حب الناس في الاسلام
الحب من المعاني العظيمه التي يسعد الانسان بها، وهي من الصفات التي لا تنفك عن
ابن ادم، فكل ادمي لابد ان تجري هذه المعاني عليه؛ الحب، والبغض، والرضا، والكره، والفرح،
والشدة، والحزن…
والحب يسمو بالنفس ويحلق بها في فضاء من السعاده والجمال، ويضفي على حياتنا بهجه وسرورا،
ويكسو الروح بهاء وحبورا. وللحب صور عديدة، فما هي هذه الصور؟ وما موقف الاسلام منها؟هذا
ما سيدركه القارئ الكريم في هذا المقال باذن الله تعالى..
فمن صور الحب:
حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم:
وهذا من اعظم الواجبات؛ فان الله تعالى اوجب علينا ذلك وتوعد من خالف فيه بقوله:
}قل ان كان اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجاره تخشون كسادها ومساكن ترضونها
احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى ياتي الله بامره والله لا
يهدي القوم الفاسقين{([1]).
ودلت السنه النبويه على انه لا ايمان لمن لم يقدم حب الله ورسول الله صلى
الله عليه وسلم على كل محبوب، فعن انس بن مالك رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولده
ووالده والناس اجمعين»([2]).
وقال عبد الله بن هشام رضي الله عنه : كنا مع النبي صلى الله عليه
وسلم وهو اخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله لانت احب
الي من كل شيء الا من نفسي-وما كانوا يكذبون رضي الله عنهم- فقال النبي صلى
الله عليه وسلم: «لا والذي نفسي بيده، حتى اكون احب اليك من نفسك». فقال له
عمر: فانه الان والله لانت احب الي من نفسي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
«الان يا عمر»([3]).
قال ابن حجر رحمه الله: “قال الخطابي: حب الانسان نفسه طبع، وحب غيره اختيار بتوسط
الاسباب، وانما اراد عليه الصلاه والسلام حب الاختيار؛ اذ لا سبيل الى قلب الطباع وتغييرها
عما جبلت عليه. قلت: فعلى هذا فجواب عمر اولا كان بحسب الطبع، ثم تامل فعرف
بالاستدلال ان النبي صلى الله عليه وسلم احب اليه من نفسه؛ لكونه السبب في نجاتها
من المهلكات في الدنيا والاخرى، فاخبر بما اقتضاه الاختيار، ولذلك حصل الجواب بقوله: «الان يا
عمر». اي: الان عرفت فنطقت بما يجب”([4]).
ومحبه الله ورسوله خير ما يعده الانسان للقاء الله، فهو سبب دخول الجنة، ففي حديث
انس رضي الله عنه: ان رجلا سال النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعه فقال:
متى الساعة؟ قال: «وماذا اعددت لها». قال: لا شيء، الا اني احب الله ورسوله صلى
الله عليه وسلم. فقال: «انت مع من احببت». قال انس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول
النبي صلى الله عليه وسلم: «انت مع من احببت»؛ انا احب النبي صلى الله عليه
وسلم، وابا بكر، وعمر، وارجو ان اكون معهم بحبي اياهم وان لم اعمل بمثل اعمالهم([5]).
حب شرع الله:
ولقد اعلمنا ربنا في كتابه ان من صفات الكافرين بغض شرع الله، قال تعالى: }والذين
كفروا فتعسا لهم واضل اعمالهم* ذلك بانهم كرهوا ما انزل الله فاحبط اعمالهم{ ([6]).
اي: والذين كفروا فهلاكا لهم، واذهب الله ثواب اعمالهم؛ ذلك بسبب انهم كرهوا كتاب الله
المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فكذبوا به، فابطل اعمالهم.
وفي حديث نبينا صلى الله عليه وسلم: «وجعل قره عيني في الصلاة»([7]).
