ايات سورة الفجر كتابة

ايات سورة الفجر كتابة                                                                     

 16a43868bc91202c1bff8d13b7c463e7

? ?


? و الفجر .

وليال عشر .

والشفع و الوتر .

والليل اذا يسر .

هل فذلك قسم لذى حجر .

الم تر كيف فعل ربك بعاد .

ارم ذات العماد .

التى لم يخلق مثلها فالبلاد .

وثمود الذين جابوا الصخر بالواد .

وفرعون ذى الاوتاد .

الذين طغوا فالبلاد .

فاكثروا بها الفساد.
فصب عليهم ربك سوط عذاب .

ان ربك لبالمرصاد ?.
                                                                                     

 20160715 1712




البسملة: تقدم الكلام عليها.


“والفجر.وليال عشر.والشفع و الوتر.والليل اذا يسر” جميع هذي اقسامات بالفجر،
وليال عشر،
والشفع و الوتر،
والليل اذا يسر،
خمسة حاجات اقسم الله تعالى بها،
الاول: الفجر “والفجر” هو النور الساطع الذي يصبح فالافق الشرقى قرب طلوع الشمس،
وبينة و بين طلوع الشمس ما بين ساعة و اثنتين و ثلاثين دقيقة،
الي ساعة و سبع عشرة دقيقة،
ويختلف باختلاف الفصول،
فاحيانا تطول الحصة ما بين الفجر و طلوع الشمس،
واحيانا تقصر حسب الفصول،
والفجر فجران: فجر صادق،
وفجر كاذب،
والمقصود بالفجر هنا الفجر الصادق،
والفرق بين الفجر الصادق و الكاذب من ثلاثة و جوه:


الفرق الاول: الفجر الكاذب يصبح مستطيلا فالسماء ليس عرضا و لكنة طولا،
واما الفجر الصادق يصبح عرضا يمتد من الشمال الى الجنوب.


الفرق الثاني: ان الفجر الصادق لا ظلمة بعده،
بل يزداد الضياء حتي تطلع الشمس،
واما الفجر الكاذب فانه يحدث بعدة ظلمة بعد ان يصبح ذلك الضياء،
ولهذا سمى كاذبا؛
لانة يضمحل و يزول.
                                                 

 20160715 1713




الفرق الثالث: ان الفجر الصادق متصل بالافق،
اما الفجر الكاذب فبينة و بين الافق ظلمة،
هذه ثلاثة فروق افاقية حسية يعرفها الناس اذا كانوا فالبر،
اما فالمدن فلا يعرفون ذلك،
لان الانوار تحجب هذي العلامات.


واقسم الله بالفجر لانة ابتداء النهار،
وهو انتقال من ظلمة دامسة الى فجر ساطع،
واقسم الله فيه لانة لا يقدر على التاليان بهذا الفجر الا الله عز و جل كما قال الله تبارك و تعالى: “قل ارايتم ان جعل الله عليكم الليل سرمدا الى يوم القيامة من الة غير الله ياتيكم بضياء افلا تسمعون” [القصص: 71] و اقسم الله بالفجر لانة يترتب عليه احكام شرعية،
مثل: امساك الصائم،
فانة اذا طلع الفجر وجب على الصائم ان يمسك اذا كان صومة فرضا او نفلا اذا اراد ان يتم صومه،
ويترتب عليه ايضا: دخول وقت صلاة الفجر،
وهما حكمان شرعيان عظيمان،
اهمهما دخول وقت الصلاة،
اى انه يجب ان نراعى الفجر من اجل دخول وقت الصلاة اكثر مما نراعية من اجل الامساك فحالة الصوم،
لاننا فالامساك عن المفطرات فالصيام لو فرضنا اننا اخطانا فاننا بنينا على اصل و هو بقاء الليل،
لكن فالصلاة لو اخطانا و صلينا قبل الفجر لم نكن بنينا على اصل،
لان الاصل بقاء الليل و عدم دخول وقت الصلاة،
ولهذا لو ان الانسان صلى الفجر قبل دخول وقت الصلاة بدقائق واحدة فصلاتة نفل و لا تبرا فيها ذمته،
ومن بعدها ندعوكم الى ملاحظة هذي المسالة،
اعنى الاعتناء بدخول وقت صلاة الفجر،
لان كثيرا من المؤذنين يؤذنون قبل الفجر و ذلك غلط،
لان الاذان قبل الوقت ليس بمشروع لقول النبى صلى الله عليه و على الة و سلم: «اذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم احدكم»(127)،
ويصبح حضور الصلاة اذا دخل و قتها،
فلو اذن الانسان قبل دخول وقت الصلاة فاذانة غير صحيح يجب عليه الاعادة،
والاعتناء بدخول الفجر مهمة جدا جدا من اجل مراعاة وقت الصلاة.


وقوله تعالى: “وليال عشر” قيل المراد ب”ليال عشر” عشر ذى الحجة،
واطلق على الايام ليالي،
لان اللغة العربية و اسعة،
قد تطلق الليالي و يراد فيها الايام،
والايام يراد فيها الليالي،
وقيل المراد ب”ليال عشر” ليال العشر الاخيرة من رمضان،
اما على الاول الذين يقولون المراد بالليال العشر عشر ذى الحجة،
فلان عشر ذى الحجة ايام فاضلة قال بها النبى صلى الله عليه و على الة و سلم: «ما من ايام العمل الصالح فيهن احب الى الله من هذي الايام العشر» قالوا: و لا الجهاد فسبيل الله؟
قال: «ولا الجهاد فسبيل الله الا رجل خرج بنفسة و ما له فلم يرجع من هذا بشيء»(128).


واما الذين قالوا: ان المراد بالليال العشر هي ليال عشر رمضان الاخيرة،
فقالوا: ان الاصل فالليالي انها الليالي و ليست الايام،
وقالوا: ان ليال العشر الاخيرة من رمضان بها ليلة القدر التي قال الله عنها “خير من الف شهر”،
وقال: “انا انزلناة فليلة مباركة انا كنا منذرين.
فيها يفرق جميع امر حكيم” [الدخان: 3 ،

4]،
وهذا القول ارجح من القول الاول،
وان كان القول الاول هو قول الجمهور،
لكن اللفظ لا يسعف قول الجمهور،
وانما يرجح القول الثاني انها الليالي العشر الاواخر من رمضان،
واقسم الله فيها لشرفها،
ولان بها ليلة القدر،
ولان المسلمين يختمون فيها شهر رمضان الذي هو وقت فريضة من فرائض الاسلام و اركان الاسلام،
ف لذا اقسم الله بهذه الليالي.
وقوله: “والشفع و الوتر” قيل: ان المراد فيه جميع الخلق،
فالخلق اما شفع و اما و تر،
والله عز و جل يقول: “ومن جميع شيء خلقنا زوجين”.
[الذاريات: 49] و العبادات اما شفع و اما و تر،
فيصبح المراد بالشفع و الوتر جميع ما كان مخلوقا من شفع و وتر،
وكل ما كان مشروعا من شفع و وتر،
وقيل: المراد بالشفع الخلق كلهم،
والمراد بالوتر الله عز و جل.


