تفسير السحر في المنام
لا يلزم من رؤيه هذا ان الرائى مسحور لان الشيطان قد يمثل ذلك للانسان حتى
يدخله في دوامه السحر ويبقى متوهما انه مسحورا ليبدا قرينه باكمال اللازم بان يبعث بالهم
فى نفس الرائى ويجعله يسىء الظن باقرب الناس اليه ليوقع العداوه والبغضاء بينهم ويدفع الرائى
للسير فى طريق الشك و الشرك والضلال بالوسوسه اليه بدفع الاذى عن نفسه او فك
السحر او صرف الهم عن نفسه الى غير ذلك مما يوقعه فى اكبر الكبائر وهى
الشرك بالله .
عن النبى -صلى الله عليه وسلم-
قال « الرؤيا ثلاثه فالرؤيا الصالحه بشرى من الله عز وجل والرؤيا تحزينا من الشيطان
والرؤيا من الشىء يحدث به الانسان نفسه فاذا راى احدكم ما يكره فلا يحدثه احدا
وليقم فليصل »
عن ابن مسعود رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «
ان للشيطان لمه بابن ادم, وللملك لمة, ف اما لمه الشيطان, فايعاد بالشر وتكذيب بالحق,
واما لمه الملك, فايعاد بالخير وتصديق بالحق فمن وجد من ذلك شيئا, فليعلم انه من
الله, وليحمد الله, ومن وجد الاخرى فليتعوذ من الشيطان..
ثم قرا : الشيطان يعدكم الفقر ويامركم بالفحشاء والله يعدكم مغفره منه وفضلا والله واسع
عليم ».ان الشيطان يمثل الشر فى الارض، ويعمل دائبا على تدمير حياه الانسان بزحزحته عن
هدايه الله، وابعاده عن منهج الحق والرشاد.
لهذا حذرنا الله من كيده، واخبرنا بعداوته، ودعا الى مقاومته بكل وسيله حتى يضعف سلطانه،
وتخف شروره واثامه، فقال: ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا انما يدعو حزبه ليكونوا من
اصحاب السعير).و فى سوره الاعراف يقول الله تعالى: قال فبما اغويتني لاقعدن لهم صراطك المستقيم
* ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم
شاكرين. و كان حكمه هذا ظنا وقد تحقق: و لقد صدق عليهم ابليس ظنه فاتبعوه
الا فريقا من المؤمنين.
و فى سوره النساء يقول الله سبحانه: ان يدعون من دونه الا اناثا وان يدعون
الا شيطانا مريدا*لعنه الله وقال لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا * ولاضلنهم و لامنينهم ولامرنهم
فليبتكن اذان الانعام ولامرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد
خسر خسرانا مبينا * يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا.
و يعلمنا ان الشيطان جاد فى القاء خواطر السوء، ومهتم بتقويه دواعى الشر والباطل فى
النفس الانسانية.
الشيطان يعدكم الفقر ويامركم بالفحشاء.
اى ان الشيطان يوسوس للانسان، ويلقى فى نفسه بان الانفاق يذهب بالمال، ويامره بالامساك والبخل
والحرص على المال و منع الزكاة؛ ومن ثم كان من الواجب الحذر منه، واتقاء شروره
واثامه.
ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين* انما يامركم بالسوء والفحشاء وان تقولوا على
الله ما لا تعلمون.
يا ايها الذين امنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فانه يامر بالفحشاء
والمنكر.
و من ابلغ ما ذكره القران فى الترهيب من متابعه الشيطان، ما جاء فى سوره
الانعام:
و يوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الانس وقال اولياؤهم من الانس
ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا اجلنا الذي اجلت لنا.
اى ان الله يقول يوم الحشر للجن وقد استكثرتم من اغواء الانس، وقال اتباعهم من
الانس: ربنا استمتع بعضنا ببعض، اى استمتع الجن بالانس حيث قادوهم، واخضعوهم لسلطانهم، فكانت لهم
لذه السيطره ومتعه الرياسة، واستمتع الانس بالجن، حيث زينوا لهم الشهوات او دلوهم عليها، واستمر
هذا الاستمتاع حتى بلغو الاجل المقدر لهم.
و فى مشهد من مشاهد القيامه يميز الله فيه المجرمين، ويوجه اليهم الخطاب ناعيا عليهم
طاعتهم للشيطان وعبادتهم له.
وامتازوا اليوم ايها المجرمون * الم اعهد اليكم يا بني ادم ان لا تعبدواالشيطان انه
لكم عدو مبين * وان اعبدوني هذا صراط مستقيم * ولقد اضل منكم جبلا كثيرا
افلم تكونوا تعقلون.