حب الزوجة:
فعن عائشه رضي الله عنها: “ان نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كن حزبين،
فحزب فيه عائشه وحفصه وصفيه وسودة، والحزب الاخر ام سلمه وسائر نساء رسول الله صلى
الله عليه وسلم، وكان المسلمون قد علموا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة،
فاذا كانت عند احدهم هديه يريد ان يهديها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم
اخرها، حتى اذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشه بعث صاحب
الهديه بها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة”([8]).
وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه : يا رسول الله من احب الناس اليك؟
قال: «عائشة»([9]).
وثبت عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «لا يفرك([10]) مؤمن مؤمنة، ان كره منها خلقا رضي منها اخر»([11]).
وقد قال الله ممتنا على الازواج: }وجعل بينكم موده ورحمة{. والموده هي المحبة، وفرق الرازي
رحمه الله بين الموده و الرحمه بقوله: ” }مودة{ حاله حاجه نفسه، }ورحمة{ حاله حاجه
صاحبه اليه، وهذا لان الانسان يحب مثلا ولده فاذا راى عدوه في شده من جوع
والم قد ياخذ من ولده ويصلح به حال ذلك، وما ذلك لسبب المحبه وانما هو
لسبب الرحمة… ولهذا فان الزوجه قد تخرج عن محل الشهوه بكبر او مرض ويبقى قيام
الزوج بها وبالعكس”([12]).
محبه الاخوان:
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يحب اصحابه رضي الله عنهم..
ففي حديث عمرو السابق لما اجابه النبي صلى الله عليه وسلم على سؤاله: من احب
الناس اليك؟ بقوله: «عائشة». قال له عمرو رضي الله عنه : فمن الرجال؟ قال: «ابوها».
وهو الذي قال في شانه: «ولو كنت متخذا خليلا من امتي لاتخذت ابا بكر»([13]). والخلة:
اعلى درجات المحبة. فلم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم خليل بنص هذا الحديث، ولكن
الحديث دال على ان الصديق احب الناس اليه.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذ
بيده يوما ثم قال: «يا معاذ والله اني لاحبك». فقال له معاذ: بابي انت وامي
يا رسول الله وانا والله احبك. قال: «اوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل
صلاه ان تقول: اللهم اعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك»([14]).
وكان اسامه من احب الناس الى نبينا صلى الله عليه وسلم، فعن عائشه رضي الله
عنها: ان قريشا اهمهم شان المراه المخزوميه التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله
صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه الا اسامه حب رسول الله صلى الله
عليه وسلم؟ فكلمه اسامة([15]).
فلا يوجد دين يحث ابناءه على التحابب والموده كدين الاسلام؛ ولهذا حث النبي صلى الله
عليه وسلم على الاخبار بمشاعر الحب؛ لان هذا يقويه ويفضي الى شيوع الالفه بيننا. قال
النبي صلى الله عليه وسلم: «اذا احب الرجل اخاه فليخبره انه يحبه»([16]). وعن انس رضي
الله عنه ان رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر به رجل، فقال:
يا رسول الله اني لاحب هذا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «اعلمته»؟ قال:
لا. قال: «اعلمه». قال: فلحقه فقال: اني احبك في الله. فقال: احبك الذي احببتني فيه([17]).
والمحبه في الله سبب لنيل محبه الله:
فعن ابي هريره رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ان رجلا زار
اخا له في قريه اخرى، فارصد الله على مدرجته ملكا، فلما اتى عليه قال: اين
تريد؟ قال: اريد اخا لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمه تربها؟
قال: لا، غير اني احبه في الله. قال: فاني رسول الله اليك: ان الله قد
احبك كما احببته فيه»([18]).
والحب في الله من علامات صدق الايمان:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اوثق عرى الايمان: الحب في الله والبغض في
الله»([19]).
وعن انس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«ثلاث من كن فيه وجد حلاوه الايمان: ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما،
وان يحب المرء لا يحبه الا لله، وان يكره ان يعود في الكفر كما يكره
ان يقذف في النار»([20]).
وممن يظلهم الله في ظله المتحابون فيه:
فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ان
الله تعالى يقول يوم القيامة: اين المتحابون بجلالي؟ اليوم اظلهم في ظلي يوم لا ظل
الا ظلي»([21]).