واعلم ان قوله و الوتر بها قراءتان صحيحتان (والوتر) و (الوتر) يعني لو قلت (والشفع و الوتر) صح و لو قلت (والشفع و الوتر) صح ايضا،
فقالوا ان الشفع هو الخلق؛
لان المخلوقات كلها مكونة من شيئين “ومن جميع شيء خلقنا زوجين” و الوتر او الوتر هو الله لقول النبى صلى الله عليه و سلم: «ان الله و تر يحب الوتر»(129)،
واذا كانت الاية تحتمل معنيين و لا منافاة بينهما فلتكن لكل المعاني التي تحتملها الاية،
وهذه القاعدة فعلم التفسير ان الاية اذا كانت تحتمل معنيين واحدهما لا ينافى الاخر فهي محمولة على المعنيين جميعا.
قال تعالى: “والليل اذا يسر” اقسم الله كذلك بالليل اذا يسري،
والسرى هو السير فالليل،
والليل يسير يبدا بالمغرب و ينتهى بطلوع الفجر فهو يمشي زمنا لا يتوقف،
فهو دائما فسريان،
فاقسم الله فيه لما فساعاتة من العبادات كصلاة المغرب،
والعشاء،
وقيام الليل،
والوتر و غير ذلك،
ولان فالليل مناسبة عظيمة و هي ان الله عز و جل ينزل جميع ليلة الى السماء الدنيا حين يبقي ثلث الليل الاخر فيقول: «من يسالنى فاعطيه،
من يدعونى فاستجيب له،
من يستغفرنى فاغفر له»(130) و لهذا نقول: ان الثلث الاخر من الليل وقت اجابة،
فينبغى ان ينتهز الانسان هذي الفرصة فيقوم لله عز و جل يتهجد و يدعو الله سبحانة بما شاء من خير الدنيا و الاخرة لعلة يصادف ساعة اجابة ينتفع فيها فدنياة و اخراه.
“هل فذلك قسم لذى حجر” لذى عقل،
“الم تر كيف فعل ربك بعاد.
ارم ذات العماد” الخطاب هنا لكل من يوجة الية ذلك الكتاب العزيز و هم البشر كلهم بل و الجن كذلك الم تر ايها المخاطب “كيف فعل ربك بعاد.
ارم ذات العماد” يعني ما الذي فعل بهم؟
وعاد قبيلة معروفة فجنوب الجزيرة العربية،
ارسل الله تعالى اليهم هودا عليه الصلاة و السلام فبلغهم الرسالة و لكنهم عتوا و بغوا و قالوا من اشد منا قوة قال الله تعالى: “اولم يروا ان الله الذي خلقهم هو اشد منهم قوة و كانوا باياتنا يجحدون” [فصلت: 15].
فهم افتخروا فقوتهم و لكن الله بين انهم ضعفاء امام قوة الله و لهذا قال: “اولم يروا ان الله الذي خلقهم” و عبر و الله اعلم بقوله “الذى خلقهم” ليبين ضعفهم و انه جل و علا احسن منهم،
لان الخالق احسن من المخلوق “ان الله الذي خلقهم هو اشد منهم قوة و كانوا باياتنا يجحدون.
فارسلنا عليهم ريحا صرصرا فايام نحسات لنذيقهم عذاب الخزى فالحياة الدنيا و لعذاب الاخرة اخزي و هم لا ينصرون”.
[فصلت: 15،
16].
والذى فعل الله بعاد انه ارسل عليهم الريح العقيم سخرها عليهم سبع ليال و ثمانية ايام حسوما،
فتري القوي بها صرعي كانهم اعجاز نخل خاوية،
فاصبحوا لا يري الا مساكنهم،
وهذا الاستفهام الذي لفت الله به النظر الى ما فعل بهؤلاء يراد فيه الاعتبار يعني اعتبر ايها المكذب للرسول محمد صلى الله عليه و سلم بهؤلاء كيف اذيقوا ذلك العذاب،
وقد قال الله تعالى: “وما هي من الظالمين ببعيد” [هود: 83].
وقوله: “ارم” هذي اسم للقبيلة،
وقيل اسم للقرية،
وقيل غير ذلك،
فسواء كانت اسما للقبيلة او اسما للقرية فان الله تعالى نكل بهم نكالا عظيما مع انهم اقوياء.
وقوله: “ذات العماد التي لم يخلق مثلها فالبلاد” يعني اصحاب “العماد” الابنية القوية “التى لم يخلق مثلها فالبلاد” اي لم يصنع مثلها فالبلاد؛
لانها قوية و محكمة،
وهذا هو الذي غرهم و قالوا: من اشد منا قوة؟
وفى قوله: “التى لم يخلق مثلها فالبلاد” مع ان الذي صنعها الادمى دليل على ان الادمى ربما يوصف بالخلق فيقال خلق كذا،
ومنة قول النبى عليه الصلاة و السلام فالمصورين «يقال لهم احيوا ما خلقتم»(131)،
لكن الخلق الذي ينسب للمخلوق ليس هو الخلق المنسوب الى الله.
الخلق المنسوب الى الله ايجاد بعد عدم و تحويل و تغيير،
اما الخلق المنسوب لغير الله فهو مجرد تحويل و تغيير،
واضرب لكم مثلا: ذلك الباب من خشب،
الذى خلق الخشب الله،
ولا ممكن للبشر ان يخلقوه،
لكن البشر يستطيع ان يحول جذوع الخشب و اغصان الخشب الى ابواب و الى كراسي و ما اشبة ذلك،
فالخلق المنسوب للمخلوق ليس هو الخلق المنسوب للخالق؛
لان الخلق المنسوب للخالق ايجاد من عدم و ذلك لا يستطيعة احد،
والمنسوب للمخلوق تغير و تحويل يحول الشيء من صفة الى صفة،
اما ان يغير الذوات بمعني يجعل الذهب فضة،
او يجعل الفضة حديدا،
او ما اشبة هذا فهذا مستحيل لا ممكن الا لله و حدة لا شريك له.
ثم قال: “وثمود الذين جابوا الصخر بالواد” ثمود هم قوم صالح و مساكنهم معروفة الان كما قال تعالى: “ولقد كذب اصحاب الحجر المرسلين” [الحجر: 80].
فى سورة (الحجر) ذكر الله ان ثمود كانوا فبلاد الحجر و هي معروفة مر عليها النبى صلى الله عليه و على الة و سلم فكيفية الى تبوك و اسرع و قنع راسة صلى الله عليه و سلم و قال: «لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين الا ان تكونوا باكين،
فان لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم ان يصيبكم كما اصابهم»(132)،
هؤلاء القوم اعطاهم الله قوة حتي صاروا يخرقون الجبال و الصخور العظيمة و يصنعون منها بيوتا و لهذا قال: “جابوا الصخر بالواد” اي: و ادى ثمود،
وهو معروف،
هؤلاء كذلك فعل الله بهم ما فعل من العذاب و النكال حيث قيل لهم تمتعوا فداركم ثلاثة ايام،
ثم بعد الثلاثة الايام اخذتهم الصيحة و الرجفة فاصبحوا فديارهم جاثمين،
فعلينا ان نعتبر بحال هؤلاء المكذبين الذين صار ما لهم الى الهلاك و الدمار،
وليعلم ان هذي الامة لن تهلك بما اهلكت فيه الامم السابقة بهذا العذاب العام،
فان النبى صلى الله عليه و على الة و سلم سال الله تعالى ان لا يهلكهم بسنة بعامة(133) و لكن ربما تهلك هذي الامة بان يجعل الله باسهم بينهم،
فتجرى بينهم الحروب و المقاتلة،
ويصبح هلاك بعضهم على يد بعض،
لا بشيء ينزل من السماء كما صنع الله تعالى بالامم السابقة،
ولهذا يجب علينا ان نحذر الفتن ما ظهر منها و ما بطن،
وان نبتعد عن جميع ما يثير الناس بعضهم على بعض،
وان نلزم دائما الهدوء،
وان نبتعد عن القيل و القال و كثرة السؤال،
فا هذا مما نهي عنه النبى صلى الله عليه و على الة و سلم(134)،
وكم من كلمة واحدة صنعت ما تصنعة السيوف الباترة،
فالواجب الحذر من الفتن،
وان نكون امة متالفة متحابة،
يتطلب جميع واحد منا العذر لاخية اذا راي منه ما يكره.
“وفرعون” فرعون هو الذي ارسل الله الية موسي عليه الصلاة و السلام،
وكان ربما استذل بنى اسرائيل فمصر،
يذبح ابنائهم و يستحيى نسائهم،
وقد اختلف العلماء فالاسباب =الذي ادي فيه الى هذي الفعلة القبيحة،
لماذا يقتل الابناء و يبقى النساء؟!
فقال بعض العلماء: ان كهنتة قالوا له انه سيولد فبنى اسرائيل رجل يصبح هلاكك على يدة فصار يقتل الابناء و يستبقى النساء.