و فى مشهد اخر من مشاهد القيامه يخطب الشيطان فى اتباعه موقعا اللوم عليهم فى
ضلالهم ومتابعتهم له.
و قال الشيطان لما قضي الامر ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فاخلفتكم وما كان
لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا انفسكم ما انا
بمصرخكم وما انتم بمصرخي اني كفرت بما اشركتمون من قبل ان الظالمين لهم عذاب اليم.
قال ابن كثير: يخبر الله تعالى عما خاطب به ابليس اتباعه بعد ما قضى الله
بين عباده، فادخل المؤمنين الجنات، واسكن الكافرين الدركات، فقام فيهم ابليس لعنه الله يومئذ خطيبا،
ليزيدهم حزنا الى حزنهم، وغما الى غمهم، وحسره الى حسرتهم، فقال:
ان الله وعدكم وعد الحق على السنه رسله، ووعدكم فى اتباعهم النجاه والسلامة، وكان وعدا
حقا وخبرا صادقا، واما انا ووعدتكم فاخلفتكم – كما قال الله تعالى: يعدهم ويمنيهم وما
يعدهم الشيطان الا غرورا – ثم قال: وما كان لي عليكم من سلطان؛ اى ما
كان لى عليكم فيما دعوتكم اليه دليل، ولا حجه فيما وعدتكم به، الا ان دعوتكم
فاستجبتم لى بمجرد ذلك، هذا وقد اقامت عليكم الرسل الحجج والادله الصحيحه على صدق ما
جاءوكم به، فخالفتموهم فصرتم الى ما انتم فيه فلا تلوموني اليوم ولوموا انفسكم فان الذنب
لكم لكونكم خالفتم الحجج، واتبعتمونى بمجرد ما دعوتكم الى الباطل ما انا بمصرخكم اى بنافعكم
ومنقذكم ومخلصكم مما انتم فيه، وما انتم بمصرخي اى بنافعى بانقاذى مما انا فيه من
العذاب والنكال اني كفرت بما اشركتمون من قبل.. قال قتادة: اى بسبب ما اشركتمونى من
قبل وقال ابن جرير: يقول انى جحدت ان اكون شريكا لله عز وجل.. وهذا الذى
قاله هو الراجح.. وحين يقف الانسان وقرينه امام الله فى الاخره يقول الانسان: يا رب
لقد اضلني عن الذكر بعد اذ جاءني ، فيقول شيطانه الذى وكل به: ربنا ما
اطغيته ولكن كان في ضلال بعيد ، فيقول الله: لا تختصموا لدي وقد قدمت اليكم
بالوعيد * ما يبدل القول لدي وما انا بظلام للعبيد
لا سلطان للشيطان على المؤمن: و الايمان يفيض على النفس اشراقا، ويملا القلوب نورا، واذا
اشرقت النفس واستنار القلب، انمحى كل ما يوسوس به الشيطان. فاذا قرات القران فاستعذ بالله
من الشيطان الرجيم * انه ليس له سلطان على الذين امنوا وعلى ربهم يتوكلون *
انما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون.
واذا الم بالقلب الموصول بالله من مس الشيطان شىء، فسرعان ما يستيقظ: ان الذين اتقوا
اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون. و بالتوبه والانابه الى الله تغلب
جانب الخير على جانب الشر، ومتى تغلب جانب الخير على جانب الشر فى نفس الانسان،
تعرض لهدايه الله، وكان اهلا للاجتباء والاصطفاء.
ونفس وما سواها *فالهمها فجورها وتقواها.
و الانسان بمقتضى خلافته عن الله فى الارض مكلف بان ينمى فى نفسه معانى البر،
والصواب، والخير، والطاعة، والتقوى؛ وان يقاوم نوازع الاثم، والخطا، والشر، و الفجور، حتى يبلغ الكمال
الروحى الذى اراده الله له.
و فى هذه المعركه يتدخل الشيطان، ليصرف الانسان عن تنميه قواه العليا من جانب، وليضعف
من روح المقاومه بطريق الخداع والاغراء والتزيين من جانب اخر.
و من ثم كان واجبا على الانسان ان يحذر مكايد الشيطان، ويعرف اساليبه التى يتخذها،
ليصرف الانسان عن وظيفته الاولى فى هذه الحياة.
عن النبى – صلى الله عليه وسلم – قال « اجتنبوا السبع الموبقات » .
قالوا يا رسول الله ، وما هن قال : ” الشرك بالله ، والسحر ،
وقتل النفس التى حرم الله الا بالحق ، واكل الربا ، واكل مال اليتيم ،
والتولى يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات .”