اول اسم عرفت به فلسطين
فلسطين (بالعبرية: פלשתינה او פלסטין حسب السياق، باليونانية: Παλαιστίνη) هي ارض تشغل الجزء الجنوبي من
الساحل الشرقي للبحر المتوسط حتى غور نهر الاردن مشكله الجزء الجنوبي الغربي من بلاد الشام.
تقع في قلب الشرق الاوسط وتصل بين غربي اسيا وشمالي افريقيا بوقوعها وشبه جزيره سيناء
عند نقطه التقاء القارتين.[2] وهي تقاطع طرق للاديان والثقافات والتجاره والسياسة،ولذلك لكثير من مدنها اهميه
تاريخه او دينية، وعلى راسها القدس. تقوم عليها اليوم عده كيانات سياسيه متراكبه هي دوله
اسرائيل (التي اقيمت في حرب 1948 بعد تهجير مئات الاف الفلسطينيين من وطنهم) والتي تسيطر
ايضا عسكريا على الضفه الغربيه بالاضافه الى سيطره مدنيه لسلطه حكم ذاتي فلسطيني في مدن
الضفه الغربيه بالاضافه الى قطاع غزه حتى انسحاب اسرائيل من قطاع غزه عام 2005 ومن
بعده انقسام السلطه السياسيه في مناطق الحكم الذاتي عام 2007 ادى الى نشوء سلطه في
قطاع غزه واخرى في مدن الضفة.[3][4][5][6][7] يقدر عدد السكان ضمن هذه الحدود ب 11,900,000 نسمه
تقريبا [8]، حيث ان جزءا كبيرا من سكان فلسطين التاريخيه اليوم هم من الناطقين بالعربيه
(المسلمون والمسيحيون)، اما الجزء الاخر من سكانها فهم من الناطقين بالعبريه واتباع الديانه اليهوديه المهاجرين
وابناء شعوب اخرى، وتبلغ نسبتهم اليوم 49% بينما يشكل العرب 46%.
عقب الحرب العالميه الاولى وتبعاتها من سقوط الدوله العثمانيه التي كانت تسيطره على فلسطين ومعاهده
سيفر ومؤتمر سان ريمو واتفاقيه سايكس بيكو، رسمت حدود الانتداب البريطاني على فلسطين، فكانت الحدود
تمتد بشكل طولي من الشمال الى الجنوب على نحو اربع درجات عرض، حيث تمتد بين
دائرتي عرض 29,30 و 33,15 شمالا وبين خطي الطول 34,15 و 35,40 شرقا، بمساحه 26,990
كم2، بما في ذلك بحيره طبريا ونصف البحر الميت. يحدها من الغرب البحر المتوسط بساحل
طوله 224 كم، ومن الشرق سوريه والاردن، ومن الشمال لبنان، ومن الجنوب مصر وخليج العقبة.
وفلسطين مستطيله الشكل طولها من الشمال الى الجنوب 430 كم، اما عرضها ففي الشمال يراوح
بين 51 – 70 كم، وفي الوسط 72 – 95 كم عند القدس، اما في
الجنوب فان العرض يتسع ليصل الى 117 كم عند رفح وخان يونس حتى البحر الميت.
وتمتلك المنطقه ارضا متنوعه جدا، وتقسم جغرافيا الى اربع مناطق، وهي من الغرب الى الشرق
السهل الساحلي، والتلال، والجبال (جبال الجليل وجبال نابلس وجبال القدس وجبال الخليل) والاغوار (غور الاردن).
في اقصى الجنوب هناك صحراء النقب. بين جبال نابلس وجبال الجليل يقع مرج بن عامر
ويقطع جبل الكرمل، الذي يمتد من جبال نابلس شمالا غربا، السهل الساحلي. تتراوح الارتفاعات من
417 مترا تحت مستوى البحر في البحر الميت (وهي اخفض نقطه على سطح اليابسه في
العالم) الى 1204 مترا فوق مستوى البحر في قمه جبل الجرمق (جبل ميرون كما يسمى
في اسرائيل).
من ناحيه سياسية، تعتبر فلسطين من اكثر مناطق العالم توترا امنيا جراء ما تعتبره كثير
من منظمات حقوق الانسان الدوليه انتهاكات اسرائيليه بحق المدنيين الفلسطينيين الى جانب العمليات الاستيطانيه التي
تزيد من تازم الوضع اضافه الى المعامله العنصريه كجدار الفصل الاسرائيلي الذي اقامته في الضفه
الغربيه والذي اعتبره الكثيرون عنصريا، كل هذه الامور تسببت في خلق مناخ امني سيء. منذ
تاسيس السلطه الوطنيه الفلسطينيه عام 1993، فان اسم فلسطين قد يستخدم دوليا ضمن بعض السياقات
للاشاره احيانا الى الاراضي الواقعه تحت حكم السلطه الفلسطينية.[11] اما لقب فلسطيني فيشير اليوم، وخاصه
منذ 1948، الى السكان العرب في جميع انحاء المنطقه (بينما يفضل السكان اليهود عدم استخدام
هذا اللقب اشاره الى انفسهم).[12]
من التدوينات التي التعرف عليها لاستخدام اسم “فلسطين” اشاره الى المنطقه الجغرافيه جنوبي بلاد الشام
ما كتبه المؤرخ الاغريقي هيرودوت في مؤلفاته في القرن الخامس قبل الميلاد، اذ اشار الى
منطقتي بلاد الشام وبلاد الرافدين باسم “سوريا” والى جنوبها ب”فلسطين” (Παλαιστινη پليستينيه) و”فلسطين السورية”. وعلى
ما يبدو استعار هيرودوت هذا الاسم من اسم “پلشت” الذي اشار الى الساحل الجنوبي ما
بين يافا ووادي العريش حيث وقعت المدن الفلستية. وكان الفلستيون من شعوب البحر ومن ابرز
الشعوب التي عاشت في منطقه فلسطين من القرن ال12 ق.م. ولمده 500 عام على الاقل.[13]
وعم استخدام اسم فلسطين كاسم منطقه ذات حدود سياسيه معينه في القرن الثاني للميلاد عندما
الغت سلطات الامبراطوريه الرومانيه “ولايه يهوذا” (Provincia Iudaea) اثر التمرد اليهودي عليهم عام 132 للميلاد
واقامت ولايه فلسطين السوريه (Provincia Syria Palestinae) محلها. اصبحت فلسطين تسمى “جند فلسطين” في بدايه
عهد الخلافه الاسلامية، وكانت تتداخل حدودها مع “جند الاردن”.[14]
من الناحيه الطوبوغرافيه ونباتيه يمكن استخدام معايير مختلفه لتحديد منطقه فلسطين، ولكنه يمكن بشكل عام
وصفها كالمنطقه الممتده من نهر الليطاني في لبنان شمالا الى راس خليج العقبه جنوبا، ومن
البحر الابيض المتوسط غربا الى الضواحي الغربيه للباديه السوريه في الاردن شرقا. ويمكن ايضا اعتبار
صحراء النقب جزءا طبيعيا من شبه جزيره سيناء وعدم شموله بمنطقه فلسطين جغرافيا.
حدود فلسطين التاريخيه (“من النهر الى البحر”) هي البحر الابيض المتوسط غربا، “خط رفح العقبة”
الذي يفصلها عن سيناء من الجنوب الغربي، راس خليج العقبه جنوبا، وادي عربه، البحر الميت
ونهر الاردن شرقا، ومنحدر هضبه الجولان قرب شواطئ بحيره طبريا الشرقيه ومسار نهر الاردن الشمالي
في الشمال الشرقي. ويحد فلسطين شمالا لبنان في خط متعرج يبتديء غربا براس الناقوره على
البحر الابيض المتوسط، ثم يتجه شرقا الى قريه يارون، فينعطف شمالا حتى المكان حيث وقعت
في الماضي قريتي المالكيه وقدس وحيث تقع بلده المطله ثم شرقا الى تل القاضي وغربا
الى نقطه قرب منبع بانياس. ويشكل مسار الحدود الشمالي الشرقي صوره اصبع حيث اطلق على
هذه المنطقه اسم “اصبع الجليل”.[15]
والحدود المشار اليها اليوم كحدود فلسطين التاريخيه هي نتيجه سلسله من المفاوضات والاتفاقيات بين الامبراطوريات
التي سيطرت على الشرق الاوسط في مطلع القرن ال 20 والتي ادت كذلك الى تصميم
الحدود السياسيه في عموم الشرق الاوسط. بين 1917 و1948 اشار اسم فلسطين الى منطقه الانتداب
البريطاني على فلسطين وكان يتكون من عده وحدات ادارية.
تقع فلسطين في موقع استراتيجي بين مصر وسوريا والاردن، وهي ارض الرسالات ومهد الحضارات الانسانية،
حيث مرت على اقدم مدينه فيها وهي اريحا، احدى وعشرون حضاره منذ الالف الثامن قبل
الميلاد. وهي مهد الديانتين اليهوديه والمسيحية، ولهذه الارض تاريخ طويل وجذور بالثقافه والدين والتجاره والسياسة.
وفي فلسطين تتكلم الشواهد التاريخيه عن تاريخ هذه الارض الطويل والمتشابك منذ ما قبل التاريخ.
اقدم شعب معروف استوطن هذه الارض هم الكنعانيون. وقد تمت السيطره على المنطقه من قبل
العديد من الشعوب المختلفة، بما في ذلك قدماء المصريين والفلستينيين وبني اسرائيل، والاشوريين والبابليين والفرس
والاغريق والرومان والبيزنطيين، والخلافه العربية، والصليبيون، والايوبيين، والمماليك والعثمانيون، و البريطانيون واخيرا اسرائيل بعد النكبه
عام 1948.
وجدت اثار الوجود البشري في منطقه جنوبي بحيره طبريا، وهي ترقى الى نحو 600 الف
سنه قبل الميلاد، وفي العصر الحجري الحديث (10000 ق.م. – 5000 ق.م.) انشات المجتمعات الزراعيه
الثابتة، ومن العصر النحاسي (5000 ق.م. – 3000 ق.م.) وجدت ادوات نحاسيه وحجريه في جوار
اريحا وبئر السبع والبحر الميت، ووصل الكنعانيون من شبه الجزيره العربيه الى فلسطين بين 3000
ق.م. و 2500 ق.م. حسب القصه التناخيه وفي نحو 1250 ق.م، استولى بني اسرائيل على
اجزاء من بلاد كنعان الداخلية، وما بين عامي 965 ق.م. و 928 ق.م. بنى الملك
سليمان هيكلا في القدس، وفي عام 928 ق.م. قسمت دوله بني اسرائيل الى مملكتي اسرائيل
ويهودا وفي 721 ق.م. استولى الاشوريون على مملكه اسرائيل، وفي عام 586 ق.م. هزم البابليون
بقياده بختنصر مملكه يهوذا وسبوا اهلها الى بابل وهدموا الهيكل. 539 ق.م. يستولي الفرس على
بابل ويسمحون لليهود بالعودة، ويبنى الهيكل الثاني.
وفي عام 333 ق.م. يستولي الاسكندر الاكبر على بلاد فارس ويجعل فلسطين تحت الحكم اليوناني،
وبموته وبحدود 323 ق.م. يتناوب البطالسه المصريين والسلوقيين السوريين على حكم فلسطين. حاول السلوقيون فرض
الدين والثقافه الهلينيستيه (اليونانية) ولكن في عام 165 ق.م. حسب التاريخ اليهودي يثور المكابيون على
انطيوخس ابيفانس السلوقي حاكم سوريا، ويمضون في اقامه دوله يهوديه مستقلة، وفي عام 63 ق.م.
تضم فلسطين الى الامبراطوريه الرومانية.
ويمتد من 63 ق.م – 324 م. في نهايه العصر الهيلنستي ظهرت روما كدوله قويه
في غرب البحر المتوسط، واخذت تتطلع لحل مكان الممالك الهيلينيه في شرق البحر المتوسط، فانتهز
قاده روما فرصه وجود الاضطراب والتنافس بين الحكام، وارسلوا حمله بقياده “بومبي بومبيوس” الذي استطاع
احتلال فلسطين، فسقطت مدينه يافا تحت الحكم الروماني عام 63 ق.م.، والذي استمر الى نحو
324 م، وقد لقيت يافا خلال حكم الرومان الكثير من المشاكل، فتعرضت للحرق والتدمير ،اكثر
من مرة، بسبب كثره الحروب والمنازعات بين القاده احيانا، وبين السلطات الحاكمه والعصابات اليهوديه التي
كانت تثور ضد بعض الحكام او تتعاون مع احد الحكام ضد الاخرين، احيانا اخرى. وكانت
هذه المحاولات تقاوم في اغلب الاحيان بكل عنف، فعندما اختلف “بومبيوس” مع يوليوس قيصر، استغل
اليهود الفرصة، وتعاونوا مع يوليوس في غزوه لمصر، فسمح لهم بالاقامه في يافا مع التمتع
بنوع من السيادة. وعندما تمردوا على الحكم عام 39 ق.م.، في عهد “انطونيوس”، ارسل القائد
الروماني ” سوسيوس ” (Sosius) جيشا بقياده “هيروز” لتاديبهم، واستطاع اعاده السيطره الكامله على المدن
المضطربه وبخاصه يافا، والخليل، ومسادا (مسعدة) ثم القدس عام 37 ق.م. وقد عاد للمدينه استقرارها
واهميتها، عندما استطاعت “كليوباترا” ملكه مصر في ذلك الوقت احتلال الساحل الفلسطيني وابعاد هيرودوس، حيث
بقي الساحل الفلسطيني، ومن ضمنه مدينه يافا تابعا لحكم “كليوباترا ” حتى نهايه حكمها عام
30 قبل الميلاد.
ويمتد العهد البيزنطي بعد ذلك من 324 م – 636 م. فدخلت فلسطين في حوزه
البيزنطيين في الربع الاول من القرن الرابع الميلادي، في عهد الامبراطور قسطنطين الاول (324 –
337 م) الذي اعتنق المسيحيه وجعلها دين الدوله الرسمي. وقد شهدت فلسطين عامه اهميه خاصه
في هذا العصر لكونها مهد المسيحية. وقد احتلت مركزا مرموقا في العهد البيزنطي، اذ كانت
الميناء الرئيس لاستقبال الحجاج المسيحيين القادمين لزياره الارض المقدسة.[17]
بعد الميلاد
في عام 325 بعد اعلان حريه التعبد للديانه المسيحية، طلب القديس مكاريوس بطريرك القدس من
الامبراطور ان يعيد المكان المقدس، فبنت القديسه هيلانه بازيليك الميلاد. في عام 384 مع وصول
القديس هيرونيموس الى بيت لحم قام في المدينه مركز عباده لاتيني دام بعد وفاته سنين
عديدة. في عام 614 ادى غزو جيوش كسرى الى خراب اليهوديه ولم ينج من بيت
لحم سوى بازيليك الميلاد وذلك كما يقال بفضل رسم للمجوس قائم على جدار البازيليك. والمجوس
وهم ملوك الفرس الذين سجدوا ليسوع الطفل بحسب الروايه الانجيلية.
استمدت بيت لحم شهرتها العالميه الكبرى من مولد المسيح فيها. ويروى ان يوسف النجار، ومريم
العذراء ذهبا الى بيت لحم لتسجيل اسمهما في الاحصاء العام، فولدت مريم وليدها هناك. وترى
المصادر المسيحيه ان الولاده كانت في مغاره قريبه من القرية، ولكن القران (يقول): (فاجاها المخاض
الى جذع النخلة) وفي سنه 330 م بنت هيلانه ام قسطنطين الكبير، كنيسه فوق المغاره
التي قيل ان يسوع ولد فيها، وهي اليوم اقدم كنيسه في العالم. والمغاره تقع داخل
كنيسه الميلاد، ومنحوته في صخر كلسي، وتحتوي على غرفتين صغيرتين، وفي الشماليه منها بلاطه رخامية،
منزل منها نجمه فضية، حيث يقال ان المسيح ولد هناك. وعندما دخل عمر بن الخطاب
القدس، توجه الى بيت لحم، وفيها اعطى سكانها امانا خطيا على ارواحهم واولادهم وممتلكاتهم وكنائسهم.