ومن العلماء من قال: انه فعل هذا من اجل ان يضعف بنى اسرائيل؛
لان الامة اذا قتلت رجالها و استبقيت نسائها ذلت بلا شك،
فالاول تعليل اهل الاثر،
والثاني تعليل اهل النظر اهل العقل و لا يبعد ان يصبح الامران جميعا ربما صارا علة لهذا الفعل،
ولكن بقدرة الله عز و جل ان ذلك الرجل الذي كان هلاك فرعون على يدة تربي فنفس بيت =فرعون،
فان امراة فرعون التقطتة و ربتة فبيت فرعون،
وفرعون استكبر فالارض و علا فالارض و قال لقومه: “انا ربكم الاعلى” و قال لهم: “ما علمت لكم من الة غيري” و قال لهم: “ام انا خير من ذلك الذي هو مهين” يعني موسي “ولا يكاد يبين” قال الله تعالى: “فاستخف قومة فاطاعوه”[الزخرف: 54].
وقال لقومة مقررا لهم: “اليس لى ملك مصر و هذي الانهار تجرى من تحتى افلا تبصرون” [الزخرف:51].
افتخر بالانهار و هي المياة فاغرق بالماء.
“ذى الاوتاد”اى ذى القوة،
لان جنودة كانوا له بمنزلة الوتد،
والوتد تربط فيه حبال الخيمة فتستقر و تثبت،
فلة جنود امم عظيمة ما بين ساحر و كاهن و غير هذا لكن الله سبحانة فوق جميع شيء.
“الذين طغوا فالبلاد” الطغيان مجاوزة الحد و منه قوله تعالى: “انا لما طغي الماء حملناكم فالجارية” [الحاقة: 11].
اى لما زاد الماء حملناكم فالجارية يعني بذلك السفينة التي صنعها نوح عليه الصلاة و السلام،
فمعني “طغوا فالبلاد” اي: زادوا عن حدهم و اعتدوا على عباد الله.
“فاكثروا بها الفساد” اي: الفساد المعنوي،
والفساد المعنوى يتبعة الفساد الحسي،
ودليل هذا قول الله تبارك و تعالى: {ولو ان اهل القري امنوا و اتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء و الارض و لكن كذبوا فاخذناهم بما كانوا يكسبون” [الاعراف: 96].
ولهذا قال بعض العلماء فقوله تعالى: “ولا تفسدوا فالارض بعد اصلاحها” [الاعراف: 56].
قالوا: لا تفسدوها بالمعاصي،
وعلي ذلك فيصبح قوله “فاكثروا بها الفساد” اي: الفساد المعنوي،
لكن الفساد المعنوى يتبعة الفساد الحسي،
وكان فيما سبق من الامم ان الله تعالى يدمر هؤلاء المكذبين عن اخرهم،
لكن هذي الامة رفع الله عنها ذلك النوع من العقوبة و جعل عقوبتها ان يصبح باسهم بينهم،
يدمر بعضهم بعضا،
وعلي ذلك فما حصل من المسلمين من اقتتال بعضهم بعضا،
ومن تدمير بعضهم بعضا انما هو بسبب المعاصى و الذنوب،
يسلط الله بعضهم على بعض و يصبح ذلك عقوبة من الله سبحانة و تعالى،
“فصب عليهم ربك” الصب معروف انه يصبح من فوق،
والعذاب الذي اتي هؤلاء من فوق من عند الله عز و جل “سوط عذاب” السوط هو العصا الذي يضرب به،
ومعلوم ان الضرب بالعصا نوع عذاب،
لكن هل ذلك السوط الذي صبة الله تعالى على عاد،
وثمود،
وفرعون،
هل هو العصا المعروف الذي نعرف،
او انه عصا عذاب اهلكهم؟
الجواب: الثاني عصا عذاب اهلكهم و ابادهم.
نسال الله تعالى ان يجعل لنا فيما سبق من الامم عبرة نتعظ فيها و ننتفع بها،
ونكون طائعين لله عز و جل غير طاغين،
انة على جميع شيء قدير.
“ان ربك لبالمرصاد” الخطاب هنا للنبى صلى الله عليه و على الة و سلم،
او لكل من يتوجة الية الخطاب،
يبين الله عز و جل انه بالمرصاد لكل من طغي و اعتدي و تكبر،
فانة له بالمرصاد سوف يعاقبة و يؤاخذه،
وهذا المعني له نظائر فالقران الكريم منها قوله تبارك و تعالى: “افلم يسيروا فالارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم و للكافرين امثالها” [محمد: 10].
وكقول شعيب لقومه: “ويا قوم لا يجرمنكم شقاقى ان يصيبكم كما اصاب قوم نوح او قوم هود او قوم صالح و ما قوم لوط منكم ببعيد” [هود: 89].
فسنة الله سبحانة و تعالى واحدة فالمكذبين لرسله،
المستكبرين عن عبادتة هو لهم بالمرصاد،
وهذه الاية تفيد التهديد و الوعيد لمن استكبر عن عبادة الله،
او كذب خبره.


