
قالت جوانيتا:
– سنيور , سنيورا , العشاء جاهز 0
قال دييغو قبل ان يعانق لورا:
– حافظي عليه ساخنا0
ثم قال للورا :
– انا جائع اليك 000يا حبي0

Previous post
برج الميزان اليوم 2024 , توقعنا لك فى العام الجديد
Next post
صور الممثلة بدور الاماراتية , حياة الممثلين في صورة