تفسير سوره الغاشيه للاطفال
قد تقدم عن النعمان بن بشير : ان رسول الله – صلى الله عليه وسلم
– كان يقرا ب ” سبح اسم ربك الاعلى ” والغاشيه في صلاه العيد ويوم
الجمعه .
وقال الامام مالك ، عن ضمره بن سعيد ، عن عبيد الله بن عبد الله
: ان الضحاك بن قيس سال النعمان بن بشير : بم كان رسول الله –
صلى الله عليه وسلم – يقرا في الجمعه مع سوره الجمعه ؟ قال : ”
هل اتاك حديث الغاشيه ” .
رواه ابو داود عن القعنبي ، والنسائي عن قتيبه ، كلاهما عن مالك به ،
ورواه مسلم وابن ماجه ، من حديث سفيان بن عيينه ، عن ضمره بن سعيد
، به .
( هل اتاك حديث الغاشيه ( 1 ) وجوه يومئذ خاشعه ( 2 ) عامله
ناصبه ( 3 ) تصلى نارا حاميه ( 4 ) تسقى من عين انيه (
5 ) ليس لهم طعام الا من ضريع ( 6 ) لا يسمن ولا يغني
من جوع ( 7 ) )
الغاشيه : من اسماء يوم القيامه . قاله ابن عباس ، وقتاده ، وابن زيد
; لانها تغشى الناس وتعمهم . وقد قال ابن ابي حاتم :
حدثنا ابي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا ابو بكر بن عياش ،
عن ابي اسحاق ، عن عمرو بن ميمون قال : مر النبي – صلى الله
عليه وسلم – على امراه تقرا : ( هل اتاك حديث الغاشيه ) فقام يستمع
ويقول : ” نعم ، قد جاءني ” .
وقوله : ( وجوه يومئذ خاشعه ) اي : ذليله . قاله قتاده . وقال
ابن عباس : تخشع ولا ينفعها عملها .
وقوله : ( عامله ناصبه ) اي : قد عملت عملا كثيرا ، ونصبت فيه
، وصليت يوم القيامه نارا حاميه .
[ ص: 385 ]
وقال الحافظ ابو بكر البرقاني : حدثنا ابراهيم بن محمد المزكى ، حدثنا محمد بن
اسحاق السراج ، حدثنا هارون بن عبد الله ، حدثنا سيار حدثنا جعفر قال :
سمعت ابا عمران الجوني يقول : مر عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ،
بدير راهب ، قال : فناداه : يا راهب [ يا راهب ] فاشرف .
قال : فجعل عمر ينظر اليه ويبكي . فقيل له : يا امير المؤمنين ،
ما يبكيك من هذا ؟ قال : ذكرت قول الله ، – عز وجل –
في كتابه : ( عامله ناصبه تصلى نارا حاميه ) فذاك الذي ابكاني .
وقال البخاري : قال ابن عباس : ( عامله ناصبه ) النصارى .
وعن عكرمه ، والسدي : ( عامله ) في الدنيا بالمعاصي ( ناصبه ) في
النار بالعذاب والاغلال .
قال ابن عباس ، والحسن ، وقتاده : ( تصلى نارا حاميه ) اي :
حاره شديده الحر ( تسقى من عين انيه ) اي : قد انتهى حرها وغليانها
. قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، والسدي .
وقوله : ( ليس لهم طعام الا من ضريع ) قال علي بن ابي طلحه
، عن ابن عباس : شجر من نار .
وقال سعيد بن جبير : هو الزقوم . وعنه : انها الحجاره .
وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمه ، وابو الجوزاء ، وقتاده : هو الشبرق
. قال قتاده : قريش تسميه في الربيع الشبرق ، وفي الصيف الضريع . قال
عكرمه : وهو شجره ذات شوك لاطئه بالارض .
وقال البخاري : قال مجاهد : الضريع نبت يقال له : الشبرق ، يسميه اهل
الحجاز الضريع اذا يبس ، وهو سم .
وقال معمر ، عن قتاده : ( الا من ضريع ) هو الشبرق ، اذا
يبس سمي الضريع .
وقال سعيد ، عن قتاده : ( ليس لهم طعام الا من ضريع ) من
شر الطعام وابشعه واخبثه .
وقوله : ( لا يسمن ولا يغني من جوع ) يعني : لا يحصل به
مقصود ، ولا يندفع به محذور .