“فاما الانسن اذا ما ابتلة ربة فاكرمة و نعمة فيقول ربي اكرمن * و اما اذا ما ابتلة فقدر عليه رزقة فيقول ربي اهانن * كلا بل لا تكرمون اليتيم * و لا تحاضون على اكل المسكين * و تاكلون التراث اكلا لما * و تحبون المال حبا جما”.


ثم قال عز و جل: “فاما الانسان اذا ما ابتلاة ربة فاكرمة و نعمة فيقول رب اكرمن.
واما اذا ما ابتلاة فقدر عليه رزقة فيقول ربى اهانن” الابتلاء من الله عز و جل يصبح بالخير و بالشر كما قال تعالى: “ونبلوكم بالشر و الخير فتنة” [الانبياء: 35].
فيبتلي الانسان بالخير ليبلوة الله عز و جل ايشكر ام يكفر،
ويبتلي بالشر ليبلوة ايصبر ام يفجر،
واحوال الانسان دائرة بين خير و شر،
بين خير يلائمة و يسره،
وبين شر لا يلائمة و لا يسره،
وكلة ابتلاء من الله،
والانسان بطبيعتة الانسانية المبنية على الظلم و الجهل اذا ابتلاة ربة فاكرمة و نعمة يقول “رب اكرمن” يعني اننى اهل للاكرام و لا يعترف بفضل الله عز و جل،
وهذا كقوله تعالى: “قال انما اوتيتة على علم عندي” [القصص: 78].
لما ذكر بنعمة الله عليه قال:”انما اوتيتة على علم عندي” و لم يعترف بفضل الله،
وما اكثر الناس الذين هذي حالهم اذا اكرمهم الله عز و جل و نعمهم،
قالوا: ذلك اكرام من الله لنا؛
لاننا اهل لذلك،
ولو ان الانسان قال: ان الله اكرمنى بكذا اعترافا بفضلة و تحدثا بنعمتة لم يكن عليه فذلك باس،
“واما اذا ما ابتلاة فقدر عليه رزقه” يعني ضيق عليه الرزق “فيقول ربى اهانن” يعني يقول ان الله تعالى ظلمنى فاهاننى و لم يرزقنى كما رزق فلانا،
ولم يكرمنى كما اكرم فلانا،
فصار عند الرخاء لا يشكر،
يعجب بنفسة و يقول ذلك حق لي،
وعند الشدة لا يصبر بل يعترض على ربة و يقول “ربى اهانن” و ذلك حال الانسان باعتبارة انسانا،
اما المؤمن فليس كذلك،
المؤمن اذا اكرمة الله و نعمة شكر ربة على ذلك،
وراي ان ذلك فضل من الله عز و جل و احسان،
وليس من باب الاكرام الذي يقدم لصاحبة على انه مستحق،
واذا ابتلاة الله عز و جل و قدر عليه رزقة صبر و احتسب،
وقال ذلك بذنبي،
والرب عز و جل لم يهنى و لم يظلمني،
فيصبح صابرا عند البلاء،
شاكرا عند الرخاء،
وفى الايتين اشارة الى انه يجب على الانسان ان يتبصر فيقول مثلا: لماذا اعطانى الله المال؟
ماذا يريد مني؟
يريد منى ان اشكر.
لماذا ابتلانى الله بالفقر،
بالمرض و ما اشبة ذلك؟
يريد منى ان اصبر.
فليكن محاسبا لنفسة حتي لا يصبح كحال الانسان المبنية على الجهل و الظلم و لهذا قال تعالى: “كلا” يعني لم يعطك ما اعطاك اكراما لك لانك مستحق و لكنة تفضل منه،
ولم يهنك حين قدر عليك رزقه،
بل ذلك مقتضي حكمتة و عدله.
ثم قال تعالى: “بل لا تكرمون اليتيم” يعني انتم اذا اكرمكم الله عز و جل بالنعم لا تعطفون على المستحقين للاكرام و هم اليتامى،
فاليتيم هنا اسم جنس،
ليس المراد يتيما واحدا بل جنس اليتامى،
واليتيم قال العلماء: هو الذي ما ت ابوة قبل بلوغة من ذكر او انثى،
واما من ما تت امة فليس بيتيم،
وقوله تعالى: “اليتيم” يشمل الفقير من اليتامى،
والغنى من اليتامي لانة ينبغى الاحسان الية و اكرامة لانة انكسر قلبة بفقد ابية و من يقوم بمصالحه،
فاوصي الله تعالى فيه حتي يزول ذلك الكسر الذي اصابه.
“ولا تحاضون على اكل المسكين” يعني لا يحض بعضكم بعضا على ان يطعم المسكين،
واذا كان لا يحض غيرة فهو كذلك لا يفعلة بنفسه،
فهو لا يطعم المسكين و لا يحض على اكل المسكين،
وفى ذلك اشارة الى انه ينبغى لنا ان نكرم الايتام،
وان يحض بعضنا بعضا على اطعام المساكين؛
لانهم فحاجة،
والله تعالى فعون العبد ما كان العبد فعون اخيه.
“وتاكلون التراث اكلا لما” “التراث” ما يورثة الله العبد من المال،
سواء و رثة عن ميت،
او باع و اشتري و كسب،
او خرج الى البر و اتي بما ياتى فيه من عشب و حطب و غير ذلك،
فالتراث ما يرثة الانسان،
او ما يورثة الله الانسان من المال فان بنى ادم ياكلونة اكلا لما،
واما المال فقال: “وتحبون المال حبا جما” اي عظيما،
وهذا هو طبيعة الانسان،
لكن الايمان له مؤثراتة ربما يصبح الانسان بايمانة لا يهتم بالمال و ان جاءة شكر الله عليه،
وادي ما يجب و ان ذهب لا يهتم به،
لكن طبيعة الانسان من حيث هو كما و صفة الله عز و جل فهاتين الايتين.