ولما حان وقت الصلاة، صلى باشاره من راهب، امام الحنيه الجنوبيه للكنيسة، التي اخذ المسلمون
يقيمون فيها صلواتهم، فرادى، وجعل الخليفه على النصارى اسراجها وتنظيفها. وهكذا صار المسلمون والمسيحيون يقيمون
صلواتهم جنبا الى جنب.[18]
يتميز العصر العربي الاسلامي في فلسطين عامة، بمميزات هامه تجعله مختلفا تماما عن العصور السابقة،
سواء منها البيزنطية، ام الهيلنستية، ام الفارسية، ام غيرها. فالفتح العربي الاسلامي لفلسطين لم يكن
من اجل التوسع او نشر النفوذ، او اقامه الامبراطوريات، انما بدوافع دينيه لنشر دين الله،
وتخليص الشعوب المغلوبه على امرها، ويبدو ذلك بكل وضوح في عدم تعرض مدن فلسطين الى
اي تدمير عند فتحها. فلقد استطاعت الموجه العربيه الاسلاميه القادمه من الجزيره العربية، في القرن
السابع الميلادي تحرير بني قومها من سيطره البيزنطيين، ومن ثم تعزيز الوجود العربي فيها، ورفده
بدماء عربيه جديدة، حيث سبقتها الموجات العربيه القديمة، من انباط حوالي 500 ق.م.، واراميين حوالي
1500 ق. م.، واموريين، وكنعانيين حوالي 3000 ق.م.[19][20]
اصبحت القدس مدينه مقدسه بالنسبه للمسلمين بعد حادثه الاسراء والمعراج وفق المعتقد الاسلامي، وبعد ان
فرضت الصلاه على المسلمين، اصبحوا يتوجهون اثناء اقامتها نحو المدينة، وبعد حوالي 16 شهرا، عاد
المسلمون ليتوجهوا في صلاتهم نحو مكه بدلا من القدس،[21] بسبب كثره تعيير اليهود لمحمد وللمسلمين
بسبب استقبالهم لقبله اليهود، ولاسباب اخرى.[معلومه 1]
وقد تم فتح فلسطين من قبل المسلمين، ابتداء من 634 للميلاد. في 636 م، وقعت
معركه اليرموك بين المسلمين والروم البيزنطيين في وسط بلاد الشام، انتصر فيها المسلمون. وفي عهد
عمر بن الخطاب والفتوحات الاسلامية، ارسل عمرو بن العاص وابو عبيده بن الجراح لفتح فلسطين
عامه ونشر الدعوه الاسلاميه فيها، لكن القدس عصيت عليهم ولم يتمكنوا من فتحها لمناعه اسوارها،
حيث اعتصم اهلها داخل الاسوار. وعندما طال حصار المسلمين لها، طلب رئيس البطاركه والاساقفة، المدعو
“صفرونيوس”، طلب منهم ان لا يسلم القدس الا للخليفه عمر بن الخطاب بشخصه، فكان الفتح
العمري لبيت المقدس. كتب عمر مع المسيحيين وثيقه عرفت باسم “العهده العمرية” وهي وثيقه منحتهم
الحريه الدينيه مقابل الجزية، وتعهد بالحفاظ على ممتلكاتهم ومقدساتهم،[22]
وبعد ان فتحت بلاد الشام، قسمت الى مقاطعات عده دعي كل منها “جندا” وهي تعني
المحافظات العسكرية. وكانت منطقه فلسطين واقعه ضمن جند فلسطين وجند الاردن، وهما من بين خمسه
اجناد تابعه لولايه الشام. كانت الاجناد الاخرى هي جند قنسرين وجند دمشق وجند حمص.[23] في
عام 661 م، ومع اغتيال الخليفه علي بن ابي طالب، اصبح معاويه بن ابي سفيان
بلا منازع خليفه العالم الاسلامي بعد ان توج في القدس. كان مسجد قبه الصخرة، الذي
انجز بناؤه في 691، العمل المعماري الاكبر في العالم والاول من نوعه في العماره الاسلامية.
تم استبدال الحكم الاموي من قبل العباسيين عام 750، واصبحت بعدها الرمله المدينه الرئيسيه والمركز
الاداري للقرون التالية، كما اصبحت طبريا مركزا مزدهرا للمنح الدراسيه للمسلمين.[24][25][26]
ابتداء من 878 م، حكمت فلسطين من مصر، مع تمتعها بحكم ذاتي شبه مستقل لقرن
تقريبا.[27] في العهد الفاطمي، اجتيحت المنطقه في 970 بجيش من البربر في الغالب، وهو التاريخ
الذي يصادف بدايه الفتره المتواصله من الحروب بين القبائل التي دمروت الكثير من مدن البلاد.
في 1073 تم السيطره على فلسطين من قبل الامبراطوريه السلجوقيه الكبرى، الا ان استعادها الفاطميون
عام 1098، ثم فقدوها لصالح الصليبيين في 1099 الذين غزوا فلسطين في حملات مختلفه واسسوا
فيها مملكه بيت المقدس. استمرت سيطرتهم على القدس ومعظم فلسطين قرن تقريبا حتى هزيمتهم على
يد قوات صلاح الدين الايوبي في معركه حطين عام 1187. بعد ذلك، تمت السيطره على
معظم فلسطين من قبل الايوبيين. بقيت الدوله الصليبيه تنازع في المدن الساحليه الشماليه لمده قرن
من الزمان. قاد الحمله الصليبيه الرابعه مباشره الى انهيار الامبراطوريه البيزنطية، والحد بشكل كبير تاثير
المسيحيه في جميع انحاء المنطقة.[28]
في العهد المملوكي، كانت فلسطين احدى اقطاعيات الظاهر بيبرس. وفي عام 1260 تحديدا، شهدت منطقه
عين جالوت الواقعه بين بيسان و جنين واحده من المعارك الفاصله في التاريخ، حيث تعد
معركه عين جالوت من اهم المعارك في تاريخ العالم الاسلامي، انتصر فيها المسلمون المماليك انتصارا
ساحقا على المغول وكانت هذه هي المره الاولى التي يهزم فيها المغول في معركه حاسمه
منذ عهد جنكيز خان. ادت المعركه لانحسار نفوذ المغول في بلاد الشام وخروجهم منها نهائيا
وايقاف المد المغولي المكتسح الذي اسقط الخلافه العباسيه سنه 1258م. في 1486، اندلعت اعمال القتال
بين المماليك والاتراك العثمانيين في معركه للسيطره على غرب اسيا، وقد سيطر العثمانيون بعدها على
فلسطين وكل بلاد الشام في 1516.[29]
مع مطلع هذه الفتره التي انتهى فيها الحكم المملوكي وانضوت فلسطين وكل بلاد الشام في
اطار الدوله العثمانيه التي دام حكمها قرابه الاربعه قرون. امتد سلطان الدوله العثمانيه المتمركزه في
اسطنبول على البلقان والاناضول خلال قرنين من الحروب والتوسع.
وفي ظل هذه القوه المركزيه والبارزه في المنطقه بدا تزايد الصراع على النفوذ بين ثلاثه
قوى هي الدوله العثمانيه والدوله الصفويه الناشئه في تبريز، والمماليك من جهه ثالثة، ففي اب/
اغسطس (1514 م) كانت الموقعه الاولى الفاصله بين الدوله العثمانيه بزعامه “سليم الاول” والدوله الصفويه
بزعامه “الشاه اسماعيل” في (جالديران) قرب (تبريز) وانتصر فيها العثمانيون بفضل فعاليه السلاح الناري الذي
كانوا يتفوقون في استخدامه. وبعد عامين هزم العثمانيون المماليك في موقعه حاسمه في (مرج دابق)
قرب حلب في (23 اب/ اغسطس 1516 م)، وكان ذلك نهايه السلطه المملوكيه باحتلال العثمانيين
لمصر.
وفي نفس العام دخل سليم الاول بلاد الشام دون ادنى مقاومه وذلك لكره الشاميين للمماليك
في ذاك الوقت من جهة، وخوفهم من العثمانيين من جهه اخرى. وبعد موت “سليم” تولى
السلطه ابنه “سليمان” (1520 -1566 م) والذي لقب بسليمان القانوني نظرا لكثره القوانين التي اصدرها
في شؤون تنظيم الدولة. وفي عهده بلغت الامبراطوريه العثمانيه مبلغها في الاتساع والازدهار، وامتدت على
ثلاث قارات، كما ورثت الخلافه العباسيه والامبراطوريه البيزنطيه واصبحت اسطنبول مركزا للعالم الاسلامي وانبعاث الحضاره
الاسلاميه من جديد. ولكن بعد اكتشاف امريكا وراس الرجاء الصالح وبدايه النهضه الاوروبيه بدا مركز
القوه يتحول الى الغرب.
ولقد ترك العثمانيون اثرا كبيرا في ازدهار فلسطين، حيث ازدادت اهميه موانئها على ايامهم، وانشاوا
المدارس والمساجد والكنائس والحمامات والاسواق والسرايا وغيرها من الابنيه الحكوميه والخاصة، وخاصه في مدن القدس،
عكا، يافا، نابلس، جنين، وبيت لحم.[30][31][32]
تعد حمله نابليون على مصر وبلاد الشام بدايه الصراع الاستعماري الاوروبي لاحتلال اقطار الوطن العربي
في اعقاب الثوره الصناعيه في اوروبا. فقد توجه نابليون بونابرت بحملته الى بلاد الشام بعد
انتصاره على المماليك ودخوله القاهره في (21 تموز/ يوليو 1798).
اقتصرت حمله نابليون بونابرت على فلسطين، ولم تتجاوز الشريط الساحلي منها سوى منطقه الناصره –
طبرية، حيث هزمت الجيش العثماني، وبدات الحمله باحتلال منطقه قطبه على الحدود مع الشام في
1798 في سيناء ثم قلعه العريش، وبعد ثلاثه شهور اخذت الحمله بالتراجع الى مصر بعد
فشلها في احتلال عكا في 1799.[34][35]
وفي السنوات الاخيره من العهد العثماني، كانت فلسطين من الناحيه الاداريه تقع في قسمين اداريين:
الاول هو متصرفيه القدس الشريف المرتبطه بوزاره الداخليه في استانبول، وكانت اقضيه بئر السبع والخليل
وغزه ويافا تابعه لها بالاضافه الى بيت لحم. والثاني: شمال فلسطين الذي كان يتبع لواءين:
سنجق نابلس ومن اعماله طولكرم وجنين وطوباس وبيسان، وسنجق عكا، ومن اعماله صفد وطبريه والناصره
وحيفا. اما من الناحيه العسكرية، فكانت فلسطين جزءا من القياده العسكريه العامه لسورية.
وكان سنجق عكا سنجق عثماني يقع في ولايه بيروت. تمتد حدوده بين سنجق حوران ونهر
الاردن شرقا والبحر المتوسط غربا، وسنجق نابلس شمالا وسنجق بيروت جنوبا. اقتطع سنجقا عكا ونابلس
من ولايه سوريا والحقا بولايه بيروت عام 1888.
تم في عام 1916 عقد تفاهم سري بين فرنسا وبريطانيا ومصادقه روسيا على اقتسام الجزء
الشمالي من الاراضي العربيه (العراق وبلاد الشام) بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في المشرق
العربي بعد انهيار الامبراطوريه العثمانية، المسيطره على هذه المنطقة، جراء هزيمتها في الحرب العالميه الاولى.
تقرر ان تقع المنطقه التي اقتطعت فيما بعد من جنوب سوريا وعرفت بفلسطين تحت اداره
دوليه (عدا صحراء النقب)، يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا. ولكن الاتفاق نص
على منح بريطانيا مينائي حيفا وعكا على ان يكون لفرنسا حريه استخدام ميناء حيفا مقابل
حريه استخدام بريطانيا لميناء اسكندرون السوري الواقع تحت الوصايه الفرنسية. لقد تبنت انجلترا منذ بدايه
القرن العشرين سياسه ايجاد كيان يهودي سياسي في فلسطين قدروا انه سيظل خاضعا لنفوذهم ودائرا
في فلكهم وبحاجه لحمايتهم ورعايتهم وسيكون في المستقبل مشغله للعرب ينهك قواهم ويورثهم الهم الدائم
يعرقل كل محاوله للوحده فيما بينهم. وتوجت بريطانيا سياستها هذه بوعد بلفور الذي اطلقه وزير
خارجيتها انذاك عام 1916.
في عام 1917، سقطت فلسطين بيد الجيش الانجليزي، ودخلت مدن فلسطين مظله الانتداب البريطاني على
فلسطين عام 1920 والذي سمح للهجره اليهوديه الى فلسطين، وقد قامت مصر بدخول قطاع غزه
عام 1948، كما قام الاردن بدخول الضفه الغربية. في فبراير عام 1949 وقعت كل من
مصرو الاردن من جهه واسرائيل من جهه اخرى هدنه تقضي باحتفاظ مصر بالقطاع، والاردن بالضفة.
ولذلك كانت ماوى لكثير من اللاجئين الفلسطينيين عند خروجهم من ديارهم. وبقي هذان الجزءان تحت
الحكم المصري والاردني حتى حرب 1967.
بدا التوتر بين السكان العرب وبين المهاجرين اليهود يظهر في نهايه العشرينات من القرن الفائت،
ووصل لذروته في منتصف الثلاثينات عندما اعلن الفلسطينيون الثوره الفلسطينيه الكبرى عام 1936. قامت هيئه
الامم المتحده عام 1947 بمحاوله لايجاد حل الصراع العربي الاسرائيلي القائم على فلسطين، وقامت هيئه
الامم بتشكيل لجنه UNSCOP المتالفه من دول متعدده باستثناء الدول دائمه العضويه لضمان الحياد في
عمليه ايجاد حل للنزاع. اعطى قرار التقسيم 55% من ارض فلسطين للدوله اليهودية، وشملت حصه
اليهود من ارض فلسطين على وسط الشريط البحري (من اسدود الى حيفا تقريبا، ما عدا
مدينه يافا) واغلبيه مساحه صحراء النقب (ما عدا مدينه بئر السبع وشريط على الحدود المصرية).
ولم تكن صحراء النقب في ذاك الوقت صالحه للزراعه ولا للتطوير المدني، واستند مشروع تقسيم
الارض الفلسطينيه على اماكن تواجد التكتلات اليهوديه بحيث تبقى تلك التكتلات داخل حدود الدوله اليهودية.[36][37]
بعد انتهاء الحرب العالميه الثانية، تصاعدت حده هجمات الجماعات الصهيونيه على القوات البريطانيه في فلسطين،
مما حدا ببريطانيا الى احاله المشكله الفلسطينيه الى الامم المتحدة، وفي 28 ابريل بدات جلسه
الجمعيه العامه التابعه للامم المتحده بخصوص قضيه فلسطين، واختتمت اعمال الجلسات في 15 مايو 1947
بقرار تاليف (UNSCOP) لجنه الامم المتحده الخاصه بفلسطين [38] وفي 14 ايار / مايو 1948
انسحبت بريطانيا من فلسطين، واعلنت المنظمه الصهيونيه في نفس اليوم اعلان دوله اسرائيل على اكثر
من الجزء المخصص لها في التقسيم من ارض فلسطين.
وقد نشبت اول حرب بين العرب واسرائيل في عام 1948 عقب اعلان قيام دوله اسرائيل
على ارض فلسطين ، حيث قامت قوات خمس دول عربيه (مصر وسوريا والاردن ولبنان والعراق)
بدخول فلسطين لمنع قيام الدوله العبريه على ارض فلسطين، واستمرت العمليات العسكريه حتى يناير/ كانون
الثاني 1949 بعد ان سيطرت اسرائيل عمليا على الاجزاء التي اعطاها اياها قرار التقسيم 194
واكثر منها. وفي ذاك التاريخ ولدت مساله اللاجئين بخروج اكثر من 700 الف فلسطيني من
ديارهم الى الضفه الغربيه (التي اتبعت بالاردن لاحقا) وقطاع غزه (الذي ضمته مصر ايضا)، بالاضافه
لدول الجوار والمهجر، ليبدا الصراع العربي الاسرائيلي. في نكبه عام 1948 م، طرد وهجر غالبيه
سكان المدن العربيه منها فاستحالوا لاجئين حيث لم يسمح الا للقليل منهم بالعوده الى مدنهم،
في حين صادرت دوله اسرائيل البيوت العربيه التي هجرت من اهلها.[39]
وقد تشكلت في غزه حكومه في 23 سبتمبر 1948 هي حكومه عموم فلسطين وذلك خلال
حرب 1948 برئاسه احمد حلمي عبد الباقي.[40] وقد قوبل اعلان هذه الحكومه بالرفض من عده
انظمه عربيه هي الاردن والعراق ومصر. وظل تمثيلها شكليا لفلسطين في الجامعه العربيه لعده سنوات
قبل انهيارها.[41][42].
اعتبرت القيادات الصهيونيه السياسيه والعسكريه ان بقاء المدن الكبرى كيافا وحيفا بيد العرب كارثه كبرى
للمشروع الصهيوني، لذا فان تصفيه تلك المدن هو في حد ذاته مساهمه كبيره في نجاح
هذا المشروع، وبالتالي يؤدي الى اضعاف اي محاوله فلسطينيه لاعاده بناء المدينه الفلسطينيه من جديد.
وقد اقدمت بلديات تلك المدن بعد النكبه بهدم مئات البيوت والمباني العربيه في معظم الاحياء
العربيه التي استولت عليها عصابه الهاغاناه وذلك من منطلق منع عوده العرب الى مدنهم.[43][44][45][46][47][48]
وقد نشبت حرب وقعت احداثها في مصر وقطاع غزه في 1956 وكانت الدول التي اعتدت
هي فرنسا واسرائيل وبريطانيا على اثر قيام جمال عبد الناصر بتاميم قناه السويس. تعرف ايضا
هذه الحرب بحرب 1956. دام احتلال اسرائيل لقطاع غزه فيها عده اشهر استمر حتى 1957،
وكان يطلق عليها في العالم العربي (العدوان الثلاثي) وفي الاعلام الغربي (ازمه السويس) وفي الاعلام
الاسرائيلي (حرب سيناء).[49]
تاسست عام 1964 منظمه التحرير الفلسطينيه كمنظمه سياسيه شبه عسكرية، معترف بها في الامم المتحده
والجامعه العربيه وكممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين. جاء تاسيسها بعد انعقاد المؤتمر
العربي الفلسطيني الاول في القدس نتيجه لقرار مؤتمر القمه العربي 1964 (القاهرة) لتمثيل الفلسطينيين في
المحافل الدوليه وهي تضم معظم الفصائل والاحزاب الفلسطينيه تحت لوائها. من بينها حركه فتح والجبهه
الشعبيه والجبهه الديمقراطيه وحزب الشعب (الشيوعي) وغيرها. ويعتبر رئيس اللجنه التنفيذيه فيها، رئيسا لفلسطين والشعب
الفلسطيني في الاراضي التي تسيطر عليها السلطه الفلسطينيه في الضفه الغربيه وقطاع غزه بالاضافه الى
فلسطينيي الشتات. وتجدر الاشاره الى ان حركه المقاومه الاسلاميه (حماس) وحركه الجهاد الاسلامي ليستا من
فصائل منظمه التحرير الفلسطينيه وان الجبهه الشعبيه لتحرير فلسطين – القياده العامه سحبت عضويتها.
في عام 1967 نشبت حرب بين اسرائيل وكل من مصر وسوريا والاردن وبمساعده لوجستيه من
دول عربيه عديدة، انتهت بانتصار اسرائيل واستيلائها على باقي فلسطين (قطاع غزه والضفه الغربية) بالاضافه
الى سيناء المصريه وهضبه الجولان السورية. وتنحي الرئيس المصري جمال عبد الناصر عن الحكم بشكل
مؤقت.[50] وتهجير المزيد من ابناء الشعب الفلسطيني الى دول الجوار.[51]
ساهمت منظمه التحرير الفلسطينيه مع غيرها من فصائل المقاومه الاخرى في انتفاضه 1987 التي اعادت
القضيه الفلسطينيه الى الاجنده العالميه من جديد بعد سنوات من الاهمال السياسي. وكان من اهم
نتائج هذه الانتفاضه اضافه الى الخسائر الماديه التي الحقتها باسرائيل ان ازالت الخوف من صدور
الشباب الفلسطيني واعادت خيار المقاومه المسلحه الى صداره الحلول المطروحه لحل المشكله الفلسطينية. في عام
1988 تبنت منظمه التحرير رسميا خيار الدولتين في فلسطين التاريخية، والعيش جنبا لجنب مع اسرائيل
في سلام شامل يضمن عوده اللاجئين واستقلال الفلسطينيين على الاراضي المحتله عام 1967 وبتحديد القدس
الشرقيه عاصمه لهم.في سبتمبر 1993، بعد مفاوضات سرية، وقع كل من رئيس وزراء اسرائيل اسحاق
رابين ورئيس منظمه التحرير الفلسطينيه ياسر عرفات اتفاقيه اعلان مبادئ التي تقر انسحاب اسرائيل من
قطاع غزه ومناطق اخرى، وتحويل اداره الحكومه المحليه للفلسطينيين.[52]
في مايو 1994، انسحبت القوات الاسرائيليه من القطاع والضفه الغربيه بشكل جزئي تاركه عده مستوطنات
لها تحت امره جيش الدفاع الاسرائيلي في عمق القطاع، واصبحت المنطقه جزئيا تحت حكم السلطه
الفلسطينيه الى ان انسحبت اسرائيل بالكامل من اراضي قطاع غزه في 15 اغسطس 2005 باوامر
من رئيس الوزراء الاسرائيلي وقتها اريئيل شارون.
وقد اندلعت انتفاضه الاقصى في سبتمبر 2000 عقب الزياره التي قام بها ارييل شارون المتورط
في مجازر عده بحق الشعب الفلسطيني من اشهرها مجزره صبرا وشاتيلا 1982. وشاركت مختلف فصائل
المقاومه الفلسطينيه في هذه الانتفاضه وكبدت اسرائيل خسائر بشريه وماديه موجعة. واتهمت الحكومه الاسرائيليه احد
فصائل المنظمه (حركه فتح) وكتائب شهداء الاقصى التابعه لها بالارهاب كما وصفتها الاداره الاميركيه بالشيء
نفسه ووضعتها على قائمه المنظمات الارهابيه المطلوب محاربتها وتفكيكها، الامر الذي وضع المنظمه نفسها بين
مطرقه الضربات الاسرائيليه وسندان الضغوط الاميركية.
في عام 2006، وفي خضم الحرب الاسرائيليه على لبنان، رد حزب الله اللبناني بقصف مدن
في شمال البلاد مثل حيفا بعشرات الصواريخ موقعه العشرات من الاصابات بين الاسرائيليين بين قتيل
وجريح، فيما دوت صفارات الانذار في مختلف مدن شمال اسرائيل بعد سقوط دفعه من صواريخ
حزب الله، والذي كان مؤشر على تصعيد نوعي لعمليات المقاومه ضد اسرائيل. كما اوضح الحزب
في بيان له ان ذلك القصف جاء ردا على الاعتداءات الاسرائيليه التي طالت مختلف المناطق
اللبنانيه وخصوصا بعض مناطق العمق، وارتكابها لمجازر فيها.[53][54] يشار بالذكر الى ان اسرائيل قد شهدت
قصفا بصواريخ عربيه سابقا، وتحديدا في حرب الخليج الثانيه عام 1991، عندما قام العراق بقصف
عده مواقع اسرائيليه في حيفا وتل ابيب ومدن اخرى بعده صواريخ سكود.[55]
وفي عام 2008 وبعد فوز حركه حماس بالانتخابات التشريعيه وسيطرتها على قطاع غزة، حاصرت القوات
الاسرائيليه القطاع، وقطعت عنها الكهرباء والوقود، وحرمت المرضى من الادوية، ومنعت الدول العربيه المجاوره من
ادخال الوقود الى القطاع، وما زال الحصار مفروضا على القطاع حتى الان، وقد قتل كثير
من الفلسطينيين من جراء الاشتباكات والتوغلات الاسرائيليه في القطاع. في نهايه هذا العام، بدات اسرائيل
حرب شرسه على قطاع غزه بدات بالقصف الجوي العنيف لجميع مقرات الشرطه الفلسطينيه ثم تتالى
القصف لمده اسبوع للمنازل والمساجد وحتى المستتشفيات وبعد اسبوع بدات بالزحف البري الى الاماكن المفتوحه
في حمله عسكريه عدوانيه غاشمه كان هدفها حسب ما اعلن قاده الاحتلال الصهيوني هو انهاء
حكم حركه المقاومه الاسلاميه حماس، والقضاء على المقاومه الفلسطينيه لا سيما اطلاق الصواريخ محليه الصنع
مثل صاروخ القسام او صواريخ روسيه او صينيه مثل صاروخ غراد التي وصل مداها خلال
الحرب الى 50 كم، واستخدمت القوات الصهيونيه الاسلحه والقذائف المحرمه دوليا مثل القنابل الفسفوريه المسرطنه
والقنابل اجله التفجير وغيرها.
في نوفمبر 2020، اقدمت اسرائيل على الهجوم على غزه بقصف عشوائي استهدف في بادئ الامر
احد قيادي حماس، الا انه طال المدنيين بشكل رئيسي، ونتج عنه العشرات من الضحايا. وقد
ردت المقاومه الفلسطينيه بشكل غير مسبوق عبر قصفها لمدن في العمق الاسرائيلي كتل ابيب، وهرتسيليا
وبئر السبع بعشرات الصواريخ.[56][57][58]
تقع فلسطين في غربي القاره الاسيويه بين خط طول 15-34 و40- 35 شرقا، وبين دائرتي
عرض 30-29 و 15 -33 شمالا. وهي تشكل الشطر الجنوبي الغربي من وحده جغرافيه كبرى
في المشرق العربي، هي بلاد الشام، التي تضم – فضلا عن فلسطين -كلا من لبنان
وسوريه والاردن، ومن ثم كانت حدودها مشتركه مع تلك الاقطار، فضلا عن حدودها مع مصر.
وفلسطين بحكم موقعها المتوسط بين اقطار عربيه تشكل مزيجا من عناصر الجغرافيا الطبيعيه والبشريه لمجال
ارض ارحب يضم بين جناحيه طابع البداوه الاصيل في الجنوب، واسلوب الاستقرار العريق في الشمال.
وتتميز الارض الفلسطينيه بانها كانت جزءا من الوطن الاصلي للانسان الاول، ومهبطا للديانات السماوية، ومكانا
لنشوء الحضارات القديمة، ومعبرا للحركات التجارية، والغزوات العسكريه عبر العصور التاريخيه المختلفة، وقد اتاح لها
موقعها المركزي بالنسبه للعالم ان تكون عامل وصل بين قارات العالم القديم اسيا وافريقيا واوربا،
فهي رقعه يسهل الانتشار منها الى ما حولها من مناطق مجاورة، لذا اصبحت جسر عبور
للجماعات البشريه منذ القدم، وهي رقعه تتمتع بموقع بؤري يجذب اليه – لاهميته – كل
من يرغب في الاستقرار. وكان هذا الموقع محط انظار الطامعين للسيطره عليه والاستفاده من مزاياه.[59]
تتكون فلسطين جغرافيا من اربعه مناطق طبيعيه واضحه هي:[60]
- السهل الساحلي
- المرتفعات (جبال الجليل مثل جبل القفزه ونابلس والقدس والخليل)
- غور الاردن: يشمل البحر الميت ووادي عربة. وهو جزء من الشق الجيولوجي الكبير الذي يبدا
عند حلب شمالا وينتهي في البحر الاحمر جنوبا بحيث يشمل سهل القاع ووداي البقاع وغور
الاردن، ومن الجيولوجيين من يربط هذا الشق بالبحيرات الاستوائيه الافريقيه التي تقع حول منابع النيل. - صحراء النقب
يتكون السهل الساحلي من سهل عكا بين الناقوره وحيفا، ومن السهل الساحلي الاكبر، الذي تفصله
عن سهل عكا جبل الكرمل الذي يمتد منها الى غزه ورفح، وهو يزداد اتساعا في
اتجاهه للجنوب، فيصبح عند غزه نحو الثلاثين كم، ويتصل بهضبه النقب التي تبلغ مساحتها نحو
نصف مساحه فلسطين، اما الجبال فانها على العموم تزداد ارتفاعا بالاتجاه جنوبا، ويفصل بين جبال
الجليل وجبال نابلس مرج بن عامر المتسع والخصب. ويمتد غور الاردن من منطقه مرج الحوله
جنوبا عبر بحيره طبريه الى البحر الميت.
وتحوي فلسطين على عده مدن ساحليه على شاطئ البحر المتوسط ومن اهمها: عكا، حيفا، الخضيرة،
نتانيا، هرتسليا، تل ابيب، يافا اشدود، عسقلان (المجدل)، وغزة، والتي تعتبر من اهم مدن فلسطين
من الناحيه الجغرافيه والاقتصاديه والديمغرافيه حيث يتركز في المدن والبلدات الساحليه نحو 60% من السكان
(نحو 75% من السكان اليهود، ونحو 40% من السكان العرب)، وتوجد فيها اكبر المراكز الصناعيه
والتجارية. وتعتبر هذه المنطقه الساحلية، وبشكل خاص محافظه تل ابيب وقطاع غزة، من اكثر مناطق
العالم كثافة.
تمتلك فلسطين عده مناطق خصبة، اهمها المروج الشماليه بين جبال الجليل، مرج بن عامر وبعض
المروج في وسط البلاد. امدادات المياه للمنطقه ليست وفيرة، وهي معتمده على مياه الامطار التي
تهطل خلال فتره 5 اشهر سنويا لا غيرها (من نوفمبر الى مارس). تعد بحيره طبريا
اهم واكبر مصادر المياه الطبيعيه للشرب والري في المنطقة، اذ كانت بحيره الماء العذبه الوحيده
فيه. ويكون مصدر مياه البحيره هو مياه الامطار الهاطله عليها مباشره او مياه نهر الاردن
المغذى بثلوج جبل الشيخ المذوبه في موسم الربيع. نهر الاردن هو اكبر الانهر في المنطقة،
يتدفق جنوبا خلال بحيره طبريا الى البحر الميت الشديد الملوحة. كذلك يتم ضخ مياه الشرب
من الاكويفيرات (الطبقات تحت الارضيه الحامله لمياه الامطار المتغلغله في الارض)، وفي الاونه الاخيره تعرضت
هذه الخزانات الطبيعيه تحت الارضيه للتمليح والتلوث بسبب زياده جلب المياه منها ونقص مياه الامطار
التي تغذيها، وكذلك بسبب دفن النفايه الصناعيه في ارض المنطقه الساحلية.
وتتداخل جبال نابلس بجبال القدس والخليل، التي يتراوح ارتفاع القسم الاكبر منها بين خمسمئه والف
من الامتار، وبسبب قله الامطار التي تسقط عليها فان عوامل التعريه لم تفعل فيها فعلها
في جبال نابلس، لذلك فان الاوديه العميقه وخطوط الارتفاعات غير المنتظمه التي نراها في هذه
الجبال اقل منها في تلك. وتظل هذه الجبال مرتفعات متصله تكون هضبه عالية. قلما تختلف
طبعيتها من مكان الى اخر.[61]
تتالف فلسطين جيولوجيا من طبقه من الحجر الرملي الاحمر فوق الصخور الاصليه يعقبها الحجر الكلسي
الطباشيري الذي يشكل القسم الاعظم من الارض. ويغشاه حجر كلسي نموليتي وتراب غريني. في القسم
الشمالي الشرقي كتل ضخمه من الصخر البركاني. على امتداد الساحل الشرقي للبحر الميت وقسم من
الجدار الصخري الملاصق لوادي الاردن شرقا تمتد طبقه من الحجر الرملي النوبي الموجود ايضا على
المنحدرات الغربيه من لبنان والجبل الشرقي، لونه احمر قاتم او مسمر. وفوق هذه الطبقه طبقه
من الحجر الكلسي الطباشيري الذي يتالف منه معظم النجد شرقي نهر الاردن وغربيه. وفي القدس
طبقتان من الحجر الكلسي طبقه عليا صلبه تعرف بالمزي، واخرى سفلى اقل صلابه تعرف بالملكي.[62]
تتميز الحياه البريه في فلسطين التاريخيه بتنوعها الكبير، وذلك عائد للتنوع المناخي في المنطقه ولوقوعها
في منتصف قارات العالم القديم الثلاث: اسيا وافريقيا واوروبا، الامر الذي جعل منها معبرا لهجره
انواع عديده من الشمال الى الجنوب والعكس، واضفى عليها انماطا مناخيه مختلفه ومتناقضه في بعض
الاحيان، مما مكن طائفه عظيمه من الكائنات المتنوعه من استيطانها. اندثر الكثير من انواع الحيوانات
الضخمه في فلسطين، او في بعض اجزائها دون الاخرى، بفعل تدمير الموائل الطبيعيه لغرض الاستيطان
والاستغلال البشري، او بسبب الصيد الجائر منذ القدم، ومنذ اواخر القرن العشرين اقيمت عده محميات
طبيعيه في كافه انحاء البلاد، بجهود محليه تاره ودوليه تاره اخرى، للحفاظ على ما تبقى
من انواع حيوانيه وموائل طبيعيه فريدة، وقد اصاب بعض من تلك المحميات نجاحا باهرا في
الحفاظ على الحياه البريه ومساكنها. ويعد اليوم التمير الفلسطيني او عصفور الشمس الفلسطيني، الطائر الوطني
لفلسطين.
عانت الحياه البريه في فلسطين التاريخيه من تداعيات الاحتلال الاسرائيلي اضافه الى الممارسات الضاره للمزارعين
والرعاه والمصطافين. اقيمت كثير من المستعمرات الاسرائيليه في مناطق غابات واحراج مثل مستعمرات عيلي واريئيل
وقدوميم والون موريه وبراخا في نابلس ومستعمره جبل ابو غنيم في بيت لحم ومستعمرتي ميتاتياهو
وكريات سيفر ومعظم مستعمرات هضبه الجولان. كانت المستعمرات مسؤوله عن 78% من الخساره في اراضي
الغابات في الضفه الغربية. اضافه الى ذلك، تقوم اسرائيل باستغلال المناطق الطبيعيه سياحيا، مما اثر
على الحياه الطبيعيه فيها. على سبيل المثال، في منطقه عين الفشخه على شاطئ البحر الميت
ازيلت الاشجار فلم يتبق سوى شجره سنط سيال واحده وانحسرت مساحه اشجار الاراك الى 3
دونمات فقط.[63]
وقد قامت عده مؤسسات غير حكوميه في داخل وخارج فلسطين بمشاريع تتضمن اعاده زراعه الاشجار
التي اقتلعت من اراض فلسطينيه جرفتها قوات الاحتلال الاسرائيلي في الضفه الغربيه وقطاع غزه المحتلين
لبناء او توسيع المستوطنات اليهوديه والطرق المؤديه اليها وانشاء جدار الفصل العنصري. ويجري حاليا زراعه
مئات الاف اشجار الزيتون واشجار الفواكه والنخيل في مواقع مختلفة.[64]
توجد في الضفه الغربيه 48 محميه طبيعية، بعضها اعلن كمحميات في اثناء فتره الانتداب البريطاني
على فلسطين بينما اعلنت السلطات الاسرائيليه خلال سنوات وجودها المتعاقبه عن البقية. تبلغ مساحه المحميات
مجتمعه 330700 دونم (اكثر من 330 كم2)، وهو ما يشكل 5.6% من مساحه الضفه الغربية.
توجد معظم هذه المحميات في مناطق المنحدرات الشرقيه وغور الاردن. كان الهدف الرئيس من هذه
المحميات تسهيل الاستيلاء عليها لاقامه مستعمرات جديدة، ومع ذلك، ساهمت بعض هذه المناطق المحميه في
حمايه الحياه النباتية. محميه شوباش هي اكبر المحميات بمساحه تزيد على 55 كم2. بينما اجملها
محميه وادي الباذان الواقعه على بعد 5 كم الى الشمال الشرقي من نابلس. قامت السلطه
الفلسطينيه ببرامج تشجير وحمايه للغابات بالتعاون مع هيئات محليه واجنبية.[63]
في عام 1986، تاسست الجمعيه الامريكيه للحفاظ على الحياه البريه في اسرائيل للمساعده على توعيه
الناس وتثقيفهم بشان القضايا البيئيه المختلفة، وما زالت تمارس عملها منذ ذلك الحين، لتكون اقدم
جمعيات الحياه البريه في البلاد.[65] اما على الصعيد الحكومي، فان مصلحه البيئه والمتنزهات القوميه الاسرائيليه
هي الهيئه الرسميه التي تقوم بصيانه وحمايه الانظمه البيئيه المختلفه في البلاد بالاضافه الى التنوع
الحيوي، كما وتتولى تثقيف المزارعين حول اهميه الحفاظ على الموارد الطبيعيه للاجيال القادمة. وقد ولدت
هذه الهيئه في سنه 1963 بعد اصدار الكنيست قرارا بتشكيل هيئه لصيانه ما تبقى من
الغابات والصحاري قبل ان تمتد اليها يد الانسان،[66] وقد انشات الهيئه عددا ضخما من المحميات
في اسرائيل، كان اولها محميه الحوله التي فتحت ابوابها للعموم سنه 1964، وعمل خلال السنوات
اللاحقه على اعاده تاهيل اراضيها حتى اصبحت ملائمه لاستضافه اعداد الطيور الهائله المهاجره عبر سماء
الشام، وقد نجحت هذه المحميه نجاحا باهرا في الحفاظ على الطيور المهاجره والمقيمة، بالاضافه للاسماك
النهريه والحشرات وبعض انواع الثدييات، وبلغ من درجه نجاحها ان بعض انواع الطيور المهاجره اخذت
تستقر فيها طيله الربيع والخريف دون ان تتابع طريقها جنوبا نحو افريقيا، خاصه بعد تشجيع
المزارعين على رمي الحبوب والخضار بشكل مستمر لاطعام الطيور.[67]
من المحميات البارزه الاخرى في البلاد، محميتا حاي بار، الكرمليه ويوطڤاتا الصحراوية، وقد تاسست منظمه
“حاي بار” خلال عقد الستينيات من القرن العشرين، على يد ابراهيم يوفي، الذي وضع نصب
عينيه الحفاظ على ما تبقى من الحياه البريه في ارض فلسطين، واعاده ادخال ما انقرض
منها، وقد اصابت المحميه الكرمليه نجاحا كبيرا في الحفاظ على الايائل السمراء الفارسيه واعيد ادخالها
الى البرية، كما بذلت جهودا في حمايه نسور الفتخاء الاوراسية، واعادت اليحمور الاوروبي والارويه الاناضوليه
الى البلاد.[68] اما محميه حاي بار يوطڤاتا الصحراوية، فتعنى بحمايه واكثار الحيوانات المذكوره في التوراه
والتي قيل انها سكنت ارض فلسطين في الازمان الغابرة، وقد تمكن الخبراء في تلك المحميه
من اعاده ادخال الحمر البريه الاسيويه والمها العربيه الى صحراء النقب، كما يقومون باكثار عدد
اخر من الحيوانات الشاميه والافريقيه الصحراوية، مثل النمور العربيه ومها ابو حراب.[69]
يعد مناخ فلسطين انتقاليا بين مناخ البحر المتوسط والمناخ الصحراوي، لذا فانه يتاثر بكل من
البحر المتوسط والصحراء، اذ تسود في معظم الايام مؤثرات البحر المتوسط، بينما تسود في بعض
الايام مؤثرات الصحراء. ويتاثر مناخ فلسطين من حيث الحراره وكميه الامطار بامور ثلاثة: اولها ان
في البلد سلسله جبال تمتد من الشمال الى الجنوب محاذيه للسهل الساحلي. وثانيها انه الى
الجنوب والجنوب الغربي، وهما طريق الرياح الغربيه التي تحمل الامطار في الشتاء، تقع صحاري واسعه
بدءا بصحراء سيناء ومرورا بمصر الى شمال افريقيا، وثالثها ان البلد يجاور في الجهه الشرقيه
جزءا من الصحراء السورية. فالرياح التي تهب من الشرق والشمال الشرقي، وهي الرياح الشرقيه عامه
مع تسميات محليه مختلفة، هي رياح جافة، لا تنقل معها رطوبه ولا تسقط مطرا. بل
على العكس من ذلك لها قدره على امتصاص الرطوبة، ومن ثم فانها تزيد التبخر في
الصيف. وهبوبها مددا متطاولة، وخصوصا في اواخر الربيع، يكون عاده نذير سوء للفلاح. واذا هبت
الرياح الشرقيه (الخمسينية) في اواخر الربيع مده طويله خشي الناس على الزيتون خاصة. اما في
الشتاء فتكون هذه الرياح بارده جدا، واليها يعود انخفاض درجه الحراره في المناطق المرتفعة، هذا
مع العلم بان فلسطين تتعرض ايضا لرياح شماليه تهب في فصل الشتاء، فتزيد من انخفاض
درجه الحراره وخصوصا في الشمال.
وتقع فلسطين في المنطقه المسماه منطقه البحر المتوسط مناخيا. ومعنى هذا ان الشتاء هو فصل
المطر فيها، وان الصيف هو فصل الجفاف، وهذا واضح جدا، لكن الرياح التي تحمل الامطار
الى فلسطين من البحر المتوسط هي رياح جنوبيه غربية. ويعني هذا ان الرياح التي تحملها
الامطار الى شمال فلسطين تقطع مسافه بحريه اكبر من تلك التي تقطعها الرياح التي تهب
على جنوبها، ولذلك فان كميات بخار الماء التي تحملها اقل، والمطر الذي تسقطه اقل تبعا
لذلك، فبينما يسقط من الامطار في سهل عكا والجزء الشمالي من السهل الحالي بين 50،100
سم في السنه نجد ان منطقه غزه وتترواح امطارها بين 25،37 سم فقط. اما كون
سلسله الجبال موازيه للسهل الساحلي ومتعامده مع مهاب الرياح الغربيه الحامله للامطار. فمعناه ان السفوح
الغربيه للجبال تتلقى الامطار اولا وتاسرها، وان السفوح الشرقيه اقل مطرا. (وهذا اكثر وضوحا في
لبنان منه في فلسطين). والمطر في السهل الساحلي معتدل او غزير على العموم، لكنه يتناقص
كلما اتجهنا جنوبا، فحيفا ينالها نحو 65 سم من الامطار، اما غزه فيسقط فيها نحو
35 سم فقط. ترتفع درجه الرطوبه في الصيف فتصل في يافا 73% في حزيران/يونيو وفي
غزه 77% في كانون الثاني/يناير.هذا في السهل الساحلي، اما في المرتفعات فتنخفض الحراره عنها في
الساحل شتاء وصيفا، ومعدل درجه الحراره الشتويه في القدس والخليل يترواح بين 8 و10 درجات
مئوية، وقد تنخفض الحراره الى الصفر او تحته قليلا في ليالي الشتاء في هاتين المدينتين
وفي رام الله وصفد. اما في الصيف فيختلف الوضع تماما. ففي جبال القدس تكون درجه
الحراره اقل منها في الساحل كثيرا، بينما في جبلا الجليل قد لا يتجاوز الفرق بينهما
وبين الساحل درجه او درجتين. وتبلغ الحراره اعلى درجاتها في الصيف في كل من سهل
النقب وغور الاردن، ففي المنطقه الاولى سجلت محطات الرصد 35 درجه مئويه في شهر اب/اغسطس
في بئر السبع، اما في غور الاردن فتظل الحراره في اريحا نحو 38 درجه مئويه
اكثر شهور الصيف، ولكن كثيرا ما تبلغ 43 درجه مئويه او 50 درجة. والرطوبه اقل
في الجبال والمرتفعات منها في السهل الساحلي، وتترواح بين 10% و20% بين الشتاء والصيف. وقد
تهبط حتى الى 9% في الصيف (في القدس مثلا) ابان هبوب الرياح الشرقية.[70]
بعد الانتهاء من الحرب العربية-الاسرائيليه الاولى عام 1948 (النكبة)، تم التوقيع على اتفاقيات رودس التي
فرضت الهدنه بين اسرائيل وكل من مصر وسوريا والاردن ولبنان. وتم بموجب هذه الاتفاقيات رسم
الخط الاخضر الذي تم تحديده رسميا كخط وقف اطلاق النار، ولكنه اصبح بالفعل حدودا بين
دوله اسرائيل الحديثه انذاك والدول العربيه المجاورة.
بقيت داخل الخط الاخضر، اي في اسرائيل، عدد من البلدات والمدن العربيه الفلسطينيه والمدن المختلطه
التي يسكنها يهود وعرب.
كذلك بقي داخل الخط الاخضر الجزء الغربي من مدينه القدس اذ مر الخط الاخضر وسط
المدينة. ويطلق على السكان العرب الذين بقوا في هذه المدن والبلدات لقب فلسطينيو 48، وهم
حازوا على الجنسيه الاسرائيليه بموجب قانون المواطنه الاسرائيلي، الذي ينص على اعتبار كل من اقام
داخل الخط الاخضر في 14 يوليو 1952 (اي عندما اقر الكنيست الاسرائيلي القانون) مواطنا اسرائيليا.
من ناحيه اخرى، اغلق هذا القانون الباب امام اللاجئين الفلسطينيين الذين لم يتمكنوا من العوده
الى بيوتهم حتى هذا التاريخ، حيث يمنع منهم الدخول في دوله اسرائيل كمواطني الدولة. واهم
المدن الفلسطينيه او المختلطه الواقعه في اسرائيل بحدود الخط الاخضر هي:
في عام 1967 احتلت اسرائيل الضفه الغربيه وقطاع غزه خلال حرب 1967 (او ما يسميها
عليها العرب بالنكسة)، [71] فسقطت كامل مدن الضفه الغربيه التي كانت تابعه للاردن اداريا، وعلى
راسها القدس الشرقية. (تشكل الضفه مانسبته 21% من مساحه فلسطين، اي قرابه 5860 كم مربع).
اما قطاع غزه فيشكل ما نسبته 1.3% من مساحه فلسطين، اي حوالي 360 كم مربع.
ويتركز فيه معظم لاجئي الداخل وخاصه مدن الساحل مما يجعله المنطقه الاكثف سكانا في العالم.