ومن السبعه الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله: «رجلان تحابا في
الله»([22]).
والحب في الله سبيل الجنة:
قال نبينا صلى الله عليه وسلم:«والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنه حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا
حتى تحابوا، اولا ادلكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم؟ افشوا السلام بينكم»([23]).
محبه الاقارب والعشيره والمتاع والنعم:
قال تعالى: }قل ان كان اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجاره تخشون كسادها
ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى ياتي الله بامره
والله لا يهدي القوم الفاسقين{([24]).
ولم يلم الله تعالى على حب هذه المذكورات؛ فان حبها مغروز في نفوسنا، وانما على
تقديم حبها على حب الله ورسوله وشرعه والجهاد في سبيله.
وعن قره بن اياس رضي الله عنه ، ان رجلا كان ياتي النبي صلى الله
عليه وسلم ومعه ابن له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تحبه»؟ قال: نعم يا
رسول، الله احبك الله كما احبه. ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما فعل
فلان بن فلان»؟ -للابن الصغير- قالوا: يا رسول الله مات. فقال النبي صلى الله عليه
وسلم لابيه: «الا تحب ان لا تاتي بابا من ابواب الجنه الا وجدته ينتظرك»؟ فقال
رجل: يا رسول الله اله خاصه ام لكلنا؟ قال: «بل لكلكم»([25]).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم -فيما يروي عن ربه تعالى-: «من اذهبت حبيبتيه فصبر
واحتسب لم ارض له ثوابا دون الجنة»([26]).
وعن انس رضي الله عنه قال: كان ابو طلحه اكثر الانصار بالمدينه مالا من نخل،
وكان احب امواله اليه بيرحاء، وكانت مستقبله المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب. قال انس: فلما نزلت هذه الاية: }لن تنالوا البر
حتى تنفقوا مما تحبون{([27]) قام ابو طلحه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله ان الله تبارك وتعالى يقول: }لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون{،
وان احب اموالي الي بيرحاء، وانها صدقه ارجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول
الله حيث اراك الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بخ! ذلك مال رابح،
ذلك مال رابح»([28]).
حب المساكين والاعمال الصالحة:
وقد امر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ان يقول: «اللهم اني اسالك فعل الخيرات،
وترك المنكرات، وحب المساكين، واذا اردت بعبادك فتنه فاقبضني اليك غير مفتون»([29]).
حب الاوطان:
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمكة: «ما اطيبك من بلد! واحبك الي! ولولا
ان قومي اخرجوني منك ما سكنت غيرك»([30]).
هل للحب عيد؟ وما قصته؟
قيل: لما دخل الرومان في النصرانيه بعد ظهورها وحكم الرومان الامبراطور الروماني (كلوديوس الثاني) في
القرن الثالث الميلادي منع جنوده من الزواج؛ لان الزواج يشغلهم عن الحروب التي كان يخوضها،
فتصدى لهذا القرار (القديس فالنتاين) وصار يجري عقود الزواج للجند سرا، فعلم الامبراطور بذلك فزج
به في السجن وحكم عليه بالاعدام.
وفي سجنه وقع في حب ابنه السجان، وكان هذا سرا حيث يحرم على القساوسه والرهبان
في شريعه النصارى الزواج وتكوين العلاقات العاطفية، ونفذ فيه حكم القتل يوم 14 فبراير عام
270 ميلادي ليله 15 فبراير، ومن يومها اطلق عليه لقب قديس واحتفل بعيد الحب([31]).
فما هي مظاهر الاحتفال بعيد الحب؟
1/ اظهار الفرح به.
2/ تبادل الورود الحمراء والهدايا.
3/ ارتداء الملابس الحمراء.
4/ تنزه العشيقين في هذا اليوم.
5/ تعليق البالونات المكتوب عليها عبارات الحب والغرام.
6/ توزيع صور (كيوبد) اله الحب عند الرومان، وهو طفل صغير له جناحان ويحمل قوسا.