“كلا اذا دكت الارض دكا دكا * و جاء ربك و الملك صفا صفا * و جىء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الانسن و انني له الذكري * يقول يليتنى قدمت لحياتي * فيومئذ لا يعذب عذابة احد * و لا يوثق و ثاقة احد * يايتها النفس المطمئنة * ارجعى الى ربك راضية مرضية * فادخلى فعبادى * و ادخلى جنتي”.


“كلا اذا دكت الارض دكا دكا.
وجاء ربك و الملك صفا صفا.
وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الانسان و انني له الذكرى” يذكر الله سبحانة و تعالى الناس بيوم القيامة “اذا دكت الارض دكا دكا” حتي لا تري بها عوجا و لا امتا،
تدك الجبال،
ولا بناء،
ولا اشجار،
تمد الارض كمد الاديم،
يصبح الناس عليها فمكان واحد يسمعهم الداعى و ينفذهم البصر فهذا اليوم “يتذكر الانسان و انني له الذكرى.
يقول يا ليتنى قدمت لحياتي” و لكن ربما فات الاوان،
لاننا فالدنيا فمجال العمل فزمن المهلة ممكن للانسان ان يكتسب لمستقره،
كما قال مؤمن ال فرعون “يا قوم انما هذي الحياة الدنيا متاع و ان الاخرة هي دار القرار” [غافر: 39].
متاع يتمتع فيه الانسان كما يتمتع المسافر بمتاع السفر حتي ينتهى سفره،
فهكذا الدنيا،
واعتبر ما يستقبل بما مضى،
كل ما مضي كانة ساعة من نهار،
كاننا الان مخلوقون،
فايضا ما يستقبل سوف يمر بنا سريعا و يمضى جميعا،
وينتهى السفر الى مكان احدث ليس مستقرا،
الي الاجداث الى القبور و مع ذلك فانها ليست محل استقرار لقول الله تعالى: “الهاكم التكاثر.
حتي زرتم المقابر” [التكاثر: 1،
2].
سمع اعرابي رجلا يقرا هذي الاية فقال: (والله ما الزائر بمقيم و لابد من مفارقة لهذا المكان)،
وهذا استنباط قوي و فهم جيد يؤيدة الايات الكثيرة الصريحة فذلك كقوله تعالى: “ثم انكم بعد هذا لميتون.
ثم انكم يوم القيامة تبعثون” [المؤمنون: 15،
16].
وذكر الله سبحانة و تعالى ما يصبح فهذا اليوم فقال: “وجاء ربك و الملك صفا صفا” اي: صفا بعد صف،
“وجاء ربك” ذلك المجيء هو مجيئة عز و جل لان الفعل اسند الى الله،
وكل فعل يسند الى الله فهو قائم فيه لا بغيره،
هذه القاعدة فاللغة العربية،
والقاعدة فاسماء الله و صفاتة جميع ما اسندة الله الى نفسة فهو له نفسة لا لغيره،
وعلي ذلك فالذى ياتى هو الله عز و جل،
وليس كما حرفة اهل التعطيل حيث قالوا انه جاء امر الله،
فان ذلك اخراج للكلام عن ظاهرة بلا دليل،
فنحن من عقيدتنا ان نجرى كلام الله تعالى،
ورسولة صلى الله عليه و سلم على ظاهرة و ان لا نحرف فيه.
ونقول: ان الله تعالى يجيء يوم القيامة هو نفسه،
ولكن كيف ذلك المجيء؟
هذا هو الذي لا علم لنا فيه لا ندرى كيف يجيء؟
والسؤال عن كهذا بدعة كما قال الامام ما لك رحمة الله حين سئل عن قوله تعالى: “الرحمن على العرش استوى” [طه: 5].
فاطرق ما لك براسة حتي علاة الرحضاء يعني العرق لشدة ذلك السؤال على قلبه،
لانة سؤال عظيم سؤال متنطع،
سؤال متعنت او مبتدع يريد السوء،
ثم رفع راسة و قال: (الاستواء غير مجهول،
والكيف غير معقول،
والايمان فيه و اجب،
والسؤال عنه بدعة)،
الشاهد الكلمة الاخيرة السؤال عنه بدعة و اعتبر ذلك فجميع صفات الله فلو سالنا سائل قال: ان الله يقول: “لما خلقت بيدي” [ص 75].
يعني ادم،
كيف خلقة بيده؟
نقول: ذلك السؤال بدعة،
قال: انا اريد العلم لا احب ان يخفي على شيء من صفات ربى فاريد ان اعلم كيف خلقه؟
نقول: نحن نسالك اسئلة سهلة هل انت احرص على العلم من الصحابة رضى الله عنهم؟
اما ان يقول نعم،
واما ان يقول لا،
والمتوقع ان يقول لا.
هل الذي و جهت الية السؤال اعلم بطريقة صفات الله عز و جل ام الرسول عليه الصلاة و السلام؟
سيقول: الرسول،
اذا الصحابة احرص منك على العلم و المسؤول الذي يوجة الية السؤال اعلم من الذي تسالة و مع هذا ما سالوا؛
لانهم يلتزمون الادب مع الله عز و جل،
ويقولون بقلوبهم و قد بالسنتهم ان الله اجل و اعظم من ان تحيط افهامنا و عقولنا بكيفيات صفاته،
والله عز و جل يقول فكتابة فالامور المعقوله “ولا يحيطون فيه علما” [طه: 110].
وفى الامور المحسوسة: “لا تدركة الابصار و هو يدرك الابصار” [الانعام: 103].
فنقول: يا اخي الزم الادب،
لا تسال كيف خلق الله ادم بيده؟
فان ذلك السؤال بدعة،
وايضا بقية الصفات لو سال كيف عين الله عز و جل؟
قلنا له: ذلك بدعة،
لو سال كيف يد الله عز و جل قلنا: ذلك بدعة و عليك ان تلزم الادب،
وان لا تسال عن طريقة صفات الله عز و جل.
لما قال هنا فالاية الكريمة “وجاء ربك” و سال كيف يجيء؟
نقول: ذلك بدعة هذي القاعدة التزموها و جميع انسان يسال عن طريقة صفات الله فهو مبتدع متنطع،
سائل عما لا ممكن الوصول اليه،
فموقفنا من كهذه الاية “وجاء ربك” ان نؤمن بان الله يجيء لكن على اي طريقة ؟

الله اعلم.
والدليل قوله تعالى: “ليس كمثلة شيء و هو السميع البصير” [الشورى: 11].
فنحن نعلم النفى و لا نعلم الاثبات،
يعني نعلم انه لا ممكن ان ياتى على طريقة اتيان البشر،
ولكننا لا نثبت كيفيتة و ذلك هو الواجب علينا،
وقوله: “الملك” (ال) هنا للعموم يعني كل الملائكة ياتون ينزلون و يحيطون بالخلق،
تنزل ملائكة السماء الدنيا،
ثم ملائكة السماء الاخرى و هلم جرا يحيطون بالخلق اظهارا للعظمة،
والا فان الخلق لا ممكن ان يفروا يمينا و لا شمالا لكن اظهارا لعظمة الله و تهويلا لهذا اليوم العظيم،
تنزل الملائكة يحيطون بالخلق،
وهذا اليوم يوم مشهود يشهدة الملائكة و الانس و الجن و الحشرات و جميع شيء “واذا الوحوش حشرت” [التكوير: 5].
فهو يوم عظيم لا ندركة الان و لا نتصورة لانة اعظم مما نتصور.
الامر الثالث مما فيه الانذار فهذا اليوم بعد ان عرفنا الامر الاول و هو مجيء الله،
ثم صفوف الملائكة قال:”وجيء يومئذ بجهنم” “جيء يومئذ” و لم يذكر الجائى لكن ربما دلت السنة انه يؤتي بالنار تقاد بسبعين الف زمام جميع زمام منها يقودة سبعون الف ملك(135)،
وما ادراك ما قوة الملائكة؟
قوة ليست كقوة البشر،
ولا كقوة الجن بل هي اعظم و اعظم بكثير،
ولهذا لما قال عفريت من الجن لسليمان “انا اتيك به” بعرش بلقيس “قبل ان تقوم من مقامك و انني عليه لقوى امين.
قال الذي عندة علم من الكتاب انا اتيك فيه قبل ان يرتد اليك طرفك فلما راة مستقرا عنده” [النمل: 39،
40].
قال العلماء: لان الرجل ذلك دعا الله،
فحملتة الملائكة من اليمن فجاءت فيه الى سليمان فالشام،
فقوة الملائكة عظيمة،
وهم يجرون هذي النار بسبعين الف زمام،
كل زمام يجرة سبعون الف ملك،
اذا هي عظيمة،
هذه النار اذا رات اهلها من مكان بعيد،
سمعوا لها تغيظا و زفيرا،
وليست كزفير الطائرات او المعدات،
زفير تنخلع منه القلوب،
“كلما القى بها فوج سالهم خزنتها الم ياتكم نذير” [الملك: 8].
وقال الله عز و جل: “تكاد تميز من الغيظ” تكاد تقطع من شدة الغيظ على اهلها،
فلهذا انذرنا الله تعالى منها فهذه ثلاثة امور كلها انذار: مجيء الرب جل جلاله،
صفوف الملائكة،
الثالث: التاليان بجهنم.
“يومئذ يتذكر الانسان و انني له الذكرى” يعني اذا جاء الله فيوم القيامة،
وجاء الملك الملائكة صفوفا صفوفا،
واحاطوا بالخلق،
وحصلت الاهوال و الافزاع يتذكر الانسان،
يتذكر انه و عد بهذا اليوم،
وانة اعلم فيه من قبل الرسل عليهم الصلاة و السلام،
وانذروا و خوفوا،
ولكن من حقت عليه كلمة العذاب فانه لا يؤمن و لو جاءتة جميع اية،
حينئذ يتذكر لكن يقول الله عز و جل “واني له الذكرى” اين يصبح له الذكري فهذا اليوم الذي راي به ما اخبر عنه يقينا؟!
واني له الاتعاظ فات الاوان؟!
والايمان عن مشاهدة لا ينفع لان جميع انسان يؤمن بما شاهد،
الايمان النافع هو الايمان بالغيب “الذين يؤمنون بالغيب” [البقرة: 3].
فيصدق بما اخبرت فيه الرسل عن الله عز و جل و عن اليوم الاخر،
فى هذا اليوم يتذكر الانسان و لكن قال الله عز و جل: “اني له الذكرى” اي بعيد ان ينتفع بهذه الذكري التي حصلت منه حين شاهد الحق يقول الانسان: “يا ليتنى قدمت لحياتي” يتمني انه قدم لحياتة و ما هي حياته؟
اهى حياة الدنيا؟
لا و الله،
الحياة الدنيا انتهت و قضت،
وليست الحياة الدنيا حياة فالواقع،
الواقع انها هموم و اكدار،
كل صفو يعقبة كدر،
كل عافية يتبعها مرض،
كل اجتماع يعقبة تفرق،
انظروا ما حصل اين الاباء؟
اين الاخوان؟
اين الابناء؟
اين الازواج؟
هل هذي حياة؟
ولهذا قال بعض الشعراء الحكماء:


لا طيب للعيش ما دامت منغصة لذاتة بادكار الموت و الهرم


كل انسان يتذكر ان ما له احد امرين: اما الموت،
واما الهرم،
نحن نعرف اناسا كانوا شبابا فعنفوان الشباب عمروا لكن رجعوا الى ارذل العمر،
يرق لهم الانسان اذا راهم فحالة بؤس،
حتي و ان كان عندهم من الاموال ما عندهم،
وعندهم من الاهل ما عندهم،
لكنهم فحالة بؤس،
وهكذا جميع انسان اما ان يموت مبكرا،
واما ان يعمر فيرد الى ارذل العمر فهل هذي حياة؟
الحياة هي ما بينة الله عز و جل: “وان الدار الاخرة لهى الحيوان” يعني لهى الحياة التامة {لو كانوا يعلمون} [العنكبوت: 64].
يقول هذا: “يا ليتنى قدمت لحياتي” يتمنى لكن لا يحصل {اني له الذكرى}.
قال تعالى: “فيومئذ لا يعذب عذابة احد،
ولا يوثق و ثاقة احد” بها قراءتان: الاولي “لا يعذب عذابة احد و لا يوثق و ثاقة احد” اي لا يعذب عذاب الله احد،
بل عذاب الله اشد،
ولا يوثق و ثاق الله احد،
بل هو اشد.
القراءة الثانية: “لا يعذب عذابة احد و لا يوثق و ثاقة احد” يعني فهذا اليوم لا احد يعذب عذاب ذلك الرجل،
ولا احد يوثق و ثاقه،
ومعلوم ان ذلك الكافر لا يعذب احد عذابة فذلك اليوم،
لانة يلقي على اهل النار فالموقف العطش الشديد،
فينظرون الى النار كانها السراب،
والسراب هو ما يشاهدة الانسان فايام الصيف فشدة الحر من البقاع حتي يخيل الية انه الماء،
ينظرون الى النار كانها سراب و هم عطاش،
فيتهافتون عليها يذهبون اليها سراعا يريدون اي شيء؟
يريدون الشرب،
فاذا جاؤوها فتحت ابوابها و قال لهم خزنتها: “الم ياتكم رسل منكم يتلون عليكم ايات ربكم و ينذرونكم لقاء يومكم هذا” [الزمر: 71].
قد قامت عليكم الحجة فيوبخونهم قبل ان يدخلوا النار،
والتوبيخ عذاب قلبي و الم نفسي قبل ان يذوقوا الم النار،
وفى النار يوبخهم الجبار عز و جل توبيخا اعظم من هذا.
ويقولون “ربنا غلبت علينا شقوتنا و كنا قوما ضالين.
ربنا اخرجنا منها فان عدنا فانا ظالمون” قال الله تعالى و هو ارحم الراحمين: “اخسئوا بها و لا تكلمون” [المؤمنون: 106 108].
ابلغ من ذلك الاذلال “اخسئوا بها و لا تكلمون” يقوله ارحم الراحمين،
فمن يرحمهم بعد الرحمن؟!
لا راحم لهم،
وقد اخبر النبى صلى الله عليه و على الة و سلم بان اهون اهل النار عذابا من عليه نعلان يغلى منهما دماغه،
ولا يري ان احدا اشد منه عذابا (136) يري انه اشد الناس عذابا و هو اهونهم عذابا،
وعليه نعلان يغلى منهما الدماغ،
النعلان فاسفل البدن و الدماغ فاعلاه،
فاذا كان اعلي البدن يغلى من اسفله،
فالوسط من باب اشد اجارنا الله و اياكم من النار “فيومئذ لا يعذب عذابة احد و لا يوثق و ثاقة احد” لانهم و العياذ بالله يوثقون “ثم فسلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه” [الحاقة: 32].
ادخلوة فهذه السلسلة تغل ايديهم نسال الله العافية و لا احد يتصور الان ما هم به من البؤس و الشقاء و العذاب.
اذن على الانسان ان يستعد قبل ان “يقول يا ليتنى قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابة احد و لا يوثق و ثاقة احد”.