7/ اقامه الحفلات.
حكم الاحتفال به:
انظر -غير مامور- لحكم الاحتفال باعياد المشركين المقال الموصل اليه الرابط التالي:
http://saaid.net/Doat/mehran/030.doc
ماذا قال علماؤنا في الاحتفال بعيد الحب؟
قال العلامه ابن عثيمين -رحمه الله وجمعني به في دار كرامته-: “الاحتفال بعيد الحب لا
يجوز لوجوه:
الاول: انه عيد بدعي لا اساس له في الشريعة.
الثاني: انه يدعو الى العشق والغرام.
الثالث: انه يدعو الى اشتغال القلب بمثل هذه الامور التافهه المخالفه لهدي السلف الصالح رضي
الله عنهم.
فلا يحل ان يحدث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد سواء كان في الماكل،
او المشارب، او الملابس، او التهادي، او غير ذلك.
وعلى المسلم ان يكون عزيزا بدينه، وان لا يكون امعه يتبع كل ناعق”([32]).
وفي فتاوى اللجنه الدائمة: “دلت الادله الصريحه من الكتاب والسنه – وعلى ذلك اجمع سلف
الامة- ان الاعياد في الاسلام اثنان فقط هما: عيد الفطر وعيد الاضحى. وما عداهما من
الاعياد سواء كانت متعلقه بشخص او جماعه او حدث او اي معنى من المعاني فهي
اعياد مبتدعة، لا يجوز لاهل الاسلام فعلها ولا اقرارها ولا اظهار الفرح بها ولا الاعانه
عليها بشيء؛ لان ذلك من تعدي حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه،
واذا انضاف الى العيد المخترع كونه من اعياد الكفار فهذا اثم الى اثم؛ لان في
ذلك تشبها بهم، ونوع موالاه لهم. وقد نهى الله سبحانه المؤمنين عن التشبه بهم وعن
موالاتهم في كتابه العزيز، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: «من تشبه
بقوم فهو منهم»([33]).
وعيد الحب هو من جنس ما ذكر؛ لانه من الاعياد الوثنيه النصرانية، فلا يحل لمسلم
يؤمن بالله واليوم الاخر ان يفعله او ان يقره او ان يهنئ، بل الواجب تركه
واجتنابه؛ استجابه لله ورسوله، وبعدا عن اسباب سخط الله وعقوبته. كما يحرم على المسلم الاعانه
على هذا العيد او غيره من الاعياد المحرمه باي شيء؛ من اكل او شرب او
بيع او شراء او صناعه او هديه او مراسله او اعلان او غير ذلك؛ لان
ذلك كله من التعاون على الاثم والعدوان ومعصيه الله والرسول، والله جل وعلا يقول: }وتعاونوا
على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله ان الله شديد العقاب{([34]).
ويجب على المسلم الاعتصام بالكتاب والسنه في جميع احواله، لاسيما في اوقات الفتن وكثره الفساد.
وعليه ان يكون فطنا حذرا من الوقوع في ضلالات المغضوب عليهم والضالين والفاسقين الذين لا
يرجون لله وقارا، ولا يرفعون بالاسلام راسا. وعلى المسلم ان يلجا الى الله تعالى بطلب
هدايته والثبات عليها؛ فانه لا هادي الا الله، ولا مثبت الا هو سبحانه، وبالله التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم” ([35]).
هل هناك حب قبل الزواج؟
هذا سؤال مهم.
واذا احببنا ان ندرك الاجابه عنه قبل قراءتها فيمكن ان يعدل السؤال على هذا النحو:
لو ان شخصا مقبلا على الزواج دل على فتاه متدينة، واخبر بصفاتها فلم ينكر منها
شيئا، وعزم على ان يتقدم لخطبتها، هل ينكر على مثله ان يميل اليها بقلبه؟ ان
ذلك كائن لا محالة. فمثل هذا لا ينكر عليه ان مال اليها واحبها، وحبه لها
هو الذي دفعه الى خطبتها، واذا وافقت الفتاه واهلها فان مخطوبته ستشعر بحبها له ..
فهل ينكر هذا؟ لا اظن احدا يفعله.
فاين المحظور؟
ان يترجم هذا الحب الى اعمال تسخط الله.. ان ينعكس على سلوكنا بممارسات نهى عنها
رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالواجب ان لا يجر هذا الحب الى حرام.
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “قد يسمع انسان عن امراه بانها ذات خلق فاضل،
وذات علم؛ فيرغب ان يتزوجها، وكذلك هي تسمع عن هذا الرجل بانه ذو خلق فاضل،
وعلم، ودين؛ فترغبه. لكن التواصل بين المتحابين على غير وجه شرعي هذا هو البلاء، وهو
قطع الاعناق والظهور. فلا يحل في هذه الحال ان يتصل الرجل بالمراة، والمراه بالرجل ويقول:
انه يرغب في زواجها. بل ينبغي ان يخبر وليها انه يريد زواجها، او تخير هي
وليها انها تريد الزواج منه، كما فعل عمر رضي الله عنه حينما عرض ابنته حفصه
على ابي بكر وعثمان رضي الله عنهما. واما ان تقوم المراه مباشره بالاتصال بالرجل فهذا
محل فتنة”([36]).
فهذا الشاب الذي قذف الله في قلبه حب فتاه عليه ان يبادر وان ياتي البيوت
من ابوابها. فان خطبها فليعلم ان الذي يترتب على الخطبه امران:
الاول: انه لا يجوز لاحد ان يتقدم لخطبتها حتى يدع الاول او يرد؛ لقول ابن
عمر رضي الله عنهما: “نهى النبي صلى الله عليه وسلم ان يبيع بعضكم على بيع
بعض، ولا يخطب الرجل على خطبه اخيه حتى يترك الخاطب قبله او ياذن له الخاطب»([37])
.
الثاني: انه يجوز للخاطب ان ينظر الى ما يدعوه الى نكاحها؛ لحديث المغيره بن شعبة
رضي الله عنه انه خطب امراه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «انظر اليها
؛ فانه احرى ان يؤدم بينكما»([38]).
وعليه؛ فلا يجوز له ان يخلو بها، واذا اراد ان يحادثها فليكن ذلك بوجود محرمها،
فالمخطوبه اجنبيه عن الخاطب.
وكم من خطبه كان الفشل مالها لان الخطيبين لم يلتزما امر الله، فدخل الخاطب على
مخطوبته وخرج معها، ونال منها كل شيء، فازدراها واحتقرها ثم نبذها. وقد قال النبي صلى
الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده ما تواد اثنان، ففرق بينهما الا بذنب يحدثه
احدهما»([39]).
والخاطب كما انه لا يحب لاحد ان يمارس تصرفا مشينا مع اخته فعليه ان يكون
حريصا على اعراض اخوانه؛ لئلا يسلط عليه من يريه ما يسوؤه، وقد قال النبي صلى
الله عليه وسلم: «فمن احب ان يزحزح عن النار ويدخل الجنه فلتاته منيته وهو يؤمن
بالله واليوم الاخر، وليات الى الناس الذي يحب ان يؤتى اليه»([40]).
والافضل ان يعجل بالزواج، او ان يعقد لهما؛ ولكن ينبغي الا يفض خاتم الا باعلان
دخول، وعلى الفتاه ان لا تمكن نفسها ممن عقد عليها ولم يعلن دخوله عليها؛ فانه
اذا فعل ومات او طلق ساءت سمعتها، وسيء الظن بها.
هذا هو الحب الذي لا ينكر.. اما حب المراهقين، والذين يريدون منه قضاء اوقاتهم وشغل
سنوات دراستهم فهذا منكر لابد من الخلاص منه؛ لئلا يفتك بصاحبه. فكم عذب به اناس؟
ومرض به صحاح؟ وكم ادخل قبرا؟ واتعس واباس اباسا؟
اللهم طهر قلوبنا، واختم بالصالحات اعمالنا، وصل وسلم وبارك على سيد الانام، والحمد لله في
البدء والختام.