ثم ختم الله تعالى هذي السورة بما يبهج القلب و يشرح الصدر فقال: “يا ايتها النفس المطمئنة ارجعى الى ربك راضية مرضية” “ارجعى الى ربك” يقال ذلك القول للانسان عند النزع فاخر لحظة من الدنيا،
يقال لروحه: اخرجى ايتها النفس المطمئنة،
اخرجى الى رحمة من الله و رضوان،
فتستبشر و تفرح،
ويسهل خروجها من البدن،
لانها بشرت بما هو انعم مما فالدنيا كلها،
قال النبى صلى الله عليه و الة و سلم: «لموضع سوط احدكم فالجنة خير من الدنيا و ما فيها»(137)،
سوط الانسان العصا القصير،
موضع السوط فالجنة خير من الدنيا و ما فيها،
وليست دنياك انت،
بل الدنيا من اولها الى اخرها،
بما بها من النعيم،
والملك،
والرفاهية و غيرها،
موضع سوط خير من الدنيا و ما فيها،
فكيف بمن ينظر فملكة مسيرة الفى عام،
الفى سنة يري اقصاة كما يري ادناه،
نعيم لا ممكن ان ندركة بنفوسنا و لا بتصورنا “فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون” [السجدة: 17].
“النفس المطمئنة” يعني المؤمنة الامنة،
لانك لا تجد نفسا اكثر اطمئنانا من نفس المؤمن ابدا،
المؤمن نفسة طيبة مطمئنة،
ولهذا تعجب الرسول صلى الله عليه و سلم من المؤمن قال: «عجبا لامر المؤمن ان امرة كله خير،
ان اصابتة ضراء صبر فكان خيرا له،
وان اصابتة سراء شكر فكان خيرا له»(138)،
مطمئن راض بقضاء الله و قدره،
لا يسخط عند المصائب،
ولا يبطر عند النعم،
بل هو شاكر عند النعم،
صابر عند البلاء،
فتجدة مطمئنا،
لكن الكافر او ضعيف الايمان لا يطمئن،
اذا اصابة البلاء جزع و سخط،
وراي انه مظلوم من قبل الله و العياذ بالله حتي ان بعضهم ينتحر و لا يصبر،
ولا يطمئن،
بل يصبح دائما فقلق،
ينظر الى نفسة و اذا هو قليل المال،
قليل العيال ليس عندة زوجة،
ليس له قوم يحمونه،
فيقول: انا لست فنعمة،
لان فلانا عندة ما ل،
عندة زوجات،
عندة اولاد،
عندة قبيلة تحميه،
انا ليس عندي،
فلا يري لله عليه نعمة،
لانة ضعيف الايمان فليس بمطمئن،
دائما فقلق،
ولهذا نجد الناس الان يذهبون الى جميع مكان ليرفهوا عن انفسهم ليزيلوا عنها الالم و التعب،
لكن لايزيل هذا حقا الا الايمان،
فالايمان الحقيقي هو الذي يؤدى الى الطمانينة،
فالنفس المطمئنة هي المؤمنة،
مؤمنة فالدنيا،
امنة من عذاب الله يوم القيامة،
قال بعض السلف كلمة عجيبة قال: لو يعلم الملوك و ابناء الملوك ما نحن به لجالدونا عليه بالسيوف،
هل تجدون انعم فالدنيا من الملوك و ابنائهم،
لا يوجد احد انعم منهم فالظاهر يعني نعومة الجسد،
لكن قلوبهم ليست كقلوب المؤمنين،
المؤمن الذي ليس عليه الا ثوب مرقع،
وكوخ لا يحمية من المطر،
ولا من الحر،
ولكنة مؤمن،
دنياة و نعيمة فالدنيا اروع من الملوك و ابناء الملوك،
لان قلبة مستنير بنور الله،
بنور الايمان،
وها هو شيخ الاسلام ابن تيمية رحمة الله حبس و اوذى فالله عز و جل،
فلما ادخل الحبس و اغلقوا عليه الباب قال رحمة الله: “فضرب بينهم بسور له باب باطنة به الرحمة و ظاهرة من قبلة العذاب” [الحديد: 13].
يقول ذلك تحدثا بنعمة الله لا افتخارا بعدها قال: (ما يصنع اعدائى بى اي شيء يصنعون ان جنتى فصدري اي الايمان و العلم و اليقين و ان حبسى خلوة،
ونفيى ان نفوة من البلد سياحة و قتلى شهادة) ذلك هو اليقين،
هذه الطمانينة،
والانسان لو دخل الحبس كان يفكر ما مستقبلي،
ما مستقبل اولادي،
واهلي،
وقومي،
وشيخ الاسلام رحمة الله يقول: (جنتى فصدري) و صدق.
ولعل ذلك هو السر فقوله تبارك و تعالى: “لا يذوقون بها الموت الا الموتة الاولى” [الدخان: 56].
يعني فالجنة لا يذوقون بها الموت الا الموتة الاولى،
ومعلوم ان الجنة لا موت فها لا اولي و لا ثانية،
لكن لما كان نعيم القلب ممتدا من الدنيا الى دخول الجنة صارت كان الدنيا و الاخرة كلها جنة و ليس بها الا موتة واحدة.
“راضية” بما اعطاك الله من النعيم “مرضية” عند الله عز و جل كما قال تعالى: “رضى الله عنهم و رضوا عنه” [المجادلة: 22].
“فادخلى فعبادي” اي: ادخلى فعبادى الصالحين،
من جملتهم،
لان الصالحين من عباد الله الذين انعم الله عليهم،
الذين هم خير طبقات البشر،
والبشر طبقاتة ثلاث: منعم عليهم،
ومغضوب عليهم،
وضالون،
وكل هذي الطبقات مذكورة فسورة الفاتحة “اهدنا الصراط المستقيم.
صراط الذين انعمت عليهم.
غير المغضوب عليهم و لا الضالين”.


الطبقة الاولى: الذين انعم الله عليهم و هم: النبيون،
والصديقون،
والشهداء،
والصالحون.


والثانية: “المغضوب عليهم” و هم اليهود و اشباة اليهود من جميع من علم الحق و خالفه،
فكل من علم الحق و خالفة ففية شبة من اليهود،
كما قال سفيان بن عيينة رحمة الله : من فسد من علمائنا ففية شبة من اليهود.


والثالثة: “الضالون” و هم النصاري الذين جهلوا الحق،
ارادوة لكن عموا عنه،
ما اهتدوا اليه،
قال ابن عيينة: و جميع من فسد من عبادنا ففية شبة من النصارى؛
لان العباد يريدون الخير يريدون العبادة لكن لا علم عندهم،
فهم ضالون.


“ادخلى فعبادي” اي الطبقة الاولي المنعم عليهم.
“وادخلى جنتي” اي جنتة التي اعدها الله عز و جل لاوليائه،
اضافها الله الى نفسة تشريفا لها و تعظيما،
واعلاما للخلق بعنايتة فيها جل و علا،
والله سبحانة و تعالى ربما خلقها خلقا غير خلق الدنيا،
خلق لنا فالدنيا فاكهة،
ونخلا،
ورمانا،
وفى الجنة فاكهة،
ونخل،
ورمان و لكن ما فالجنة ليس كالذى فالدنيا ابدا،
لان الله يقول: “فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة اعين” [السجدة: 17].
ولو كان ما فالجنة كالذى فالدنيا لكنا نعلم،
اذا هو مثلة فالاسم،
لكن ليس مثلة فالحقيقة و لا فالطريقة و لهذا قال: “ادخلى جنتي” فاضافها الله الى نفسة للدلالة على شرفها و اعتناء الله بها،
وهذا يوجب للانسان ان يرغب بها غاية الرغبة،
كما انه يرغب فبيوت الله التي هي المساجد،
لان الله اضافها الى نفسه،
فايضا يرغب فهذه الدار التي اضافها الله الى نفسه،
والامر يسير،
قال رجل للرسول صلى الله عليه و سلم: دلنى على عمل يدخلنى الجنة و يباعدنى من النار،
فقال: لقد سالت عن عظيم،
وهو عظيم،
“فمن زحزح عن النار و ادخل الجنة فقد فاز” [ال عمران: 185].
وانة ليسير على من يسرة الله عليه،
تعبد الله لا تشرك فيه شيئا،
وتقيم الصلاة،
وتؤتى الزكاة،
وذكر الحديث(139)،
فالدين و الحمد لله يسير و سهل،
لكن النفوس الامارة بالسوء،
والشهوات،
والشبهات،
هى التي تحول بيننا و بين ديننا،
ربنا اتنا فالدنيا حسنة،
وفى الاخرة حسنة،
وقنا عذاب النار،
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا،
وهب لنا من لدنك رحمة،
انك انت الوهاب                                                                                                        

 20160715 1714

  • والفجر وليال عشر
  • و الفجر و ليال عشر
  • سورة الفجر كتابة
  • صور آيات الاتعاظ
  • صور مكتوب فيها يايتها النفس المطمئنة
  • صوره الفجر قراءه


ايات سورة الفجر كتابة